emamian

emamian

أكد قائد الثورة الاسلامية آية الله العظمى الامام السيد علي الخامنئي ان المقاومة اليوم كلمة بارزة في الأدبيات السياسية في العالم.

وأكد قائد الثورة الاسلامية في كلمته خلال مراسم احياء الذكرى الـ33 لرحيل الامام الخميني (ره) عند مرقده الطاهر : ان جيل الثورة الراهن لايعرف الامام العزيز بشكل صائب ولايقف على عظمته فالامام كان شخصية فريدة بمعنى الكلمه .

واكد قائد الثورة ان التعريف بشخصية الامام الراحل للجيل الصاعد مهم من جهة انه سيساعدهم في الادارة الرشيدة للبلاد في المستقبل لان الامام لم يكن اماما بالامس فقط بل هو امامنا اليوم وغدا.

وتابع سماحته ان جيلنا الصاعد والواعي الذي من المقرر ان يتصدى للمسؤوليات الوطنية والثورية في المرحلة الثانية لهذه الثورة وادارة شؤون البلاد مستقبلا يحتاج الى الية حقيقية لكي يواصل مسيرة الثورة بشكل صائب .

واوضح ان هذه الالية التي بامكانها ان تعطي زخما وتحدث تحولا هي عباره عن الدروس التي يمكن ان نعثر عليها في كلام وسلوك الامام الراحل .

وتابع سماحته ان النقطة الاولى حول شخصية الامام الراحل هي انه قاد اكبر ثورة في تاريخ الثورات فأشهر هذه الثورات هي الثورة الفرنسية عام 1789 والثورة السوفيتية عام 1917 ، لكن الثورة الإسلامية أكبر من الثورتين ، ولأسباب متنوعة.

واضاف: ان هاتين الثورتين الفرنسية والسوفيتية انتصرتا بمواكبة الشعبين الا انه بعد انتصارهما تم تهميش شعبي البلدين وبالتالي انحرفت هاتين الثورتين اللتين ساهم الشعب في انطلاقهما من خلال حضورهما في الشوارع.

وأكد قائد الثورة الاسلامية ان الثورة الفرنسية تحولت الى ملكية بعد حوالي 12 الى 13 عاما وجاء نابليون الى الحكم وبقي في سدة الحكم لمدة 15 عاما وعاد الاسرة التي ثار الشعب ضدها الى الحكم وتسلموا تقاليد الامور وكان ذلك نتيجة عدم حضور الشعب في الساحة.

واستطرد قائلا: ان الثورة السوفيتية ايضا تحولت الى استبدادية بعد 12 عاما حيث مارس ستالين وخلفاؤه استبدادا لم تشهده الملكيات التي سبقتهم والنتيجة كانت تهميش الشعب من جديد .

وتابع سماحته قائلا: ان الثورة الاسلامية في ايران انتصرت بفضل حضور الشعب الايراني في الساحة ولم يتم تهميشه كما جرى في الثورات الاخرى في العالم حيث انه تم اجراء استفتاء عام بعد اشهر في البلاد لانتخاب النظام الذي يريده.

وقال قائد الثورة الاسلامية انه : وتم انتخاب اول رئيس للجمهورية من قبل الشعب الايراني بعد حوالي عام من انتصار الثورة ثم انتخب الشعب نوابه في اول برلمان له حيث جرت في البلاد حتى الان حوالي 50 انتخابات بحضور الشعب .

واعتبر اية الله خامنئي التوجه المعنوي في الثورة من الصفات الاخرى لعظمة هذه الثورة حيث ان الثورتين الفرنسية والروسية والثورات الصغيرة الاخرى التي جرت في القرنين 19 و 20 كانتا تفتقدان الى المشاركة الشعبية الا ان الثورة الاسلامية تولي اهتماما خاصا للبعدين المادي والمعنوي للانسان ايضا.

وقال سماحته: ان الامام الخميني قاد نهضة تحولت الى هذه الثورة وليس هناك اي شك ان الشعب الايراني هو الذي ادى الى انتصار هذه الثورة ولولا حضوره في الساحة لما انتصرت الثورة وان اليد القوية التي استطاعت تحشيد هذا البحر المتلاطم والشخص الذي كان لسانه كسيف ذوالفقار وتمكن من استقطاب ملايين الناس الى الساحة والحفاظ عليهم هو الامام الخميني طاب ثراه.

واشار سماحته الى اعلان النظام الملكي المقبور فرض الاحكام العرفية في طهران بأمر اميركي كي يستطيع الانقضاض على الثورة واسقاطها من خلال غياب ابناء الشعب مشددا على ان الامام احبط هذه المؤامرة بامداد الهي تحدث عنه الامام فيما بعد.

واشار قائد الثورة الاسلامية الى ان الجبهة الواسعة للاعداء منذ انطلاق الثورة المباركة دخلت الساحة بقوة وتابع : الذين اعتادوا على الرذيلة لايمكنهم ان يفصلوا انفسهم عنها ، و على شبابنا الانتباه الى ان الغرب نهب العالم لثلاثة قرون واوجد الكثير من المجازر الجماعية والاستعباد . ورغم ذلك نرى اليوم ان علماء الغرب انبروا ليحددوا ويرسموا لنا قانون حقوق الانسان وهذا مايبين مدى الخداع لدى الغرب .

وجدد التاكيد على ان الغرب يرتكب مختلف الجرائم التي يندى لها الجبين واضاف : الامام الراحل كان يعرف هذه الامور بشكل جيد ، ولذلك جعل الشعب يتعرف على مفهوم المقاومة ورباه على روح المقاومة والصمود والثبات .

واكد قائد الثورة الاسلامية على ان عنوان المقاومة اصبح اليوم عنوانا عريضا واضاف : الامل الوحيد للاعداء اليوم لتوجيه الضربات للشعب هو الاحتجاجات الشعبية، لكن عليهم ان يعرفوا ان الجمهورية الاسلامية اصبحت اليوم شجرة ثابتة وان حساباتهم كانت خاطئة .

وقال اية الله خامنئي ، إنّ "الغربيين يحاولون وضع قانون لحقوق الإنسان لإيران، وهذا خداع"، لافتاً إلى أنّهم "نهبوا العالم لثلاثة قرون وارتكبوا المجازر، وعلى الشباب التنبّه لهذا الأمر".

وأشار إلى أنّ هناك "أملاً لدى الأعداء بتوجيه ضربة للشعب الإيراني عبر الاحتجاجات واستخدام الساحة الافتراضية والحرب النفسية"، متابعاً: "الأعداء يريدون أن يروّجوا أنّ الشعب ابتعد عن القيادة"، واصفاً هذا الادعاء بـ"الكلام التافه الذي يصدّقه بعض السُذّج".

واعتبر سماحته إنّ "الأعداء مخطئون في تقويمهم لمشاعر الشعب الإيراني ووفائه وصموده"، مشدداً على أنّ "الثورة الإيرانية باتت شجرة ثابتة بعد أن خسر الغربيون رهاناتهم".

وأضاف أنّ "الشعب الإيراني اليوم مقاوم بكل معنى الكلمة، وعنوان المقاومة بات واضحاً في الثقافة السياسية في العالم"، مشدداً على أنّ "الشعب الإيراني ينتمي إلى الثورة، ومن يرد أن يلمس ذلك فلينظر إلى التشييع المليوني للشهيد قاسم سليماني"، داعياً النّشطاء إلى "عدم السماح للأعداء بتشويه الثورة وعدم الالتفات إلى الرجعيين في الداخل".

وقال قائد الثورة الاسلامية إنّ "الأميركيين هم من أمر الحكومة اليونانية للقيام باحتجاز ناقلة النفط الإيرانية وسرقة النفط الإيراني".

وأضاف: سرقوا النفط الإيراني في سواحل اليونان، وقامت القوات الباسلة الايرانية في المقابل باستعادة نفطنا بينما الإعلام الغربي يتهمنا نحن بالسرقة..يجب مواجهة قلب الحقائق..يجب عدم السماح للقوات الرجعية بتشويه صورة الثورة.. كما يجب ان نواجه من يحاول بث اليأس بين الشعب.

الإثنين, 06 حزيران/يونيو 2022 16:55

مميّزات ثورة الإمام الخميني

بنظرةٍ علميّة لا تعتمد العاطفة والتهويل والحماس نجد أنّ تجربة الإمام الخميني وبعد عقودٍ من الزمن سجّلت حقائق، وأثارت تساؤلات، وعمّقت أفكاراً، واستحدثت مفاهيم لنا ذكر بعضها بنحوٍ مختصر، ويمكن أن تكون عناوين لبحوث موسّعة، وهي :

١- الثورة تمكّنت من نقل الفقه من النظرية والمطوّلات الفقهية الى الواقع والتطبيق، ونقل الإسلام من الجدران الى المؤسسات، ومن الحسينيات والمساجد إلى عمق الأُمة .

٢- أثبتت الثورة وجود نظرية سياسية إسلامية عملية وعملية تصمد وتنجح في التطبيق وهذا رد عملي على كلّ مدارس الاستشراق.

٣- أكّدت الثورة أنّ قيادة الفقيه المباشرة تكون نتائجها أفضل بكثير من تجربة التوجيه العام.

٤- شهدت التجربة الإسلاميّة في إيران تطور واضح ولا غبار عليه وفي كلّ المجالات ممّا يعني أنّ التجربة تعتمد التخطيط والمشروع الحضاري العميق .

٥- منحت الثورة المسلمين مكانتهم وهويّتهم وموقعهم المؤثّر؛فَهُمْ مَن يؤثّر في الأحداث .

٦- التجربة الإسلامية (ولاية الفقيه) هي التجربة الإسلامية الوحيدة التي تمكّنت من البقاء والرسوخ، بينما التجارب الإسلامية الاخرى تعاني الفشل بما فيها تجربة الإخوان،أمّا السلفية الوهابية فهي ليست من الإسلام بشيء .

٧- القدرة على استنهاض المسلمين ومساندتهم مع قطع النظر عن المذهب .

٨- اعتمدت الثورة الإسلامية على قاعدة الاقتصاد المتعدّد والعلم والإنسان .

٩- جعلت الثورة الإسلامية الشيعة في قلب الحدث العالمي وليس على الهامش.

١٠- لم تتنازل التجربة الإسلامية عن ثوابتها واستراتيجيتها، ولم تهادن الغرب مع كلّ التحديات كما يفعل الإخوان المسلمين وغيرهم .

١١- تمكّنت الثورة أن توفر غطاءً سياسيّاً دستوريّاً عامّاً يجمع الشعب الإيراني بمختلف توجهاته .

١٢- أثبتت الثورة الإسلامية جدّية الشعار الذي رفعه الإمام الخميني (لا شرقية ولا غربية جمهورية إسلاميّة) وقد حلّت الجمهورية ومن معها مكان الشرق لمواجهة الغرب بعد انهيار المحور الشرقي إبّان تفكّك الاتحاد السوفييتي زمن ريغان في التسعينيات .

١٣- أثبت الثورة قدرتها في الانتقال من الثورة إلى الدولة وهي تتجه إلى بناء الحضارة .

١٤- أثبت الإمام الخميني أنّ الثورة الإسلامية عابرة للخريطة الإيرانية .

١٥- كشفت التجربة عن الفهم والإدارة العميقة التي يمتاز بها الفقيه في إدارة الأحداث الداخلية والإقليميّة والدوليّة .

