emamian

emamian

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مسؤولي البلاد وسفراء الدول الإسلاميّة، بتاريخ 10/04/2024م.

بسم الله الرحمن الرحيم[1]

والحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى محمّد، وعلى آله الطّيّبين الطّاهرين المعصومين الهداة المنتجبين، [ولا] سيّما بقية الله في الأرضين.


أبارك هذا العيد السّعيد لجميع الحاضرين الموقّرين - مسؤولي مختلف أجهزة البلاد المحترمين - وللشعب الإيراني قاطبة. وكذلك أبارك للضيوف الحاضرين هنا - سفراء الدول الإسلاميّة - ولجميع الشعوب المسلمة. نأمل أن يكون هذا العيد، إن شاء الله، عيداً بالمعنى الحقيقي للكلمة ومدعاةً سرور، ومدعاةً بركةٍ الأمّة الإسلاميّة جمعاء.

أرى لزاماً في البداية أن أشير مرة أخرى إلى أجواء شهر رمضان المعنويّة الممتازة في بلادنا. والتشديد هو على هذا، وهو أن نُقدّر ونحافظ على هذه الأجواء الروحانيّة. محافل الدعاء والتضرّع وصلوات الجماعة هذه، وهذه المساجد العامرة، والمساعدات الإيمانية التي يُقدّمها النّاس، ومراسم الإفطار في المساجد وفي الشوارع؛ أي إنّ الشعب أظهر تألقاً بحقّ في شهر رمضان هذا سواء من الناحية المعنويّة، بتلاوة القرآن و[غيره]، أو من الناحية الاجتماعية، عبر المساعدات وحل مشكلات الناس ومساعدة المحرومين و[ما شابه]، أو من الناحية السياسية؛ هذه المسيرات التي انطلقت في يوم القدس العالمي كانت خطوة سياسية دولية مذهلة. أين يمكن العثور على مثل ذلك؟ لقد كان يوم القدس في البلاد - كما أفادنا أشخاص مطّلعون ومختصّون - صرخة هدّراة عامة بكلّ ما للكلمة من معنى. كانت الجموع الحاشدة أكبر مقارنة بالسنوات السابقة. وهذه أمور تستحق الشكر حقاً. أتقدم - أنا العبد الحقير - بالشكر الجزيل من شعبنا العزيز على الريادة والتقدّم في جميع هذه المجالات المختلفة.

لكن الشكر باللسان لا يكفي. أنتم أيّها الإخوة والأخوات الأعزاء الحاضرون هنا، أغلبكم مسؤولو الأجهزة المختلفة - سواء الأجهزة الحكومية، أو ما يتعلق منها بالسلطة القضائية، أو بالسلطة التشريعيّة، أو بالحوزويين والتبليغ الديني، أو ما يتعلق منها بالشؤون العسكريّة - أنتم الحاضرين المحترمين، أغلبكم مسؤولو البلاد؛ هذا الشعب يستحق الشكر بالعمل. وأنا أؤيد مائة بالمائة هذه الأمور التي ذكرها السيّد رئيس الجمهوريّة؛ أي هذه الأعمال التي ينبغي أن تُنجز، وينبغي التخطيط لها، ويجب أن تتقدّم. بحمد الله يشعر المسؤولون بالمسؤوليّة - وإنّ المرء ليدرك هذا، ويراه - ويبذلون جهداً؛ فليواصلوا هذا السّعي، وليضبطوه من كلّ جانب.

ليس بوسع المرء أن يمرّ على أحداث غزّة، وقضايا هذه الأيام، وهذا العيد، وشهر رمضان هذا من دون أن يتعرّض لها ويلتفت إليها. قضيّة غزّة هي اليوم قضيّة مهمّة حقّاً، وتقع على رأس قضايا العالم الإسلامي. يجب أن نشعر جميعاً بالمسؤوليّة في هذا الصدد. قلوب الشعوب معهم، حتى من غير المسلمين، وأنتم طبعاً ترون هذه المسيرات والتظاهرات التي تخرج في العالم تأييداً للفلسطينيين وأهالي غزة والمظلومين في هذه المنطقة؛ هذه المسيرات غير مسبوقة، لم نجد مثيلاً لها في أيٍّ من القضايا [المختلفة]. إنّ نزول الناس في أفريقيا وآسيا وأوروبا، وفي أميركا نفسها، إلى الشوارع وإطلاقهم الشعارات تأييداً للشعب الفلسطيني؛ كان حدثاً غير مسبوق خلال هذه العقود من احتلال فلسطين. لذا، من الواضح أنّ شيئاً وتطوراً جديداً يحدث في العالم الإسلامي، وحدثاً ما في طور الوقوع. ينبغي أن نلتفت إلى هذا الأمر.

أنْ تتحوّل قضيّة فلسطين إلى القضيّة الأولى! وأين ذلك؟ في لندن وباريس والدول الأوروبيّة وواشنطن! إنّه ليس بالأمر الهيّن، [لأنّ] سيطرة الصهاينة طوال هذه الأعوام على وسائل الإعلام في العالم ليست بالأمر الذي يسمح ببثّ صوت مناهض لهم ومؤيّد لفلسطين. بات هذا الصّوت ينتشر اليوم في أرجاء العالم كافة. كما أنهم ينفقون الأموال، ويرفعون الصرخات، ويدافعون عنهم. اليوم شعوب العالم تناوئ الصهاينة وتناهضهم. هذه قضايا مهمة، ويجب النظر إليها كعِبَر. ثمة حدثٌ في طور الوقوع الآن.

يجب على الجميع أن يؤدّوا واجباتهم؛ [لكن] للإنصاف، إنّ الحكومات لا تؤدي واجباتها. إنّ الدول الأوروبيّة التي أشرت إليها اليوم في الصلاة[2]؛ يُصرّح بعضها أحياناً - وهو أيضاً ليس تصريحاً حازماً وحاسماً - فيقولون شيئاً من قبيل أنّكم لماذا تفعلون هذا الأمر، لكن عملياً لا يوجد أيّ أثر للحكومات على الإطلاق، بل على العكس من ذلك، إنهم يساعدونهم. أميركا تقدّم مساعدات - مساعدات في التسليح، ومساعدات مالية، ومساعدات سياسية - وكذلك بريطانيا وبعض الدول الأوروبيّة الأخرى. لكن المؤسف أكثر هو أنّ بعض الدول الإسلامية أيضاً تساعد الكيان الصهيوني! في أي وقت؟ في الوقت الذي يمارس الكيان الخبيث قتل الأطفال والنساء. لا يمكن برأيي فهم هذا الأمر إطلاقاً، لكنّه يحدث مع الأسف.

