emamian

emamian

أطلق قائد الثورة الاسلامية آية الله العظمى الامام السيد علي الخامنئي ، شعار "كبح التضخّم، نموّ الإنتاج" على العام الهجري الشمسي الجديد 1402.

وفي كلمة بمناسبة العام الجديد هنأ الامام الخامنئي بعيد النوروز والعام الجديد، أبناء الشعب الإيراني، وخاصة العائلات المُعزّزة للشهداء والجرحى والمضحّين والعاملين في خدمة حياة النّاس، وكذلك سائر الشعوب التي تُحيي النوروز وتوليه الاهتمام.

وفي ما يلي نص الكلمة:

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم،

يا مقلّب القُلوبِ والأبصار، يا مدبّر اللّيلِ والنّهار،

يا مُحوّل الحَولِ والأحوال، حَوّلْ حالَنا إلي أحسَنِ الحال.

أبارك عيد النوروز لكلّ فرد من أبناء الشعب الإيراني، وأخصّ العائلات المُعزّزة للشهداء والجرحى والمضحّين والعاملين في خدمة حياة النّاس، وكذلك سائر الشعوب التي تُحيي النوروز وتوليه الاهتمام. أسأل الله أن يكون هذا العيد الشريف مباركاً عليكم جميعاً.

لقد اقترن ربيع الطبيعة هذا العام بربيع الروحانيّة [أي] شهر رمضان. وكما قيل في الربيع، أن «لا تستروا الجسد بالثياب وتعزلوه عن رياح الربيع»(1)، لا بدّ في ما يرتبط بربيع الروحانيّة لشهر رمضان أن نتمسّك أيضاً بهذه الجملة: «ألا فتعرّضوا لها»… «إنّ في أيّام دهركم نفحات ألا فتعرّضوا لها»(2). إنّ نسيم الروحانيّة في شهر رمضان يلفح الجميع ولا بدّ أن نُعدّ أنفسنا. فلنُعرّض قلوبنا لهذا النسيم الروحانيّ والإلهيّ والمُعطّر.

سوف أُلقي خلال كلمتي في هذه الساعة نظرة مقتضبة على عام 1401، ونظرة عابرة على العام الذي يُشارف الآن على البدء: 1402. كان 1401 عاماً مترعاً بمختلف الأحداث، الأحداث الاقتصاديّة أو السياسيّة أو الاجتماعيّة، وكان بعضها حلواً والآخر مرّاً أيضاً، كما حال سنيّ حياة الإنسان كلها والأعوام التي عاشها الشعب الإيراني بنظرة عامّة، خاصّة بعد انتصار الثورة الإسلاميّة.

أعتقد أنّ أهمّ قضيّة مطروحة أمام الشعب في 1401 كانت اقتصاد البلاد، الذي يرتبط مباشرة بمعيشة الناس. هنا أيضاً، في قضيّة الاقتصاد، ثمة مرارات وحلاوات كذلك. لقد شهدت بعض المواضيع التي سأشير إليها الآن المرارات، وكذلك كانت هناك حلاوات في بعض الأمور التي تصبّ في قضيّة الاقتصاد، ولا بدّ من أخذ هذه الأمور مع بعضها بعضاً بالاعتبار والتطلّع إليها بجانب بعضها بعضاً ومحاسبة ما تؤول إليه مجتمعة. تمحورت المرارات أساساً حول التضخّم وغلاء المعيشة، وهو أمرٌ مريرٌ حقّاً، خاصّة الغلاء في أسعار السلع الغذائيّة والمستلزمات الأساسية للعيش، فعندما ترتفع أسعار الأطعمة والموادّ الأساسيّة للعيش، يكون الثّقل الأكبر على كاهل الطبقات الأشد فقراً في المجتمع، لأنّ الأطعمة والموادّ الأساسيّة والضروريّة للعيش تشكّل الحصّة الكبرى في السلّة الغذائيّة لأُسَرِهم. وعليه، إنهم يتحمّلون النسبة الكبرى من الضغوط، وهذا كان من المرارات، وأعتقد أنّه ضمن أبرز القضايا الاقتصاديّة لهذه البلاد، كانت هذه النقطة الأهمّ والأبرز، وقد كانت مريرة.

طبعاً، أُنجزت أعمال جيّدة أيضاً في قضيّة الاقتصاد هذه، والعمران الذي يعود على الاقتصاد، وسوف أتطرّق إلى الحديث عنها. لا بدّ من متابعة العمران لكي يعود على حياة الناس ومعيشتهم ويرتبط بها. لقد دُعم الإنتاج، ووفق المعلومات لديّ، حظي الإنتاج في البلاد بالدعم طوال 1401. وجرت إعادة تشغيل آلاف عدة من المصانع المُتوقّفة ونصف المتوقّفة عن العمل، كما ازداد عدد الشركات القائمة على المعرفة. طبعاً لم تجرِ زيادتها إلى الحدّ الذي طالبتُ به العام الماضي لكنها شهدت ازدياداً ملحوظاً. أيضاً ارتفعت قيمة منتجات هذه الشركات. وتلقّت قضيّة توفير الفرص للعمل دفعة إلى الأمام، أي تراجعت البطالة بنسبة مئويّة معيّنة – مع أنها نسبة ضئيلة – وازدادت فرص العمل بعض الشيء، وهذا شيءٌ مُغتنم. لقد كان المعرض الذي أقامه المُنتجون الحكوميّون وغير الحكوميّين وكذلك تلك الجلسة التي حضرها المنتجون الرئيسيّون في الحسينيّة وألقى بعضهم الكلمات، من دواعي السّرور حقّاً.

إنّ تقييمي لإنتاج المنتجين في البلاد تقييمٌ إيجابي، وقد أُنجزت أعمال جيّدة. وشهدت بعض المؤشّرات الاقتصاديّة النموّ، فمؤشّرنا في قطاع التأمين [الصحي] مؤشّرٌ جيّد. أُنجزت أعمالٌ جيّدة في العمران وقطاعات الماء والغاز والطرق والبيئة. طبعاً وكما أشرتُ سابقاً، وأؤكّد كلامي الآن: لا بدّ لهذه الأعمال أن ترتبط بحياة الناس وتنتهي إلى تحقيق الانفراج في حياتهم. متى سيُنجز هذا الأمر؟ متى سيتحقّق مثل هذا الوضع؟ عندما تستمرّ [الأعمال] ويكون خلفها تخطيط دقيق، ولا بدّ – إن شاء الله – أن تستمرّ هذه الأنشطة هذا العام، أي 1402، حتى تضفي هذه الأنشطة البنّاءة رونقاً على حياة النّاس وتُحقق الانفراج في موائدهم خاصّة الطبقات الضعيفة.