١٦- لم تعتمد الدولة الإسلامية على مفهوم العسكرة والسلاح فقط؛ بل التطور العلمي هو الثابت الكبير والحامي للثورة والدولة والإسلام والمسلمين .

١٨- سخّرت الثورة الاقتصاد الحر المستقل للتنمية الإسلامية في الإعلام والتربية وبناء الشخصية الإسلامية وتربية الأجيال ومواجهة الاختراق الثقافي .

١٨- تمكّنت الثورة أن تصمد بجيلها الأول، وأن تولد أجيالا مؤمنة بها وحامية لها بعد أن كان الغرب يعتقد أنّ الثورة الإسلامية تنقرض مع الجيل القديم وفق نظرية ( الثورة تأكل أبنائها ).

١٩- رسمت الثورة الخط الفاصل بين المشروع الصهيوني والمشروع الإسلامي في المنطقة والعالم .

٢٠- تمكّنت إيران من تشريك علاقات دولية وإقليمية متينة مع الصين والروس ودول الجوار تعتمد احترام الخصوصيات المحلية للمسلمين والسيادة .

٢١- كشفت الثورة الإسلامية أنّ القوة الغربية وهمٌ لا يصمد أمام قوة الشعوب القائمة على العقيدة والبناء والتنمية والتطور .

٢٢- حوّلت الثورة المقاومة من سلاح الى تطور وتنمية وإبداع ومشروع مختلف الأبعاد وأنهتْ الجدل القائم على أساس التعايش السلبي مع الاسكبار وانتهت الى أنّ المسلمين ليس لهم إلّا التواجد في بناء الدولة .

٢٣- أعطت الثورة للمراة مكانتها .

٢٤- ناصرت الشعوب المستضعفة وأنهضت الأمة الإسلامية .

٢٥- تمكنت من إيجاد قطب إسلامي في الشرق لايقلّ عن أيّ قطب قادم في ظل الاتجاه الى القطبية المتعددة .

٢٦- غيّرت الثورة الإسلامية موازين العالم والمنطقة والخليج بنحوٍ خاص في كلّ المجالات الأمنيّة والاقتصاديّة والثقافيّة والآيدولوجيّة والعسكريّة وهي تساير التحولات الكبيرة حتى في الأَحلاف الاقتصادية والعملات والمصارف والطاقة .

٢٧- أنهت الثورة الإسلامية الحدود والجغرافيا المفتعلة وأوجدت جغرافية إسلامية وأخرى وفق مشتركات دينية و إنسانية ومذهبية .

٢٨- أسقطت هيبة إسرائيل ومنحت الشعب الفلسطيني قدرة جديدة في المواجهة جعلته يتفوق في الكثير من المواقف على السلاح الإسرائيلي.

٢٩- لازم وجود الجمهورية الدعوة الى الوحدة الإسلامية بين الأمة الاسلامية .

٣٠- تمكّنت من إلحاق الهزيمة بالمشروع الأمريكي في لبنان والعراق وإيران وسوريا واليمن .

٣١- أظهرت وكشفت تجربة الثورة الإسلامية عن وجود العقول البنّائة في كلّ المجالات النهضوية والتنموية .

٣٢- أظهرت القدرة على فهم التعقيدات والتضاريس الدولية ونجحت في مجال الدبلوماسية بما فيها المفاوضاتالنووية .

٣٣- أوجدت متغيّراً في النظام الدولي بما فيه مجلس الأمن والأمم المتحدة بدفع القرار الصيني والروسي لصالح المسلمين في الأُمم ومجلس الأمن .

٣٤- استثمرت الثورة ــ وما زالت ــ في الصراع العالمي لصالح المسلمين وما يحصل بين الروس والغرب عبر أوكرانيا خير دليل .

٣٥- كسرت الثورة الإسلامية الهزيمة والإحباط في الشخصية الإسلامية وأوجدت عزيمة وعقيدة راسخة .

٣٦- تمكّنت إيران من الصمود ولم تهتز بفعل المتغيرات العالمية والمحلّية فلم تتأثر سلبًا بانهيار جدار برلين وسقوط الاتحاد السوفييتي ولا في الربيع الغربي العربي .

٣٧- أثبتت أنّ الثورة متصالحة مع جمهورها وأنّ نظامها السياسي نظام صالح ومقبول من الجمهور الإيراني.

٣٨- تمكّنت الثورة أن تجعل الخط الولائي هو الوحيد القادر على الثبات ضد التطبيع والصهيونية وصفقة القرن.

٣٩- تمكّنت الثورة الإسلامية في إيران من التعامل مع التعقيدات الإقليمية وهي تمارس الآن الانضباط الكبير في ترويض الأتراك ومنع الانفصال الكردي القومي في المنطقة؛ بل بنحوٍ عام تمكنت أن تمنع تفكك المنطقة ومنعت اندلاع الحروب؛ بل عمدت الى نزع فتيل الفتن وإخماد الحرائق مع أنّ هذا الأمر كلّفها الدم والمال والرجال .

٤٠- تمكّنت الثورة من ربط المنطقة بمنظومة أمنية واحدة وتجربة الحشد الشعبي وحزب الله لبنان والجيش العربي السوري وشعب اليمن خير دليل، ولهذا الربط أثره في تغيير موازين القوى الأمنية والاقتصادية والجيبولتيكية ومنافذ التجارية العالمية.

ألقى الإمام الخامنئي كلمة في الجموع المحتشدة في حرم الإمام الخمينيّ (قده) صباح اليوم السبت 4/6/2022، وذلك في الذكرى الثالثة والثلاثين لرحيله. وأشار قائد الثورة الإسلاميّة إلى أنّ الإمام الخمينيّ العظيم هو روح الجمهوريّة الإسلاميّة، وأنه «ليس إمام الأمس فقط، بل إمام الحاضر والمستقبل». وأشار سماحته إلى أنّ الإمام الخمينيّ «قاد أعظم ثورة في تاريخ الثورات»، لافتاً إلى أنّ تأكيد الإمام رأيَ الناس «نابع من معرفته بالإسلام». كما تحدّث الإمام الخامنئي عن واحدة من أهمّ ميزات الإمام الخمينيّ، وهي تعريفه الناس إلى مفهوم المقاومة.
رأى قائد الثورة الإسلاميّة، الإمام الخامنئي في خطاب أمام جموع غفيرة من الناس صباح اليوم السبت 4/6/2022، في المرقد المطهر لمؤسس الثورة الإسلامية، أن الإمام الخميني هو «روحُ الجمهورية الإسلامية وشخصية استثنائية وإمام الشعب الإيراني في الأمس واليوم والغد»، قائلاً: «الجيل الشاب والذكي اليوم بحاجة إلى دروس الإمام وكلامه وسلوكه من أجل إدارة البلاد وإيصالها إلى القمم المجيدة».
وفي إشارة إلى أبعاد شخصية الإمام الخميني التي لا تزال مجهولة، قال الإمام الخامنئي إنه «رغم الأقوال والكتابات الكثيرة حول ذلك الحكيم المرشد، فثمة كلام كثير لم يُقل عن عظمة شخصيته وقوتها وقيادته».
ورأى سماحته أن الثورة الإسلامية هي «أعظم ثورة في تاريخ الثورات» بمقارنتها مع مسار الثورتين المعاصرتين الشهيرتين، وهما الثورة الفرنسية والسوفييتية. وقال: «أغفلوا الروحانية في هاتين الثورتين فانحرفتا بعد ذلك في وقت قصير، كما جرت تنحية الناس الذين أدّوا إلى انتصارهما، فعادوا عملياً إلى الماضي، ولكن الثورة الإسلامية تابعت تقدّمها بعد الانتصار بالانتخابات المتتالية والاعتماد المتواصل على الناس والاهتمام المتزامن بالجوانب المادية والروحية للإنسان، وهذه الحقائق هي من أبرز الأسباب لتفوّق الثورة الإسلامية على الثورات كافة في التاريخ، وتُظهر عظمة قيادة الإمام».
ورأى قائد الثورة الإسلامية أن حضور الناس كان «العامل الحاسم في انتصار الثورة». وقال: «اليدُ القوية والقلب المطمئن واللسان الذوالفقاري الذي استطاع أن يجلب المحيط العظيم للشعب إلى الميدان ويُبقيه فيه بلا يأس ويعلّمهم اتجاه الحركة... كان الخميني العظيم». وتابع سماحته تبيين الأسس والأصول لمدرسة الإمام بالقول: «البنية التحيتة لمدرسة الإمام، سواء خلال مرحلة النضال أو الثورة، كانت القيام لله، وهذه البنية لها أساس قرآني».
وقال الإمام الخامنئي إن الهدف من القيام لله في المراحل كلها هو «إقامة الحق وإقامة العدل والقسط وترويج المعنوية»، مضيفاً: «كان الإمام مناضلاً حقيقياً وله حضور دائم في ميدان القيام لله». كما ذكر النقاط البارزة في حركة الإمام خلال مرحلة إنشاء الجمهورية الإسلامية، إذ «كان أهم الهواجس وخريطة الطريق للإمام خلال تلك المرحلة إيجاد مسافة بين مشروع الجمهورية الإسلامية، والثقافة والقاموس الغربيين، فأصرّ الإمام على أن الجمهورية الإسلامية ليست مستعارة من "الجمهورية" و"السيادة الشعبية" الغربية، بل مأخذوة من مبدأ الإسلام».
كذلك، رأى سماحته أن إحدى الميزات البارزة لأنموذج الإمام الجديد هي التناسق بين الثنائيات المتناقضين في الظاهر، وقال: «يوجد في النموذج والنظام السياسي الجديد الذي قدمه الإمام كلّ من الروحانية ورأي الناس، وكل من تنفيذ الأحكام الإلهية ومراعاة المقتضيات والمصالح العامة، وكل من الإصرار على العدالة الاقتصادية ومراعاة حال الضعفاء وأيضاً الإصرار على إنتاج الثروة، وكل من رفض الظلم ورفض الخضوع للظلم، وكل من تعزيز العلم والاقتصاد وتقوية البنية الدفاعية للبلاد، وكل من الانسجام والوحدة الوطنية وقبول تنوّع الآراء والتوجهات السياسية المختلفة، وكل من تأكيد تقوى المسؤولين وطهارتهم وأيضاً الخبرة والكفاءة لديهم».
في السياق، قال قائد الثورة الإسلامية، إن «الجمهورية الإسلامية حققت نجاحات كبيرة في العناوين الأساسية كافة مثل السيادة الشعبية، والتقدم العلمي، والشؤون الدبلوماسية والاقتصادية والخدمات العامة، ولذلك إنكارها أمر غير منصف، وبالطبع لم تكن الإخفاقات قليلة أيضاً». لكنه قال في تبيانه أسباب الأداء الضعيف والإخفاقات: «الإمام يرشدنا من أجل إيجاد الأسباب ويقول إن صحيفة أعمالكم مرهونة بسعيكم ومجاهدَتكم».
وأشار سماحته إلى دور الجبهة الواسعة للأعداء في بعض إخفاقات الجمهورية الإسلامية، موضحاً: «لأن جوهر الجمهورية الإسلامية معارضٌ للظلم والاستكبار والمنكرات ويتفق مع الروحانية، بطبيعة الحال يعاديها الظالمون والمستكبرون والعاملون بالمنكر والمعارضون للروحانية».
العامل الآخر للعداوة مع الجمهورية الإسلامية، كما قال الإمام الخامنئي، هو وضع الإمام الخميني مسافة جادة مع الغربيين. وتابع: «الدفاع عن فلسطين وإعطاء سفارة الكيان الغاصب للشعب الفلسطيني، وانتقاد نفاق الدول الأوروبية وأمريكا وجرائمها، أمثلة على هذه المسافة». كما رأى سماحته أن الامتياز الكبير للإمام الخميني هو «تعريف الناس إلى مفهوم المقاومة وبث روح الصمود في الشعب»، فقال: «ببركة الإمام، صار الشعب الإيراني اليوم مقاوماً وقوياً تماماً، وتحوّلت المقاومة إلى واحد من المصطلحات البارزة في الأدبيات السياسية في العالم».
كذلك، تحدث سماحته عن مؤامرتَي أعداء الشعب الإيراني، وقال إن الجزء الأول من هذه الخطة هو «عقد آمال الأعداء على الاحتجاجات الشعبية بهدف توجيه ضربة إلى البلاد، فهم يسعون بالعمل النفسي والنشاط في الفضاء المجازي وبتربية المرتزقة إلى جعل الناس في مواجهة النظام الإسلامي». أما الجزء الثاني من هذه المؤامرة، فهو إلقاء حسابات غير صائبة حول اتجاه الجمهورية الإسلامية نحو السقوط. وتابع: «في بداية الثورة، كان الذين يضمرون السوء يقولون إن الثورة ستسقط في غضون ستة أشهر، وبعدما كانت تفضي حساباتهم إلى نتيجة غير صائبة، يعدون بستة أشهر أخرى، في حين أنه قد مرّ اليوم أكثر من ثمانين "ستة أشهر" على الثورة، وصارت تلك الشتلة الرفيعة شجرة قوية ومقتدرة».
لهذا، رأى قائد الثورة الإسلامية أن عنصر الناس في الجمهورية الإسلامية «عامل مهم للغاية، ولن يتمكن الأعداء من وضع الشعب في مواجهة النظام الإسلامي». وفي تحليله حسابات الأعداء، أشار إلى دور عدد من «المستشارين الإيرانيين الخونة» في تشكيل هذه الحسابات، قائلاً: «هؤلاء المستشارون الخائنون لا يخونون بلادهم فحسب، بل يخونون الأمريكيين أيضاً، لأنهم بهذه المشورات غير الصحيحة يتسببون في إخفاقهم».
وكان «ابتعاد الشعب الإيراني عن الدين وعلماء الدين والنظام الإسلامي» مثالاً على المشورات والحسابات التي ذكرها سماحته، منبهاً إلى أن «التشييع المليوني لجثمان الشهيد سليماني، أو تشييع الجثامين وتعبير الناس عن مشاعرهم خلال وفاة المراجع والفقهاء ذوي المقام العالي»، لا يمكن مقارنته بإحياء ذكرى أي شخصية سياسية وفنية أخرى في البلاد، «وهذا يظهر اعتقاد الناس بعلماء الدين وبالدين وبالجهاد وبالمقاومة».
أيضاً رأى الإمام الخامنئي أن حضور الشباب باشتياق في الاجتماعات المعنوية والسياسية العظيمة من العلامات الأخرى على وفاء الشعب تجاه نهج الإمام الجليل، وأضاف: «مثال آخر على الإخلاص الديني للناس هو التعبير عن الشوق والإخلاص لدى أفراد الناس تجاه محضر ولي العصر (عج) في إطار نشيدة تم إنشادها في هذه الأيام».
في المقطع الأخير من كلمته، قدّم قائد الثورة الإسلاميّة توصيات مهمّة خاطب بها الناشطين في المجالات الثوريّة والاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة. وفي توصيته الأولى للشّباب، لفت سماحته انتباههم إلى «الحذر من سلب الهويّة وعرض الحقيقة بشكل معاكس». وتابع موصياً الشباب بـ«منع تغلغل الرجعيّة... بمعنى العودة إلى السياسة الغربيّة ونمط العيش الغربيّ، فلا ينبغي السّماح للبلاد بالاتجاه نحو الرجعيّة عبر تغلغل نمط العيش الغربيّ الذي كان مشهوداً خلال المرحلة البهلويّة الفاسدة».
في توصية أخرى، أكّد سماحته «فضح أكاذيب العدوّ وحيَله وحربه النفسيّة»، مشيراً إلى نموذج حديث لهذه الحرب النفسيّة بالقول: «قبل مدّة سرقت حكومة اليونان بأمر من الأمريكيّين نفط بلدنا، لكن حين بادر شجعان الجمهوريّة الإسلاميّة الحاملين أرواحهم على الأكفّ وضبطوا ناقلة النفط التابعة للعدوّ، اتّهموا إيران بالسرقة في الدعاية الإعلاميّة الواسعة، مع أنهم مَن سرقوا نفطنا، واسترداد المال المسروق ليست سرقة».
في ختام كلمته، أشار الإمام الخامنئي إلى بعض التصرّفات الهامشيّة التي رافقت كلمة حجّة الإسلام السيّد حسن الخمينيّ، وشدّد قائلاً: «لقد سمعت أن هناك من أثاروا البلبلة أثناء إلقاء الحاج السيّد حسن الخمينيّ كلمته، فليعلم الجميع بأنّني أعارض هذه الأفعال وإثارة البلبلة».
يُشار إلى أنه في بداية هذه المراسم، ألقى حجّة الإسلام السيّد حسن الخمينيّ كلمة وصف فيها الإمام الجليل الشأن بالمنادي بالاستقلال والعزّة للشّعب الإيراني، وقال: «كان الإمام حقيقة أصيلة وروحاً مطهّرة ورمزاً وتجلّياً للأهداف الإسلاميّة والشعبيّة المشرقة».

