emamian

emamian

الجمعة, 15 آذار/مارس 2024 07:27

عقبات في طريق تكاملنا خلال شهر رمضان

على الإنسان المؤمن خصوصاً أن يلتفت إلى أنه رغم أنّ الله أعاننا في شهر رمضان لنتزود منه للآخرة ما ينجينا ومن منازل القرب منه والأمن يدنينا، وبالرغم من تصفيد الشياطين وغلّها وحبسها عن الوسوسة في الصدور، إلا أنّ الواقع يشهد أنه ثمة عقبات تعترض طريق الإنسان نحو الكمال المنشود، وتعوق خطاه في مسالك التقدم والتطور، بل تعرقل مسيره وربما تشلُّ حركته ولا إخالُ أننا نحتاج إلى كثير جهد وتأمل لنرى ذلك في واقعنا وحياتنا.
 
فما هي أهمُّ الأمراض الموهنة لعزمنا، والمعوقة لخطونا وكيف يمكن علاجها؟
 
وعلى سبيل الإختصار نعرض لبعض هذه العقبات فيما يلي:


1- الإستسلام لليأس:
بمعنى أن يفقد الإنسان الأمل بإمكانية التغيُّر والتحسُّن، فيشعر بأنه مقهور أمام ضعف إرادته، وعيوب نفسه، وما يواجهه من عقبات ومشاقَّ في مسيره نحو التكامل، ذلك أنه من الطبيعي ولكون الإنسان في ظرف هو الدنيا وما يجاهده هو النفس وميولها والشياطين ووسوساتها أن يكون سلاح الشيطان الأفعل هو تيئيس الإنسان من إمكانية النجاح في تربية وتزكية النفس، وسلاحه في ذلك أمران ميل النفس إلى الراحة وأنسها بما تعوَّدت عليه، وكذلك الآلام والمصاعب التي يصادفها الإنسان في طريق تكامله والتي أخبرنا الله مسبَّقاً عنها بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾[1].
 
وهذا من الإعداد النفسي للإنسان باخباره عن صعوبة الولوج إلى ميدان التغيير على أنه ثمة مساعدات أخرى منها غلّ الشياطين في الشهر الشريف، أضف إلى الترغيب فيه خصوصاً في شهر رمضان من خلال مضاعفة الأجر فيه، "إنّ شهر رمضان شهر عظيم يضاعف الله فيه الحسنات، ويمحو فيه السيئات ويرفع فيه الدرجات"[2].
 
وثانياً: من خلال تسهيل وتهوين مشاقِّ العبادة وخصوصاً الصوم في شهر رمضان حيث قال عن مدة الصوم إنها: ﴿أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ﴾[3] ليلتفت من يرى المشقَّة والصعوبة في عبادات الشهر الشريف أن عليه أن يذهب للمقايسة بين هذه المشاقِّ والصعوبات وبين قِصَرِ المدة من جهة وعظيم الأثر والجوائز المترتبة عليه، فالإلتفات إلى هذه المقايسة يهوِّن المشاقَّ والصعوبات ويوجد دافعاً للعمل، فضلاً عن أنّ مضاعفة آثار الأعمال ونتائجها تُخرِجُ الإنسان من اليأس في إمكان تدارك التقصير ومعالجة ما فرَّط به واقترفه من آثام، فيغدو الشهر باباً يحصِّل الإنسان فيه صكَّ أمان من عواقب ما أسلف من آثام لكونه شهر التوبة، ولكونه تدريباً على تقوية الإرادة. فشهر رمضان يوفِّر الشعور لدى الإنسان بإمكانية التغيير ويشحذ الهمَّة للعمل فلا يتراجع أمام عقبات ومشاقِّ طريق التقدُّم والتطوُّر.
 
2ـ الغرور:
إنّ الإنسان قد يكون متخلفاً وفي زمرة المتخلفين، ويبقى كذلك ردحاً طويلاً من الزمن مأخوذاً بكل ما يلقيه في جُبِّ الغفلة ويُعمي بصيرته ويعطِّل قواه العاقلة عن رؤية حقيقة واقعه، بل قد يحسب نفسه في الطريق الصحيح فلا يفكر بأن يصوِّب مسيرته في حياته. وقد أوضح الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بعض هذه الآفات والأمراض حيث قال: "سُكْرُ الغفلة والغرور أبعد إفاقةً من سُكر الخمور"[4].
 
ذلك أنّ المغرور إنسان يتجمد على ما هو عليه من حال وواقع فلا يسعى للإصلاح إن كان على خطأ ولا للإستزادة إن كان على الجادة، ولذا فهو حقيقة وواقعاً فقير مسكين كما جاء عن الإمام الصادق عليه السلام: "المغرور في الدنيا مسكين"[5].
 
فالغرور مرض خطير يشلُّ طاقات الإنسان ويسوِّغ له جموده وتأخره ويغلق أمام بصيرته نوافذ الإشراف على آفاق التطور والتقدم والتغيير، فالغرور يقتل الشعور بالحاجة إلى التحسن والتطور.
 
ولذا نرى أنّ الإسلام جاء ليحثَّ على اغتنام فرصة الشهر الشريف إذ يفرض على المسلم سلوكيات تخرجه عن ما تعوده في حياته في غيره من الشهور، كما يحثّ على أن لا يقتصر هذا التغيير على الإمساك عن الطعام والشراب، بل جاءت خطبة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم لتقول للمسلمين إنّ على المسلم أن يضع خطة وخريطة ويرسم برنامجاً ليستفيد من شهر رمضان وبينت الكثير من خطوات ومراحل هذا البرنامج، العبادية، والإجتماعية، والمعرفية.
 
