
emamian
هل ستعيد إيران النظر في المفاوضات النووية؟
أعلن عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني عن عقد اجتماع طارىء لهذه اللجنة بشأن اجتماع مجلس المحافظين بحضور المسؤولين المعنيين.
وقال فداحسين مالكي، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإسلامي الإيراني، سيتم عقد اجتماع طارىء لهذه اللجنة بشأن اجتماع مجلس المحافظين بحضور المسؤولين المعنيين، مساء الأربعاء في مقر لجنة الأمن القومي بالبرلمان وبحضور مسؤولين من منظمة الطاقة الذرية ووزارة الخارجية.
وتابع: سيتم في هذا الاجتماع بحث التصريحات الأخيرة للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول برنامج إيران النووي ومحاولات الدول الأوروبية الثلاث في الاجتماع الفصلي لمجلس المحافظين حول إيران.
وكان رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني قد صرح، اليوم الثلاثاء انه إذا صدر قرار عن مجلس محافظي الوكالة الذرية سنعيد النظر في المفاوضات النووية.
مفهوم الحُب لدى الشباب
محمد حسن غانم*
ما هو الحب؟ وهل من الممكن تصوّر الحياة من دون حب؟ وهل الحب شكل واحد أم عدّة أشكال؟ وهل يتطوّر الحب مع تطوّر نمو الإنسان؟ وهل هناك علاقة بين الحب والصحّة الجسدية والنفسية للشخص؟ وما مفهوم الحب لدى شباب اليوم؟ وهل يختلف مفهوم الحب عند جيل الآباء عنه عند جيل الأبناء؟ وهل يتأثّر الحب بما يحدث في المجتمع من تغيرات أم أنّ الحب (عاطفة مستقلة) لا دخل لها بما يمرُّ به المجتمع من تطوّرات؟ أسئلة كثيرة سنحاول الإجابة عنها في هذا المقال"
- ما هو الحُب؟
تتعدَّد التعريفات التي قدّمت لمفهوم الحب.. مثلاً أنّه إنفعال من السعادة والسرور والحبور، أو حين يرى الشخص الذي يحبّه يشعر بالراحة. والحب أيضاً نوع من الرِّضا عن الذات والرِّضا عن الآخر، والحب أن تحقِّق أهدافك وأن ترى سعادتك حين تنجح في تخفيف آلام الآخرين وتسعدهم، ولعل عاطفة الأُمومة خير مثال على ذلك. والحب أن تكون لديك الإرادة وأن ترتبط بالحياة وأن تشعر بأن وجودك مهم لحياة ولسعادة أشخاص آخرين، كما أنّ الحب يعني أن تنجح في التخلص من عيوبك وسلبياتك وأنانيتك، وأن تنجح في البحث عن (نصفك الآخر) في الحياة. ذلك لأنّ (النجاح في الإختيار للزواج) مهم جدّاً لإبراز حقيقة السواء النفسي للشخص، لأن من ضمن التفسيرات التي تقدم لموقف بعض الأشخاص الذين يعزفون عن الزواج هو أنّ نرجسيتهم متضخمة، ويهيم عشقاً وحبّاً لذاته مما يجعله يرفض التنازل عن جزء من الذاتية لكي تندمج في ذاتية الآخر (من خلال الزواج)
- وظائف الحب
نستطيع أن نحصر وظائف الحب وفائدته للإنسان في النقاط الآتية:
1- الحب يُنشِّط دافعية الشخص، ولذلك الشخص المحب مثالاً للإنجاز والعزيمة والإرادة لتحقيق الأهداف.
2- الحب يُنشِّط العمليات المعرفية، والعمليات المعرفية كثيرة مثل (الإدراك، الفهم، التفكير، التخيُّل، التصوُّر، الإبداع، ... إلخ)، ولذا فإنّ الشخص المحب نجد طاقاته العقلية تعمل إلى أقصى درجاتها، وقادراً على مواجهة المشاكل.
3- الحب يُنشِّط العلاقات الإجتماعية بين الشخص المحب والأشخاص الآخرين، فيسعى إلى التفاعل الخلاق معهم، وأن تكون علاقاته معهم علاقات متوازنة سوية.
4- الحب يعمل على تحقيق أهداف الشخص، بل ويجعل للحياة هدفاً – عكس حال الشخص الذي لا يحب أو المكتئب حيث العزلة والإنطواء وفقدان الأمل في كل شيء مما قد يؤدِّي به إلى الإنتحار – وأنّ الحياة إرادة ويجب أن نترك الحياة أفضل مما أتينا إليها.
5- الحب يُحقِّق تكامل الجسد، حيث دلّت الملاحظات الإكلينيكية والتجارب المستمدة من ميدان الطب النفسي على أنّه إذا قامت في سبيل التنفيس عن الإنفعال عوائق صادرة من البيئة، أو من عقائد الإنسان وأوهامه، فإنّ نضالاً يقوم في النفس لا يلبث أن يقف منه صاحبه موقف النعامة من الخطر الذي يهدِّدها، وهذا ما يحدث مع الإنسان، إذ إنّ عدم تعبيره عن الإنفعالات ينعكس على جسده، فيصاب العديد من الأمراض التي قد تودي بحياته إلى النهاية سريعاً.
6- الحب يؤدِّي إلى الصحّة النفسية للفرد، لأنّ الحب يلعب دوراً أساسياً في صلابة الجانب النفسي وصحّته وسوائه، ويكفي أن نعلم أنّ فرويد (مؤسِّس مدرسة التحليل النفسي) قد ذكر أنّ الصحّة النفسية تعني قدرة الشخص على الحب (بشقيه الشهوي والحنون) والقدرة على العمل المنتج مع الآخرين.
7- الحب وسواء السلوك، حيث وجدت العديد من الدراسات النفسية أنّ الشخص الذي يحب نفسه ويحب الآخر ويحب الحياة، إنّما يبتعد تلقائياً عن أنواع السلوكيات كافة التي من الممكن أن تُدمِّر الذات، حيث لا يقبل مثلاً على التدخين أو الإدمان أو الكذب أو السرقة أو أي سلوك مخالف للعادات والتقاليد الإجتماعية (لأنّ التدخين كمثال إنّما هو دمار وعدوان يصبه الشخص على ذاته)، ولماذا يفعل الشخص المحب ذلك بنفسه وهو في (تناغم وانسجام وتوافق وتآزر مع ذاته ويعلم أنّها أمانة وأنّه مسؤول عن هذه الأمانة فيحافظ عليها)؟ ولذا تتلاشى أنواع السلوكيات (المؤذية للذات) كافة لدى الأشخاص الذين يحبّون ذواتهم بصورة معتدلة ومتوازنة.
8- الحب إكسير الحياة، حيث أشارت العديد من الدراسات إلى أنّ التوافق الزوجي إنّما يكمن وراء ما يُسمّى بـ(هرمون الحب)، وأنّ هذا (العزف الرائع للهرمون والغعدد بين كلا الزوجين المحبين) يقود إلى حالات من الوجد، فتنشط أجزاء حسده، وينشط الجسد في طرج السموم ومقاومة الأمراض، بل يصبح أكثر رهافة بإحساس ومشاعر الآخرين ويحرص على عدم (جرح مشاعرهم). ولا شكّ في أنّ مَن يفتقد الحب يفتقد الأشياء الجميلة الرائعة كافة التي ذكرناها آنفاً.
- مظاهر الحب
هل الحب له مظاهر وعلامات تستطيع أن تستدل عليه من خلالها، أم أنّ الحب يظل (محبوساً ورابضاً في خلايا القلب فلا يعرفه حتى صاحبه)؟
في الواقع، أنّنا نستطيع رصد الحب من خلال نوعين من المظاهر:
أ) المظاهر الخارجية للحب، نستطيع أن نستدل على الحب من خلال المظاهر الآتية:
1- ملامح الوجه: يعد الوجه أهم منطقة لإصدار تعبيرات غير لفظية، ورغم أنّ فسيولوجيا الوجه تعتمد على أساس فطري لدى الإنسان، إلا أنّها تتشكّل وفقاً للثقافات المختلفة. وعلى الرغم من تعلُّم الإنسان كيف يتحكّم في تعبيرات وجهه أو كيف يُعبِّر عن نفسه من خلال تعبيرات الوجه، وجدت العديد من الدراسات أنّه على الرغم من صراحة التدريب والتحكُّم في تعبيرات الوجه، إلا أنّ مشاعر الحب – خاصة – لا يستطيع الشخص إخفاءها، وأنّ تعبيرات الحب تظهر جلية على صفحة الوجه.