لقاء سابق في طهران بين الرئيس الإيراني (الأول يمين) ووزير الخارجية القطري (الثاني يسار)

قال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إن القيادة الإيرانية أخبرت الجانب القطري أنها مستعدة لحل وسط بشأن الملف الإيراني، وذلك في وقت توقفت منذ مارس/آذار الماضي مفاوضات فيينا لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، وذلك بسبب خلافات متبقية بين طهران وواشنطن.

وأضاف الوزير القطري في حديث مع صحيفة "هاندلسبلات" (Handelsblatt) الألمانية أن التوصل إلى حل في الملف الإيراني سيدعم الاستقرار في الخليج، مضيفا أن ضخ كميات إضافية من النفط الإيراني للأسواق سيساعد على استقرار أسعار الخام وخفض التضخم.

وكان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قال أمس الجمعة خلال مؤتمر مشترك مع المستشار الألماني أولاف شولتز إن الدوحة مستعدة للمشاركة في جهود توصل مختلف أطراف الاتفاق النووي إلى اتفاق.

تصريح بوريل

وفي سياق متصل، ناقش منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الخطوات القادمة لإحياء الاتفاق النووي.

وقال بوريل في تغريدة على تويتر "من المهم أن تستأنف المحادثات النووية لأنه كلما طال الانتظار أكثر أصبح إنهاء المفاوضات أكثر صعوبة".

وكانت إيران والقوى المنضوية في اتفاق عام 2015 (فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين) قد بدأت قبل أكثر من عام مباحثات في فيينا شاركت فيها بشكل غير مباشر الولايات المتحدة التي انسحبت أحاديا من الاتفاق عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.

وتوقفت المحادثات بشأن الملف النووي الإيراني لأسباب عدة، أبرزها إصرار طهران على أن ترفع واشنطن الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، في حين تقول واشنطن إن العقوبة المفروضة على الحرس لا علاقة لها بالملف النووي ولا يمكن مناقشتها ضمن مفاوضات فيينا.

مقترحات إيرانية

وكانت وزارة الخارجية الإيرانية قالت الاثنين الماضي إن طهران قدمت مبادرات ومقترحات خاصة بالاتفاق النووي خلال زيارة مبعوث الاتحاد الأوروبي للمفاوضات النووية إنريكي مورا إلى طهران.

ووصفت الخارجية الإيرانية محادثات المبعوث الأوروبي في طهران الأسبوع الماضي بالجيدة، موضحة أنها بانتظار رد واشنطن على بعض المقترحات الإيرانية التي قدمت إلى المبعوث الأوروبي.

وقال المسؤولون الأوروبيون والإيرانيون إنهم اتفقوا على استئناف مفاوضات فيينا لإحياء الاتفاق النووي الإيراني.

وسبق لسيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي أن صرح بأن نص استئناف الاتفاق النووي الإيراني جاهز تقريبا، وأن المشكلة في القرار السياسي.

وكان مسؤول إيراني قد صرح للجزيرة في وقت سابق بأن 6 قضايا تشكل صلب الخلافات الرئيسية مع الولايات المتحدة في المفاوضات النووية، وأن تحقيق الاتفاق مرهون بجدية وحسن نوايا أميركا.

وفي السياق نفسه، دعت وزارة الخارجية الفرنسية الثلاثاء الماضي كلا من طهران وواشنطن إلى "اعتماد نهج مسؤول" يساعد على إحياء الاتفاق النووي الإيراني.

وأوضحت الوزارة في مؤتمر صحفي أن "مسودة اتفاقية العودة إلى الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة (الاسم الرسمي للاتفاق النووي) جاهزة منذ أكثر من شهرين"، لكن "موضوعا يخص الولايات المتحدة وإيران ولا علاقة له بخطة العمل المشتركة الشاملة لم يسمح بذلك في الوقت الحالي"، في إشارة إلى موضوع تصنيف الحرس الثوري الإيراني في قائمة الإرهاب الأميركية.

يذكر أن الاتفاق النووي الإيراني فرض قيودا صارمة على البرنامج النووي الإيراني للحيلولة دون امتلاك طهران سلاحا نوويا، وفي مقابل هذه القيود جرى رفع العقوبات الدولية عن إيران.

المصدر : الجزيرة + وكالات

 

أجرى رئيس منظمة التنمية التجارية الايرانية، مباحثات مع الجانب العماني لمعالجة معوقات التعامل المصرفي والشحن والنقل بين البلدين.

جاء ذلك في اجتماع ضم رئيس المنظمة " علي رضا بيمان باك" مع وزير الصناعة والتجارة وترويج الاستثمار العماني في مسقط نُشرت تفاصيله اليوم السبت.

وأكد استعداد المنظمة ووزارة التجارة والصناعة الايرانيتين، تجهيز البنى التحتية التجارية بين البلدين، مشيرا الى زيارة وفد تجاري يضم شركات هامة الى عمان وعقد مؤتمر تجاري في غرفة تجارة مسقط فضلا عن اقامة الجناح الايراني في المعرض الدولي للديكور والاضاءة والاجهزة المنزلية.

وأقترح بيمان باك تشكيل لجنة لتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بين وزارتي التجارة والصناعة للبلدين وتوقيع خارطة طريق تعنى بالتعاون التجاري البيني. داعيا ضرورة ابداء وزير التجارة والصناعة العماني الدعم والمتابعة لمشروع انشاء مركز تجاري ايراني في السلطنة.

من جهته إعتبر وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار قيس بن محمد اليوسف، الزيارة المرتقبة للرئيس الايراني الى السلطنة الاثنين المقبل، بانها فرصة، ومن شأنها أن تؤثر على تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية.

