emamian

emamian

الثلاثاء, 27 تموز/يوليو 2021 11:59

مبدأ عيد الغدير الأغر

 
إن عهد عيد الغدير يمتد إلى أمد قديم متواصل بالدور النبويّ، فكانت البدأة به يوم الغدير من حجّة الوداع بعد أن أصحر نبيُّ الإسلام (صلى الله عليه وآله) بمرتكز خلافته الكبرى، وأبان للملأ الديني مستقر إمرته من الوجهة الدينيَّة والدنيويَّة، وحدَّد لهم مستوى أمر دينه الشامخ، فكان يوماً مشهوداً يسرُّ موقعه كلّ معتنق للاسلام، حيث وضح له فيه منتجع الشريعة، ومنبثق أنوار أحكامها، فلا تلويه من بعده الأهواء يميناً وشمالاً، ولا يسفّ به الجهل إلى هوّة السفاسف وأيّ يوم يكون أعظم منه؟ وقد لاح فيه لاحب السنن، وبان جدد الطريق، وأكمل فيه الدين، وتمَّت فيه النعمة، ونوّه بذلك القرآن الكريم.
 
وإن كان حقّاً اتخاذ يوم تسنّم فيه الملوك عرش السلطنة عيداً يحتفل به بالمسرّة والتنوير وعقد المجتمعات وإلقاء الخطب وسرد القريض وبسط الموائد كما جرت به العادات بين الأمم والأجيال، فيوم استقرّت فيه الملوكيّة الإسلاميّة والولاية الدينيّة العظمى لمن جاء النصّ به من الصادع بالدين الكريم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى، أولى أن يُتّخذ عيداً يُحتفل به بكلّ حفاوةٍ وتبجيلٍ، وبما أنّه من الأعياد الدينية يجب أن يزاد فيه على ذلك بما يقرّب إلى الله زلفى من صوم وصلاة ودعاء وغيرها من وجوه البرّ، كما سنوقفك عليه في الملتقى إن شاء الله تعالى.
 
ولذلك كلّه أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) مَن حضر المشهد من أُمته، ومنهم الشيخان ومشيخة قريش ووجوه الأنصار، كما أمر أُمَّهات المؤمنين، بالدخول على أمير المؤمنين (عليه السلام) وتهنئته على تلك الحظوة الكبيرة بإشغاله منصَّة الولاية ومرتبة الأمر والنهي في دين الله.
 
حديث التهنئة:
أخرج الإمام الطبري محمد بن جرير في كتاب الولاية حديثاً بإسناده عن زيد بن أرقم، مرّ شطر كبير منه ص 214 ـ 216([1])، وفي آخره فقال:
«معاشر الناس، قولوا: أعطيناك على ذلك عهداً عن أنفسنا وميثاقاً بألسنتنا وصفقةً بأيدينا نؤدِّيه إلى أولادنا وأهالينا لا نبغي بذلك بدلاً وأنت شهيدٌ علينا وكفى بالله شهيداً، قولوا ما قلت لكم، وسلِّموا على عليٍّ بإمرة المؤمنين، وقولوا: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ﴾([2]) فإنَّ الله يعلم كلّ صوت وخائنة كلّ نفس، ﴿فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيم﴾([3])، قولوا ما يُرضي الله عنكم ف ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ﴾([4])».
قال زيد بن أرقم: فعند ذلك بادر الناس بقولهم: نعم سمعنا وأطعنا على أمر الله ورسوله بقلوبنا، وكان أوَّل من صافق النبيَّ (صلى الله عليه وآله) وعليّاً: أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وباقي المهاجرين والأنصار وباقي الناس، إلى أن صلّى الظهرين في وقت واحد، وامتد ذلك إلى أن صلَّى العشاءين في وقت واحد، وأوصلوا البيعة والمصافقة ثلاثاً([5]).
ورواه أحمد بن محمّد الطبريُّ الشهير بالخليلي في كتاب مناقب عليّ بن أبي طالب، المؤلَّف سنة 411 بالقاهرة، من طريق شيخه محمّد بن أبي بكر بن عبد الرحمن، وفيه:
فتبادر الناس إلى بيعته وقالوا: سمعنا وأطعنا لِما أمرنا الله ورسوله بقلوبنا وأنفسنا وألسنتنا وجميع جوارحنا، ثمّ انكبّوا على رسول الله وعلى عليٍّ بأيديهم، وكان أوَّل من صافق رسول الله([6]) أبو بكر وعمر وطلحة والزبير ثمّ باقي المهاجرين والناس على طبقاتهم ومقدار منازلهم، إلى أن صُلّيت الظهر والعصر في وقت واحد والمغرب والعشاء الآخرة في وقت واحد، ولم يزالوا يتواصلون البيعة والمصافقة ثلاثاً، ورسول الله كلّما بايعه فوجٌ بعد فوج يقول: «الحمد لله الذي فضَّلنا على جميع العالمين»، وصارت المصافقة سنّة ورسماً، واستعملها مَن ليس له حقٌّ فيها.
 
وفي كتاب النشر والطيّ([7]):
فبادر الناس بنعم نعم سمعنا وأطعنا أمر الله وأمر رسوله آمنّا به بقلوبنا، وتداكوا على رسول الله وعليّ بأيديهم، إلى أن صُلِّيت الظهر والعصر في وقت واحد وباقي ذلك اليوم إلى أن صُلّيت العشاءان في وقت واحد، ورسول الله كان يقول كلّما أتى فوجٌ: «الحمد للهِ الذي فضّلنا على العالمين»([8]).
وقال المولوي ولي الله اللكهنوي في مرآة المؤمنين في ذكر حديث الغدير ما معرّبه:
فلقيه عمر بعد ذلك فقال له: هنيئاً يا بن أبي طالب، أصبحت وأمسيت... إلى آخره، وكان يُهنّئ أمير المؤمنين كلُّ صحابيٍّ لاقاه([9]).
وقال المؤرخ ابن خاوند شاه المتوفّى 903 في روضة الصفا([10]) في الجزء الثاني من 1: 173 بعد ذكر حديث الغدير ما ترجمته: ثمّ جلس رسول الله في خيمة تختصّ به، وأمر أمير المؤمنين عليّاً (عليه السلام) أن يجلس في خيمة أُخرى، وأمر اطباق الناس بأن يهنئوا عليّاً في خيمته، ولَمّا فرغ الناس عن التهنئة له أمر رسول الله أمّهات المؤمنين بأن يسرن إليه ويهنئنه ففعلن، وممَّن هنَّأه من الصحابة عمر بن الخطاب فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى جميع المؤمنين والمؤمنات([11]).
وقال المؤرِّخ غياث الدين المتوفى 942 في حبيب السير([12]) في الجزء الثالث من 1: 144 ما معرّبه:
ثمّ جلس أمير المؤمنين بأمر من النبيّ (صلى الله عليه وآله) في خيمة تختصّ به يزوره الناس ويهنئونه وفيهم عمر بن الخطاب، فقال: بخٍ بخٍ يا ابن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة، ثمّ أمر النبيّ أُمهات المؤمنين بالدخول على أمير المؤمنين والتهنئة له([13]).
وخصوص حديث تهنئة الشيخين رواه من أئمّة الحديث والتفسير والتاريخ من رجال السنّة كثيرٌ لا يستهان بعدّتهم، بين راوٍ مرسلاً له إرسال المسلّم، وبين راوٍ إيّاه بمسانيد صحاح برجال ثقات تنتهي إلى غير واحد من الصحابة: كابن عباس، وأبي هريرة، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم.
 
عيد الغدير في الإسلام، العلامة الأميني

([1]) أي: 1: 214 ـ 216 من كتابه الغدير.
([2]) الأعراف: 43.
([3]) الفتح: 10.
([4]) الزمر: 7.
([5])كتاب الولاية: نقل عنه بواسطة كتاب ضياء العالمين، وروى الفتال في روضة الواعظين: مثله عن الإمام الباقر (عليه السلام).
([6]) فيه سقط تعرفه برواية الطبري الأول (المؤلّف (قدس سره))
([7]) قال السيد ابن طاوس: فمن ذلك ما رواه عنهم مصنّف كتاب الخالص، المسمّى بالنشر والطي، وجعله حجة ظاهرة باتفاق العدوّ والوليّ، وحمل به نسخة إلى الملك شاه مازندران رستم بن عليّ لمّا حضره بالري. الإقبال 2: 240.
([8]) النشر والطيّ: وعنه في الإقبال لابن طاوس 2: 247، ط مكتب الاعلام الإسلامي.
([9]) مرآة المؤمنين: 41.
([10]) ينقل عنه عبد الرحمن الدهلوي في مرآة الأسرار وغيره معتمدين عليه (المؤلّف (قدس سره)).
([11]) تاريخ روضة الصفا 2: 541، ط انتشارات خيام.
([12]) في كشف الظنون 1: 419: أنه من الكتب الممتعة المعتبرة، وعدّه حسام الدين في مرافض الروافض من الكتب المعتبرة، واعتمد عليه أبو الحسنات الحنفي في الفوائد البهية وينقل عنه في: 86 و87 و90 و91 وغيرها (المؤلّف (قدس سره)). راجع: كشف الظنون 1: 629، ط وكالة المعارف الجليلة.
([13]) حبيب السير 1: 411.

 

الثلاثاء, 27 تموز/يوليو 2021 11:57

ماذا قدّمت لغدٍ؟!


قال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ﴾([1])

إشارات:
‏- يكرّر الله سبحانه وتعالی في هذه الآية الأمر بالتقوی، وهذا يفيد التأكيد، ومضافاً إليه يمكن أن يدلّ التكرار علی المعاني الآتية:
‏١- الدعوة الأولی تتعلّق بأصل العمل، والثانية تتعلّق بكيفيّة أدائه.
‏٢- الدعوة الأولی هي دعوة إلی فعل الخير، والثانية هي دعوة إلی ترك المحرّمات.
‏٣- وربّما تكون الدعوة الأولی دعوة إلی التوبة، والثانية دعوة إلی التزوّد للآخرة.
‏- عن الإمام الصادق (عليه السلام)، عن رسول الله (صلی الله عليه وآله): "تصدّقوا ولو بصاع من تمر، ولو ببعض صاع، ولو بقبضة، ولو ببعض قبضة، ولو بشقّ تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيّبة، فإنّ أحدكم لاقی الله فيقال له: ألم أفعل بك؟ ألم أفعل بك؟ ألم أجعلك سميعاً بصيراً؟ ألم أجعل لك مالاً وولداً؟ فيقول: بلی، فيقول الله تبارك وتعالی: فانظر ما قدّمت لنفسك، قال، فينظر قدّامه وخلفه وعن يمينه وعن شماله، فلا يجد شيئاً يقي به وجهه من النار([2]).

التعاليم:
‏١- الإيمان هو الأرضيّة المساعدة علی التقوی، والتقوی هي الشرط الذي يرتّب النفع علی الإيمان: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا«.
‏٢- علی الإنسان أن لا يراهن علی فعل ورثته الخير له، بل عليه أن يفكّر هو نفسه في آخرته، ويعدّ العدّة لها: «وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ«.
‏٣- علينا أن ننعم النظر في ما ندّخره لآخرتنا بوصفه عملاً صالحاً: «وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ«.
‏٤- محاسبة النفس من الواجبات: «وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ»، (فإذا لم ننظر اليوم ونتأمّل فسوف نشعر بالخجل والحياء يوم القيامة من تقصيرنا: «يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا»([3]).
‏٥- ليس يوم القيامة بعيداً: «لِغَدٍ» (وفي محلٍّ آخر يقول سبحانه وتعالی: «إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا»([4]).
‏٦- بعد النظر والتفكير في العاقبة، من لوازم الإيمان: «مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ«.
‏٧- التقوی من دواعي محاسبة النفس، ومحاسبة النفس سبب للرشد وتمتين حالة التقوی: فقد ورد قوله تعالی: «وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ»، بين أمرين بالتقوی.
‏٨- لا ينبغي أن يعدّ الإنسان نفسه في مأمنٍ في أيّ فترة من فترات حياته: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ... واتَّقُوا اللَّهَ«.
‏٩- الإيمان بخبرة الله وسعة علمه، من العوامل المساعدة علی التقوی: «وَاتَّقُوا اللَّهَ...إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ«.

تفسير النور، سماحة الشيخ محسن قراءتي

([1]) سورة الحشر، آية 18
([2]) تفسير نور الثقلين، ج٥، ص٣١٣.
([3]) سورة النبأ: الآية ٤.
([4]) سورة المعارج: الآية ٦.

