
emamian
ما هو القرض الحسن؟
كلّ قرض كان مُخلَصاً لله تعالى، أي: خالٍ عن الشوائب من الشرك، والرياء، والسّمعة، ومن المنِّ والأذى، وفيه الخير والمنفعة العامّة العائدة على الصّالح العامّ، فهو من القرض الحسن. من أجل ذلك علينا أن نتنبّه إلى كمائن الشّيطان الّذي لا يترك فرصة إلّا وينتهزهَا ليُوقِعنا في شرك الرّياء والسّمعة، فنقدّم المال لأجل أن نُذكر على المنابر، أو يقال انظروا إلى فلان وفلان ما الّذي قدّمه لبناء المسجد، وغير ذلك من الحبائل الّتي قد يَحيكها إبليس بطريقة يغفل الإنسان عنها!!
نعم، في بعض الأحيان قد يكون من باب التّشجيع للآخرين كي يقدّموا ويَبذلوا قروضاً حسنة، فهذا شيءٌ ممدوحٌ ومطلوب، ولكن لا بدّ من الاحتياط والالتفات إلى خدع الشّيطان الّتي تَقتنص كلّ فرصة لتسقطنا في حفر المعاصي والذّنوب، فنكون من الّذين يظنّون أنّهم يحسنون صنعاً، وما لهم في الآخرة من نصيب، قال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾[1].
وفي هذا السّياق تُروى في سبب نزول آية الإقراض حادثة جرت مع النّبي صلى الله عليه وآله وسلم وأحد أصحابه، وهو أبو الدّحداح، وفيها من العبر ما ينفعنا، فإليك خلاصتها وعبرها:
"لما نزل: "مَنْ ذَا الذي يقرض الله قرضاً حسناً" قال أبو الدحداح: فداك أبي وأمي يا رسول الله! إِنَّ الله يستقرضنا وهو غنيٌّ عن القرض؟
قال صلى الله عليه وآله وسلم: "نعم يريد أن يدخلكم الجنة به".
قال: "فإنّي إنْ أقرضتُ ربّى قرضاً يضمن لي به ولصبيتي الدحداحة معي الجنة؟"
قال صلى الله عليه وآله وسلم: "نعم".
قال: "فناولني يدك"، فناوله رسوله الله صلى الله عليه وآله وسلم يده. فقال: "إِنَّ لي حديقتين إحداهما بالسافلة والأخرى بالعالية، والله لا أملك غيرهما، قد جعلتهما قرضاً لله تعالى".
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اجعل إحداهما لله والأخرى دعها معيشة لك ولعيالك".
قال: "فأشهدك يا رسول الله أنّى قد جعلت خيرهما لله تعالى، وهو حائط فيه ستمائة نخلة".
قال: "إذاً يجزيك الله به الجنة".
فانطلق أبو الدحداح حتى جاء أمّ الدحداح وهي مع صبيانها في الحديقة تدور تحت النخل فأنشأ يقول:
هداكِ ربّي سبلَ الرشاد إِلَى سبيل الخير والسداد
بيني من الحائط بالوداد فقد مضى قرضاً إِلَى التناد
أقرضتُه اللهَ على اعتمادي بالطّوعِ لا منٌّ ولا ارتداد
إِلَّا رجاء الضعف في المعاد فارتحلي بالنفسِ والأولاد
والبرُّ لا شكّ فخير زاد قدّمه المرء إِلَى المعاد
قالت أمُّ الدحداح: رَبِحَ بيعك! بارك الله لك فيما اشتريت، ثم أجابته أمُّ الدحداح وأنشأت تقول:
بشّرك الله بخيرٍ وفرح مثلك أدّى ما لديه ونصح
قد متّع الله عيالي ومنح بالعجوةِ السوداء والزهو البلح
والعبد يسعى وله ما قد كدح طول الليالي وعليه ما اجترح
"ثمّ أقبلت أمُّ الدحداح على صبيانها تخرج ما في أفواههم وتنفض ما في أكمامهم، حتى أفضت إلى الحائط الآخر، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: كم من عذق[2] رداح ودار فياح (أي: واسع) لأبي الدحداح"[3].
العبرة من القصّة:
العِبر الّتي تستفاد من هذه الحادثة الحقيقيّة التي جرت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كثيرة نشير إِلَى أهمّها:
- الغِنى المطلق لله تعالى، ومع ذلك يَستقرض الله من النّاس قروضاً حسنةً لمنفعتهم.
- جزاء القرض ليس مكسباً دنيويًّا بل هو جزاء أخرويّ، فالنّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يدعو المؤمنين للتعلّق بالآخرة من خلال أفعالنا في هذه الحياة الدّنيا.
- تأكيد رسول الله (الصّلاة) على أبي الدحداح بأن لا يتصدّق بكلّ ما لديه، فيبقي بستانا له ولعياله، ويتصدّق بالآخر. وإن كان البستان الباقي هو صدقة أيضاً، ولكن صدقة يجريها على عياله، فالبذل على العيال صدقة، وبذلك لا يصير أبو الدّحداح عالةً على غيره، فالتّواكل على الغير وطلب المعونة من الغير مذمومٌ عند الله تعالى.
- الزّوجة المخلصة لله تعالى تحثّ زوجها على فعل الخير وعلى الإقراض الحسن، ولا تصدّه عن أداء المعروف مع النّاس. وانظروا إِلَى المقام الَّذِي وصلته هذا المرأة، حيث إِنَّها بمجرّد ما سمعت من زوجها أَنَّه تصدّق بكلّ ما يملك بادلته الرضا والحثّ، وسارعت إِلَى أولادها أخذت تمر الصدقة من أفواههم، خلافاً لبعض نساء هذا العصر، حيث قد تبادر زوجها بالاعتراض والقطيعة.
فحريٌّ بنا جميعاً رجالاً ونساءاً أن نَعتبر من هذه الدّروس الّتي أعطانا إيّاها النّبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأنْ نبذل ما لدينا في سبيل الله تعالى، ونكون من أهل القروض الحسنة.
... وَزِدْنَاهُمْ هُدًى، جمعية المعارف الإسلاميّة الثقافية
[1] سورة الكهف، الآيتان: 103 - 104.
[2] العذق (بفتح فسكون): النخلة. وبكسر فسكون: العرجون (الغصن) بما فيه من الشماريخ. ورداح: ثقيلة.
[3] القرطبي، محمَّد بن أحمد الأنصاري، الجامع لأحكام القرآن، ج 3، ص 238، تحقيق: أحمد عبد العليم البردوني، نشر دار إحياء التُّراث العربي 1405، بيروت.
“لحم الأذكياء”.. ماذا يحدث لجسمك إذا تناولت الحمص والفاصوليا والفول؟
لطالما اعتبر الحمص والفاصوليا والفول بمثابة “اللحم” بالنسبة للفقراء، حيث يعود ذلك إلى الفوائد الكثيرة لصحة الإنسان نتيجة تناول هذه الأغذية.
وذكرت فيرا إرماكوفا -في تقرير نشره موقع "غود هاوس" (goodhouse) في نسخته الروسية- أن أسعار البقوليات تعد أرخص بنحو 3 مرات مقارنة بأسعار الدجاج أو اللحم البقري أو السمك. ونظرا لاحتوائها على نسب عالية من البروتين، تعود البقوليات بالفوائد نفسها على الإنسان.
على ماذا تحتوي حصة واحدة من الفاصوليا المعلبة؟
218 سعرا حراريا
14.5 غراما من البروتينات
0.5 غرام من الدهون
40 غراما من الكربوهيدرات
غرام من سكر
16.6 غراما من الألياف
5 مليغرامات من الحديد
84 مليغراما من المغنسيوم
259 مليغراما من الفسفور
739 مليغراما من البوتاسيوم
331 مليغراما من الصوديوم
1.3 مليغرام من الزنك
0.4 مليغرام من الثيامين
0.3 مليغرام من الريبوفلافين
146 ميكروغراما من حمض الفوليك
ما هي فوائد الفاصوليا السوداء؟
إلى جانب احتوائها على البروتين النباتي، الذي يعزز صحة القلب والأوعية الدموية يمقدار أكبر من البروتين الحيواني، تحتوي الفاصوليا السوداء على الألياف القابلة وغير القابلة للذوبان، ناهيك عن كونها غنية بالبوتاسيوم العنصر الضروري لصحة القلب، فضلا عن المغنسيوم الذي يدعم الجهاز العصبي والزنك، وهو عنصر مهم للغاية لتحسين عمل الجهاز المناعي.
مفيدة للهضم
تساعد الألياف الغذائية على تخفيف الإمساك والانتفاخ عن طريق دفع الطعام بشكل حرفي، مما يجبر الأمعاء على العمل بنشاط أكبر. ويعدّ تناول ما بين حصة إلى حصتين من البقوليات في الأسبوع أمرا ضروريا بالنسبة للأشخاص الذي يرغبون في تحسين عملية الهضم.
تقلل مستوى الكوليسترول "الضار"
يضمن الالتزام بتناول ما بين 25 و30 غراما من الألياف يوميا الاقتراب من نسبة الكوليسترول الآمن.
حماية العظام
تحتوي الفاصوليا على المغنسيوم، العنصر المهم لأداء أكثر من 300 تفاعل في الجسم، بما في ذلك التمثيل الغذائي، علما بأن التمثيل الغذائي الصحيح يعدّ -بدوره- مهما للحفاظ على قوة وصلابة العظام.