2- التعبير بنظرة العين: أوضحت العديد من نتائج البحوث التجريبية أنّ إشارات أو لغة العيون يمكن أن تعكس العديد من حالات الإنفعال لدى الفرد، وأنّ الشخص المحب لشخص آخر ينظر دوماً إليه أطول مدة، بل نجده (يديم النظر) وهو يتحدّث إليه، وربّما يتبادلان من خلال لغة العيون أحاديث كثيرة لا يفك شفرتها إلا هما، ونذكر جميعاً الأغنية التي تقول فيها سيِّدة الغناء العربي: "مدام تحب بتنكر ليه ذا اللي يحب يبان في عنيه".
3- الصوت: رصدت العديد من الدراسات التجريبية أنّ الصوت وحدّته في التغيُّر في النبرة إنّما تحدث لدى الشخص حين يتحدّث مع شخص آخر يحبّه، ولذا نجد المحبين يتبادلون الحديث همساً، لدرجة أنّك لو عبّرت لصيقاً بهم لن تسمع شيئاً.
ب) المظاهر الداخلية للحب:
ما سبق هو علامات خارجية نستطيع رؤيتها وتحديد مسارها، إلا إنّ الحب له العديد من المظاهر الداخلية من خلال كم التغيُّرات الفسيولوجية التي تحدث لدى الشخص المحب، فقد وجدت الدراسات أنّ الشخص (الذي في حالة حب) ومن خلال تحليل الدم تحليلاً كاملاً، وجد الآتي:
- زيادة محسوسة في عدد كريات الدم البيضاء
- تغيُّر ونقص في اللزوجة الدموية
- إرتفاع ضغط الدم
- سرعة النبض
وليس هذا فحسب، بل يرى البعض أنّ الشخص حين يتجه بحبّه إلى شخص آخر، فإنّ هذا الشخص الذي أحبّه تنبعث منه أشعة (مرئية أو غير مرئية) رنانة، أو ذات رائحة، هذه الأشعة قادرة على أن تجتاز الحواس والمجموعة العصبية، فتحدث أثرها في غدة معيّنة أيّاً كانت، ولما كان متعذراً أن يتفق جسم في تكوينه مع جسم آخر، فالنتيجة الحتمية هي أنّ الأنشطة المنبعثة تتجه إلى الشخص الذي أحبّه، فيشعر بي وأنا وسط هذا الزحام ويتجه إلي بخطوات واثقة رغم أنّه لم يرني، أو قد يدخل مكاناً فجأة لأنّه استشعر أنّني موجود به، رغم أنّني لم أبلغه بوجودي في هذا المكان. ورغم الزحام والتكدس بالآخرين، إلا أنّهم بإستثناء محبوبي لا يكون لهم أي تأثير لدي.
وسوف نشير سريعاً إلى بعض الإستنتاجات التي خرجنا بها من دراسة إستطلاعية لنا:
- إنّ إجابات عينة الإناث جاءت محملة بقدر من النضج والإستبصار، حيث تحدثن عن معنى الحب وأنواعه والأحاسيس والمشاعر الجميلة والإحتياجات التي يشبعها الفرد من خلال الحب.
- في حين جاءت إجابة عينة الذكور لتعكس نظرة واقعية للأُمور، إذ جاءت العديد من الإجابات ترفض مثلاً هذا الحب للفتاة، ولماذا أشغل نفسي بالحب وقضاياه وأنا لا أملك الإمكانات التي تحقِّق لي طموحاتي من خلال الإقتران وبناء منزمل مستقل وتحمل المسؤولية، وذكر البعض أنّ الحب هو الزواج، وأن توفِّر له الزوجة الطعام الذي يحبّه، في حين جاءت إجابات البعض تحصر الحب في تأصيل أطر محددة يجب أن يتمتع بها جسم الفتاة.
- جاءت إجابات العديد من الفتيات تسخر من حب بعض الأولاد الذكور لهنَّ، وأنّهم يعزفون على كلام معسول، ولتف نظرهنَّ، وإعجاب بجسدهنَّ فقط، مما قد يؤدِّي إلى التورط في (الزواج العرفي) مثلاً.
- في حين جاءت إجابات الذكور لتعكس جانباً واقعياً عن كيف ينظرون إلى الحب، وأنّ مجرد العلاقة مع الفتاة تشبعه نفسياً من خلال (تظاهره) أمام الآخرين أنّه يعرف (بنت) أو (بنات) وهذا يرفع من درجة (البرستيج) له في شلته، وأن لفت نظر الفتاة به يجعله مستفيداً من هذه العلاقة من حيث إمكان (تبادل) المحاضرات أو الكتب الدراسية أو حتى (حجز) مكان متقدِّم له في المحاضرة.
- اتّفقت عينة الدراسة على أنّ الحب في مرحلة المراهقة مآله الفشل خاصة مع إستمرار سنوات الدراسة، ثمّ فترة أو مرحلة تكوين الذات من خلال البحث عن عمل.. وتكاليف الزواج... إلخ.►
* أكاديمي وباحث ومعالج نفسي من مصر
قوات الاحتلال الإسرائيلي تغلق المصلى القبلي بالسلاسل تزامنا مع اقتحام مئات المستوطنين باحات المسجد الأقصى
قوات الاحتلال تؤمن اقتحام المستوطنين المسجد الأقصى المبارك
اقتحمت 13 مجموعة من المستوطنين اليهود باحات المسجد الأقصى المبارك صباح اليوم الأحد، وذلك استجابة لدعوات أطلقتها منظمات إسرائيلية لاقتحامه يومي الأحد والاثنين.
وأمّنت قوات الاحتلال الإسرائيلي الحماية لمجموعات المستوطنين الذين وصل عددهم إلى 500 شخص، خلال عملية الاقتحام، كما قامت بإغلاق المصلى القبلي بالسلاسل تزامنا مع اقتحام المستوطنين باحات المسجد الأقصى المبارك، واعتقلت شابا فلسطينيا من داخل الباحات وأبعدت آخر.
وكانت جهات ومنظمات يهودية متطرفة -تطلق على نفسها "منظمات الهيكل"- دعت إلى اقتحامات واسعة اليوم الأحد، في ما يعرف بـ"عيد البواكير" أو "الحصاد" اليهودي، وذلك بعد أسبوع من تنظيم ما تسمى "مسيرة الأعلام" في القدس المحتلة.
في المقابل، كانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ورابطة علماء فلسطين دعتا الفلسطينيين إلى الرباط في المسجد الأقصى لإفشال المخططات الإسرائيلية الرامية إلى تهويده.
وبالتزامن مع الاقتحام، هتف المرابطون في الأقصى بالتكبير، كما شرعوا في إقامة صلاة الضحى في الساحات الخارجية لتقييد حركة المستوطنين.
دعوات فلسطينية
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية إنها تدين "بأشد العبارات اقتحامات غلاة المتطرفين اليهود وعناصرهم الإرهابية وجمعياتهم الاستيطانية للمسجد الأقصى"، ورأت أن الاقتحامات مفروضة بقوة الاحتلال، ولن تصبح جزءا من الواقع التاريخي والقانوني القائم بالأقصى.
وحمّلت الخارجية الفلسطينية الحكومة الإسرائيلية -برئاسة نفتالي بينيت- المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الاقتحامات، وحذرت من مخاطرها، ورأت أن إسرائيل تغلق الباب أمام العملية السياسية وتعمق كيانها اليهودي الإرهابي في الضفة.
وأكدت أن مليشيات المستوطنين بالضفة تتحكم في الأمور وعمليات التطهير العرقي برعاية منظومة عسكرية.
بدورها، أكدت حركة حماس أن حماية الأقصى واجب وطني وديني، وأن استمرار اقتحامه محاولات يائسة لتهويده ضمن مخططات الاحتلال لتثبيت التقسيم الزماني والمكاني.
كما دعت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) الفلسطينيين إلى الرباط في ساحات المسجد للتصدي للمستوطنين، مطالبة المجتمع الدولي والمنظمات الأممية بالوقوف عند مسؤولياتها لمنع محاولات الاحتلال فرض واقع جديد في مدينة القدس المحتلة.
ونشرت وسائل إعلام فلسطينية على منصات التواصل مقطع فيديو وصورا تظهر رفع طفلين علم فلسطين في وجه المستوطنين، تزامنا مع اقتحام ساحات المسجد الأقصى.
وأظهرت مقاطع فيديو -نشرتها وسائل إعلام محلية فلسطينية- أداء عدد من المستوطنين طقوسا تلمودية، من بينها ما يعرف بـ"السجود الملحمي" (الانبطاح)، في ساحات المسجد الأقصى.
ويأتي هذا التطور بالتزامن مع الذكرى 55 لما يُعرف عربيا باسم "النكسة"، أو حرب عام 1967، التي انتهت بهزيمة إسرائيل للجيوش العربية، واحتلالها مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية والمصرية والسورية.