طبعاً لا بدّ من الالتفات إلى هذه النقطة: ليست المشكلات الاقتصاديّة والأزمات الاقتصاديّة محصورة فينا. فاليوم يعاني كثير من دول العالم، ولعلّه يُمكن القول إنّ كلّ دول العالم تواجه أزمات اقتصاديّة خاصّة، حتّى تلك الدول الثريّة وذات الأنظمة الاقتصاديّة القويّة والمتقدّمة، وهم غارقون حقّاً في مشكلات ومعضلات كثيرة، وأوضاع بعضها أسوأ من وضعنا بكثير من هذه الناحية. فالأنظمة الاقتصاديّة القويّة تُصاب بانهيار المصارف، وهذا ما تبادرت أخباره إلى أسماعكم في المدة الأخيرة. طبعاً، نشرت أخبار بعضها وبعضها الآخر لم يُنشر، وسوف تُنشر أخبارها على كلّ حال. هناك انهيارٌ للمصارف وديونٌ ترليونيّة استثنائيّة في بعض البلدان، وهذه أزمة بطبيعة الحال، وهي مشهودة هناك كما هي مشهودةٌ هنا أيضاً. هم يبذلون المساعي لحلّها أيضاً، وعلينا كذلك أن نبذل الجهود ونعمل، وعلى المسؤولين أن يبذلوا المساعي. أودّ القول: لا بدّ أن تنصبّ مساعي جميع المسؤولين الحكوميّين ومعها مساعي الناشطين الاقتصاديّين والسياسيّين والثقافيّين على أن نجعل 1402 عاماً عذباً للشعب الإيراني، أي أن نعمل، وجميعنا مسؤولون عن جعله عاماً عذباً للناس، إن شاء الله. فلتُقلّص المرارات ولتُضاعف الحلاوات ولنُضفْ النجاحات، إن شاء الله.

حسناً الآن، في ما يرتبط بعام 1402، أعتقد أنّ قضيّتنا الرئيسيّة في 1402 هي أيضاً قضيّة الاقتصاد، فمشكلاتنا ليست قليلة، ولدينا مشكلات متنوعة في المجال الثقافي والسياسي، لكنّ القضيّة الأساسيّة والمحوريّة لهذا العام أيضاً هي الاقتصاد، أي لو استطعنا – إن شاء الله – تقليص المشكلات الاقتصاديّة، وشحذ المسؤولون – إن شاء الله – الهمم، ودقّقوا وبذلوا جهوداً مهمّة في هذا المجال، فستُحلّ قضايا كثيرة من قضايا البلاد أيضاً. أعلم أنّ الحكومة، ومجلس الشورى الإسلامي، والناشطين الاقتصاديّين، والفئات الشعبيّة الشابّة والمليئة بالدوافع – أنا على معرفة ببعض هذه المجموعات وأكنّ لهم محبّة حقيقيّة - يُنجزون أعمالاً جيّدة جدّاً في هذه المجالات الاقتصاديّة. لا بدّ للجميع هنا أن تتركّز جهودهم على دعم الإزالة لمشكلات البلاد والناس، فهذه الإزالة تكون أحياناً عبر الأنشطة الاقتصاديّة الأساسيّة كالإنتاج وهو نشاطٌ متجذّرٌ في الاقتصاد، أي الإنتاج عملٌ أساسي في الاقتصاد، وكذلك عبر الأعمال الإنسانيّة والإسلاميّة من قبيل المواساة والمساعدات الشعبيّة والتعاون الشعبي مع الطبقات الضعيفة في المجتمع.

حسناً، ذكرتُ الإنتاج وركّزتُ عليه [لكن] الاستثمار مهمٌّ إلى جانب الإنتاج أيضاً. فليلتفت الحكوميّون المحترمون والأكارم إلى هذه القضيّة، ومعهم أيضاً القطاع الخاصّ. تراجعنا كثيراً من ناحية الاستثمار خلال العقد التاسع [من القرن الهجري الشمسي الرابع عشر]. الاستثمار… أحد الفراغات المهمة في بلدنا هي قضيّة الاستثمار. لا بدّ من إنجاز أعمال الاستثمار، وهذا مهمّ أيضاً.

حسناً، إنّني مع الالتفات إلى هذه الجوانب كلّها، أي التضخّم وكذلك الإنتاج المحلّي، [أيْ] هذه الأمور المهمّة، فالتضخّم مشكلة أساسيّة والإنتاج المحلّي الذي هو حتماً أحد مفاتيح الإنقاذ للبلاد من المشكلات الاقتصاديّة، فمع الالتفات إلى هذه الأمور، أعلن شعار العام كما يلي: «كبح التضخّم، نموّ الإنتاج». هذا هو شعار العام، فيجب أن تنصبّ همم المسؤولين كلها على هذين الموضوعين. المسؤولون في الدرجة الأولى، وفي الثانية، كما سبق أن قلت: الناشطون الاقتصاديّون والشعبيّون ومن يمكنهم إنجاز عملٍ ما والناشطون الثقافيّون ومؤسسة الإذاعة والتلفزيون التي لا بدّ أن تُثقّف في هذه المجالات، لا بدّ للجميع أن يلتفتوا إلى هاتين النقطتين الرئيسيّتين: كبح التضخّم في الدرجة الأولى، أي أن يكبحوا التضخّم فعلاً ويقلّصوه قدر الإمكان، وأن يجعلوا قضيّة الإنتاج تزداد تقدّماً. عليه، صار [شعار العام] كبح التضخّم ونموّ الإنتاج.

أسأل الله المتعالي التوفيق للجميع، ونبعث بسلامنا ومحبّتنا ونُعرب عن إخلاصنا لروح عالم الوجود، بقيّة الله، أرواحنا فداه. كما أسأل الله المتعالي علوّ الدرجات لروح إمامنا [الخميني] الجليل ولشهدائنا الأعزّاء والفرح والسعادة والتجدّد في الأيام لشعب إيران.

هناك مواضيع أخرى أيضاً سأتطرّق إليها في الخطاب، إن شاء الله.

والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وأضاف سعيد : أن مسألة النظام في سوريا تهم السوريين وحدهم، وأن تونس تتعامل مع الدولة السورية ولا دخل لها إطلاقاً في اختيارات الشعب السوري.

وأردف، أن هناك جهات كانت تعمل على تقسيم سوريا لمجموعة من الدول منذ بداية القرن الـ 20 ولن تقبل بذلك.

وفي 4 مارس/آذار الجاري، جدد البلدان خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية التونسي ونظيره بالنظام السوري فيصل المقداد، رغبتهما في عودة العلاقات الثنائية إلى مسارها الطبيعي عبر ترفيع مستوى التمثيل الدبلوماسي وتبادل زيارات مسؤولي البلدين.

الى ذلك اعلنت الرئاسة التونسية، في 9 فبراير/شباط الماضي، ان رئيس جمهورية البلاد قيس سعيّد قرر رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي التونسي لدى سوريا.

ونقلت وزارة الخارجية الصينية عن وانغ قوله في اختتام الحوار بين السعودية وإيران، "إن استئناف العلاقات أنباء طيبة عظيمة في العالم المضطرب حاليا".

وأضاف، أن "الصين ستواصل لعب دور بناء في التعامل مع القضايا الشائكة في العالم اليوم وستظهر تحليها بالمسؤولية بصفتها دولة كبرى".

واتفقت السلطات الايرانية والسعودية على استئناف العلاقات الثنائية وإعادة فتح سفارتي البلدين في غضون شهرين.

وعقب عدة أيام من المفاوضات المكثفة بين أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ونظيره السعودي في بكين، تم التوصل يوم الجمعة إلى اتفاق لاستئناف العلاقات بين البلدين، وذلك خلال حفل بتوقيع بيان مشترك بين إيران والسعودية والصين رسميا.

جاء ذلك في الكلمة الترحيبية لرئيس جماعة علماء العراق خلال افتتاح المؤتمر الوحدة الاسلامية الدولي في بغداد، الذي بدا صباح اليوم  السبت.

واضاف الشيخ الملا : ان شريعة الاسلام حثت على الوحدة والوئام، وحذرت من الفرقة والخصام بين المسلمين، وقال ربنا جل وعلا [انما المؤمنون اخوة ] وكما قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا"، وانطلاقا من ذلك فقد خصصنا شعارنا لهذا المؤتمر "المسلم اخو المسلم".