السيطرة على ضغط الدم
يدعم البوتاسيوم الذي تحتويه البقول الجافة صحة الأوعية الدموية، كما يساعد الدم على التحرك بشكل أفضل داخل الشرايين.
مصدر رائع للبروتين
تحتوي الحصة الواحدة من البقول الجافة على 15 غرامًا من البروتين، الذي يمثّل عنصرا مهما بشكل خاص للأشخاص الذين يتبعون نظامًا غذائيًا نباتيًا.
ما كمية الفاصوليا والفول التي ينبغي تناولها يوميا؟
تنخفض معدلات الإصابة بمرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية في البلدان التي يرتفع فيها استهلاك البقوليات. وللحصول على أكبر قدر من الفوائد الصحية، ينبغي تناول 3 حصص في الأسبوع أو نصف كوب من الفاصوليا أو الفول أو البازلاء أو الحمص يوميًا.
هل يمكن لمرضى السكري تناولها؟
بشكل عام، تعتبر البقوليات من أكثر الأطعمة الصحية لمرضى السكري نظرا لأنها تحتوي على البروتين النباتي والألياف، العناصر التي تساعد على إبطاء استجابة نسبة السكر في الدم وتخفيض مستويات السكر في الدم.
ما هي البقوليات الصحية المعلبة أو المجففة؟
في الحقيقة، تحتوي البقوليات سواء كانت مجففة أو معلبة على القيمة الغذائية نفسها ومحتوى الفيتامينات والعناصر المفيدة.
قرار الرئيس المصري بفصل موظفي الإخوان.. الأسباب والنتائج
يبدو ان القرار الذي صادق عليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والقاضي بفصل الموظفين التابعين لجماعة الاخوان المسلمين من الوظائف الحكومية، سيكون الشغل الشاغل للمجتمع المصري، بشقيه المؤيد والمعارض لهذا القرار، لفترة لن تكون قصيرة في كل الاحوال، رغم كل ما قيل عن ان هذا القرار لا يترتب عليه حرمان الموظف من الراتب أو المكافأة المالية.
القرار الذي صادق عليه الرئيس المصري، هو قانون ظهر لاول مرة في مجلس الشعب المصري في عام 2020، الا انه وضع في الادراج، ولكنه اُخرج منها في شهر حزيران/ يونيو الماضي ، ونُقل الى قاعة مجلس الشعب مرة أخرى، بعد مناقشات من اعضائه تفيد بان موظفين محسوبين على جماعة الاخوان يعملون على افشال التطور في الدولة المصرية وربطهم بصورة مباشرة في حوادث القطارات التي وقعت أخيرا.
يُقال ان ما دفع بعض البرلمانيين المصريين الى اعادة القرار الى قبة البرلمان والموافقة عليه قبل نحو اسبوعين ورفعه الى الرئيس الذي اقره، كان قرارات النيابة العامة وتحقيقاتها، التي اشارت الى وجود مخالفات فنية ومسلكية لعدد من عاملي ومسؤولي السكة الحديد، مثل تزوير أوراق الحضور والانصراف والتواجد في أماكن المراقبة والتسيير، وعدم الإخطار بضرورة إبطاء السرعة في أماكن معينة.
وزير النقل المصري كامل الوزير، كان قد القى ايضا وبشكل علني بمسؤولية حوادث القطارات، التي تكررت بشكل ملفت في الاوانه الاخيرة، واسفرت عن موت العشرات من المواطنين المصريين، على موظفين اتهمهم بأنهم من الإخوان المسلمين أو من المتعاطفين معهم أو من وصفهم بالمتطرفين دينياً، بهدف إفشال الجهود التي تبذلها الحكومة من اجل تطوير قطاع النقل وباقي القطاعات الاخرى في مصر.
في المقابل يرى الاخوان المسلمون، ان قرار فصلهم من العمل الحكومي ، جاء مدفوعاً برغبة أمنية وحكومية في ملاحقة ضحايا التقارير الأمنية والرقابية في الجهاز الإداري للدولة، وتحميلهم مسؤولية كل فشل تقع فيه القطاعات المختلفة، وأحدثها وأكثرها إلحاحاً الآن قطاع النقل، وان هذا القانون يعتبر بداية لمرحلة جديدة من خطة الحكومة المصرية لمحاربتهم ومحاربة امتدادهم في المجتمع المصري، خاصة في المؤسسات الحكومية، لاسيما قطاع السكك الحديدية.
يرى بعض المراقبين للمشهد المصري من المتعاطفين مع الاخون ، ان هذا القانون كان يُطبق بشكل او بآخر منذ خمسين عاماً تقريباً على العاملين في الجهاز الإداري للدولة والهيئات والمؤسسات العامة ووحداتها الاقتصادية فقط، الا ان هذه القانون بصيغته الحالية، سيطال جميع العاملين في مختلف أجهزة الدولة دون استثناء.
اخيرا، مهما كانت طبيعة الاسباب التي دفعت السلطات المصرية الى اتخاذ هذا القرر، الا ان جميع اهدافه قد لا تكون في متناول اليد، وقد يتسبب في وضع المجتمع المصري امام خطر الانقسام والدخول في ازمات عميقة تزيد من تصدع الشارع المصري.
فطرة الطفل بين الخير والشرّ والحياد
تمهيد
إنّ تسليط الضوء على طبيعة الطفل وحقيقة فطرته يُعتبر من الأبحاث المهمّة من حيث الجواب عن السؤالين البنيويّين التاليين:
السؤال الأوّل: ما هي طبيعة التركيبة الفطرية للطفل بأصل الخلقة، هل هي طبيعة شرّيرة أم خيّرة أم حيادية؟ حيث إنّ تحديد الجواب عن هذا السؤال بأيّ من الافتراضات السابقة يُغيّر من المسار في كيفية تربية الطفل.
السؤال الثاني: هل طبيعة الطفل وفطرته ثابتة غير قابلة للتغيير أم أنّها تتبدّل من حال إلى حال؟ وبعبارة أخرى: هل الطفل الذي يولد شرّيراً بطبعه - بحسب بعض النظريات - يستحيل تغييره بالتربية أم يُمكن تغييره؟ لأنّه إذا كان الجواب بأنّ شخصية الطفل ثابتة لا تتحوّل فهذا يعني عبثية التربية للطفل.
في الجواب عن السؤال الأول يُمكن رصد ثلاث نظريات1:
النظرية الأولى: شريّة طبيعة الطفل
يرى أصحاب هذه النظرية أنّ طبيعة الطفل تميل إلى الأخلاق الذميمة، بمعنى أنّ نفس الطفل جُبلت بأصل الخلقة على الشرّ، وعُجنت طينته بالرذيلة والأطباع الخبيثة والسيّئة، فـ "الشرّ جزء من تكوينه النفسيّ، وبه يندفع إلى العدوان والانحراف. وقد عبّر عن هذه النظرة المتشائمة بعض رجال الدين المسيحي"2. ويترتّب على هذه النظرية أن "تقوم التربية باستخدام وسائل العنف والقسوة لانتزاع الشرّ منه"3.
النظرية الثانية: حيادية طبيعة الطفل
ترى هذه النظرية أنّ الطفل يميل بنحو متساوٍ إلى الخير والشرّ، وبعبارة أخرى إنّ نفس الطفل "من طبيعة محايدة، وإنّما يلحق الفساد بهذه الطبيعة نتيجة لفساد التربية التي يتلقّاها"4. يقول سعيد إسماعيل علي في هذا السياق: "الإشكالية التي شُغل بها الفكر الفلسفيّ والتربويّ والأخلاقيّ من حيث التساؤل عمّا إذا كان الإنسان بطبعه خيّراً أو شرّيراً هي إشكالية زائفة، ذلك أنّ الطبيعة الفطرية للإنسان محايدة، صفحة بيضاء، مثلها مثل المادّة الخام"5.
النظرية الثالثة: خيرية فطرة الطفل
يعتقد أصحاب هذه النظرية بعكس النظرية الأولى، أنّ طبيعة الطفل وفطرته جُبلت على حبّ الخير، فهو يميل إلى الخير والصلاح بأصل الخلقة.
وقفة مع النظريّات الثلاث
سنُحاول في هذه الفقرة التوقّف عند بعض النقاط التي ستُمهّد الطريق لتبنّي الرأي الذي نراه أقرب للصواب من ضمن النظريّات السابقة في الجواب عن السؤال الأول، وسيتّضح بنحو جليّ أيضاً موقفنا من الجواب عن السؤال الثاني خلالها بالتبع.
أولاً: لا ريب في أنّ الطفل في مراحل الطفولة المبكرة وما قبل سنّ التمييز، لا يعرف معنى الخير أو الشر، فإن سُلّم جدلاً بميل طبيعة الطفل نحو أيٍّ منهما فهو ميل فطريّ جبلّيّ غير واعٍ.