المصدر : الجزيرة
فن التحدث والإنصات
اعلم جيداً أنّ الذي يتحدث إليك يكتشف عدم انتباهك أو عدم فهمك أو عدم متابعتك لكلامه. وأنّه يستاء جداً من ذلك. أنّ بعض الناس بكلّ أسف لا يستمعون إلى ما يقال لهم بقدر"سرحانهم" في إعداد ما سيقولونه في أول فرصة يستطيعون اقتناصها لمقاطعة المتكلم. أن هؤلاء الناس لم يتعلموا فن الإنصات، بل إن قدرتهم على الإتصال بالناس سوف تظل ضعيفة، وسوف يستمر الناس في تجنب لقائهم وتوجيه الحديث إلى غيرهم اذا جمعهم واياهم مجلس واحد.
وترتبط القدرة على الكلام بالقدرة على الاستماع. وينبغي لنا أن ندرك جيداً أن القدرة على الكلام لا تقاس بكثرته بل بنوعيته. وهناك إلى جانب حسن الإنصات شروط أخرى بنبغى أن يتمكن منها المرء تماماً حتى يتسنى له بعد ذلك أن يصير متحدثاً لبقاً.
يجب أن يحس المتكلم بحاجة المستمع إلى ما يقوله. وهناك في الواقع أشخاص لديهم قدرة فائقة على إثارة المستعمين بطريقتهم الخاصة، بينما هناك أشخاص آخرون لا يحب أحد الاستماع إليهم على الإطلاق مهما أوجزوا في كلامهم.
والمتحدث اللبق يفهم ما يقوله فهماً جيداً. فهو لا يلقى الكلام على عواهنه ولا يذكر شيئاً كحقيقة إلا إذا كان موقناً بصحته. إنك عندما تكتشف أن المتكلم يناقض نفسه أو أنه لا يفهم أو يدرك ما يقوله فهماً وإدار كاً واعياً مدققاً، فإنك سرعان ما تفقد ثقتك فيه وتأخذ في الإنصراف عنه أو قد تجامله بالتظاهر بالإهتمام بما يقوله تأدباً منك فحسب.
والمتحدث اللبق لا يقاطع غيره من المتحدثين وإنما ينتطر حتى يصل غيره الى نهاية مراده من الكلام، ثم يبدأ هو في التعبير عن خلجاته وأفكاره. لا تعتقد أنك تفهم ما لا يستطيع غيرك فهمه، ولا تتعجل في عرض طرائفك وحججك وآرائك. إنك ستأخذ حظك من الكلام قطعاً. وحتى اذا لم تنل حظك في هذه الجلسة أو في تلك الزيارة، فلسوف تنال حظك في جلسة أو زيارة قادمة.
والمتحدث اللبق لا يعرف المقدمات والحواشي وبين قوسين فيما يقول. إنه ذلك الشخص الذي يستخدم الأسلوب المباشر. ولكن هذا لا يعني أن الشخص اللبق يأخذ في التكلف فيستعين بالإسلوب المنطقي الذي لا يعرف الطلاوة والجمال. إن العكس هو الصحيح. ذلك أن المتحدث اللبق يستطيع استشفاف مواطن اهتمام المستمعين فيأخذ في التركيز عليها، بينما هو يعرف عن الجوانب التي يجدهم لا يأبهون بها ولا يعيرونها كثير اهتمام. إن المتحدث اللبق أشبه مايكون بالغني أو الموسيقار الألمعي الذي يؤكد على ما يأخذ بلب المستمعين فيعيده أو يأتي بما يشابهه، بينما هو يوجز في تقديم الألحان التي لا تلقى الاستحسان الكافي.
والمتحدث اللبق يتجنب اللوازم فيما يسوقه من كلام. واللازمة قد تكون كلمة أو اشارة أو حركة تتكرر بمناسبة في حديث الشخص. فتجد بعض الناس يستخدومون كلمة "مثلا" بين كل وأخرى. أو يمطون شفاههم أو يهزون أحد الكتفين أو يحركون أيديهم بطرقة رتيبة منفرة أو يهزون أرجلهم بطريقة معينة وما إلى ذلك من لوازم تسيطر عليهم ولا يستطيعون السيطرة عليها. لقد كان المفروض أن تكون الكلمات والاشارات والحركات طيِّعة وخاضعة لسلطان المتكلم يستعين بها في الإبانة عن أفكاره ومشاعره، ولكنها في بعض الحالات – وهي حالات كثيرة بالأسف- تأخذ بناصية الشخص بحيث لا يستطيع الفكاك منها والتخفف من وطأتها.
وعلى الرغم من يأس الكثيرين من أمكان التخلص مما أصابهم من لوازم لفظية أو حركية، فإن الواقع يقول لنا إن بامكان كلّ إنسان أن يعدل من سلوكه بالتخلص من لوازمه إذا هو اتبع الطريق السليم للعلاج.
وأول خطوة في علاج داء اللوازم اللفظية والحركية هي تحديد تلك اللوازم وذلك بطريق أحد الأصدقاء أو المقربين اليك. ذلك أن كثيراً من الناس لا يدر كون ما أصابهم من لوزام وإن كانوا يحسون بإنصراف الناس عنهم أو التبرم بأحاديثهم.
وبعد الوقوف على ما أصبت به من لوزام، عليك أن تبدأ بواحدة منها فقط للقضاء عليها. إنك لا تستطيع أن تهاجم أعداءك جميعاً دفعة واحدة وإلا هُزمت في ساحة الوغى. فالحكمة تقتضيك أن تنفرد بعد واحد من أعدائك وتأخذ بخناقه وتأتي عليه حتى يلفظ أنفاسه. إنك تستطيع القضاء على لازمة واحدة في الوقت واحد. نعم قد يأخذ منك ذلك وقتاً طويلاً وقد يتطلب منك تركيز انتباهك فيما تقول أو تعمل. ولكن ثق أنك لن تندم على ما تبذله من وقت وجهد، بل إنك سوف تحس السعادة الغامرة بعد أن تبلو من مرضك. ذلك أن الإصابة باللوازم لا يعدو أن يكون مرضاً مما يصيب الشخصية يجدر التخلص منه بأسرع وقت ممكن.
الكاتب: يوسف ميخائيل أسعد
المصدر: كتاب شخصيتك بين يديك
دولة عربية تعتزم حذف مادة "الإسلام دين الدولة" من دستورها الجديد!
صرح رئيس الهيئة الاستشارية لصياغة الدستور الجديد في تونس، الصادق بلعيد، أن مسودة الدستور الجديدة، "لن تتضمن ذكر الإسلام كدين للدولة''.
وحسب موقع سبوتنيك، قال بلعيد إن "إلغاء الفصل الأول من الدستور الذي يتحدث عن الإسلام كدين للدولة، يهدف للتصدي للأحزاب ذات المرجعية الإسلامية".
وأضاف أن 80 في المائة من التونسيين ضد التطرف وضد توظيف الدين من أجل أهداف سياسية، وهذا ما سنفعله تحديدا وسنقوم بكل بساطة بتعديل الصيغة الحالية للفصل الأول، وهناك إمكانية لمحوه".
وختم: "لدينا أحزاب سياسية أياديها متسخة، ونحن لن نقبل بأشخاص وسخين في ديمقراطيتنا".
وتابع: " يوجد أحزاب تخدم الكثير من القوى أو الدول أو الدويلات الأجنبية التي تمتلك أموالا كثيرة وتريد إنفاقها كما يحلو لها، وتوظفها للتدخل في شؤون الدول… هذه خيانة".
وتعاني تونس منذ 25 يوليو الماضي أزمة سياسية حادة، حين بدأ سعيّد فرض إجراءات استثنائية منها تجميد اختصاصات البرلمان -الذي قرر حلّه في نهاية المطاف- وإقالة الحكومة وتعيين أخرى، وإصدار تشريعات عبر مراسيم رئاسية.
تونس.."قيس سعيد" يعين 13 واليا جديدا
أصدر الرئيس التونسي قيس سعيد، مساء يوم أمس، مرسوما بتعيين 13 واليا جديدا في البلاد.
شوشمل القرار تعيين منذر سيك علي، محافظا للمنستير "وسط"، وخالد النوري محافظا لأريانة، ومحمد العش، محافظا لزغوان، ونبيل الفرجاني، محافظا لسوسة الساحلية ورضا الركباني محافظا للقصرين.
كما عين الرئيس التونسى حافظ الفيتوري محافظا لتطاوين، وعبدالحليم حمدي، محافظا لسيدي بوزيد، وسمير كوكة، محافظ لجندوبة وصباح ملاك، محافظة لنابل".
كما نص المرسوم الرئاسي على تعيين مصباح كردمين محافظا لقابس، ووليد العباسي محافظا لسليانة شمال غرب، وفاخر الفخفاخ، محافظا لصفاقس .
