
emamian
في ظروف استثنائية بسبب كورونا.. عشرات آلاف الحجاج يصلون إلى مشعر منى
نائب وزير الحج والعمرة، عبد الفتاح بن مشاط، يقول إن "46 ألف حاجّ وصلوا إلى منى"، ويؤكد أن "عدد النساء المشاركات في الحج هذا العام يفوق 40 في المئة من إجماليّ الحجاج".
وصل آلاف الحجاج اليوم الأحد، إلى مشعر منى، مع بدء مناسك الحج الفعلية والتي تقتصر هذا العام على المقيمين في السعودية، الملقحين ضد "كوفيد - 19"، في ظروف استثنائية للعام الثاني توالياً، بسبب استمرار تفشي الوباء.
ويشارك نحو 60 ألف مقيم في المناسك مقارنة بنحو 2,5 مليون مسلم في عام 2019. واختير المشاركون من بين 558 ألف متقدم وفق نظام تدقيق إلكتروني، بينما يشعر ملايين المسلمين في العالم، والراغبين في أداء فريضة الحج، بخيبة أمل من عدم القدرة على المشاركة.
وأكّد المتحدث باسم وزارة الصحة السعودية محمد العبد العالي، في مؤتمر صحافي مساء اليوم، "عدم تسجيل أي إصابة بفيروس كورونا بين الحجاج".
وفي المؤتمر، أوضح المتحدث باسم وزارة الحج هشام سعيد أنّ "كل الحجاج وصلوا بحلول مساء الأحد في يوم التروية إلى منى على بعد نحو خمسة كيلومترات من مكة، حيث قاموا بطواف القدوم السبت". وترك الحجاج مسافات بين بعضهم البعض في الحافلات، التزاماً بقواعد التباعد الاجتماعي.
وقال نائب وزير الحج والعمرة عبد الفتاح بن مشاط لوكالة "فرانس برس" صباح اليوم إنّ "46 ألف حاجّ وصلوا فعلاً إلى منى"، موضحاً أن "عدد النساء المشاركات في الحج هذا العام يفوق 40 في المئة" من إجمالي الحجاج.
ويتزامن موسم الحج مع ارتفاع في عدد الإصابات بكورونا في مختلف أرجاء العالم، ولاسيما بسبب انتشار النسخ المتحورة من الفيروس، وعلى الرغم من حملات التلقيح المستمرة منذ أشهر. وسجّلت السعودية حتى الأحد أكثر من 509 آلاف إصابة بفيروس كورونا، بينها 8075 وفاة.
رحلة الحج.. اجتياز الاختبارات وكسر القيود
الحج من أعظم الرحلات.. دافعه الإيمان وفيه دروس أهمها رسالة اجتثاث العنصرية (رويترز)
أقيمت شعائر الحج على نطاق محدود بسبب تفشي وباء كوفيد-19، ونسأل الله تعالى أن يمر هذا الوباء ويعود كل شيء إلى سالف عهده.
يعتبر النحر من أهم شعائر الحج، وهو عبادة مهمة جدا يجب القيام بها في هذه الأيام المباركة، ويمكن أن ننظر إليها بشكل أرحب في هذا الوقت المليء بالعبر والمعاني.
خاض النبي إبراهيم عليه السلام رحلة شاقة وأقدم فيها على التضحية بابنه العزيز، وهو الابن الذي رُزق به بعد أن جاوز عمره الثمانين حسب ما هو مذكور في الإنجيل. يمكن القول إن هذه الرحلة تحمل أبعادا كثيرة تحتاج منا إلى التفكر والتدبر.
في الواقع، كانت رحلة حياة خليل الله أبي الأنبياء منذ بدايتها نموذجا يحتذى به لكل الناس، حيث إن الحياة تضع أمامنا باستمرار دروبا مختلفة لنسلكها، ومواقف يجب أن نميّز فيها بين الخير والشر، وأثمانا يجب أن ندفعها، وتضحيات يجب أن نقوم بها.
تمثل الجنة بيئة لا حدود فيها للنعم، حيث كان بإمكان آدم وحواء القيام بكل ما يحلو لهما دون أي مسؤوليات، إلا أنهما خاضا مغامرة أخرى بعد أن أغواهما الشيطان بفكرة الخلود، وتسبب بذهابهما في رحلة النفي. الحج رحلة نتذكر فيها النفي بعيدا عن أوطاننا، ونتذكر أيضا عدو الإنسانية الشيطان.
وما دام بعض الناس يمتنعون عن المشي في هذه الدروب والوقوف مع الخير ضد الشر ودفع الأثمان مقابل إيمانهم، فإنهم يبقون دائما عالقين داخل دائرة الراحة. أما سيدنا إبراهيم، الذي يمكن اعتباره أمة كاملة، فلم يتجاهل هذه الدروب والإشارات والرسائل التي اعترضت طريقه.
حطّم سيدنا إبراهيم الأصنام التي صنعها قومه بأيديهم وعبدوها، ووقف ضد أبيه في هذه المعركة، ثم تحدى النمرود، وخاطر بأن يُلقى في النار، وبعد ذلك ذهب إلى مصر، ومن هناك إلى وادي مكة حيث ترك ابنه إسماعيل في سن صغيرة، وسار بمفرده في رحلة أخرى، خاض خلالها عديد التجارب، وعرف شعور الغربة، وفُتحت أمامه الآلاف من أبواب الحكمة. اصطفى ربنا العظيم نبيه وخليله إبراهيم ليكون نموذجا متفردا لكل الأمم والشعوب ولتصل هذه التجارب للأجيال اللاحقة.
يعتبر الحج مكانا نقلّد فيه رحلة إبراهيم بأكملها، ولكن هذه الرحلة لا تدور فقط حول إبراهيم عليه السلام، إذ إنها تمثل أيضا اللقاء الأول بين آدم وحواء في هذا العالم، بعد أن طُردا من الجنة بسبب الانسياق وراء إغراءات الشيطان. يمثل آدم وحواء رحلة تتجسد في الهبوط إلى هذا العالم، وبدون هذه الرحلة ما كان الجنس البشري ليظهر على الأرض، ولم تكن هذه التجربة الإنسانية لتبدأ أصلا، لأن الحياة كانت ستبقى داخل دائرة الراحة في الجنة.
تمثل الجنة بيئة لا حدود فيها للنعم، حيث كان بإمكان آدم وحواء القيام بكل ما يحلو لهما دون أي مسؤوليات، إلا أنهما خاضا مغامرة أخرى بعد أن أغواهما الشيطان بفكرة الخلود، وتسبب بذهابهما في رحلة النفي. الحج رحلة نتذكر فيها النفي بعيدا عن أوطاننا، ونتذكر أيضا عدو الإنسانية الشيطان.
تقام شعائر الحج بشكل جماعي، ولكن في نفس الوقت يعيش كل فرد داخل عالمه الخاص، وتكون لديه تجربته ومشاعره المتفردة خلال هذا الحدث. يظهر الشيطان عند كل مرحلة، محاولا الحط من عزيمة الحجاج، ولذلك فإن هذه الرحلة تتطلب بعض التضحيات، وكلما بذل الحاج تضحيات أكبر ارتفعت منزلته أكثر، وزادت قيمته الإنسانية، وتغيرت نظرته للعالم.