ثانياً: لا يُمكن إنكار وجود ردّات فعل طبيعية في الطفل بأصل الخلقة هدته إليها يد الله تعالى، والمقصود بها السلوكات الصادرة عن الغريزة والتي تُسبّبها القوى الطبيعية (الشهوية والغضبية) المجبول عليها الإنسان بأصل الفطرة، كالخوف أو الحبّ... إلخ. ولكن يُطرح السؤال: هل ردّات الفعل النفسانية الطبيعية هذه هي خير أم شرّ أم حيادية؟
في الحقيقة، إنّ النظر إلى ردّات الفعل هذه بلحاظ القوى النفسية الناشئة منها أي بالنظر إلى نفس القوّة الشهوية أو الغضبية لا بدّ من أن يدخل في دائرة الحسن والخير، لأنّ الله تعالى لا يخلق إلّا ما هو حسن جميل، يقول تعالى: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾6، فهذه القوى النفسية تعمل بأصل الفطرة بحسب ما يقتضيه طبعها المسخّرة له، إنّما تكمن المشكلة في كيفية توظيف هذه القوى النفسية وتسييرها في أيّ اتّجاه.
وبناءً عليه، وظيفة التربية ليست استئصال هذه الغرائز والانفعالات والأحاسيس النفسية واقتلاعها من جذورها، لأنّ ذلك مستحيل، فكلّ ما زرعته يد الله تعالى بأصل الخلقة يستحيل استئصاله، نعم، يُمكن التعمية عليه ودسّه ودفنه في دائرة الظلمة. فلا يُمكن للتربية إزالة فطرة حبّ الأنا من نفس الطفل، ولا استئصال القوة الداخلية المحرّكة له نحو الحبّ أو البغض أو الخوف أو الحياء أو... بل هو إيجاد حالة من التحكّم والقيادة والسيطرة على هذه الانفعالات بنحو ينضبط السلوك على ضوء التعاليم التربوية الحسنة والجميلة، لذا يُقال بأنّ التربية وظيفتها الدفع وليس الرفع والاستئصال7.
فليس من المعقول تربية الطفل بالطلب منه أن لا يغضب أو لا يشتهي بعض الأشياء، فإنّ هذه الحالات النفسانية أمور طبيعية في ذات فطرته غير قابلة للإزالة، وإنّما المطلوب هو ضبطها وتوجيهها وإرشادها، لا قمعها وكبتها. وإذا أردت أن تُطاع فاطلب المستطاع.
ثالثاً: إذا كان المقصود بميل الطفل نحو الخير أو الشرّ بأصل الخلقة هو ذلك النحو من الميل الفطري الجبري الذي يُمانع الاختيار وإمكانية التغيير، فهذا ممّا لا يُمكن قبوله انطلاقاً من عقيدتنا بأنّ الإنسان كائن حرّ مختار، لذا لا بد من البحث عن الميل الفطري نحو الخير أو الشرّ بمعنى يُحافظ على اختيارية الطفل وإمكانية التغيير. لأنّنا نُنكر صحّة نظرية المذهب الطبيعيّ في الأخلاق، التي تعتقد بأنّ الملكات الأخلاقية في الطفل وبالتّالي السلوك الصادر عنها طبيعيّ بأصل خلقته، بمعنى أنّ كلّ طفل يولد مزوّداً بأخلاق تقتضيها طبيعة هويّته على نحو الضرورة، وبالتّالي فإنّ هذه الأخلاق الطبيعية ثابتة وغير قابلة للتغيير والتبديل، ويترتّب على ذلك عدم جدوائية وفعالية العمليات التربوية التي تهدف إلى إكساب الطفل ملكات أخلاقية وسلوكات على خلاف مقتضى طبيعته.
وقد ناقش فلاسفة الأخلاق المسلمون كمسكويه، الغزالي، الطوسي، الكاشاني، والنراقي، وغيرهم هذا المذهب في كتبهم بنحو تفصيليّ8، حيث ردّوا المذهب الطبيعيّ في الأخلاق، بأنّه لو كان صائباً لأُلغيت الشرائع والديانات، ولبطلت تعاليم ووصايا الأنبياء، ولكانت الدعوة إلى التهذيب والتزكية والتأديب وتحسين الأخلاق... عبثاً ولهواً، وجلّ الله تعالى وأنبياؤه عن اللغو والعبث.
كما أنّ التجربة التربوية العملية تفيد بإمكان إزالة الخلق بالأسباب الخارجية من التأديب والنصائح وغيرهما. فزرع القيم التربوية وتعديل سلوكات الطفل أمر ممكن فعلاً بالوصايا والمواعظ والنصائح والإرشاد.
يقول الإمام السيد عليّ الخامنئيّ دام ظله: "صناعة الإنسان وتشكيل وبناء الإنسان المطلوب في الإسلام هو أمر يحصل بالتربية. فإنّ كلّ الناس لديهم قابلية التربية. قد يتقبّل البعض التربية متأخّراً والبعض أسرع، فالبعض قد تترسّخ التربية لديه وتدوم أكثر والبعض قد تُفارقه بسرعة أكبر، لكن كلّ الناس معرّضون للتغيير والتبدّل الذي يحصل بالتربية"9.
رابعاً: وبذلك يظهر أيضاً أنّ الأخلاق والسلوكات الحسنة ليست وليدة الطبيعة لأنّ ما هو طبيعيّ لا تُمكن إزالته وتغييره. نعم الطبيعيّ والفطريّ هو مبادئ وقوى وقابليات واستعدادات تلك الأخلاق والأفعال، أمّا كيفية استخدام هذه القوى والمبادئ فهو خاضع لإرادة الإنسان وخاضع للتربية10.
يقول الشيخ جعفر السبحاني: "إنّ للإنسان ماهيّتين: أولاً: ماهيّة عامّة يتكوّن معها ويتولّد بها. وثانياً: ماهيّة خاصّة يكتسبها في ضوء إرادته عن طريق العمل... أمّا الطبيعة العامة، فهي عبارة عن الطاقات والمواهب الإلهية المودعة في وجوده وهي ميول طبيعية تسوقه إلى نقطة خاصّة فيها سعادته أو شقاؤه، وقد أعطى سبحانه زمامها بيد الإنسان المختار في كيفية الاستفادة منها كمّاً وكيفاً... وأمّا الطبيعة الخاصّة، فهي عبارة عمّا يتكوّن في نفس الإنسان من الروحيات العالية أو الدانية نتيجة استفادته من تلك المواهب الأوّلية، إفراطاً أو تفريطاً أو اعتدالاً"11.
وتربية الطفل في جعله يميل إلى أحد الاتّجاهين إنْ خيراً أو شرّاً إنّما تحصل من خلال تكرار الأعمال المتشابهة بالدربة والعادة لمدّة زمنية معيّنة وطويلة غالباً، فهو الذي يؤدّي إلى إيجاد الصفات الحسنة أو السيّئة في نفس الطفل، لا أنّ الصفات الحسنة بمعنى الملكات موجودة بالفطرة. وهذا يؤكّد أهمّية عدم الإهمال والإغفال للعادات السيّئة التي قد يكتسبها الطفل تحت عنوان أنّه ما زال صغيراً، بل ينبغي الانتباه واليقظة في إيجاد العادات الحسنة عند الطفل حتى لو لم يعِ حسنها، لأنّها ستتحوّل لاحقاً إلى طبيعة ثابتة فيه وتُصبح خلقاً تصدر عنه الأفعال بسهولة.
وبهذا يظهر أنّ التربية ليست مجرّد عملية إعطاء المعرفة وإكساب العلم، وبالتّالي يحصل السلوك تلقائياً، بل التربية هي عملية تنمية اتّجاهات وزرع وتفتّح قيم وتغيير سلوك وإكساب مهارات بالدربة والعادة كي يتّجه الطفل نحو الهدف المطلوب. فالمعارف التي يتلقّاها المتربّي لا تُحرّكه أوتوماتيكياً تجاه السلوك، وإن كانت المعرفة واحدة من مبادئ الفعل. وفي نفس الوقت حذراً من الوقوع في فخّ تحوّل الطفل إلى مجرّد آلة فيزيائية يصدر عنه العمل نتيجة العادة من دون الإحساس بالشحنة القيمية التي تُحرّكه، لا بدّ من إعطاء جرعة إضافية إلى جانب التعويد، وهي جرعة أن يكون العمل الذي تعوّد عليه الطفل صادراً عنه عن قناعة ورغبة وإرادة ذاتية وشعور بالمسؤولية.
وبمعنى آخر لا ينبغي تربية الطفل بنحو يصدر عنه الفعل تحت وطأة الشعور بالحاجة إلى العمل لمجرّد إلحاح تكرار العادة (الإدمان)، بل أن يصدر العمل عن الطفل في المرحلة العمرية التمييزية على أقلّ تقدير انطلاقاً من الوعي بالقيم وانتهاء إلى الوعي بالنتائج. وإلا فإنّ تعويده على قيم معيّنة موجبة أو سالبة من دون وعي وقناعة ورغبة قد يكون السبب في إضعاف الإرادة من ناحية توليد العجز عن مقاومة المتغيّرات، ممّا سيجعله يُعرض عنها بمجرّد أن يصل إلى مرحلة عمرية يُصبح فيها قادراً على الانتخاب والتمييز، أو عرضة لمؤثّرات بيئية معيّنة (مدرسة، صداقة...)، مما يؤدّي إلى انعطافة وتحوّل سريع في أخلاقه وسلوكه، أمّا العادة المنطلقة من إرادة ووعي تمنح الطفل القدرة على التغلّب على كلّ المتغيّرات، بل على طبيعته أيضاً12.