إنّ مساعدة الدول الإسلامية للكيان الصهيوني خيانةٌ. إنها خيانة للأمة الإسلامية، كما أنها خيانة لأنفسهم، لأنهم بهذا يعزّزون الأجهزة الصهيونية الآيلة إلى الضعف، وهذا التعزيز سينتهي بضررهم هم أنفسهم. عندما يدخل الصهاينة إلى بلد ما، فإنهم لن يتصرّفوا لمصلحة ذلك البلد. إذا نفذوا، فإنهم سيمتصون دماء ذاك البلد كالبعوضة، ولمصلحتهم الخاصة. إن مساعدة الكيان الصهيوني تعني الإسهام في تدميرهم لأنفسهم - الأمّة الإسلامية أيضاً لها شأنها الخاص - لذا ينبغي عليهم أن يُوقِفُوا هذا. كان هذا اقتراحنا السّابق، وهو الآن أيضاً اقتراحنا الأكيد: على الحكومات الإسلامية أن تقطع علاقاتها - العلاقات الاقتصادية والسياسية - مع الكيان الصهيوني. بشكل مرحلي كحدّ أدنى! فلتبقَ العلاقات مقطوعة ما دام هؤلاء مستمرين في ارتكاب هذه الجرائم، وليتوقف الدعم، ولينقطع التواصل. هذا هو التوقع من الحكومات الإسلامية، وهو ليس توقّعنا نحن فقط، بل إنه توقّع الشعوب الإسلامية. إذا أجروا استفتاءً في الدول الإسلامية الآن، فلا شك أنّ الجميع سيُجمعون على أنّ حكوماتهم يجب أن تقطع علاقاتها مع الكيان الصهيوني. ليس هناك أدنى شك في ذلك. نأمل، إن شاء الله، أن يُوقظنا الله المتعالي جميعاً، وأن يعرّفنا إلى واجباتنا، وأن يُمكّننا من أداء هذه الواجبات.

أبارك لكم جميعاً العيد مجدداً، وآمل، إن شاء الله، أن تكون بركات شهر رمضان، وبركات العيد باقية لشعبنا العزيز، ولمسؤولينا المحترمين، ولمختلف ناشطي القطاعات شتّى، وأن ينتفع الجميع، وأن نشهد عياناً عن قريب آثار النجاح والتقدّم، سواء على الصعيد الداخلي أو على الصعيد الخارجي إن شاء الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


[1] عرض حجة الإسلام والمسلمين السيّد إبراهيم رئيسي (رئيس الجمهوريّة) لمواضيع في مستهل هذا اللقاء.
[2] في خطبتَي صلاة عيد الفطر السعيد، بتاريخ 10/04/2024م.

السبت, 20 نيسان/أبريل 2024 02:59

ما معنى التدبير في المعيشة؟

التدبير، هو: التفكير بعاقبة الأمور، وإمعان النظر، والتحسّب لما سيكون. وأن يُدبِّر الإنسان أمره، هو: أن ينظر إلى ما تَؤول إليه عاقبته وآخرته. والتَّدَبُّر: التفكّر في الأمر[1].
 
فالتدبير هو الإتيان بالشيء عقيب الشيء، ويُراد به: ترتيب الأشياء المتعدّدة المختلفة، ونظمها، بوضع كلّ شيءٍ في موضعه الخاصّ به، بحيث يلحق بكلٍّ منها ما يُقصَد به من الغرض والفائدة[2].
 
و(معايش) جمع (معيشة)، وهي: عبارة عن الوسائل والمستلزمات التي تتطلّبها حياة الإنسان، بحيث يحصل عليها بالسعي تارةً، أو تأتيه بنفسها من دون سعي تارةً أُخرى. ومع أنّ بعض المفسّرين حصر كلمة (معايش) بالزراعة والنبات، أو الأكل والشرب فقط، ولكنّ مفهومها اللغويّ أوسع من أن يُخصّص، ويُطلق ليشمل كلّ ما يرتبط بالحياة من وسائل العيش[3].
 
وباتضاح معنى التدبير ومعنى المعيشة يصبح معنى التدبير في المعيشة هو: ترتيب وتنظيم الحياة على مختلف الأصعدة، وفنّ التدبير في المعيشة، هو: مجموع الطرق التقنيّة الحديثة، لتسهيل مهمّة الإنسان في ترتيب أموره المعيشية وتنظيمها، ومساعدته في توفير أسباب الراحة والصلاح.
 
التدبير في القرآن والسنّة
أشار القرآن الكريم إلى أنّ التدبير صفةٌ من صفات الله تعالى[4] وملائكته[5]. والتدبير الإلهيّ للعالم، هو: نظم أجزائه نظماً جيّداً مُتقناً، بحيث يتوجّه فيه كلّ شيءٍ إلى غايته المقصودة منه، وهي آخر ما يمكن أن يحصل له من الكمال الخاصّ به، ومنتهى ما ينساق إليه من الأجل المسمّى. وتدبير الكلّ يعني إجراء النظام العامّ العالميّ، بحيث يتوجّه إلى غايته الكلّيّة، وهي: الرجوع إلى الله والقرب منه.
 
لذلك، فإنّ الله يُدبّر الأمرَ، أي يُقدّر، "ويُنْفِذُه على وجهه، ويُرتّبه على مراتبه على أحكام عواقبه"[6]، وهذا التدبير يشمل الهداية التكوينيّة والتشريعيّة للمخلوقات اللتين تتحقّقان عبر بعثة الأنبياء عليهم السلام والرسل عليهم السلام.
 
أمّا تدبير الملائكة، في قوله تعالى: ﴿فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا﴾[7]، ففيها أقوالٌ - أيضاً، أحدها: أنّ الملائكة تُدبّر أمر العباد من السنة إلى السنة، كما روي عن الإمام عليّ عليه السلام[8].
 
إذن، يمكن القول: إنّ التدبير والتحسّب لعواقب الأمور، والتخطيط الصحيح، ونظم شؤون الحياة، تعدُّ الأركان الأساسيّة للرقيّ، وبلوغ الكمال المنشود. عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام: "الكَمالُ كُلُّ الكَمالِ: التَّفَقُّهُ فِي الدِّينِ، وَالصَّبرُ عَلَى النّائبَةِ، وَتَقديرُ المعيشةِ"[9]. فمن خلال التدبير واتّباع النهج الصحيح في الأمور الاقتصاديّة، يمكن الوصول إلى الكمال.
 