خاتمة: حذارِ من التغيُّر السلبي:
ومن الأمراض التي نجدها في زماننا الحاضر هو هذا الإنحراف الممنهج في التعامل مع شهر نزول الوحي، وشهر ليالي القدر، وربيع العبادة ليغدو شهر الكسل، وشهر النوم، وشهر المسلسلات والحفلات حفلات الطرب والرقص... والإختلاط السلبي... ولا أقلها من كونه عند البعض شهر شهوة البطن بالتفنن بألوان الطعام والمأكل والمشرب وغير ذلك مما لا تتسع له الصفحات هذه.
 
فبدل أن يكون شهر رمضان شهر النهوض والثورة على الواقع المنحرف يغدو شهراً للثورة ضد التغيير الإيجابي، شهراً يسير فيه الإنسان عكس طريق التكامل والرقي، فالإسلام يريد شهر رمضان شهراً ينتصر فيه الإنسان لبعده الملكوتي وجنبته الروحية فيما البعض يجعله شهراً للإنغماس في وهاد البهيمية والحيوانية والمادية، ولعلَّه لذلك لَفَتَ الله إلى مناسبة الصوم بكونه: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾[6].
 
والروايات ذكرت أنه فيه أنزلت الكتب السماوية الأخرى، القصد منه لفت نظر الناس والمسلمين خاصة إلى ملاءمته للبعد الروحي وهو الفترة المناسبة ليقوم الإنسان بالعناية ببعده الروحي بعد أن انكبَّ طيلة أحد عشر شهراً على البعد الحيواني، في الأغلب فهو شهر اختاره الله لإنزال رحمته وجعله ربيعاً للعبادة وموسماً للقرب منه، وهو شهر السياحة بالروح وعلى دابة الجسد في ميادين القرب منه تعالى.
 


[1] سورة الإنشقاق، الآية: 6.
[2] الأمالي، ص109.
[3] سورة البقرة، الآية: 184.
[4] ميزان الحكمة، للريشهري، ج2، ص1222.
[5] بحار الأنوار، ج69، ص319.
[6] سورة البقرة، الآية: 185.

الجمعة, 15 آذار/مارس 2024 06:49

حول مراقبات شهر رمضان

من الطبيعي أن نستلهم من خطبة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بعض الأمور التي تحتاج إلى مراقبة والتي نبّه عليها في خطبته الغرّاء، ونقف هنا عند بعضها:

1- الصلاة: وهي من أهمّ ما ينبغي الالتفات إليه ومراقبته، فيراقب خشوعه وتوجُّهه ومرتعاته أول وقتها فإنه أفضل الأوقات وطول سجوده واستغفاره في قنوتها، فهل بقيت صلاته على ما كانت عليه قبل دخول الشهر أم طرأ عليها بعض ما يرجوه من التحسن والارتقاء؟
 
ومن الصلاة التي يجب مراقبتها صلاة النافلة التي يتطوّع بها المرء والتي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ومن تطوّع فيه بصلاة كتب الله له براءة من النار، في حين أنّ العطاء الإلهيّ لم يشمل الفريضة كما شمل النافلة فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "ومن أدّى فيه فرضاً كان له ثواب منأدّى سبعين فريضة فيما سواه من الشّهور"[1].
 
لا شكّ أننا جميعاً نخطّط لأنفسنا أن يكون هذا الشهر متميِّزاً، ومختلفاً عن باقي أشُهر السنة، ولكن في مقام العمل، نرى أنه لا جديد. وهنا يجب أن ندرك أننا أمام مشكلة روحيّة يجب علاجها لأنّ ذلك بمثابة إنسان يجلس إلى مائدة شهيّة، ولكنّ نفسه لاتشتهي الطعام، وبالتالي، فإنه لا يستفيد من هذه المأدبة..
 
2- قراءة القرآن: ولا يخفى العلاقة الراسخة بين هذا الشهر وبين كتاب الله تعالى، فليراقب كلٌّ منا نفسه في قراءته للقرآن والتدبر في آياته وفهم معانيه وسبر أغواره وشرح مفرداته والعيش بين ثنايا درره اللامتناهية، طبعاً من الضروري أن لا تقتصر قراءة القرآن على خصوص هذا الشهر الكريم، لكن يجب في هذا الشهر أن لا تكون قراءة القرآن كغيره من الشهور.
 
إنّ العلاقة التكوينية الغيبية التي لا يمكننا إدراكها بعقولنا القاصرة هي التي حدَتْ بالرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ليقول: "ومن تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشّهور".
 
3- الدعاء: وهو من أهم ما أنعمه الله على العباد في هذا الشهر، فأغدق عليهم ما لم يغدقه في غيره من الشهور ووعدهم بالاستجابة والتلبية والعطاء كما جاء على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "وارفعوا إليه أيديكم بالدّعاء في أوقات صلاتكم‏ فإنها أفضل السّاعات، ينظر الله عزّ وجلّ فيها بالرّحمة إلى عباده، يجيبهم إذا ناجوه، ويلبّيهم إذا نادوه، ويعطيهم إذا سألوه، ويستجيب لهم إذا دعوه". فهل بعد هذا الوعد شكٌّ وريب أو شبهة أننا يجب أن نراقب أدعيتنا والإصرار على الطلب والسؤال والمناجاة بين يدي الله تعالى[2]؟
 
كان أحد العلماء الكبار ذوي الباع يقول: لماذا تقتصرون على دعاء رفع المصاحف - مثلاً - في ليلة القدر، حيث إنّ في دعاء رفع المصاحف "اللهمّ!.. إني أسألك بكتابك المنزَّل وما فيه وفيه اسمك الأعظم وأسماؤك الحسنى"[3] يقول: لماذا لا تلتجئون إلى رفع المصاحف في غير ليلة القدر، في كلّ وقتٍ يشعر الإنسان أنّ هناك إقبالاً عليه أن يغتنم هذه الفرصة.
 