خامساً: يظهر من بعض العلماء المسلمين تعارض مجموع آرائه في كتاباته حول الموضوع13. وفي الحقيقة لا تعارض بين وجهات النظر الثلاث، فإنّ كلّ تعبير ناظر إلى حيثية من حيثيات طبيعة الطفل وإلى قوّة من قواه، فإنّ الطفل له قوى متعدّدة، وبلحاظ كلّ قوّة يُمكن التوصيف بالخير أو الشرّ أو الحياد، فإنّ نفس الطفل بلحاظ كونها من نور الله تعالى وروحه فهي خير وتميل إلى الخير، وبلحاظ قوّة الشهوة والغريزة تميل إلى الشرّ، وبلحاظ كونها مختارة هي مستعدّة لكلّ واحد من الطرفين، بمعنى أنّها غير مجبرة على أحدهما دون الآخر، وإنّما تسير باتّجاه الخير أو الشرّ نتيجة عوامل خارجية لا ذاتية، أي نتيجة التربية والتأديب والتعليم والبيئة... إلخ.
الرأي المختار في المسألة
انطلاقاً ممّا تقدّم، نقول إنّ طبيعة الطفل خيّرة بالطبع وبأصل الفطرة، كما تُفيده النصوص الدينية التي تتحدّث عن الفطرة التوحيدية. ولكنّ الطفل على الرغم من ميله الفطريّ بحسب الصبغة الإلهية إلى الخير ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَ﴾14، لا ينتفي ويرتفع استعداده النفسيّ للسير في الاتّجاهين معاً نتيجة عوامل خارجية كالتربية والبيئة وداخلية كالتفاعلات النفسية مع الأشياء ﴿إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورً﴾15، فبسبب عنصر الاختيار يكون لديه استعداد للسير في اتّجاه الخير أو اتجاه الشرّ وهو بهذا المعنى حياديّ، ولكن أيضاً بسبب ضعفه وحاجته وعدم إدراكه ووعيه ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ﴾16، "ضعف الإدراك والجسم في الأطفال"17 من جهة، ونتيجة قواه الحيوانية لأنّه لم يتشكّل على صورة إنسان بعد من جهة ثانية، وبفعل عدم وجود قيم عقلية ودينية تُسيّر تصرّفاته، سيتحرّك على مقتضى ما تُمليه عليه قواه الطبيعية، وبالتّالي سيميل إلى ما تأمره به قوّة الشهوة والغضب وحبّالأنا، ممّا يترتّب عليه آثار ونتائج سلبية وغير حسنة، فهو للسير في اتّجاه الشرّ نتيجة ضعفه وجهله ونقصه وحاجته أوفق ﴿إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولً﴾18، ﴿وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفً﴾19, ﴿إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ﴾20. وهنا يأتي دور التربية في الأخذ بيد الطفل والسير به في أيّ اتجاه من الاتجاهات، فالطفل في المحصّلة هو صناعة التربية.
والتربية قبل ولادة الطفل لها دور في تكوين استعدادات خاصّة فيه، بحيث يولد مجهّزاً بتلك الاستعدادات حتى بالوراثة، ويُصبح فيما بعد من الصعوبة - وليس المستحيل - تدارك تلك الاستعدادات وتحويلها عن مسارها الذي رسم في شخصية الطفل.
وبناءً عليه، نفهم رأي نصير الدين الطوسي في أنّ الطفل يميل إلى الأخلاق الذميمة بسبب ما في طبيعته من النقص والحاجة21. فهذه النظرية التي يتبنّاها الطوسي ليست في مقام البيان من جهة الفطرة والجبلّة، وإنّما في مقام البيان من جهة العمل والسلوك، بمعنى أنّ الطفل لأنّه ليس كائناً عقلائيّاً ومتشرعيّاً، فإنه سيميل إلى طاعة الغريزة والشهوة، وهي بطبعها تُحرّكه نحو تحقيق ما فيه لذّته الشهوية والمادّية، وبعبارة أخرى إنّ الطفل لو خُلّي وقواه النفسية الشهوية والغضبية مع جهله وضعفه وعدم تزوّده بقضايا العقل العمليّ والوحي كضوابط للقيم والسلوك، سيجعل قواه تجذبه نحو تحقيق ما يُلائمها ويُنافرها، وهو بحسب الغالب يكون سيراً باتّجاه القبح أكثر منه نحو الحسن، لذا يُنبّه في هذا المجال فيقول الطوسي: "عندما تتمّ أيام رضاعه يجب الانشغال بتأديبه وتدريبه على الأخلاق الفاضلة قبل أن يتعوّد على الأخلاق الفاسدة، إذ يكون الطفل مستعدّاً لها، وأكثر ميلاً للأخلاق الذميمة بسبب ما في طبيعته من النقصان والحاجة"22.
وفي ذات السياق، يقول الفيض الكاشاني: "إنّ الصبيّ إذا أُهمل في ابتداء نشوئه خرج في الأكثر رديّ الأخلاق، كذّاباً، حسوداً، سروقاً، نمّاماً، لجوجاً، ذا فضول وضحك، وكيّاد، ومجانة، وإنّما يحفظ عن جميع ذلك بحسن التأديب"23.
إذاً، لا تنافي بين النظرية التي ترى أنّ الطفل خيّرٌ بطبعه وبين ما يذهب إليه بعض الحكماء المسلمين في بعض كلماته من ميل الطفل إلى الشرّ والأخلاق الرذيلة، فإنّ النظرية الأولى تُفيد أنّ طبيعة الطفل بأصل الفطرة تميل إلى الخير والتوحيد وقبول الدين، ولكن هذا لا يعني أنّه تلقائياً لو خُلّي الطفل وطبعه وبيئته وتربيته ستذهب نفسه في هذا الاتّجاه، بل تسلك اتّجاهاً آخر يتناسب مع البيئة الاجتماعية والتنشئة والتربية، لأنّ الميل الفطريّ نحو الخير لا يُنافي الاستعداد الطبيعيّ بسبب قوّة الاختيار الكامنة فيه إلى الطرفين معاً. وبهذا التفسير نفهم قول الإمام عليّ - لولده الحسن - عليهما السلام: "إنّما قلب الحدث كالأرض الخالية، ما أُلقي فيها من شيء قِبلته، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبّك"24، بنحو لا يتنافى مع قول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "كلّ مولود يولد على الفطرة"25.
حقّ الطفل في الخطأ
نختم الدرس بنقطة بنيويّة في كيفية التعامل التربويّ مع الطفل، وهي أنّه سواء أكانت طبيعة الطفل خيّرة أم شرّيرة أم حيادية، فإنّ هذا لا يعني أنّ الطفل لن يقع فيما نراه نحن الراشدون أنّه خطأ أو خطيئة، لأنّ الطفل نتيجة جهله المطلق وضعفه ونقصه يسير في طور الاكتشاف لذاته وللمحيط من حوله، ومن الطبيعيّ أن يقع في الخطأ، فإنّه يتعلّم من أخطائه، لذا يُمكن تأسيس قاعدة عامّة في سياق تربية الطفل، وهي مراعاة حقّه في أن يقع في الخطأ.
عن الإمام الباقر عليه السلام: "أنّ علياً عليه السلام كان يقول: عمد الصبيان خطأ..."26.
وعن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "عمد الصبيّ وخطؤه واحد"27.
وقد وقع الاختلاف في وجهات النظر عند الفقهاء في كون هذه الروايات مختصّة بباب الديات والجنايات أم أنّها عامّة ومطلقة. وقد استظهر بعض الفقهاء منها عدم الاختصاص بباب الجنايات، منهم الشيخ الأنصاري حيث قال: "كل حكم شرعيّ تعلّق بالأفعال التي في ترتّب الحكم الشرعيّ عليها القصد بحيث لا عبرة بها إذا وقعت بغير القصد فما يصدر منها عن الصبيّ28 قصداً بمنزلة الصادر عن غيره بلا قصد"29. وهذا مؤشّر إلى أنّ الفعل العمديّ الصادر عن الطفل - حتى المميّز، فكيف بالطفل دون سنّ التمييز - يُنزّل في الشريعة الإسلامية منزلة الخطأ، ويتمّ التعامل معه كالتعامل مع المُخطئ.
هذا، بالإضافة إلى إمكانية استفادة المعنى السابق من أحاديث: "رفع القلم30 عن الصبيّ حتّى يحتلم"31. يقول الشيخ محمد حسين النائيني: "إنّ الظاهر من قوله عليه السلام: "رفع القلم عنه"، ما هو المتعارف بين الناس والدائر على ألسنتهم: من أنّ فلاناً رفع القلم عنه، ولا حرج عليه، وأعماله كأعمال المجانين، فهذه الكلمة كناية عن أنّ عمله كالعدم، ورفع عنه ما جرى عليه القلم فلا ينفذ فعله، ولا يمضي عنه، فإنّ ما صدر عنه لا يُنسب إليه"32.
وهذا يُشعر بأنّه من حقّ الطفل الوقوع في الخطأ. والمقصود بالحقّ هنا الحقّ القانونيّ والأخلاقيّ والطبيعيّ، لكون وقوع الطفل في الخطأ سنّة طبيعية في مراحل نموّه، فما نُصّنفه نحن الراشدون في دائرة الخطأ لا يُصنّفه الطفل في مراحل طفولته المبكرة كذلك، خصوصاً في مرحلة ما دون التمييز، لعدم معرفته بمعنى الصواب والخطأ33.