وأعرب عن أمله بان تسفر الزيارة المرتقبة عن ابرام وثائق اقتصادية وتجارية تمهد بدورة لتطوير العلاقات بين البلدين.

يشار أن رئيس منظمة التنمية التجارية الايرانية يجري زيارة الى مسقط على رأس وفد رفيع يضم ممثلين عن 30 شركة خاصة بجانب مندوبين عن الموانئ وصندوق ضمان الصادرات منذ الاثنين الماضي.

 

مجلس النواب المصري خلال إحدى جلساته العامة

دعاء عبد اللطيف

 ردود فعل وتساؤلات عدة أثارها رفض مجلس النواب المصري قبل أيام طلبا من النائب العام برفع الحصانة عن النائبة البرلمانية سحر القاضي على إثر دعوى قضائية مقامة ضدها تتهمها بتحرير شيك بدون رصيد تبلغ قيمته 5 ملايين جنيه (نحو 270 ألف دولار(

شبهة الكيدية وعدم استيفاء شروط اللائحة الداخلية هما الذريعتان اللتان أعلنت عنهما لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس النواب لعدم قبول رفع الحصانة عن البرلمانية المنتمية لحزب الوفد.

رفض رفع الحصانة عن النائبة ليس موقفا جديدا من قبل البرلمان بغرفتيه (مجلسا النواب والشيوخ)، حيث تكرر سابقا مع 13 نائبا خلال أقل من عام ونصف، وهو عمر البرلمان الحالي الذي عقد أولى جلساته في يناير/كانون الثاني 2021.

اللافت أن أكثرية النواب الذين هم في محل الاشتباه -ومن ثم طُلب رفع الحصانة عنهم- متهمون في قضايا تخص ذممهم المالية وتحرير شيكات بدون رصيد.

ووفقا لما نقلته وسائل إعلام محلية وقتها، طالت الانتخابات البرلمانية -التي أجريت أواخر عام 2020- كثير من الاتهامات الإعلامية والحقوقية بشأن تزايد ظاهرة الرشاوى الانتخابية ودفع المرشحين ملايين الجنيهات إلى الأحزاب لضمان مقاعد على قوائمهم.

حالات عدة

المثير للانتباه أن مجلس النواب رفض في بعض الحالات مجرد الإفصاح عن اسم النائب المطلوب رفع الحصانة عنه إذا رأت هيئة مكتب المجلس أن طلب رفع الحصانة غير مستوفٍ شروط اللائحة الداخلية، ويتم عرضه على الجلسة العامة مباشرة دون أن يسمى النائب المطلوب رفع الحصانة عنه.

أما إذا استوفى الشروط فيحال الطلب إلى اللجنة التشريعية والدستورية لإعداد تقرير بشأنه ليتم عرضه على الجلسة العامة للتصويت، مع الإعلان عن اسم النائب وسبب طلب رفع الحصانة عنه.

وحالات طلب رفع الحصانة التي رفضها مجلس النواب الحالي هي:

  • أبريل/نيسان 2022: رفض مجلس النواب الطلب المقدم من النائب العام برفع الحصانة عن النائبة رقية عبد العزيز، لعدم سدادها مبلغا ماليا اقترضته من إحدى المواطنات وحررت بقيمته شيكا بدون رصيد.

– لم يقبل مجلس الشيوخ رفع الحصانة عن النائب مجدي الدين حسيب أبو الحسن على إثر إصداره 14 شيكا بدون رصيد غير قابلة للسحب بقيمة تقارب 3 ملايين جنيه، وفق خطاب النائب العام للبرلمان.

– رفض مجلس الشيوخ طلب النائب العام بالإذن برفع الحصانة عن أحد الأعضاء لاتخاذ الإجراءات القانونية ضده في إحدى القضايا، ولم يُكشف عن اسم النائب أو سبب طلب رفع الحصانة عنه.

  • يناير/كانون الثاني 2022: رفض مجلس النواب طلب النائب العام برفع الحصانة عن النائب أحمد زهير عبد الغني.

– لم يقبل مجلس النواب طلب رفع حصانة عن أحد أعضائه، دون أن يسميه.

  • ديسمبر/كانون الأول 2021: أعلن مجلس النواب الموافقة على قرار مكتب المجلس رفض طلب للنائب العام برفع الحصانة عن أحد النواب، لم يذكر اسمه.
  • نوفمبر/تشرين الثاني 2021: رفض مجلس النواب طلب النائب العام رفع الحصانة عن إحدى النائبات، دون الكشف عن اسمها.
  • أكتوبر/تشرين الأول 2021: لم يوافق مجلس النواب على رفع الحصانة عن النائب تامر عبد القادر بناء على طلب النائب العام لاتخاذ الإجراءات القانونية، لاتهامه بالحصول على رشوة لتسهيل أمور غير قانونية، ووافق مجلس الشيوخ على قرار مكتب هيئة المجلس بعدم رفع الحصانة عن 3 من أعضائه، دون تسميتهم أو سبب طلب رفع الحصانة.
  • يوليو/تموز 2021: رفض مجلس الشيوخ طلب رفع الحصانة المقدم ضد النائب عبد المنعم سعيد، وذلك بعد اتهامه بالاعتداء على المال العام إبان رئاسته مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، حيث جاء الرفض لكيدية البلاغ المقدم ضده.
  • أبريل/نيسان 2021: لم يقبل مجلس النواب الطلب المقدم من النائب العام بشأن الإذن باتخاذ الإجراءات الجنائية بحق رئيس لجنة الشؤون الأفريقية بالبرلمان شريف الجبلي، وذلك على إثر تحرير شيك بدون رصيد.

تخيل يا مؤمن ان نائب عام الشعب ( نفترض) يتهم نائبة بمجلس الشعب يقوم يطلب من مجلس النواب عن الشعب رفع الحصانة عن المتهمة يقوم المجلس اللي مفروض نائب عن الشعب يرفض بسلم المتهم لنائب عام المفروض الشعب

الحصانة الإجرائية

هناك ضوابط وإجراءات بشأن رفع الحصانة عن أعضاء البرلمان تحددها بشكل مفصل اللائحة الداخلية لمجلسي النواب والشيوخ.

تنص المادة 356 من اللائحة الداخلية على عدم جواز اتخاذ أي إجراءات جنائية -سواء في مرحلة التحقيق أو الإحالة إلى المحاكمة- إلا بإذن سابق من البرلمان، ويستثنى من ذلك حالة التلبس بالجريمة.

وتشترط المادة 357 أن يكون طلب الإذن برفع الحضانة عن العضو مقدما من النائب العام أو المدعي العام العسكري، مع بيان الواقعة المنسوبة للعضو المطلوب رفع الحصانة عنه بسببها، إلى جانب إرفاق نسخة من مستندات القضية المتهم فيها النائب.

وإذا كان طلب رفع الحصانة مقدما ممن يريد إقامة دعوى قضائية مباشرة ضد النائب فإنه يشترط موافقة النائب العام على طلب رفع الحصانة، ويجب أن تتوافر في مقدم الطلب الصفة والمصلحة، وأن يقدم طلبا برفع الحصانة مرفقا به صورة من عريضة الدعوى المزمع إقامتها مع المستندات المؤيدة لها، وفقا لما تنص عليه اللائحة الداخلية للبرلمان.

ووفق المادة 361، لا ينظر البرلمان في توافر الأدلة أو عدم توافرها للإدانة في موضوع الاتهام الجنائي بحق النائب أو في الدعوى المباشرة من الوجهة القضائية، ويقتصر البحث على مدى كيدية الادعاء أو الدعوى أو الإجراء، والتحقق مما إذا كان يقصد بأي منها منع العضو من أداء مسؤولياته البرلمانية بالمجلس.

ويتعين البت في طلب اتخاذ الإجراء الجنائي ضد العضو خلال 30 يوما على الأكثر من تاريخ إخطار المجلس وإلا اعتبر الطلب مقبولا.

 

برلمان 2015

برلمان 2015 -الذي كان يضم عددا أكبر من النواب المعارضين مقارنة بالبرلمان الحالي- كان أكثر مرونة في التعامل مع طلبات النائب العام برفع الحصانة عن النواب، إذ تعددت الحالات التي قبل فيها رفع الحصانة، بل وتم إسقاط عضوية نائبين.

فقد تم رفع الحصانة عن النواب السابقين سحر الهواري وهيثم الحريري وخالد شعبان، وثلاثتهم تقدموا بطلبات رفع الحصانة عنهم لمثولهم أمام جهات التحقيق في قضايا عنف وذمم مالية.

وبعد رفع الحصانة عنها أدانت محكمة جنايات الإسكندرية الاقتصادية البرلمانية سحر الهواري وشقيقيها حاتم وحازم الهواري بالسجن لمدة 5 سنوات، لإعلانهم الإفلاس بالتدليس عام 1998 بإجمالي مبلغ 238 مليون جنيه للتهرب من سداد ديونهم.

كما وافق مجلس النواب على طلب النائب العام برفع الحصانة عن النائب محمد الحناوي، بسبب اتهامه بتحرير شيك بقيمة مليون و750 ألف جنيه لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب.

وتم رفع الحصانة عن النائب صلاح عيسى، لاتهامه بتسهيل إجراءات استصدار تراخيص بناء مقابر على قطعة أرض نظير مبلغ مالي قدره مليونا جنيه على سبيل الرشوة.

كما أسقط البرلمان عضوية النائب محمد أنور السادات بدعوى "الحط من قدر" مجلس النواب في تقارير أرسلها إلى الاتحاد البرلماني الدولي، كما اتهم بتزوير توقيعات عدد من النواب على مشروع قانون تقدم به إلى البرلمان.

ووافق مجلس النواب على إسقاط عضوية الإعلامي المثير للجدل توفيق عكاشة عضو المجلس على إثر لقائه السفير الإسرائيلي في القاهرة.

وأرجع رئيس مجلس النواب وقتئذ علي عبد العال التصويت على إسقاط عضوية عكاشة لخوضه في أمور تتعلق بالأمن القومي المصري وليس لمقابلته السفير الإسرائيلي.

 

معلومات عن قيام النائب العام حمادة الصاوي بطلب رفع الحصانة عن النائب تامر عبدالقادر، البرلماني عن محافظة الوادي الجديد، لوجود تسجيلات من الرقابة الإدارية بطلبه رشوة لتسهيل أمور غير قانونية، النائب عضو عن حزب مستقبل وطن
ورفض البرلمان الطلب؟

وتم تبرير الرفض انها شكوك كيدية؟

تشجيع للنواب

وفي هذا السياق، استنكر عدد من رواد منصات التواصل الاجتماعي رفض البرلمان المتكرر طلبات رفع الحصانة عن نواب متهمين في قضايا جنائية، مبدين الدهشة من كون هؤلاء المتهمين يمثلون السلطة التشريعية للبلاد.

بدوره، علق الكاتب الصحفي أحمد حسن الشرقاوي على استمرار رفض طلبات رفع الحصانة عن أعضاء البرلمان، معتبرا إياه يشجع باقي النواب على تحدي القانون.

وعن واقعة رفض مجلس النواب رفع الحصانة عن النائبة رقية عبد المنعم، قال الشرقاوي عبر حسابه على موقع فيسبوك إن النائبة متهمة بالنصب والاحتيال، وتتولى إدارة شركة مقاولات تعمل من الباطن في تنفيذ مشروعات تطرحها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.