وفي أغسطس الماضي، عين الرئيس سعيد أربعة ولاة في محافظات بن عروس ومدنين وصفاقس وقفصة، واعفى 6 ولاة من مناصبهم بسبب انتماءاتهم الإخوانية.
جاء قرار الرئيس التونسي على أثر الفراغ الذي كانت تعرفه البلاد في محافظات زغوان، وسيدي بوزيد، وقابس والمنستير، ومدنين، وصفاقس.
فيما اختلفت أسباب الإقالات من محافظة لأخرى وتعود البعض منها إلى وجود قضايا ومتهمين آخرين تم الاستماع إليهم في قضية إيقاف محافظ سيدي بوزيد السابق، بتهمة فساد والبعض الآخر بتهم الولاء الحزبي لجماعة الإخوان.
وانطلقت، قبل يومين أولى جلسات الحوار الوطني في دار الضيافة بقرطاج التونسية وسط إعلان بعض المدعوين المشاركة فيه وقبول آخرين.
تربية الطفل والتفكير العلمي
د. بركات محمد مراد
ولد التفكير العلمي عندما قرر الإنسان أن يفهم الظواهر المحيطة به كما هي بالفعل وليس كما يتمناها، وأنّه قبل ذلك كان يواجه الواقع من دون أن يتدخل لتغيير هذا الواقع، وهو تفكير بدائي لأن مواجهة الواقع تحتاج إلى إعمال العقل والنظر إلى الظواهر المختلفة للوصول إلى نتيجة مقنعة قائمة على التجربة والدليل والحجة والبرهان، ذلك أنّه من أكبر المعوقات التي كانت تقف عقبة كأداء أمام التفكير المنطقي هي أنّ الإنسان كان يعيش بأسلوب غير علمي. ويتميز أسلوب التفكير العلمي بأنّه يقرأ ما بين السطور وما بين الأرقام لاتخاذ القرار الصائب في الوقت المناسب، وقد أفرز هذا الأسلوب تغيرات كوكبية هائلة ومتلاحقة، كان من أبرز معالمها ثورة المعلومات، والغزو الفضائي، وثورة الاتصالات، والهندسة الوراثية، وظهور المذاهب العقلانية، ووجد الإنسان نفسه بذلك أمام حضارة إنسانية جديدة. وعامة ينسب التفكير العلمي إلى المشتغلين بالعلم الطبيعي، ويراد به كل دراسة تصطنع منهج الملاحظة الحسية – والتجربة العلمية إن كانت ممكنة – وتتناول الظواهر الجزئية في عالم الحس، وتستهدف وضع قوانين لتفسيرها، وذلك بالكشف عن العلاقات التي تربط بينها وبين غيرها من الظواهر، وصياغة هذه القوانين في رموز رياضية، للسيطرة على الطبيعة والإفادة من مواردها وتسخير ظواهرها لخدمة الإنسان في حياته. وفي الواقع، إنّ العلم متى تيسر له الكشف عن العلاقات التي تقوم به بعض الظواهر وبعضها الآخر، أمكنه أن يتنبأ مقدماً بوقوع الظواهر أو اختفائها، فإذا عرف الحرارة أو الضوء الكهربائي على النحو السالف الذكر، تسنى له أن يولده متى أراد، وأن يمنع وجوده متى شاء، وأثر هذا في الحياة الإنسان أمر لا يخفى على أحد. وهذا المنهج الذي يكشف عن العلاقات الحقيقية بين بعض الظواهر وبعضها الآخر، يمنع من التسليم بالخرافات والخوارق والأساطير والقوى الخفية الخارقة، لأن مرد جميعها إلى الاعتقاد بوجود علاقات وهمية أو عرضية بين بعض الظواهر أو كلها من الأمور التي لا يمكن التثبت من حقيقتها بالرجوع إلى الواقع الحسي، وهو في العلم الطبيعي مقياس الصواب والخطأ، ومعيار الحق والباطل. الطفل والتفكير العلمي: يرى "جان بياجيه Jean Piaget" أنّ الطفل قبل سن الحادية عشرة أو الثانية عشرة غير قادر على التفكير القائم على التعليل المنطقي، وهو يبدأ بالتدرب على هذا النوع من التفكير بعد ذلك. ويوصف تفكير الطفل قبل هذه السن بأنّه تفكير قائم على التعليل الحسي الذي يربط ما هو مادي بظواهر أخرى خارجية. والطفل في مرحلة الطفولة المتوسطة يعد بصريّاً في تفكيره أوّلاً، أي أنه يستعين بالصور البصرية إلى حد كبير، ومع ذلك فإن هناك دراسات عدية أثبتت أنّ الأطفال في مرحلة الطفولة المتوسطة يفكرون في موضوعات عن علاقات متعددة ولكنها ليست ذات صفة معقدة. وبوجه عام فإنّ الطفل لا يصل إلى التفكير المعنوي المجرد إلا بعد هذه السن، إذ يبدأ هذا النوع من التفكير بالتبلور ابتداء من مرحلة الطفولة المتوسطة، ويزداد تبلوراً في الطفولة المتأخرة. وعند الحديث عن تفكير الأطفال يقال دوماً إنّه يراد للأطفال أن يفكروا تفكيراً سليماً.. وهذا يقود إلى التنويه بأن هناك أساليب تفتقر إلى السلامة. ومن هذه الأساليب التفكير الخرافي الذي تعزى من خلاله الظواهر والمشكلات المختلفة إلى أساليب وعوامل شائعة لم يتم التحقق من صحتها، أو لم يتم التحقق من كونها خاطئة. أمّا الأسلوب الثاني من أساليب التفكير وهو التفكير التسلطي، أو التفكير بعقول الآخرين فهو يقوم على استيحاء الفرد تفكيره من أساليب الآخرين وإخضاع تفكيره لهم. وهذا يعني أنّ الفرد يلغي تفكيره بشكل شعوري أو لاشعوري جزئياً أو كليّاً، وهنا قد يخضع الفرد تفكيره لأسلوب جماعة من الجماعات أيضاً دون أن يتيح لنفسه التفكير إلا في حدود ضيقة. أمّا التفكير الذي يعتمد على إقناع الفرد لنفسه بعد تردد أو شك أو حيرة بكلمات لفظية تأثراً بالداء المسمى داء اللفظية (Verbalism)، فيمكن أن نطلق عليه اسم التفكير اللفظي، حيث يستعين بالكلمات المؤثرة دون الأفكار للاستدلال. وعلى هذا فإن تنشئة الأطفال على نبذ أساليب التفكير الخرافي والتسلطي واللفظي، وطبعهم على التفكير العلمي يُعد مطلباً تربويّاً أساسيّاً. والمقصود بالتفكير العلمي هنا ليس تفكير العلماء، لأنّ العلماء يخضعون ظاهرت في مجالات متخصصة لهذا النمط من التفكير بقصد حل المشكلات أو تفسيرها أو التنبؤ بما يمكن أن تؤول إليه، ويستعينون بلغة متميزة للتعبير عن نمط تفكيرهم، ويتبعون مناهج معينة ويتوسلون بأدوات وطرق محددة للوصول إلى الهدف. أمّا التفكير العلمي المطلوب إشاعته بين الأطفال فهو طبع الأطفال على الحكم على المسائل والمشكلات بوعي شامل استناداً إلى ضوابط معيّنة، وليس هناك ما يجعل هذه الضوابط حكراً على العلماء دون غيرهم، أو الراشدين دون الأطفال – إذا ما استثنينا بعض الفوارق في الدرجة – خصوصاً وأنّ التفكير العلمي هو نشاط ذهني يراد أن يظل قائماً ليس في النظر إلى الظواهر المختلفة التي أصبحت موضع اهتمام العلوم، بل يتعداه إلى مختلف مسائل الحياة اليومية. وبالإضافة إلى ذلك، فإننا نريد لتفكير الأطفال أن يكون غير جزافي، وأن يمضي في خطوات معتمدة على بعضها، وأن يكون هادفاً، ودقيقاً، ومرناً، وبعيداً عن الجمود وغير قائم على التعصب، وأن يكون واقعيّاً... وهذه السمات هي خصائص للتفكير العلمي عموماً. وترافق توجيه الطفل نحو التفكير العلمي ظواهر عدة أبرزها غرس اتجاهات لقبول نتائج الفكر العلمي، واتجاهات البحث عن الأسباب الحقيقية للظواهر وتنمية حب الاستطلاع في جوانب الحياة ذات القيمة المرغوب فيها، وبناء الآراء استناداً إلى أدلة كافية. وتؤثر البيئة الثقافية التي ينشأ فيها الأطفال تأثيراً كبيراً في أساليب وأهداف ومستويات التفكير لديهم، حيث إنّ هذه البيئة تزود الأطفال بالخبرات التي تعد المعين الأوّل للتفكير، وتشكل أنواع الحوافز والمواقف المثيرة لتفكيرهم، يضاف إلى ذلك أن حاجات ودوافع وميول وعواطف الأطفال