واوضح، ان "الوحدة الاسلامية لها معان كثيرة، لكن من معانيها الحقيقية هو ان تحترم خصوصية الاخر؛ ولو احترم كل واحد منا خصوصية الاخر لن تحدث اي مشكلة".

واردف رئيس جماعة علماء العراق، ان "من معاني الوحدة الاسلامية الاخرى، هو ان نقف جميعا في جبهة وخندق واحد ضد اعداء الاسلام وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني الغاصب وامريكا التي تريد ان تصادر العقول والاخلاق والاموال و الاديان".

ومضى الى القول، ان اعداء الامة الاسلامية يسعون على الدوام لكي يثيروا الشبهات على الوحدة بين المسلمين، ذلك انهم "لا يريدونها وحدة بل يريدونها فرقة وتمزيقا وخلافا وحربا حتى نكون ضعفاء".

وفي جانب اخر من كلمته شدد رجل الدين العراقي البارز على ضرورة الاجلال والاشادة بجهود وتضحيات الشهداء الذين بذلوا مهجهم دفاعا عن الامة الاسلامية ووحدة المسلمين في مواجهة التكفيريين والدواعش؛ كما خص بالذكر في هذا الخصوص "شهداء العراق وشهداء الحشد الشعبي، والقادة الشهداء الحاج ابو مهدي الهندس والقائد سليماني".

واضاف متسائلا : اي وحدة هذه التي نتحدث عنها، واي وحدة نريد ان نترجمها اذا كنا نخشى ونخاف ونتردد حتى لا يغضب فلان وفلان؟! وان ننسى بان هؤلاء الشهداء قُطعت اجسادهم في مطار مدني بوسط بغداد، لا لشيء الا لانهم انتصروا وحققوا النصر وطبقوا الفتوى ودحروا داعش؟!

وتابع : هؤلاء قطعت اجسادهم لانهم فقط كانوا يحملون رسالة السلام وعلاقة الحب مع المملكة العربية السعودية كأخوة وكأحبة وكدين واحد، هؤلاء يستحقون منا ايها الاخوة ان نذكرهم في كل مكان.

وبدأت، صباح اليوم السبت، في العاصمة العراقية بغداد، اعمال المؤتمر الدولي للوحدة الاسلامية تحت شعار "المسلم اخو المسلم منطلقنا لبناء الانسان والوطن".

ويشارك في هذا المؤتمر جمع غفير من كبار العلماء ورجال الدين المسلمين، سنة وشيعة من العراق ودول اخرى؛ بمن فيهم الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية "حجة الاسلام الدكتور حميد شهرياري"، الذي يمثل الجمهورية الاسلامية الايرانية في هذا الملتقى الاسلامي الدولي.

علما، ان ديوان الوقف السني العراقي والى جانبه عدد من المؤسسات الاسلامية في هذا البلد، يرعى تنظيم المؤتمر الدولي للوحدة الاسلامية، والذي يقام وفقا للمحاور التالية : 

- مفهوم الوحدة من المنظور الاسلامي
- التعايش السلمي في القران والسنة
- اشكالية التكفير في الفقه الاسلامي 
- ضوابط الخلاف الفكري شرعيا واخلاقيا
- سبل مواجهة مشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب
- دور الاعلام في تعزيز الوحدة
- الخطاب الديني واثره على التعايش السلمي  

إن ما تمر به الدول الإسلامية اليوم من فتن وخلافات يحتم على عقلائها وسادتها وكبرائها أن يتحركوا لكبح جماح كل فكر متطرف يدعو للقتل والتكفير والإقصاء، وهذا يتطلب تضافرا في الجهود وعملا مشتركا لتجفيف منابع الإرهاب والتطرف.

بهذه العبارات، انهى المشاركون في مؤتمر الوحدة الاسلامية الذي استضافته العاصمة العراقية بغداد في 11 اذار 2023، تحت شعاء "المسلم اخو المسلم ..منطلقنا لبنان الانسان والوطن"؛ مع تركيزهم على الهدف المرجو من إقامة هذا المؤتمر، والذي يكمن في "إيجاد أرضية الاتحاد والتضامن للعالم الإسلامي، وتبادل الأفكار بين العلماء والباحثين من أجل إيجاد التقارب العلمي والثقافي بينهم، بغية الوصول إلى الوحدة الإسلامية وحل وإذابة الخلافات بين المسلمين ليكون مفهوم الأخوة هو السائد في الأمة". 

وافادت وكالة انباء التقريب (تنـا)، ان الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية "حجة الاسلام الدكتور حميد شهرياري"، تراس وفدا لتمثيل الجمهورية الاسلامية الايرانية في مؤتمر بغداد الدولي للوحدة الاسلامية. 

وفيما يلي، نص البيان الختامي لهذا المؤتمر الذي تسلمت وكالة "تنا" نسخة منه :

بسم الله الرحمن الرحيم 
[وَلْتكُن مِّنكُمْ أمَّة يَدْعُونَ إِّلَى ٱلْخَيْرِّ وَيَأمُرُونَ بِّٱلْمَعْرُوفِّ وَيَنْهَوْنَ عَنِّ ٱلْمُنكَرِّ وَأولئِّكَ هُمُ ٱلْمُفْلِّحُونَ]
- آل عمران - 104 
البيان الختامي للمؤتمر الدولي للوحدة الإسلامية 
المنعقد في 19 شعبان 1444هـ الموافق 11 آذار 2023م العراق – بغداد 
تحت شعار "المسلم أخو المسلم.. منطلقنا لبناء الإنسان والوطن"، وبرعاية كريمة من قبل ديوان الوقف السني، وانطلاقاً من تعاليم ديننا الحنيف وسيرة نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، في التأكيد على الأخوة والوحدة ورص الصفوف، ومع قرب حلول شهر رمضان المبارك، شهر الطاعات والرحمات والمغفرة، بادرت عدة مؤسسات دينية لعقد المؤتمر الدولي للوحدة الإسلامية، تأكيداً لما أمر به الله تعالى وحث عليه نبينا الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم).

لقد تمت إقامة هذا المؤتمر في ظروف يحتاج فيها العالم عموما والعالم الإسلامي خاصة إلى العدالة والسلم والسلام والأخوة أكثر من أي  وقت مضى، فلا بد لعقلاء الأمة من وقفة جادة يصححون فيها المسار، ويعيدون الأمة إلى ما أراده الله تعالى وإلى ما عمل عليه نبينا الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم)، لتكون أمة مرحومة تستحق كل ما في الرحمة من معاني. 

إن الهدف المرجو من إقامة المؤتمر الدولي للوحدة الإسلامية هو إيجاد أرضية الاتحاد والتضامن للعالم الإسلامي، وتبادل الأفكار بين العلماء والباحثين من أجل إيجاد التقارب العلمي والثقافي بينهم، بغية الوصول إلى الوحدة الإسلامية وحل وإذابة الخلافات بين المسلمين ليكون مفهوم الأخوة هو السائد في الأمة. 

لذا قد بادر أخوتكم في مؤسسة جماعة علماء العراق، ومجلس علماء الرباط المحمدي ومؤسسة العراق للتقريب والحوار، ودار الإفتاء العراقية، ومدرسة الإمام الخالصي، وبرعاية كريمة من قبل ديوان الوقف
السني، بالعمل على جمع الكلمة من خلال هذا المؤتمر، وتحقيق التعايش السلمي بين أبناء الدين الواحد. 