 

قرارات الرئيس تقسم الشارع التونسي بين مؤيد ومعارض؛ في بلد يتأرجح على محك نهاية الديمقراطية.

ردود الفعل حول اختبار الديمقراطية هذا؛ أجمعت على ضرورة ان تنتهج الأطراف التونسية طريق الحوار لتجاوز الأزمة.

وأبدت أطراف عدة في العالم قلقها من تبعات الاجراءات الرئاسية المفاجئة.

وحث الاتحاد الأوروبي الأطراف السياسية الفاعلة على احترام الدستور، ودعا كافة الأطراف في تونس إلى احترام الدستور ومؤسساته وسيادة القانون، والتزام الهدوء وتجنب اللجوء إلى العنف حفاظا على استقرار البلاد.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في تصريح مقتضب إن بلاده تراقب التطورات في تونس. وأعرب عن أمله ألا يهدد شئ استقرار وأمن الشعب التونسي.

بدورها أعربت وزارة الخارجية الألمانية عن قلقها مما يجري وأملها في عودة تونس إلى النظام الدستوري في أقرب وقت ممكن. وأشارت إلى انها لا ترغب بالحديث عن انقلاب؛ وانها ستبحث الوضع مع السفير التونسي وأبدت جاهزيتها للانخراط في مباحثات.

ودعت الخارجية التركية إلى إعادة إرساء الشرعية الديموقراطية؛ وقالت إن الحفاظ على إنجازات تونس الديموقراطية، له أهمية كبيرة للمنطقة وكذلك لتونس.

فيما دعت وزارة الخارجية القطرية أطراف الأزمة التونسية إلى "تغليب صوت الحكمة وتجنب التصعيد"؛ وأعربت عن أمل الدوحة في أن تنتهج الأطراف التونسية طريق الحوار لتجاوز الأزمة.

وفي اليمن، قال عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي في رسالة موجهة الى سعيد؛ إن "العمل على اللحمة الداخلية والحفاظ على الوطن هو المعيار الحقيقي لأي معالجات.

وقال الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر؛ إن تونس تخلصت من أكبر عثرة في طريق تطورها بعد الانتفاضة ضد الإخوان.

هذه الأزمة قد تسلك منحينات مختلفة.. وفي قراءة السناريوهات المحتملة؛ يرى متابعون للشأن التونسي أن أحدها قد يكون العنف في الشارع.

فيما يرى آخرون سيناريو مختلف يتمثل في تعيين الرئيس لرئيس وزراء جديد أو عكس ذلك باحكام قبضته على مفاصل البلاد.

وربما باستغلال الازمة لتحويل النظام في البلاد إلى نظام رئاسي؛ أو ربما تفضي التغيرات إلى حوار واتفاق سياسي جديد

المصدر:العالم

الثلاثاء, 27 تموز/يوليو 2021 11:54

لماذا واقعة الغدير خالدة؟

 
لقد تعلّقت المشيئة الربانية بأن تبقى واقعة الغدير التاريخية في جميع القرون والعصور كتاريخ حيّ يجتذب القلوب والافئدة، ويكتب عنه الكتّاب الاسلاميون في كل عصر وزمان ويتحدثون حوله في مؤلفاتهم المتنوعة في مجال التفسير والتاريخ والحديث والعقائد، كما يتحدث حوله الخطباء في مجالس الوعظ ومن فوق صهوات المنابر، ويعتبرونها من فضائل الإمام «علي» الذي لا يتطرق إليها أي شك أو ريب.

ولم يقتصر هذا على الكتّاب والخطباء بل استلهم الشعراء من هذه الواقعة الكبرى التي فجرت بالتفكير حول هذه الحادثة، وبالاخلاص لصاحب الولاية ينابيع التعبير في وجودهم فأنشئوا أروع القصائد، وجادت قرائحهم بأنواع مختلفة من القصيد الجميل، وخلّفوا لمن بعدهم وبلغات مختلفة آثارا أدبية ولائية خالدة.

ولهذا قلّما نجد حادثة تاريخية حظيت في العالم البشري عامة وفي التاريخ الاسلامي والامة الاسلامية خاصة بمثل ما حظيت به واقعة الغدير، وقلما استقطبت اهتمام الفئات المختلفة من المحدّثين والمفسرين والكلاميين والفلاسفة، والشعراء والأدباء، والكتّاب والخطباء، وارباب السير والمؤرخين كما استقطبت هذه الحادثة، وقلّما اعتنوا بشيء مثلها اعتنوا بها.
 
إن من أسباب خلود هذه الواقعة الكبرى ودوام هذا الحديث هو: نزول آيتين من آيات القرآن الكريم فيها([1])، فما دام القرآن الكريم باقيا مستمرا يتلى آناء الليل وأطراف النهار تبقى هذه الحادثة في الاذهان والنفوس ولا تمحو خاطرتها من العقول والقلوب.
وحيث إن المجتمع الاسلاميّ في العصور الغابرة وكذا الطائفة الشيعية كانوا يعتبرون هذا اليوم عيدا كبيرا من الأعياد الدينية، وكانوا يقيمون فيها ما يقيمونه من المراسيم في الأعياد الاسلامية لهذا فإن هذه الحادثة التاريخية (حادثة الغدير) قد اتخذت طابع الابديّة والخلود الذي لا تمحى معه خاطرتها من الأذهان والخواطر.

هذا ويستفاد من مراجعة التاريخ بوضوح أن اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة الحرام كان معروفا بين المسلمين بيوم عيد الغدير وكانت هذه التسمية تخطى بشهرة كبيرة إلى درجة أن ابن خلّكان يقول حول «المستعلي بن المستنصر»: فبويع في يوم غدير خمّ وهو الثامن عشر من شهر ذي الحجة سنة 487([2]).

وقال في ترجمة المستنصر بالله العبيدي: وتوفي ليلة الخميس لا ثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة سنة سبع وثمانين واربعمائة، قلت: وهذه هي ليلة عيد الغدير اعني ليلة الثامن عشر من شهر ذي الحجة وهو غدير خم([3]).

وقد عدّه ابو ريحان البيروني في كتابه «الآثار الباقية» ممّا استعمله أهل الاسلام من الأعياد([4]).
 
وليس ابن خلّكان وابو ريحان البيروني، هما الوحيدان اللذان صرّحا بكون هذا اليوم هو عيد من الاعياد، بل هذا الثعالبيّ قد اعتبر هو الآخر ليلة الغدير من الليالي المعروفة بين المسلمين([5]).
 
إن عهد هذا العيد الاسلامي وجذوره ترجع إلى نفس يوم «الغدير» لأن النبي (صلى الله عليه وآله) أمر المهاجرين والانصار بل أمر زوجاته ونساءه في ذلك اليوم بالدخول على «عليّ» (عليه السلام) وتهنئته بهذه الفضيلة الكبرى.
يقول زيد بن ارقم: كان أول من صافق النبي (صلى الله عليه وآله) وعليا: أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وباقي المهاجرين والانصار وباقي الناس([6]).
 
الدلائل الاخرى على أبديّة الغدير:
ويكفي في أهميّة هذا الحدث التاريخي أنّ هذه الواقعة التاريخية رواها مائة وعشرة صحابيّ، على أن هذه العبارة لا تعني أنّ رواية هذه الواقعة اقتصرت على هؤلاء المائة والعشرة من ذلك الحشد الهائل بل يعني أن هؤلاء جاء ذكرهم في كتب أهل السنّة ومصنفاتهم.
 
صحيح أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ألقى خطابه المذكور الذي تضمّن نصب عليّ (عليه السلام) للخلافة في مائة الف او يزيدون من الناس ولكن كثيرا منهم كانوا قد أتوا من مناطق نائية من الحجاز ولهذا لم يروعنهم هذا الحديث، كما ان كثيرا من الذين حضروا ذلك المشهد التاريخي العظيم رووا ونقلوا للآخرين هذا الحديث ولكن التاريخ لم يوفق لذكر أسمائهم، أو إذا تمّ ذلك لكن لم يصل إلينا.
 
ثم إنّه روى هذا الحديث في القرن الثاني الاسلاميّ وهو عصر التابعين تسعة وثمانون تابعيا.
وقد بلغ عدد من روى حديث «الغدير» في القرون اللاحقة في كتابه من علماء أهل السنة وفضلائهم ثلاثمائة وستون شخصا، وصحّحه جمع كبير منهم واعترفوا بتواتره.
ففي القرن الثالث رواه
اثنان وتسعون عالما.
وفي القرن الرابع رواه
أربعة واربعون.
وفي القرن الخامس رواه
أربعة وعشرون.
وفي القرن السادس رواه
عشرون.
وفي القرن السابع رواه
واحد وعشرون.
وفي القرن الثامن رواه
ثمانية عشر.
وفي القرن التاسع رواه
ستة عشر.
وفي القرن العاشر رواه
أربعة عشر.
وفي القرن الحادي عشر رواه
اثنا عشر.
وفي القرن الثاني عشر رواه
ثلاثة عشر.
وفي القرن الثالث عشر رواه
اثنا عشر.
وفي القرن الرابع عشر رواه
عشرون عالما.
ولم يكتف البعض بنقل ورواية هذا الحديث في كتبهم ومؤلّفاتهم بل ألّفوا حوله رسائل أو كتبا مستقلة.
وقد ألّف المؤرخ الاسلامي الكبير «الطبري» كتابا في هذا المجال أسماه «الولاية في طرق حديث الغدير» روى فيه هذا الحديث عن النبي بخمس وسبعين سندا.
 
ولقد روى «ابن عقدة» في رسالة «الولاية» هذا الحديث بمائة وخمسين حديثا.
وروى أبو بكر محمّد بن عمر البغدادي المعروف بالجمعاني هذا الحديث بخمس وعشرين سندا.
كما روى من علماء الحديث هذه الواقعة نظراء:
أحمد بن حنبل الشيباني
بـ 40 سندا
ابن حجر العسقلاني
بـ 25 سندا
الجزري الشافعي
بـ 80 سندا
أبو سعيد السجستاني
بـ 120 سندا
الأمير محمّد اليمني
بـ 40
النسائي
بـ 250 سندا
أبو العلاء الهمداني
بـ 100 سندا
أبو العرفان الحبان
بـ 30 سندا
 
وبلغ عدد من ألّف رسالة خاصة أو كتابا مستقلا حول هذه الواقعة وخصوصياتها وتفاصيلها 26 شخصا ولعلّ هناك غيرهم ممن ألّف كتابا أو رسالة مستقلّة حول هذه الحدث التاريخي الهامّ لم يذكر التاريخ أسماءهم، أو ضاعت مؤلفاتهم مع التطورات التي طرأت على الأمة الإسلامية وضيّعت الكثير من تراثها الفكريّ خلال عمليات الاغارة والنهب أو الهدم والإحراق (ولقد اقتبسنا كل هذه الاحصاءات من كتاب الغدير الجزء الاول).
ولقد كتب علماء الشيعة كتبا قيمة حول هذه الواقعة أجمعها واشملها كتاب «الغدير» بقلم العلامة الجليل والكاتب الاسلامي القدير المرحوم آية الله الشيخ الأميني (قدس سره)، والذي يقع في أحد عشر مجلدا في ما يقرب من ستة آلاف صفحة، وقد استفدنا كثيرا من تلك الموسوعة في تنظيم الفصل الحاضر.
 
ثم ان النبي (صلى الله عليه وآله) لم يلبث ان نزل عليه قوله تعالى بعد نصبه عليا لإمرة المسلمين في تلك الواقعة:
«الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً»([7]).
فكبّر النبي (صلى الله عليه وآله) بصوت عال ثم أضاف قائلا:
«الحمد لله على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الربّ برسالتي، وولاية عليّ بن أبي طالب من بعدى».
ثم نزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ذلك المنبر المصنوع من حدائج الابل وأمر امير المؤمنين عليّا (عليه السلام) أن يجلس في خيمة وأمر أطباق الناس وكلّ من حضر المشهد من امته ومنهم الشيخان ومشيخة قريش ووجوه الأنصار كما أمر امّهات المؤمنين بالدخول على أمير المؤمنين (عليه السلام) وتهنئته على تنصيبه لمنصب الامامة والخلافة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
ففعل الناس ذلك وانكبّوا على «علي» (عليه السلام) بأيديهم وكان أول من صافق وهنأ عليّا أبو بكر وعمر واصفين إياه بالولاية.
وهنا قام «حسان بن ثابت الأنصاري» شاعر الاسلام واستأذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أن ينشد شعرا بهذه المناسبة، فأذن له رسول الله (صلى الله عليه وآله) قائلا: قل على بركة الله.