هناك العديد من الدروس المستخلصة من الحج، حيث إن الحاج يذهب إلى مكة لفهم الأمة الإسلامية، والاندماج فيها، والوقوف على قدم المساواة مع الجميع، وفي صف واحد ضد الشر. وهناك أيضا دروس وعِبر وطنية يمكن استخلاصها من هذه الرحلة، أهمها الرسالة المتعلقة باجتثاث العنصرية والتفرقة، إذ يحدث أن يغفل بعض الناس عن قيم المساواة والتواضع، ويتصرفون بتكبر وتعالٍ، من خلال العمل على التفرقة بين الحجاج وتفضيل أبناء بلدهم عن الآخرين.
رغم كل شيء فإن الحج يمثل رحلة تمتد أمواجها لتلامس كامل العالم الإسلامي. ومنذ اللحظة التي فُرض فيها الحج على المسلمين بات سببا لواحدة من أعظم الرحلات التي يؤديها البشر بدافع الإيمان. وعبر التاريخ، خاطر الناس بالسفر والترحال من أجل إتمام شعيرة الحج، بشكل جعلهم يتركون خلف ظهورهم دائرة الراحة في حياتهم اليومية، وينفتحون على كل المواقف والدروس التي سيجدونها في طريقهم.
واليوم مع توفر وسائل النقل المريحة، يصعب علينا تخيل تلك الأيام، عندما كان السفر يعني التعرض لمختلف أنواع المخاطر الأمنية والاقتصادية. ومع توفر كل وسائل الراحة في مكان واحد، باتت حياة الخمول التي نعيشها تحدّ من آفاقنا وتثبّط عزائمنا دون وعي منا. يتوهم البعض أن هذه الرفاهية تجعلهم أحرارا، ولكنها في الواقع تؤثر عليهم بشكل سلبي، وبالتالي فإن الحج المفروض على المستطيع، يعتبر علاجا دنيويا لهؤلاء الناس، وهو فرصة لا تقدر بثمن للانفتاح على العالم وكسر القيود التي لم يكونوا يدركونها.
قد يعاني الإنسان دون وعي من إدمان عادات معينة، تحدّ من حريته، ولنا قدوة في خليل الله إبراهيم عليه السلام الذي نجح في اجتياز كل الاختبارات برحمة من الله، ونجح في كسر القيود.
خطبة الإمام الحسين (عليه السلام) في منى
قال سليم في تتمّة كلامه السابق: فلمّا كان قبل موت معاوية بسنتين حَجّ الحسين بن عليّ (عليه السّلام) وعبد الله بن جعفر وعبد الله بن عبّاس معه.
وقد جمع الحسين بن علي (عليه السّلام) بني هاشم: رجالَهم ونساءهم ومواليهم وشيعتهم، مَن حجّ منهم ومَن لم يحجّ، ومن الأنصار ممّن يعرفونه وأهل بيته.
ثم لم يَدَع أحداً من أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ومن أبنائهم والتابعين، ومن الأنصار المعروفين بالصلاح والنُّسُك إلاّ جمعهم.
فاجتمع عليه بـ «مِنَى» أكثر من ألف رجل([1]).
ويمكن اعتبار اجتماع مِنى هذا العظيم موقفاً سياسياً هامّاً، من وجهين:
1 ـ أنَّه تظاهرةٌ كبيرة تجمع عَدَداً كبيراً من ذوي الشهرة، والوجهاء المعروفين بين الأُمّة، بحيث لا يمكن إغفال أثرها ولا منع الناس من التساؤلات حولها.
2 ـ أنّه أكبر «مَجْلِس» يضمُّ أصحابَ الرأي من رجالات الأُمّة وشخصيّاتها ممّن له الحقّ في إبداء الرأي وسنّ القانون، وهم النّخْبة المقدّمة من أهل الحلّ والعقد، ومن جميع القطّاعات الفاعلة في المجتمع الإسلامي وهم: العلويّون،
والصحابة ـ المهاجرون والأنصار ـ والتابعون، ومن النساء، وطبقة الأبناء، وطبقة الموالي.
بحيث يمكن أن يعتبر ذلك «استفتاءً شعبيّاً عامّاً» من خلال وجود ممثّلين لكلّ طبقات الشعب المسلم.
وتبدو الحكمة والحنكة في انتخاب الزمان والمكان لعقد ذلك المجمع العظيم.
فأرض «منى» المفتوحة الواسعة، وهي جزء من الحرم ـ تسع لمثل هذا الاجتماع العظيم في ساحة واحدة، وفي وسط كلّ الوافدين عليها من الحجّاج المؤدّين للواجب، أو غيرهم القائمين بأعمال أُخرى، واجتماع رهيب مثل ذلك لا يخفى على كلّ الحاضرين في تلك الأرض المفتوحة، وبذلك ينتشر الخبر ولا يُحصَر بين الأبواب المغلقة أو جدران مكان خاص.
ولا بدّ أنْ يكونَ الاجتماعُ في زمان الحضور في مِنى وهو يوم العيد الأكبر (يوم الأضحى) العاشر من ذي الحجّة، فما بعد، إذ على الجميع الناسكين والعاملين معهم الوجود على أرض مِنى لأداء مناسكها أو تقديم الخدمات إلى الوافدين.
وفي انتخاب مثل هذا المكان، في مثل ذلك الزمان، مع نوعية الأشخاص المنتخبين للاشتراك في هذا الاجتماع دلالات واضحة على التدبير والاهتمام البليغ الذي كان يوليه الإمام لهذا الموقف.
وأمّا محتوى الخطاب التاريخي الذي ألقاه الإمام الحسين (عليه السّلام) فهو ماسنقرؤه معاً([2]).
خطبة الإمام (عليه السّلام) بمنى:
«أمّا بعدُ، فإنَّ هذا الطّاغية قد فَعَلَ بنا وبشيعتِنا ما قد رأيتُم وعلِمتُم وشهِدتُم.
وإنّي أُريد أن أسألَكُم عن شيء، فإنْ صدقتُ فصدِّقوني، وإن كذبتُ فكذِّبوني.
اسمعوا مقالتي واكتبوا قولي، ثمّ ارجعوا إلى أمصارِكُم وقبائِلِكُم، فَمَن أمِنْتُم من النّاسِ وَوَثِقْتُم بهِ فاِدعوهم إلى ما تعلمونَ من حقِّنا.
فإنّي أتخوَّفُ أن يُدرسَ هذا الأمرُ، ويذهبَ الحقُّ ويُغلَب (وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ).
أنشدكم الله: أتعلمون أنّ عليّ بن أبي طالب كان أخا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حين آخى بين أصحابِهِ فآخى بينه وبين نفسه، وقال: أنت أخي وأنا أخوك في الدّنيا والآخرة؟».
قالوا: اللّهمّ نعم.
قال: «أنشدكم الله: هل تعلمون أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) اشترى موضعَ مسجدِهِ ومنازِلِهِ فَاْبتناهُ ثُمّ اْبتنى فيه عشرةَ منازل، تسعة له وجعل عاشرها في وسطِها لأبي ثمّ سَدَّ كُلَّ باب إلى المسجد غيرَ بابِه، فتكلَّمَ في ذلك مَن تكلَّمَ،
فقال: ما أنَا سددتُ أبوابَكُمْ وفتحتُ بابَهُ ولكنّ الله أمرني بسدِّ أبوابِكُم وفتحِ بابِه، ثمّ نهى النّاس أن يناموا في المسجد غيره، وكان يُجنب في المسجد ومنزله في منزل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فوُلِدَ لرسولِ الله (صلّى الله عليه وآله) وله فيه أولادٌ؟».
قالوا: الّلهمّ نعم.