ومع اشتراك عشرات العلماء والمفكرين والدعاة من داخل وخارج العراق في هذا المؤتمر المبارك، ومع مجموعة كبيرة من البحوث العلمية التي ناقشت محاور المؤتمر التي ركزت على قضايا الأمة الجوهرية وحذرت من الفتن التي تتربص بها، فإن المؤتمرين قد خلصوا لجملة من المقررات والتوصيات التي تسُهم بتحقيق التعايش والتآلف والتآخي بين أبناء الأمة الإسلامية، إذ يمكن إيجاز هذه التوصيات بالآتي : 

1. العودة إلى إسلام وثقه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند مقدمه للمدينة المنورة وفي وثيقتها وحجة الوداع، فالمسلم أخو المسلم. 
2. إن ما تمر به الدول الإسلامية اليوم من فتن وخلافات يحتم على عقلائها وسادتها وكبرائها أن يتحركوا لكبح جماح كل فكر متطرف يدعو للقتل والتكفير والإقصاء، وهذا يتطلب تضافرا في الجهود وعملا مشتركا لتجفيف منابع الإرهاب والتطرف. 
3. العمل الجدي والحثيث بالترويج لمفهوم الأخوة الإسلامية بين المسلمين في الدول الإسلامية وغير الإسلامية، والعمل على تربية الأجيال القادمة على هذا المفهوم من خلال إزالة الضغائن من القلوب. 
4. العمل على مواصلة الحوار العلمي بين العلماء والنشطاء الدينيين والثقافيين في العالم الإسلامي، وتسليط الضوء على كل ما يتربص بالأمة من فتن ومكر بغية ضمان سلام وأمان حقيقي تنعم به الأمة في كنف تعاليم دينا دين الرحمة والعدالة والتعايش. 
5. تعزيزا لمفهوم الوحدة والأخوة، يحث المؤتمرون الحكومات الإسلامية على تجريم مثيري الفتن والخطاب الطائفي بين المذاهب
قانونياً، وسن  بعض التشريعات والقوانين التي تمنع الشقاق الطائفي بالأقوال والأعمال أو إهانة المقدسات الواضحة لأي  فريق. 
6. يدعو المؤتمرون الحكومات الإسلامية والعربية لتعزيز المناهج الدراسية بمقررات ومفردات تؤكد على مفاهيم السلم والتعايش والمحبة والسماحة والأخوة، وبما يسهم بإنتاج جيل يأخذ على عاتقه تفعيل هذه المخرجات.
7. العمل الجدي على إجراء دراسات للتاريخ الإسلامي والثقافة والحضارة والأدب من أجل غرس فكرة الأ مة الواحدة، ووضع مشروع عام يقوم على أسس فكرية وعلمية توجه الأفكار والمشاعر والطاقات نحو استئناف مسيرة الحضارة الإسلامية، فضلا عن العمل على نبذ وتفنيد كل ما تحمله الموروثات من روايات هدامة تفرق الأمة وتشتت جمعها.
8. يؤكد المؤتمرون على جوهرية ومركزية القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية للإسلام والعالم، إذ أن إحلال السلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم لن يكون ممكناً إلا من خلال إيقاف آلة التدمير الصهيونية والاعتداءات الإسرائيلية الغاشمة على الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية.  
9. يؤكد المؤتمرون أن تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني المحتل خيانة كبرى للشعب الفلسطيني وللأمة عموما، وأن جنوح بعض الدول الإسلامية لركوب قطار التطبيع مع الصهاينة سيشجع هذا الكيان الغاصب على مزيد من الوقاحة والظلم والعدوان بحق الأبرياء، لذا يدعو المؤتمرون تلك الدول لإعادة النظر في مواقفها نصرة لدينهم ولأمتهم. 
10. دعما لمفهوم التعايش والمحبة والسلم المجتمعي، يدعو المؤتمرون الحكومة العراقية خصوصا والحكومات
الإسلامية عموما لمعالجة ملف النازحين والمهجرين واللاجئين، لا سيما في العراق وسوريا وفلسطين من خلال تحقيق مبدأ حق العودة. 
11. تحقيقا لمفاهيم العدالة والسلم المجتمعي والعيش الآمن والمستقر، يدعو المؤتمرون الحكومة العراقية خصوصا والحكومات العربية والإسلامية لحسم ملفات المعتقلين والمغيبين قسرا، ومنحهم حق التقاضي العادل وفقا للمدد القانونية المنصوص عليها منعا للغبن والإجحاف. 
12. يؤكد المؤتمرون على جوهرية ومركزية دور المرأة في المجتمع وأهمية دعم هذه الشريحة المهمة لبناء الأسرة التي تعُد اللبنة الأساس في بناء المجتمعات. 
13. دعوة القنوات الفضائية العربية والإسلامية إلى الامتناع عن التهييج الطائفي والأخبار والبرامج الحوارية والات صالات الهاتفية التي تعزز من الخلافات والتناحرات بين أبناء الأمة، فضلا عن العمل على تأسيس فضائيات ومواقع جديدة تهتم  بوحدة الأمة. 
14. التأكيد على وجوب التواصل، والتكافل الاجتماع ي  بين أبناء الأمة، والعمل على توحيد مواقيت المناسبات الإسلامية، وتحبيب إقامة الشعائر الجامعة لبث روح الألفة والتسامح بين المسلمين. 
15. تأسيس موقع الكتروني تحت عنوان "المؤتمر الدولي للوحدة الإسلامية" بهدف تحقيق هذه التوصيات، وتشكيل لجنة متابعة دائمة لتفعيل توصيات المؤتمر مع الجهات المعنية، وإدارة كافة المشاريع المنبثقة عنها.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين/ 
بغداد 03/11 /2023 

وعقب زيارة رئيس الجمهورية "آية الله السيد ابراهيم رئيسي" إلى بكين في شباط/فبرايرالشهر الماضي، فقد أجرى يوم الإثنين الماضي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني "الادميرال علي شمخاني" محادثات مكثفة مع نظيره السعودي في الصين، بهدف متابعة اتفاقات زيارة الرئيس الايراني للصين ومن أجل حل المشكلات بين طهران والرياض بشكل نهائي. 

وفي ختام هذه المفاوضات، اليوم 10 آذار/ مارس 2023، تم التوقيع على بيان ثلاثي في بكين من قبل الادميرال "علي شمخاني" أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني،  و"مساعد بن محمد العيبان" وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء ومستشار الأمن الوطني في المملكة السعودية، و "وانغ يي" عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي، بجمهورية الصين الشعبية.  

وجاء في هذا البيان، انه "استجابة للمبادرة الجديرة للسيد شي جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية في دعم تعزيز العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية، وانطلاقا من مبدأ حسن الجوار ونظرا لاتفاقه مع رئيسي البلدين على استضافة ودعم الحوار بين الجمهورية الاسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية، وكذلك رغبة البلدين في حل الخلافات بالحوار والدبلوماسية القائمة على الأواصر الأخوية والتأكيد على تمسك البلدين بمبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والمبادئ والإجراءات الدولية، التقى وفد الجمهورية الإسلامية الإيرانية برئاسة ممثل قائد الثورة وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الادميرال علي شمخاني، ووفد المملكة السعودية برئاسة الدكتور مساعد بن محمد العيبان وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء ومستشار الأمن القومي، في بكين، في الفترة من 6 إلى 10 مارس 2023".

واضاف البيان، ان "وزيري خارجية البلدين سيلتقيان لتنفيذ هذا القرار واتخاذ الترتيبات اللازمة لتبادل السفراء".

