emamian

emamian

الأحد, 14 نيسان/أبريل 2024 05:09

كمال الأخلاق (القناعة - الزهد- الإيثار)

روي عن الإمام الصادق عليه السلام، أَنّه قال لرجل يعظه: "اقنع بما قسم الله لك، ولا تنظر إلى ما عند غيرك، ولا تتمنَّ ما لست نائله، فإنّه من قنع شبع، ومن لم يقنع لم يشبع، وخذ حظّك من آخرتك".

مدخل
هي الاكتفاء من المال والمأكل والملبس بقدر الحاجة والكفاف، وعدم الاهتمام فيما زاد عن ذلك. وهي صفة كريمة تعرب عن عزّة النفس وشرف الوجدان وكرم الأخلاق. فالقانع هو الذي لا يطمع في الناس، ولا يلتفت إلى ما في أيديهم، ولا يتعدّى أمله يومه أو شهره، فلا يشغل قلبه بأزيد من ذلك، لأنّ الشوق لتحصيل المزيد وطول الأمل يحرم الإنسان من نعمة الراحة وسكون القلب، ويشغل قلبه عن ذكر الله تعالى.

فضيلة القناعة

أ- في القرآن:
قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ1.

وقال عزّ وجلّ أيضاً: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى2.

ب- في الروايات:
عن أمير المؤمنين علي عليه السلام، قال: "القانع غنيّ، وإن جاع وعري"3.

وعن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "من قنع بما رزقه الله فهو من أغنى الناس‏"4.

وعن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "حُرم الحريص خصلتان ولزمته خصلتان، حُرم القناعة فافتقد الراحة، وحُرم الرضا فافتقد اليقين"5.

وعن أمير المؤمنين عليه السلام، قال: "المستريح من الناس القانع"6، وقال عليه السلام: "القانع ناجٍ من آفات المطامع"7.

أهمّيّة القناعة ودورها في تربية النفس
للقناعة أهميةٌ كبرى وأثر بالغ في حياة الإنسان، فهي تحقّق الرخاء النفسي والراحة الجسدية، وتحرّر الإنسان من عبودية المادة واسترقاق الحرص والطمع وعنائهما المرهق وهوانهما المذلّ، وتفتح باب العزّة والكرامة والإباء والعفّة والترفّع عن صغائر الأمور. والقانع بالكفاف أسعد حياةً وأرخى بالاً وأكثر دعةً واستقراراً من الحريص المتفاني في سبيل أطماعه والذي لا ينفكّ عن القلق والمتاعب والهموم. والقناعة تمدّ صاحبها بصفاء ويقظة روحية، وبصيرة نافذة، وتحفّزه على التأهب للآخرة، والقيام بالأعمال الصالحة. لذا، صار القانع أغنى الناس، لأنّ حقيقة الغنى هي غنى النفس، والقانع راضٍ ومكتفٍ بما رزقه الله تعالى، وهو لا يحتاج أحداً ولا يسأل سوى الله تعالى. وأهمّيّة القناعة تظهر بشكل جليّ عندما يتحرّر الإنسان من قيود المادّة، لأنّ التمسّك بالمادّة ذلٌّ على عكس القناعة التي تورث الإنسان العزّة والكرامة. أمّا الثروة والمال فلا تعطي صاحبها الأفضلية على الآخرين سوى بالمال وليس بالمحاسن والفضائل المعنوية، لأنّ المال قابلٌ للزيادة والنقيصة، بل والزوال أيضاً، بعكس القناعة التي هي كنزٌ كما قال الإمام علي عليه السلام: "لا كنز أغنى من القناعة"8، بل وهي كنزٌ لا يفنى كما في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حيث قال: "القناعة كنز لا يفنى"9، لأنّها كنز معنويّ، نتيجته تحصيل المقامات المعنوية الرفيعة، كيف لا؟! وهي من أهمّ الأمور التي تُعين الإنسان على صلاح نفسه كما في الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام: "أعوَن شيء على صلاح النفس القناعة"10.

الزهد مفتاح حبّ الله والناس

1- حقيقة الزهد:
الزهد في الدنيا مقامٌ شريف جداً، ومن أعلى مقامات السالكين إلى الله تعالى، وهو أن لا يرغب الإنسان في الدنيا ولا يميل إليها بقلبه، ويتركها بجوارحه إلا بقدر الضرورة، بهدف العدول إلى ما هو خير منها وأشرف وأبقى، إلى الله تعالى والحياة الآخرة. فجميع الدعوات الإلهية والشرائع الربانية الحقّة هدفها الأساسي ربط الإنسان بالله عزّ وجلّ، وهو ما لا يمكن أن يتحقّق إلا بالإعراض عن غير الحقّ وكلّ ما سواه، مقدّمة للوصول إلى جماله المطلق، كما قال إمامنا الصادق عليه السلام: "وإنّما أَرادوا الزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة"11.

فالرغبة في الدنيا موجبة للاحتجاب عن الحقّ تعالى. والمقصود من الدنيا كلّ ما يشغل الإنسان عن الحقّ عزّ وجلّ. وإلى هذه الحقيقة أشار الإمام الصادق عليه السلام حين عرّف الزهد بأنّه: "تركك كلّ شيء يشغلك عن الله"12، لأنّه من المستحيل العروج إلى الكمالات الروحية والوصول إلى لقاء الحقّ مع التعلّق بغيره تعالى، والتبعية للشهوات والملذّات الفانية.

2- فضيلة الزهد في الكتاب والسنة:
قال تعالى في كتابه العزيز: ﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ13, حيث قال الإمام زين العابدين عليه السلام لرجلٍ سأله عن الزهد، فأجابه أنّ الزهد في هذه الآية14. وقوله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلً15، حيث فُسّر أحسن العمل في التفاسير بأنّه الزهد.

وعن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "حرام على قلوبكم أَن تعرف حلاوة الإيمان حتى تزهد في الدنيا"16.

وعن أَمير المؤمنين علي عليه السلام، قال: "إنّ من أَعون الأخلاقِ على الدين الزهد في الدنيا"17.

وجاء أَعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا محمد، أَخبرني بعمل يحبني الله عليه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "يا أَعرابي، ازهد في الدنيا يحبّك الله، وازهد فيما في أَيدي الناس يحبّك الناس"18.

وعن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "من زهد في الدنيا أَثبت الله الحكمة في قلبه وأَنطق بها لسانه، وبصّره عيوب الدنيا، داءها ودواءها، وأَخرجه منها سالماً إلى دار السلام"19.

وعن أَمير المؤمنين عليه السلام، قال: "إنّ علامة الراغب في ثواب الآخرة زهد في عاجل زهرة الدنيا"20.

3- علامات الزهد:
للزهد ثلاث علامات أساسية، كما أخبر الله تعالى في سورة الحديد المتقدّمة، الآية 23، وهي:
- أن لا يفرح بموجود.
- أن لا يحزن على مفقود.
- أن يستوي عنده من يذمّه ومن يمدحه.