ولا ريب في أنّ تدبير الإنسان، في استثمار ما لديه من إمكانيّاتٍ اقتصاديّةٍ محدودةٍ، واجتناب الإسراف في تسخيرها، يُعدّ أفضل من حيازته إمكانيّاتٍ اقتصاديّةً كبيرةً يُسرف في استثمارها، فينبغي للعبد أن يكون على صوابٍ من التقدير، وحكمةٍ من التدبير[10]. فالتدبير سببٌ في قوّة اقتصاد الحياة ورقيّه. وعن أيّوب بن الحرّ: سمعتُ رجلاً يقولُ لأبي عبد الله عليه السلام: بلغني أنّ الاقتصاد والتدبير في المعيشة نصف الكسب، فقال أبو عبد الله عليه السلام: "لا، بَلْ هُو الكَسْبُ كُلُّهُ"[11].
 
وقد أكّد الإمام عليّ عليه السلام على أنّ التدبير سبيلٌ للرقيّ الاقتصاديّ، حين قال: "حُسنُ التَّدبيرِ يُنمِي قليلَ المالِ"[12].
 
ومن هنا، كان المسؤول اللائق بإدارة شؤون العائلة أو شؤون فئةٍ اجتماعيّةٍ ما، هو الذي يتمكّن من تمهيد الأرضيّة اللازمة، لاستثمار القابليّات والإمكانيّات أفضل استثمارٍ، وذلك عبر تخطيطٍ صحيحٍ، ومنهجيّةٍ مثاليّةٍ، وتنسيقٍ بين كافّة الأعضاء، على مختلف مستوياتهم ومسؤوليّاتهم. كما لا بدّ له من نظم نشاطاته وفعّاليّاته، ووضع كلّ شيءٍ في موضعه، وتأدية ما عليه من تكاليف في وقتها المناسب، حتى يستحقّ بذلك صفة المدبِّر.
 
ويُعدّ تدبير شؤون الحياة بطبيعته جزءاً من الدين[13]، لذا، فإنّ حسن التدبير كان صفة لازمة للمؤمنين بحيث يمتازون بها عن غيرهم، لأنّهم لا يستهلكون أموالهم عبثاً، ولا يُبذّرونها، بل يراعون الاعتدال في إنفاقها، ويخشون فيها غضب الله تعالى، في ما لو أفرطوا أو فرّطوا في إنفاقها، بخروجهم عن الحدود التي أجازها الله تعالى لهم في الإنفاق[14].
 


[1] ابن منظور: لسان العرب، ج4، ص273، لاط، بيروت، لان، لات.
[2] الطباطبائي، محمد حسين: الميزان في تفسير القرآن، لاط، قم المقدّسة، منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلميّة، ج11، ص289-290.
[3] الشيرازي، ناصر مكارم: الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ط1، قم المقدّسة، منشورات مدرسة الإمام عليّ عليه السلام، 1421هـ.ق، ج8، ص51, الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج18، ص99.
[4] سورة السجدة، الآية 5, سورة يونس، الآية 31, سورة الرعد، الآية 2.
[5] سورة النازعات، الآية 5.
[6] الشيخ الطبرسي، مجمع البيان، ج5، ص136.
[7] سورة النازعات، الآية 5.
[8] الشيخ الطبرسي، مجمع البيان، ج10، ص652.
[9] الشيخ الكليني، الكافي، ج1، ص32.
[10] انظر: الجعفي، المفضل بن عمر: التوحيد، تعليق كاظم المظفر، ط2، بيروت، مؤسّسة الوفاء، 1404هـ.ق/ 1984م، المجلس الأوّل، ص 10.
[11] الشيخ الطوسي، الأمالي، ج2، ص 458.
[12] الواسطي، عيون الحكم والمواعظ، ص 227.
[13] عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام: "مِن الدِّينِ التَّدبيرُ في المعِيشَةِ": الطوسي، الأمالي، م.س، مجلس يوم الجمعة، ح17، ص670.
[14] تتّضح نتائج حسن التدبير وعواقب سوء التدبير في خاتمة الكتاب.

السبت, 20 نيسان/أبريل 2024 02:57

الإنصاف والعفو في حياتنا الاجتماعية

وأنصف من خاصمك
إنّ الاعتراف بالحقّ وإعلانه أيضاً لا يُنقص من قيمة الإنسان، فكونك تقول ولو في مناظرة، أو محاورة، أو محاضرة: أنا أخطأتُ في كذا، هذا لا يُعيبك، بل بالعكس هذا يرفع منزلتك عند الناس، ويدلّ على شجاعتك وقوّتك، وثقتك بنفسك، والله تعالى يقول: ﴿ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾[1]. فما أروع أن يكون الإنسان منصفًا لخصمه، فإذا وقع هو في خطأ سهل عليه الاعتراف به، وإذا كان دليله ضعيفًا اعترف بذلك، والرجوع إلى الحقّ خير من التمادي في الباطل، والإنصاف أمر عظيم يطلبه الشرع ويحثّ عليه، والإمام الصادق  عليه السلام عندما وَجَّهَنا بقوله: "وأنصف من خاصمك" كان يعلم أنّ إنصاف الخصم شيء عزيز بين الناس، فلا يتحلّى به منهم إلا القليل، ولكنّه  عليه السلام يريد من كلّ مسلم أن يُجاهد نفسه ليكون المستفيد الأكبر من ذلك، فيستفيد الإنسان المنصف البراءة أمام الله، وكذلك يستفيد من حالة شعوره بأنّه قد أدّى ما عليه، ويستفيد أيضاً فراراً محموداً، وهو الفرار من الظلم والإجحاف بالغير، هذه كلّها مكاسب لا تُقدّر بثمن عند المؤمنين الشرفاء من أبناء الأمة الإسلامية.
 
ومن الجدير ذكره أنّ للانصاف والايثار دوراً كبيراً في خلق الأجواء الروحية والنفسية لنموّ حركة التربية، حيث يرتبط الناس روحياً وعاطفياً بمن يتّصف بهاتين الصفتين، ويشعرون بأنّ المربّي أو المصلح غاية في الكمال والتسامي، وأنّه عادل في تعامله مع الآخرين وفي تقييمهم، وبهذا الشعور وبهذا الانشداد يجد المربّي لرأيه ولإرشاده قبولاً، وهو مقدّمة أساسية للتربية والإصلاح.
 