وأكد البلدان في بيانهما المشترك، على "احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضهما البعض، في إطار تنفيذ اتفاقية التعاون الأمني ​​الموقعة بتاريخ 17/4/2001 وكذلك الاتفاقية العامة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والتعاون الفني والعلمي والثقافي والرياضي والشبابي الموقعة في 27.5.1998".

وأوضح البيانن ان الدول الثلاث تعلن عزمها الراسخ على توظيف جميع الجهود لتعزيز السلام والأمن على الصعيدين الإقليمي والدولي.

خاطب الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله كل الذين يهددوننا بالقتل وبالحرب والتجويع قائلًا: "لو قتلتم نساءنا وأطفالنا ورجالنا لا يمكن أن نشعر بالضعف أو الوهن... لا تتوقعوا منا استسلامًا وانصياعًا وخضوعًا".

جاء ذلك في كلمة ألقاها سماحته في احتفال أقامته المؤسسة الاسلامية للتربية والتعليم - مدارس المهدي (ع)، وذلك في الذكرى الثلاثين على تأسيسها اليوم الخميس، في ثانوية المهدي (عج) – الحدث.

استهل السيد نصر الله كلمته مباركًا للبنانيين الذكرى العطرة في الخامس عشر من شعبان ذكرى ولادة الامام المهدي (ع)، كما بارك لكل المعلمين والمعلمات عيد المعلم.

وقال سماحته: "ما نحن فيه هو نتيجة تضحيات الجميع منذ ثلاثين عامًا ودائمًا أؤكد أننا لا ننسب الفضل لأي شخص لوحده فالإنجاز هو تعب الجميع".

أضاف السيد نصر الله: "مما لا شك فيه كما عُرض في التقارير ان المؤسسة تطورت بشكل طبيعي وتدريجي رغم كل الظروف الصعبة. تطورت المؤسسة على المستوى الكمي أي عدد المدارس والطلاب وعلى المستوى النوعي وتطوير المناهج والتعاون الخارجي والانفتاح على المدارس الأخرى، ورغم الصعوبات في فترة كورونا استطاعت المؤسسة ان تتأقلم وتتطور وتبذل الجهود المطلوبة حتى لا يتوقف جهد التعليم".

وتوجه إلى القيمين على مؤسسة التربية والتعليم بالقول: "في ظل الظروف المعيشية الصعبة صمودكم في المؤسسة في مواقع التعليم وصفوفكم هذا أمر يُقدر جدًا. أؤكد إيماننا بكم كإدارة ومعلمين ومسؤولين ونعتبر أنكم كنتم لائقين بمستوى المسؤولية وستكونون دائما كذلك".

وأشار إلى أنه رغم الصعوبات في فترة كورونا استطاعت المؤسسة أن تتأقلم وتتطور وتبذل الجهود المطلوبة حتى لا يتوقف جهد التعليم، وقال: "نؤكد أننا سنبذل كل الجهود للحفاظ على بنية هذه المؤسسة وكادرها بالرغم من كل الظروف الصعبة وسنجد طريقة ما للتغلب عليها".

وأعلن السيد نصر الله أنه سيتم العمل على دعم مؤسسة التربية والتعليم "ليس فقط للحفاظ عليها بل لتطويرها وتوسعة ميدان عملها على كل صعيد".

ونبّه سماحته إلى أن كل شيء مفتوح أمام الأجيال الحالية نتيجة وجود الهاتف والانترنت في يد كل طفل وبدون ضوابط، واليوم الكثير مما هو عيب في عاداتنا وحرام في ديننا يُعمل على مسحه ليكون البديل هو التفلت، محذرًا من "أن الإدارة الأميركية هادفة في نقل الثقافة الغربية الشيطانية إلى مناهجنا".

وأوضح السيد نصر الله أن من جملة المخاطر التي تتهدد الأجيال الحالية "المواد المخدرة وانتشار المخدرات"، مؤكدًا "أن من يروج للمخدرات ويتاجر بها هو من أسوأ أنواع المفسدين في الأرض".

وقال: "إن التحصين هو الأساس والتربية هي المؤدية إلى ذلك وهناك صرخة في مدارس الغرب نتيجة التفلت وعدم التحصين، وهناك من لديه علم ويستغل الناس والاستفادة من أسوأ الظروف لاستغلالهم ولذلك نؤكد على التربية".

وأشار السيد نصر الله إلى أن وظيفة المعلم والمعلمة والمؤسسة التربوية بأن لا تبقى فقط مهنة بل يجب أن يُضاف إليها روح رسالية وإنسانية، موضحًا أن  المطلوب من المعلم في المدارس أن يكون رساليًا أي أن يكون همه استفادة الطلاب ونجاحهم وتفوقهم.

ولفت سماحته إلى أن "الأستاذ قدوة لذلك عليه أن ينتبه لسلوكه وتعاطيه مع الطلاب لأنه يمارس الدور التربوي وبالتالي هو يطبع شخصيته على هؤلاء الطلاب"، وأن مسؤولية المؤسسة بالدرجة الأولى هي "بناء أجيال ترفض الظلم والطغيان وتؤسس للعدالة".

وأوضح أن الظروف التي استجدت مؤخرًا أثّرت على كل أطراف العملية التربوية، وتأثرت رواتب المعلمين وأصبحت الرواتب لا تقدم ولا تؤخر، وتأثرت أيضًا المؤسسات التربوية، ولذلك هناك مخاطر على وجود القطاع فالمدارس الرسمية أغلقت فترة طويلة.

وتابع السيد نصر الله: "في المدارس الخاصة أنا أقدّر أنهم يريدون زيادة الأقساط لتحسين رواتب المعلمين لكن هل يمكن ألا نربح هاتين السنتين أو نربح بشكل معقول ومتواضع... اعتبروها مساهمة إنسانية أو مساعدة أو عملية إنقاذية"، مشيرًا إلى أن "هناك مدارس خاصة مصرّة على الربح الوفير ولدي أرقام على ذلك.. هناك جشع بشع عند بعض التجار ونحن نطلع على الأسعار فوجدنا أن هناك شيئًا لاإنسانيًا ومتوحشًا".

وتطرق السيد نصر الله إلى إضراب المعلمين والأساتذة في المدارس الرسمية والجامعة اللبنانية، وقال: "المعلمون معهم حق، وأقدموا على إضراب فبات العام الدراسي في خطر، وعلى الحكومة تنفيذ ما قدّمته للمعلمين".

ودعا سماحته المعلمين أن يعتبروا ما تبقى من العام الدراسي "مساهمة انسانية وأخلاقية وهذا من العمل الصالح الذي تجدونه حاضرًا يوم القيامة"، وأن يواصلوا العام الدراسي وعدم العودة إلى الاضراب.

واعتبر السيد نصر الله أن "أكثر ما نحتاج إليه في هذه الأيام روح الأمل"، وقال: "إن الله أعدّ للبشرية منقذان ومخلصان عظيمان هما السيد المسيح والإمام المهدي عليهما السلام".

وتابع: ""الإسرائيلي" عندما احتل لبنان اشتغل على بثّ روح اليأس الذي له نتائج سياسية واجتماعية وأخطر نتائجه هو القبول بالاحتلال بعيدًا عن كرامتك وسيادتك وشرفك... المقاومة واجهت وقاومت وفرضت معادلة أننا نستطيع أن نهزم هذا العدو فكانت المقاومة التي صنعت انتصارات سريعة".

وشدد على أن "المقاومة هي الأمل التي صنعت انتصارات سريعة ضد العدو "الإسرائيلي"، موضحًا أن المقاومة استمرت عام 2000 بهذا الأمل وعام 2006 صمدت المقاومة بالأمل".