 
فقام حسان وقال:
يناديهم يوم الغدير نبيهم
 بخم وأسمع بالنبيّ مناديا
 وقد جاءه جبريل عن أمر ربّه
 بأنّك معصوم فلا تك وانيا
 وبلّغهم ما انزل الله ربهم
 إليك ولا تخشى هناك الأعاديا
 فقام به إذ ذاك رافع كفّه
 بكف عليّ معلن الصوت عاليا
 فقال فمن مولاكم ووليّكم
 فقالوا ولم يبدوا هناك تعاميا
 إلهك مولانا وأنت وليّنا
 ولن تجدن فينا لك اليوم عاصيا
 فقال له: قم يا عليّ فإنني
 رضيتك من بعدي إماما وهاديا
 فمن كنت مولاه فهذا وليّه
 فكونوا له أنصار صدق مواليا
 هناك دعا اللهم وال وليّه
 وكن للذي عادى عليّا معاديا
 فيا ربّ انصر ناصريه لنصرهم
 امام هدى كالبدر يجلو الدياجيا

  
ولقد كان هذا الحديث على مدى التاريخ الاسلامي اكبر دليل على أفضلية علي (عليه السلام) على جميع صحابة النبي (صلى الله عليه وآله) كافة، حتى أن أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) احتج به مرارا فقد احتج به في مجلس الشورى الذي عقد لتعيين الخليفة عقيب وفاة الخليفة الثاني، وفي أيام خلافة عثمان وفي أيام خلافته (عليه السلام) أيضا، كما أن شخصيات كثيرة من وجوه المسلمين احتجوا به على منكري حق عليّ وأفضليته وكان ذلك دأبهم دائما وأبدا.
 
سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله)، آية الله الشيخ جعفر سبحاني

([1]) المائدة: 67 و 3.
([2])وفيات الأعيان: ج 1 ص 60.
([3])وفيات الأعيان: ج 1 ص 60.
([4])ترجمة الآثار الباقية: ص 395 الغدير: ج 1 ص 267.
([5])ثمار القلوب: ص 511.
([6]) راجع مصدره في الغدير: ج 1 ص 270.
([7]) المائدة: 1 و3.

 

بايدن خلال استقباله رئيس الوزراء العراقي مصطفي الكاظمي في البيت الأبيض (أ ف ب)

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال استقباله رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي اليوم الإثنين، إنّ بلاده "ستنهي مهمتها القتالية في العراق خلال العام الحالي".

وقال بايدن: "نحن ملتزمون بتعزيز الشراكة مع العراق، ودورنا هناك هو المساعدة في التدريب والتصدي لداعش".

من جهته، أعرب الكاظمي عن "سعادته باستمرار التعاون مع الولايات المتحدة"، قائلاً إنّ "علاقتنا مع واشنطن ذات جوانب عديدة".

وكان الكاظمي أكد أنّ بلاده لم تعد بحاجة إلى قوات قتالية أميركية لمحاربة تنظيم "داعش".

وأفاد مراسل الميادين بأنَّ مسؤولين أميركيين أعلنوا أنَّه "تمَّ الاتفاق على سحب القوات القتالية الأميركية من العراق".

وأضاف مراسلنا أنَّ "الاتفاق تضمّن الاستعاضة عن القوات العسكرية الأميركية باستشاريين عسكريين". كما تضمّن الاتفاق جدولاً زمنيّاً "تنتهي بموجبه مهمة القوات الأميركية في العراق بحلول نهاية العام الجاري".

ورفضت فصائل عراقية تصريحات واشنطن التي قالت بأن الوجود الأميركي في العراق لا يزال مطلوباً لمواجهة تنظيم "داعش"، وتتمسك بخروجٍ كامل لقواتها. حيث أعلن مستشار الأمن القومي العراقي  قاسم الأعرجي أنَّه تمَّ التأكيد للجانب الأميركي "ألا حاجة للعراق بأي قوة قتالية أجنبية" على أراضيه.

وكان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، صرّح أن قوات بلاده الأمنية "لا تزال بحاجة إلى البرامج التي تقدمها الولايات المتحدة المتعلقة بالتدريب والتسليح والتجهيز وبناء القدرات".

من جهته، قال الأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي إن تصريح وزير الخارجية العراقي عن الحاجة للقوات الأميركية "مؤسف"، مشيراً إلى أن "التصريح مرفوض ولا يعكس حقيقة القدرات التي وصلت اليها القوات العراقية".

 

تصادف اليوم 15 ذي الحجة الحرام ذكرى مولد الامام علي بن محمد الهادي، العاشر من ائمة اهل البيت عليهم السلام الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وبهذه المناسبة السعيدة نهنئ جميع المسلمين في شتى انحاء العالم ونستعرض قبسات من حياته الشريفة.

الإمام الهادي (ع)، هو أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى عاشر أئمة الشيعة الإمامية والمعروف بالنقي والهادي، وقد امتدت إمامته 34 سنة منذ وفاة أبيه الجواد  [عليه السلام]  سنة 220 هجرية حتى رحيله  [عليه السلام]  سنة 254 هجرية.

قضى أكثر سنوات إمامته في مدينة سامراء، وكان ذلك بأمر من الحاكم العباسي، وعاصر بعض حكام العباسيين أشهرهم المتوكل، وللإمام مرقد في سامراء يقصده المسلمون، وقد تعرض سنة 2006 و2007 م لعمليتين تخريبيتين قامت بها مجموعات وهابية تكفيرية أدّت إلى تدمير القبة والمنائر بالكامل.

سجّلت المصادر الحديثة الكثير من الأحاديث المروية عنه في مجال تفسير القرآن والفقه والأخلاق بالإضافة إلى الزيارة الجامعة التي تحتوي مضامين عقائدية، وتلقي الأضواء على قيمة الإمام ومكانة الإمامة في الفكر الشيعي.

اهتم الإمام الهادي عليه السلام بشأن اتباع أهل البيت، وعمل على تربية الكثير من الشخصيات، منهم: عبد العظيم الحسني، وعثمان بن سعيد، وإبراهيم بن مهزيار.

نسبه وكنيته وألقابه

والده الإمام محمد الجواد  [عليه السلام]  تاسع أئمة اهل البیت علیهم السلام ، وأمّه أمّ ولد يقال لها سمانة  أو سوسن.

يلقب  [عليه السلام]  وابنه الحسن بـالعسكريين، وإنّما لقّبا بذلك لفرض السلطة العباسية الإقامة الجبرية عليهما في سامراء التي كانت يومها معسكراً للجند.

ومن ألقابه  [عليه السلام]  التي تعبّر عن محياه الكريم وسيرته الزكيّة النجيب والمرتضى والهادي والنقي والعالم والفقيه والأمين والمؤتمن والطيب والمتوكل. يكنى بأبي الحسن الثالث ، وأبي الحسن الأخير تمييزاً له عن الإمام الكاظم  [عليه السلام]  المكنى بأبي الحسن الأوّل وعن الإمام الرضا  [عليه السلام]  المكنى بأبي الحسن الثاني.

وكان نقش خاتمه: «الله ربّي وهو عصمتي من خلقه».

ولادته وشهادته

ولد الإمام  [عليه السلام]  حسب رواية كل من الكليني والشيخ المفيد والشيخ الطوسي وابن الأثير بـصُريا - قرية أسسها الإمام موسى بن جعفر  [عليه السلام]  - على ثلاثة أميال من المدينة، للنصف من ذي الحجّة سنة 212 هـ.

وتوفى - كما نقل الشيخ المفيد وغيره - بسرّ من رأى في رجب سنة أربع وخمسين ومأتين، وله يومئذ إحدى وأربعون سنة وأشهر، وكانت مدة إقامته في سامراء عشرين سنة وتسعة أشهر. وحددّت بعض المصادر الثالث من شهر رجب تاريخاً لشهادته  [عليه السلام] . وهناك من أثبتها في الخامس والعشرين أو السادس والعشرين من جمادى الثانية. وكانت شهادته في عصر الخليفة العباسي الثالث عشر المعتز العباسي.

زوجاته وأولاده

نقل في بعض التواريخ: أنّه كانت له سرية لا غير، يعني أمّ ولد يقال لها سليل  النوبية والتي أنجبت له الإمام الحسن العسكري  [عليه السلام] .

وذهب أكثر العلماء أنّه  [عليه السلام]  أعقب أربعة من الذكور، واختلفوا في الإناث، فذهب الخصيبي إلى أنّ أبناء الإمام هم: الإمام الحسن العسكري  [عليه السلام]  محمد، الحسين، جعفر وهو المعروف بـالكذاب والمدعي الإمامة بعد أبيه.

وقال الشيخ المفيد: وخلف - الإمام الهادي  [عليه السلام]  - من الولد أبا محمد الحسن ابنه وهو الإمام من بعده والحسين ومحمداً وجعفراً وابنته عائشة. وأضاف لهم ابن شهر آشوب بنتاً أخرى يقال لها عليّة. والملاحظ من القرائن والشواهد المستفادة من كلمات مؤرخي أهل السنة أنّ له  [عليه السلام]  ابنة واحدة مختلف في اسمها، فقيل: حكيمة، وقيل: علية، وقيل: عائشة. وقال الطبري: إن له ابنتين هما: عائشة ودلالة.

إمامته

روي عنه  [عليه السلام]  أنّه قال: 
الناس في الدنيا بالأموال، وفي الآخرة بالأعمال.

المصدر: مسند الإمام الهادي، ص 304.

تسنم الإمام الهادي  [عليه السلام]  منصب الإمامة بعد شهادة أبيه الجواد  [عليه السلام]  سنة 220 هجرية، وقد أجمع كبار الشيعة - الا النادر منهم - على إمامته  [عليه السلام] ، وقد أشار الشيخ المفيد إلى ذلك بقوله: كان الإمام بعد أبي جعفر  [عليه السلام]  ابنه أبا الحسن علي بن محمد لاجتماع خصال الإمامة فيه وتكامل فضله وأنّه لا وارث لمقام أبيه سواه وثبوت النص عليه بالإمامة والإشارة إليه من أبيه بالخلافة.

نعم، ذهب البعض إلى إمامة أخيه موسى بن محمد المعروف بموسى المبرقع المتوفى 296 هـ، لكن سرعان ما عادوا للقول بإمامة الهادي  [عليه السلام] . وقد علّل سعد بن عبد الله عودة هؤلاء إلى القول بإمامة الهادي  [عليه السلام]  لتنفر موسى المبرقع - نفسه - من هؤلاء القوم وطرده لهم.

دليل إمامته

ذهب الشيخ الطبرسي وابن شهر آشوب إلى القول بأن إجماع الشيعة على إمامته  [عليه السلام]  خير دليل كاشف عن صدق إمامته. يضاف إلى الكثير من النصوص التي رواها الكليني وغيره الدالة على إمامته، منها: أنّه لمّا أمر المعتصم العباسي باستدعاء الإمام أبي جعفر - الإمام محمد الجواد  [عليه السلام]  - من المدينة إلى بغداد وشعر الإمام بالخطر المحدق به جراء هذا الاستدعاء جعل الأمر إلى ولده الهادي  [عليه السلام] ، بل كتب  [عليه السلام]  وثيقة صرح فيها بإمامة الهادي  [عليه السلام]  لإيصاد الباب أمام جميع محاولات التشكيك والريبة في إمامته  [عليه السلام] .

الخلفاء المعاصرون له

عاصر الإمام الهادي  [عليه السلام]  إبّان إمامته عدداً من خلفاء بني العباس، هم:

المعتصم العباسي بن هارون الرشيد (218-227).
الواثق، ابن المعتصم (227- 232).
المتوكل، ابن المعتصم (232- 248).
المنتصر، ابن المتوكل (ستة أشهر).
المستعين، ابن عم المنتصر (248- 252).
المعتز، الابن الثاني للمتوكل (252- 255).

وكانت شهادة الإمام  [عليه السلام]  مسموماً في آخر ملك المعتز، ودفن في داره بسر من رأى.

موقف المتوكل من الإمام (عليه السلام)

كانت السياسة المعتمدة في البلاط العباسي قبل تولي المتوكل لسدة الخلافة قائمة على تأييد المعتزلة ودعم رجالاتها وهي عين السياسة التي اعتمدها المأمون العباسي من قبلُ في مقابل التضييق على أهل الحديث، مما وفرّ الأرضية المناسبة لتحرك العلويين سياسياً، إلاّ أنّ تسنم المتوكل لمسند الخلافة قلب الأمور على عقب، وعادت السطحية في التفكير والتضييق على المفكرين والمبدعين مرة أخرى حيث قرب المتوكل إليه أهل الحديث، وأقصى الاتجاه المعاكس لهم المتمثل بالمعتزلة والشيعة مع التضييق عليهم بشدة.