واعف عمّن ظلمك
لا شكّ ولا ريب أنّ من صبر على الأذى وعفى عمّن ظلمه يكون قد فعل أمراً مشكوراً، وفعلاً حميداً، له عليه ثوابٌ جزيل، وثناءٌ جميل، والله تعالى يقول: ﴿وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾[2] أليس لك في هذا عوض؟ فانظر في كتاب الله تعالى وتأمّل الأجر الذي أعدّه الله للمتّقين، فضلاً عن أنّ عفو المظلوم مريحٌ لقلبه في هذه الحياة الدنيا، والله تعالى يقول: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾[3]، وقد عبّر مولانا الإمام أمير المؤمنين علي  عليه السلام عن العفو بتعبيرٍ يُبيّن فيه أنّ العفو والصفح له المقام الأسنى بين الفضائل الأخلاقية، فقال  عليه السلام: "العفو تاج المكارم"[4]، والتاج كما هو معلوم علامة العظمة والعزّة، وهو زينة الملوك حيث يوضع على أشرف موضع من بدن الإنسان وهو الرأس.
 
قال الإمام الصادق  عليه السلام: "العفو عند القدرة من سنن المرسلين والمتّقين، وتفسير العفو أن لا تلزم صاحبك فيما أجرم ظاهراً، وتنسى من الأصل ما أصبت منه باطناً، وتزيد على الاختيارات إحساناً، ولن يجد إلى ذلك سبيلاً إلاّ من قد عفى الله عنه، وغفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، وزيّنه بكرامته وألبسه من نور بهائه، لأنّ العفو والغفران صفتان من صفات الله عزّ وجلّ أودعهما في أسرار أصفيائه ليتخلقّوا مع الخلق بأخلاق خالقهم وجعلهم كذلك. قال الله عزّ وجلّ: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[5]، ومن لا يعفو عن بشر مثله، كيف يرجو عفو ملك جبّار"[6].
 
كلّ مؤمن يعلم أنّ الدنيا هيّنة على الله، ومن هوانه عليه جلّ شأنه أنّها لو كانت تساوي عنده جناح بعوضة لما سقى الكافر شربة ماء، ولكن ألا ترى أنّ شمسه أشرقت على الأبرار والفجّار، وأنّ قطره ينزل على الصالحين والخاطئين، فما الفائدة في أن نجعل هذا القلب الصغير يحمل كلّ ألوان البغضاء والعداوات، ونحن نملك أن نملأه بالذكر والمحبّة والوفاء، وسلامة القلب، وطيب الأنفس، فاعفوا أيّه المؤمن واعتبر بعفو الله عنك.
 


[1] سورة المائدة، الآية 8.
[2] سورة البقرة، الآية 237.
[3] سورة الشورى، الآية 43.
[4] التميمي الآمدي، غرر الحكم ودرر الكلم، ص36، وعلي بن محمد الليثي الواسطي، عيون الحكم والمواعظ، ص19، طبعة:1، دار الحديث، قم.
[5] سورة النور، الآية 22.
[6]  مصباح الشريعة، منسوب للإمام الصادق  عليه السلام ص158-159، طبعة:1، مؤسسة الأعلمي، بيروت.

السبت, 20 نيسان/أبريل 2024 02:55

هل العلم وسيلة أم غاية؟

إنّ الالتفات إلى نقطة معيّنة تحلّ لنا المسألة بحيث نستطيع أن نُدرك منظور الإسلام، وذلك بمعرفة ما إذا كان الإسلام ينظر إلى العلم كهدف أو كوسيلة.

لا شكّ أنّ بعض العلوم هدف بذاته. كالمعارف الربوبية، ومعرفة الله وما يتعلّق بذلك، كمعرفة النفس والمعاد. فإذا تجاوزنا هذه، تكون العلوم الأُخرى وسائل لا أهدافاً. أي إنّ ضرورة علم ما وفائدته لا تتحدّد بمقدار أهمّيته كوسيلة لتحقيق عمل أو وظيفة، فكلّ العلوم الدينية، باستثناء المعارف الإلهيّة، كعلم الأخلاق، والفقه والحديث، تدخل في ذلك المعنى، أي إنّها كلّها وسائل، وليست أهدافاً، ناهيك عن العلوم الأدبية والمنطق التي تُدرس في المدارس الدينية كمقدّمات.

ولهذا يرى الفقهاء في اصطلاحهم أنّ وجوب العلم وجوب مقدّمي، أي أنّ وجوبه متأت من كونه يُعدّ المرء ويُهيّؤه للقيام بعمل ما متّفق مع منظور الإسلام، حتى إنّ تعلّم المسائل العلمية في الأحكام ومسائل الصلاة والصوم والخمس والزكاة والحج والطهارة، ممّا هو مذكور في الرسائل العملية، ليس إلّا لكي يكون الإنسان متهيّئاً لأداء وظيفة أُخرى أداءً صحيحاً. فالمستطيع الذي ينوي الحج يجب أن يتعلّم ما يتعلّق بأحكامه لكي يكون مستعدّاً لأداء مناسك الحج على وجهها الصحيح.

وبعد أن نُدرك هذا علينا أن نُدرك أمراً آخر، وهو: أيّ دين هو الإسلام؟ ما أهدافه؟ ما المجتمع الذي يُريده؟ ما مدى اتساع المنظورات الإسلامية؟ هل اكتفى الإسلام بهذا العدد من المسائل العبادية والأخلاقية؟ أم إنّ تعاليم هذا الدّين قد اتّسعت لتشمل كلّ شؤون حياة البشر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وإنّ له في ذلك أهدافاً يبغي تحقيقها؟ هل الإسلام يُريد المجتمع مستقلّاً، أم لا يعنيه إنْ كان مستعمَراً محكوماً؟ ما من شكٍّ في أنّ الإسلام يُريد مجتمعاً مستقلّاً، حرّاً، عزيزاً شامخ الرأس، مستغنياً عن الآخرين.

وثمّة أمر ثالث لا بدّ من معرفته والاطّلاع عليه، وهو أنّ العالَم اليوم يدور على العلم، وإنّ مفتاح كلّ شيء هو العلم والمعرفة الفنّية، وإنّنا بغير العلم لا نستطيع خلق مجتمع غني، ومستقل، وقوي، وحرّ، وعزيز. وهذا يؤدّي بنا إلى الاستنتاج بأنّ من الواجب والمفروض على المسلمين في كلّ زمان، وعلى الأخصّ في زماننا هذا، أن يتعلّموا ويُتقنوا كلّ علم من العلوم التي تكون وسيلة للوصول إلى الأهداف السامية المذكورة.