وعن الكيدية التي يتذرع بها البرلمان لرفض طلبات رفع الحصانة، قال زهدي الشامي نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي إن الادعاء بكون الاتهامات للنائب كيدية يعد تزيدا من المجلس الذي يحول نفسه إلى سلطة تحقيق بدل النيابة العامة التي تتقدم بطلب رفع الحصانة مشفوعا بوثائق وتسجيلات.

وأشار الشامي إلى أن الزعم بوجود كيدية هو إساءة لكافة السلطات القضائية التي لا يمكن أن تكون لديها خصومة شخصية مع النائب المتهم.

واعتبر القيادي الحزبي أن موقف البرلمان من طلبات رفع الحصانة أمر متوقع بعدما تم اختيار أعضائه وبقانون انتخابي معيب وبطريقة سلطوية انطوت على فساد سياسي، حسب وصفه.

المصدر : الإعلام المصري

 

السبت, 21 أيار 2022 07:10

مسار الخلافة على الأرض

 ما هو الهدف المرسوم لخلافة الإنسان على الأرض؟

 وفي أيّ اتّجاه يجب أن تسير هذه الخلافة في ممارستها الدائبة؟

 ومتى تحقّق هدفها وتستنفذ غرضها؟

 إنّ الخلافة الربّانية للجماعة البشرية وفقاً لركائزها المتقدّمة، تقضي بطبيعتها على كلّ العوائق المصطنعة والقيود التي تجمّد الطاقات البشرية وتهدر إمكانات الإنسان؛ وبهذا تصبح فرص النمو متوفّرة توفّراً حقيقياً.

النمو الحقيقي في مفهوم الإسلام، أن يحقّق الإنسان - الخليفة على الأرض - في ذاته تلك القيم التي يؤمن بتوحيدها جميعاً في الله عزّ وجلّ الذي استخلفه واسترعاه أمر الكون. فصفات الله تعالى وأخلاقه، من العدل والعلم والقدرة والرحمة بالمستضعفين والانتقام من الجبّارين والجود الذي لا حدّ له، هي مؤشّرات للسلوك في مجتمع الخلافة، وأهداف للإنسان الخليفة، فقد جاء في الحديث: "تشبّهوا بأخلاق الله". ولمّا كانت هذه القيم على المستوى الإلهي مطلقة ولا حدّ لها، وكان الإنسان الخليفة كائناً محدوداً، فمن الطبيعي أن تتجسّد عملية تحقيق تلك القيم إنسانياً في حركة مستمرة نحو المطلق، وسير حثيث إلى الله. وكلّما استطاع الإنسان من خلال حركته أن يتصاعد في تحقيق تلك المثل ويجسّد في حياته بصورة أكبر فأكبر عدالة الله وعلمه وقدرته ورحمته وجوده ورفضه للظلم والجبروت، سجّل بذلك انتصاراً في مقاييس الخلافة الربّانية، واقترب نحو الله في مسيرته الطويلة التي لا تنتهي، إلّا بانتهاء شوط الخلافة على

الأرض، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾[1].

 ولم يكن من الصدفة أن يوضع العدل أصلاً ثانياً من أصول الدين، ويميز عن سائر صفات الله تعالى بذلك، وإنّما كان تأكيداً على أهمّ صفات الله تعالى في مدلوله العملي ودوره في توجيه المسيرة الإنسانية؛ وذلك لأنّ العدل في المسيرة وقيامها على أساس القسط هو الشرط الأساس لنمو كلّ القيم الخيّرة الأخرى، وبدون العدل والقسط يفقد المجتمع المناخ الضروري لتحرّك تلك القيم وبروز الإمكانات الخيّرة.

 فالخلافة إذاً، حركة دائبة نحو قيم الخير والعدل والقوّة، وهي حركة لا توقّف فيها؛ لأنّها متّجهة نحو المطلق، وأيّ هدف آخر للحركة سوى المطلق - سوى الله سبحانه وتعالى - سوف يكون هدفاً محدوداً، وبالتالي سوف يجمّد الحركة، ويوقف عملية النمو في خلافة الإنسان. وعلى الجماعة التي تتحمّل مسؤولية الخلافة أن توفّر لهذه الحركة الدائبة نحو هدفها المطلق الكبير كلّ الشروط الموضوعية، وتحقّق لها مناخها اللازم، وتصوغ العلاقات الاجتماعية على أساس الركائز المتقدّمة للخلافة الربّانية.
 
نهضة الإنسان: الإنسان والثورة والحرية عند أعلام الفكر الإسلامي الأصيل، مركز نون للتأليف والترجمة

[1]  سورة الانشقاق، الآية 6.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين، ولا سيّما بقيّة الله في الأرضين.

أهلاً وسهلاً بكم، أيّها الإخوة الأعزاء، والأخوات العزيزات، ومعلِّمو البلاد والمفتخَرون بهداية أجيال المستقبل، فكل ما نقوله في منقبة المعلِّمين ليس كثيراً. إن شاء الله، يوفقنا الله جميعاً -أنتم ونحن أيضاً- لنتمكن من فعل ما يُرضي الله المتعالي عنكم وعنا.
أشكر السيد الوزير، فقد ذكرَ نقاطاً جيّدة في كلمته[1]: القرارات التي اتخذتموها والوثائق التي صغتموها، لكن أود أن أوضح نقطة له ولمجموعة هيئتكم كافّة: ليس لدينا أيّ نقص في القرارات والقوانين والوثائق الجيدة. لدينا قرارات ووثائق جيدة وما شابه في البلاد بقدر ما تودّون. المهم هو العمل بهذه القرارات. تابعوا هذا الأمر. إنشاء مقر أمر سهل، سواء أكان مقراً عسكرياً، أو مقرات لمواضيع أخرى [بما في ذلك] الاقتصاديّة والثقافيّة وغيرها، لكن استمرار عمل هذه المقرات ونتاجاتها مهمان جداً. انطلقوا وراء عملٍ جادٍّ وجهادي حتى يتم العمل الذي ترومون إليه، إن شاء الله -أرى أنكم مهتمون بالنقاط المهمة في التربية التعليم- وتابعوا ذلك حتى يكتمل، إن شاء الله.

حسناً، الهدف والغرض من لقائنا السنوي مع معلِّمينا الأعزاء -كان [اللقاء] في السنة والسنتين الماضيتين غير تامّ وقد وُفّقنا هذه السنة لرؤيتكم وجهاً لوجه، بحمد الله- هو إبراز دور المعلِّمين في الثقافة العامة للبلاد. هذا هو هدفنا. نريد أن يُعرَف المعلِّم، وتكون قيمة مهنة التعليم لدى الرأي العام قيمة راسخة وخالدة، فالحال ليست كذلك الآن. يجب أن نتصرف بطريقة يفخر بها المعلِّم نفسُه بمهنة التعليم، وتفتخر عائلته بمهنته، وينظر إليه المجتمع على أنه كائن مفتَخَر. يجب أن نصل إلى هنا. يتطلب الأمر بعض القول وبعض العمل. الآن بشأن الأقوال سنعرض اليوم شيئاً موجزاً في هذا الصدد.

لكلمة المعلِّم تطبيقان لا تطبيق واحد. التطبيق الأوّل هو أخذ المعلِّم بمعنى المدرِّس والأستاذ [بالمعنى العام]. حسناً هذه قيمة كبيرة جداً وسامية. الله المتعالي هو من المعلِّمين: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾[2]، ﴿عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾[3]، هذه ينسبها الله إلى نفسه. إنّها قيمة سامية جدّاً... أو بشأن الأنبياء (ع) أو النبي الأكرم (ص) مثلاً [يقول]: ﴿وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾[4]. المعلِّم بهذا المعنى... أو الحكماء والعلماء والفقهاء والعرفاء والشخصيات البارزة كافة، وهذا الشهيد مطهري العزيز نفسه ونحوهم هم معلِّمون بهذا المعنى، فهي قيمة عظيمة جداً، أي الشخص الذي يعلّم شيئاً للمخاطب. هذا تطبيق.

التطبيق الآخر [لمعنى] المعلِّم هو معلِّم التربية والتعليم، وهو تطبيق ثانٍ. نحن نناقش الآن هذا التطبيق الثاني. النقاش ليس عن مطلق المعلِّمين؛ النقاش هو عن هذا المعلِّم على وجه الخصوص. ثقل القيمة لهذا التطبيق هو ضعف ثقل القيمة للتطبيق الأول. لماذا؟ من أجل الفئة المخاطبة لهذا التعليم، فمخاطب هذا التعليم هم مجموعة من الأناس الذين من المرجح أن تأثير هذا التعليم فيهم أعلى بمراتب من تأثيره في الفئات الأخرى كافة. هذه هي أهميّة عمل المعلِّم، أي معلِّم التربية والتعليم يتمتع بقيمة التطبيق الأول بالإضافة إلى أن عمله في ميدان وساحة لا بديل عنه. ليس هناك أيّ بديل.

مخاطبوكم هم في أفضل سنّ لقابليّة التأثير وقابليّة التربية. مخاطبوكم هم الذين لن ينسوا ما تعلِّمونهم إياه إلى آخر عمرهم. هذه [نقطة] مهمة جداً. نحن نتعلم المعلومات باستمرار. وفق اختلاف السن واختلاف ذاكرة الأفراد نتعلم من هذا الجانب، وننسى من ذاك الجانب، لكننا لا ننسى ما تعلمناه في الطفولة. عادة لا ننساه حتى آخر عمرنا. هناك مثل عربي مشهور يقول: «العلم في الصغر كالنقش في الحجر»[5] أو «كالنقر في الحجر»، كأنكم تنقشون وتنقرون شيئاً في الحجر، أيْ هناك انقشوا على الحجر أو كما يقال: اعملوا على الحجر واكتبوا فإنه لا يمحى وموجود دائماً. مخاطبكم على هذا النحو.

حسناً لقد تحدثنا مراراً وتكراراً عن «الحضارة الإسلاميّة الجديدة»[6] أو فلنعبّر هكذا: «الحضارة الإسلاميّة المزدهرة». حضارة إسلاميّة تزدهر مواهبها بما يتناسب مع الزمان وتظهر نفسها. لقد قلنا هذا مراراً وتكراراً. إن البنية التحتيّة الأساسيّة لأي حضارة هي الموارد البشريّة، فالطاقة البشريّة هي ما يمكن أن يجعل الحضارة محتملة وممكنة وتتحقق. مَن الذين يشكلون هذه الطاقة في بلادنا؟ مَن الذين يستطيعون أن يفعلوا مثل هذا العمل العظيم في المستقبل؟ جيلٌ يمتلك امتيازات ما. هذا الجيل أنتم من سيبنيه اليوم. جيل عصامي ويمتلك هويّة، هويّة إيرانيّة-إسلاميّة متينة وعميقة، وليس مولهاً ومفتوناً بهذا أو ذاك وببقايا حضارة الشرق والغرب المنسوخة. جيل مطّلع وعالم وفعّال وماهر وملمّ بنمط العيش الإسلامي والتقاليد الإيرانيّة. مثل هذا الجيل لازمٌ ليكون قادراً على بناء تلك الحضارة. لقد كنا في صدد إنشاء هذا الجيل منذ بداية الثورة. بالطبع، لا يمكن القول إننا لم ننجح تماماً. لا، الحمد لله، لقد كان لدينا بعض النجاحات. وفي مختلف المجالات، تحققت العناصر التي تربّت على هذا النحو ببركة هؤلاء المعلِّمين وازدهرت وأظهرت نفسها في مجالات مختلفة -أنتم تعلمونها طبعاً- كالاقتصاد والمسائل العسكريّة وفي السياسة وغيرها، لكن هذا لا يكفي. إذا كنا نريد أن تنشأ تلك الحضارة بذلك التوسع، فعلينا تنمية هذا الجيل، ولا بد أن تنتشر هذه التربية وتصير واسعة. لذا، إذا كنا نريد ذلك، فليس هناك أيّ فرصة للجمهوريّة الإسلاميّة أكبر وأفضل من هذه السنوات الاثنتي عشرة. هذه السنوات الاثنتا عشرة هي أعظم فرصة للجمهوريّة الإسلاميّة لتكون قادرة على نقل قيم الثورة ومُثلها على نحو صحيح إلى هذا الجيل، وترسيخ الهويّة الإسلاميّة والإيرانيّة فيه. هذه السنوات الاثنتا عشرة هي أفضل فرصة.