4- الأعمال المستحبّة: ومن التعاليم المهمّة التي يعلّمنا إياها الإسلام في شهر رمضان هو بناء علاقة قوية مع النوافل والمستحبّات التي لو قارنها الإنسان بالفرائض لوجدها تفوقها بمئات المرّات، فلو كانت أموراً يصحّ الاستغناء عنها لما زخرت بهاكتب الأدعية والزيارات.
 
فالانسان الذي يواظب على قراءة القرآن والدعاء والتطوّع بالصلاة والإكثار من الصلاة على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وإفطار الصائمين والتصدّق وسواها من المستحبّات التي وردت في خطبة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم من شأنه أن تصبح علاقته بهذه النوافل قوية ويتنعّم بحلاوة هذه العبادة فيتمسّك بها ويحافظ عليها بعد شهر رمضان المبارك.
 
والمتأمّل في الروايات التي تتحدّث عن شهر رمضان يجدُها مستفيضة بالكلام عن قيام الليل وإحيائه، ومن المعلوم أنّ هذا القيام لا يتمّ إلا إذا كان ساحةً للمستحبّات والنوافل والإكثار من الذكر والتسبيح لله تعالى ممّا يدلّل على أهمية التنفّل في هذاالشهر الكريم.
 
فالنافلة تنقل الإنسان إلى مقامات القرب من الله والتنعّم بجواره المقدّس، ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشيبها[4].
 
والنوافل تستبطن صدق العبودية لله تعالى وتستبطن حرص الإنسان على واجباته وفرائضه لما ورد أنّ المستحبّات سياج الواجبات، فالحرص عليها حرص على سلامة الفرائض، فلعلّ الخوف من العذاب والفوز بالجنّة يدفعان المرء للقيام بفرائضه، لكن أيّ دافع يدفع المرء للقيام بالمستحبّات والنوافل الكثيرة سوى نية القرب وجمال المعبود؟ وأيّ حافزٍ يجعل المرء يترك فراشه ونومه وراحته ليقضي قسطاً من وقته مع خير الجالسين وأشدّهم أنساً سوى التقرّب والتحبّب وصدق العبودية واليقين بما فيخلوة النافلة من بركات وأنوار لا يعرف حقيقتها وطعمها إلا من تذوّقها حقاً؟
 
وعلى المرء أن يترصد قلبه دائماً ولا يضيّع فرصة إقباله، ففي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ للقلوب إقبالاً وإدباراً، فإذا أقبلت فتنفّلوا، وإذا أدبرت فعليكم بالفريضة"[5].
 


[1] الأمالي، ص 155.
[2] الأمالي، ص 154.
[3] الينابيع الفقهية، ج3، ص 148.
[4] كنز العمال، ج 7، ص 770.
[5] الكافي، ج3، ص 454.

ان الوحدات الايرانية والصينية والروسية المشاركة في مناورات الحزام الأمني ​​البحري المشترك 2024   انهت اليوم الخميس تدريباتها  في شمال المحيط الهندي .

وقد انطلقت المرحلة الرئيسية من مناورات الحزام الأمني ​​البحري المشترك 2024 يوم الثلاثاء الماضي بمشاركة إيران والصين وروسيا في شمال المحيط الهندي.

وشاركت في هذه المناورات الوحدات العائمة والطيران التابعة لبحرية الجمهورية الإسلامية الإيرانية والوحدات العائمة للصين وروسيا، كما شارك في هذه المناورات مندوبون من دول عمان وأذربيجان وكازاخستان وباكستان وجنوب أفريقيا.

والغرض من إجراء هذه المناورات هو ترسيخ الأمن ومرتكزاته في المنطقة وتوسيع التعاون المتعدد الأطراف بين الدول المشاركة وإظهار حسن النية وقدرة هذه الدول في اتجاه الدعم المشترك للسلام العالمي والأمن البحري وخلق مجتمع بحري ذو مستقبل مشترك.

وتشمل الأهداف الأخرى لهذه المناورات تعزيز أمن التجارة البحرية الدولية، ومكافحة القرصنة والإرهاب البحري، والإجراءات الإنسانية، وتبادل المعلومات في مجال الإنقاذ البحري، وتبادل الخبرات العملياتية والتكتيكية.

أعلنت القوات المسلحة اليمنية، استهداف سفينة أمريكية في البحرِ الأحمرِ بعدد من الصواريخ البحرية المناسبة.

وأوضحت القوات المسلحة في بيان صادر عنها اليوم، أن القواتُ البحريةُ نفذت عملية الاستهداف للسفينةِPinocchio) ) وكانتِ الإصابةُ دقيقةً، وذلك انتصاراً لمظلوميةِ الشعبِ الفلسطينيِّ وضمنَ الردِّ على العدوانِ الأمريكيِّ البريطانيِّ على بلدِنا.

وأكدت استمرارَها في منعِ الملاحةِ الإسرائيليةِ أوِ المتجهةِ إلى موانئِ فلسطينَ المحتلةِ في البحرينِ الأحمرِ والعربيِّ حتى وقفِ العدوانِ ورفعِ الحصارِ عنِ الشعبِ الفلسطينيِّ في قطاعِ غزة.