وعلى هذا الأساس، نستطيع اعتبار جميع العلوم النافعة علوماً دينية، كما نستطيع أن نعرف أيّ العلوم من الواجبات الكفائية وأيّ العلوم من الواجبات العينيّة، وكذلك نستطيع أن نعرف أنّ علماً من العلوم يُمكن أن يكون في وقت ما من أوجب الواجبات، ولا يكون كذلك في وقت آخر. وهذا بالطبع يتعلّق بميزان ذكاء الأشخاص الذين يكونون من المجتهدين في كلّ زمان ويستنبطون الأحكام لذلك الزمان.

مع الأخذ بالاعتبار أن هناك عقولاً مغلقة أو مسطّحة لا تريد أن ترى في الرد مجرد رد، بل يراه بعضها مسرحية، وبعضها الآخر مجرد حفظ ماء الوجه، وبعض ثالث فشلاً ذريعاً، والحجة إما عدم وقوع خسائر بشريّة أو احتراق منشآت مدنية حيوية ظاهرة، ونجاح التصدي الأمريكي الإسرائيلي للصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية بإسقاط نسبة كبيرة منها.

ولهؤلاء الجواب بسيط، هذه المسرحية والفشل وحفظ ماء الوجه يقول: إن إيران تظهر جاهزيتها لتحمل مخاطر الذهاب إلى حرب تأكيد قدرتها الردعية، فهل يمكن أن نتمنى عليكم إقناع أصدقائكم الأمريكيين، وربما الإسرائيليين، أن يختاروا مسرحية مثلها وفشلاً مثله وحفظ ماء وجه من صنفه لإظهار قدرة ردعهم بتحمل مخاطر الذهاب إلى حرب، بعرض ناري مشابه في الأجواء الإيرانية.

الحل بسيط وإن كانوا قادرين عليه فليفعلوا، وإلا اخرسوا بكل احترام وأدب وتحفظ!

لندخل في الموضوع، فما فعلته إيران هو أنها حركت 331 جسماً طائراً متفجراً في نسق مبرمج ومنظم يغطي جغرافية فلسطين المحتلة من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها، عبر توجيه هذه الأجسام الطائرة المتفجرة نحو أهداف عسكرية لجيش الاحتلال، بعدد الأجسام الطائرة وعلى كل مساحة فلسطين.

واختارت إيران لهذه المهمة أجيالًا هي الأقل تطورا في ترسانتها، سواء لجهة سرعة بلوغ الهدف والقدرة على المناورة والتمويه بوجه الرادارات وشبكات الدفاع الجوي ومحاولات الإسقاط، بحيث كان الوقت الفاصل بين انطلاق الطائرات المسيرة وبلوغها منطقة الهدف ترافقها الصواريخ التي أطلقت على عدة مراحل بما يتناسب مع سرعاتها المختلفة، كافياً كإنذار يهدف إلى إتاحة استنفار الجهات المنخرطة في حلف عسكري لمواجهة الرد، لكن التصدي المقصود ليس إطلاق صواريخ الطائرات الـ أف 35 ومنظومات الدفاع الجوي المختلفة من منظومة ثاد الأمريكية المتطورة إلى المقلاع الإسرائيلي وحيتس والقبة الحديدية، بل ما جاءت تفعله مدمرتان أمريكيتان متخصصتان بالحرب الإلكترونية جرى استقدامهما خصيصاً واحدة إلى البحر المتوسط وواحدة إلى منطقة الأسطول الخامس في البحرين في مياه الخليج الفارسي، بهدف الدخول على شبكة التحكم بإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة لمنع إطلاقها أو حرفها عن مسارها أو السيطرة عليها وإسقاطها سليمة إذا أمكن، كما سبق وفعلت إيران وقوى المقاومة مع طائرات مسيرة أمريكية وإسرائيلية، لكن النتيجة كانت صفراً مكعباً، فمن أصل 331 جسماً طائراً متفجراً لم تنجح منظومة الحرب الإلكترونية الأمريكية لتعطيل أو حرف مسار أو السيطرة على جسم واحد.

بين الروايات الإسرائيلية الرسمية والروايات المنشورة في الإعلام الإسرائيلي، وصل بين 7 و30 صاروخا إيرانيا إلى أهداف في داخل الكيان، ليس بينها هدف مدني واحد أو منشأة مدنية واحدة، وطالما نتحدث عن الصواريخ الواصلة فلا حاجة للقول إن الأمر لا علاقة له بـ الأمريكي والإسرائيلي، بل بقرار إيران وما أرادت إظهاره من تفوق أخلاقي لنمط حرب المقاومة، على نمط حرب أمريكا على العراق وأفغانستان وفي ليبيا واليمن وسورية، ونمط حرب “إسرائيل” بنسختها الحديثة التي ضج بها العالم لما امتلأت به من أنواع جرائم الحرب وصولاً إلى جريمة الإبادة.

والرسالة الإيرانية واضحة، لو شئنا أن نقتل عائلاتكم وندمر مساكنكم وكهرباءكم ومستشفياتكم، كما فعلت حكومتكم بغزة لفعلنا.

ويعرف الخبراء من الإسرائيليين كما قالوا إن استخدام إيران للأجيال الأقل تطورا من طائراتها المسيَرة وصواريخها، يقول أيضاً لو أردنا مفاجأتكم، بصواريخ تصل خلال دقائق تعجزون عن التصدي لها لفعلنا، أو بطائرات مسيرة لا تلاحظها راداراتكم ولا تنجح صواريخكم بالتصدي لها لفعلنا.

وإن كنا لم نفعل، فهذا لا يجب أن يعني أننا في مرة لاحقة لن نفعل، فالأمر وقف على حسن تصرفكم مع حكومتكم لشل يدها عن العبث الأحمق، وحسن تصرفها بتلقي الدرس بعد تصرفها الأخرق.

عملياً ما فعلته إيران هو أنها هزأت بحكومة الاحتلال وخرافة اكتفائها الذاتي عسكرياً، حيث سقطت كل الأسماء اللامعة لمنظوماتها، وظهرت عارية من وسائط التعامل الجدي مع هذا المستوى الابتدائي من الرد الإيراني، الذي كان ممكناً أن يتضمن عشرات أضعاف الكمية المرسلة، لكن من الطائرات المسيرة السريعة والتي تحمل رؤوساً حربية ثقيلة والقادرة على المناورة، والصواريخ الدقيقة والفرط صوتية.