حسناً هذه هي رسالة التربية والتعليم، رسالة المعلِّمين. كما ترون، إنها عمل كبير جداً، عمل عظيم جداً. هذا ليس مجرد تعليم عادي؛ إنه تعليم بنيوي. لحسن الحظ، لقد تمت تهيئة الأرضيّة للتربية والتعليم أيضاً من أجل هذا العمل، أي لدى حكومة الجمهوريّة الإسلاميّة مؤسسة وطنيّة مترامية تسمّى وزارة التربية والتعليم التي تمتد إلى أقصى نقاط البلاد وأعماق المدن والقرى. حسناً هذه فرصة مهمة جداً. على كل هذا المستوى الشاسع، تكون كلٌّ من الآذان والقلوب جاهزة للاستماع، وفي انتظاركم [لتتكلموا] إليهم. غالباً ما كنت أذكّر بعض الفضلاء والمعممين الذين كانوا مثلاً يعملون في قطاعات التعليم المدرسي أو الجامعي، أذكّرهم بهذا المطلب وأقول: «دائماً عندما كنا نذهب إلى المنبر كنا ننتظر مثلاً أن يتجمّع بعض المستمعين هناك حتى نتمكن من التحدث إليهم، والآن هذا الحشد الكبير من التلاميذ يجلس تحت منبركم». هذا القول يصدق على المعلِّمين أيضاً. ثمة آذان وقلوب جالسة هناك لساعات طويلة في الأسبوع تنتظر خروج كلامٍ من فمكم فيستقر في قلوبهم شئنا أم أبينا. المهم أن كلامكم هذا يستقر في قلوبهم إذا قيل بطريقة صحيحة. يجب أن نرى هذا الأمر مَغنماً. هذه مسألة مهمة للغاية. إنها فرصة مهمة.

وهذا التعريف للتربية والتعليم يُظهر كم هي مؤسسة عظيمة. وجنابه كان محقاً في قوله إنه يمكن معرفة مستقبل البلاد من النظر إلى التربية والتعليم. نعم، هذا صحيح. [إذا] نظرنا اليوم إلى التربية والتعليم، يمكننا تخمين التربية والتعليم في غد البلاد من اليوم ومعرفة كيف سيكون. حسناً هذا الآن ثناء على التربية والتعليم؛ ثناء حقيقي وليس تشريفياً.

لكن هناك مشكلات في التربية والتعليم عندنا، وسأوضح الآن بعض النقاط في هذا الصدد. إنّ حلّ هذه المشكلات والوصول إلى الوضع المنشود يتطلب كُلّاً من التدبير والمعرفة والهمّة والسعي والمُجاهَدة والتحمّل والتصبّر والحلم. يجب ألا يكلّ المديرون، وألا يرتبكوا، وأن يتابعوا العمل بحلم.

بالطبع، نحتاج أيضاً إلى أدوات. من الضروري في المقام الأول وجود متن تعليمي لهذه الأعمال، أي الالتفات إلى أهميّة المتن التعليمي. لا يكون الموضوع بالقول والحديث والتوصية فقط. يجب أن تعدّ التربية والتعليم متناً تعليمياً لهذه الأهداف التي قلنا أنْ يتابعها المعلِّمون، سواء المتن التعليمي وكذلك كميّة المعلِّمين. لدينا مشكلة من ناحية عدد المعلِّمين. ما أبلغوني به في تقرير هو أن نحو سبعين ألفاً من معلِّمينا على مشارف التقاعد الآن، فيما يمكننا جذب نحو نصف هذا العدد ونريد ذلك. [هذه] مشكلة كبيرة. لا بد من العمل على هذه القضيّة، وسأتطرق إليها في إشارة إلى جامعة فرهنكيان.

نوعيّة المعلِّم مهمة أيضاً، جودة المعلِّم! سواء نوعيّة المستوى العلمي والدرس والعلم وما إلى ذلك... لا ينبغي أن تكون الحال، على سبيل المثال، أن الرتب الدنيا من امتحان القبول تذهب إلى هذه القضيّة (مهنة التعليم). كلا! رتبوا الأمر [لتدخل] الرتب العلميّة العالية، ثمّ من الجانب الأخلاقيّ والتربية الأخلاقيّة والتربية الدينيّة والتديّن والاعتقاد الدينيّ. هذه السمات النوعيّة في المعلِّم، وهي المطلوبة. إذا أردنا تحقيق هذه الأهداف، فإن قضيّة المعلِّم هي أحد هذه الأشياء. بالطبع، البرامج والأعمال فوق المخطط ضروريّة وحبذا لو تُنفّذ. بالطبع، في السابق أيضاً، كان لدينا معلِّمون جيدون وملتزمون من داخل التربية والتعليم -كان الأمر دائماً على هذا النحو- وحتى في مرحلة ما قبل الثورة لدينا أولئك المعلِّمون أنفسهم الذين تصرفوا مع التلاميذ في ذلك اليوم على نحو أوجد حركة طالبيّة عظيمة حول قضايا الثورة، وهذا يعني أن من الأمور اللافتة للنظر حقاً في الثورة حضور فئة التلاميذ، وبالطبع حدث فيها بعض المجازر أيضاً، وإحداها يوم 13 آبان (04/11/1978م)، وتلك المذبحة بالقرب من جامعة طهران. هذا يدل على أن المعلِّمين كانوا فعّالين... أو في بداية الثورة، هؤلاء المعلِّمون الذين ملأ الشبّان المتربّون على أيديهم الجبهات واستشهد عدد كبير منهم، كما استشهد العديد من المعلِّمين أنفسهم. والأمر على هذا النحو اليوم أيضاً. فحتى اليوم -بحمد الله- ليس لدينا عدد قليل من المعلِّمين الملتزمين والمؤمنين والمعتقدين بالدين والحريصين. بالطبع، لدينا معلِّمون على نحو آخر أيضاً.

حسناً، من الجيد أن نقسّم قضايا التربية والتعليم. بعض القضايا تتعلق بالتربية والتعليم عامة، وبعضها بالمعلِّمين خاصة. لا ينبغي خلطها، بمعنى أنه يجب أن يكون واضحاً أين تكمن النقاط ووجهات النظر في كل قضيّة، ومَن المخاطب ومَن المسؤول.

بشأن التربية والتعليم هناك نقطة عامة أؤكدها وأكررها أيضاً في الكلمات والكتابات. يجب أن نقوم على عمل ليصير تلاميذنا يتمتعون بهويّة وطنيّة. ينبغي ألّا يكون الهدف من تربية التلميذ ومن مجيئه إلى المدرسة، الابتدائيّة أو الثانويّة، مجرد أنه يريد أن يتعلم الدروس. نعم، يجب أن يتعلم الدروس، وأن يتعلم العلم، ولكن الأهم من تعلّم العلم، أو على الأقل في منزلة تعلّم العلم، أن يشعر بالهويّة، وأن يُصنع هنا إنسان ذو هويّة فيحصل على الهويّة الوطنيّة والشعور بالثقة الوطنيّة، ويتعرف طفلنا من أعماق روحه إلى مفاخر الوطن. هذا شيء غير موجود اليوم. يوجد كثير من المفاخر. ولقد ذكرَ جنابه الآن اسم المرحوم كاظمي آشتياني[7]. أجروا استطلاعاً بين أبناء مدارسكم لمعرفة النسبة المئويّة للذين يعرفون المرحوم كاظمي آشتياني بكل تلك الخدمات وبكل تلك القيمة الوجوديّة التي كان يتمتع بها هذا الرجل وهذا الشاب -كان شاباً- ونسبة مَن يعرفون رونالدو مثلاً! أحياناً يذكر الأطفال الصغار في عائلتنا أسماء لا أستطيع حتى أن أتعلّمها! إنهم يعرفونهم تماماً ما هو عملهم. لماذا لا نعرف مفاخرنا الوطنيّة؟ هذه [قضيّة] مهمّة جداً.

جانبٌ من الأمور التي نُسمّيها «هويّة وطنيّة» هو أن يتعرّفوا إلى هذه المفاخر الوطنيّة: الماضي العلميّ، الماضي السياسيّ، الماضي الدوليّ، الجهود التي بُذلت، الجهاد الذي تمّ. كم عدد أبناء اليوم، من الجيلين الثالث والرّابع، الذين يعرفون بصورة صحيحة قضايا الثورة الإسلاميّة؟ كم يعرفون الإمام [الخمينيّ] الجليل، غيرَ اسمه وبعض تعبيرات الثناء؟ كم لديهم اطّلاع على علماء البلاد؟ هذه مفاخرُ وطنيّة. كم هم على معرفة بمبادئ الثورة الإسلاميّة؟ حسناً، هذه الثورة التي استطاعت إطلاق هذا الطوفان الضّخم، وتحريك هذا المحيط، ليست مزحة. أن تتمكّن حركة ثوريّة من تحريك بلدٍ بكلّ أجزائه -خلال الثورة الإسلاميّة، حين كانت المسيرات والمظاهرات تنطلق، لم يكن الأمر منحصراً في طهران أو المدينة الفلانيّة الكبيرة، فقد كانت هذه المسيرات نفسها تحدث في القرى الفلانيّة- هذا يعني تلاطم المحيط.

ما الذي استطاع تحريك هؤلاء على ذاك النّحو؟ ما الذي فعله الإمام؟ ما الذي كان يقوله الإمام؟ ماذا كان الكلام الأساسيّ للإمام؟ هناك أكثر من عشرين مجلّداً تحتوي على تصريحات الإمام وخطاباته وكتاباته وهي مُتاحة اليوم، فكم جرت قراءتها؟ كم جرى الاهتمام بهذه المجلّدات؟ فليعرفوا مبادئ الثورة الإسلاميّة. ولا يقتصر الأمر على المعرفة، فليندمجوا مع هذه الأمور، فليندمج هذا الشّاب وهذا الفتى في المرحلتين الابتدائيّة والثانويّة مع هذه المبادئ وليتعرّف قلبُه وروحه إليها. حسناً، نحن أيضاً بحاجة إلى معادلات الكيمياء والرياضيّات واللغة الأجنبيّة وأمثال هذه الأمور. هذا الكلام لا يعني أن نضع الدراسة جانباً. لا، فالدراسة ضروريّة، ونحن نعتقد بوجوب أن تُرفع راية العلم عالياً في البلاد أكثر فأكثر كلّ يوم، لكن إلى جانبها لا بدّ أن تُرفع أيضاً راية الهويّة الوطنيّة، والهويّة الباعثة على الفخر، والهويّة الثوريّة، والهويّة الإسلاميّة.