كما أكدت القواتُ المسلحةُ اليمنيةُ أنَّ عملياتِها العسكريةَ سوفَ تتصاعدُ بعونِ اللهِ تعالى خلالَ شهرِ رمضانَ شهرِ الجهادِ نصرةً ودعماً وإسناداً للشعبِ الفلسطينيِّ المظلومِ ولإخوانِنا المجاهدينَ في قطاعِ غزة.

أكد رئيس جنوب أفريقيا "سيريل رامافوزا"، أن إسرائيل لا تنفذ قرارات التدابير الاحترازية التي أصدرتها محكمة العدل الدولية، في إطار قضية الإبادة الجماعية المرفوعة ضد الكيان الصهيوني في المحكمة.

وقال رامافوزا في تصريحات صحفية إن «إسرائيل لم تمتثل للأمر الصادر عن المحكمة، ولذلك وجدنا أنه من المناسب التقدم بطلب عاجل إليها لحل المشاكل في منطقة رفح التي قُتل فيها أكثر من 100 شخص».

وطالب محكمة العدل الدولية بأن تتخذ قرارا آخر بشأن كيفية التعامل مع هذه القضية وسبل منع وقوع انتهاكات جديدة.

وأضاف أن هناك قضية أخرى مثيرة للقلق، وهي أن الناس في غزة، أصبحوا يموتون من الجوع، كما حذرت العديد من المنظمات.

وتجدر الإشارة إلى أنّ محكمة العدل الدولية كانت قد أصدرت قرارها في 26 كانون الثاني/يناير الماضي، بشأن دعوى جنوب أفريقيا ضد الكيان الصهيوني، والذي طالبت فيه الاحتلال بـ"اتخاذ إجراءات من أجل منع الإبادة الجماعية في غزة.

قال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله " غزة ما زالت تقاوم بشجاعة وبصلابة وتصمد عبر مقاومتها وشعبها وهو صمود أقرب الى المعجزة"، وتابع "هذا الصمود أذهل الكثير في هذا العالم وجعلهم يسألون بأي ثقافة يؤمنون، هذه هي ثقافة القرآن الكريم".

ولفت السيد نصر الله في كلمة له خلال افتتاح الامسيات القرآنية الرمضانية مساء الاربعاء الى ان هناك خسارات استراتيجية فيما يجري بغزة منذ 7 تشرين الاول/اكتوبر،وقال " العدو خسر الحرب حتى ولو ذهب الى رفح لانه لم يقدم مشهد نصر ولم يحقق أي هدف من الاهداف التي اعلن عنها"، وتابع "واحدة من علامة النصر للمقاومة والهزيمة للعدو الاسرائيلي، ان اول هدف اعلنه العدو هو القضاء على حرك حماس ونحن اليوم في الشهر السادس من تفاوضون؟ حماس، القطري والمصري مع من يجلس بالنيابة عن الاميركي والاسرائيلي: حماس التي تفاوض عن كل المقاومة الفلسطينية وعن كل جبهات المقاومة"، واشار الى ان "هذا يؤكد ان حماس ما زالت قوية وقادرة وهي ترفض وتقول لا وتضع الشروط".

وقال السيد نصر الله "المطلوب منا الصبر لأن هذا الامتحان له تداعيات من نقص في الأموال والأنفس"، وتابع "من البلاءات التي تواجهها أمتنا هو إقامة الشياطين الكبار لهذا الكيان الغاصب في فلسطين المحتلة وفي هذا الامتحان مسؤوليتنا أن نقاوم هذا الكيان".

واضاف "الشهداء في مسيرة المقاومة تزيدها عنفوانا وحضورا وقوة”، وأكد “نجد عند عوائل الشهداء تسليما ورضا وشموخا وهذا ما نراه يوميا في غزة والضفة ولبنان والعراق"، ولفت الى ان "إقبال الشباب على الجهاد هي ثقافة إيمانية قرآنية ونرى ذلك في عشقهم للشهادة وما يُنشر في وصاياهم"، واعتبر ان "إسناد غزّة ليس فقط بالقتال والمال وكذلك بالدعاء خصوصا في هذه الأيام التي نشهد المجازر التي يرتكبها العدوّ بحق أهالي غزّة وسط صمت العالم".

ولفت السيد نصر الله الى ان "موقف المقاومة اليوم في غزة عندما تصر على وقف نهائي للعدوان هو الموقف الانساني الجهادي والصحيح مئة في المئة"، واشار الى ان "الفصائل مجمعة واعتقد ان اهل غزة مجمعون على وقف العدوان".

وشدد السيد نصر الله على "النفاق الاميركي في موضوع غزة"، وقال "هل هناك من يصدق ان الرئيس الاميركي بايدن لا يمكنه ان يوقف الحرب على غزة بل هو قادر بشخطة قلم ان يوقف العدوان على غزة، سواء في مجلس الامن او في غيره"، وتابع "ما يجري من رمي بعض المساعدات على غزة هو ليس فقط نفاق وانما ايضا غباء اميركي"، واضاف "المطلوب من الادارة الاميركية هو وقف العدوان على غزة".

وعن جبهة الجنوب، قال السيد نصر الله "الجبهة في الجنوب تؤدي دورها في الضغط على العدو الاسرائيلي"، وتابع "نؤكد من جبهتنا اللبنانية وقوفنا الى جانب مقاومة واهل غزة وقيادة حماس وان هذه شروط طبيعية وانسانية والقرار لكم وجبهة المساندة ستبقى في موقع المساندة ايا يكن الوقت".

واكد انه "في الجبهة الشمالية تكتم شديد على الخسائر والاليات والقتلى والجرحى"، واشار الى ان "وزير حرب العدو ورئيس الاركان قالا إن جنود الجيش الاسرائيلي يقاتلون في غزة والجبهة الشمالية ويتكبدون اثمانا باهظة".