قال: «أفتعلمون أنّ عمر بن الخطّاب حَرصَ على كُوَّةٍ قَدْرَ عينهِ يَدَعُها في منزلهِ إلى المسجد فأبى عليه، ثُمّ خطب فقال: إنّ الله أمرني أن أبني مسجداً «طاهراً» لا يسكُنُهُ غيري وغير أخي وبنيه؟».
قالوا: الّلهمّ نعم.
قال: «أَنْشُدُكم الله: أتعلمون أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) نصبه يوم غدير خمّ فنادى له بالولايةِ وقال: ليبلّغ الشّاهدُ الغائب؟».
قالوا: الّلهمّ نعم.
قال: «أَنْشُدُكم الله: أتعلمون أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال له في غزوة تبوك: أنت منّي بمنزلةِ هارونَ مِنْ مُوسى، وأنت وليُّ كُلِّ مُؤمن بعدي؟».
قالوا: اللّهمّ نعم.
قال: «أَنْشُدُكم الله: أتعلمون أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حين دعا النّصارى من أهل نجرانَ إلى المباهلةِ لم يأتِ إلاّ بهِ وبصاحبَتِهِ وابنيهِ؟».
قالوا: الّلهمّ نعم.
قال: «أَنْشُدُكم الله: أتعلمون أنَّهُ دفع إليه اللّواء يومَ خيبر ثمّ قال: لأدفعه إلى رجل يحبُّهُ الله ورسولُهُ ويُحِبُّ الله ورسولَهُ كرّارٌ غير فرّار، يفتحُها الله على يديه؟».
قالوا: الّلهمّ نعم.
قال: «أتعلمون أنّ رسول الله بعثه ببراءَة وقال: لا يبلّغ عنّي إلاّ أنا أو رجلٌ منّي؟».
قالوا: الّلهمّ نعم.
قال: «أتعلمون أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لم تنزل به شدّةٌ قطُّ إلاّ قدّمَهُ لها ثقةً بهِ وأنّه لم يدْعُهُ باسمِهِ قطُّ إلاّ يقول: يا أخي، وادعُوا لي أخي؟».
قالوا: الّلهمّ نعم.
قال: «أتعلمونَ أنّ رسولَ الله (صلّى الله عليه وآله) قضى بينَهُ وبينَ جعفر وزيد فقال: يا عليُّ أنتَ منّي وأنا منك، وأنت وليُّ كُلِّ مُؤمن بعدي؟».
قالوا: الّلهمّ نعم.
قال: «أتعلمون أنَّهُ كانت مِنْ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله) كلَّ يوم خلوةٌ وكُلَّ ليلة دخْلَةٌ، إذا سألَهُ أعطاهُ وإذا سكت ابتدأه؟».
قالوا: الّلهمّ نعم.
قال: «أتعلمونَ أنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فضّله على جعفر وحمزة حين قال لفاطمة (عليها السّلام): زوّجْتُكِ خيرَ أهلِ بيتي، أقدمَهُمْ سِلْماً، وأعظَمَهُمْ حِلْماً، وأكثَرَهُم عِلْماً؟».
قالوا: الّلهمّ نعم.
قال: «أتعلمون أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال: أنا سيّدُ وُلْدِ بني آدَم، وأخي عليّ سيّدُ العرَبِ، وفاطمةُ سيّدةُ نساءِ أهلِ الجنّةِ، والحسنُ والحسينُ ابناي سيّدا شبابِ أهلِ الجنةِ؟».
قالوا: الّلهمّ نعم.
قال: «أتعلمونَ أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أمره بغسلِهِ وأخبَرهُ أنّ جبرئيلَ يُعينُهُ عَلَيْهِ؟».
قالوا: الّلهمّ نعم.
قال: «أتعلمونَ أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال في آخر خطبةٍ خَطَبَها: إنّي تركتُ فيكُمُ الثّقَلَيْن كتابَ الله وأهلَ بيتي، فتمسَّكُوا بِهما لن تَضِلُّوا؟».
قالوا: الّلهمّ نعم.
ثمّ ناشَدَهُم أنّهم قد سمعوه يقول: «مَن زَعَم أنَّهُ يُحبُّني ويُبغِضُ عليّاً فقد كَذِبَ، ليسَ يُحبّني ويُبغضُ علّياً، فقال له قائل: يا رسول الله وكيف ذلك؟ قال: لأنّه منّي وأنا منهُ، مَن أحبَّهُ فقد أحبَّني، ومَن أحبَّني فقد أحبَّ الله، ومَن أبغضَهُ فقد أبغضَني، ومن أبغضني فقد أبغض الله؟».
قالوا: الّلهمّ نعم، قد سمعنا...
«اعتبروا أيُّها النَّاسُ بما وَعظَ الله به أولياءَهُ من سُوءِ ثَنائِهِ على الأحبار إذْ يقول: (لَوْلا ينهاهُمُ الرَّبَّانيّوُنَ وَالأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهُم الإثْمَ) وقال: (لُعِنَ الّذينَ كَفَرُوا مِنْ بَني إسْرَائيلَ ... إلى قوله: لبئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُون).
وإنَّما عابَ الله ذلك عليهم لأنّهم كانوا يَرَوْنَ من الظَّلَمَةِ الّذين بين أظْهُرِهِم المُنكرَ والفَساد فلا ينهونهم عن ذلك رَغبةً فيما كانوا ينالونَ منهم، ورهبةً ممّا يحذرون، والله يقول: (فلا تَخْشواْ النَّاسَ وَاْخشَوْن) وقال: (المُؤْمِنُونَ واْلمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أولياءُ بَعْض يأمرونَ بِاْلمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ اْلمُنْكَرِ).
فبدأ الله بالأمر بالمعروفِ والنّهي عن المنكر فريضةً منه لعلمِه بأنَّها إذا أُدِّيَتْ وأُقيمت استقامتِ الفرائضُ كلُّها هَيِّنُها وصَعْبُها، وذلك أنّ الأمرَ بالمعروفِ والنّهيَ عَن المُنْكر دعاءٌ إلى الإسلام مع ردِّ المَظَالِم ومخالفةِ الظّالمِ وقسمةِ الفَيء والغنائمِ وأخذِ الصَّدَقاتِ من مواضِعِها ووضعِها في حقّها.
ثمّ أنتم أيّتُها العصابةُ عصابةٌ بالعِلْمِ مشهورةٌ وبالخيرِ مذكورةٌ وبالنصيحة معروفة وبالله في أنفُسِ النّاسِ مهابةٌ، يهابُكُمُ الشّريفُ وَيُكْرِمُكُمُ الضعيفُ وَيُؤْثُركُم مَنْ لا فضلَ لكم عليه ولا يدَ لكم عنده، تشفعون في الحوائج إذا امتنعت مِنْ طُلابِها، وتمشُونَ في الطّريقِ بهيبة الملوك وكرامة الأكابرِ.
أليس كُلّ ذلك إنّما نِلتُموهُ بما يُرجى عندكُم من القيامِ بحقِّ الله وإن كنتم عن أكثر حقّهِ تقصُرونَ؟ فاسْتَخْفَفْتُمْ بحقّ الأئمّة، فأمّا حقّ الضُّعَفاءِ فَضَيَّعْتُمْ، وأمّا حقّكم بزعْمِكُمْ فَطَلَبْتُم، فَلا مالاً بذلتموه، ولا نفساً خاطَرْتُم بِها للّذي خلَقَها، ولا عشيرةً عاديتموها في ذاتِ الله.
أنتُم تتمنّونَ على الله جَنَّتَهُ ومجاورةَ رُسُلِهِ وأماناً من عذابهِ!