4- شروط تحقّق الزهد:
يشترط في الزهد ثلاثة أمور:
أ- أن يترك الإنسان ما تحبّه النفس وترغب فيه وتطلبه، لأنّ من ترك ما ليس مطلوباً، كتارك التراب والحشرات مثلاً، لا يُسمّى زاهداً، بل من رغب عن الدراهم والذهب يُسمّى زاهداً.
ب- أن يكون زهده في أمرٍ بمقدوره نيله والوصول إليه، إلا أنّه آثر تركه بملء إرادته واختياره، لأنّ ترك ما لا يقدر عليه الإنسان ولا يستطيع الوصول إليه لا يُسمّى زهداً.

ج- أن يكون الهدف من الزهد هو الله والدار الآخرة، أمّا لو كان لغرضٍ غير الله تعالى، كاستمالة القلوب أو الاشتهار وأمثال ذلك، لم يكن من الزهد أصلاً.

الإيثار سجيّة الأبرار

الإيثار هو من أرفع درجات الجود والكرم. ولا يتحلّى بهذه الصفة إلا الذين بلغوا قمّة السخاء، فجادوا بالعطاء، وهم بأمسّ الحاجة إليه، وآثروا بالنوال، وهم في ضنك العيش، لذا عدّت من أهمّ صفات الأبرار وشيم الأخيار، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: "الإيثار سجيّة الأبرار وشيمة الأخيار"21. والإيثار هو أن يجود الإنسان بالمال أو النفس أو الراحة أو ما إلى ذلك من النّعم مع الحاجة إليها، وتفضيل الإنسان الآخرين على نفسه، وتقديم حاجتهم على حاجته. بخلاف السخاء الذي هو عبارة عن بذل الإنسان وجوده بما لا يحتاج إليه، لذا كان الإيثار من أرفع درجات السخاء، كما قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: "الإيثار أعلى مراتب الكرم، وأفضل الشيم"22.

1- فضيلة الإيثار في الكتاب والسنة:
أثنى الله تعالى كثيراً في كتابه الكريم على الذين يؤثرون على أنفسهم، فقال: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ23.

وعن الإمام الباقر عليه السلام، قال: "إن لله عزّ وجلّ جنّة لا يدخلها إلا ثلاثة: رجل حكم على نفسه بالحقّ، ورجل زار أَخاه المؤمن في الله، ورجل آثر أَخاه المؤمن في الله"24.

وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنّه قال: "من آثر على نفسه آثره يوم القيامة بالجنّة"25، وعن الإمام الصادقِ عليه السلام أَنّه سُئِل: ما أَدنى حقّ المؤمن على أَخيه؟ فقال: "أَن لا يستأثر عليه بما هو أَحوج إليه منه"26.

وعن أمير المؤمنين عليه السلام، قال: "الإيثار أفضل عبادة وأجلّ سيادة"27، وقال عليه السلام أيضاً: "الإيثار أحسن الإحسان وأعلى مراتب الإيمان"28.

2- الإيثار وتربية النفس:
عن أمير المؤمنين عليه السلام، قال: "عند الإيثار على النفس تتبيّن جواهر الكرماء"29.

فالإيثار يكشف باطن الإنسان ويعرّفه حقيقة نفسه، لأنّه ليس من السهل أن يقدّم الإنسان حاجة أخيه على نفسه، إلا إذا تجاوز عقبة حبّ الذات والدنيا، وآثر عليهما الله والدار الآخرة. فالإيثار من أهمّ العوامل التي تساعد على ارتقاء النفس وصفائها وبلوغها الدرجات العليا، لأنّها تجرّد النفس من التعلّقات الدنيوية والرغبات والأهواء النفسية التي لا تزيد الإنسان عن الله سبحانه وتعالى إلا بعداً واحتجاباً. فالمطلوب من الإنسان في سيره إلى الله أن يتخفّف من أوزان وأثقال هذه الدنيا الفانية ليلحق بالصالحين الأبرار، كما قال مولى الموحّدين علي عليه السلام: "تخفّفوا تلحقوا"30. والتحلّي بصفة الإيثار يحتاج في البداية إلى ترويض ٍومجاهدة حتى تصبح هذه الصفة ملكةً راسخة في النفس، لذا في البداية يتكلّف الإنسان الإيثار ويجبر نفسه عليه، لأنّ حبّ النفس ومصالحها ما زالت موجودة. من هنا، يعتبر الإيثار من أنواع جهاد النفس أيضاً وثوابه عظيمٌ عند الله تعالى، إلى أن تطوّع النفس بشكل كامل بفعل المداومة على أعمال البرّ والإحسان فيصبح الإيثار عن طوعٍ ورضا ورغبة نفسية بعد أن كان عن كرهٍ وانزعاج.
 

 


1- سورة التوبة، الآية 85.
2- سورة طه، الآية 131.
3- الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج15، ص 228.
4- الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص139.
5- وسائل ‏الشيعة، ج16، ص 20.
6- الآمدي، غرر الحكم، ص 393.
7- م. ن.
8- العلّامة المجلسي، بحار الانوار، ج66، ص 411.
9- الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج 15، ص 226.
10- الآمدي، غرر الحكم، ص 391.
11- الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص 16.
12- الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج12، ص45.
13- سورة الحديد، الآية 23.
14- الحرّ العاملي، وسائل الشيعة، ج16، ص 12.
15- سورة الكهف، الآية 7.
16- الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص 128.
17- م. ن، ص 128.
18- الحرّ العاملي، وسائل ‏الشيعة، ج9، ص 450.
19- م. ن، ج 16، ص 10.
20- م.ن، ج 16، ص 11.
21- الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج16، ص396.
22- الآمدي، غرر الحكم، ص 395.
23- سورة الحشر، الآية 9.
24- الشيخ الكليني، الكافي، ج 2، ص 178.
25- الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج7، ص 249.
26- م. ن، ص 212.
27- الآمدي، غرر الحكم، ص 395.
28- م. ن، ص 396.
29- م.ن، ص 396.
30- العلّامة المجلسي، بحار الانوار، ج6، ص135.

الأحد, 14 نيسان/أبريل 2024 05:05

رأس الإيمان وقوامه (الصدق - العدل)

جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله، ما عمل أَهل الجنّة؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: "الصِّدق. إذا صدق العبد برَّ، وإذا برَّ آمن، وإذا آمن دخل الجنّة".