عن الإمام الهادي  [عليه السلام] : 
من هانت عليه نفسه، فلا تأمن شره.

المصدر: كتاب تحف العقول، ص483.

وقد أشار أبو الفرج الأصفهاني إلى موقف المتوكل هذا ووزيره عبيد الله بن يحيى بن خاقان بقوله: وكان المتوكل شديد الوطأة على آل أبي طالب، غليظاً على جماعتهم مهتماً بأمورهم شديد الغيظ والحقد عليهم، وسوء الظن والتهمة لهم، واتفق له ان عبيد الله ابن يحيى بن خاقان وزيره يسيء الرأى فيهم، فحسن له القبيح في معاملتهم، فبلغ فيهم ما لم يبلغه أحد من خلفاء بني العباس قبله، وكان من ذلك أن كرب قبر الحسين  [عليه السلام]  وعفى أثاره، ووضع على سائر الطريق مسالح له لا يجدون أحداً زاره إلاّ أتوه به فقتله أو أنهكه عقوبة. وما ذلك إلاّ للمنزلة الكبيرة التي حظي بها مرقد الإمام الحسين  [عليه السلام]  في قلوب المؤمنين حتى أنّه يمثل الرمز العاطفي للربط بين الشيعة وأئمتهم (ع).

استدعاء الإمام (عليه السلام) إلى سامراء

سار المتوكل على نهج من سبقوه في التعامل مع أئمة أهل البيت (ع)، بل زاد على ذلك باستدعائه الإمام الهادي  [عليه السلام]  إلى دار الخلافة في سامراء وعزله عن أوساط الأمة، إنطلاقاً من التقارير التي وصلت إليه من قبل الوشاة والتي تحكي عن ميل الناس إليه  [عليه السلام] .

ولمّا بلغ أبا الحسن  [عليه السلام]  سعاية عبد الله بن محمد به، كتب إلى المتوكل يذكر تحامل الرجل عليه ويكذّبه فيما سعى به. فتقدم المتوكل بإجابته عن كتابه - بمكر تام - ودعائه فيه إلى حضور العسكر على جميل من الفعل والقول – مدعياً - أنّه عارف بقدر الإمام  [عليه السلام]  وراع لقرابته... «وإن أمير المؤمنين مشتاق إليك يحب إحداث العهد بك والنظر إليك». وقد ذكر كلٌ من الشيخ الكليني والشيخ المفيد نص رسالة المتوكل للإمام  [عليه السلام] .

علماً أنّ المتوكل بذل قصارى جهده في استدعاء الإمام  [عليه السلام]  بطريقة لا تثير مشاعر أتباعه وردة فعل الجماهير وتأمين طريوصوله إلى سامراء، إلاّ أنّ أهداف حركة المتوكل لم تكن خافية على أهل المدينة منذ بداياتها.

فقد نقل ابن الجوزي عن يحيى بن هرثمة - الذي تولى جلب الإمام  [عليه السلام]  إلى سامراء - قوله: «وعندما أرسلني المتوكل إلى المدينة لإشخاص الإمام الهادي  [عليه السلام]  إلى سامراء، ودخلت المدينة، ضج أهلها ضجيجاً عظيماً ما سمع الناس بمثله خوفاً على الإمام  [عليه السلام] »، وأضاف يحيى: «وقامت الدنيا على ساق؛ لأنّه كان محسناً إليهم ملازماً».

وتعرض الخطيب البغدادي (المتوفى سنة 463 ق) لإشخاص المتوكل له  [عليه السلام]  بالقول: «أشخصه جعفر المتوكل من مدينة رسول الله  [صلى الله عليه وآله وسلم]  إلى بغداد، ثمّ إلى سامراء فقدمها، وأقام بها عشرين سنة وتسعة أشهر إلى أن توفي، ودفن بها في أيام المعتز العباسي.

الإقامة في سامراء

وما أن دخل الإمام  [عليه السلام]  سامراء حتى وضع رحله في دار خزيمة بن حازم. وحسب رواية الشيخ المفيد: «إنّه لما وصل الإمام  [عليه السلام]  إلى سامراء تقدم المتوكل بأن يحجب عنه في يومه، فنزل في خان يعرف بخان الصعاليك، وأقام فيه يومه، ثم تقدّم المتوكل بإفراد دار له، فانتقل إليها». وعن صالح بن سعيد– أحد أصحاب الإمام  [عليه السلام] - إنّما قام المتوكل بإنزال الإمام  [عليه السلام]  هذا الخان الأشنع خان الصعاليك إطفاءً لنوره والتقصير به  [عليه السلام] ، أي: تحقيره والتقليل من شأنه.

وأقام أبو الحسن  [عليه السلام]  بـسر من رأى أكثر من عشرين سنة، وكان - كما ذكر الشيخ المفيد - مكرماً في ظاهر حاله يجتهد المتوكل في إيقاع حيله به، فلا يتمكن من ذلك. وقد تمكن الإمام  [عليه السلام]  طيلة وجوده في سامراء من النفوذ إلى قلوب الناس وانتزاع إعجاب كبار العلماء والمؤرخين من مسلمين وغيرهم على اختلاف نزعاتهم ونحلهم وميولهم من عبارات التقدير والإكبار لشخصه الكريم وشخصيته الفذة، والتي تمثل بعض صفاته الرفيعة وسجاياه الحميدة، وتفوّقه على سائر المعاصرين له، فلم ير مثله في عبادته وتهجده وطاعته لربه بالإضافة إلى زهده وتقواه، وحسن سيرته، وسلوكه القويم، ورسوخ اليقين في نفسه، وعلمه الجم وحكمته، وفصاحته وبلاغته.

نماذج من حركات المتوكل ضد الإمام (عليه السلام)

إنّ المتوكل وإنْ حاول التظاهر بإكرام الإمام  [عليه السلام]  وتبجيله إلاّ أنّه بذل قصارى جهده للتقليل من مكانة الإمام  [عليه السلام]  والحطّ من منزلته بطريقة خفية في الأوساط العلمية والاجتماعية مظهراً للناس أنّه أحد رجال القصر والخادمين للسلطان، وأنّه لا يختلف عن غيره من هذه الحيثية.[35]

وكان في الوقت نفسه يشدّد الرقابة على الإمام  [عليه السلام] ، فقد نقل سبط ابن الجوزي عن المسعودي في كتاب مروج الذهب قال: نمي إلى المتوكل بعلي بن محمد  [عليه السلام]  أنّ في منزله كتباً وسلاحاً من شيعته من أهل قم، وأنّه عازم على الوثوب بالدولة، فبعث إليه جماعة من الأتراك، فهاجموا داره ليلاً، فلم يجدوا فيها شيئاً، ووجدوه في بيت مغلق عليه، وعليه مدرعة من صوف، وهو جالس على الرمل والحصى، وهو متوّجه إلى الله تعالى يتلو آيات من القرآن. وعلى هذه الحال حمل إلى المتوكل العباسي، وأدخل عليه، وكان المتوكل في مجلس شراب، وبيده كأس الخمر، فناول الإمام الهادي  [عليه السلام] ، فردّ الإمام  [عليه السلام] : «والله ما خامر لحمي ولا دمي قط فأعفني»، فأعفاه. فقال له: «أنشدني شعراً»، فقال الإمام  [عليه السلام] : «أنا قليل الرواية للشعر». فقال: «لا بد». فأنشده:

باتوا على قُلَلِ الأجبال تحرســـــــــهم غُلْبُ الرجال فما أغنتهمُ القُلـــــــــــــــل
واستنزلوا بعد عـــــــزّ عن معاقـــــــلهم فأودعوا حُفَراً، يا بئس ما نزلــــــــــــوا
ناداهُم صارخ من بعد ما قبــــــــــــــروا أين الأسرة والتيجان والحـــــــــــــلل؟
أين الوجوه التي كانت منــــــــــــــــعمة من دونها تضرب الأستار والكــــــــلل
فأفصح القبـــر عنهم حين ساء لهم تلك الوجوه عليها الدود يقــــــــــــتتل
قد طالما أكلوا دهراً وما شــــــــــــربوا فأصبحوا بعد طول الأكل قد أُكلوا
وطالما عمروا دوراً لتحصـــــــــــــــــنهم ففارقوا الدور والأهلين وانتقلـــــــوا
وطالما كنزوا الأموال وادخـــــــــــــروا فخلفوها على الأعداء وارتحــــــلوا
أضحت مَنازِلُهم قفْراً مُعَطــــــــــــــــــــلة وساكنوها إلى الأجداث قد رحـلوا[

قال الراوي: «والله لقد بكى المتوكل بكاءً طويلاً حتى بلّت دموعه لحيته!. وبكى من حضره، ثم أمر أن يرفع الشراب، وأمر بإرجاع الإمام  [عليه السلام]  إلى داره مكرماً».

عصر المنتصر العباسي

بعد وفاة المتوكل العباسي تولى الحكم ابنه المنتصر ستة أشهر، وهو الذي أحدث الانقلاب على أبيه المتوكل بالاشتراك مع قواد جيشه فقطعوه إربا إربا مع وزرائه وندمائه وحاشيته وهم على مائدة الشراب والغناء، وذلك سنة 248 ه‍. وبمجيء المنتصر خفّ الضغط على الإمام  [عليه السلام]  خاصة والعلويين عامة في سامراء وأحسن إليهم، حيث كان المنتصر يؤثر مخالفة أبيه في جميع أحواله ومضادة مذهبه طعناً عليه ونصرة لفعله، وإن بقي موقف بعض الوزراء والأمراء خارج سامراء على حالة من الضغط على الشيعة ومحاربتهم.

وكان لهذا التخفيف ورفع القيود النسبية عن حركة الإمام  [عليه السلام]  دور في إعادة تنظيم واقع الشيعة في سائر البلدان، فكان الإمام  [عليه السلام]  يتدخل بسرعة لتنصيب البديل عن الوكيل الذي يعتقل أو يمنع من التحرك في الوسط الشيعي.

مدرسة الإمام الهادي (عليه السلام) ونشر المعارف الإسلامية (القرآن الكريم) 

كان للحركة الانحرافية التي قام بها الغلاة من الشيعة الدور المهم في إثارة شبهة تحريف القرآن وتوجيه أصابع الاتهام للشيعة من قبل أتباع سائر الفرق الإسلامية بأنهم لا يهتمون بشأن القرآن الكريم، ويؤمنون بتحريفه وعدم حجيته؛ ومن هنا انبرى الإمام الهادي  [عليه السلام]  لتفنيد هذه الشبهة وبيان مكانة القرآن في فكر المدرسة الإمامية، وأنّ القرآن الكريم هو المصدر الأول للمسلمين والحجة في جميع التشريعات والمواقف التي يعتمدها الشيعة، وأنّ الروايات المخالفة للقرآن الكريم تعدّ من زخرف القول الذي يضرب به عرض الجدار.

وقد بيّن الإمام  [عليه السلام]  ذلك مفصلاّ في الرواية التي نقلها ابن شعبة الحرّاني التي جاء فيها: «اعلموا - رحمكم الله - إنّا نظرنا في الآثار وكثرة ما جاءت به الأخبار فوجدناها عند جميع من ينتحل الإسلام ممن يعقل عن الله عزوجل لا تخلو من معنيين: إمّا حق فيتبع، وإمّا باطل فيجتنب. وقد اجتمعت الأمة قاطبة لا اختلاف بينهم أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع أهل الفرق، وفي حال اجتماعهم مقرون بتصديق الكتاب وتحقيقه، مصيبون، مهتدون... والقرآن حق لا اختلاف بينهم في تنزيله وتصديقه: فإذا شهد القرآن بتصديق خبر وتحقيقة وأنكر الخبر طائفة من الأمّة لزمهم الإقرار به ضرورة حين اجتمعت في الأصل على تصديق الكتاب، فإنّ هي جحدت وأنكرت لزمها الخروج من الملة».

وروى هذا المعنى العياشي في تفسيره عن الإمامين الباقر والصادق (ع)، قالا: «لا تُصَدِّقْ علينا إِلا بما يوافق كتابَ اللَّه وسُنَّةَ نبيه  [صلى الله عليه وآله وسلم] ».