تؤثر هي الأخرى في تفكيرهم، وعلى هذا ففي الوقت الذي يعتبر التفكير نشاطاً ذهنيّاً إلا أنّه يتحدد بالثقافة إلى حد كبير، حيث تبسط الثقافة ظلها عليه، وعليه فإنّ الثقافة التي تشيع تفكيراً لفظيّاً، والثقافة التي تشيع فيها الخرافات تنشر تفكيراً خرافيّاً، بينما تشيع الثقافة التي تغلب فيها القيم العلمية تفكيراً علميّاً. والتفكير باعتباره نشاطاً سلوكيّاً ذهنياً لمواجهة المواقف والمشكلات يصاحب عمليات الاتصال الثقافي عادة، ويمكن القول إنّ فهم أي معنى من المعاني أو اكتساب أي خبرة أو مهارة يستلزم تفكيراً باستثناء بعض المعاني وأنماط السلوك التي يقبلها الطفل (أو الراشد) متأثراً بعملية الإيحاء (Suggestion) التي تعني أن يتقبل الفرد الأفكار دون أن تتوفر أسباب منطقية تحمل على ذلك التقبل أو دون مناقشة أو تمحيص. التفكير العلمي والإبداع: إنّ الأفكار الجديدة الأصيلة تنبع عادة من عمليات التفكير العقلية التي تؤدي إلى الكشف والاختراع، كالتأمل والتصور والتبصر والتنبؤ والحدس والتخمين. وهي أفكار تحطم القوالب الموجودة وتخرج عن المألوف وتكسر النماذج الذهنية المفروضة. ويراد من هذه الأفكار سلوك طرق أخرى غير الطريق الرئيسة، وانفتاح على خبرات جديدة، ومباشرة أول خطوة نحو وضع خط فكري جديد وطرح بدائل مختلفة لمشكلة معروضة وإيجاد ما يؤدي إلى أمور أخرى جديدة، ومعرفة العلاقات بين الأفكار. ومن هنا فهناك نوعين من التفكير، أحدهما هو التفكير العلمي. التفكير ذو الاتجاه الواحد: يستخدم هذا النوع من التفكير في قياس التحصيل والذكاء، ويكون محدداً بجواب صحيح واحد في كل مرة، ويتضمن في العادة مشكلات منطقية، وبإعطاء مجموعة من الحقائق يتوقع التوصل إلى هذا الجواب الواحد المحدد. ومن أمثلة ذلك: عاصمة العراق... فالجواب الصحيح هنا: بغداد، ولا يقبل أي شيء غير هذا الجواب. ...=30 + 12 والجواب الصحيح هنا: 42، ولا يقبل أي شيء غير هذا أيضاً. التفكير ذو الاتجاهات المتعددة: لا يتضمن هذا النوع من التفكير جواباً صحيحاً واحداً، وبدلاً من ذلك يقود المرء إلى إجابات كثيرة، كأن يعطى الأفراد عدداً من الكلمات ويطلب منهم تكوين ما يستطيعون من جمل مفيدة خلال خمس دقائق على سبيل المثال، أو قطعة نثرية ويطلب منهم خلال فترة زمنية محددة أن يضعوا – قدر استطاعتهم – عناوين لها، أو أن يسألوا أسئلة متنوعة عنها، أو أن يقدروا أسباب حدوثها أو عواقبها. وفي هذا الخصوص ينقل لوثانس Luthans (1995) وفيلدمان Feldman (1997) استجابات طفل بعمر 10 سنوات لاستخدامات الجريدة المستعملة كمثال على التفكير ذي الاتجاهات المتعددة كما يلي: "تستطيع أن تقرأ الجريدة، تكتب عليها، تفرشها وتصبغ عليها، تضعها على الباب من أجل التزيين، تضعها في سلة المهملات، تضعها على الكرسي إذا كان الكرسي قذراً، إذا كان لديك كلب تضع الجريدة في صندوقه، أو تضعها في ساحة البيت الخلفية لكي يلعب بها الكلب، عندما تبني شيئاً وتريد ألا يراه الآخرون تلف حوله جريدة، تفرش الجريدة على الأرض إذا لم يكن لديك فراش، تستخدمها من أجل حمل شيء حار". والحقيقة أن نوعي التفكير مهمان إلا أنّ التفكير ذي الاتجاهات المتعددة له أهمية أكبر فيما بخص التفكير العلمي والابتكاري. أسس التفكير العلمي: وللتفكير العلمي أسس ومبادئ علينا أن نبصّر بها الطفل في مراحل نموه المبكرة، وفي ثنايا كتبه الدراسية، وفي معالجتنا لمقرراته العلمية. وأهم هذه الأسس: - البدء بتطهير العقل من معلوماته السابقة: فعلى الباحث منذ البداية أن يقف من موضوع بحثه موقف الجاهل، أو من يتجاهل كل ما يعرفه منه، وذلك حتى لا يتأثر أثناء بحثه بمعلومات سابقة يحتمل أن تكون خاطئة، فتقود إلى الضلال من حيث لا يدري. وعلينا تعليم الراشد أنّ العالم كالفيلسوف من حيث إن كليهما مطالب أن يطهر عقله منذ بداية البحث عن كل ما يحويه من معلومات حول موضوعه. وقد حرص كثير من فلاسفة المشرق وعلمائه على التنبيه إلى هذا، ومنهم البيروني في مؤلفاته العلمية والرازي في مؤلفاته الطبية. كما حرص فرنسيس بيكون العالم والفيلسوف الغربي على أن يُطهّر الباحث عقله من كل ما يقود إلى الغلط، ويعوق قدرته على التوصل إلى الحقائق، فحذره من الأخطاء التي تنشأ عن تسليمه بأفكار سابقة من مشاهير المفكرين والفلاسفة. - الملاحظة الحسية مصدر وحيد للحقائق: وعلينا أن نربي الطفل والراشد على أنّ الخبر الحسي مصدر وحيد للحقائق العلمية، مع التسليم بأن شهادة الآخرين مكملة لتلك الخبرة، وتعاون العلماء على البحث العلمي في صضورة فرق. وإذا كان الفيلسوف يتخذ العقل مصدراً للحقائق، ومعياراً للتثبت من صوابها، فإنّ العالم لا يستمد حقائقه إلا من الملاحظة الحسية، والتجربة العلمية إذا كانت ميسرة، ولا يمتحن صواب معرفته إلا بالرجوع إلى الواقع واستفتاء الخبرة الحسية. - موضوعية البحث ونزاهة الباحث: أوجب المحدثون أن يتوخى العالم الموضوعية في كل بحث يتصدى له، بمعنى أن يحرص على معرفة الوقائع كما هي في الواقع، وليس كما يتمناها. ويقتضي هذا إقصاء الخبرة الذاتية، لأنّ العالم قوامه وصف الأشياء وتقرير حالتها، ومحك الصواب في البحث العلمي هو التجربة التي تحسم أي خلاف يمكن أن ينشأ بين الباحثين. أمّا النزاهة فيراد بها إقصاء الذات، أي تجرد الباحث عن الأهواء والميول والرغبات، وإبعاد المصالح الذاتية ووجهات النظر الشخصية، وبالتالي فهي تقتضي إنكار الذات وتنحية كل ما يعوق تقصي الحقائق من طلب شهرة أو مجد أو استغلال للثراء، مع اعتصام بالصبر والأناة، وحرص على توخي الدقة حتى يتسنى للباحث أن يتم موضوعه في أمانة ومن غير تحيز، وكل ما يستلزم طاقة خلقية، وروحاً نقدية، فيتوخى الحق، ويتفادى إغراء الهوى، ويتفانى في تحري الحقائق وتمحيصها وفاء بحق الأمانة العلمية. وعلينا أن نبين للطفل دائماً أن مسيرة اكتشاف المنهج العلمي مسيرة طويلة، فلم يكتسب التفكير العلمي سماته المميزة، التي أتاحت له بلوغ نتائجه النظرية والتطبيقية الباهرة، إلا بعد تطور طويل، وبعد تغلب على عقبات كثيرة. وخلال هذا التطور كان الناس يفكرون على أنحاء شتى متباينة، ويتصورون أنها كلها تهديهم إلى الحقيقة، ولكن كثيراً من أساليب التفكير اتضح غلطها فأسقطها العقل البشري خلال رحلته الطويلة، ولم تصمد في النهاية إلا تلك الجوانب الأساسية، التي تثبت أنها تساعد على العلو ببناء المعرفة، وزيادة قدرة الإنسان على فهم نفسه والعالم المحيط به. ولا ننسى الآن أنّ العالم قد شهد تغيرات هائلة في مختلف جوانب الحياة الإنسانية، وأهم من ذلك أن ما يحدث من تغيرات في بلد ما يؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة في مجرى الحياة والأحداث في البلدان الأخرى. لقد أصبحنا نعيش في عالم صغير، تتضاءل حدوده وربما تتلاشى يوماً بعد يوم. فالأحداث السياسية والمنتجات