ورأى السيد نصر الله ان "الخيار الطبيعي والمنطقي الظفر لمن يصبر ويتحمل والامر يحتاج الى بعض الوقت ومجتمع العدو بدأت مظاهر التعب عليه وجيشه وسياسيوه تعبوا والمشكل الداخلي كبير"، ولفت الى ان "جزءا اساسيا من اقتصاد الكيان في المنطقة الشمالية وهذا له تاثير كبير على اقتصاد العدو"، واكد "اليوم الجيش الاسرائيلي مستنزف في غزة والجبهة الشمالية والضفة الغربية".

المصدر: موقع المنار

ان سماحة قائد الثورة الإسلامية أكد اليوم الثلاثاء في كلمة له القاها خلال جلسة تلاوة للقرآن الكريم بحضور عدد من القرآء والحفظة والأساتذة المتميزين والناشطين في حسينية الإمام الخميني (رض) بالعاصمة طهران، ان المقاومة الفلسطينية صامدة باقتدار ومرغت أنف الصهاينة بالتراب.

ولفت سماحته الى إن القرآن الكريم استطاع ان يظهر ذروة الإستقامة في غزة للعالم، مضيفا "ان هناك دول في العالم الإسلامي تقدم دعما لأعداء الشعب الفلسطيني المظلوم، إن شاء الله سترتد هذه الخيانة عليهم".

وأشاد قائد الثورة بالمقاطع التي عُرضت عن تلاوة فتيان من قطاع غزّة للقرآن الكريم، مبينا ان قمّة الصمود الذي نشهده في غزّة اليوم هو نتيجة فهم القرآن والعمل به.

واشار سماحته  الى المجازر التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحث المدنيين في غزة  وقال: تعسا للحضارة التي يدعونها وهم يقتلون الأطفال الرضع  مشددا في الوقت نفسه على ان مقاومة الفلسطينية في غزة جعلت العدو يعجز عن النيل منها.

ولفت سماحته الى ان المقاومين والمجاهدين الفلسطينيين أرسلوا الينا رسالة تقول لا تقلقوا علينا فإننا لا زلنا نمتلك أكثر من 90 بالمائة من الطاقات.

واعتبر قائد الثورة الجرائم غير المسبوقة في غزّة، من قبيل قتل الأطفال والرضع جوعاً وعطشاً، بالفضيحة لحضارة الغرب، مبينا أنّه على الرغم من امتلاك الإسرائيليين كل أنواع الأسلحة والمساعدات من أمريكا والغرب، لكن صبر أهالي غزّة المنقطع النظير وصمود مجاهدي المقاومة، لم يتمكّن العدو من تحقيق أهدافه.

وقال : من الواجب الديني للعالم الإسلامي ان يقدم المساعدة للشعب الفلسطيني بكل ما يستطيع.

الثلاثاء, 05 آذار/مارس 2024 13:47

المهدوية في آخر الزمان‏

يرى الإلهي أنّ‏ الأمور ستشتدُّ وتسوء، ولكن لا تكون النهاية هي الفناء مباشرة، بل ليس بعد الشدَّة إلا الرخاء وليس بعد العسر إلا اليسر، فلا بدَّ أن يظهر المخلص والمنقذ للبشريَّة ويملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا، وكما كان يرسل الله الأنبياء عليهم السلام في محتلك الظروف لهداية وإنقاذ الناس من الهلاك، سيرسل المخلص للأرض من أيدي المجرمين والقتلة، فلا يلمع البرق إلا في مدلهَّمات الغيوم، وهذه هي فكرة المهدويّة التي يعتقد بها الشيعة، فهم يعتقدون بظهور إمام عادل من ذرية النبي الأكرم صلى الله عليه وآله يخلص البشرية كلها لا المسلمين فقط، ويحكم بالعدل بين الناس، ويملأ الخير والسعادة والهناء كلّ‏ أرجاء المعمورة، ﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا...﴾([1]).

وهو ذلك اليوم الذي يذكره الحديث:

"إذا قام القائم حكم بالعدل، وارتفع في أيامه الجور، وأمنت به السبل، وأخرجت الأرض بركاتها، ورد كلّ حق إلى أهله، ولم يبق أهل دين حتى يظهروا الإسلام ويعترفوا بالإيمان، أما سمعت الله سبحانه يقول: ﴿... وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾([2]). وحكم بين الناس بحكم داوود وحكم محمد صلى الله عليه وآله فحينئذٍ تظهر الأرض كنوزها وتبدي بركاتها، ولا يجد الرجل منكم يومئذٍ موضعا لصدقته ولا لبرِّه، لشمول الغنى جميع المؤمنين... وهو قوله تعالى: ﴿... وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾"([3]) ([4]).

وعن مستقبل العالم يتحدث أمير المؤمنين عليه السلام: "حتى تقوم الحرب بكم على ساق، باديا نواجذها، مملوءة أخلافها، حلوا رضاعها، علقما عاقبتها، ألا وفي غدٍ وسيأتي غدٌ بما لا تعرفون يأخذ الوالي من غيرها عمالها، على مساوي أعمالها، وتخرج الأرض له أفاليذ كبدها، وتلقي إليه سلما مقاليدها، فيريكم كيف عدل السيرة، ويحيي ميت الكتاب والسنة"([5]).

فالإمام عليه السلام يشير إلى مستقبل رهيب قاتم، لكنَّه يبشِّر بفجر ناصع بعد ليل بهيم، وبهذا الاعتقاد تزول كلّ‏ المخاوف ويعيش الإنسان الإلهي الطمأنينة والراحة، نعم إنه وعد إلهي: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾([6]).