الإمام (عليه السلام) ومسألة خلق القرآن

من المسائل الرهيبة التي ابتلي بها المسلمون في حياتهم الدينية، وامتحنوا بها كأشد ما يكون الامتحان هي مسألة خلق القرآن، فقد ابتدعها الحكم العباسي في بدايات القرن الثالث الهجري، وأثاروها للقضاء على خصومهم، وقد قتل خلق كثيرون من جرائها، وانتشرت الأحقاد والأضغان بين المسلمين.

ومن هنا حذّر الإمام  [عليه السلام]  شيعته من النزول إلى تلك المعركة التي ضلّ فيها الجدلّيون ضلالاً كبيراً، فلم يشترك الشيعة في ذلك النزاع حول صنع الله عزّ وجلّ وحول كلامه الكريم، وبيّن لهم الموقف في رسالته التي جاء فيها: «عصمنا الله وإياك من الفتنة، فإن يفعل فأعظم بها نعمة، وإن لا يفعل فهي الهلكة، نحن نرى أن الجدال في القرآن بدعة، اشترك فيها السائل والمجيب، فيتعاطى السائل ما ليس له، ويتكلف المجيب ما ليس عليه، وليس الخالق إلا الله عز وجل، وما سواه مخلوق، والقرآن كلام الله، لا تجعل له اسما من عندك فتكون من الضالين». وبهذا وضع  [عليه السلام]  النقاط على الحروف في هذه المسألة الحساسة وجنّب شيعته الوقوع في فتنة كبيرة وفخّ خطير كادت دماؤهم أن تراق بسببه.

مواقف علماء الشيعة وخصومهم

كان للمواقف التي يتخذها بعض علماء الشيعة وطوائفهم - بسبب تباعد مواطنهم وعدم وجود قنوات اتصال سريعة بينهم - الدور الكبير في تعقيد عمل الأئمة (ع) في بيان الحقيقة وهداية الناس، يضاف إلى ذلك ما يقوم به خصوم الشيعة من المبالغة في ذلك وتشطير الفرق الشيعية بطريقة غريبة جداً حتى عدوا منها - كما يقول الكشي - الزرارية والعمّارية واليعفورية و... ناسبين ذلك إلى كبار أصحاب الإمام الصادق  [عليه السلام] : زرارة بن أعين، وعمّار الساباطي وابن أبي يعفور.

وقد يواجه الأئمة (ع) – أحياناً- بعض الأسئلة الناشئة من ذلك الاختلاف في المواقف والرؤى في الوسط الشيعي، منها قضية التشبية والتنزيه، حيث يظهر من كلام هشام بن الحكم وهشام بن سالم اختلافهما في هذه القضية الحساسة، ومن هنا تصدى الأئمة لمعالجة هذه القضية التي روي فيها أكثر من عشرين رواية بين رواية مختصرة ومفصّلة تؤكد كلها على تبني فكرة التنزيه والدفاع عنها من قبل الأئمة (ع)، ومن بينها ما روي عن الإمام الهادي  [عليه السلام]  في تأكيد التنزيه.

ومن جملة المسائل الهامة التي ثار الجدل حولها – أيضاً - في ذلك العصر، وكثر الأخذ والردّ مسألة الجبر والتفويض التي أدّت إلى انقسام المسلمين انقساماً كان ذا خطرٍ دخل في صميم العقيدة، إذ نسبت فئة منهم، وقوع الذنب من العبد، إلى الله - والعياذ بالله من ذلك - محتجّة بأنّ الذنب يقع بعلمه تعالى وتقديره، وبإقدار العبد على ذلك بما خلق له من آلاتٍ يباشر الذنب بواسطتها، وبأنّ العبد لا اختيار له في تجنّب الذنب؛ لأنّه محمول عليه قد كتبه الله تعالى وقضى به عليه!. ثم أنكرت فئة أخرى ذلك، وقالت بأنّ للعبد أن يختار، وهو الذي يرتكب الذنب بتمام إرادته، وبكامل اختياره، وبواسطة الآلات الّتي منحه الله تعالى إيّاها لطاعته لا لمعصيته.

وقد تكلّم إمامنا  [عليه السلام]  في هذا الموضوع الهامّ - كما تكلّم آباؤه - وجدّاه الصادق والرّضا بالخصوص (ع) جميعاً، لئلاّ يقع شيعته في فخّ الكفر وزخرف القول.. ثم تكلّم  [عليه السلام]  في الجبر والاختيار كلاماً بليغاً يقطع كلّ جدلٍ ونقاش، مبينها رفضه للجبر والتفويض معاً وموضحاً أن هناك حالة وسطية هي الأمثل وهي: «لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين‌».

علماً أنّ أكثر الروايات الاحتجاجية الواردة عن الإمام الهادي  [عليه السلام]  منصبة على مسألة الجبر والتفويض.

ثقافة الدعاء والزيارة

اعتمد الإمام الهادي  [عليه السلام]  الدعاء والزيارة كطريقة للتثقيف على معارف الدين والتربية وفق معارف المدرسة الإمامية حيث ضمن تلك الأدعية التي تمثل الانفتاح على الله تعالى والتوسل إليه مجموعة من الأفكار والمضامين العقائدية والسياسية والاجتماعية مما كان له الأثر الكبير في حياة الشيعة الإمامية على جميع المستويات.

زيارة الجامعة الكبيرة

هذه الزيارة من أشهر زيارات الأئمة الطاهرين (ع) وأعلاها شأناً وأكثرها ذيوعاً وانتشاراً، فقد حظيت بأهمية خاصة بين الأدعية والزيارات المأثورة عن أئمة الهدى (ع)، وقد أقبل أتباع أهل البيت (ع) وشيعتهم على حفظها وزيارة الأئمة (ع) بها؛ لأنها تشتمل على كلام فريد يزخر بالمعارف الإلهية السامية، ويبيّن حقيقة الإمام الذي يمثل الحجّة التامة للحق على جميع العالمين، والجامع لكل الخير والمحاسن، والنموذج الكامل للإنسان، وقد جاء كل ذلك في أرقى مراتب البلاغة والفصاحة.

تعامل الإمام (عليه السلام) مع الشيعة

اعتمد الإمام الهادي  [عليه السلام]  وكلاءه الموزعين على المناطق التي يقطنها أتباع مدرسة أهل البيت (ع) وخاصة في ايران، وسيلة للتواصل معهم ومواجهة الغلاة أينما كانوا.

نظام الوكلاء في زمن الإمام الهادي (عليه السلام)

رغم التشديد والحصار الذي فرض على الشيعة في آخريات عصر الأئمة (ع) والمتثمل بموقف خلفاء بني العباس من أتباع مدرسة أهل البيت (ع)، عمل الإمام الهادي  [عليه السلام]  على اتّخاذ الوكلاء وتأسيس شبكة الممثلين له في شتى البلدان التي يقطنها الشيعة كايران ومصر واليمن والعراق، حيث عمد إلى اتخاذ وكلاء يوثّقهم ويمدحهم ليكونوا الواسطة بينه وبين الشيعة في التواصل المعرفي ومعالجة المعضلات الكلامية والفقهية والتفسيرية و... بالإضافة إلى استلام الحقوق الشرعية وإيصالها إلى الإمام  [عليه السلام] ، وربط الشيعة بالإمام الفعلي وتوجيههم إلى الإمام اللاحق عند رحيل السابق.

وقد قسّم الوكلاء -حسب ما ذكره الدكتور جاسم حسين- المناطق الآهلة بأكثر عدد من أتباع أهل البيت (ع) إلی أربع مناطق:

بغداد، المدائن، السواد والكوفة
البصرة والأهواز
مدينتا قم وهمدان
الحجاز، اليمن، ومصر

وكان الوكلاء يتواصلون مع الإمام  [عليه السلام]  عن طريق المكاتبات بواسطة الثقات من الشيعة.

ومن هؤلاء الوكلاء: علي بن جعفر كان وكيلا للإمام الهادي  [عليه السلام] ، وكان رجلا من أهل همينيا، قرية من قرى سواد بغداد، فسعي به إلى المتوكل، فحبسه فطال حبسه، ولما أخلى المتوكل سبيله، صار إلى مكة بأمر أبي الحسن  [عليه السلام]  مجاورا بها إلى آخر أيام حياته.

ومنهم حسين بن عبد ربّه وفي رواية ولده علي بن حسين بن عبد ربّه، ولما توفي كتب الإمام  [عليه السلام]  إلى مواليه يعلمهم بأنّه أقام أبا علي بن راشد مقام الحسين بن عبد ربّه ومن كان قبله من وكلائه.

ويحتمل من رواية الكشي حول إسماعيل بن إسحاق النيشابوي أن أحمد بن إسحاق الرازي هو الآخر كان من وكلاء الإمام الهادي  [عليه السلام] .

الإمام الهادي (عليه السلام) والشيعة في ايران

كان العنصر الكوفي هو الغالب على الشيعة في القرن الأوّل، وهذا ما تكشف عنه كثرة الملقبين بالكوفي من أصحاب الأئمة (ع)، ثمّ بدأ يظهر لقب القمي في أوساط الرواة وأصحاب الأئمة (ع) وخاصة في منذ عصر الإمامين الباقر والصادق (ع)، ويرجع الكثير منهم إلى العرب الأشعرية الذين هاجروا إلى مدينة قم. ورويداً رويداً أخذ انتشار التشيع في الوسط الايراني عامّة والقمّي خاصة يزداد حتى تحولت قم في عهد الإمام الهادي  [عليه السلام]  إلى مركز رئيسي من مراكز التشيع التي تربطها بالأئمة علاقات وثيقة، وكان الطابع العام للتشيع القمّي الاعتدال والوسطية في النظرة إلى الأئمة خلافاً للمدرسة الكوفية التي انتشر فيها الغلو.

ولم ينحصر التشيع في مدينة قم، بل تعدّاه إلى كل من مدينة آبه أو آوة وكاشان، وقد تكرّر ذكر محمد بن علي الكاشاني في الكثير من الروايات المنقولة عنه والأسئلة التي يوجهها إلى الإمام الهادي  [عليه السلام] حول التوحيد ومسائله.

وكانت علاقة القمّيين قوية مع الإمام الهادي  [عليه السلام] ، فكان محمد بن داود القمي ومحمد الطلحي يحملان ما اجتمع من أخماس ونذر وهدايا وجواهر اجتمعت في قم وبلادها لإرسالها إلى أبي الحسن الهادي  [عليه السلام] .

وكان الإمام الهادي  [عليه السلام]  يستغفر لإهل قم وآوة لزيارتهم الإمام الرضا  [عليه السلام] ، كما روى ذلك السيد عبد العظيم بن عبد الله الحسني حين قال: «سمعت عليّ بن محمّد العسكري  [عليه السلام]  يقول: أهل قم وأهل آبة مغفور لهم لزيارتهم لجدّي عليّ بن موسى الرضا  [عليه السلام]  بطوس.

وكان لغير القميين من الشيعة - مع كونهم الأقلية بسبب السياسات الأموية والعباسية - علاقات وثيقة وأواصر قوية مع أئمة أهل البيت (ع).

وقد صَنَّف صالح أبو مقاتل الدَيْلَميُّ من أصحاب الإمام الهادي  [عليه السلام]  كتاباً في الإمامة كَبِيراً، حديثاً وكلاماً، وسمّاهُ كتابَ الإحْتِجاج.(مسند الإمام الهادي عليه‌ السلام، ص 317 .) والديلم منطقة تقع إلى الشرق من محافظة جيلان الإيرانية، وكانت قد احتضنت في أواخر القرن الثاني الهجري الكثير من الشيعة الإمامية بالإضافة إلى من هاجر من سكّانها إلى العراق، واعتنق المذهب الإمامي هناك.

وقد كشفت ألقاب أصحاب الإمام الهادي  [عليه السلام]  عن مناطق سكناهم من قبيل: بشر بن بشار النيشابوري وفتح بن يزيد الجرجاني وأحمد بن إسحاق الرازي وحسين بن سعيد الأهوازي وحمدان بن إسحاق الخراساني وعلي بن إبراهیم الطالقاني، وقد تحولت كل من مدينتي جرجان ونيسابور إلى مراكز شيعية فاعلة في القرن الرابع الهجري.

وهناك شواهد تدل على وجود عدد من أصحاب الإمام الهادي  [عليه السلام]  في مدينة قزوين الواقعة وسط ايران.

ورغم غلبة الطابع الحنبلي المتعصب على مدينة أصفهان الإيرانية إلا أنّها لم تخل من الرجال الشيعة كإبراهيم بن شيبة الأصفهاني الكاشاني القاطن في أصفهان وعلي بن محمد الأصفهاني القاطن في كاشان، وقد أدرجهما الرجاليون ضمن أصحاب الإمام الهادي  [عليه السلام] .ومنهم رجل يقال له عبد الرّحمن مال إلى التشيع بعد كرامة شاهدها على يد الإمام الهادي  [عليه السلام]  في سامراء.