يبقى أن نُشير إلى نقطة أخيرة - ستتضح ملامحها خلال درس التربية بالعقوبة - وهي أنّ حقّ الطفل في الوقوع بالخطأ لا يعني إقراره على خطئه، أو عدم تنبيهه وإرشاده وتوجيهه إلى الصواب، أو التساهل والتسامح معه في كلّ خطأ كان وبأيّ مرحلة عمرية كانت.
* المنهج الجديد في تربية الطفل، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
1- يراجع: العطاران، محمد، تربية الطفل وفقاً لآراء ابن سينا والغزالي والطوسي، ص27-30.
2- أبو دف، محمود خليل، مشكلة العقاب البدني في التعليم المدرسي وعلاجها في ضوء التوجيه التربوي الإسلامي، مجلة الجامعة الإسلامية، المجلد السابع، العدد الأول، يناير 1999.
3- تركي، عبد الفتاح ابراهيم، فلسفة التربية- مؤتلف علمي نقدي، ص32.
4- تركي، فلسفة التربية- مؤتلف علمي نقدي، ص32.
5- علي، سعيد إسماعيل وفرج، هاني عبد الستار، فلسفة التربية رؤية تحليلية ومنظور إسلامي، ص299.
6- سورة السجدة، الآية 7.
7- جامع السعادات، ج1، ص49.
8- يراجع مثلاً: الغزالي، أبو حامد محمد بن محمد، إحياء علوم الدين، ج8، ص101. والنراقي، جامع السعادات، ج1، ص46-49.
9- من كلمة للسيد علي الخامنئي في لقاء المعلمين والتربويين بمناسبة أسبوع المعلم بتاريخ:07/05/2014. على الرابط التالي: htt p://www.almanar.com.lb/wa padetails. php?eid=840376.
10- أرسطو، أخلاق نيكوماخوس، ص36-37.
11- المكي، حسن محمد، الإلهيات على ضوء الكتاب والسنة العقل محاضرات الشيخ جعفر السبحاني-، ج1، ص681.
12- يراجع: الطوسي، نصير الدين، أخلاق ناصري، ص101-103.
13- فمثلاً نرى الغزالي في موضع يقول: "حبّ الإنسان للحكمة والخالق عزّ وجلّ والمعرفة والعبادات لن يُماثل الرغبة في الأكل، إذ إنّه من مقتضيات طبيعة الإنسان، وذلك لأنّ قلب الإنسان من الأمور الربّانية فيما يعد اندفاع الإنسان إلى الرذائل من مقتضيات الشهوة، ولا علاقة له بالطبيعة". كيماء السعادة، ج3، ص499. وفي موضع آخر من نفس الكتاب، ص37، يقول: "اعلم أنّ النفس مجبولة على الابتعاد عن الخير والتعلّق بالشر، وترغب في التقاعس والشهوة". وفي كتاب آخر يقول: "إنّ الصبيّ أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية عن كلّ نقش وصورة، وهو قابل لكلّ نقش ومائل إلى كلّ ما يمال به إليه، فإن عوّد الخير وعلّم نشأ عليه، وسعد في الدّنيا والآخرة، شاركه في ثوابه أبواه، وكلّ معلّم له ومؤدّب، وإن عوّد الشرّ وأهمل شقي وهلك". إحياء علوم الدين، ج8، ص130. وهذا الرأي يظهر منه أن الطفل مجبول على الخير بمعنى أن نفسه تميل إلى الخير أكثر من الشر.
14- سورة الشمس، الآية 8.
15- سورة الإنسان، الآية 3.
16- سورة الروم، الآية 54.
17- مغنية، محمد جواد، التفسير المبين، ص538. ومغنية، محمد جواد، التفسير الكاشف، ج6، ص151. قال:" ضعف البنية والإدراك في الطفل".
ويراجع: مجمع البيان، ج8، ص485. في تفسير الآية: "خلقكم أطفالاً لا تقدرون على البطش، والمشي، والتصرفات". وشبّر، عبد الله، تفسير القرآن الكريم، ص390، قال: "أي ابتدأكم أطفالاً ضعافاً". والميزان في تفسير القرآن، ج16، ص215، قال: "أي ابتدأكم ضعفاء، ومصداقه على ما تفيده المقابلة أول الطفولية".
18- سورة الأحزاب، الآية 72.
19- سورة النساء، الآية 28.
20- سورة يوسف، الآية 53.
21- أخلاق ناصري، ص280-284.
22- أخلاق ناصري، ص280.
23- الفيض الكاشاني، محمد بن المرتضى، المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء، ج5، ص125.
24- نهج البلاغة، من وصية له لولده الحسن كتبه إليه بحاضرين منصرفاً من صفين، رقم269، ص526.
25- الصدوق، محمد بن علي، التوحيد، ص363.
26- تهذيب الأحكام، ج10، ص233، ح921.
27- م.ن، ص233، ح920.
28- الصبي من باب التغليب، وإلا فهو يشمل كل طفل سواء أكان ذكراً أم أنثى، ولا خصوصية للطفل الذكر.
29- الأنصاري، مرتضى، المكاسب، ج3، ص282.
30- المقصود برفع القلم هو إما: رفع الأحكام الإلزامية، أو رفع مطلق الأحكام الإلزامية والترخيصية، وبالتالي رفع المؤاخذة والعقاب، وإما رفع المؤاخذة والعقوبة، وإما رفع الاثنين معاً، أي الأحكام والمؤاخذة.
31- روي الحديث بألفاظ مختلفة، مثل: "عن الصبي حتى يدرك"، "عن الصبي حتى يبلغ"، "عن الصبي حتى يحتلم"، "عن الصبي حتى يكبر"، "عن الصبي حتى يعقل"، "عن الصبي حتى يشب". يراجع: الطوسي، الخلاف، ج2، ص41. وسائل الشيعة، ج1، ص20. والبخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، ج6، ص169. والسجستاني، أبي داود، سنن أبي داود، ج2، ص338. والترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي، ج2، ص438.
32- الخوانساري، موسى بن محمد، منية الطالب في شرح المكاسب، تقرير بحث الميرزا محمد حسين النائيني، ج1، ص359.
33- أنظر: عجمي، سامر، عقوبة الطفل في التربية الإسلامية، ص240 وص305.
سُراق الصلاة
هناك آثار لترك الصلاة تبرز في حياة الإنسان العملية، قد أُكّد عليها من لدُن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه الذي أوردناه حول الخصال الخمس عشرة أكّدت على أنّ الله تعالى ينزع البركة من عمر الإنسان التارك للصلاة، وهذه البركة المنزوعة لها معان:
الأوّل: أنّ الله تعالى لا يُبارك في عمر التارك للصلاة، وبالتّالي يكون عمره قصيراً.
الثاني: أنّه لا يوفّق للخيرات الأخرى، وهذا المعنى أُشير له في الروايات أنَّ الصلاة عمود الدين إن قُبِلت قُبِل ما سواها وإن رُدّت رُدّ ما سواها، أي، إنَّ جميع الخيرات التي تصدر من لدن الإنسان تكون غير مقبولة بل لا يترتّب عليها أيّ أثر، لأنّه ترك عمود الإسلام وعماده، وكما شبّهه الإمام الباقر عليه السلام بعمود الخيمة، الذي بدونه تسقط الخيمة كلّها، وكذلك، كلّ الأعمال الصالحة تُقبَل وتؤثّر بواسطة قبول الصلاة، فإذا تُركت الصلاة، فإنّ كل تلك الخيرات الأخرى لا تترتّب ولا تُؤثّر.
الثالث: يقصد من نزع البركة من عمره بمعنى حرمانه من الذرّية الصالحة، التي تدعو له، لأنّه قد يُوفّق الإنسان في ذرّية صالحة بحيث يُمكن أن يأتي أحد أحفاده ولو بعد خمسين حفيد، فيدعو لهذا الإنسان ويعمل له الطاعات وأعمال البر، التي ترجع عليه بالفائدة والنفع الكبير. ولكن الإنسان التارك للصلاة لا يكتب الله تعالى في ذرّيته البركة، والإنسان الصالح يحفظ الله تعالى له صلاحه، وتنعكس آثار هذا الصلاح على ذرّيته جيلاً بعد جيل، وقد رأينا ذلك في ما قصّه الله تعالى علينا في سورة الكهف ممّا جرى بين العبد الصالح. الخضر عليه السلام، وكليم الله موسى عليه السلام: ﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي﴾[1]، وفي أقل الروايات الواردة في تشخيص هذا الأب الصالح قيل: هو الجد السابع، فتأمّل.
سُرّاق الصلاة:
روي عن أمير المؤمنين عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "أسرق السرّاق من سرق من صلاته ـ يعني لا يتمّ فرائضها"[2]، وربما يتصوّر بعض سرّاق الصلاة أنّ العجلة فيها من علامات الفقه، فكلّما سرق ركوعها وسجودها وأركانها كان ذلك علامة فضيلته وفقهه، هؤلاء ضرب لهم مثلاً مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ، فاستمع إليه إذ قال: "مثل الذي لا يتمّ صلاته كمثل حُبلى حملت حتّى إذا دنا نفاسها أسقطت، فلا هي ذات حمل ولا هي ذات ولد"[3] وروي عن سلمان المحمدي وابن مسعود وابن عباس حديث واحد، واللفظ لسلمان قال رضي الله عنه: "الصلاة مكيال، فَمَنْ وَفَّى وفِيَ لَهُ، ومن طفّف فقد علمتم ما قال الله في المطفّفين"[4].