مدخل
لا بدّ لكلّ إنسانٍ تائقٍ إلى الكمال والسعادة الحقيقية أن يبحث عنهما أولاً في نفسه، فإذا وجدهما ارتاحت نفسه واطمأنت وعاشت السلام الذي تنشده وتبحث عنه على الدوام. وكمال كلّ نفس وقيمتها ما تختزنه من الفضائل الأخلاقية والصفات الحميدة. فكلّما تخلّقت هذه النفس بالصفات الحميدة والأخلاق الإلهية، كلّما صفت وطهرت وتنوّرت، وبالتالي ارتقت في مراتب الكمال الإنساني وتدرّجت في المقامات المعنوية الرفيعة. فصفات النفس هي التي تحدّد جوهر ومعدن هذه النفس، وترسم للإنسان صورة مصيره بعد أن يغادر هذا العالم وليس في جعبته سوى صورته الخلقية وما عمله من أعمالٍ في هذه الدنيا. لذا، ومن منطلق الأهمّيّة التي تشكّلها هذه الصفات والأخلاق، لا بدّ للإنسان التائق إلى لقاء ربّه من أن يجهد نفسه في التعرّف إلى هذه الفضائل ويسعى للتخلّق بها. وسنحاول في هذه الفصول أن نسلّط الضوء على بعض هذه الشمائل، ونكمل ما سبق وبدأنا به عندما تحدّثنا عن صفات وخصال المجاهدين الأساسية، ونذكر منها:

حقيقة الصدق
الصدق هو مطابقة القول للواقع، وهو من أشرف الفضائل النفسية والمزايا الخلقية، لخصائصه الجليلة، وآثاره الهامّة في حياة الفرد والمجتمع. فهو أساس الإيمان، ورمز استقامة المجتمع وصلاحه، وسبب كلّ نجاح ونجاة، لذلك مجّدته الشريعة الإسلامية وحرّضت عليه، قرآناً وسنة.

فضيلة الصدق

أ- في القرآن:
قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ1.

وقال عزّ اسمه: ﴿قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ2.

وقال عزّ وجلّ في آية أخرى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ3.

ب- في الروايات:
عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "أَربعٌ من كنَّ فيه كمل إيمانه، وإن كان من قرنه إلى قدمه ذنوباً لم ينقصه ذلك"، قال: "وهو الصدق وأَداء الأمانة والحياء وحسن الخُلقِ"4.

وعن عمرو بن أَبي المقدام، قال: قال لي الإمام الباقر عليه السلام في أَوَّل دخْلَةٍ دخلت عليه: "تعلَّموا الصدق قبل الحديث"5.

وعن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أوصيك يا عليّ في نفسك بخصال ـ اللَّهم أَعنه ـ الأولى الصِّدق، ولا يخرج من فيك كذبة أَبداً"6.

وعن أَبي جعفر ابن محمّد عليه السلام، قال: "أَحسن من الصدقِ قائله، وخيرٌ من الخير فاعله"7.

وعن أمير المؤمنين علي عليه السلام، قال: "الصدق يهدي إلى البرّ، والبرّ يدعو إلى الجنّة، وما يزال أَحدكم يصدق حتى لا يبقى في قلبه موضع إبرة من كذب حتى يكون عند الله صادقاً"8.

وعن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "قال تحرَّوا الصدق، فإن رأَيتم فيه الهلكة فإنّ فيه النجاة"9.

وقيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أَيّ الأخلاقِ أَفضل؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: "الجود والصدق"10.

وعن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "من صدق لسانه زكى عمله"11.

أهمّيّة الصدق وقيمته
إنّ من ضرورات الحياة الاجتماعية ومقوّماتها الأصلية شيوع التفاهم والتآزر بين أفراد المجتمع الواحد، ليتمكّنوا من النهوض بأعباء الحياة، وتحقيق غاياتها وأهدافها، لينعموا بحياةٍ هانئة وكريمة، ملؤها المودّة والسلام. وهذا لا يتحقّق إلا بالتفاهم والتعاون الوثيق وتبادل الثقة والائتمان بين الأفراد. ومن البديهي أنّ اللسان هو أحد أهمّ أدوات التفاهم والتواصل بين البشر، والترجمان العملي لأفكارهم وما يدور في خلدهم، فهو يلعب دوراً خطيراً في حياة المجتمع والأفراد. وعلى صدق اللسان وكذبه تبنى سعادة المجتمع وشقاؤه، فإن كان اللسان صادق القول، وأميناً في الشهادة والنقل، كان عاملاً مهمّاً في إرساء السلام في المجتمع، وزيادة أواصر التفاهم والتعاضد بين أفراده، وكان رائد خيرٍ ورسول محبّة بين البشر، وأمّا إن كان متّصفاً بالخداع والتزوير، والخيانة والكذب، غدا رائد شرّ، ومدعاةً للتباغض بين أفراد المجتمع، وسبباً لخرابه وفساده. لذا، كان الصدق من ضرورات الحياة الاجتماعية والفردية، لما له من انعكاساتٍ مباشرة على كلّ منها، فهو نظام عقد المجتمع السعيد والمسالم، ودليل استقامة أفراده والمؤكّد على صحّة وقوّة إيمانهم. لذا، كان التأكيد والحثّ الشديد في الآيات والروايات عليه، لأنّه، باختصار، هو العمود الفقري لمجتمعٍ معافى وسليم من الأحقاد والتنازع، وإيمان خالص وصادق بالله.

أقسام الصدق

للصدق صورٌ وأقسامٌ، أبرزها:

الصدق في الأقوال: وهو الإخبار عن الشيء على حقيقته من غير تحريفٍ أو تزوير.

الصدق في الأفعال: وهو مطابقة القول الفعل، كالبرّ بالقسم والوفاء بالعهد.

الصدق في العزم: وهو التصميم على أفعال الخير، فإن قام بإنجازها كان صادق العزم.

الصدق في النيّة: وهو تطهير النيّة من شوائب الرياء وغيرها من الآفات، والإخلاص لله تعالى في القصد، بحيث لا يكون الدافع ولا القصد سوى رضا الله والتقرّب إليه.

الكذب مفتاح الشرّ
الكذب صفة تجعل صاحبها ذليلاً وتذهب بماء وجهه واعتباره، وهي أصل الانفعال والخجل واسوداد الوجه في الدنيا والآخرة. والآيات والروايات الدالّة على خبث هذه الصفة كثيرة، منها:
رُوي عن الصادق الأمين صلى الله عليه وآله وسلم قوله: "المؤمن إذا كذب بغير عُذر لعنه سبعون ألف ملك، وخرج من قلبه نتنٌ حتّى يبلغ العرش فيلعنه حملة العرش، وكتب الله عليه بتلك الكذبة سبعين زنيةً، أهونها كمن يزني مع أمه"12.

ورُوي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً قوله: "الكذب مجانب الإيمان، ولا رأي لكذوب"13.

ورُوي عن أمير المؤمنين عليه السلام، فيما أوصاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يا علي، إيّاك والكذب! فانّ الكذب يسوّد الوجه، ثمّ يُكتب عند الله كذابا، وإنّ الصدق يبيّض الوجه، ويُكتب عند الله صادقا، واعلم أنّ الصدق مبارك والكذب مشؤوم"14.

ورُوي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قوله: "إنّ الله عزّ وجلّ جعل للشرِّ أقفالاً، وجعل مفاتيح تلك الأقفال الشّراب، والكذب شرٌّ من الشراب"15.

العدل سيّد الفضائل
العدل ضدّ الظلم، وهو مناعةٌ تردع صاحبها عن الظلم وتحفّزه على أداء الحقوق والواجبات. وهو سيّد الفضائل وقوام المجتمع المتحضّر، والارتباط العميق والصحيح بالحقّ تعالى، وسبيل السعادة والسلام. وقد اهتمّ الإسلام اهتماماً شديداً بهذه الفضيلة وأمر بها في القرآن والسنّة:

1- فضيلة العدل:

أ- في القرآن:
قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى16.