وهناك روايات تشير إلى وصول بعض الهمدانيين إلى نيل الوكالة من الإمام الهادي  [عليه السلام] .

شهادة الإمام (عليه السلام)

قبض  [عليه السلام]  مسموما بـسر من رأى في يوم الاثنين المصادف الثالث من رجب سنة 254 ه‍، وقيل: يوم الاثنين الخامس والعشرون من جمادى الآخرة سنة 254 هـ. والتأريخ الأول أشهر، حيث نص عليه أغلب أعلام الطائفة ومحدثيهم ومؤرخيهم. وممن نص على أنّه [عليه السلام]  مات مسموماً أو نقل القول في ذلك: الشبلنجي وابن الصباغ المالكي والشيخ أبو جعفر الطبري، والشيخ إبراهيم الكفعمي في المصباحوغيرهم، ونص الأخير على أن الذي سمه هو المعتز. وجاء عن ابن بابويه أنّه  [عليه السلام]  مات مسموماً ، وسمّه المعتمد العباسي، وإذا صحّ ذلك فإنّه لا بد أن يكون قد سمّه المعتز بالله؛ لأنّه مات في عهده سنة 254 ه‍، والمعتمد العباسي بويع بالخلافة سنة 256 هـ في النصف من رجب، أو أن المعتز قد أوعز إلى المعتمد بدسّ السم إلى الإمام  [عليه السلام] ، فيكون ذلك جمعاً بين قول الشيخ الصدوق والشيخ الكفعمي، والله أعلم بحقيقة الحال.

وخرجت الجنازة، وخرج الإمام الحسن العسكري  [عليه السلام]  يمشي حتى أخرج بها إلى الشارع الذي إزاء دار موسى بن بغا. وقد كان الإمام أبو محمد العسكري  [عليه السلام]  قد صلّى عليه قبل أن يخرج إلى الناس، ودفن في بيتٍ من دوره.

تلامذته وأصحابه

بلغ عدد تلامذته والرواة عنه – حسب ما ذكره الشيخ الطوسي- 185 راوياً، من أبرزهم:

1- السيد عبد العظيم الحسني (قبره في مدينة ري بجنوب طهران)

عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن حسن بن زيد بن حسن بن زيد بن الحسن المجتبى بن علي بن أبي طالب، والمعروف بالسيد الكريم وشاه عبد العظيم، والمكنى بأبي القاسم وأبي الفتح. يعدّ الحسني من السادة الحسنيين ومن كبار المحدثين، وينتهي نسبه إلى الإمام الحسن المجتبى  [عليه السلام]  بأربع وسائط. وقد ذكره الشيخ الطوسي ضمن أصحاب الإمامين الهادي والعسكري  [عليه السلام]  وهناك من أدرجه ضمن أصحاب الإمامين الجواد والهادي  [عليه السلام] . وكان محدثاً، فقيهاً، صوّاماً قوّاماً، زاهداً، جليل القدر، ذا منزلة رفيعة عند الإمامين  [عليه السلام] . وقد عرض عبد العظيم الحسني أُصول عقيدته وما يدين به على الإمام الهادي [عليه السلام]  فبارك له الإمام  [عليه السلام]  عقيدته.

رُوي أنّ أبا حماد الرازي قصد الإمام الهادي  [عليه السلام]  إلى سامراء مستفتياً، فلما أجابه  [عليه السلام]  أشار عليه بالرجوع إلى عبد العظيم الحسني إن أشكل عليه شيء وهو بـالري.

2- عثمان بن سعيد 

عثمان بن سعيد العمري؛ يكنى أبا عمرو السمان، ويقال له: الزيات، من أصحاب الإمام الهادي والعسكري  [عليه السلام] ، جليل القدر، ثقة، خدم الإمام الهادي  [عليه السلام] ، وله إحدى عشرة سنة، وله إليه عهد معروف، وتوكل للإمام العسكري  [عليه السلام] ، وكانت توقيعات صاحب الأمر  [عليه السلام]  تخرج على يديه، وكان قد حظي بمنزلة خاصة عند الإمام  [عليه السلام]  واصفاً له بـالثقة الأمين.

3- أيوب بن نوح

أيوب بن نوح بن دراج النخعي أبو الحسين، كان وكيلاً لأبي الحسن وأبي محمد  [عليه السلام] ، عظيم المنزلة عندهما مأمونا، وكان شديد الورع، كثير العبادة، ثقة في رواياته وكان أيوب من عباد الله الصالحين.

4- الحسن بن راشد

عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الجواد  [عليه السلام]  قائلاً: الحسن بن راشد يكنى أبا علي، مولى لآل المهلب، بغدادي، ثقة. وعدّه أيضاً من أصحاب الهادي  [عليه السلام] .

وعدّه الشيخ المفيد في رسالته العددية من الفقهاء الأعلام، والرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام الذين لا يطعن عليهم بشيء ولا طريق لذم واحد منهم. وعدّه الشيخ والبرقي في رجاليهما من أصحاب الهادي  [عليه السلام] ، ويظهر من ترجمة الحسن بن راشد أنّه كان وكيلاً لأبي محمد العسكري  [عليه السلام] .

5- الحسن بن علي الناصر

ابن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب  [عليه السلام]  الناصر للحق، من أصحاب الهادي  [عليه السلام] ، كما في رجال الشيخ الطوسي. وهو والد جد السيد المرتضى من جهة أمّه ، قال السيد في أول كتابه شرح المسائل الناصريات: «وأمّا أبومحمد الناصر الكبير وهو الحسن بن علي ففضله في علمه، وزهده، وفقهه، أظهر من الشمس الباهرة، وهو الذي نشر الإسلام في الديلم، حتى اهتدوا به من الضلالة، وعدلوا بدعائه بعد الجهالة وسيرته الجميلة أكثر من أن تحصى وأظهر من أن تخفى».

تفجير ضريح الإمامين العسكريين (ع)

قامت في السنين الأخيرة مجموعة من السلفيين التكفيريين المتطرفين بالتعرض لضريح الامامين العسكريين  [عليهما السلام]  في أكثر من محاولة، ومن أبشعها ماقاموا به في صباح يوم الأربعاء 22 فبراير 2006 م من اقتحام للمرقدين الشريفين، وزرع عبوات ناسفة تزن 200 كغم من المواد المتفجرة تحت قبة الضريح، وفجّروها بعد ذلك مما أدى إلى انهيار القبة الخاصة بالضريح وتصدّع المنائر الذهبية المحيطة بها. وفي صباح يوم الأربعاء 13 يونيو 2007 م حدثت عملية تفجيرية أخرى استهدفت مأذنتي المرقد الذهبيتين، ودمرتهما بالكامل، وكان التفجير بواسطة عبوة ناسفة. وفي يوم الخميس 05-06-2014م قامت مجموعة كبيرة من التكفيريين ينتمون إلى تنظيم داعش بشن هجوم واسع النطاق على مدينة سامراء للسيطرة عليها وتدمير الضريح المبارك إلاّ أنّهم جوبهوا بمقاومة شديدة من قبل حماية الحرم والقوات الأمنية وجموع المؤمنين المتطوعين أجبرتهم على التقهقر والخروج من المدينة.

إعادة إعمار الروضة العسكرية

لم يزل غبار الانفجار في السماء حتى بدأ الموالون لـأهل البيت  [عليه السلام] بإعمار الروضة المباركة وتشييدها على أجمل عمارة وزخرفة إسلامية سطرتها أنامل الفنانين المبدعين، وكان لمدينة قم المقدسة شرف تصميم وبناء الضريح الجديد للروضتين العسكريتين [عليه السلام]  تحت رعاية وإشراف مرجعية آية الله السيد علي السيستاني وبكلفة 100 مليون دولار صرفت في تشييد الضريح وإكساء القبة بما يقارب السبعين كيلوغرام من الذهب و4500 كيلوغرام من الفضية و1100 كيلوغرام من النحاس و11 طن من الخشب الساج الجيد.

لمزيد الاطلاع حول حياة الإمام الهادي (عليه السلام):

حياة الإمام الهادي [عليه السلام] للشيخ باقر شريف القرشي.

عطاردي، عزيز الله، مسند الإمام الهادي [عليه السلام] ، قم، المؤتمر العالمي للإمام الرضا [عليه السلام] ،1410 ق.

الإمام علي الهادي [عليه السلام] ، تأليف: حسين الشاكري، الطبعة: الأولى، المطبعة: ستاره، قم المقدسة، 1419 ه‍. ق.

المصدر: ويكي شيعة

 

دعا رئيس البرلمان التونسي، راشد الغنوشي، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الإثنين، التونسيين إلى النزول إلى الشوارع لإنهاء ما وصفه بانقلاب، بعد ساعات من إعلان الرئيس قيس سعيد تجميد عمل البرلمان وإقالة الحكومة.

العالم-تونس

وقال الغنوشي في مقطع مصور بثه حزب النهضة الإسلامي إن على الناس "النزول إلى الشوارع مثلما حصل في 14 يناير 2011 لإعادة الأمور إلى نصابها".

وأضاف الغنوشي: "أعتبر أن مجلس الشعب قائم، وسنعقد جلسة لمكتبي، وأن جميع مؤسسات الدولة قائمة، وأن أي إعلان يخالف ذلك، باطل".

وفي وقت سابق، الأحد، أعلن الرئيس التونسي تجميد عمل البرلمان وتعليق حصانة كل النواب استنادا إلى الفصل 80 من الدستور، وإقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي على خلفية الاحتجاجات العنيفة التي شهدتها عدة مدن.

وقال سعيد في كلمة متلفزة مساء الاحد نشر على حسابات الرئاسة التونسية على مواقع التواصل الاجتماعي، عقب ترؤسه اجتماعا طارئا للقيادات العسكرية والأمنية "لقد اتخذت قرارات سيتم تطبيقها فورا، القرار الأول الذي كان يفترض اتخاذه منذ أشهر هو تجميد كل اختصاصات المجلس النيابي، الدستور لا يسمح بحله ولكن لا يقف مانعا أمام تجميد كل أعماله".

وأضاف: "القرار الثاني رفع الحصانة عن كل أعضاء المجلس النيابي ومن تعلقت به قضية، وسأتولى رئاسة النيابة العمومية حتى تتحرك في إطار القانون، لا تسكت عن جرائم ترتكب في حق تونس ويتم اخفاء جملة من الملفات في وزارة العدل أو في ملفات المجلس النيابي".

وتابع: "القرار الثالث يتمثل في تولي رئيس الدولة السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس الحكومة ويعينه رئيس الجمهورية، نحن هنا اتخذنا هذه القرارات وستصدر حملة من القرارات الأخرى في شكل مراسيم كما ينص على ذلك الدستور حتى يعود السلم الاجتماعي إلى تونس، وحتى ننقذ الدولة والمجتمع".

وشهدت تونس أخيرا، أزمة جديدة انتهت بإقالة وزير الصحة فوزي مهدي، في حين انقسمت مطالب السياسيين بين تفعيل التغيير الوزاري المعلق ورحيل الحكومة برمتها.

 

اعلن الرئيس التونسي قيس سعيد فجر اليوم عن سلسلة قرارات سياسية ابرزها اعفاء رئيس الحكومة المشيشي وتجميد كافة اعمال البرلمان لمدة شهر ورفع الحصانة القضائية عن نوابه اعتبرها بانها تاتي طبقا للفصل الثمانين من الدستور العام للبلاد.

اليكم اهم التطورات التي حصلت في الشأن التونسي منذ مساء امس الاحد حتى اللحظة..

الرئاسة التونسية تصدر قراراً بمنع مسؤولين من السفر خارج البلاد، شمل وزراء ونواباً ورجال أعمال، في إطار تواصل سلسلة القرارات الانقلابية.

الأمم المتحدة، في أول تعليق منها على الأحداث الأخيرة في تونس تدعو كل الأطراف المعنية إلى ضبط النفس والامتناع عن العنف.

قيس سعيد يأمر بتعطيل العمل بالإدارات المركزية والمصالح الخارجية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية في تونس لمدة يومين.

الرئيس التونسي قيس سعيد يبحث في مكالمة هاتفية مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مستجدات الأوضاع في تونس.

صلاح الداودي من مركز المغاربة للدراسات الاستراتيجية يؤكد أن ما يشاع عن مفهوم الثورة في تونس، هو مفهوم مزوّر، ولا توجد ثورة ولا ثورة تصحيحية في الوقت الراهن.