فللإيمان بالغيب تأثير عملي على الإنسان وسلوكه في الحياة.

الخلاصة:
الإمداد الغيبي في هذه الحياة على أنواع، منها ما هو فردي ومنها ما هو اجتماعي، فقد يمنّ‏ الله بالنصر وقد يمنّ‏ بالهداية وقد يمنّ‏ بالإلهام على بعض الأشخاص، وقد يمنّ‏ على الأمة قاطبة بالإنقاذ من الضلال، ولكن كلّ ذلك لا يكون عبثا ومن دون أيّ‏ شرط، بل لا بدَّ من العمل والنصرة وأن يكون ذلك لله وفي الله.

وهناك فروق بين الإنسان المادي والإنسان الإلهي الذي يؤمن بالغيب، منها أن نفس هذا الإيمان يخلق انعكاسا عمليا يظهر بصورة طمأنينة وارتياح ونظرة تفاؤليَّة للعالَم، فالعالم يسير بحسب الظواهر الطبيعية نحو الدمار الشامل إلا أنّ‏ المؤمن بتعاليم الأنبياء وبالغيب يؤمن بالإمداد الغيبي وأنّ‏ بعد الشدة الرخاء، وسيحكم العالَم بالعدل المؤمنون الصالحون، وعدا من ربّ‏ العالمين.
 


([1]) الزمر:69.
([2]) آل عمران:83.
([3]) الأعراف:128.
([4]) بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج‏52، ص‏339، وروضة الواعظين، للفتّال النيسابوري، ص‏265.
([5]) نهج البلاغة، من خطبة له عليه السلام يومي فيها إلى ذكر الملاحم، ج‏2، الخطبة 136، تحقيق الشيخ محمد عبدو.
([6]) الأنبياء:105.

الثلاثاء, 05 آذار/مارس 2024 13:45

كيف يحصل الزُّهد في قلب الإنسان؟

يحصل الزهد في قلب الإنسان من خلال أمور منها:
 
1- ذكر الموت‏

 
فإن ذكر الموت، الذي هو عبارة عن تسخيف كل ما هو من متاع الدنيا لأن ما بها من نعم كالمال فإنه إما زائل أو منتقل للورثة، والأزواج إما أن تموت قبلنا أو نموت قبلها فتتزوج من غيرنا لتستمر الحياة وهكذا كل متاع الدنيا فهو متروك من الإنسان عند الموت، والموت كما سماه أمير المؤمنين عليه السلام هادم اللذات من الأمور التي تجعل الدنيا حقيرة في نفس الإنسان وبالتالي يخرج حبها من القلب عند تذكره باستمرار وفي الروايات الشريفة ما يدل على هذا المعنى فقد قال أبو عبيدة للإمام الباقر عليه السلام: حدثني بما أنتفع به فقال: "يا أبا عبيدة أكثر ذكر الموت، فإنه لم يكثر إنسان ذكر الموت إلا زهد في الدنيا"([1]).
 
2- التفكر
 
فالتفكر في حال الدنيا والآخرة، وما فيهما من الباقي والفاني، وإجراء بعض الحسابات النفسية لما يدّعيه الإنسان من محبة الله تعالى، تجعله يصل إلى النتيجة المطلوبة وهي الزهد ففي الراوية عن جابر قال: دخلت على الإمام الباقر عليه السلام فقال: "يا جابر والله إني لمحزون، وإني لمشغول القلب، قلت: جعلت فداك وما شغلك؟ وما حزن قلبك؟ فقال: يا جابر إنه من دخل قلبه صافي خالص دين الله شغل قلبه عما سواه، يا جابر ما الدنيا وما عسى أن تكون الدنيا هل هي إلا طعام أكلته أو ثوب لبسته أو امرأة أصبتها؟!. يا جابر إن المؤمنين لم يطمئنوا إلى الدنيا ببقائهم فيها ولم يأمنوا قدومهم الآخرة، يا جابر الآخرة دار قرار، والدنيا دار فناء وزوال ولكن أهل الدنيا أهل غفلة وكأن المؤمنين هم الفقهاء أهل فكرة وعبرة، لم يصمّهم عن ذكر الله جل اسمه ما سمعوا بآذانهم، ولم يعمهم عن ذكر الله ما رأوا من الزينة بأعينهم ففازوا بثواب الآخرة، كما فازوا بذلك العلم. واعلم يا جابر أن أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤونة وأكثرهم لك معونة، تذكر فيعينونك وإن نسيت ذكروك، قوالون بأمر الله قوامون على أمر الله، قطعوا محبتهم بمحبة ربهم ووحشوا الدنيا لطاعة مليكهم ونظروا إلى الله عز وجل وإلى محبته بقلوبهم وعلموا أن ذلك هو المنظور إليه، لعظيم شأنه، فأنزل الدنيا كمنزل نزلته ثم ارتحلت عنه، أو كمال وجدته في منامك فاستيقظت وليس معك منه شي‏ء، إني (إنما) ضربت لك هذا مثلا، لأنها عند أهل اللب والعلم بالله كفي‏ء الظلال، يا جابر فاحفظ ما استرعاك الله عزَّ وجلّ‏ من دينه وحكمته ولا تسألن عما لك عنده إلا ما له عند نفسك..."([2]).
 


([1]) الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص132.
([2]) وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي، ج61، ص17.

يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): "فمِنْ علامةِ أحدِهِمْ أنّك ترى لهُ قُوّة فِي دِين، وحزْما فِي لِين، وإِيمانا فِي يقِين، وحِرْصا فِي عِلْم، وعِلْما فِي حِلْم، وقصْدا فِي غِنى، وخُشُوعا فِي عِبادة، وتجمُّلا فِي فاقة، وصبْرا فِي شِدّة، وطلبا فِي حلال، ونشاطا فِي هُدى، وتحرُّجا عنْ طمع. يعْملُ الأعْمال الصّالِحة وهُو على وجل، يُمْسِي وهمُّهُ الشُّكْرُ، ويُصْبِحُ وهمُّهُ الذِّكْرُ، يبِيتُ حذِرا، ويُصْبِحُ فرِحا، حذِرا لمّا حُذِّر مِن الْغفْلةِ، وفرِحا بِما أصاب مِن الْفضْلِ والرّحْمةِ".
 
هناك علامات ذكرها الإمام عليه السلام للمتقين، تدل عليهم ويعرفون بها، فما هي تلك العلامات، وما هي حدودها ودلالاتها؟
 
قوة فى دين
"فمن علامة أحدهم أنك ترى له قوّة فى دين" فتراه ثابتا في دنيه، قويا يقاوم وساوس شياطين الجن والإنس، لا يؤثّر فيه تشكيك المشكك ولا ينخدع بخداع المنحرفين.

وعن الإمام الصادق عليه السلام: "المؤمن أشد من الجبل والجبل يستقل منه بالفأس والمؤمن لايستقل على دينه"([1]).
 
وحزما في لين
الحزم لا يعني العدائية. والسلوك الحازم ليس عدوانيا ولا توبيخيا ولا تهديديا ولا قاسيا ولا تهكميا. الحزم يختلف عن العدوانية، فأنت بالدفاع عن نفسك وإثبات وجودك لا تعتدي على حقوق الآخرين. الحزم يعني أن توصل ما تريد قوله إلى الآخرين بطريقة واضحة، مع احترام حقوقك ومشاعرك وحقوق الآخرين ومشاعرهم.
 
الحزم في الأمور الدنيويّة والدينيّة والتثبّت فيها ممزوجا باللين للخلق وعدم الفظاظة عليهم وهي فضيلة العدل في المعاملة مع الخلق واللين قد يكون للتواضع المطلوب بقوله تعالى: ﴿واخْفِضْ جناحك لِمنِ اتّبعك مِن المُوْمِنين﴾([2]). وقد يكون من مهانة وضعف يقين، والأوّل هو المطلوب وهو المقارن للحزم في الدين ومصالح النفس والثاني رذيلة مخالف للحزم.
 
وإيمانا في يقين
عن الإمام الرضا عليه السّلام: "إنّما هو الإسلام والإيمان فوقه بدرجة والتقوى فوق الإيمان بدرجة، واليقين فوق التقوى بدرجة، ولم يقسّم بين النّاس شي‏ء أقلّ من اليقين، قال: قلت: فأي شي‏ء اليقين؟ قال: التوكّل على اللّه والتسليم للّه، والرّضا بقضاء اللّه، والتفويض إلى اللّه"([3]).

فالمسلمون درجات في تدينهم يبدؤون بالإسلام ليصلوا إلى اليقين، واليقين هو الذي لا يساوره شك ولا تردد.
 
حرصا في علم
حرصا في طلب العلم النّافع فى الآخرة والازدياد منه.

وقد قص الله علينا قصة موسى عليه السلام، كيف سافر في البحر وتحمل المشاق لكي يتعلم بعض المسائل من الخضر عليه السلام فقال: ﴿هلْ أتّبِعُك على أن تُعلِّمنِ مِمّا عُلِّمْت رُشْدا﴾([4]).

والنبي صلي الله عليه وآله وسلم قال: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين"([5]) فإنه لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ويقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿قُلْ هذِهِ سبِيلِي أدْعُو إِلى اللّهِ على بصِيرةٍ أنا ومنِ اتّبعنِي﴾([6]) فإن العلم نور وهداية والجهل ظلمة وضلالة وإنه مع الإيمان رفعة في الدنيا والآخرة....
 
وقصدا في غنى
القصد في الغنى وهو فضيلة العدل في استعمال متاع الدنيا بحيث لا يقع في الإسراف أو التبذير.

فهو مع غناه مقتصد فى حركاته وسكناته ومصارف ماله بل جميع أفعاله يعنى أنّ غناه لم يوجب طغيانه وخروجه عن القصد وتجاوزه عن الحدّ كما قال تعالى: ﴿كلّا إِنّ الْإِنسان ليطْغى* أنْ رآهُ اسْتغْنى﴾([7])
 
وخشوعا في عبادة
وقد وصف اللّه المؤمنين بذلك في قوله ﴿الّذِين هُمْ فِي صلاتِهِمْ خاشِعُون﴾([8]) قال في مجمع البيان أي خاضعون متواضعون متذلّلون لا يدفعون أبصارهم عن مواضع سجودهم ولا يلتفتون يمينا وشمالا.
 
وروي أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم رأى رجلا يعبث بلحيته في صلاته فقال: "أما انّه لوخشع قلبه لخشعت جوارحه"([9]).
 
وفي هذا دلالة على أنّ الخشوع في الصّلاة يكون بالقلب ويظهر على الجوارح، فأمّا بالقلب فهو أن يفرغ قلبه بجميع الهمّة لها والإعراض عمّا سواها فلا يكون فيه غير العبادة والمعبود، وأمّا بالجوارح فهو غضّ البصر والإقبال عليها وترك الالتفات والعبث.
 