وأضاف: "مضت سنوات قليلة وتبين سقوط مشروع الشرق الأوسط الجديد ومشروع أميركا في العراق بفعل الأمل والمقاومة... في ما مضى أيضًا وبهدف تعزيز روح اليأس لدينا من أهم الوسائل كانت القتل والمجازر والتهجير وهدم المنازل".

ولفت إلى أن مجزرة بئر العبد التي استشهد فيها ما يزيد عن 75 شهيدًا وكانت أميركا هي التي أرسلت سيارة مفخخة، كانت بهدف بث روح اليأس، مؤكدًا أن بعض الذين يدعون السيادة في بلدنا أيديهم متورطة بالدم في تفجير مجزرة بئر العبد".

وأشار السيد نصر الله إلى أن أكثرية الشهداء الذين سقطوا في مجزرة بئر العبد كانوا نساءً وأطفالًا، منوّها إلى أن المجزرة أرتكبت في اليوم العالمي للمرأة.

وأكد أن "هدف مجزرة بئر العبد كان بثّ الرعب واليأس في قلوبنا وكانت محاولة اغتيال السيد فضل الله ضربة قاسية لنا".

وتابع السيد نصر الله: "كل من يهددنا بالقتل وبالحرب العسكرية والتجويع فهذا لا يهددنا ولو قتلتم نساءنا وأطفالنا ورجالنا لا يمكن أن نشعر بالضعف أو الوهن لأننا نعتمد على الله ونثق بشعبنا... لا تتوقعوا منا استسلامًا وانصياعًا وخضوعًا".

وتوجه إلى اللبنانيين قائلًا: "إن الرسالة الأساسية يجب أن تكون عدم اليأس لأن نتيجة اليأس الاستسلام، والمطلوب منّا الاستسلام"، مؤكدًا أن "أبواب الحل موجودة ولا يجب ان نستسلم للشروط الدولية والاقليمية والذين استسلموا لم ينجوا".

اكد قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، اليوم الإثنين، ضرورة إنزال أقصى العقوبات بمرتكبي جريمة تسميم الطالبات.

وبمناسبة يوم الشجرة، غرس قائد الثورة الإسلامية آية الله سيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية ثلاث شتلات في منطقة مكتب القيادة قبل ظهر اليوم الإثنين.

وقال على الهامش، على السلطات أن تتابع بجدية قضية تسمم الطلاب. هذه جريمة كبيرة لا تغتفر. إذا ثبت تسمم الطلاب وجب معاقبة مرتكبي هذه الجريمة بشدة. لن يكون هناك عفو عن هؤلاء الناس.

ويصادف يوم 6 مارس في ايران اليوم الوطني للشجرة حيث يشجع الناس على زرع الأشجار والاعتناء بها وحماية الغطاء النباتي فيقوم الناس بزرع الشتلات الصغيرة في الحدائق والغابات وجميع أنحاء المدينة.

عناصر من المقاومة الفلسطينية في مخيم جنين تشارك في مؤتمر يندد باجتماع العقبة (رويترز)

اتفق الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي في اجتماع العقبة -الأحد- بحضور ممثلين عن الولايات المتحدة والأردن ومصر على دعم خطوات بناء الثقة لمعالجة القضايا العالقة عبر حوار مباشر، في حين أكد أكثر من مسؤول إسرائيلي عقب الاجتماع أنه لن يكون هناك تجميد للاستيطان في الضفة الغربية المحتلة.

وأفاد البيان الختامي للاجتماع بأن إسرائيل تلتزم بوقف إقرار أي بؤر استيطانية جديدة لمدة 6 أشهر، ووقف مناقشة إنشاء أي وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر.

كما توصل الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي -وفق بيان الاجتماع- إلى التزام الطرفين بوقف الإجراءات الأحادية من 3 إلى 6 أشهر.

وقال البيان الختامي للاجتماع إن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي أكدا التزامهما بجميع الاتفاقات السابقة بينهما، والعمل على تحقيق السلام العادل والدائم.

كما جرى التأكيد على أهمية الحفاظ على الوضع التاريخي القائم في الأماكن المقدسة في القدس وعلى الوصاية الهاشمية والدور الأردني الخاص في المدينة.

واتفق المشاركون في الاجتماع على عقد اجتماع آخر في شرم الشيخ في مارس/آذار المقبل، لتحقيق الأهداف التي تم تحديدها في العقبة.

وأشار البيان إلى أن عمّان والقاهرة وواشنطن تعتبر هذه التفاهمات تقدما نحو تفعيل العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية.

التعهدات المعلنة ومآلات الأوضاع

وعقب انتهاء الاجتماع في مدينة العقبة، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي -في بيان- إن اجتماع العقبة احتوى على التزامات مهمة ستؤدي -إن طُبِّقت- إلى خفض التصعيد والتقدم نحو انخراط سياسي أشمل.

وأضاف أن ما تحقق في العقبة يعد خطوة سياسية مهمة على طريق طويلة وصعبة لوقف التدهور، وأن تطبيق التعهدات على الأرض، هو ما سيحدد مآلات الأوضاع.

ورأى الصفدي أن الاجتماع المذكور يعد أول انخراط سياسي من نوعه منذ سنوات، وأكد التزامًا فلسطينيا-إسرائيليا باحترام جميع الاتفاقيات السابقة والعمل على خفض التصعيد، والعمل من أجل تحقيق السلام العادل والشامل، على حد وصفه.

وقال إن "وقف الخطوات الأحادية التي تقوض حل الدولتين والإجراءات الاستفزازية التي تدفع نحو التوتر وتفجر العنف؛ ضرورة لإنهاء التدهور وخفض التصعيد".

رفض تجميد الاستيطان

في المقابل، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إن البناء الاستيطاني وتشريع البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية سيتواصلان دون أي تغيير.

وهو ما أكده رئيس وفد إسرائيل لاجتماع العقبة أنه لن يكون هناك تجميد للبناء في المستوطنات ولا قيود على عمليات الجيش في الضفة.

ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول إسرائيلي أن الأطراف باجتماع العقبة ستشكل لجنة لفحص استئناف التنسيق الأمني الإسرائيلي الفلسطيني.

وأكد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية، أن تل أبيب قالت في اجتماع العقبة إنه لن يكون هناك تغيير في التصريح السابق الخاص بـ9 مواقع استيطانية و9500 وحدة سكنية في الضفة الغربية.

وأضاف، بعد اجتماع العقبة، أنه لن يوافق على تجميد النشاط الاستيطاني بالضفة.

بدوره قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير إن ما حدث في الأردن يبقى في الأردن.

ترحيب أميركي

من جهته قال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان في بيان إن الولايات المتحدة ترحب بالتعهدات التي قطعتها إسرائيل والسلطة الفلسطينية اليوم الأحد بشأن وقف التصعيد ومنع المزيد من العنف.

وأضاف سوليفان في بيانه بعد اجتماع العقبة بالأردن "ندرك أن هذا الاجتماع نقطة انطلاق وأن هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به خلال الأسابيع والأشهر المقبلة لبناء مستقبل مستقر ومزدهر للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء… التنفيذ سيكون أمرا حاسما".

تصريحات ملك الأردن

وبالتزامن مع الاجتماع أكد ملك الأردن عبد الله الثاني أهمية تكثيف الجهود للدفع نحو التهدئة وخفض التصعيد في الأراضي الفلسطينية، وإعادة إطلاق مفاوضات السلام.