[لا بُدّ] أن يُدرك الأطفال قيمة أن يكون المرء مقاوِماً، [أي] كون أجزاء شعبٍ ما كلها أجزاء مقاومة. ما معنى مقاوِم؟ أي لا يتراجعون أمام الابتزاز، ولا ترتعد فرائصهم حين يُشنّ هجومٌ عليهم، ولا يتنازلون أمام التجبّر، هذا ما تعنيه كلمة مقاوِم. هذا هو إكسير العلاج لمشكلات البلد: الشعور بالمقاومة وروحيّة المقاومة. حسناً، فالعالم عالمُ التجبّر. الجميع يمارسون التجبّر وكلّ من يقدر على التجبّر يتجبّر، ولا فرق في ذلك بين صغيرٍ وكبير، ولا شرقٍ أو غرب. لا بدّ لأيّ شعبٍ أن يقاوم في وجه هذا التجبر، وأن نتعلّم هذا الأمر منذ الصّبا ويُرسى فينا منذ الصبا... أو قيمة التحلّي بالثقة بالنّفس. هذه أمورٌ ضروريّة ولا بدّ أن تُنجز. بهذه الأمور، ينشأ ذاك الجيل الباني للحضارة، ويتكوّن الجيل القادر على إعزاز الشّعب والبلاد.

هذه الأمور كلها تكتمل في المدرسة. لاحظوا قيمة المعلِّم! [وزارة] التربية والتعليم هي المتصدّية لإنجاز مثل هذا العمل، ومن أجل هذه الخصوصيّات، ولا تُمكن مقارنة التربية والتعليم بأيّ وزارة أخرى.

هناك نقطة أخرى حول قضايا التربية والتعليم ترتبط بمخطّطات هذه الوزارة وبرامجها، وهي الفصل بين العلم النّافع والعلم الذي لا ينفع... العلم النّافع. الآن بما أنّكم متخصّصون، أي أكثر تخصّصاً منّي في هذه القضيّة، يجري اليوم في ثانويّاتنا ولعلّ ذلك في مدارسنا الابتدائيّة تدريس علوم لا تحمل أيّ فائدة لحاضر ومستقبل هذا التلميذ، وهناك أمورٌ ورؤى ينسونها أيضاً ولا تساعدهم في أيٍّ من قضايا الحياة، ولا تساهم في تطوير العلم لدى هؤلاء [التلاميذ]. تعرّفوا إلى هذه الأمور واحذفوها. العلم النّافع هو ذاك القادر على جعل مواهب الشابّ والفتى تزدهر فيكتشف مواهبه ويوجّهها في اتجاه تناميه ويجعلها تزدهر، كما يوفّر لمستقبله مدّخراً ذهنيّاً وعمليّاً. هذا هو العلم النافع. ثمّ سوف يكون طبعاً مؤثّراً في تقدّم البلاد وارتقائها. لكن أن نلقي حفنة من مواد الحفظ العديمة الفائدة هذا لا فائدة فيه. فليجرِ تخصيص وقتٍ للتعليم والمهارات، وقد تخلّل كلام السيّد الوزير إشارة إلى هذا الأمر، وهذا جيّد. تابعوا هذه القضيّة. نمط العيش الإسلامي، والتآزر، والتعاون الاجتماعيّ... لا بدّ أن يتعلّم الطّفل هذه الأمور في المدرسة. [أيضاً] التنظيم والامتثال للقانون. واحدة من مشكلاتنا قضيّة غياب الانضباط في الحياة الاجتماعيّة والحياة العائليّة وأمثال هذه الأمور المشهودة عادة. لا بدّ لنا أن نتعلّم من سنيّ المراهقة والشباب التنظيم والانضباط واتّباع القانون. [أيضاً] روح المطالعة. في مقدرونا ترسيخ حسّ البحث والمطالعة لدى الشّباب والناشئة، وفي إمكانكم أن تنقلوا إليهم هذا الأمر بصفته مهارة. [كذلك] الأنشطة الجهاديّة ومكافحة نقاط الضّعف الاجتماعيّة، فالأفراد كلهم قادرون على مكافحة نقاط الضعف الاجتماعيّة حين يتوفّر لديهم الدافع لذلك. هذه نقطة أيضاً.

النقطة التالية مرتبطة بـ«وثيقة التحوّل» التي أشار إليها جنابه. قضيّة «وثيقة التحوّل» ليست حقّاً قضيّة تُفرح القلب. لقد جرى منذ أكثر من عشر سنوات تنظيم هذه الوثيقة، والوزراء المحترمون الذين تعاقبوا على هذه المسؤوليّة -يبدو أنّ ستّة وزراء وعدداً من المشرفين كانوا في [وزارة] التربية والتعليم، والتبدّل في المسؤوليّات الإداريّة هذا يشكّل قضيّة منفصلة بحدّ ذاته وهو آفة- أنجز كلّ واحدٍ منهم بعض الأمور، وقدّموا التقارير أيضاً، وقدّموا إلينا بطبيعة الحال التقارير بأنّنا فعلنا هذه الأمور، لكنّ الواقع أنّه لم يجرِ العمل بـ«وثيقة التحوّل» هذه. قد يكون تحقّق جزءٌ من جانبٍ معيّن منها على نحو ما، لكنّ هذه الوثيقة هي بصفةِ «كلّ» ومجموعة. إذا كان المسؤولون والمديرون في التربية والتعليم يعتقدون بوجود مشكلة في هذه الوثيقة، حسناً، فلتُحدّثوها. فليُحدّثوا الوثيقة وليُكمّلوها وليرفعوا مشكلتها، وليشحذوا الهمم لكي يُنجز هذا العمل وتُشاهد «وثيقة التحوّل». ومن أجل تقييم التطوّر لا بدّ من تحديد مؤشّر. فليس مقبولاً أن يقولوا: جرى تحقيق هذه النسبة المئويّة من الوثيقة وأمثال هذه الأمور، بل لا بدّ من إنشاء مؤشّر كمّي يُحدّد مستوى التقدّم في هذه الوثيقة. حسناً، هذه كانت القضايا العامّة المرتبطة بالتربية والتعليم.

أود أن أوضح نقطتين أو ثلاثاً حول المعلِّمين. حسناً، هذا العبء الثقيل الذي قلناه ملقىً على كاهل المعلِّم. أي في مقام التنفيذ المعلِّمون هم الذين ينفذون. قد يؤثر بعض المعلِّمين في القرارات، وآخرون قد لا يؤثرون، لكن التنفيذ في عهدة المعلِّمين تماماً. هم من يجب عليهم أداء هذه الأعمال العظيمة أمام هذا المخاطب الذي هو جيل من الملايين من اليافعين والشباب. إنه دور فريد. يجب أن يشعر الجميع بقيمة المعلِّم كما قلنا. في الدرجة الأولى على المعلِّمين أنفسهم أن يشعروا بدورهم وأن يعرفوا العمل العظيم الذي يتعين عليهم فعله. التعب والملل، والتقليل من شأن العمل بسبب بعض المشكلات الموجودة بصورة طبيعيّة في الحياة -المعيشة وغيرها- والنظر باستخفاف إلى هذا العمل، [كله] خطأ. التعليم أمرٌ مهم للغاية. إنّه عمل عظيم. يجب أن يكون المعلِّم نفسه أول من يعلَم هذه القضايا حول دور المعلِّم. كما قلنا، خلال الثورة وأثناء الحرب المفروضة، تمكن المعلِّمون من تأدية الدور في مختلف القطاعات والأحداث السياسيّة التي شهدتها البلاد، ومن قيادة هذه الفئة الشابة من البلاد وشبابها في الاتجاه السليم.

ينبغي أن يشعر المعلِّمون أنفسهم، بالإضافة إلى الشعور بهذا الدور المهم، بأنهم يحملون أمانة، وهذا واجب حقاً. فتلك الأمانة التي أوكلت إليهم، ويجب أن تخرج من أيديهم سالمة وبقيمة مضافة، هي أعز أمانة، أعزّها. فهذا اليافع بين يديك -دُرَر البلاد هم اليافعون والشباب- سواء على المستوى الوطني أو مستوى الأسرة -هم أرسلوا أطفالهم وأبناءهم وبناتهم إلى المعلِّم- أمانة قيّمة للغاية. قال: «أنا صفحة بيضاء وجاهز لأيّ نقش»[8]. هذه الصفحة البيضاء الخالية من أي كتابة مستعدّة لجميع النقوش، وأنتم من يرسمها. لا بدّ أن يخرج من تحت أيديكم بقيمة مضافة. عليكم أداء هذه الأمانة على أكمل وجه من الناحية الأخلاقيّة أو العلميّة أو السلوكيّة أو الوعي والمعرفة. أنتم من عليكم إحياء روح المعرفة في هذه الأمانة. وبالطبع، إذا كان معلِّمنا مؤمناً ومتديناً، فسيكون ذلك على أكمل وجه. نتمنى أن يكون الأمر كذلك، إن شاء الله. هذا موضوع أيضاً.

نقطة أخرى هي مسألة جامعة «فرهنکيان» -التي تم ذكرها- وجامعة «الشهيد رجائي» ومراكز تربية المعلِّمين كافة. هذا مهم للغاية، مهمّ جدّاً. فإنشاء هذه الجامعات كان عملاً لازماً حقّاً ومن المهم جداً الاهتمام بها. قد حضرت إلى هذه الجامعة قبل بضع سنوات، وصرحت بالقضايا المهمة والضروريّة أمام جمع كبير من الشباب الحاضرين هناك[9]. ثمة مسؤوليّة كبيرة على عاتق هذه الجامعة. يجب تعزيز هذه الجامعات ومراكز تربية المعلِّمين من النواحي كافّة: الإمكانات والمعدّات، الإدارة، المعلِّمين، المتون الدراسيّة، الأنشطة التعليميّة. في أيّ نوع من الجامعات نلبي هذا التوقّعات من المعلِّم؟ هذا مهمّ للغاية. يجب أن تكون جامعات تربية المعلِّم والأستاذ هذه على نحو يتخرّج فيها المعلِّم المطلوب حقّاً من هذه الأماكن. هذا موضوع أيضاً.

موضوع آخر كما قيل لي: مجال الدراسة للعديد من المعلِّمين لا يتناسب مع المناهج التي يدرّسونها. أعتقد أنها نقطة مهمة للغاية. دَرَس في مجال ما، ويدرّس في مجال آخر مثلاً. بالطبع، أعلم أن السبب في ذلك هو نقص المعلِّمين، لأن يد المديرين ليست مبسوطة ليكونوا قادرين على أداء ما هو لازم، لكن علينا التفكير في هذا على أي حال. لقد تكبّد العناء ودرس في تخصص ما، فليستفِد في المرحلة التي يدرّس فيها من التخصص نفسه، وما هو مرتبط بهذا التخصص.

لقد تكبّد المعلِّمون العناء حقّاً خلال مرحلة كورونا. كانت كورونا مرحلة عصيبة على المعلِّمين، وكان عملاً مجهولاً وغير مألوف، ومضاعفاً أيضاً. في مرحلة ما، كان المعلِّم يؤدي عملاً مضاعفاً، أي يحضر إلى الصف ويدرّس، وعليه العمل على برامج الإنترنت والفضاء الافتراضيّ وأمثال ذلك. فكان يقوم على عمل مضاعف حقّاً، وقد تكبّد الكثير من العناء. إننا نتوجّه بخالص الشكر إلى المعلِّمين في هذا الصدد.