لقد خشيتُ عليكم ـ أيُّها المُتَمَنّونَ على الله ـ أن تَحِلَّ بكُم نقمةٌ مِن نقماتِهِ لأنّكم بلغتم من كرامة الله منزلة فُضّلتمْ بها، ومن يُعرَفُ بالله لا تُكْرِمُونَ، وأنتُم بالله في عباده تُكْرَمُونَ.
وقد تَرَوْنَ عهودَ الله منقوضَةً فلا تَفزَعُون، وأنتُم لبعضِ ذِمَمِ آبائِكُمْ تَفْزَعُون! وَذِمّةُ رسولِ الله مخفورةٌ، والعُميُ والبُكُم والزّمنى في المدائنِ مهملة! لا تَرحَمُونَ ولا في مَنزِلَتِكُم تعملون، ولا مَنْ عَمِلَ فيها تُعينون. وبالادّهانِ والمُصَانَعَةِ عند الظلَمَةِ تأمنون.
كُلّ ذلك ممّا أمركم الله بهِ من النّهي والتّناهي وأنتم عنه غافلونَ! وأنتُم أعظم النّاس مصيبة لما غلبتم عليه من منازلِ العلماء لو كنتُم تشعرون، ذلك بأنّ مجاريَ الأُمورِ والأحكامِ عَلَى أيدي العُلَماء بالله الاُمناءِ عَلَى حَلاَلِهِ وَحَرَامِهِ، فأنتُم المسْلُوبونَ تلك المنزلةِ وَما سُلِبْتُم ذلك إلاّ بتفرُّقِكُم عن الحقِّ واْختلافِكُم في السُّنّة بعد البيّنة الواضحة، وَلَوْ صَبَرْتُم علَى الأذَى وتحمّلْتُم المؤونة في ذاتِ الله كانت أُمور الله عليكُم تَرِدُ وعنكم تصْدُرُ وَإِلَيْكُمْ تَرْجعُ، ولكنَّكُم مكّنتُم الظَّلَمَة مِنْ منزِلَتِكُمْ، وأسلمتم أُمور الله في أيديهم، يَعملون بالشُّبُهاتِ، ويَسيرونَ في الشَّهَواتِ، سلّطهم على ذلك فرارُكُم مِنَ الموتِ وإعجابُكُم بالحياة التّي هي مفارقتُكُم، فأسلمتم الضُّعفاءَ في أيديهم فمن بين مُستعبَد مقهور وبين مستضعَف على معيشتِهِ مغلوب، يتقلّبون في المُلكِ بآرائِهم، ويستشعِرونَ الخِزْيَ بأهوائهم، اقتداءً بالأشرار وجرأةً على الجّبارِ! في كُلّ بَلَد منهم على مِنْبَرِهِ خطيبٌ مُصْقعٌ فالأرضُ لهم شاغرةٌ، وأيديهم فيها مبسوطة، والنّاسُ لهم خَوَل، لا يدفعون يد لامس، فمن بين جبّار عنيد، وذي سطوة على الضعفةِ شديد، مُطَاع لا يَعْرِفُ المُبْدِئ المعيد.
فيا عجباً! وما لي لا أعجبُ والأرض من غاشٍّ غَشُوم، ومتصدِّق ظلوم، وعامِل على المُؤمنينَ بهم غيرُ رحيم، فالله الحاكمُ فيما فيه تنازعنا، والقاضي بحكمه فيما شجر بيننا.
الّلهمّ إنّك تعلم أنّه لم يكن ما كان منّا تَنافُساً في سُلْطان، ولا اْلتِماساً من فضول الحطامِ، ولكن لنُرِيَ المعالِمَ من دينك، ونُظْهِر الإصلاحَ في بلادِك، ويأمن المظلُومونَ مِنْ عبادِك، ويُعْمَل بفرائِضِكَ وسُنَنِك وأحكامِك.
فإنَّكُم إن لا تَنْصُرونا وتنصفونا قويت الظّلمة عليكم، وعَمِلَوا في إطفاءِ نُورِ نَبيِّكُم.
وحسبُنا الله وعليه توكّلنا وإليه أنَبْنَا وإليه المصيرُ».
إنّ هذا الموقف يعتبر أقوى معارضة علنية أقدم عليها الحسين (عليه السّلام) في مواجهة معاوية وإجراءاته الخطرة التي دأب طول حكمه ـ بعد استيلائه على أريكة الحكم في سنة (40) للهجرة ـ على العمل بكلّ دهاء وتدبير لتأسيس دولته المنحرفة عن سنن الهدى والصلاح والتقى، فحاول في الردّة عن الإسلام إلى إحياء الجاهليّة الأُولى بما فيها من الظلم والعصبية والتجسيم لله، والقول بالجبر والإرجاء وما إلى ذلك من الأفكار التي تؤدّي إلى تحميق الناس وإخماد جذوة الحركة الثورية الإسلاميّة، والتوحيدية الإصلاحية.
فكانت حركة الحسين (عليه السّلام)، وبهذا الأُسلوب المحكم الرصين، وفي الزمان والمكان المنتخبين بدقّة، أوّل معارضة معلنة ضّد كلّ الإجراءات تلك.
وإن كان الإمام الحسين (عليه السّلام) لم يكفّ مدّة إمامته عن مواجهة معاوية بشكل خاصّ في القضايا الجزئيّة، وفي اللقاءات الخاصّة، لكنّ هذا الإجراء العظيم اعتبره رجال الدولة ثورة مُعْلنة، وتحرّكاً سياسياً خَطِراً على الدولة، ومؤدّياً إلى تبخير كلّ الجهود والآمال والطموحات التي عملوا من أجلها طوال عشرين سنة من حكمهم الفاسد.
الحسين (عليه السلام)، سماته وسيرته، السيد محمد رضا الحسيني الجلالي
([1]) كتاب سليم بن قيس ص 165 والاحتجاج للطبرسي ص 296.
([2]) اعتمدنا في نقل نصّ الخطاب على ما أثبته العلاّمة الشيخ محمد صادق نجمي في تحقيقه القيّم الذي أصدره باسم «خطبه حسين بن علي (عليه السّلام) در منى» باللغة الفارسية، وطبعته مؤسّسة القدس في مشهد سنة 1411 هـ وقد ذكر أنّ مجموع الخطبة جاء على شكل مقاطع في كلّ من كتاب سليم، والاحتجاج للطبرسي ، وتحف العقول لابن شعبة.
ترحيب أممي بإعلان الحكومة الأفغانية و"طالبان" تسريع مفاوضاتهما
نيويورك/ محمد طارق
رحب أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بإعلان الحكومة الأفغانية وحركة "طالبان" اتفاقهما على تسريع المفاوضات بينهما لإنهاء الحرب في البلاد والتوصل إلى تسوية.
والأحد، أعلنت الحكومة الأفغانية و"طالبان" الاتفاق على تسريع مفاوضات إنهاء الحرب في البلاد باتجاه التوصل لتسوية شاملة، وذلك في ختام محادثات جرت في العاصمة القطرية الدوحة لمدة يومين.
وقال فرحان حق، نائب غوتيريش، في بيان مساء الإثنين بتوقيت نيويورك، إن "الإعلان المشترك خلص إلى تسريع المفاوضات رفيعة المستوى من أجل إيجاد (..) حل عادل للصراع".
وأكد غوتيريش، في البيان، على "أهمية التوصل سريعا إلى تسوية تفاوضية تلبي احتياجات جميع الأفغان رجالا ونساء".
وحث "الطرفين على الوفاء بالتزامهما بتسريع المفاوضات وتلبية الاحتياجات الإنسانية للسكان"، فيما دعا المجتمع الدولي إلى توحيد جهوده لدعم عملية السلام في البلد الواقع في آسيا الوسطى.