وقال عزّ اسمه: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ17.

وقال عزّ وجلّ أيضاً: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ18.

وقال عزّ وجلّ أيضاً: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى19.

ب- في الروايات:
عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "قال أَمير المؤمنين عليه السلام: اعرفوا الله بالله والرسول بالرسالة وأولي الأمر بالأمر بالمعروف والعدل والإحسان"20.

وعنه عليه السلام أيضاً أنّه قال: "إنّ الناس يستغنون إذا عدل بينهم، وتنزل السماء رزقها، وتخرج الأرض بركتها بإذن الله تعالى"21.

رُوي أنّ أبا عبد الله عليه السلام رأَى زاملة قد مالت، فقال: "يا غلام، اعدل على هذا الحمل، فإنّ الله تعالى يحبّ العدل"22.

عن الإمام الرضا عليه السلام، قال: "استعمال العدل والإحسان مُؤذِن بدوام النعمة"23.

وعن الإمام الصادقِ عليه السلام أَنّه سُئِل عن صفة العدل من الرجل، فقال: "إذا غضّ طرفه عن المحارم، ولسانه عن المآثم، وكفّه عن المظالم"24.

وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنّه قال: "عَدْلُ ساعةٍ خيرٌ من عبادة سبعين سنةً، قِيامٍ ليلها وَصِيامٍ نهارها"25.

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً: "العدل ميزان الله في الأَرض، فمن أَخذه قاده إلى الجنّة، ومن تركه ساقه إلى النار"26.

وعن أمير المؤمنين علي عليه السلام، قال: "العدل رأس الإيمان وجماع الإحسان"27، وعنه عليه السلام أيضاً، قال: "شيئان لا يوزن ثوابهما، العفو والعدل"28.

2- أهمّيّة العدل:
النفوس السليمة فُطرت على حبّ العدل وبغض الظلم. وقد أجمع البشر على مرّ التاريخ، ورغم اختلاف الشرائع والمبادئ، على تمجيد العدل وتقديسه والتغنّي بفضائله ومآثره والتفاني في سبيله. وكيف لا؟! وهو رأس الإيمان، ومن صفات أولي الأمر، وباب البركات ودوام النّعم، وميزان الله في أرضه، الذي من تمسّك به قاده إلى جنّة الرضوان والنعيم، وهو سرّ حياة المجتمعات، ورمز فضائلها، وقوام مجدها، وضمان أمنها ورقيّها ورخائها. وما دالت الدول الكبرى وتلاشت الحضارات العظمى إلا بضياع العدل والاستهانة بمبدئه الأصيل ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ29. وقد كان أهل البيت عليهم السلام المثل الأعلى للعدل، وكانت أقوالهم وأفعالهم دروساً خالدة تنير للإنسانية مناهج العدل والحقّ والرشاد. وها هو سيّدهم أمير المؤمنين ومولى الموحّدين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: "والله، لئن أبيت على حَسَكِ السَّعْدان30 مُسَهَّداً31، أو أُجَرَّ في الأغلال مُصَفَّداً، أحبّ إليّ من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد، وغاصباً لشيءٍ من الحطام، وكيف أظلم أحداً لنفسٍ يُسرِعُ إلى البِلَى قُفولُها، ويطول في الثرى حُلولُها؟!"32.

3- أنواع العدل:
للعدل أشكالٌ وصورٌ متعدّدة، منها ما هو مرتبطٌ بالله عزّ وجلّ، ومنها ما هو مرتبطٌ بالمجتمع، ومنها ما هو مرتبطٌ بالولاية والحكم.

أ- عدل الإنسان مع الله عزّ وجلّ: الذي خلق الإنسان وسوّاه وأفاض عليه من أنواع النعم والكرامات ما يعجز اللسان عن إحصائه ﴿وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ33. ومقتضى العدل والإنصاف أن يؤدّي الإنسان ما عليه من واجبات وحقوق تجاه الإله المنعم، والتي تتلخّص بالإيمان به، وتوحيده، والإخلاص له، والتصديق برسله وحججه على خلقه، وعبادته، وطاعته، وترك معصيته.

ب- عدل الإنسان مع المجتمع: من خلال رعاية حقوق أفراده وكفّ الأذى عنهم والإساءة إليهم، والتعاطي معهم بكرم الأخلاق، وحسن مداراتهم وحبّ الخير لهم، والعطف على بؤسائهم ومعوزيهم ونحو ذلك من محقّقات العدل الاجتماعي. وقد لخّص الله تعالى هذا النوع من العدل بقوله: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ34.

ج- عدل الحكّام: بما أنّ الحكام هم ساسة الرعية وولاة أمر الأمّة، فهم أجدر الناس بالعدل، وأولاهم بالتحلّي به، فبعدلهم يستتبّ الأمن، وتشيع المساواة، ويسود الرخاء والسلام، وبجورهم تنتكس كلّ الفضائل، وتغدو الأمّة في قلق وحيرة وضنك وشقاء: ﴿فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ35.

 


1- سورة الزمر، الآيتان 33 – 34.
2- سورة المائدة، الآية 119.
3- سورة التوبة، الآية 119.
4- الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص 99.
5- الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج12، ص 163.
6- م. ن.
7- م. ن، ج16، ص 292.
8- م.ن، ج8، ص 455.
9- الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج8، ص 455.
10- م. ن، ص 458.
11- الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص 104.
12- الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج9، ص86.
13- م.ن، ج9،ص88.
14- العلّامة المجلسي، بحار الانوار،ج74،ص67.
15- الشيخ الكليني، الكافي: ج2، ص338.
16- سورة المائدة، الآية 8.
17- سورة النساء، الآية 58.
18- سورة النحل، الآية 90.
19- سورة الأنعام، الآية 152.
20- الشيخ الكليني، الكافي، ج1، ص 85.
21- م.ن، ج3، ص 568.
22- الصدوق، محمد بن علي بن بابويه، من لا يحضره الفقيه‏، تحقيق وتصحيح علي أكبر غفاري، قم‏، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم‏، 1413 ه‏، ط 2،ج2، ص 292.
23- الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج11، ص 317.
24- م.ن، ج11، ص 317.
25- م. ن.
26- م. ن.
27- م. ن، ص 319.
28- م. ن، ص 320.
29- سورة النمل، الآية 52.
30- السعدان، نبات له حسك، أي له شوك حادّ وقاس.
31- المسهّد، الممنوع من النوم.
32- نهج البلاغة، خطبة 224.
33- سورة إبراهيم، الآية 34.
34- سورة النحل، الآية 90.
35- سورة الزخرف، الآية 65.

الأحد, 14 نيسان/أبريل 2024 05:04

حرمة إعانة الظالمين والركون إليهم

إنّ أحد أهم العوامل التي تُهيّىء المجتمع الإسلامي للقيام بنصرة المظلوم هو البعد كل البعد عن إعانة الظالم وتقديم أي نوع من أنواع المساعدة له، لماذا؟ لأنّ مساعدة الظالم تجعله يتمادى في الطغيان، ويكون أكثر وقاحة في اقتراف المزيد من الظلم وأعمال الباطل، وكثير مِن الظلمة لا يباشرون الظلم بأنفسهم بل يجدون أعواناً لهم يعينونهم، ويُسهِّلونه عليهم، ولا يعلمون أنهم في الإثم سواء قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾[1].
 