الزراعية والصناعية والتقنية التي تقع في أي مكان من عالمنا، يترتب عليها تغيرات تتفاوت في شدتها وسرعتها من مكان إلى آخر على بعد آلاف الأميال عن مكان الحدث الأصلي، والفرد في مجتمع المعلومات لا يستطيع مهما بلغت طاقاته أن يسيطر على أكثر من جزء يسير جدّاً من الكم الهائل من المعلومات التي تتدفق عبر وسائل الاتصال المختلفة. وأمام هذا الواقع تبرز أهمية تعلم مهارات التفكير وعملياته، التي تبقى صالحة متجددة من حيث فائدتها واستخداماتها في معالجة المعلومات مهما كان نوعها. فهناك من يقول إنّ "المعارف على الرغم من أهميتها لكنها في وقت ما سوف تصبح قديمة، أمّا مهارات التفكير عامة، والتفكير العلمي خاصة، فهي تمكننا من اكتساب المعرفة واستدلالها بغض النظر عن المكان والزكان أو أنواع المعرفة التي تستخدم مهارات التفكير في التعامل معها". وعلينا أن نعي أنّ الالتزام بالفكر العلمي ليس حصيلة تلقائية للانتظام في الدراسة الشكلية، كما أن اجتياز كل المراحل التعليمية بشتى أنواعها ليس دليلاً على فهم المنهج العلمي ولا على قدرة التعامل ولا على الالتزام بحسن استخدامه. فالروح العلمية هي المستوى الأقصى والأرفع لمحاولات التعلم ولكن لابدّ من التأكيد على أنّه لا يتم اكتسابها تلقائيّاً من اجتياز مراحل التعليم الشكلي حتى لمن واصلوا هذه المراحل حتى النهايات الشكلية العليا. فالروح العلمية حالة نادرة من حالات التألق الذهني وهي مستوى رفيع من مستويات التفكير، وهي انضباط عقلي دقيق والتزام أخلاقي صارم هي تجربة ذاتية زاخرة بتذوق الحقيقة والاستمتاع بجمال المعرفة. إنّ التفكير العلمي نشاط عقلي خاص، ولكن العقل لا ينشط للاهتمام بشيء إلا إذا كان منجذباً إليه وراغباً فيه ويحقق إشباعاً لحاجة ملحة، لذلك لا يحصل الانجذاب إلى الفكر العلمي من قبل الناشئين إلا إذا تمت تنشئتهم عليه فتربوا على التعلق به وصار يستجيب لمطالبهم العقلية ويجيب أن أسئلتهم الحائرة، وبذلك لا يكتفون بالانجذاب إليه فقط بل لا يستطيعون الكف عنه فضلاً عن أن يحتاجوا إلى أن يذادوا إليه. أو كما يقول "أرنست دمنيه" في كتابه (فن التفكير): "... ما من شيء عقلي يمكن تحقيقه في ميدان لا يجذبنا إليه.. فالعمل في عروقنا دون إحساس بالجهد بل بإحساس من الراحة والحرية هو الشرط الأساسي لعملية عقلية صحيحة...". إنّ الروح العلمية هي أهم خصائص التفكير العلمي وهي ليست معلومات تحفظ ولكنها روح تتكون في الذات فيصير البحث عن الحقيقة مطلباً ذاتياً لا يحتاج إلى من يستحثه وإنما هو انبعاث داخلي لا يهدأ ويصبح هذا البحث محكوماً بمنهج ذي معالم واضحة وخطوات مرسومة يحفظ الجهد من التبدد ويضمن استقامة المسار نحو الحقيقة فلا يتعرض للضياع. - المصادر والمراجع: * عبدالعزيز والرويس: الطالب وتحديات المستقبل، المعرفة العدد 108، الرياض، مايو 2004م. * د. هادي نعمان الهيتي: ثقافة الطفل، عالم المعرفة، العدد 123، الكويت مارس 1988م. * بهاء الدين الزهوري: التفكير العلمي.. أسسه الإبداعية المعاصرة، الخفجي، فبراير 2004م. * د. عادل عبدالله محمد: رعاية الموهوبين، دار الرشاد، القاهرة، 2003. * د. محيي الدين عبدالحليم: أسلوب التفكير والبحث العلمي، منار الإسلام، سبتمبر 2006م. * إبراهيم البليهي: بنية التخلف، كتاب الرياض، العدد 16، إبريل 1995م. المصدر: كتاب (أطفالنا.. وتربية عصرية)
الغنوشي: نهاية حالة الاستبداد في تونس ليست بعيدة.. جبهة الخلاص تسعى لتشكيل حكومة إنقاذ وطني
راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة والبرلمان التونسي (يمين) ورئيس جبهة الخلاص الوطني في تونس أحمد نجيب الشابي (وكالات)
وسط إضراب للقضاة ومواجهات بين الشرطة ومحتجين في العاصمة تونس، قال رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي إن تونس تعيش أزمة سياسية وحالة من الاستبداد وإن نهاية الاستبداد ليست بعيدة، بينما دعا رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد الشابي لحكومة إنقاذ وطني تنبثق من حوار وطني جامع.
وأكد الغنوشي خلال مؤتمر صحفي أن الحركة ستواصل مع شركائها إسقاط الانقلاب وما ترتب عليه من مراسيم مثلت انقلابا على الدستور، وفق تعبيره.
وأضاف أن تونس تعيش حالة استثنائية ولا يحكمها القانون وأن استمرار الأوضاع على ما هي عليه سيؤدي إلى الإفلاس والحروب الأهلية.
وشدد على أن البلاد تحتاج إلى الحوار بين مختلف الأحزاب السياسية بمشاركة قيس سعيد أو بدونه.
واستنكر الغنوشي استهداف الرئيس التونسي للقضاء، مؤكدا أن حل المجلس الأعلى للقضاء عبث لم يحدث حتى زمن الرئيس زين العابدين بن علي.
وفي السياق، أعرب ممثلون عن عدد من المنظمات الدولية، عن تضامنهم التام مع الاتحاد العام التونسي للشغل، ضد ما اعتبروها حملة تستهدف المنظمة، واستعدادهم التام لوضع إمكانياتهم وخبراتهم لدعم الاتحاد في مشاريعه وبرامجه.
وجاء ذلك في لقاء جمع الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي بعدد من ممثلي منظمات دولية على غرار مراسلون بلا حدود والشبكة الأورومتوسطية للحقوق والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب واللجنة الدولية للقانونيين.
كما تناول اللقاء وفق بلاغ لاتحاد الشغل، التطورات التي تشهدها البلاد فيما يتعلق بضرب السلطة القضائية والعمل على إخضاعها وترهيب القضاة، وتناول اللقاء أيضا قضايا متعلقة بالمحطات الوطنية المقبلة.
وأول أمس الجمعة، رأى الطبوبي أن المرسوم الرئاسي المتعلق بالاستفتاء على دستور جديد للبلاد في يوليو/تموز المقبل "غير ملزم" للاتحاد.
وأضاف أن "الاتحاد لن يكون حاضرا في الحوار الوطني طالما لم توجد مراجعات قادرة على إنجاح هذا النقاش السياسي حول الخيارات مربع الحوار المشروط
حكومة إنقاذ
من جانبه، قال رئيس جبهة الخلاص الوطني في تونس أحمد نجيب الشابي إن الجبهة ستواصل تحركاتها للدفاع عن الديمقراطية في مواجهة حكم الفرد الواحد، حسب تعبيره.
وأكد الشابي خلال اجتماع في ولاية قفصة، أن الهدف هو إسقاط الاستفتاء معتبرا أنه ابتزاز للارادة التونسية ويقوم على تمزيق أول دستور صاغه نواب منتخبون.
كما دعا الشابي لحكومة إنقاذ وطني تنبثق من حوار وطني جامع.
وفي سياق متصل، أشاد الشابي بموقف القضاة في مواجهة ما يتعرضون له من استهداف من قبل الرئيس قيس سعيد، حسب تعبيره.
وتعاني تونس، منذ 25 يوليو/تموز الماضي، أزمة سياسية حادة، إذ فرض سعيد آنذاك إجراءات استثنائية، منها تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم، وإقالة الحكومة وتعيين أخرى.
وترفض عدة قوى سياسية ومدنية في تونس هذه الإجراءات، وتعدها "انقلابا على الدستور"، في حين تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحا لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي.