قال مولانا الإمام الصادق عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يزال الشيطان ذَعِراً من المؤمن ما حافظ على الصلوات الخمس لوقتهنّ، فإذا ضيّعهنّ تجرّأ عليه فادخله في العظائم"[5].
قربان الأتقياء، دار المعارف الإسلامية الثقافية
[1] سورة الكهف، الآية 82.
[2] القاضي النعمان بن محمد المغربي، دعائم الإسلام، ج 1، ص 133.
[3] المصدر السابق، و كنز العمال، ج 7، ص 509، ح 20006.
[4] يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري، الاستذكار، ج 1، ص 67، طبعة:1دار الكتب العلمية.
[5] ثقة الإسلام الشيخ الكليني، الكافي، ج 3، ص 269، حديث 8.
حزب الله يتبنى وحماس تبارك.. صفارات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وهضبة الجولان المحتلة
تعزيزات عسكرية إسرائيلية على الحدود مع سوريا ولبنان
قصف حزب الله اللبناني -اليوم الجمعة- أراضي مفتوحة في محيط مزارع شبعا التي تحتلها إسرائيل، وقد ردت الأخيرة بقصف مدفعي على أراض مفتوحة بمحيط قرى في جنوب لبنان.
وقال بيان للجيش الإسرائيلي إن صفارات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وهضبة الجولان المحتلة.
وأفاد مراسل الجزيرة بأن "صواريخ تستهدف موقعا إسرائيليا في مزارع شبعا المحتلة"، ونقل عن مصدر أمني لبناني أن الموقع الإسرائيلي في مزارع شبعا استهدف براجمة صواريخ.
وقال المصدر إن أكثر من 10 صواريخ أطلقت باتجاه الموقع الإسرائيلي في مزارع شبعا.
ونقلت مراسلة الجزيرة أن صفارات الإنذار تدوي في مناطق عدة في هضبة الجولان السوري والجليل الأعلى.
من جهتها، نقلت وكالة رويترز عن مصدر أمني لبناني أن صواريخ أطلقت باتجاه إسرائيل من جنوب لبنان.
وقال متحدث عسكري إسرائيلي إن صفارات الإنذار أطلقت اليوم الجمعة في عدة بلدات إسرائيلية في شمالي البلاد.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن القبة الحديدية لم تسقط كل الصواريخ وإن قسما منها سقط في مناطق مفتوحة في الجولان
وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن دخانا يتصاعد من منطقة مزارع شبعا المحتلة، وقد تبنى حزب الله قصف أراض مفتوحة في محيط مواقع إسرائيلية بمزارع شبعا المحتلة.
وقال الحزب في بيان إنه "عند الساعة 11:15 دقيقة من قبل ظهر اليوم الجمعة وردا على الغارات الجوية الإسرائيلية على أراض مفتوحة في منطقتي الجرمق والشواكير ليلة الخميس الماضي قامت مجموعات في المقاومة الإسلامية بقصف أراض مفتوحة في محيط مواقع الاحتلال الإسرائيلي في مزارع شبعا بعشرات الصواريخ من عيار 122 ملم".
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان "أطلقت أكثر من 10 صواريخ من لبنان نحو الأراضي الإسرائيلية، معظم الصواريخ اعترضها نظام الدفاع الجوي"، مضيفا أن الصواريخ الأخرى سقطت في مناطق غير مأهولة.
ومن جتنبه أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قصف بالمدفعية مناطق جنوبي لبنان ردا على إطلاق صواريخ على بلدات إسرائيلية.
وبعد فترة توقف تجدد القصف المدفعي الإسرائيلي على مناطق مفتوحة في محيط تلال كفرشوبا اللبنانية.
ونقل مراسل الجزيرة أن القوات الاسرائيلية تستخدم القذائف الفوسفورية في قصف محيط تلال كفرشوبا وأفاد باندلاع حرائق جراء القصف الإسرائيلي.
ونقل مراسل الجزيرة أن مقاتلات حربية إسرائيلية تحلق بكثافة في أجواء منطقة العرقوب (جنوبي لبنان).
ونقل مراسل بدء مشاورات عسكرية في وزارة الدفاع الإسرائيلية بحضور بينت وغانتس ورئيس الأركان كوخافي.
واعتبرت صحيفة هآرتس أن مجرد أن تمكن حزب الله من إطلاق أكثر من 10 صواريخ على الأراضي الإسرائيلية دون أن تعرف المخابرات بذلك قبل الإطلاق فإن ذلك يجب أن يقلق الجيش الإسرائيلي.
وقالت إنه كان يجب إحباط مثل هذا الحادث حتى قبل الإطلاق. و"هناك خلل في العمليات والاستخبارات ويجب على الجيش الإسرائيلي فحص ذلك".
المقاومة الفلسطينية تبارك
من جانبها عبرت حركة حماس عن مباركتها ودعمها الكامل لقصف حزب الله لأهداف إسرائيلية.
وقالت حماس في بيان لها إنها تبرق التحية للمقاومة في لبنان وهي "ترد على العدوان وتكسر المعادلات التي حاول الاحتلال فرضها وتثبيت معادلة القصف بالقصف والبادئ أظلم".
وشددت حركة حماس على أن مقاومة الاحتلال والرد على جرائمه وانتهاكاته حق مكفول للشعوب المحتلة والمعتدى عليها ، وأكدت أن المعركة مع الاحتلال يجب أن تظل مفتوحة على كل الجبهات حتى زواله وتحرير المقدسات والأرض العربية والإسلامية .
وكذلك قالت حركة الجهاد الإسلامي إنها تعبر عن دعمها الكامل لرد حزب الله الصاروخي، وتؤكد على الحق في مقاومة الاحتلال وعدم السماح له بفرض معادلات جديدة أو تغيير قواعد الاشتباك.
وأكدت أن "الرد على جرائم الاحتلال بكل الوسائل حق لن تتخلى عنه المقاومة وشعوب الأمة التي تنشد الحرية والخلاص من الاحتلال".
استبعاد الحرب
أما رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان حسان دياب فقد طالب الأمم المتحدة بالضغط على إسرائيل لإلزامها باحترام القرار 1701.
وقال دياب "يجب عودة الهدوء ووقف الخروقات الإسرائيلية المتكررة للسيادة اللبنانية".
ونقل مراسل الجزيرة أن دياب يجري اتصالات لاحتواء التصعيد في جنوب لبنان.
من جانبه قال رئيس الوزراء اللبناني السابق وزعيم تيار المستقبل سعـد الحريري إن لبنان ليس جزءا من الاشتباك الإيراني الإسرائيلي والدولة هي المسؤولة عن حماية المواطنين.
وأضاف "استخدام جنوب لبنان منصة لصراعات إقليمية غير محسوبة النتائج والتداعيات خطوة نحو المجهول".
وقال إن "الوضـع علـى الحدود مـع العدو الإسـرائـيـلـي خـطـيـر جـدا وتهديـد غيـر مسبوق للقرار 1701"
وفي الجانب الآخر، قال الجيش الإسرائيلي إنه "لا مصلحة لنا في التصعيد والذهاب للحرب وسنحاول عدم تحويل لبنان إلى خط مواجهة".
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي قوله "نتجه لإنهاء الحدث ولا نية لعقد اجتماع للمجلس الأمني المصغر.
تغيير قواعد الاشتباك
وتأتي هذه التطورات بعد يومين من شن غارات جوية ومدفعية على أهداف داخل لبنان.
وفي وقت سابق، حين اعتبر الرئيس اللبناني ميشال عون أن استخدام إسرائيل سلاحها الجوي ضد بلاده يكشف عن نوايا عدوانية تصعيدية.
وأعلنت السلطات اللبنانية أمس الخميس أنها ستتقدم بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الغارات والقصف الإسرائيلي.
وأفاد بيان للحكومة اللبنانية بأن رئيس الوزراء حسان دياب طلب من وزيرة الخارجية زينة عكر تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن بشأن العدوان الإسرائيلي على لبنان.
ونقل البيان عن دياب قوله إن "العدو الإسرائيلي -بمدفعيته أولا وبطائراته الحربية ثانيا- نفذ عدوانا صريحا على السيادة اللبنانية".
وأوضح أن "العدو (إسرائيل) اعترف علنا بهذا الخرق الفاضح للقرار 1701، متذرعا بسقوط صواريخ مشبوهة الأهداف والتوقيت على شمال فلسطين المحتلة من الأراضي اللبنانية، ولم تتبنها أي جهة".
وأضاف أن "هذا العدوان الجديد والخطير يشكل تهديدا كبيرا للهدوء على حدود لبنان الجنوبية بعد سلسلة من الخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية واستخدام الأجواء اللبنانية للعدوان على سوريا".
ودعا دياب الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي إلى "ردع إسرائيل لوقف انتهاكاتها المتكررة للسيادة اللبنانية، وتهديدها القرار 1701 والاستقرار القائم منذ عام 2006″، حسب البيان ذاته.
المصدر : الجزيرة + وكالات
السيد رئيسي: نمد يد الصداقة الى كل دول المنطقة خاصة الجوار
اكد الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي على ضرورة أن تحل الأزمات الاقليمية من خلال الحوار الحقيقي بين دول المنطقة، قائلا: نمد يد الصداقة الى كل دول المنطقة خاصة الجوار.