وما دامت منظومات الاحتلال كلها عاجزة عن التعامل مع هذه الوجبة من الرد الإيراني فكيف كانت ستتعامل مع رد مختلف من العيار الثقيل؟ وعملياً ما فعلته إيران أنها جاءت بأمريكا وفرنسا وبريطانيا إلى المنطقة ودفعت دولاً عربية للكشف عن حجم خضوعها للاستخدام الأمريكي لحساب “إسرائيل”، بحيث عرف الإسرائيليون أنهم فقدوا دور القوة.

المهيمنة المهابة الجانب، وأنهم باتوا مجرد محمية أمريكية. والأهم أن أمريكا لم تعُد قادرة على التنصل من مسؤوليتها عن جرائم الكيان وجيش الاحتلال، ما دامت هي مَن يمول ومَن يحمي.

ما يعني أنه إذا ردت حكومة بنيامين نتنياهو على الرد فإن إيران تعتبر أن أمريكا هي التي ترد، وسوف يكون العقاب المقبل على القواعد الأمريكية في المنطقة، وان لم ترد حكومة نتنياهو فهذا يعني أن أمريكا تلقت الدرس وفهمت أن عليها أن تقود مسار إنهاء الحرب على غزة بشروط المقاومة، لأنه الطريق الوحيد لاستعادة الاستقرار إلى المنطقة، سواء في تداعيات هذه المواجهة، أو في جبهات العراق ولبنان واليمن.

وصلت الرسائل، وأثبتت إيران أنها استبدلت استراتيجية الذبح بالقطنة باستراتيجية حرب الأكباد، وفق معادلتين، الأولى هي: يملك الردع من يجرؤ على المخاطرة بالذهاب إلى الحرب، فها نحن نفعل لكنكم لا تجرؤون على المثل. والثانية هي: قادرون على الحرب لكننا لا نريدها لكنكم تريدونها وغير قادرين عليها.

وعادة ما تحتوي الأطعمة الفائقة المعالجة على نسبة عالية من السكريات المضافة والدهون غير الصحية والمكونات الاصطناعية. وتخضع هذه الأطعمة لعملية معالجة مكثفة وغالبا ما تحتوي على قيمة غذائية قليلة أو معدومة. وتشمل الأمثلة الشائعة لهذه الأطعمة المشروبات السكرية والوجبات الخفيفة المعبأة والوجبات السريعة.

وهذه الأطعمة ليست خالية من العناصر الغذائية الأساسية فحسب ولكنها مليئة أيضا بالمكونات الضارة المحتملة، حيث أنها محملة بالمواد المضافة مثل الزيت والدهون والسكر والنشا والصوديوم ومستحلبات مختلفة مثل الكاراجينان وليسيثين الصويا، والتي يمكن أن تضر بصحة الإنسان.

وبحث الأطباء في كلية شميدت للطب بجامعة فلوريدا أتلانتيك في هذه المشكلة الصحية، وتؤكد النتائج التي توصلوا إليها اتجاها مثيرا للقلق: أول انخفاض في متوسط العمر المتوقع في الولايات المتحدة منذ قرن من الزمان، وهو ما يرجع جزئيا إلى ارتفاع الأمراض غير المعدية المرتبطة باستهلاك الأطعمة فائقة المعالجة.

وقال الدكتور داون شيرلينغ، أستاذ مشارك في الطب في كلية شميدت للطب بجامعة فلوريدا أتلانتيك: "إن أولئك الذين يمارسون الطب في الولايات المتحدة يجدون أنفسهم اليوم في وضع مخزي وفريد من نوعه - فنحن أول مجموعة من المتخصصين في الرعاية الصحية الذين أشرفوا على انخفاض متوسط العمر المتوقع خلال 100 عام. إن متوسط العمر المتوقع لدينا أقل من البلدان الأخرى المماثلة اقتصاديا. وعندما ننظر إلى المعدلات المتزايدة للأمراض غير المعدية في الدول الأقل نموا، يمكننا أن نرى تأثر الزيادات بارتفاع استهلاك الأطعمة الفائقة المعالجة في وجباتهم الغذائية".

وعلى الرغم من التحذيرات الصادرة عن منظمات مثل الكلية الأمريكية لأمراض القلب باختيار الأطعمة القليلة المعالجة، إلا أن عدم وجود تعريف واضح للأطعمة الفائقة المعالجة يزيد من تعقيد الاختيارات الغذائية.

وأشار شيرلينغ إلى أن بعض الإضافات في الأطعمة الفائقة المعالجة يمكن أن تضر الطبقة المخاطية للأمعاء، ما يجعلها عرضة للأمراض، وربما تساهم في ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان بين البالغين الأصغر سنا.

ويرتبط استهلاك نظام غذائي غني بالأطعمة الفائقة المعالجة بزيادة خطر الإصابة بالسمنة وأمراض القلب والسكري وأنواع معينة من السرطان. ويمكن أن تساهم هذه الأطعمة أيضا في حدوث التهابات في الجسم وتعطيل عمليات التمثيل الغذائي.

ولتقليل تناول الأطعمة الفائقة المعالجة وحماية الصحة، يجب التركيز على استهلاك الأطعمة الكاملة الغير مصنعة مثل الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون.

ويجب الانتباه إلى الملصقات الغذائية لاختيار المنتجات التي لا تحتوي على سكريات مضافة أو إضافات صناعية.

وفي حين أن الأطعمة الفائقة المعالجة قد تكون مريحة ولذيذة، إلا أنها تأتي مع مجموعة من المخاطر الصحية المحتملة. ومن خلال اتخاذ خيارات واعية بشأن الأطعمة التي نستهلكها، يمكننا حماية صحتنا ورفاهيتنا على المدى الطويل.

ويقول الخبراء إنه من خلال تعزيز الوعي والدعوة إلى ممارسات غذائية صحية، فإننا نمتلك القدرة على عكس اتجاه انخفاض متوسط العمر المتوقع والدخول في عصر من تحسين الصحة العامة.

وبما أن جسم الإنسان مصمم للحركة، فمن الواضح أن كل هذا الجلوس ضار بالصحة، حيث أكدت دراسة جديدة من جامعة "كاليفورنيا"، هذا الأمر، وأكثر من ذلك.

وطُلب من 5856 مشاركة من الإناث، تتراوح أعمارهن بين 63 و99 عامًا، ارتداء جهاز مراقبة النشاط على الورك لمدة سبعة أيام في بداية الدراسة، ثم تابعهن الباحثون لمدة عقد من الزمن، توفيت خلاله 1733 مشاركة.

واستخدم الباحثون الذكاء الاصطناعي لمعرفة مقدار الوقت الذي قضته المشاركان جالسات من خلال مراقبة النشاط، ثم ربطوا ذلك بخطر الوفاة.