كما أعرب الأمين العام عن أمله أن "يتم الاحتفال بعيد الأضحى بسلام في أفغانستان".
وعقدت مفاوضات الدوحة في وقت تشهد فيها أفغانستان اشتباكات ضارية بين القوات الحكومية و"طالبان"، التي سيطرت على مناطق عديدة، بالتزامن مع تسارع انسحاب القوات الأجنبية من البلاد.
وسينهي هذا الانسحاب تدخلا عسكريا استمر عشرين عاما في البلد الفقير، منذ أن أطاح تحالف عسكري دولي بقيادة واشنطن في 2001 بحكم "طالبان"؛ لارتباطها آنذاك بتنظيم "القاعدة"، الذي تبنى هجمات بالولايات المتحدة، في سبتمبر/ أيلول من ذلك العام.
العصمة في القرآن الكريم
لقد أشارت جملة من الآيات القرآنية الشريفة إلى مسألة العصمة، وبينت خصوصياتها ببيانات مختلفة، منها ما ورد على نحو قانون عام، وبعضها الآخر ورد في بيان عصمة بعض الأنبياء (عليهم السلام) بأعيانهم، دون أن يعني اختصاص الملاك فيهم.
فمن النحو الأول قوله تعالى: ﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾[1].
وقوله تعالى: ﴿ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ * قَالَ هَٰذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾[2].
إن المستفاد من هذه الآيات الشريفة وأمثالها، أن سبب المعصية والغواية والضلال هو إبليس، وأنه هو الذي يوسوس لبعض الناس، ويزين لهم المعاصي ويحببها إليهم، إلا أنه ليس قادرا على التأثير على جميع الناس، لأن قسما منهم مخلصون، الذين عبر تعالى عنهم بأنهم عباده، وهم الذين ليس له عليهم سلطان، فلا يستطيع غوايتهم، ولا التأثير فيهم، وهو معنى العصمة.
ولا يخفى ما في التعبير بأنهم عباده تعالى من تكريم لهم، لأن معناه أنهم خلعوا عن أنفسهم ثوب العبودية أمام كل من عداه تعالى، فلا يؤثر في أنفسهم شيء سواه.
ومنه قوله تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾[3].
والظلم مأخوذ من الظلمة، وهي ضد النور، وله مصاديق متعددة من ظلم النفس وظلم الآخرين، وله درجات مختلفة كذلك، وردت في جملة من الآيات الشريفة، كقوله تعالى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾[4].
وقوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾[5].
وقوله تعالى: ﴿ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ﴾[6].
وقوله تعالى: ﴿قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ﴾[7].
فمن مصاديق الظلم الابتعاد عن نور الهداية، والاقتراب من اقتراف المعاصي والذنوب، وقوله تعالى: ﴿لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ شامل لجميع درجات الظلم ومصاديقه، والنتيجة أن من ابتلي بشيء منها لن يناله عهد الله تعالى، الذي هو النبوة والإمامة.
ومن النحو الثاني، أي ما يتحدث عن عصمة بعض الأنبياء بالخصوص، وردت آيات كثيرة كذلك، منها قوله تعالى: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ﴾[8].
وهاتان الآيتان صريحتان في أن كل ما يقوله النبي (صلى الله عليه وآله) موحى به من عند الله تعالى، لا يتطرق إليه الخطأ والسهو، ولهذا وجب إتباعه، كما يدل عليه قوله تعالى: ﴿مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظً﴾[9].
ولا معنى لوقوعه في الخطأ أو الذنب أو نحوه، ومع ذلك يقال بأن طاعته طاعة لله تعالى.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾[10].
فقد ربطت عقاب الله تعالى بعدم إتباع أوامر الرسول، ولو لم يكن النبي منزها عن المعصية وأخواتها لم يكن لهذا الربط أي معنى، كما لم يكن ليصح أمره تعالى بأخذ كل ما آتاهم الرسول، ولا النهي عما نهاهم عنه.
ومنها قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرً﴾[11].
والمراد بهذه الآية الشريفة أن الله تعالى يريد أن يطهرهم من أي نحو من أنحاء الرجس، فيكونون بذلك خالصين له تعالى.
ويظهر هذا المعنى بملاحظة معاني كلمة «الرجس» في اللغة، فإن من معانيها: القذر، والنجاسة، والشك، والعقاب، وكل عمل قبيح، ومستقذر[12].
ولا يخفى أن الإرادة الإلهية في المقام إرادة تشريعية، وليست تكوينية، فلا يرد عليها أنهم يجبرون على ذلك، ولكنها واقعة حتما، بملاحظة أن الإرادة الإلهية منصبة على إذهاب الرجس عنهم، ولم يقل أنه يريد أن يمنعهم من الرجس، فحاصل الآية أنهم قد اختاروا الابتعاد عن كل رجس، فكأنهم لا يرون الرجس، ولا ينظرون إليه حتى كأنه غير موجود في قاموسهم، ونتيجة لذلك تحققت الإرادة الإلهية في إبعاد الرجس عنهم بإبعادهم له عن أنفسهم.
والآيات التي تشير إلى عصمة الأنبياء كثيرة في القرآن الكريم.
سماحة الشيخ حاتم اسماعيل
[1] سورة ص، آية: 82-83.
[2] سورة الحجر، آية: 39-42.
[3] سورة البقرة، آية: 124.
[4] سورة لقمان، آية: 13.
[5] سورة القصص، آية: 16.
[6] سورة التوبة، آية: 36.
[7] سورة ص، آية: 240.
[8] سورة النجم، آية: 3-4.
[9] سورة النساء، آية: 80.
[10] سورة الحشر، آية: 7.
[11] سورة الأحزاب، آية: 33
[12] لسان العرب، ابن منظور، ج5، ص146، مادة رجس.
الخارجية الايرانية: الاتصالات بين ايران ومصر لم تنقطع في اي وقت من الاوقات
اكد المتحدث باسم الخارجية الايرانية سعيد خطيب زادة بان الاتصالات بين ايران ومصر قائمة على الدوام ولم تنقطع في اي وقت من الاوقات رغم صعوباتها ومنعطفاتها، ورحب بتطبيع وتطوير العلاقات بين الدول الاسلامية الكبرى واعتبرها بانها تخدم مصالح العالم الاسلامي والمنطقة.
وقال خطيب زادة في مؤتمره الصحفي الاسبوعي اليوم الاثنين حول انعقاد اجتماع بين ايران ومصر: ان الاتصالات بين ايران ومصر قائمة على الدوام ولم تنقطع في اي وقت من الاوقات لكنها ترافقت مع صعوبات ومنعطفات.
واضاف: اننا نعتقد بان تطبيع العلاقات بين الدول الاسلامية الكبرى يخدم مصالح العالم الاسلامي والمنطقة ونحن رحبنا على الدوام بتطبيع العلاقات هذه وتطويرها.
*ايران والسعودية
وفيما يتعلق بالجولة القادمة للمفاوضات بين ايران والسعودية قال: اسمحوا بان لا اتطرق الى التفاصيل في الاجواء العامة. (المفاوضات) تخدم مصلحة المنطقة والشعبين الايراني والسعودي وستتواصل ان شاء الله تعالى في الطريق الذي يريدانه.
*لبنان
وردا على سؤال حول اعتذار سعد الحريري عن تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة واجراءات ايران الرامية لاستقرار لبنان قال خطيب زادة: ان الشعب اللبناني هو من يقرر مصير بلاده. لم نتراجع في اي وقت من الاوقات عن تقديم الدعم للاطراف اللبنانية سواء الحكومة او الفئات او الاحزاب ومتى ما طلبوا المساعدة قدمناها لهم.