وجرت مراسم القسم الرئاسي بموجب المادة 121 من الدستور الايراني يوم الخميس، أمام نواب مجلس الشورى الاسلامي وبحضور عشرات الوفود الاجانب، والقادة العسكريين ورئيس السلطة القضائية حجة الاسلام غلامحسين محسني ايجئي.
وفي كلمة القاها بعد اداءه اليمين الدستورية في البرلمان الايراني قال رئيسي: ان تعزيز قوة إيران هي التي توفر الأمن والاستقرار في المنطقة وتكون سدا منيعا بوجه القوى الاستكبارية ، مؤكدا على ضرورة أن تحل الأزمات الاقليمية من خلال الحوار الحقيقي بين دول المنطقة، واضاف: نمد يد الصداقة الى كل دول المنطقة خاصة الجوار.
واضاف رئيسي: نكون إلى جانب المظلوم أينما كان في سوريا أو فلسطين أو أفريقيا أو اليمن، مؤكدا ان التدخل الأجنبي في المنطقة لا يحل أي مشكلة بل هو المشكلة بعينها.
واردف رئيسي قائلا: ان سياسة الضغط والمقاطعة لن تصرف الشعب الإيراني عن مطالبته بحقوقه الشرعية بما فيها العلم، مطالبا برفع كل العقوبات عن إيران.
ولفت الى اننا نرحب بأي مشروع لتحقيق هذه المهمة ، مؤكدا ان البرنامج النووي الإيراني سلمي والسلاح النووي محرم شرعاً في عقيدتنا.
وقال رئيسي في كلمته :ان بزوغ الثورة الإسلامية في إيران فتح فصلا جديدا من الحرية والديمقراطية في البلاد، لافتا ان إرادة الشعب الإيراني تجسدت لمواصلة مسيرة الثورة وتكون البلاد على طريق الحرية والعدالة والتطور، مؤكدا: اعتز أن أكون خادما للشعب الإيراني.
واشار الى ان الانتخابات كانت بداية انطلاقة مشاركة الشعب وليس إنتهاء مشاركته، مؤكدا: نريد أن نستمر بالتعاون البناء مع كل دول العالم.
واكد رئيسي: نريد تشكيل حكومة تحارب الفساد... الشعب يريد حريته الثقافية والإجتماعية... أبناء الشعب يريدون إزالة المضايقات على معيشتهم وأن يعيش المجتمع الفرح...اليوم حان وقتنا لكي نؤدي الأمانة لهذا الشعب العظيم وسوف نشكل حكومة تمثل الوفاق الوطني في البلاد.
واضاف: نحن ملتزمون بمبادىء الثورة الإسلامية في تجفيف الفساد ودعم الاقتصاد الوطني، معربا عن امله بأن يكون المستقبل زاهراً أمامنا ويكون لائقاً بالجمهورية الإسلامية، مؤكدا ان نجاح الشعب الإيراني هو أكبر وأبعد من أي سلطة ويحتاج إلى تعاون الجميع.
المباهلة ومقام أهل البيت (عليهم السلام)
سأل وفد نجران النبيّ (صلى الله عليه وآله) أن يكتب مقدار الجزية التي اتفق على دفعها من قبل أهالى نجران إلى النبي (صلى الله عليه وآله) في كتاب، وأن يضمن النبي (صلى الله عليه وآله) أمن نجران في ذلك الكتاب، فكتب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب بأمر النبي كتابا هذا نصه:
«بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما كتب النبي محمّد رسول الله لنجران وحاشيتها، إذ كان له عليهم حكمة في كل ثمرة وصفراء وبيضاء وسوداء ورقيق فأفضل عليهم وترك ذلك لهم: ألفي حلة من حلل الأواقي في كل رجب ألف حلة، وفي كل صفر ألف حلة، كل حلة أوقية، وما زادت حلل الخراج أو نقصت عن الأواقي فبالحساب، وما نقصوا من درع أو خيل أو ركاب أو عرض أخذ منهم بالحساب، وعليهم في كل حرب كانت باليمن ثلاثون درعا، وثلاثون فرسا، وثلاثون بعيرا عارية مضمونة لهم بذلك، وعلى أهل نجران مثواة رسلي (واستضافتهم) شهرا فدونه، ولهم بذلك جوار الله وذمة محمّد النبي رسول الله على أنفسهم وملتهم وارضهم واموالهم وبيعهم ورهبانيتهم على أن لا يعشّروا ولا يأكلوا الربا ولا يتعاملوا به فمن أكل الربا منهم بعد ذلك فذمّتي منه بريئة»([1]).
أكبر فضيلة:
تعتبر واقعة المباهلة وما نزل فيها من القرآن أكبر فضيلة تدعم موقف الشيعة على مر التاريخ. لأن ألفاظ الآية النازلة في المباهلة ومفرداتها تكشف عن مكانة ومقام من باهل بهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) والذين يتخذهم الشيعة قادة لهم.
فهذه الآية اعتبرت الحسن والحسين أبناء لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وفاطمة الزهراء المرأة الوحيدة التي ترتبط برسول الله (صلى الله عليه وآله) ويصدق عليها عنوان «نسائنا». وقد عبّر عن عليّ (عليه السلام) بأنفسنا فكان علي (عليه السلام) تلك الشخصية العظيمة بحكم هذه الآية بمنزلة نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ترى أية فضيلة أعظم وأسمى من أن ترتفع مكانة المرء من الناحية المعنوية ارتفاعا وتسمو سموا عظيما حتى أنه يوصف صاحبها بأنه بمنزلة نفس النبي([2]).
أليست هذه الآية شاهد صدق على أفضلية أمير المؤمنين علي (عليه السلام) على جميع المسلمين.
لقد ذكر الفخر الرازي الذي عرف الجميع اسلوبه في الابحاث الكلاميّة ومواقفه من القضايا المرتبطة بالإمامة، ذكر استدلال الشيعة بهذه الآية ثم أورد على هذا الاستدلال اعتراضا قليل الأهمية ممّا لا يخفى جوابه على أرباب العلم وأهل المعرفة.
هذا ويستفاد من الأحاديث الواردة عن ائمة أهل البيت أنّ المباهلة لا تختص بالنبي الاكرم بل يجوز أن يتباهل كل مسلم في القضايا الدينية مع من يخالفه ويجادله فيها، وقد جاءت طريقة المباهلة والدعاء المخصوص بها في كتب الحديث، وللوقوف على هذا الامر يراجع كتاب «نور الثقلين»([3]).
سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله)، آية الله الشيخ جعفر سبحاني
([1]) فتوح البلدان: ص 76، امتاع الاسماع: ص 502 واعلام الورى: ص 78 و79.
([2]) وقد استند رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى هذه الآية في قوله: «علي مني كنفسي».
([3]) نور الثقلين: ج 1 ص 291 و292، وراجع أيضا الكافي ج 2 كتاب الدعاء باب المباهلة، وقد اشار العلامة الطباطبائي في احدى رسائله إلى هذه الموضوع أيضا، ويعتبره من معاجز الاسلام الخالدة.
تونس وثورة التصحيح.. ماذا في تفاصيل قرارات قيس سعيّد؟
محمود الشربيني
بعد إعلان الرئيس قيس سعيّد تجميد عمل البرلمان وإقالة الحكومة، الأحد 25 تموز/يوليو، يبدو السؤال الأكثر تداولاً: هل ما قام به يمثل تصحيحاً لمسار الثورة التونسية أو أنه انقلاب على الدستور؟
جاء بيان سعيّد بعد أن وعد وتوعّد لأسابيع عانت تونس خلالها معاناة مركّبة، لم تغب عنها الضّائقة الماليّة وجائحة كورونا التي اكتسحت البلاد، والسيولة السياسية التي شلَّت حركة المجتمع، والدّولة التي تشظَّت وتنافس على قيادتها أكثر من رأس، لوجود دستور مفخّخ، لا هو رئاسي، ولا هو برلماني، ولا هو مختلط.
جاءت هذه القرارات منسجمة مع الهبّة الشعبية الطامحة إلى كنس منظومة الحكم الفاسدة، والتي يشير إصبع الاتهام فيها إلى حركة "النهضة" الإسلامية؛ إحدى زعانف التنظيم الدولي للإخوان المسلمين. وقد أظهرت الحركة في السنوات الأخيرة، وخصوصاً بعد "ثورة الياسمين"، أنّها القوة الوحيدة الفعلية والمنظمة في البلد، في حين أنها تحمل مشروعها الخاصّ الّذي يتناقض في الأغلب مع المشروع الثوري التقدّمي ذي الأولويّة الاجتماعيّة.
مشروع "النهضة" يحمل في مضمونه انقلاباً ناعماً على الأهداف الثورية، ويحتمي في الديمقراطية الشكلية المزيفة المعتمدة على استخدام الخطاب الديني حتى تشرعن وجودها. وقد كشفت تصرفاتها التي تُوّجت بوصول زعيمها راشد الغنوشي إلى موقع رئيس مجلس النوّاب، والإتيان برئيس حكومة موالٍ لها وبتوجهاتها الخاصة، أنّها تراهن على الوقت من أجل التمكّن من تونس.