وتجمّلا في فاقة
يتعفّف ولا يظهر الحاجة في حال فقره، ويترك السّؤال ويستر ما هو عليه من الفقر.

وقد مدح اللّه سبحانه أصحاب هذه الصفة بذلك في قوله ﴿لِلْفُقراءِ الّذِين أُحْصِرُوا فِي سبِيلِ اللّهِ لا يسْتطِيعُون ضرْبا فِي الْأرْضِ يحْسبُهُمُ الْجاهِلُ أغْنِياء مِن التّعفُّفِ تعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يسْألون النّاس إِلْحافا وما تُنْفِقُوا مِنْ خيْرٍ فإِنّ اللّه بِهِ علِيمٌ﴾([10]).
 
وكانوا نحوا من أربعمائة من فقراء المهاجرين يسكنون صفّة مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يستغرقون أو قاتهم بالتعلّم والعبادة وكانوا يخرجون في كلّ سريّة يبعثها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يظنّهم الجاهل بحالهم وباطن أمورهم أغنياء من التعفّف أي من أجل التعفّف والامتناع من السّؤال والتجمّل فى اللّباس والسّتر لما هم عليه من الفقر وسوء الحال طلبا لرضوان اللّه وجزيل ثوابه تعرفهم بسيماهم بما يرى فيهم من علامة الفقر من رثاثة الحال وصفرة الوجه.
 
وطلبا فى حلال
قال الله تعالى ﴿يا أيُّها الرُّسُلُ كُلُوا مِن الطّيِّباتِ واعْملُوا صالِحا إِنِّي بِما تعْملُون علِيمٌ﴾([11]).

وقد حث الشرع الحنيف إلى طلب الحلال وترك الحرام، والتقي هو الذي يطلب الرّزق من الحلال ويقتصر عليه ولا يطلبه من الحرام.

وفي رواية أخرى عنه صلى الله عليه وآله وسلم:ِ "العبادة سبعون جزءا، وأفضلها جزءا طلب الحلال"([12]).

روى في الوسائل عن الكلينىّ بإسناده عن أبى حمزة الثمالي عن أبى جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في حجة الوداع: "ألا إنّ الرّوح الأمين نفث في روعي أنه لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتّقوا اللّه وأجملوا فى الطلب ولا يخفنكم استبطاء شي‏ء من الرّزق أن تطلبوه بمعصية اللّه، فإنّ اللّه تبارك وتعالى قسّم الأرزاق بين خلقه حلالا ولم يقسّمها حراما، فمن اتّقى وصبر آتاه اللّه برزقه من حلّه ومن هتك... وعجل فأخذه من غير حلّه قصّ به من رزقه الحلال وحوسب عليه يوم القيامة".
 
نشاطا في هدى
فيكون سلوكه لسبيل اللّه وإتيانه بالعبادات المشروعة الموصلة إلى رضوان اللّه سبحانه بطيب النفس وعلى وجه الخفّة والسهولة لا عن الكسل والتغافل، وذلك ينشأ عن قوّة اليقين فيما وعد اللّه المتّقين من الجزاء الجميل والأجر العظيم.
 
تحرجا عن طمع
في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين عليه السلام: "أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع"([13])، وعنه عليه السلام: "أزرى بنفسه من استشعر الطمع، ورضي بالذل من كشف عن ضره، وهانت عليه نفسه من أمّر عليها لسانه" ([14]).

واستشعار الطمع بمعنى اتخاذه دينا له وديدنا بحيث لا يلتزم بشيء إلا على أساس منفعته الخاصة. ومن كان كذلك فقد حقّر نفسه لأن الإنسان يقاس بأهدافه وأمانيه.
 
فلا يطمع المؤمن بما في أيدي الناس لعلمه بأنه من الرذائل النفسية ومنشأ المفاسد العظيمة، لأنه يورث الذل والاستخفاف والحقد والحسد والعداوة والغيبة وظهور الفضايح والمداهنة لأهل المعاصي وترك التوكل على الله والتضرع إليه، وعدم الرضا بقسمه... ومن هنا نلاحظ الرواية عن الإمام علي بن الحسين عليه السلام: "رأيت الخير كلّه قد اجتمع في قطع الطمع مما في أيدي الناس"([15]).

وقد سأل أحدهم الإمام الصادق عليه السلام عن الذي يثبت الإيمان، فقال عليه السلام: " الورع" وسأله عن الذي يخرجه منه، قال عليه السلام: "الطمع"([16]).
 


([1]) صفات الشيعة، الشخ الصدوق، ص32 ح47.
([2]) الشعراء: 115.
([3]) المجلسي- محمد باقر- بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء، الطبعة الثانية المصححة- ج67 ص138.
([4]) الكهف:66.
([5]) المجلسي- محمد باقر- بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء، الطبعة الثانية المصححة- ج1 ص177.
([6]) يوسف:108.
([7]) العلق:6-7.
([8]) المؤمنون:2.
([9]) الطبرسي- المحقق النوري- مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل- مؤسسة أهل البيت لإحياء التراث- الطبعة الأولى- ج5 ص417.
([10]) البقرة: 273.
([11]) المؤمنون: 51.
([12]) الصدوق- معاني الأخبار- مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة، ص367 ح1.
([13]) نهج البلاغة، الكلمات القصار، ص219.
([14]) نهج البلاغة، الكلمات القصار، ص2.
([15]) الشيخ الكليني - الكافي- دار الكتب الإسلامية، آخوندي- الطبعة الثالثة- ج2 ص148.
([16]) الشيخ الكليني - الكافي- دار الكتب الإسلامية، آخوندي- الطبعة الثالثة- ج2 ص320.