واضاف: في هذه الظروف التي يعاني فيها الشعب اللبناني من ضغوط اقتصادية اعلنا استعدادنا لتقديم اي مساعدة ممكنة ولن نبخل بها.
وختم خطيب زادة تصريحه بالقول: ان المهم هو وصول المفاوضات السياسية الى نتيجة وان يتم تشكيل الحكومة على وجه السرعة.
100 ألف يؤدون الصلاة بالمسجد الأقصى.. المسلمون يحتفلون بأول أيام عيد الأضحى
عشرات آلاف الفلسطينيين أدوا صلاة العيد في رحاب الأقصى الشريف (رويترز)
يحتفل معظم المسلمين في أرجاء العالم اليوم الثلاثاء بأول أيام عيد الأضحى المبارك، في حين أعلنت 3 دول -هي المغرب وموريتانيا وجزر القمر- أن غدا الأربعاء هو أول أيام عيد الأضحى فيها.
وأدى أكثر من 100 ألف فلسطيني اليوم صلاة عيد الأضحى في المسجد الأقصى بمدينة القدس المحتلة.
وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس -في تصريح مقتضب- إن أكثر من 100 ألف مصلٍ يؤدون صلاة عيد الأضحى المبارك في رحاب المسجد الأقصى المبارك.
ومنذ ساعات الفجر، بدأ توافد المصلين إلى المسجد من أنحاء القدس، ورددوا تكبيرات العيد وهم يدخلون ويخرجون بأفواج كبيرة، عبر بوابات البلدة القديمة وفي أزقتها.
وجاءت صلاة العيد على وقع اقتحام مئات المستوطنين الإسرائيليين المسجد الأحد والاثنين الماضيين.
وفي قطاع غزة، أدى الفلسطينيون صلاة عيد الأضحى المبارك في المساجد والساحات العامة، مبتهلين إلى الله أن ينعم عليهم بالأمن والاستقرار ورفع الحصار.
ودعا أئمة وخطباء المساجد العالمين العربي والإسلامي إلى ضرورة نصرة المسجد الأقصى والدفاع عنه إزاء الانتهاكات الإسرائيلية المتصاعدة داخل ساحاته وفي مدينة القدس المحتلة.
العيد في أكبر بلد إسلامي
وفي إندونيسيا، احتفل الملايين اليوم الثلاثاء بأول أيام عيد الأضحى، في حين تعهد الرئيس جوكو ويدودو بالإبقاء على القيود المشددة المفروضة لاحتواء انتشار فيروس كورونا، حتى تقل أعداد الإصابات.
وحالات الإصابة بمرض كوفيد-19 في إندونيسيا من الأعلى في العالم، بسبب الانتشار السريع لسلالة دلتا من الفيروس، على الرغم من فرض السلطات منذ بداية هذا الشهر أكثر القيود صرامة منذ بدء الجائحة.
ونصح الرئيس المواطنين بقضاء العيد في منازلهم متبعين إجراءات صحية صارمة لمنع انتشار العدوى.
وأقامت الشرطة وهيئة النقل حواجز طرق لمنع السفر داخل إندونيسيا، أكبر الدول الإسلامية سكانا.
وقال الرئيس في بيان في ليلة العيد إن القيود على الحركة لن ترفع إلا بعد تراجع أعداد الإصابات، مشيرا إلى أن ظهور سلالات جديدة يعني أن الجائحة لم تنته بعد.
الجزائر.. صلاة العيد في أجواء استثنائية
وفي الجزائر، وبالرغم من عودة السكان إلى أداء صلاة عيد الأضحى المبارك في المساجد الثلاثاء، فإنهم عاشوا أجواء استثنائية في ظل تدابير احترازية مشددة لمنع تفشي فيروس كورونا.
وخلافا للعام الماضي، أقبل المصلون على المساجد في المحافظات كافة، لأداء صلاة عيد الأضحى.
والاثنين، أقرّت الحكومة الجزائرية إجراءات وقائية بمناسبة العيد، شملت دعوة المواطنين إلى تقليل تنقلاتهم، والامتناع عن أي سفر غير ضروري، وتجنب التجمعات أثناء نحر الأضاحي، واحترام إجراءات الوقاية وشروط النظافة.
وقبلها بيومين، دعت لجنة الفتوى -التابعة لوزارة الشؤون الدينية- المواطنين إلى التقيد بالتدابير الوقائية، تفاديا لزيادة انتشار الوباء.
والعام الماضي، استقبل الجزائريون عيد الأضحى في ظروف خاصة، حيث منعت السلطات أداء صلاة العيد في المساجد، مع إقامتها في البيوت بسبب جائحة كورونا.
الخرطوم.. صلاة العيد مع تجاهل الاحترازات
وأدى سودانيون في العاصمة الخرطوم -اليوم الثلاثاء- صلاة عيد الأضحى المبارك، دون الالتزام بالتباعد الاجتماعي أو ارتداء الكمامات، وفقا لوكالة الأناضول.
وأضافت الوكالة أن مئات من المواطنين تجمعوا في ميدان الفلاح غربي العاصمة، وفي منطقة الوادي الأخضر (شرق)، لأداء صلاة العيد، من دون الالتزام بالتباعد الاجتماعي أو ارتداء الكمامات.
خرق مئات السودانيين، قرار السلطات بمنع التجمع لأداء صلاة عيد الفطر في مساجد أو ساحات عامة اليوم رغم التحذيرات التي أطلقت في وقتٍ سابق.
ولم يستجيب المواطنين للقرار بمنع التجمّعات وأقاموا صلاة العيد في ولايات #السودان المختلفة دون الالتزام بالإرشادات الوقائية.
والاثنين، ناشدت وزارة الصحة السودانية المواطنين الالتزام بالإجراءات الاحترازية للحد من انتشار الفيروس.
وأعلنت السلطات الصحية -السبت- فرض الإجراءات الصحية بالقانون في فترة عيد الأضحى المبارك، في منطقتي كافوري وشرق الخرطوم؛ جراء ارتفاع عدد الإصابات بالفيروس.
ودعا وزير الصحة عمر النجيب -في مؤتمر صحفي- المواطنين إلى توخي المزيد من الحيطة والحذر، والالتزام بالاشتراطات الصحية لمجابهة الوباء.
بأيّ حكام ابتُلينا؟
وفي لبنان، حذّر خطيب عيد الأضحى في مسجد محمد الأمين -وسط بيروت اليوم- من حدوث فوضى في لبنان، متسائلا باستنكار: أيّ طبقة حاكمة هذه التي ابتُلينا بها؟!
وجاء ذلك في خطبة ألقاها أمين دار الفتوى ممثل مفتي الجمهورية الشيخ أمين الكردي، بحضور مئات المصلين يتقدمهم ممثل رئيس الحكومة الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، وحشد من شخصيات سياسية واجتماعية ونقابية وعسكرية.
وقال الكردي "لسنا ببعيدين عن الفوضى في لبنان عندما يبتعد الناس عن القيم الإيمانية والأسس الأخلاقية، ولا سيما إذا كانوا أصحاب سلطة ومسؤولية، وفق ما نشره الموقع الإلكتروني لدار الفتوى".
وتابع وفقا لوكالة الأناضول "مصيبتنا في هذا البلد أن كثيرا ممن تولوا السلطة هم من أمراء الحرب أو من الفاسدين والمفسدين أو من الساكتين عنهم"، متسائلا "أيّ طبقة حاكمة هذه التي ابتُلينا بها في هذا البلد؟"، على حد تعبيره.