أظهرت "النهضة" أيضاً دهاءً في تعاطيها مع الوضع التونسي. وشيئاً فشيئاً، تسلّلت إلى الإدارات التونسيّة. ترافق ذلك مع تدهور مستمرّ للوضعين الاقتصادي والاجتماعي، في ظلِّ فوضى إدارية. كان واضحاً رهانها على نشر البؤس والتخلّف من أجل التمكّن نهائياً من تونس، ما يجعلها المسؤول الأول عن الانهيار الحادث في البلاد التي تعيش أسوأ أزمة اقتصادية منذ استقلالها في العام 1956.
ليس قيس سعيّد عازفاً منفرداً في مقاومته "النهضة"، التي تتحدّث حالياً عن "انقلاب" قام به رئيس الجمهورية. كان الانقلاب الحقيقي يتمثل في امتناعه عن أخذ المبادرة، وترك الثورة المضادة المتمثلة في مشروع رجعي تقوده حركة "النهضة" والتفرج على بلد ينهار. كلّ ما في الأمر أنّ الرجل تحمّل مسؤوليّاته لا أكثر. الأهمّ من ذلك كلّه أنّ الشعب التونسي أثبت أنّه يرفض الاستسلام للفوضى والتخلّف والمؤسسات الموازية لمؤسسات السلطة التي أنشأتها "النهضة" وتحوّلت إلى ثقوب سوداء في الدولة التونسيّة.
مدى مشروعية قرارات الرئيس قيس سعيّد
استند سعيّد إلى الفصل الثمانين من الدستور التونسي المنصوص فيه: "لرئيس الجمهوريّة في حالة خطر داهم مهدّد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتّخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويعلن عن التدابير في بيان إلى الشعب".
لا شكَّ في أنّ هذا النصّ أحدث جدلاً واسعاً في تلك اللحظة الحرجة من تاريخ تونس، لأنّه يحتمل أكثر من تأويل، بحسب سياق كلّ حدث، وخصوصاً جملة "في حالة خطر داهم"، ولم يتم تحديد نوع الخطر. إذاً، العملية هنا تقديرية. ولأنَّ رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب هما الطرفان اللذان يشكلان الخطر الداهم على الدولة، فلا مجال لاستشارتهما في تفعيل النص، بل تم تفعيل مضمونه في غياب المحكمة الدستورية.
لا يُحسم هذا الجدل بالشرعية الدستورية والقانونية بقدر مشروعيته الأخلاقية والمجتمعية، لمدى انسجامه مع مزاج الشارع التونسي وإرادته بالتغيير. واعتبر سعيد أنّ الشرعيّة يجب أن تتناغم مع مطالب الشعب، في حين وصفت حركة "النهضة" وزمرة مؤيّديها ما حدث بأنه انقلاب صريح سيؤدي إلى إطاحة النظام الديمقراطي ومكتسباته بعد "ثورة الياسمين".
وفي إطار النظرة العلميّة إلى مصطلح الانقلاب في أدبياتنا، فإنه عمل تآمري على سلطات لها شرعيتها الدستورية، ومحصنة بقبول شعبي، وتحظى بثقة متبادلة مع كل أركان الدولة والمواطن، وهو ما لم يحدث مطلقًا، بل نحن أمام سخط شعبي كبير على أداء مؤسّسات الحكم، وعلى رأسها البرلمان والحكومة، في ظلِّ وجود خلل في المنظومة الدستورية والبنية السياسية غير المكتملة، حتى إنَّ المحكمة الدستورية لم تؤسّس بعد.
العوامل الداعمة لقرارات سعيّد
ثمة عوامل دعمت قرارات الرئيس لتصحيح المسار وإنقاذ البلاد من أي فوضى محتملة، وهي:
- استقلاليّة شخصيّته من أيّ نفوذ في الداخل أو الخارج.
- نظافة يده ونزاهته المشهودة له من المعارض قبل المؤيد.
- انتخابه المباشر بنسبة كبيرة تفوق 73%، ما يفيض له شرعية غير مسبوقة مقارنة بأي جهة منتخبة، ويرسّخ قبوله شعبياً، وخصوصاً في الأوساط الشبابية، علاوةً على رفضه القاطع للتطبيع وتجريمه.
- دعم المؤسّستين الأمنية والعسكرية له، وهو الدعم الذي جاء بعد لقائه قياداتهما، والتنسيق المسبق والاتفاق على تحديد نقطة للتحرك المحسوب بعناية فائقة.
- وقوف أعمدة الحركة الوطنية التونسية مع القرارات، وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل، والذي يحظى بتوافق شعبي كبير، لما له من مواقف نضالية وثورية، فيما دعمت الخطوة أهم الأحزاب الوازنة في الحياة السياسية، وأكثرها وجوداً داخل المجلس النيابي، وعلى رأسها حزب حركة "الشعب" الناصري وحزب "التحالف الديمقراطي"، وغيرها من الأحزاب والقوى التقدمية والحركات الثورية والشبابية.
- قلّة عدد المشاركين في التظاهرات الداعمة لائتلاف حزب حركة "النهضة" مثلما كان متوقعاً. ولوحظت قلة عدد النواب الذين انضموا إلى رئيسه المعتصم أمام المجلس بعد أن أغلقته قوات الأمن.
وعلى الرغم من حزمة العوامل الداعمة والظروف الاستثنائية التي أتيحت للرئيس لاتخاذ تلك الإجراءات التاريخية، فإنَّ ثمة تحديات تواجه المسار، تتمثل في عدم وجود إجماع أو توافق بين الطبقة السياسية التونسية على كيفية السير إلى الأمام، فهناك تجاذبات كبيرة بينهم بسبب حدة خطاب النخبة السياسية، وهناك منسوب عالٍ من عدم الثقة وتبادل الاتهامات، متزامنة مع احتقان في الشارع.
وبالتالي، إنّ الأزمة الحالية صناعة محلّية، وأبطالها ساسة منشغلون بخلافاتهم، وربما برعاية إقليمية، وآخر يتمثل في الخلاف القائم بين المؤسسات الدستورية، والتي يوظفها أعداء الثورة التي ما زالت تبحث عن طريقها وتطهر نفسها بأن الديمقراطية لا تصلح لنا، في محاولة العودة إلى الوراء، إلا أن رهان الرجل ما زال يرتكز على الشارع التونسي وضميره الحيّ لإنقاذ البلاد والاصطفاف حول قراراته.
تونس الّتي تعدّ استثناءً بين الدول العربية التي شهدت ثورات حقّقت تقدماً في العملية الديمقراطيّة، لكن هذه الديمقراطية هشة ومهددة ما دامت تتمكّن منها قوى اليمين الديني والرجعي والمال السياسي الّذي استغل حاجة أغلبية المجتمع الفقير وقوة الدولة العميقة الفاسدة المتجذرة، فبقيت شكلية فقط من دون مضمون حقيقي يحمي مكتسبات الثورة.
إن الرهان على المسألة الديمقراطية مرتبط بتوفير أدواتها، من وعي شعبي وقوى تقدمية منظمة كطليعة لعملية التغيير الجذري الشامل وخارطة طريق يحميها دستور يجسد المتطلبات الشعبية، ويسد الثغرات والفراغات التي يمكن الالتفاف حولها، كما يسعى الرئيس إلى الذهاب بها إلى تغيرات جذرية في سبيل تحقيق أهداف الثورة (شغل وحرية وكرامة وطنية). إن تونس الآن أمام مخاض عسير وتفاؤل حذر.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الميادين وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً
محمود الشربيني
كاتب سياسي مصري
هل ينجح ميقاتي في تشكيل الحكومة اللبنانية المقبلة؟
مرةً جديدة وفي محاولة لانقاذ البلاد على جميع النواحي، كلف الرئيس اللبناني ميشال عون رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة الجديدة.
رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي وبعد تكليفه مباشرة قال ان لبنان كان على شفير الانهيار وأمام حريق يمتد إلى كل بيت لذلك قرر أخذ مهمة الانقاذ. واكد ميقاتي انه بحاجة لثقة الشعب اللبناني، معتبرا ان المهمة صعبة لكنها تنجح اذا تضافرت الجهود.
وعلى إثر استشارات نيابية ملزمة أجراها الرئيس اللبناني، حصل ميقاتي على 72 صوتا في البرلمان من اصل مائة وثمانية عشر صوت فيما حصل المرشح نواف سلام على صوت واحد وامتنع اثنين واربعين نائبا عن التصويت بالاضافة الى غياب ثلاث نواب.
وعلى الرغم من عدم تسمية اي مرشح، قال رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل ان امام الرئيس المكلف نجيب ميقاتي فرصة شهر لتصحيح الخطأ في تشكيل الحكومة، واكد باسيل على اهمية وضرورة الاسراع في تشكيلها.
ومع ان الرئيس ميقاتي قد ترأس الحكومة اللبنانية في السابق مرتين، الأولى عام 2005 والثانية عام2011، الا ان المهمة هذه تبدو صعبة بعد فشل محاولتان لتأليف مجلس للوزراء يتولى مهمة إخراج البلاد من دوامة الانهيار الاقتصادي المتسارع.
ويأتي تكليفه إثر اعتذار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بعد تسعة أشهر من تسميته لتأليف الحكومة، وذلك بعدما حالت الخلافات السياسية الحادة دون إتمامه المهمة، وقبل الحريري، اعتذر مصطفى أديب، عن اتمام المهمة جراء الخلافات بين القوى السياسية.