تفريق محتجين
من جهة أخرى، فرقت الشرطة التونسية عشرات المحتجين بالعاصمة تونس أمس السبت، رفضا لإجراء الاستفتاء على الدستور الجديد، المزمع في 25 يوليو/تموز المقبل.
ودعت للوقفة أمس السبت 5 أحزاب، وهي الحزب الجمهوري، والتيار الديمقراطي، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، والعمال، والقطب. وذلك ضمن حملة أطلقتها لإسقاط الاستفتاء على دستور جديد، الذي شكل الرئيس قيس سعيّد لجنة لكتابة مسودته، ودعا للاستفتاء عليه في يوليو/تموز المقبل.
واعترضت الشرطة المحتجين ومنعتهم من الوصول إلى مقر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي غير سعيد طريقة اختيار أعضائها وعين رئيسها بنفسه، وهو إجراء يرى المتظاهرون أن هدفه بسط سيطرة سعيد على المؤسسة.
ورفع المحتجون خلال الوقفة شعارات مثل "العصابة هي هي، لا تراجع على القضية"، و"لا خوف، لا رعب، السلطة ملك الشعب"، و"حريات حريات، دولة البوليس وفات (انتهت)".
وقال أمين عام حزب العمال حمة الهمامي -في كلمة خلال الوقفة- إننا نحتج أمام هيئة الرئيس باعتبارها هيئة تزوير، لأننا نرى أن هدفها الوحيد تزوير الاستفتاء وما يتبعه من انتخابات.
وأكد الهمامي أن المسار الذي يتبعه سعيد هدفه تدمير كل المؤسسات والحريات وتنصيب نفسه مستبدا جديدا لتونس.
من جهتها، قالت مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" إن من سمته "الحشد الشعبوي الانقلابي" هاجم بتواطؤ من الأمن اجتماعا شعبيا لجبهة الخلاص الوطني المعارضة للرئيس.
وأضافت أن تعطيل الاجتماع السياسي لجبهة الخلاص الوطني "سلوك بلطجي وفوضوي، وأن ممارسة العنف الفوضوي دليل واضح على المأزق الذي تعيشه سلطة الأمر الواقع".
إضراب القضاء
وفي السياق، قررت جمعية القضاة التونسيين الإضراب في كل المؤسسات القضائية بداية من غد الاثنين لمدة أسبوع قابل للتجديد.
وخلال اجتماع عقده المجلس الوطني الطارئ للجمعية، صوت أغلب الحاضرين بالموافقة على مبدأ الدخول في إضراب بداية من غد الاثنين في كافة المرافق القضائية لأسبوع قابل للتجديد.
كما قررت الجمعية -وفق وكالة الأنباء الرسمية- الدخول في اعتصامات مفتوحة في كل مقرات الهياكل النقابية القضائية، وعدم الترشح للمناصب القضائية لتعويض المعزولين، إلى جانب عدم الترشح للمناصب في الهيئات الفرعية التابعة لهيئة الانتخابات.
وشارك في اتخاذ قرار الإضراب كل الهياكل النقابية القضائية من نقابة وجمعية وقضاة شبان وقضاة إداريين، علما بأن قرار الإضراب استثنى الأذون بالدفن وقضايا الإرهاب الشديدة.
وكانت الجمعية عقدت اجتماعا طارئا لمناقشة قرار الرئيس قيس سعيد عزل 57 قاضيا وتحديد خطوات الرد عليه.
وقال رئيس الجمعية أنس الحمادي إن من يظن أنه قادر على الاستئثار بالسلطة التنفيذية والقضائية وإهانة القضاة واهم، وإنهم لن يتركوا المجال للسلطة التنفيذية لتلعب على الانشقاقات الداخلية.
من جهتها، دعت الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية بتونس المحامين وموظفي المحاكم إلى إنجاح إضراب القضاة. وقالت إنها تساند القضاة في معركتهم المفصلية من أجل الاستقلال.
إقصاء "المفسدين"
في المقابل، قال رئيس الهيئة الاستشارية من أجل جمهورية جديدة بتونس، الصادق بلعيد، إنه لن يشرك من "أفسد البلاد" في الحوار الوطني الذي انطلقت أولى جلساته صباح أمس السبت.
وأضاف في تصريحات لعدد من وسائل الإعلام المحلية والدولية -عقب انتهاء أولى جلسات الحوار الوطني في قصر الضيافة بالعاصمة تونس- أن 42 شخصية حضرت الجلسة الافتتاحية للحوار التي أشرفت عليها الهيئة، لافتا إلى أن الكثير منهم تعرضوا إلى ضغوطات بقصد ثنيهم عن الحضور من طرف من سماهم "مدعي العلم في الفقه والسياسة".
ولفت إلى أنه تقرر إشراك من يتسم بنظافة اليد ومن يسعى إلى خدمة مصلحة تونس، من دون تسمية أحد.
وصباح أمس السبت، انطلقت في تونس أولى جلسات الحوار الوطني الذي دعا إليه سعيد تمهيدا لتنظيم استفتاء على دستور جديد في 25 يوليو/تموز المقبل، بهدف الخروج من الأزمة السياسية في البلاد.
وشارك في جلسة الحوار الأولى ممثلون عن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، والاتحاد الوطني للمرأة، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان (غير حكومية)، وعدد من الشخصيات التونسية.
في حين أعلنت عدة أطراف وطنية وسياسية مقاطعتها هذه الاجتماعات، بينها الاتحاد العام التونسي للشغل، وأحزاب آفاق تونس، والمسار، والوطنيين الديمقراطيين الموحد.
وبالإضافة إلى الأزمة السياسية، تعاني تونس صعوبات اقتصادية خطيرة أبرزها التضخم المتسارع والبطالة المرتفعة. وتحاول البلاد المثقلة بالديون الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي لا يقل قدره عن 4 مليارات دولار.
المصدر : الجزيرة + وكالات
الحاجات الأساسية للطفل
قال تعالى في معرض حكايته إلحاح إخوة النبي يوسف على أبيهم النبي يعقوب؛ ليأذن لهم باصطحاب يوسف معهم، عارضين إشباعهم كلّ أشكال الحاجة لديه: ﴿أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (يوسف/ 12).
فائدتان
من خلال هذه الآية الغنّاء، ومن ظلال أحداث قصّتها، نستطيع إنشاء قاعدة تربوية عامّة نستوحيها؛ لندرس (الحاجات الأساسية للطفل).
حينما ندرس الطفولة المهدورة في عالمنا اليوم، ونريد أن نعرف ما هو العمل إزاءها؟، وأيّ حاجات تلك التي تتطلّبها هذه المرحلة؟، ستشرع الآية أمامنا أربع حاجات أساسية وهامّة للطفل:
1ـ الحاجة إلى الغذاء
فالطفل يحتاج إلى الغذاء لينمو بدنه، ويشتد عوده، وليمدّ شجرته بالطاقة والحيوية. وهذه الحاجة تصبّ في خدمة الجانب البيولوجي والفسيولوجي للطفل. وقد جاءت حاجة الطفل إلى الغذاء محمولة على ظهر كلمة: ﴿يَرْتَعْ﴾ المشيرة ـ لغوياً وتفسيرياً ـ إلى الأكل والشرب من جهة، والسعي والانبساط والتنزّه والراحة النفسية من جهة ثانية.
فالأكل والشرب من الخضرة المتواجدة هناك، لاسيّما في الريف الخصب في فلسطين ومروجه الفيحاء؛ حاجة مادّية تتوقّف عليها صحّة الطفل ونموّه الجسمي.
2ـ الحاجة إلى الراحة النفسية
لا تقتصر حاجة الطفل على الجانب الغذائي، بل هناك حاجة أُخرى ملحّة وضرورية له هي: الراحة النفسية والانبساط النفسي وبهجة المشاعر، حتى يغالب حالة الغبن النفسي والكدر الداخلي الذي قد يسبّبه تواصل مكثه في المنزل، ورتابة ونمطية الأجواء من حوله، وما تبعثه من ملل وسأم، ومن هذه الحاجة النفسية حاجته إلى التنزّه والانبساط في كنف الطبيعة الخضراء النضرة، وما تبعثه الآفاق المفتوحة الممتدة والطبيعة الخلّابة من مشاعر فيّاضة.
وهذه الحاجة تندرج ضمن الحاجة النفسية السيكولوجية. وقد أشرنا في الفقرة السابقة إلى أنّ كلمة ﴿يَرْتَعْ﴾ تختزن في أحشائها وليدين هما: (الأكل، والانبساط).
3ـ الحاجة إلى اللعب
هناك نزعة فطرية وحاجة نفسية بالغة لدى الطفل للقفز والمرح واللعب الذي يسهم في تعرّفه على الأشياء، واكتشاف المحيط من حوله، وإمضاء شيء من الوقت، والإسهام في تحقيق الراحة النفسية، وتصريف الطاقة المكتنزة بداخله.