قطر تدعو أطراف الأزمة التونسية إلى تغليب صوت الحكمة وتجنب التصعيد.

منيرة الشريفي مراسلة العالم من تونس تفيد أن الفرق الأمنية التونسية، لاتزال حتى الآن متواجدة أمام البرلمان التونسي من أجل الفصل بين الفريقين المناصر لحركة النهضة من جهة وبين المناصرين لقرار رئيس الجمهورية من جهة أخرى.

مجلس النواب التونسي يؤكد بإجماع الحاضرين رفضه المطلق وإدانته الشديدة لما أعلن عنه الرئيس قيس سعيد، مؤكدًا أن جميع قراراته باطلة وتنطوي على خرق جسيم للدستور وانحراف شديد في تفعيل الفصل 80 منه، مشيرًا إلى إن هذه الخطوة محاولة تمويه مفضوحة بادعاء الباطل بحصوله على موافقة رئيس مجلس نواب الشعب في هذه التدابير.

زعيم حركة "النهضة"، رئيس البرلمان التونسي، راشد الغنوشي، يؤكد ان الإعلام الإماراتي بالوقوف وراء ما حصل في تونس، واستهداف حركة "النهضة".

الرئيس التونسي يصدر أوامر رئاسية بإعفاء رئيس الحكومة ووزير الدفاع ووزيرة العدل بالنيابة من مهامهم، وأن يتولى الكتاب العامين برئاسة الحكومة ووزارتي الدفاع والعدل تصريف الأعمال

الساعة 14 الاثنين ..تجمع أنصار حركة "النهضة"، الذين وصفوا قرارات الرئيس بالانقلاب، هاتفين بشعارات "يسقط يسقط الانقلاب"، فيما رفع أنصار الرئيس قيس سعيد شعارات تعبر عن دعمهم ومساندتهم لقراراته.

الساعة:13 الاثنين الرئيس التونسي قيس سعيد يكلف خالد اليحياوي المدير العام لوحدة الأمن الرئاسي بالإشراف على وزارة الداخلية بعد إقالة الحكومة أمس الأحد.

الساعة :12:30 كشف عدد من الفنانين التونسيين موقفهم من قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد بتجميد البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه إلى جانب إقالة الحكومة.

الساعة 12الاثنين... قالت الرئاسة التونسية، إن الأمر بتجميد أنشطة البرلمان التونسي سيستمر 30 يوما، مؤكدة أن قرارات الرئيس قيس سعيّد، جاءت بعد استشارة كل من رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب، وعملا بالفصل 80 من الدستور.

الساعة 11:30 الاثنين.. دخل رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، اليوم الاثنين 26 يوليو/تموز، في اعتصام أمام مقر البرلمان المغلق من قبل قوات الجيش.

الساعة 11 الاثنين.. فرض رقابة شديدة على المطارات لمنع سفر أي من أعضاء البرلمان للخارج.

الساعة 10:30 الاثنين... تواصل أعداد المحتجين بالارتفاع في اطار المؤيدين والمعارضين لقرارارت الرئيس قيس سعيد، فمنهم من يتوجه للانضمام الى الاحتجاجات أمام مبنى البرلمان التونسي، على خلفية الأحداث الأخيرة التي تشهدها البلاد.

الساعة 10 اليوم الاثنين... دعا رياض الشعيبي المستشار السياسي لرئيس حركة “النهضة” التونسية ورئيس البرلمان راشد الغنوشي مؤسسات الدولة إلى عدم تطبيق القرارات الأخيرة التي اتخذها الرئيس قيس سعيد، وذلك عقب اعلان الرئيس قيس سعيد تجميد اختصاصات البرلمان، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها.

الساعة 9:30 اليوم الاثنين.. وجه رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي دعوة للالتحاق بمجلس النواب دفاعا عن الديموقراطية، ورفضا لقرارات الرئيس قيس سعيّد.

الساعة 9 صباح اليوم الاثنين... قال الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي، إن قرارات الرئيس قيس سعيد تجميد عمل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة تشكل "انقلابا وخرقا للدستور لا يقبله المنطق".

الساعة 8:30 صباح الاثنين.. تدفق آلاف التونسيين إلى شوارع العاصمة بعد إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد إطاحته بالحكومة وتجميد أعمال البرلمان وذلك للإشادة بهذه الخطوة التي استنكرها منتقدوه ووصفوها بأنها انقلاب.

الساعة 8 من صباح اليوم الاثنين.. جاء في كلمة للرئيس التونسي قيس سعيد اثر اجتماع مع القيادات الكبرى للقوات المسلحة ابرز القرارات التي تم الاعلان عنها وهي تجميد كل اعمال البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه وفقا للفصل الثمانين من الدستور بالاضافة الى اعفاء رئيس الحكومة، اثر ذلك خرجت اعداد غفيرة من التونسيين للاحتفال في شواع العاصمة ترحيباً بالقررات المعلنة.

الساعة 7 من صباح اليوم الاثنين... ذكرت مصادر تونسية أن الجيش انتشر في الشوارع الرئيسة والدوائر الحكومية المهمة، بينها مبنى الاذاعة والتلفزيون، واشارت المصادر الى أن الجيش التونسي طوقَ مبنى مجلسِ النواب، كما اشتبكت الشرطة، وأطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين تجمعوا أمام مبنى مكتب حركة النهضة وسط العاصمة..

الساعة 7 اليوم الاثنين.. دعا رئيس البرلمان التونسي، راشد الغنوشي، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الإثنين، التونسيين إلى النزول إلى الشوارع لإنهاء ما وصفه بانقلاب، بعد ساعات من إعلان الرئيس قيس سعيد تجميد عمل البرلمان وإقالة الحكومة.

صباح اليوم الاثنين.. منع الجيش التونسي رئيس البرلمان راشد الغنوشي من دخول مبنى مجلس النواب في ساعة مبكرة من صباح اليوم.

فجر اليوم الاثنين... أقدم عدد من المواطنين التونسيين على اقتحام مكتب لـ"حركة النهضة" وإفراغه من الوثائق وإحراقها في مدينة حومة بجزيرة جربة التونسية.

مساء الاحد...اتهم رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي الرئيس قيس سعيد "بالانقلاب على الثورة والدستور" وذلك بعدما أعلن اليوم الأحد تجميد عمل البرلمان وإقالة الحكومة، وقال الغنوشي زعيم حزب "النهضة" في اتصال مع وكالة "رويترز": "نحن نعتبر المؤسسات ما زالت قائمة وأنصار النهضة والشعب التونسي سيدافعون عن الثورة".

مساء الاحد..أصدر الرئيس التونسي قيس سعيد، قرارا بإعفاء رئيس الوزراء هشام المشيشي من منصبه، وقرر سعيد خلال اجتماع طارئ للقيادات العسكرية و الأمنية "تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن النواب"، لافتا إلى أن هذا القرار كان يجب اتخاذه قبل أشهر.

مساء الاحد .. احتجاجات شعبية تعود الى شوارع العاصمة تونس تزامنا مع احياء البلاد لذكرى عيد الجمهورية للمطالبة باسقاط النظام وحل البرلمان، اشتبك خلالها الامن بالمحتجين حيث دفعت السلطات بقواتها والياتها الامنية من اجل التصدي لها قبل ساعات من انطلاقها.

جد جاء ذلك بعد اجتماع مهم عقده الرئيس التونسي قيس سعيد بقيادات الجيش وقوى الامن.

وفور اعلان الرئيس قيس سعيد ان الدستور العام لايسمح بحل البرلمان لكنه لايقف مانعا امام تجميد كافة اعماله، ورفع الحصانة عن نواب البرمان . خرج الالاف من التونسيين المؤيدين له الى شوارع العاصمة تونس ومطالبية بمحاسبة المسؤولين في الحكومة والبرلمان برئيسه الغنوشي.

من جانبها اعلنت حركة النهضة التونسية عن امتعاضها من قرار الرئيس واعتبرتها بانها انقلابا على الشرعية ومؤكدة مواصلتها لعمل البرلمان بشكل طبيعي.

وقال الغنوشي الذي توجه فورا الى مبنى البرلمان ووجه بمنع من الدخول من قبل قوى الامن والشرطة التي قالت بان ذلك ياتي بامر رئاسي، واعتبر الغنوشي حركة الرئيس بانها انقلاب على الشرعية والدستور ومجلس النواب والحكومة والمؤسسات الخاصة بالمجتمع المدني التي تعمل وفق اطار الدستور بالاضافة الى تجميد الدستور، مطالبا الجماهير الشعبية التوجه الى مبنى البرلمان للدفاع عن الديمقراطية حسب تعبيره .

وقال الغنوشي إن مجلس النواب مستمر بعمله، وإن الحكومةَ التي حصلت على شرعيتها من البرلمان ستواصل عملها، معتبرا أن الشعب التونسي يعتدى عليه عبر مصادرة حريته، داعياً الى الخروج بتظاهرات لاستعادة حقوقه.

وجرت مناوشات محدودة أمام البرلمان بين عدد من أنصار الرئيس سعيد وبين الرافضين لقراراته، اثر قيام الجيش بنشر قواته في الشوارع الرئيسي وامام الدوائر الحكومية ومنها مبنى الاذاعة والتلفزيون التونسي ومحاصرة مبنى البرلمان ،واستخدمت قوات الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المعارضين لقرارات سعيد الذي تجمعوا في الساعات الاولى من فجر اليوم امام مكتب حركة النهضة وسط العاصمة .

المصدر:العالم

اعتبر قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي الخامنئي في ندائه بمناسبة أيام الحج، إستمرار شوق القلوب المتحمسة للحضور في ضيافة بيت الله، بأنه اختبار عابر مشددا على ضرورة عدم التقليل من رسائل الحج، معتبراً المقاومة ضد القوى المعتدية، وخاصة أمريكا من ضمن هذه الرسائل الرفيعة.

وفي إشارة إلى مشاكل ومآسي العالم الإسلامي، وصف سماحته صعود عناصر المقاومة والصحوة ، خاصة في فلسطين واليمن والعراق بأنها من الحقائق الباعثة على الأمل للمنطقة الإسلامية، مؤكدا بالقول : الوعد الإلهي الصادق هو نصرة المجاهدين وأول آثار هذا الجهاد، صد أمريكا وباقي المتغطرسين عن التدخل والممارسات الشريرة في البلدان الإسلامية.

وفيما يلي نص نداء قائد الثورة الإسلامية المعظم:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

أيها الأخوة المسلمون.. أيتها الأخوات المسلمات في أنحاء العالم.

في هذا العام أيضًا حُرمت الأمة الإسلامية من نعمة الحج الكبرى، والقلوب المشتاقة، فقدت بحسرة وأسف ضيافة أقامها للناس الربّ الحكيم الرحيم.

هذه هي السنة الثانية التي تبدّل فيها موسم الحج بما فيه من بهجة وسرور معنويان إلى موسم حسرة وفراق، إذ إن بلاء الجائحة، ولربّما بلاء السياسات الحاكمة على أرض الحرمين الشريفين، قد حرم أعين المؤمنين التوّاقة من أن تشاهد رمز الوحدة للأمة الإسلامية وعظمتها ومعنويتها، وغطى هذه القمة العظيمة الشامخة بالضباب والغبار.

هذا اختبار مثل غيره من الاختبارات العابرة في تاريخ أمتنا الإسلامية، وربّما يُسفر عن غد مشرق بإذن الله تعالى.

من المهم أن يبقى الحج في تكوينه الحقيقي حيًا في قلب كل مسلم وروحه، وإن غاب موقتًا في إطاره المناسكي، فإن رسالته السامية ينبغي ألا تفقد بريقها.

الحج عبادة مليئة بالرموز والأسرار، وتركيبته الرائعة من حركة وسكون تبلور هوية الفرد المسلم والمجتمع المسلم، وتعرض أمام أعين العالم ما فيه من روعة وجمال. إنه من جهة يرتقي بقلوب العباد إلى عروج معنوي بالذكر والتضرّع والخشوع، فيقرّبهم من الله سبحانه، وهو من جهة أخرى وبما يفرضه من ملبس موحّد ومسیرة موحّدة وحركات متناسقة يوثّق الارتباط بين الإخوة القادمين من كل أنحاء العالم، ويعرض من جهة ثالثة بمناسكه المفعمة بالمعاني والأسرار أسمى رموز الأمة الإسلامية أمام أنظار العالم، كما يبين عزم الأمة وعظمتها أمام من لا يضمرون خيرًا لها.