"ومن عظم خطر الظلم وسوء مغبّته أن نهى الله تعالى عن معاونة الظالمين والركون إليهم: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ﴾[2]. هذا هو أدب القرآن الكريم، وهو أدب آل البيت عليهم السلام، وقد ورد عنهم ما يبلغ الغاية من التنفير عن الركون إلى الظالمين، والاتّصال بهم، ومشاركتهم في أي عمل كان، ومعاونتهم ولو بشقّ تمرة، ولا شك أنّ أعظم ما مُني به الإسلام والمسلمون هو التساهل مع أهل الجور، والتغاضي عن مساوئهم، والتعامل معهم، فضلاً عن ممالأتهم ومناصرتهم وإعانتهم على ظلمهم.... لقد جاهد الأئمة عليهم السلام في إبعاد من يتّصل بهم عن التعاون مع الظالمين، وشدّدوا على أوليائهم في مسايرة أهل الظلم والجور وممالأتهم، ولا يحصى ما ورد عنهم في هذا الباب"[3]. فقد روي عن مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: "من أعان ظالماً سلّطه الله عليه"[4]، وعنه صلى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال: "من مشى مع ظالم فقد أجرم، يقول الله: ﴿إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ﴾[5].[6]
 
ولأنّ في نصرة المظلوم حتى يأخذ حقّه، والأخذ على يد الظالم حتى يكفّ عن تعديه حفظ نظام المجتمع، وحماية الضعفاء من تسلّط الأقوياء، سعى أئمة الهدى عليهم السلام بكل ما أتاهم الله تعالى لإقامة حكمه في الأرض، وهو الحكم الذي يقتص فيه للمظلوم من الظالم، ويلقى المحسن والمسيء كل جزاءه، وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: "لم تكن بيعتكم إياي فلتة، وليس أمري وأمركم واحداً إنّي أريدكم لله، وأنتم تريدونني لأنفسكم. أيها الناس أعينوني على أنفسكم، وأيم الله - لأنصفنّ المظلوم، ولأقودنّ الظالم بخزامته حتى أورده منهل الحق، وإن كان كارهاً -"[7].
 
ومن أجل إدانة الباطل، وتأييد الحق، وتربية النفوس على مقت الظلم ورفضه، والبراءة من الظالمين أوصى مولانا أمير المؤمنين الإمامين السبطين الحسن والحسين عليهم السلام قائلاً: "كونا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً"، وأتبعها بقوله عليه السلام: "أوصيكما وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي .."[8]، وخاطب نوف البكالي واعظاً: "يا نوف إن سرك أن تكون معي يوم القيامة، فلا تكن للظالمين معيناً"[9]، وروى عبد الله بن سنان عن الإمام الصادق قال: "سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: "من أعان ظالماً على مظلوم لم يزل الله عليه ساخطاً حتى ينزع من معونته"[10].
 
وقد أمر عليه السلام صفوان بن مهران الجمال بأن يخاطب الإمام الحسين عليه السلام في الزيارة الشهيرة المعروفة بزيارة عرفة قائلاً: "... فلعن الله أمةً قتلتك، ولعن الله أمةً ظلمتك ولعن الله أمةً سمعت بذلك فرضت به.."[11]، ويرشدنا مولانا الإمام علي بن الحسين عليهما السلام في دعاء مكارم الأخلاق للاعتذار من الله سبحانه إن لم تكن لنا القدرة على نصرة المظلوم: "اللهم إنّي أعتذر إليك من مظلوم ظُلم بحضرتي، فلم أنصره"[12]، وفي دعاء العهد المروي عن إمامنا الصادق عليه السلام والذي يقول في فضله من دعا إلى الله أربعين صباحاً بهذا العهد كان من أنصار قائمنا.. "اللهم واجعله مفزعاً للمظلوم من عبادك، وناصراً لمن لا يجد ناصراً غيرك،.."[13].
  
[1] سورة المائدة، الآية 2.
[2] سورة هود، الآية 113.
[3] العلامة الشيخ محمد رضا المظفر، عقائد الإمامية، فصل: عقيدتنا في التعاون مع الظالمين.
[4] الفقيه المحدث قطب الدين الراوندي قدس سره، الخرائج والجرائح، ج 3، ص 91، تحقيق ونشر مؤسسة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف - قم، المطبعة العلمية - قم، ط 1، 1409هـ.
[5] سورة السجدة، الآية 22.
[6] العلامة المولى محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار، ج 72، ص 377.
[7] أبن أبي الحديد المدائني، شرح نهج البلاغة، ج 1، ص 2459.
[8] م.ن، ج 1، ص 4704.
[9] الشيخ الصدوق، الآمالي، ص210.
[10] م.ن.
[11] شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، زيارة الأربعين، تحقيق وتعليق السيد حسن الموسوي الخرسان، نشر دار الكتب الإسلامية - طهران، مطبعة خورشيد، ط 4، 1365هـ.
[12] الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام، الصحيفة السجادية، دعاؤه في الاعتذار من تبعات العباد.
[13] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 91، ص 42.

الأحد, 14 نيسان/أبريل 2024 05:03

أبعاد وأركان الإصلاح الاجتماعيّ‏

إّن الجهل وعدم الاطّلاع على معارف القرآن والعترة عليهم السلام بمثابة أمّ الفساد على المستوى الثقافيّ والاجتماعيّ، ولن تتحقق الإصلاحات إلّا من خلال حالة التعاون بين النظام التعليميّ والتبليغيّ وبمساعدة النظام السياسيّ والاقتصاديّ. عندما تكون الميزانيات والبرامج متوجّهة إلى التوسعة السياسيّة والأحزاب والحرب الإعلامية للمجموعات والأجنحة وحوار الحضارات، أكثر مما هو مرصود لتعليم القرآن والدراسات القرآنية ونشر أفكار المعصومين عليهم السلام، عند ذلك لن يبقى أيّ مجال للحديث عن الإصلاح الصادق.

عندما نصرف من الميزانيّات على الإرث الثقافيّ أكثر ممّا نصرف على المساجد وهي أكثر الأماكن شعبيّة، عند ذلك ستصبح المساجد في خدمة الإرث الثقافي لا العكس.

أمّا الفقر والبطالة فهما سببان للكثير من المفاسد الاجتماعية، والنظام التعليميّ والتربويّ في البلد هو الذي يمكنه القضاء على الفقر من خلال تربية أجيال مُجدّة ومجتهدة ومؤمنة تتبع الإيثار والتعاون. وما لم يتمّ دعم المعلّمين والأساتذة من الناحيتين الاقتصاديّة والاجتماعيّة، وما دامت مداخيل التجّار والأبطال في الساحات الرياضية أكثر بكثير من الأساتذة والمعلّمين، عندها لن تكون الإصلاحات سوى رؤيا بعيدة المنال.