إن طلبي المتعلق بالقضايا المعيشيّة [للمعلِّم] هو طلبي المعتاد نفسه. طبعاً، هناك مشكلات في الإمكانات الحكوميّة. هناك مشكلة فعلاً، ونحن نقرّ بها، فيجب الانتباه إلى هذه المشكلات، لكن مسألة التأمين الصحي، ودفع تكاليف العلاج في الوقت المناسب، أمور مهمة وقضايا لا بدّ من الالتفات إليها حتماً.

كلمتي الأخيرة: لدينا توقعات كبيرة من [قطاع] التربية والتعليم، ونطلب من التربية والتعليم التخطيط لذلك، [لكن] أنتم أيها المعلِّمون، لا تقفوا منتظرين، لا تنتظروا. يمكنكم إنجاز أعمال كثيرة بمبادرتكم الخاصة. هناك معلِّمون لم يتسلموا برنامجاً تربوياً محدداً لكنهم تمكّنوا [من ذلك] بإبداعاتهم ومبادراتهم الخاصة، وإرادتهم للخير وحرصهم على تربية مجموعة من التلامذة والتقدّم بهم. نتمنى لكم التوفيق في هذه المجالات، إن شاء الله.

نسأل الله المتعالي أن يحشر أرواح الشهداء الأعزّاء في البلاد، ولا سيّما الشهداء التلامذة والمعلِّمين، مع أوليائه، وأن يحشر الروح المطهّرة لإمامنا [الخمينيّ] العزيز مع أوليائه، إن شاء الله، فكلّ ما لدينا حقّاً من اتباعه وقيادته، فهو الذي فتح هذا الطريق وأرشدنا إليه، وأن يوفقكم جميعاً ويوفقنا حتّى نؤدّي واجباتنا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

[1] في بداية اللقاء، قدم الدكتور يوسف نوري (وزير التربية والتعليم) تقريراً.
[2] سورة البقرة، الآية 282.
[3] سورة العلق، الآية 5.
[4] سورة البقرة، الآية 151.
[5] الكراجكيّ، كنز الفوائد، ج1، ص319.
[6] من جملتها لقاء سماحته مع المعلِّمين والمربّين من أنحاء البلاد جميعاً قُبيل «يوم المعلم»، بتاريخ 01/05/2019م.
[7] السيد سعيد كاظمي آشتياني من العلماء والمديرين البارزين في الثورة الإسلامية وأحد الرواد والمجاهدين في ابتكارات علوم الحياة ورئيس «معهد أبحاث رويان» التابع لجامعة الجهاد الجامعي. خلال ولايته، تمكنت إيران من تحقيق نجاحات ملحوظة مثل تطوير طرق متقدمة لعلاج العقم وإنتاج الخلايا الجذعية الجنينية وتكثيرها وتجميدها واستنساخ الحيوانات.
[8] الميرزا حبيب الخراسانيّ، من ديوان أشعاره.
[9] كلمة سماحته في جامعة «فرهنکيان»، بتاريخ 09/05/2018م.

 

السبت, 21 أيار 2022 07:05

حتمية الوعد الإلهي

"الإمام الثاني عشر إمام منتظر، ونحن ننتظر ظهوره لكي "يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، بعدما مُلئت ظلماً وجوراً". والفكرة، بصورة موجزة، لا تختصّ بهذه الطائفة، بل في كتب أحاديث المسلمين، بجميع مذاهبهم، مئات وألوف من الروايات، تدلّ وتثبت أنّ النبيّ الكريم عليه الصلاة والسلام قال: "لو لم يبق من العالم إلّا يوم واحد، لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يأتي رجل من أهل بيتي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، بعدما مُلئت ظلماً وجوراً"[1].
 
فالحديث متواتر عند جميع فرق المسلمين، فالرأي لا يختصّ بطائفة. ثمّ الفكرة، كانت ولا تزال عامة، تشمل مفاهيم جميع الأديان، فانتظار المخلّص، وانتظار المنقذ، وانتظار الروح الحق المعزّي، وانتظار أمر ما، موجود عند جميع الفرق والأديان، وعند جميع المتشرّعين بالشرائع"[2].
 
"المهدويّة" فلسفة عالميّة كبرى
إنّ مسألة ظهور المهديّ المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف، لا تختصّ بطائفة من البشر ولا بمنطقة معيّنة من الأرض، بل هي مسألة عامّة تستوعب كلّ الأرض وكلّ البشر. ذلك لأنّ الدّين الإسلاميّ - والذي تعتبر المهدويّة واحدة من مسائله - دين عالميّ، وقد أرسل الله تعالى خاتم أنبيائه للناس كافّة، ووعده أن يظهر دينه على سائر الأديان الأخرى.
 
ولذلك فإنّ الآيات القرآنية التي تبشّر بمجيء دولة الحقّ والعدل هي من قبيل هذه الآية الشريفة: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾[3]. هذه الآية وأمثالها تشير:

أولاً: إلى الأمل بمستقبل البشرية، وأنّ الدنيا لن تدمّر وتفنى، كما هي الفكرة السائدة اليوم في أوروبا، بأنّ البشرية في تمدّنها وحضارتها قد وصلت إلى مرحلة بحيث لم يبق أمامها إلّا خطوة واحدة لتسقط في القبر الذي حفرته لنفسها بيدها! والواقع أنّ ظواهر الأمور تؤيّد هذه الفكرة بشدّة، إلا أن أصول ديننا ومذهبنا تؤكّد أنّ ما هو موجود الآن من الفساد والاضطراب شيء مؤقّت، وأنّ هناك حياة سعيدة مستقرّة تنتظر البشرية في المستقبل.
 
وثانياً: إلى أن عهد المستقبل هو عهد العقل والعدالة، فكما أنّ الفرد يمرّ في حياته بثلاث مراحل: مرحلة الطفولة وهي تتّسم باللّعب والأفكار الصبيانية، ومرحلة الشباب التي تتّسم بالغضب والشهوة، ومرحلة الرجولة، التي تتّسم بالعقل والنضج والاستفادة من التجارب السابقة.
 
كذلك المجتمع البشريّ لا بدّ أن يطوي مراحله الثلاث. وإلى الآن مرّ هذا المجتمع بمرحلتين من مراحله:

مرحلة الأساطير والخرافات، وبتعبير القرآن مرحلة "الجاهلية الأولى"، ثمّ مرحلة العلم، ولكنّه الممزوج بالشباب، أي مرحلة حكومة الغضب والشهوة، فعصرنا الحاضر هو قبل أيّ شيء، عصر "القنبلة" أي الغضب، وعصر "الميني جوب" أي الشهوة.
 
فهل يا ترى من المعقول أن لا تأتي على البشريّة مرحلة تكون الحكومة فيها ليست حكومة جهالة وأساطير، ولا حكومة قنبلة وميني جوب؟ مرحلة تتّسم بالعلم والمعرفة في ظل العدالة والسلام والإنسانية، حيث تكون المعنويّات الساميّة هي الحاكمة في العالم لا الماديّات المنحطّة؟
 
وهل من المعقول أنّ الله تبارك وتعالى خلق هذه الدنيا، وخلق الإنسان فيها بعنوان أشرف المخلوقات، ثمّ إنّه يقوم بعد ذلك بإفناء الحياة قبل أن تصل البشريّة إلى مرحلة رشدها وبلوغها؟
 
كلّا، فمضامين الآيات القرآنية والروايات الإسلاميّة تفيد بصورة لا لبس فيها، بأنّ البشرية لا بدّ أن تصل إلى مرحلة كمالها ونضجها، ولا بدّ أن يحكم فيها الدّين والعقل، ويكون الإنسان الذي يعمر الأرض حينذاك، "إنساناً" كما أراده الله سبحانه يوم خلقه ونفخ فيه من روحه.
 
وإن كان معذوراً وقلبه معنا وعزمه أن يلحق بنا لو استطاع فهو معنا. فأجاب الرجل إنّه كذلك يا أمير المؤمنين فأجابه الإمام عليه السلام: إنّ ليس أخوك وحده كان معنا بل ورجال آخرون ما زالوا في أرحام أُمّهاتهم بل وفي أصلاب آبائهم، فهذا حكم ثابت فكلّ شخص وحتّى يوم القيامة إذا وجد وكان في قلبه عزم صادق أنّه لو أدرك علياً في صفين لنصره فهو مع عليّ ويعتبر من أنصار عليّ وجيش عليّ في صفّين وإن لم يحضر صفّين بل ولم يعاصرها"[4].
  
أمل الإنسان: الإمام المهدي (عج) في الفكر الإسلامي الأصيل، جمعية المعارف الإسلاميّة الثقافية

[1] الشيخ الصدوق، إكمال الدين، ص511.
[2] كلمة الإمام السيد موسى الصّدر في مناسبة 15 شعبان ولادة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، تسجيل صوتي من محفوظات مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات.
[3] سورة الأنبياء: الآية 105.
[4] العلامة الشهيد الشيخ مرتضى مطهري، أصالة الروح، ص220-239.

 

السبت, 21 أيار 2022 07:02

تونس والاستفتاء

تعيش تونس حالياً على وقع الاستعدادات لتنظيم استفتاء بشأن الاصلاحات الدستورية بينما لم يتم حتى الآن الافصاح عن مضمون هذه الاصلاحات فيما تثار أسئلة كثيرة بشأن تحيين السجل الانتخابي وسط مخاوف من تواتر دعوات المقاطعة من قبل المعارضة.

مشروع مرسوم رئاسي لوضع الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة واخر من أجل دعوة الناخبين إلى الاستفتاء تداول فيهما مجلس الوزراء برئاسة قيس سعيد.

سعيد قال ان الدستور الجديد سيعبر فعلا عن إرادة الشعب لا عن إرادة اطراف أخرى واصفا دستور 2014 بأنه كان يهدف لتفجير الدولة من الداخل.

وقال سعيد: النص بالنص، والقانون بمثله، والعمق الشعبي الحقيقي هو سندنا بعد عون الله تعالى في المرور من دستور كان سيؤدي الى تفجير الدولة من الداخل الى دستور يعبر حقيقة عن ارادة الشعب.

منظمات المجتمع المدني حذرت من إقصاء آلاف الناخبين الجدد بسبب قصر فترة التسجيل وطالبت بضرورة الإعلان عن مضمون الاستفتاء مبكرا حتى يقبل التونسيون على التصويت بشكل واع على مسائل واضحة يوم الخامس والعشرين من جويلية المقبل.

مداولات مجلس هيئة الانتخابات كشفت حجم التناقضات بين أعضائها ونقلت بشكل مباشر مشاحنات لا تتناسب وضيق المدة الزمنية المخصصة لتنظيم الاستفتاء ما دفع المعارضة للطعن في قدرة هذه الهيئة المعينة على تنظيم الاستفتاء مع توقع مقاطعته من قبل فئات واسعة من الشعب.

وقال عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة محمد القوماني: ما تقرره الهيئة لن يستجيب له التونسيون ومسار الاستفتاء، ان تحقق لن يكون مختلفا عن مسار الاستشارة الالكترونية التي قاطعها التونسيون.