لم يعد حج بيت الله الحرام متاحًا هذا العام، لكن المتاح هو التوجه نحو ربّ البيت والذكر والخشوع والتضرّع والاستغفار. إنّ الحضور في عرفات ليس ميسّرًا، لكن الدعاء والمناجاة التي تعمّق المعرفة في يوم عرفة ميسّرة للجميع. رمي الشيطان في منى غير ممكن، ولكن التصدي لشياطين الهيمنة وطردهم ممكن في كل مكان. الحضور الموحّد بالأجساد حول الكعبة غير متاح، لكن الحضور الموحّد للقلوب حول الآيات النيّرة للقرآن الكريم والاعتصام بحبل الله واجب دائم ومستمر.

نحن أتباع الرسالة الإسلامية بما نمتلكه من نسبة كبيرة من سكان العالم، وأصقاع مترامية، وثروات طبيعية طائلة، وشعوب حية ومستیقظة نستطيع أن نرسم المستقبل بهذا الكم الهائل من الرصيد والإمكانات. الشعوب المسلمة في الأعوام المائة والخمسين الأخيرة لم يكن لها دور في مصير بلدانها وحكوماتها وكانت تُدار تمامًا بسياسات البلدان المعتدية الغربية، وتعبث بها أطماع هذه البلدان وتدخلها وشرورها ما عدا بعض الاستثناءات المحدودة. إن التخلف العلمي والتبعية السياسية التي نراها اليوم في كثير من البلدان هي حصيلة ذلك الضعف والانفعال.

إن شعوبنا، وشبابنا، وعلماءنا الدينيين والأكاديميين، والمثقفين المدنيين والسياسيين والأحزاب والجمعيات يتحملون جميعهم مسؤولية النهوض ليتلافوا ما اعترى ماضينا من صفحات مخجلة خالية من أي افتخار، و«يقاوموا» تعنّت القوى الغربية وتدخلها وشرورها.

إن البيت القصيد في خطاب الجمهورية الإسلامية والذي يثير قلق عالم الاستكبار وغضبه هو الدعوة إلى المقاومة، وهي المقاومة بوجه تدخل أمريكا وشرورها، هي وغيرها من القوى المعتدية، حتى يمسك العالم الإسلامي بيده زمام أمور مستقبله مستندًا إلى تعاليم الإسلام ومعارفه.

من الطبيعي أن أمريكا ومن لفّ لفّها يتحسّسون من عنوان «المقاومة» ولذلك يواجهون «جبهة المقاومة الإسلامية» بأنواع العداء. وانسياق بعض حكومات المنطقة مع هؤلاء هو واقع مرّ يساعد بدوره على استمرار تلك الشرور.

الصراط المستقيم الذي ترسمه مناسك الحج بما تنطوي عليه من طواف وسعي ووقوف في عرفات ورمي الجمرات وشعائر وعظمة ووحدة، إنما هو التوكل على الله والتوجه نحو قدرته التي لا تزول والثقة الوطنية بالذات والإيمان بالسعي والمجاهدة، والعزم الراسخ على الحركة، والأمل الكبير بالنصر.

وقائع الساحة في المنطقة الإسلامية تزيد من هذا الأمل وتقوّي ذلك العزم. فمن جهة ما يعاني منه العالم الإسلامي من مصائب، والتخلف العلمي والتبعية السياسية، والوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي، كله يضعنا أمام واجب كبير ومجاهدة لا تعرف الكلل والملل. فلسطين المغتصبة تستنجدنا، واليمن المظلوم المضمّخ بالدماء يوجع قلوبنا، ومصائب أفغانستان تقلقنا جميعًا، والحوادث المرة في العراق وسوريا ولبنان وبعض البلدان الإسلامية الأخرى حيث يد شرور أمريكا وبطانتها مشهودة فيها، تثير غيرة الشباب وهممهم.

ومن جهة أخرى، نهوض عناصر «المقاومة» في هذه المنطقة الحساسة، ويقظة الشعوب، وهمّة جيل الشباب المفعم بالنشاط، يغمر القلوب بالأمل؛ فلسطين في كل ربوعها تسلّ «سيف القدس» من غمده؛ القدس وغزّة والضفة الغربية وأراضي 48 والمخيمات تنهض بأجمعها، وخلال اثني عشر يومًا تمرّغ أنف المعتدي بالتراب؛ اليمن المحاصر والوحيد يتحمل سبع سنين من الحرب والإجرام وقتل المظلومين على يد عدوّ شرور وقسيّ القلب، ومع وجود قحط الغذاء والدواء وإمكانات الحياة، لا يستسلم للظالمين، بل يجعلهم مذعورين بما يبديه من اقتدار وابتكار؛ وفي العراق تدحر عناصر «المقاومة» بلغة صريحة واضحة أمريكا المحتلة وصنيعتها "داعش" وتبدي عزمها الراسخ دون تلكّؤ لمواجهة أي نوع من التدخل والشرور من قبل أمريكا ومن لفّ لفها.

إن المحاولات الإعلامية الامريكية لتحريف ما يبديه الشباب الغيارى وعناصر المقاومة من عزم وإرادة ونشاط في العراق وسوريا ولبنان وبلدان أخرى، ومحاولة نسبة كل ذلك إلى إيران أو أية جهة أخرى، هي إهانة للشباب الشجاع اليقظ، وهي تدلّ على ضعف الأمريكيين في فهمهم ودركهم لشعوب هذه المنطقة.

هذا الفهم الخاطئ نفسه أدى إلى تحقير أمريكا في أفغانستان، إذ بعد الضجيج الذي أثارته لدى دخولها في هذا البلد قبل عشرين عامًا، وبعد أن شَهَرت السلاح وألقت القنابل وأضرمت النيران أمام الشعب الأعزل من المدنيين أحسّت أنها غرقت في مستنقع وأن عليها أن تخرج منه بقواتها وأجهزتها العسكرية. طبعًا على الشعب الأفغاني اليقظ أن يراقب الأجهزة الاستخباراتية وأسلحة الحرب الناعمة الأمريكية في بلده ويتصدى لها بوعي.

إن شعوب المنطقة أثبتت أنها يقظة وواعية وأنّ توجهها ومسيرها يفترق عن بعض الحكومات التي دفعها السعي لإرضاء أمريكا إلى أن ترضخ لإرادتها تجاه قضية فلسطين الحياتية؛ الحكومات التي تتزلف للكيان الغاصب الصهيوني سرًا وعلانية إنما هي تتنكر لحق الشعب الفلسطيني في وطنه التاريخي، وهذا يعني سرقة الحق الفلسطيني. إن هؤلاء لم يكتفوا بنهب الموارد الطبيعية لبلدانهم، فاتجهوا الآن إلى الإغارة على ثروات الشعب الفلسطيني.

أيها الإخوة والأخوات!

منطقتنا وحوادثها المتنوعة المتسارعة مسرح فيه الصبر والدروس. فيه الاقتدار الذي تخلقه المجاهدة والمقاومة بوجه المعتدي المتغطرس وفيه من جهة أخرى الذلة الناتجة عن التسليم وإظهار الضعف وتحمّل ما يفرضه المعتدي.

إن الوعد الإلهي الصادق يقضي بنصرة المجاهدين في سبيل الله: ( إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) وأول أثر لهذه المجاهدات غلق الأبواب أمام أمريكا وغيرها من المتعنتين الدوليين ومنعهم من التدخل وإثارة الشرور في البلدان الإسلامية إن شاء الله تعالى.

سلامًا وتحية لحضرة بقية الله أرواحنا فداه، وأسأل الله سبحانه أن يمنّ بالنصر على شعوبنا الإسلامية وأن يرفع درجات الإمام الخميني العظيم والشهداء الأبرار.

والسلام على عباد الله الصالحين

سيد علي الخامنئي
6 ذي الحجة 1442 هجرية قمرية

26 تير 1400 هجرية شمسية

17 تموز 2021م

 

الخميس, 22 تموز/يوليو 2021 14:27

كيف نحافظ على العلاقة الزوجية؟

هناك أسباب كثيرة لوقوع النزاعات بين الأزواج، ولكن يمكن أن نجمعها في أربعة عناوين رئيسيَّة:

1- عدم الالتزام بالشرع المقدس:
لقد وضع الله تعالى القوانين لتنظيم العلاقة الزوجية وجعلها على أفضل وجه بشكل يؤمن الحياة الزوجية السعيدة والموفقة، وعندما يتخلى الإنسان عن هذه الحدود الشرعية ويتجاوزها فإنه سيهدد الحياة الزوجية برمتها، من هنا كان لا بد من التعرف على الحقوق الزوجية وآداب العلاقة مع الزوج حتى تحصّل الحصانة التي تحمي بنيان الأسرة من التصدع.
 
2- الأخطاء: إن سوء التقدير الناشى عن الجهل بالطرف المقابل وخصوصياته وما يحب ويكره، أو عدم القدرة على الانسجام رغم المعرفة بالميول والخصوصيات، قد يتسبب أيضاً بالتشنج والوقوع بالأخطاء، فيشكل خطراً على الحياة الزوجية، لذلك فإن معرفة الطرف الآخر قد يساعد على تفهم التصرفات والمسلكية بشكل يساعد على الانسجام.
 
3- عدم الواقعية: إن التصورات الخاطئة أو الخيالية عن الحياة والمستقبل من المشاكل التي تعترض الأزواج، فإذا كان الشاب والفتاة يعيشان في عالم من الأحلام الوردية ويتصوران بأن المستقبل سيكون جنّة وارفة الظلال كما في القصص والروايات، ولكن وبعد أن يلجا دنياهما الجديدة، فيبحثان عن تلك الجنّة الموعودة فلا يعثرا عليها، فيلقي كل منهما اللوم على الآخر محمّلاً إياه مسؤولية ذلك، ويبدأ بذلك فصل النزاع المرير الذي يُفقد الحياة طعمها ومعناها، فكلٌ يتهم الآخر بالخداع، وكل منهما يلقي بالتبعة على شريكه، في حين أن بعض الأماني والآمال تبلغ من الخيال بحيث لا يمكن أن تحقق على أرض الواقع.
 
4- رتابة الحياة: من الأمور التي تساعد على الخلاف رتابة الحياة، والتي تحدث بعد فترة طويلة من البرنامج اليومي المتكرر، مما يُشعِرُ الزوجين بالملل، فيتفرغان لانتقاد بعضهما، وتظهر الخلافات، ولهذا ينبغي على الزوجين التجدد لبعضهما والظهور بصورة لافتة للنظر، وهذا ما يوصي به ديننا الحنيف، ومنه التجدد والتجمل من خلالِ اللباسِ والمظهرِ، وقد ورد في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته وهي الموافقة ليجتلب بها موافقتها ومحبتها وهواها، وحسن خلقه معها، واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها، وتوسعته عليها" ([1]).
وفي رواية أخرى عنه عليه السلام: "... وإظهار العشق له بالخلابة، والهيئة الحسنة لها في عينه"([2]).
 
كيف نتوقى فشل الزواج؟
إنّ من أهم الأمور التي تجعل الرجل والمرأة يتفاديا الفشل في العلاقة الزوجية:
 
أ- حسن الاختيار، قبل الزواج من الشريك للآخر، واعتماد المعايير التي ذكرناها في ذلك.
 
ب- حسن العشرة في الحياة الزوجية من الرجل للمرأة، وحسن التبعل للمرأة، وهو من خلال اعتبار كل من الزوجة والزوج للآخر نعمة من الله تعالى عليه، فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "ما استفاد المؤمن بعد تقوى اللَّه عز وجل خيراً له من زوجة صالحة"([3])، والنعمة عادة محل ابتلاء واختبار إما أن يحسن الإنسان فيها وإما أن يسيء، والنعمة لا تنفع ولا تستمر نافعة إلا إذا تعامل الإنسان معها بإيجابية وأدى ما عليه من واجبات للآخر، وإلا سيخسر كلا الطرفان إن أساءا المعاملة مع هذه النعمة الإلهية.
 
ج- أداء الحقوق الإلهية المتوجبة على كلا الزوجين للآخر.
 
د- تحصين العلاقة من التدخلات الخارجية، ومن التأثر السلبي بالمحيط.
 
فبمراعاة هذه الأمور يمكن الحفاظ على العلاقة الزوجية وجعلها سكنا ومستراحا ومحلا لتكامل الرجل والمرأة على حد سواء.
 
الزواج الناجح، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

([1]) ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1185.
([2]) ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1185.
([3]) ميزان الحكمة، ج2، ص1184.