وأقام مسلمو باقي المناطق في لبنان صلاة عيد الأضحى داخل المساجد وفي باحاتها الخارجية، مستمعين إلى خطب تناولت الأوضاع المعيشية والاقتصادية والسياسية الصعبة التي يمر بها البلد.
ومنذ نحو عامين، يعاني لبنان أزمة اقتصادية طاحنة غير مسبوقة، أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية (الليرة) مقابل الدولار، فضلا عن شح في الوقود والأدوية، وانهيار القدرة الشرائية لمعظم اللبنانيين.
وجراء خلافات، تعجز القوى السياسية اللبنانية عن تشكيل حكومة تخلف حكومة تصريف الأعمال الراهنة برئاسة حسان دياب، والتي استقالت بعد 6 أيام من انفجار مرفأ بيروت، في بلد تتصارع فيه مصالح دول إقليمية وغربية.
المصدر : الجزيرة + وكالات
معالم اسلامیه وسياحية في البحرين
محتويات
- مركز البحرين التجاري العالمي المنامة
- باب البحرين بالمنامة
- مسجد الخميس بطشان
- قلعة البحرين
- شجرة الحياة
- حديقة العرين للحياة البرية، صخير
- جبل الدخان
- حلبة البحرين الدولية بصخير
- متحف البحرين الوطني بالمنامة
- مسجد الفاتح الكبير بالمنامة
تعد البحرين وجهة سياحية و واحدة من أكثر الدول زيارة في الشرق الأوسط، إنها مملكة تجمع بين الثقافة العربية الحديثة و الأماكن التاريخية التي تعكس خمسة آلاف سنة من حضارة البحرين ، يكون المناخ حارًا و جافًا في فصل الصيف مع رياح منخفضة المستوى موجهة نحو البحرين عبر جبال زاغروس عبر الخليج العربي ، لا يوجد انتظام لموسم الأمطار ، فمعظم هطول الأمطار يحدث في فصل الشتاء ، تعتبر أنشطة مراقبة الطيور و الغوص و ركوب الخيل من الأنشطة السياحية الشهيرة في أفضل الأماكن السياحية في البحرين.
مركز البحرين التجاري العالمي المنامة
إنه المركز التجاري الأكثر درامية و إلهامًا ، و الذي يصل إلى ارتفاع 787 قدمًا فوق سطح الأرض ، إنه مركز تجاري ببرجين توأمين متصلين ببعضهما عن طريق جسور السماء التي تضم 50 طابقًا ، هناك 3 توربينات رياح تقع داخل 2 من ناطحات السماء ، و التي توفر الإضاءة لأكثر من 300 منزل ، فاز مركز البحرين التجاري العالمي بجائزتين مرموقتين لأفضل تصميم معماري.
باب البحرين بالمنامة
باب البحرين هو واحد من أجمل الأسواق في المنامة حيث يوجد به عدد من الأكشاك التي تصطف لبيع الخضار و الفواكه و الملابس و الحرف اليدوية ، و هي واحدة من أفضل أنواع الذهب و اللؤلؤ تاريخياً ، بوابة مقوسة هي مدخل السوق مع نافورة جميلة في مقدمة البوابة ، المنطقة كلها تعطي صورة عن الجمال الحقيقي و مكان للتهدئة ، هناك العديد من الفنادق الفاخرة هي أيضا أقرب إلى السوق.
مسجد الخميس بطشان
في القرن السابع ، تم العثور على واحد من أكثر المساجد التاريخية آسرًا في البحرين و المعروفة باسم الخميس، إنه مسجد جميل ، يحتوي على مئذنتين يقفان على زوايا الأركان الأمامية و له ألواح من الحجر الجيري و المواد المستخدمة في البناء من الخشب و الحجر، طول المسجد 113 متر، تم بناء غرفة الصلاة بشكل جميل للغاية مع سقف مسطح مدعوم بأعمدة خشبية، يقع في مكان يسمى خميس وهي منطقة سكنية بها عدد كبير من المتاجر.
قلعة البحرين
في شبه الجزيرة العربية موقع أثري بارتفاع 39 قدم في البحرين، يبعد 6 كم عن مدينة المنامة، إنه مكان به كمية ضخمة من التحف، إنها عاصمة دلمون، وهو حصن ذو سبعة طبقات، ينتشر على مساحة تزيد عن 10000 قدم، وهو ذو هيكل ترابي ويبلغ ارتفاعه حوالي 12 مترًا، يطلق على هذه المنطقة التاريخية اسمً الحصن، يظهر الهيكل مستوطنة صغيرة في الماضي كانت المنازل الصغيرة مصنوعة من مواد ملزمة، هذه المنطقة كلها تعطي نظرة جميلة للعين.
شجرة الحياة
تقع على بعد كيلومترين من جبل الدخان شجرة كبيرة عمرها 500 عام تقف وحدها على التلال الرملية التي يبلغ ارتفاعها 25 قدمًا، تقع هذه الشجرة في وسط الصحراء دون أي مصدر للمياه وقد جعلت هذه الشجرة أسطورة، هذا هو أحد عجائب الطبيعة، ويزور الشجرة سنويا من قبل 50000 شخص.
حديقة العرين للحياة البرية، صخير
على بعد 40 دقيقة من مركز المنامة، تعد حديقة العرين للحياة البرية من أفضل الأنشطة السياحية في البحرين، تحتوي هذه الحديقة الخضراء المورقة على عدد كبير من الحيوانات النباتية، بما في ذلك أكثر من 500 نوع من الحيوانات و 10000 نبات، تحتوي على جزأين، أحدهما مفتوح للأشخاص والآخر هو المنطقة الاحتياطية، تجذب هذه الحديقة سنويا عدد كبير من الزوار.
جبل الدخان
جبل الدخان هو أعلى تلة مرتفعة في البحرين، هذا الجبل هو نقطة عالية من البلاد مع ارتفاع 143م، توجد العديد من الكهوف من الأنواع غير الدقيقة في ضواحي الجبل، الجزء الجنوبي من الجبل هو أفضل مكان للتخييم بين عشية وضحاها.
حلبة البحرين الدولية بصخير
تم إنشاء حلبة البحرين الدولية في 17 مارس 2004 وهي بالفعل رياضة السيارات المحلية، تم تنظيم العديد من الأحداث في الحلبة مثل سباقات الدراجات، سباق الجائزة الكبرى، السيارات الفائقة، الصحراء 400 والعديد من أنواع الأحداث الأخرى، لديها مسار سباق الجائزة الكبرى، المسار الداخلي، المسار الخارجي، دائرة الحلبة، شريط السحب، المسار البيضاوي وغيرها، يزور هذا المكان عدد كبير من السياح.
متحف البحرين الوطني بالمنامة
يعد المتحف الأول في البحرين الذي يرجع تاريخه إلى 6000 عام، وهو أحد أكثر المباني مغرية في البحرين التي تم افتتاحها عام 1988 مع فناء رائع يطل على البحر، إنها واحدة من الأماكن الميلودرامية للزيارة في البحرين، لديها مجموعة كبيرة من الأشياء الأثرية الرائعة، كما يوجد عدد من القاعات والمعارض والمحلات التجارية والكافيتريات.
مسجد الفاتح الكبير بالمنامة
الفاتح هو مسجد في البحرين قادر على استقبال عدد كبير من الجمهور يبلغ 7000 وهو واحد من أكبر المساجد، تم بناء هذا المسجد في عام 1988، تم بناءه من الرخام والزجاج وخشب الساج، الشيء الأكثر جاذبية هو قبة المسجد الذي يتكون من الألياف الزجاجية ويعطي إطلالة رائعة في الليل.