وتشكّل الأمراض الجسميّة المقدار الأكبر من مشكلات المجتمع، حيث يساهم تعليم طرق الوقاية في القضاء على الأمراض في اللحظات الأولى.

وتعود جذور الظلم والاعتداء على الآخرين إلى الجهل وتنمو هذه الأمور في المكان الخالي من الإيمان. والحوزة والجامعة هما المكان الوحيد الذي يمكن من خلاله القضاء على الجهل والطمع واستبدال الظلم والظلمة بأنوار الإيمان والأخلاق.

ويعود الفصل العنصري والتمييز إلى الاستكبار الروحيّ. والإسلام يدعو ليكون المسلمون أخوة ومتساوين في النظام الحقوقيّ. ويؤدّي تفضيل بعض الطبقات الاجتماعية على أخرى إلى رواج الكثير من المفاسد الاجتماعية.

لن تتحقّق الإصلاحات الاجتماعية إلا إذا خضعت المجموعات الاجتماعية للقانون الإلهي وليس للقوانين الشرقيّة والغربيّة، أي إذا تمّ التسليم المطلق للقرآن والسُّنَّة النبويّة وقيادة أهل البيت عليهم السلام.

أركان الإصلاح‏
للإصلاح أربعة أركان في الفكر الإسلاميّ، يشكّل الإيمان بالله والأنبياء والقيامة دعامتها الأساسيّة.

وأمّا هذه الأركان فعبارة عن: "المعرفة، العبادة، العدالة"، والوحدة. ولن تتحقّق الإصلاحات من المعرفة الإلهية والرؤية المعنوية، من دون العبودية لله والصلاة والتسليم للقانون الإلهيّ، ومن دون الرضوخ للعدالة وحقوق الآخرين.

إنّ أكبر وأعمق الإصلاحات هي الاصلاحات العقائديّة والإيمانيّة والأخلاقيّة. أمّا الذين يدعون إلى الاستسلام والكفر والشرك فهم في الواقع يحملون لواء المفاسد الثقافيّة، وهم أعداء الاستقلال والحريّة والعدالة والعيش بسلام.

وأمّا الغفلة عن رسالة السماء وتكبير المالكين بالقهر، فهما أمّ الفساد الثقافيّ.

وأمّا جذور أغلب المفاسد الداخليّة والخارجيّة فتعود إلى سلطة الرأسماليّة وتجّار السلاح وأصحاب وسائل الإعلام حيث تؤثّر هذه الأمور في المصير السياسيّ والاقتصاديّ والثقافيّ للبشر، وهي سبب عدم الاهتمام بالقوانين الإلهيّة وإخراج الله تعالى من أذهان وقلوب البشريّة.

إنّ الإصلاح الاجتماعيّ هو حركة مستمرّة ونسبيّة قد ترتفع تارة وقد تنخفض أخرى، لذلك فإذا اقتربت البشريّة أكثر من المعايير القرآنية وأفكار حاملي الوحي والأحكام الإلهية، عندها تتحقّق الإصلاحات.

إنّ الإصلاح هو حركة توحيديّة، تكامليّة، أخلاقيّة، عادلة، تحرريّة، ومعرفية إيمانية وصادقة، إذا تم التغافل عن هذه الأمور في العملية الإصلاحية فهذا يعني أنّ الإصلاح كاذب.

أمّا برامج الشرك والارتجاع ومخالفة الأخلاق والغفلة والجهل، فكل هذه الأمور لا تدخل في الإصلاح. ولن تكون السياسة التي تؤدّي إلى عدم الاستقلال الاقتصاديّ والارتماء في أحضان السلطة الخارجيّة إصلاحاً على الإطلاق. وأمّا البرامج التي تحصل تحت إدارة وإشراف الأجانب والتي تطال الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية والرياضية، فهي في الواقع مخالفة للإصلاحات الصادقة، ولا يمكن أن تتحقّق الإصلاحات الصادقة من خلال وجود برامج وسياسات تشرف عليها الأمم المتحدة. ولا تتحقّق إذا كانت مقبولة في الإعلام التابع للصهيونية العالمية. والواقع أنّ الإصلاحات الصحيحة الصادقة هي التي تجري في ظلّ القوانين والسياسات والبرامج التي تضمن استقلال المسلمين، وتقوّي الإيمان وتدفع الفقر والبطالة، وتؤمّن الأمن والقوة الوطنية، وتنشر العدل الاجتماعي وتقيم المعروف وتنكر االباطل وتمجّد عزة المسلمين، وتخذل الكفّار والمنافقين..

والإصلاحات الصادقة هي التي تجري في ظلّ المُثُل والأخلاق والسياسات العلوية بالإضافة إلى اسم وأمر القرآن ونهج البلاغة. والإصلاحات الصادقة عبارة عن كلمتين: إحياء السُّنّة النبوية وإزالة بدع الجاهلية القديمة والحديثة.

الأحد, 14 نيسان/أبريل 2024 05:01

ما هو تأثير القلب في أحكام العقل؟

إن كان عقل الإنسان حرّاً، فإنَّه يقضي ويحكم في الأمور كما ينبغي، وكما هي في الواقع، فيرى الخير خيراً، والشرّ شرّاً. أمّا إن وقع تحت سيطرة القلب ونفوذه، فسوف يحكم بما يهوى القلب ويحبّ، لا بما يقتضيه الحقّ، إنَّ العقل في ذاته قاضٍ عادلٌ، ولكن ينبغي الحفاظ على استغلال قوّته القضائيّة لكيلا تتسلَّط عليه السلطة التنفيذيّة بميولها ورغباتها وأهوائها، فإن تسلَّطت عليه فلا ينبغي أن ينتظر منه أن يكون عادلاً في أحكامه.

من كلمات إمام المتّقين عليٍّ (عليه السلام): «ومَنْ عَشِقَ شَيْئاً أَعْشَى بَصَرَهُ وَأَمْرَضَ قَلْبَهُ»[1]. والمقصود هو أنَّه في ظلمات الحوادث التي يحتاج فيها المرء إلى النور الذي يلقيه العقل لهدايته، يعمي حبُّ الشيء بصرَه فلا يرى. إنّ الحبّ والبغض، والصداقة والعداوة، تؤثّر في القضاء.

ولذلك، فإنَّ المرء ينظر إلى كلِّ ما يتعلَّق به نظرةَ إعجابٍ واستحسانٍ ورضى. إنَّ في الإنسان غريزةَ حبِّ الذّات، إنّه متعلّق بنفسه أكثر ممّا هو متعلّق بأيّ شيءٍ آخر، فهو ينظر إلى نفسه وإلى ما يخصّه بمنظارِ حسنِ الظنّ دائماً؛ أي إنَّه يقضي فيما يتعلَّق بذاته وبخاصّته بما يُرضي قلبه، لا بما يُرضي الحقّ والحقيقة. إنّه يرى أخلاقه الرديئة جيّدة، ويحسب أعماله السيّئة حسنة: ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوٓءُ عَمَلِهِ فَرَءَاهُ حَسَنا﴾[2]، ﴿تَٱلـلَّهِ لَقَد أَرسَلنَآ إِلَىٰٓ أُمَم مِّن قَبلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيطَٰنُ أَعمَٰلَهُم﴾[3]، ﴿قُل هَل نُنَبِّئُكُم بِٱلأَخسَرِينَ أَعمَٰلًا * ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعيُهُم فِي ٱلحَيَوٰةِ ٱلدُّنيَا وَهُم يَحسَبُونَ أَنَّهُم يُحسِنُونَ صُنعًا﴾[4].