وقال الديوان الملكي الأردني إن الملك عبد الله الثاني التقى في العاصمة الأردنية "عمان" بريت ماكغورك نائب مساعد الرئيس الأميركي ومنسق البيت الأبيض للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وشدد الملك عبد الله على أهمية تكثيف جهود الدفع نحو التهدئة وخفض التصعيد بالأراضي الفلسطينية.

كما دعا ملك الأردن إلى إيقاف أي إجراءات أحادية الجانب من شأنها زعزعة الاستقرار وتقويض فرص تحقيق السلام.

وشدد الملك خلال لقائه ماكغورك -الذي يشارك في الاجتماع- على ضرورة إعادة إطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين لتحقيق السلام العادل والشامل، على أساس حل الدولتين.

وتأتي تصريحات ملك الأردن تزامنا مع انطلاق اجتماع أمني سياسي طارئ اليوم الأحد، في مدينة العقبة جنوبي الأردن دعت إليه واشنطن وعمّان والقاهرة بهدف وقف التصعيد بين إسرائيل وفلسطين خصوصا مع اقتراب شهر رمضان، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية.

وعقد الاجتماع بين رئيس جهاز الاستخبارات الفلسطيني ماجد فرج ورئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) رونين بار، وفق مصادر مطلعة.

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسؤول حكومي إسرائيلي، طلب عدم كشف هويته، قوله إن الوفد الإسرائيلي يضم كذلك مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي.

في حين، يضم الوفد الفلسطيني -إلى جانب ماجد فرج- أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ، والناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، ومجدي الخالدي المستشار الدبلوماسي للرئيس محمود عباس.

سرية الاجتماع

وقال مراسل الجزيرة في الأردن تامر الصمادي إن اجتماع العقبة يعقد في إطار من السرية، ونقل عن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قوله -في كلمة ألقاها في بداية الاجتماع- إن الهدف من الاجتماع وقف الإجراءات الأحادية والانتهاكات الإسرائيلية في القدس المحتلة والمسجد الأقصى وفي العديد من مدن الضفة الغربية، ولا سيما نابلس وجنين.

وأضاف الصمادي -نقلا عن مصادر أردنية- أن الصفدي أكد أن الهدف هو الوصول إلى هدنة مرحلية تفتح الباب أمام مزيد من التفاهمات وتعزيز الثقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

كما نقل مصدر أردني عن وزير الخارجية أيمن الصفدي تأكيده في بداية الاجتماع على ضرورة التوصل إلى اتفاق على وقف الإجراءات الأحادية تمهيدا لفترة تهدئة يتم خلالها بناء الثقة، وصولا إلى انخراط سياسي أشمل.

من جهتها، قالت الرئاسة الفلسطينية اليوم الأحد إن وفدها المشارك في اجتماع العقبة سيشدد على ضرورة وقف جميع الأعمال الأحادية الإسرائيلية والالتزام بالاتفاقات الموقعة تمهيدا لخلق أفق سياسي.

أيمن الصفدي: من الضروري التوصل لاتفاق على وقف الإجراءات الأحادية تمهيدا لفترة تهدئة يتم خلالها بناء الثقة  

وكان مسؤول فلسطيني كبير قال للجزيرة أمس السبت إن هدف اجتماع العقبة هو التوصل إلى تفاهمات بشأن فترة انتقالية تضمن وقف إسرائيل الإجراءات الأحادية كافة (استيطان وهدم واقتحامات) لمدة 6 أشهر يتم خلالها التحضير للتهدئة والانتقال إلى مسار أكثر اتساعا.

وأشار المسؤول الفلسطيني إلى أن الأردن ومصر والولايات المتحدة تبذل قصارى جهدها لمنع انفجار الأوضاع خلال شهر رمضان والأعياد اليهودية في مارس/آذار المقبل.

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسؤول إسرائيلي قوله إن المشاركين في الاجتماع "سيبحثون سبل تهدئة التوترات الأمنية في المنطقة قبل حلول شهر رمضان".

ونقلت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية عن تساحي هنغبي مستشار الأمن القومي الإسرائيلي قوله "جرت مناقشات مع الأميركيين بشأن كيفية تهيئة أجواء جديدة بإنهاء الخطوات الأحادية التي تم اتخاذها في الأشهر القليلة الماضية. نحن مستعدون (لقبول) ذلك".

الفصائل ترفض

وأثار الإعلان عن مشاركة السلطة الفلسطينية في اجتماع العقبة احتجاجات غاضبة في الأراضي الفلسطينية، إذ إنه يأتي بعد أيام من المجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مدينة نابلس، والتي استشهد فيها 11 فلسطينيا، بينهم مقاومون.

ووصفت الفصائل الفلسطينية في غزة المشاركين في الاجتماع بـ"الخارجين عن الإجماع الوطني"، مضيفة أن اجتماع العقبة جريمة وطنية لا يمكن السكوت عنها، وحذرت من تبعاته.

وقد عقدت الفصائل الفلسطينية اجتماعا طارئا اليوم في قطاع غزة، لبحث موقفها من اجتماع العقبة ومشاركة السلطة الفلسطينية فيه.

وحذر المجتمعون من مخرجات اجتماع العقبة، خاصة في ظل تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة.

الضفة الغربية

وفي الضفة الغربية، قالت 3 فصائل في منظمة التحرير الفلسطينية اليوم الأحد إن اللجنة التنفيذية للمنظمة لم تناقش أو تقرر المشاركة في اجتماع العقبة بالأردن، معتبرة أن هدف الاجتماع هو التوصل إلى ترتيبات أمنية جديدة.

جانب من مؤتمر صحفي لـ3 فصائل في منظمة التحرير الفلسطينية في مدينة رام الله بشأن اجتماع العقبة

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك لممثلين عن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وحزب الشعب الفلسطيني وحزب فدا في مدينة رام الله.

الثلاثاء, 28 شباط/فبراير 2023 05:08

مسلسل "معاوية" عمل فنيّ أم عبث سياسيّ؟

محمدجرادت ؛ باحث فلسطيني

ليس ثمة إشكال في الدراما التاريخية إذا انطلقت من حاضنة التأليف التاريخي وفق أصوله لتخدم غاية علمية أو سياسية وفق أولويات الأمة وتحدياتها الراهنة، لكن التخصيص السعودي لتاريخ معاوية مغزى لا تخطئه عين متابع، وهو تعميق الشرخ القائم حتى أبعد مدى.

تتلبّس السياسةُ الفنَّ؛ ما إن تقترب منه، حتى تنهش أنيابها أضلعه، فكيف إذا خاض الفن في متاهة التاريخ عبر نافذة فتنةٍ أكلت الأخضر واليابس في وقتها، وما زالت مفاعيلها ترى حتى وقتنا الراهن، وقد تاهت الأمة عبر كل عصورها، بين ما هو ديني وتاريخي؟

ما إن تم الإعلان عن مشروع مسلسل "معاوية بن أبي سفيان" (60هـ) من قبل مجموعة "أم بي سي"، المموّلة سعودياً، ليتم عرضه في شهر رمضان، حتى تصَدَّر الخلاف حوله مختلف الميادين الإعلامية والثقافية والفنية، بل جميع مواقع التواصل الاجتماعي، فمَن من المسلمين وغير المسلمين لا يعي مدى جدليّة الخوض في تاريخ معاوية، حتى ضمن حلقة بحثية، فكيف الحال في عمل فنيّ دراميّ تم ربطه بقدسية شهر رمضان، الذي يُفترض أن يكون مناسبة جامعة للأمة؟!