ما أحوجنا إلى هذه القدوة!
كان الأئمّة المعصومون عليهم السلام يتّبعون في تعاملهم مع زوجاتهم طريقة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وسلوكه، فقد كان الإمام عليّ عليه السلام مثلًا يجلب الماء والحطب، ويقوم بتنظيف البيت، وزوجته فاطمة عليها السلام تخبز[1]. وكان عليّ فضلًا عن المساعدة يشرك فاطمة عليها السلام الرأي في الشؤون المُهمّة للأسرة[2]. إنّ هذَيْن الزّوجَيْن الرفيعَيْن اللّذَيْن انحدر منهما أكبر أولياء الله، كانا يعيشان في بيت صغير يحتوي على وسائل بسيطة بمستوي بيوت الطّبقة الدنيا آنذاك[3]، ولهذا لا بد من التوقّف مع بعض المحطات من سيرتهما عند زواجهما:
كم كان مهر الزهراء عليها السلام؟
اختلفت الرّوايات في قدر مهر الزهراء عليها السلام، والمشهور أنّه كان خمسمئة درهم[4] من الفضّة، لأنّه مهر السنّة، كما ثبت ذلك عن طريق أئمّة أهل البيت عليهم السلام.
جانب من زفاف فاطمة عليها السلام:
ولمّا كانت ليلة الزفاف، أتى صلى الله عليه وآله وسلم وأخذ عليًّا عليه السلام بيمينه وفاطمة عليها السلام بشماله، وضمّهما إلى صدره، فقبّل بين أعينهما، وأخذ بيد فاطمة، فوضعها في يد عليّ، وقال: "بارك الله لكَ في ابنة رسول الله". وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "يا عليّ، نعم الزّوجة زوجتك"، وقال: "يا فاطمة، نعم البعل بعلك"، ثمّ قال لهما: "اذهبا إلى بيتكما، جمع الله بينكما وأصلح بالكما"، وقام يمشي بينهما حتّى أدخلهما بيتهما[5].
بيت أولياء الله عز وجل:
جهّز عليّ عليه السلام داره، وفرش عليه السلام بيته بالرّمل الليّن، ونصب خشبة من حائط إلى الحائط لتعليق الثياب عليها، وبسط على الأرض إهاب كبش ومخدَّة ليف.
يتقاسمان أعمال المنزل ويتحملان أعباء الحياة معاً بصبر وثبات:
في ذات يوم، دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على عليّ عليه السلام، فوجده هو وفاطمة عليها السلام يطحنان في الجاروش، فقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "أيّكما أعيى؟"، فقال عليّ عليه السلام: "فاطمة يا رسول الله"، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "قومي يا بنيّة"، فقامت عليها السلام وجلس النبي صلى الله عليه وآله وسلم موضعها مع علي عليه السلام، فواساه في طحن الحبّ[6]. وعن أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال: "كان أمير المؤمنين عليه السلام يحتطب ويستقي ويكنس، وكانت فاطمة عليها السلام تطحن وتعجن وتخبز"[7].
وجاء في تفسير "العياشي" بسنده عن أبي جعفر عليه السلام قال: "إنّ فاطمة ضمنت لعلي عليه السلام عمل البيت، والعجين، والخبز، وقمّ البيت، وضمن لها عليٌ ما كان خلف الباب: نقل الحطب، وأن يجيء بالطعام". فقال لها يومًا: "يا فاطمة هل عندك شيء؟"، قالت: "والّذي عظم حقك ما كان عندنا منذ ثلاثة أيام شيء نقريك به"، قال: "أفلا أخبرتني؟" قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهاني أن أسألك شيئًا"، فقال: "لا تسألين ابن عمك شيئًا أن جاءك بشيء (عفو) وإلّا فلا تسأليه"[8].
* من كتاب الزواج في الإسلام - بتصرف
[1] الشيخ الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج14، باب 124 من أبواب مقدّمات النكاح.
[2] مجموعة من الباحثين، الأسرة بمنظار الإسلام وعلم النفس.
[3] هاشم معروف الحسني، حياة الأئمّة الاثني عشر، ص85.
[4] الدرهم الواحد يساوي 2.52 غرام فضة، وعليه يكون المهر كالآتي:500درهم ×2.52 غرام فضة = 1260 غرام فضة.
[5] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 43، ص 142.
[6] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 43، ص 50.
[7] م.ن، ج 43، ص 151.
[8] م.ن، ص31.
لبيك اللهم لبيك.. هتاف الروح الخالد
الحج رحلة الروح والبدن، وهجرة الانسان الى الله، ووفادته عليه.
وهو هجر للاهل، والمال، والملذّات، واحتمال للمتاعب والمشاقّ، والعناء.. حباً لله وشوقاً اليه، واستجابة لندائه:
(وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كلّ ضامر يأتين من كلّ فج عميق) (الحج/ 27).
والحج عبادة تشترك في أدائها عناصر متعددة، يشترك فيها الجسم والمال، وتساهم فيها النفس والمشاعر، لذا كان الحج عبادة مالية بدنية، يتعبد بها الانسان عن طريق بذل المال، والجهد، واحتمال المشاقّ والمتاعب، قربة الى الله سبحانه، واظهاراً للعبودية الخالصة له، وتأكيداً للتحرر من كلّ قوة عداه سبحانه.
وهدف الحج هذا هو هدف كلّ عبادة في الاسلام، الخلوص الى الله سبحانه، وقطع النظر عما سواه في هذا الوجود، واتخاذ المعبود غاية في نشاط الانسان وتوجهه، ليمتلئ وجدان المتعبد بالحقيقة الكبرى فيغدو طهراً متجرداً من كلّ شر ورذيلة.
ومنذ أن أطلق القرآن نداء الحج، انطلق الحجيج يلبي، ويستجيب للنداء، ويردد هتاف الحب، والاخلاص، والوفاء لله سبحانه: (لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك).
وهكذا كان نداء محمد (ص) الذي علمه أمته، نداء تطلقه القلوب المستجيبة لنداء الله، لتعلن عن ولائها، وصدق توجهها، متحدية المتاعب والمشاق، حباً لله، وشوقاً الى ارتياد أرض المقدسات، ومواطن التعبير عن الاخلاص لله.
فالملبي يردد ضمن جمع الحجيج ـ لبيك اللهم لبيك ـ استجبت اللهمّ لندائك وأمرك، وحضرت بين يدي رحمتك، حباً لك واخلاصاً، فأنت الواحد الذي ملك مني نفسي، ومشاعري، وحياتي، فلا شيء غيرك يمكن أن يحول بيني، وبين الوصول اليك، انك شرّفتني، وأحببتني، ودعوتني للحضور بساحة رحمتك، وكيف لا أستجيب لك؟
أليس الخلق والملك لك...؟
ألستَ صاحب النعم الذي يستحق الشكر والحمد..؟
ألستُ المدين لك.. الذي يلهج بحمدك والثناء عليك والتعظيم لك..؟
ها أنا قد حضرت بين يديك.. وقد تركت كلّ ما خوّلتني ورائي.. من الأهل، والمال، والجاه، والمتع واللذات، سعياً لرضاك، ووفوداً عليك، وشوقاً اليك.. فتقبلني اللهمّ بأحسن قبولك، وأجب دعائي، وأكرم وفادتي عليك، وأجر فراري من الذنب اليك.