أمّا المؤمن، فيقول عنه أمير المؤمنين عليٌّ (عليه السلام): «المؤمن لا يُصبح ولا يُمسي إلَّا ونفسه ظنونٌ عنده»[5]؛ أي إنَّه لا يحسن الظنّ بنفسه أبداً؛ إذ يحتمل أن يصدر عنها عمل سيّئ في كلِّ لحظة. وإن وصل المرء حقّاً إلى هذه المرحلة، مرحلة إساءة الظنّ بنفسه الأمَّارة، واحتمال ارتكابها إثماً، أو إتيانها عملاً قبيحاً، فإنَّه سوف يراقب نفسه، ويمنعها من القيام بما لا يليق. والويل لمن لا ينزع عن عينه أبداً منظار حُسن الظنّ بنفسه والإعجاب بها.

وعليه، يتَّضح أنَّ الإنسان قد يقع تحت مؤثّرات تجعلُ أحكامه سقيمةً بحيث يُخطئ في قضائه، فيجانب العدالة، ويفقد حريّة عقله إن سيطر القلب وأهواء القلب عليه، فلا يرى الإنسان نفسه طاهراً ظاهريّاً فحسب، بل إنَّه يعتقد في قرارة نفسه أنّه نقيٌّ فعلاً، ولا عيبَ فيه مطلقاً. ولا يمكن غير ذلك؛ لأنَّ شخصاً هذا مبلغه من عدم تحرُّر عقله ومنطقه لا يكون قادراً على إدراك الحقيقة، ورؤية ما هو في الواقع. فكما إنَّ أعضاء الإنسان وأطرافه لا تستطيع الحركة إلَّا إن كانت طليقةً حرَّة، كذلك العقل والفكر. إنَّ تقييد حركة الأعضاء والأطراف يكون بربطها بالسلاسل والقيود، وتقييد العقل يكون بربطه بأهواء القلب، وبسلاسل رغبات النَّفس، من حبٍّ وكرهٍ وتعصُّبٍ وما إلى ذلك.

يصف القرآن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فيقول: ﴿يَأمُرُهُم بِٱلمَعرُوفِ وَيَنهَىٰهُم عَنِ ٱلمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيهِمُ ٱلخَبَٰٓئِثَ وَيَضَعُ عَنهُم إِصرَهُم وَٱلأَغلَٰلَ ٱلَّتِي كَانَت عَلَيهِم﴾[6].

وما هذا الإصر وهذه الأغلال سوى تلك القيود التي تكبّل عقول الناس وأرواحهم، فرفعها الرسول (صلى الله عليه وآله) عنهم بما زوّده ربَّه من أحكامٍ وعقائد وأخلاقٍ ونُظمٍ تربويّة.
 


[1]  السيّد الرضيّ، نهج البلاغة (خطب الإمام عليّ (عليه السلام))، مصدر سابق، خطبة 109.
[2] سورة فاطر، الآية 8.
[3] سورة النحل، الآية 63.
[4] سورة الكهف، الآيتان 103 - 104.
[5] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة (خطب الإمام عليّ (عليه السلام))، مصدر سابق، ص251.
[6] سورة الأعراف، الآية 157.

ان سماحته أضاف: الإمام الخميني (قدس سره) كان لا يزال حيًا وكانت الحرب المفروضة على إيران قائمة حينها وكان رجال الحرس على الجبهات ولكن بسبب الاجتياح قدموا إلى لبنان وسورية للمساعدة في مواجهة الاحتلال.

وفي الاحتفال التكريمي لمناسبة استشهاد القائد الجهادي الكبير اللواء محمد رضا زاهدي في مجمع سيد الشهداء (ع) ببيروت قال سماحته، كنا نواجه اشكالية مع الشخصيات غير العلنية إذا كشفنا حقائق عن عمله نكبّر انجازات العدو وإذا أخفينا نكون قد نغبط الشهيد حقّه.

وتابع سماحة السيد حديثه قائلًا: جاءت قوات إيرانية إلى الزبداني في سورية ولكن جراء تقييم الوضع تقرَّر بقاء مجموعة من ضباط وكوادر الحرس لتفعيل المقاومة الشعبية ونقل التجربة والمشورة والتدريب والدعم اللوجستي، وأشار الى ان ضباط وكوادر الحرس حضروا إلى لبنان إلى منطقة جنتا وأُقيم أول معسكر تدريب.

وبيّن سماحته انه مع تطور الأحداث في سورية عام 2011 حضر أيضًا مستشارون إيرانيون وقوات لفصائل المقاومة في المنطقة التي اعتبرت أن ما يجري على سورية يمس المقاومة في المنطقة.

استهدف الاحتلال القنصلية الإيرانية في سورية

وعن استهدف الاحتلال القنصلية الإيرانية واستشهد مستشارون عسكريون إيرانيون وحضورهم في هذا المكان أكد سماحته أن هذه أمر طبيعي وضمن الأعراف، لافتًا الى ان أميركا وبعض الدول الأوروبية عملت على مناقشة دور القنصلية في دمشق.

ورأى سماحته ان العدو عندما يعلن حربًا علنية ويزعم استهداف قواتٍ إيرانية بينما هو يستهدف المستشارين الإيرانيين الذي قاموا بخدمات جليلة على مستوى المقاومة في المنطقة، معتبرًا ان الاستهداف ينطلق من فهم الإسرائيلي لدور مستشاري الحرس في منطقتنا على مستوى المقاومة وهو جزء من المعركة الأوضح والأشرف والأكثر مركزية في المنطقة والأمة.

كما، لفت سماحته الى ان استهداف القنصلية الإيرانية في سورية يعني أن الاعتداء هو على إيران وليس فقط على سورية معتبرًا ان الجديد أيضًا هو مستوى الاغتيال حيث كان الشهيد زاهدي هو مسؤول المستشارين في سورية.

وأوضح الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله ان التقديرات تشير إلى أنَّ العدو أخطأ التقدير في استهداف القنصليه وذلك نسبةً لما أُعلن من موقف إيراني وما يُنتظر من رد فعلٍ إيراني.

وبيّن سماحته الى انه "عد توافر المعلومات، بات واضحاً أنّ الاميركي سلّم و"الاسرائيلي" سلّم والعالم كلّه سلّم بالردّ الإيراني على هذا الاستهداف، وهذا حق طبيعي لإيران ومن الطبيعي أن تقوم الجمهورية الإيرانية بهذا الرد.

هذا، ولفت السيد نصر الله الى أن العدو أعلن أن هدف الاستهدافات هو إخراج المستشارين الإيرانيين من سورية، وأوضح انه لم يتمكن من ذلك رغم الدماء التي سالت من إخراجهم وبقوا لمساندة المقاومة في فلسطين ولبنان ودعم سورية.