وأظهرت البيانات أن المشاركات اللاتي جلسن أكثر من 11 ساعة يوميا كنّ أكثر عرضة للوفاة بنسبة 57% خلال فترة الدراسة من أولئك اللواتي جلسن أقل من تسع ساعات ونصف يوميا.
وأشار العلماء إلى أن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام ستزيل المخاطر الصحية الناجمة عن الجلوس أكثر من اللازم.

ووجدت دراسة أجريت عام 2019 أيضًا أن ممارسة التمارين الرياضية بكميات أكبر لا تقلل من خطر الإصابة بأمراض مثل مرض السكري من النوع 2 وأمراض القلب والسكتة الدماغية التي تأتي مع الجلوس كثيرًا.

ما مقدار الجلوس الذي يعتبر أكثر من اللازم؟

أفادت دراسة جامعة "كاليفورنيا" بأن مقدار الجلوس الذي يعتبر أكثر من اللازم هو 11 ساعة في اليوم، وتقول أبحاث أخرى إن 7 ساعات فقط كل يوم قد تكون أكثر من اللازم، وهناك الكثير من الأبحاث أيضًا، التي توضح أنه لا يجب عليك الجلوس لمدة تزيد عن 30 دقيقة بشكل متواصل لأن ذلك قد يزيد من مستويات السكر في الدم وضغط الدم، بحسب مجلة "ساينس أليرت" العلمية.

ما الذي يمكنك فعله لتجنب الجلوس لفترات طويلة؟

يمكنك النهوض والتنقل بين المهام الوظيفية أو أثناء إجراء مكالمة إذا كنت عاملاً في المكتب، وفي المنزل يمكنك الوقوف أثناء فترات الإعلانات التليفزيونية أو أثناء تسخين الماء في الغلاية.

السبت, 20 نيسان/أبريل 2024 02:46

الكاكاو وفوائده المذهلة للقلب والدماغ

تمتع مسحوق الكاكاو بفوائد عديدة للقلب والدماغ، كما أنه أحد أكثر النباتات الغنية بمضادات الأكسدة ومركبات البوليفينول، التي تقلل من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والخرف.

 

وقالت دراسة نشرها موقع ميديكفوريوم، إن “مسحوق الكاكاو يحتوي على مركبات بوليفينول والتي لها دور مهم في تحسين مستويات أكسيد النيتريك في الدم، مما يريح الأوعية الدموية والشرايين ويوسعها ويحسن من تدفق الدم من خلالها، ويزيد من دفاع الجسم ضد أمراض القلب والدماغ”.

وأيضا هو يخفض من مستوى الكوليسترول الضار في الدم من خلال منع تأكسد الكوليسترول، ويحسن من وظائف المخ لأن مركباته البوليفينولية تقلل من خطر الإصابة بأمراض التنكس العصبي، وهذه المواد قادرة على عبور الحاجز الدموي الدماغي والمشاركة في المسارات البيوكيميائية التي تنتج الخلايا العصبية والجزيئات المهمة لوظيفة الدماغ الصحية.

وأكد العلماء، أن “الاستهلاك اليومي لفلافانول الكاكاو يمكن أن يحسن الأداء العقلي لدى الأشخاص الذين يعانون من إعاقات عقلية والذين لا يعانون منها حيث يريح أكسيد النيتريك عضلات الأوعية الدموية، ويحسن من تدفق الدم إلى الدماغ”.

ويعمل مركب الفلافونيد في الكاوكاو، على تقليل خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة مثل السكتات الدماغية، وأمراض القلب التاجية، والسرطان، كما يعمل كمضاد للالتهابات، وداعم لجهاز المناعة عن طريق عمله كمضاد أكسدة لتحييد الجذور الحرة التي قد تسبب التلف للخلايا ومكوناتها.

وتشير الدراسات إلى دور الكاكاو في علاج الحمى والوهن والتعب وضيق التنفس، فقر الدم ومشاكل الأمعاء والكلى، كما يؤكد الخبراء دور الكاكاو المهم في تحسين المزاج والتخلص من الاكتئاب والحزن والقلق.

أكد مسؤولون أميركيون لشبكة "إن بي سي" أنهم يخشون أن تردّ "إسرائيل" على إيران "بتهور وبسرعة ودون التفكير في العواقب"، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.

ومن بين أمور أخرى، ذكرت شبكة "إن بي سي"، أن هذه المخاوف "تنبع من وجهة نظر الإدارة الأميركية حول نهج إسرائيل في حربها ضد حماس، فضلاً عن قرارها باغتيال المسؤول الكبير في قوة القدس حسن مهدوي في دمشق".

بالإضافة إلى ذلك، قالت ثلاثة مصادر مطلعة على التفاصيل لشبكة "إن بي سي "، إنّ الرئيس الأميركي جو بايدن "أعرب عن قلقه من أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يحاول جرّ الولايات المتحدة إلى داخل صراع أوسع".

وبموازاة ذلك، أشار موقع أكسيوس الأميركي عن مسؤولين، إلى أنّ بايدن "أبلغ نتنياهو أن الولايات المتحدة ستعارض أي هجوم مضاد إسرائيلي ضد إيران"، معبرين عن "قلقهم البالغ" من أنّ الردّ الإسرائيلي على الهجوم الإيراني على "إسرائيل" سيؤدي إلى حرب إقليمية ذات "عواقب كارثية".

وقال المسؤول إنه "عندما أخبر بايدن نتنياهو بأن الولايات المتحدة لن تشارك في أيّ عمليات هجومية ضد إيران ولن تدعم مثل هذه العمليات، قال نتنياهو إنه يتفهم ذلك".

بايدن: لتنسيق ردّ دبلوماسي موحد مع مجموعة الـ7

وذكر الرئيس بايدن في بيان، في وقت سابق من اليوم، أنّ إيران وحلفائها "الذين يعملون انطلاقاً من اليمن وسوريا والعراق، شنّوا هجوماً جوياً غير مسبوق ضد المنشآت العسكرية في إسرائيل"، معبراً عن "إدانته هذه الهجمات بأشد العبارات الممكنة".

وكشف أنه "بناءً على توجيهاته، ومن أجل دعم الدفاع عن إسرائيل، قام الجيش الأميركي بنقل طائرات ومدمرات للدفاع الصاروخي الباليستي إلى المنطقة على مدار الأسبوع الماضي"، للمساعدة في إسقاط الصواريخ والمسيرات الإيرانية.