يفيد (علم نفس النمو) أنّ الطبيعة العمرية للطفل ومرحلة الطفولة أنّه ميّال إلى الحركة واللعب، ماقت لحياة السكون والجمود، فهو يختلف اختلافاً جذرياً وتاماً عن مرحلة الشيخوخة، واختلافاً جزئياً عن مرحلة الشباب، وأنّ الطفل كلّما كان من نوع (الطفل الحركي) ومَن يتصف بـ(فيضان الطاقة) احتاج إلى مزيد من اللعب؛ ليفرِّغ شحنات الطاقة الزائدة لديه؛ حتى لا تنعكس على الوجود البشري والمادّي من حوله، فيستحيل إلى طفل عدواني يضرب إخوته والأطفال، ويُكسِّر الأشياء، ويتسبَّب في كثير من الإزعاج والمعاكسات والمشاغبات لمن حوله.
فالحاجة إلى اللعب تخدم النمو الحركي والجانب النفسي ـ الحركي (المهاري) للطفل. وقد أشارت كلمة: ﴿وَيَلْعَبْ﴾ إلى هذه الحاجة الفطرية الماسة لدى الطفل.
4ـ الحاجة إلى الأمن
لا يستطيع الطفل أن يمتشق درع الدفاع عن النفس وحماية الذات أمام كثير من الأخطار الخارجية المحدقة به، سواء أكانت من بنات الطبيعة (الأمن البيئي)، أم من مبتكرات المدنية (الأمن المدني والصناعي والتقني)، أم من غرس المجتمع (الأمن الاجتماعي)، فيحتاج إلى مَن يوفِّر له (الحماية) والمناخ الآمن والملاذ المستقر.
فالطفل عود غضّ طري يحتاج إلى مَن ينشر عليه ظلال السِّلم البيئي والمدني والاجتماعي، فيحميه من السباع الكاسرة، ويحميه من مخاطر المدنية، كالكهرباء والسيّارات، ويحميه من السباع اللابسة جلد البشر وثوب الإنسانية واسم الآدمية، وترى فيه (فريسة سهلة) تغتنم أكلها والعيث بساحة طهرها!!
وكلّما مالت كفة عمر الطفل إلى الصغر احتاج إلى الحماية أكثر، فالطفل الرضيع قد لا يحمي نفسه من نملة أو ذبابة أو دبوس، وحله الدفاعي عن النفس يكمن في البكاء ليأتي إليه أحد والديه، ويجنّبه الخطر الداهم.
والحاجة إلى الأمن والشعور بالاطمئنان هي قبس من جذوة الحاجات النفسية والشعورية والاجتماعية.
وقد أشارت عبارة: ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ إلى هذه الحاجة الضرورية للأمن.
فائدتان
حاجات الطفل حاجات (تكاملية) متواشجة، وهي كحبات العقد النضيد لابدّ من وجودها معاً.
يعتقد البعض أنّه حينما يوفِّر لطفله الغذاء واللباس والسكن، فقد وفَّر له كلّ شيء، وخرج بذلك من ربقة المسؤولية التي يختزنها ضميره، ولا يدرك أنّ حاجة الطفل إلى الراحة النفسية بإبعاده عن مكامن التوتر والقلق النفسي والنزاع الأُسري بين الأبوين، وحاجته إلى الأمن من مخاطر الطبيعة والبيئة والمدنية والمجتمع؛ قد تفوق حاجته إلى الغذاء واللباس والسكن.
التكريمُ لونٌ من ألوان الشُّكر
التكريمُ لونٌ من ألوان الشُّكر كونه إشادة بالجهود، وتثميناً للمنجزات، ومكافأة للإبداعات، وتقديراً للمواقف البطولية أو المُشرِّفة، وهو (تكريمان):
1- تكريمٌ في الحياة.
2- تكريمٌ بعد الوفاة.
والثاني - كما يُعبِّر مرتضى المطهّري - هو من سمات الأُمم الميِّتة أو المتخلِّفة، التي تنتظر موت كبارها، ورحيل عباقرتها، وغياب مُبدعيها، وانطواء صفحات العاملين المُصلحين، أو المفكِّرين المُجيدين، حتى تقيم لهم (حفلات التأبين) بدل (حفلات التكريم)، وتنصب لهم (تمثالاً) حديدياً أو برونزياً، وهي قلّما اكترثت بحياتهم، وبعطائهم أبّان حياتهم.. وهذا النوع من التكريم وإن مَثَّل حالةً من رفع العتب، هو تكريم في الوقت الضائع، أو حيث لا ينتفع به المُكرَّم إلّا أنّ مُذكَّرَ الأحياءُ به وبمنجزاته وآثاره.
وقد لا يحتاج المُصلح المُخلص، والعامل المُجتهد، والمُبدع المُجيد، والفنّان الماهر، والأديب البارع، إلى حفلات تكريم يُقدَّم له فيها وسام أو درع، أو كلمات ثناء وإطراء، إلّا أنّ الذين يُكرِّمون يتحمّلون مسؤولية الإشادة بالإنجاز العظيم، والافتخار بالعطاء الكريم، أي إنّهم - بتكريمهم للمُكرَّم أيّاً كان - إنّما يشكرون الله تعالى على أن أنعم عليهم برجلٍ أو امرأةٍ قدَّما لها الأفضل والأروع والأنفع لحياتهم، مثلما يشكرون عطاء المُبدع على طريقة (ردّ السلام) أو (مقابلة الإحسان بالإحسان)!
إنّ وردة تُقدَّم لحيّ أكرم الحياة بعطاياه، خيرٌ من باقات الزُّهور تحوط قبره.. وإنّ كتاباً يُهدى إليه، أفضل من كلِّ كُتُب الشُّكر والتكريم بعد حياته.. وإنّ كلمة طيِّبة تُقال له تثميناً لمواقفه وعطاءاته، قد يكون لها من التأثير الفاعل في مزيد من العطاء، أكثر من كلِّ قصائد الإشادة والتمجيد بعد رحيله. يقول الشاعر:
لا ألفِيَنَّكَ بَعدَ الموت تَندُبُني وفي حياتي ما زَوَّدتَني زادي!
إنّ تكريم الأحياء للأحياء هو بعضٌ من الشعور الحيّ بالحياة وبمن يثري الحياة، بل هو تكريمٌ للمُكرِّمين أنفُسهم، على طريقة (أُهنِّأ ذاتي) أو (نُهنِّئ أنفُسنا) لأنّنا حظينا برجل عظيم مثلك!
وحفلة تكريم الحيّ يُفترض أن لا تكون على طريقة الشاعر:
أَتَت وحياض المَوتِ بيني وَبَينهَا وجادت بوصلٍ حيث لَا ينفعُ الوَصلُ!
أي ينبغي أن لا يُكرَّم المُبدع والمُصلح والعامل وهو قاب قوسين من القبرِ وأدنى، لأنّ هذا والتكريم بعد الموت شبيهان أو متقاربان، إذ ما يمنع تكريم الشاب أو الشابّة في ريعان شبابهما على تميّزهما في أيّ من مجالات العطاء والإبداع، دفعاً للحماسة، ودفعاً لعطاء أعلى وأرقى، ما يمنع أن يُكرَّم الإنسان الذي كَرَّس حياته في خدمة وطنه وأبناء وطنه أكثر من تكريم، ما يمنع أن تتحوَّل (ثقافة التكريم) إلى عُرف اجتماعي يُكرَّم فيه كلّ عطاء وإبداع وإنجاز ومفخرة إنسانية.
ولو لاحظنا كيف أنّ المُبدعين أو العاملين المُخلصين يحتفظون بأوسمة التكريم ودُروعه وكُتُبه في أماكن بارزة من واجهات مكتباتهم وغرفهم الخاصّة، أو في عياداتهم، أو في معارضهم الشخصية، لعرفنا أنّ المُكرَّمَ في حياته، كما يعتز بأساتذته وبكُتُبه التي تَعلَّم منها، وكُتُبه التي ألَّفها، أو لوحاته التي أبدعها، أو فعّالياته الكبيرة التي أنتجها، يفتخر بهذه الألوان التكريمية التي تعتبر (شهادات فخريّة) من لدن أُناس أوفياء، انتفعوا بعطاء القائد، أو المربِّي، أو المعلِّم، أو العالم، أو الكاتب، أو المُصلح، أو القائد، أو العامل، أو الشهيد.. إنّها تُذكِّره أنّ (جميلَه) قُوبِلَ ذات يوم بـ(جميل)، وأنّ قومه كُرماء عُرفاء يعرفون قيمة العطاء والمُعطي فيُكرِّمونهما.