أنفقت الـ "أم بي سي" 100 مليون دولار في إنتاج مسلسل "معاوية"، واستخدمت كاتباً (إعلامي سابق) لم يسبق له العمل في التأليف، إلا في تحرير جريدة "اليوم السابع" المصرية، أو المشاركة كممثل في أعمال قليلة، فإذا به عبر مسلسل "معاوية" يتحوّل إلى مؤلف، رغم أنه لم يسبق أن تعامل مع أصول الرواية التاريخية، في ضبط متنها أو التحقق من أسانيد رواتها وطرق تخريجها، وتعدد مدارسها.

ليس ثمة إشكال في الدراما التاريخية إذا انطلقت من حاضنة التأليف التاريخي وفق أصوله، وجاءت لتخدم غاية علمية أو سياسية وفق أولويات الأمة وتحدياتها الراهنة، ورغم عدم مشاهدة أيّ من حلقات مسلسل "معاوية" حتى الآن، لكن هذا التخصيص السعودي لتاريخ معاوية، من منظومة نشطت في تمزيق التضامن السياسي للأمة، وتقف خلفها مرجعية فكرية تستسهل تكفير الآخر الإسلامي، فإن لهذا التخصيص مغزى لا تخطئه عين متابع، في تعميق الشرخ القائم حتى أبعد مدى.

عشرون عاماً على ولاية الشام، ثم عشرون أخرى خليفة، ليس في أربعين معاوية هذه من مساحة تُجمع عليها الأمة، إلا ما قلّ مما يمكن اعتباره مادة تاريخية تعبوية في خدمة حاضر الأمة ومستقبلها، فكيف لهذا المسلسل أن يعطي مساحة إيجابية جامعة لجيل إسلامي يصوم نهاره ويقوم ليله، ثم يتحف سهراته الرمضانية مع علم إسلاميّ تاريخي، يراه كثيرون صحابياً وفاتحاً وكاتباً للوحي، فإذا به مع كل ما سبق مما يجتمع في مخيلة العامة وبعض الخاصة، يجعل الخلافة الراشدة ملكاً وراثياً بالسيف، فيورث ولده، قلائد خلافة امتدت قبل حكمه من أفغانستان شرقاً حتى ليبيا غرباً، ومن صنعاء جنوباً حتى أذربيجان شمالاً، لتستقر في قبضته، ثلاث سنوات، خاض فيها السيف حتى آخر رمق.

يفاخر منتج مسلسل "معاوية" بكون هذا العمل حقيقة تاريخية، والتاريخ يغص بشتى الروايات والأقاصيص، ولا يمكن تلمّس هذه الحقيقة عبر وضع اليد على الروايات المشهورة، ولا الروايات المرغوبة، ولكنه البحث وفق ما أجمعت عليه مدارس التاريخ، حتى صار بديهة ومفصلاً لا يختلف عليه اثنان، بما يخلص إلى حقيقة تاريخية لا يجادل فيها دارس علم، وهذا ممكن ومتوفر في مصادرنا التاريخية، وليس مجرد الرواية عند الطبري أو البلاذري أو اليعقوبي، فإن هؤلاء وغيرهم قد رووا ولم يجزموا بصحة كل ما رووه، إنما تركوا لنا ضرورة البحث في المادة التي رووها وفق قواعد علمية باتت معروفة.

يقوم علم التاريخ على أسس بحثية وفق صدق أسانيد الرواة وتسلسلهم من دون انقطاع، ووفق ضبط متن الرواية ونصها، من حيث تناغمها مع الأحداث التاريخية الثابتة قطعاً في القرآن وتواتر السنّة وكتب الأدب واللغة والأنساب والجغرافيا، وهي نصوص يقبلها العقل السويّ البعيد عن الهوى، ولا تنقضها بديهيات التاريخ ولا أصول العقل، أو تكون الحقيقة التاريخية وفق ما تمخضت عنه نتائج الأحداث، وما استقر منها في البنيان أو الأعمال، مما يتسق مع تسلسل التاريخ في مفاصله المجمع عليها بين شتى مدارسه.

يأتي مسلسل "معاوية" مع تراجع السعار المذهبي، الذي ساد عالمنا الإسلامي طوال عقد مضى من الاحتراب، فهل يهدف هذا العمل إلى تجريب طريقة أخرى في تسعير الخلاف، خاصة أن أحداث المسلسل تدور بالضرورة حول الصراع الذي اشتعل منذ اغتيال الخليفة عثمان بن عفان، حتى ملحمة الطف في كربلاء، مروراً بواقعة صفين وغيرها من الوقائع والصراعات، التي احتل فيها معاوية دوراً محورياً، فهل يمكننا تخيّل أن ينحى هذا العمل الدرامي منحى التحقيق العلمي في تناول هذه الأحداث؟

 يرجح أن يكتفي مسلسل "معاوية" بما أورده الطبري عن الراوي سيف بن عمر التميمي، ونعلم أن الطبري نقل عن عدة رواة في كل واقعة، بكل أمانة علمية، ليغطي كامل روايات المدارس التاريخية، ولكن الماكينة السعودية عبر مرجعيتها في الفتوى والجامعات والمراكز البحثية ودور النشر، أوغلت في النقل عن سيف بن عمر دون غيره، لأنه يقدّم الأحداث وفق تسلسل يناسب ما تواطأت عليه هذه الماكينة، بخلفيتها السياسية كعائلة تحكم بالوراثة والاستبداد، رغم إجماع مختلف تراجم الرجال المعتمدة في علم الجرح والتعديل على اعتبار هذا الراوي كاذباً، بل زنديقاً يختلق الأحداث من مخيلته.

أمام هذا الخبث الدراميّ المخبأ لشهر رمضان، ما هو السبيل المرجو في احتواء تداعياته الفكرية والنفسية على مستوى العامة وأصحاب الأهواء ومتّبعي المشاريع الخبيثة؟ هل يكون بإصدار عمل دراميّ حادّ يعاكسه، ولكنه يجاريه في الطريقة، بِنيّة الانتقام الثأري، مثل إصدار مسلسل عن أبي لؤلؤة كما يتردد؟ أو النأي السلبي عبر تجنب الخوض في الأمر برمته؟

إن الرد على مسلسل "معاوية" بمسلسل مقابل، يحقق كامل أهداف العبث السياسي للجهة الراعية له، وهي غاية لا تخفى في دفع الأمة نحو مزيد من الاحتراب، خاصة أن منظومة هذه الأعمال، بما فيها المتحفزة للرد، لا تقف على الحقيقة التاريخية، ولا تنتج أعمالها ضمن أولويات بحثية ولا علمية، إنما هي تجاري مصالحها وما تدغدغ به عواطف عوامها، وما ينتج اصطفافات حادة قابلة لإدامة الصراع.

لم يعد تيار الزيف يلعب وحيداً في ميدان المعرفة، بكل تجلياتها السياسية، وبات هناك لاعبون يمتلكون كل أدوات المعرفة وتسخيرها في تعزيز الوعي التاريخي، وتنزيلها في صراعات الأمة مع أعدائها الحقيقيين، ولئن كان العمل الدرامي غير مؤهل لمعالجة الصراعات الحساسة في تاريخنا الإسلامي، حتى من زاوية الحقيقة التاريخية، نظراً إلى التداخل بين ما هو ديني وتاريخي في وعينا حتى كباحثين، بما يصعب تفكيكه في الدراما، فإن حلقات البحث ومنابر الفكر ومراكز النشر باتت مؤهلة وقادرة على تقديم رواية تاريخية ناصعة تتجاوز وضوح فتح خيبر وصمود حُنين، لما هو تبيّن الخيط الأبيض من الأسود، بين العدالة والبغي أو الحقيقة والشطط. 

المصدر :الميادين