وأضاف: "غداً، سأجتمع مع زملائي من زعماء مجموعة السبع لتنسيق ردّ دبلوماسي موحّد على الهجوم الإيراني الجريء، وسوف ينخرط فريقي مع نظرائهم في جميع أنحاء المنطقة، وسنبقى على اتصال وثيق مع القادة في إسرائيل".

وتابع لافتاً إلى أنه "على الرغم من أننا لم نشهد هجمات على قواتنا أو منشآتنا اليوم، إلا أننا سنظل يقظين لجميع التهديدات ولن نتردد في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية شعبنا".

وفي وقت سابق الليلة، أعلنت القوة الجوفضائية، التابعة لحرس الثورة في إيران، استهداف الأراضي الفلسطينية المحتلة بعشرات الصواريخ والمسيّرات، رداً على عدوان الكيان الصهيوني ضد القنصلية الإيرانية في دمشق.

وأكد البيان الصادر عن قيادة حرس الثورة أنّ العملية التي تحمل اسم "وعده صادق" تأتي "في إطار معاقبة النظام الصهيوني على جرائمه"، بما في ذلك الهجوم على القسم القنصلي لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دمشق واستشهاد القادة العسكريين والمستشارين الإيرانيين.

وأوضح البيان أنّ العملية تمت بموافقة المجلس الأعلى للأمن القومي وتحت إشراف الأركان العامة للقوات المسلحة وبإسناد رجال الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومساندة وزارة الدفاع وإسناد القوات المسلحة.

أعلنت القوة الجوفضائية، التابعة لحرس الثورة في إيران، السبت، استهداف الأراضي الفلسطينية المحتلة بعشرات الصواريخ والمسيّرات، رداً على عدوان الكيان الصهيوني ضد القنصلية الإيرانية في دمشق.

وأكد البيان الصادر عن قيادة حرس الثورة أنّ العملية التي تحمل اسم "وعده صادق" تأتي "في إطار معاقبة النظام الصهيوني على جرائمه"، بما في ذلك الهجوم على القسم القنصلي لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دمشق واستشهاد القادة العسكريين والمستشارين الإيرانيين.

وأوضح البيان أنّ العملية تمت بموافقة المجلس الأعلى للأمن القومي وتحت إشراف الأركان العامة للقوات المسلحة وبإسناد رجال الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومساندة وزارة الدفاع وإسناد القوات المسلحة.

وتابع البيان أنّ أبطال حرس الثورة ردوا على جرائم الاحتلال وهاجموا الأهداف العسكرية المهمة لـ"جيشه" في الأراضي المحتلة ودمروها بنجاح.

وطمأن البيان الشعب الإيراني بأن حرس الثورة وبقية القوات المسلحة الإيرانية ستدافع حتى الرمق الاخير عن المصالح القومية وستحبط محاولات الأعداء لزعزعة أمن واستقرار البلاد.

بدورها، أكدت الخارجية الإيرانية أنّ القوات المسلحة الايرانية قامت بهجمات عسكرية على قواعد عسكرية  تابعة للاحتلال الإسرائيلي انطلاقاً من حقها المشروع في الدفاع عن نفسها وفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.

وقالت إنّ الهجوم جاء رداً على الاعتداءات المتكررة للكيان الصهيوني واستهداف المستشارين العسكريين الإيرانيين المدعويين من قبل الحكومة السورية، ولا سيما الهجوم الاخير  على الأماكن الدبلوماسية الإيرانية في دمشق.

واستطردت بأنّ اعتماد إيران على الإجراءات الدفاعية لأعمال حقها في الدفاع المشروع يعكس نهجها المسؤول تجاه حفظ السلام والأمن الإقليمي والدولي، في حين يواصل الكيان الصهيوني جرائم الابادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني إضافة الى مواصلته اعتداءاته العسكرية المتكررة على دول الجوار واشعال المنطقة أكثر.

وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن 3 موجات من الطائرات المسيّرة انطلقت من إيران نحو "إسرائيل"، وقال الناطق باسم "الجيش" الاحتلال الإسرائيلي إنّ إيران أطلقت عشرات الطائرات المسيّرة، مساء السبت.

وذكرت مصادر إسرائيلية لإذاعة "جيش" الاحتلال أنّ الهجوم الإيراني على "إسرائيل" سيتضمن صواريخ "كروز" أيضاً، وليس طائرات مسيرّة فقط، وهو ما أكده حرس الثورة في إيران، عبر قوله إن "الرد يشمل عشرات المسيرات والصواريخ".

وأكد المحلل السياسي في موقع "والّاه" الإسرائيلي، باراك رافيد، نقلاً عن مسؤول أمني وصفه بـ "الكبير" في كيان الاحتلال، أنّ الهجوم الإيراني يتضمن مئات من الطائرات الهجومية من دون طيار.

ولفتت وسائل إعلام إسرائيلية إلى مسيّرات انطلقت من اليمن، وأعلنت بلدية "حيفا" المحتلة حالة الطوارئ في ظل هذه الأحداث.

وقدّرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، أن تحاول إيران مزامنة هجوم الطائرات من دون طيار مع صواريخ أسرع، والتي سيتم إطلاقها لاحقاً، موضحةً أنّ الطائرات المسيّرة البطيئة يمكن استخدامها لتشتيت انتباه الدفاعات الإسرائيلية.

ووفقاً لمصدر أمني، أصدرت حكومة الاحتلال تعليمات تضمنت الدخول لملاجئ أكثر حماية من الصواريخ الدقيقة.

وتفاعلت حالة هلع وقلق في الجبهة الداخلية، التي أُصدرت فيها إجراءات مشددة وفقاً لتقديرات أمنية، إذ كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ كلّ السياسيين الإسرائيليين تلقوا أوامر بالبقاء في "إسرائيل" وإلغاء سفرهم إلى الخارج.

من جهته، أعلن المتحدث باسم "الجيش" الإسرائيلي، دانييل هغاري، تغييرات في سياسة الجبهة الداخلية يسري مفعولها ابتداءً من الساعة الـ11:00 من مساء اليوم السبت، وتستمر لغاية الساعة نفسها من يوم الاثنين المقبل.

وفي تفاصيل الإجراءات، "يُسمح في غلاف غزّة بالتجمع في المناطق المفتوحة حتى 100 شخص، وفي المناطق المبنية حتى 300 شخص، وتغلق الشواطئ"، بينما لم يُسمح في مستوطنات أخرى إلا بتجمّع 30 إسرائيلياً في المناطق المفتوحة، و300 في المبنية.