كما، أوضح انه لا أساس من الصحة للمزاعم بأنَّ إيران هي صاحبة القرار في سورية، مشددًا على ان المساعدة التي قدمتها إيران لسورية خلال الحرب هو حتى لا يسيطر الظلاميين والإرهابيين والإسرائيليين على المنطقة وهو واجب مقدّس.

القائد الجهادي الكبير اللواء محمد رضا زاهدي

وعن القائد الجهادي الكبير اللواء محمد رضا زاهدي، قال سماحته كان كغيره من الشباب من عماد الثورة الإسلامية في إيران وتحملوا المسؤوليات الكبيرة مبكِّرًا وهذه القيادات أفرزها الميدان، ولفت الى انه كان جريح حربٍ وخلال السنوات التي أمضاها معنا كانت تؤثر عليه، وأضح أن علاقة معه بدأت مع لبنان عام 1998 مع تسلم الشهيد قاسم سليماني لقوة القدس واختاره حينها مسؤولًا للحرس في المنطقة.

وأضاف سماحته أن الحاج زاهدي واكب معنا مرحلة الذروة قبل العام 2000 وأمضى 4 سنوات حينها وواكب إلى ما بعد التحرير من تحضير وتجهيز للعدو، لافتًا الى انه عاد إلى لبنان عام 2008 بعد استشهاد الشهيد عماد مغنية وجرى الإجماع على عودته حينها إلى المنطقة وبقي عندنا 6 سنوات إلى عام 2014.

وتابع سماحته قائلًا أن الحاج زاهدي عاد إلى لبنان عام 2020 وبقي إلى حين استشهاده وأمضى من حياته المباركة 14 عامًا بيننا، مؤكدًا انه كان مهاجرًا إلى الله تعالى وترك أهله وعياله وعاش بيننا وفي الأعم الأغلب هو وزوجته بعيدًا عن الأحبة.

وبيّن سماحته على أن الشهيد زاهدي هو القائد المجاهد المضحي العامل في الليل والنهار لخدمة هذه المقاومة والمتواضع جدًا والواضح الناصح المحب حسن العشرة وكان جادًا ومثابرًا ويحمل همّ المسؤولية ويألم لألمنا ويفرح لفرحنا، وأوضح أنه عندما حضر في آخر ولاية أخبرني أنَّ "هذه المرة أتيت لأستشهد وممنوع أن تمنعي من الذهاب إلى الجبهة والجنوب" مع العلم أنني منعته في طوفان الأقصى على الرغم من أنه من اليوم الأول كان يريد الالتحاق بالجبهة، لافتًا الى أنه جاء إلينا بعد استشهاد الحاج قاسم يقول أنا أتيت لأقوم بواجبي ولكن عندي أمل بالشهادة وأن ألحق بالحاج قاسم وكان يطلب من الإخوة أن يدعوا له بالشهادة، مؤكدًا انه كان قلبه وعينه وعقله على غزة واستشهد وقلبه وعقله وعينه على غزة.

هذا، ولفت سماحة السيد حسن نصر الله الى أن هذه هي ميزة القادة، يعملون لتحقيق النصر وهو مشروع أمة وأيضًا شخصي ولكن الشهادة واللقاء مع الله والفوز بالجنة هو مشروع شخصي ومشروع فوز، معتبرًا أن الحاج زاهدي وصل إلى ما كان يرغب ونحن حزنّا وتأثرنا لأننا عشنا سويًا 14 عامًا من العمل المشترك كتفًا إلى كتف ونشعر بعظيم الخسارة ولكن الله تعالى يُعوّض ببركة هذه الدماء.

وأوضح سماحته أن مع الشهداء هناك اشكالية عاطفية بين أن تفرح لهم لما نالوه بفضل الشهادة وبين أن تحزن على فقدهم في سوح الجهاد، مؤكدًا أن هذه المسيرة تخوض معركة تحرير الأمة والمنطقة كلها من مشاريع الاحتلال والسلب والنهب لمقدراتها.

العدوان الصهيوني على غزة

وعن العدوان الصهيوني على غزة قال سماحته أن "إسرائيل" تخوض أطول حروبها في منطقتنا وهم يقولون إنه "بعد 6 أشهر على الحرب لم نعد أكثر من نصف المخطوفين ولم ندخل رفح ولا تزال صفارات الإنذار في غلاف غزة ويُعلن عن مقتل ضباط وجنود جدد"

وأضاف سماحته أن كلام "الإسرائيليين" أنفسهم يحكي عن هزيمة "إسرائيل"، وفي آخر استطلاع أجرته صحيفة "معاريف" حول رأي المستوطنين بنتائج الحرب تبين أن 62% منهم غير راضين و29% راضون و9% لا يعلمون.

وتابع سماحته قائلًا أن نتنياهو منفصل عن الواقع ويقول أمس الأحد إن "إسرائيل" حقّقت نصرًا في حين كل العالم يقول له أنت خسرت، وأردف، "غالانت كان في غلاف غزة ويقول إن حماس هُزمت، ولكن بعد ساعات بدأت معاناتهم في خان يونس وأُخرجوا قواتهم منها مذلولة.

ولفت سماحته الى أن الرئيس الاميركي جو بايدن زعم أنّهَ ضغط على نتيناهو بسبب مقتل عمال إغاثة وطالبه باتخاذ إجراءات فقام رئيس أركانه بعزل رئيس هيئة أركان لواء ناحال ووبّخ قائد المنطقة الجنوبية وقائداً في لواء ناحال وهذا في العرف العسكري أمر كبير.

وأوضح سماحته أن الاتصال الأخير بين بايدن ونتنياهو تبين ما كنا نقوله بأنه أميركا تستطيع الضغط على "إسرائيل" لأن الإدارة الأميركية أدركت فشله، لافتًا الى أن من جملة الاعتراضات على نتيناهو داخل الكيان أنه بدون أميركا لا ذخيرة لدينا ولا نستطيع خوض حربٍ لا في غزة ولا في لبنان.

وبيّن سماحة السيد نصر الله أن ما حصل يُدين أميركا لأنها تحرّكت لأجل عمال إغاثة فقط بينما لم تتحرك للضفط بعد استشهاد أكثر من 30 ألف شهيد.

الاتفاق عن وقف إطلاق النار بين الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية

وحول الحديث عن وقف إطلاق النار بين الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية، قال سماحته: الحديث اليوم هو عن أنَّ الحزب الديموقراطي الأمريكي سيخسر بعض الولايات بسبب موقفه من العدوان على غزة ما دفع بالرئيس الامريكي جو بايدن للضغط على نتنياهو للتوصل إلى اتفاق ما في القاهرة وإدخال المساعدات.

وأضاف سماحته أنه عندما يُعلن وقف إطلاق النار في غزة يعني هزيمة مدوية تاريخية لـ"إسرائيل" وهذه الهزيمة هي شخصية لنتنياهو وحزب "الليكود" وبن غفير وسموتريتش لأنهم سيذهبون للتحقيق بسبب فشلهم، مؤكدًا ان نتنياهو سيحاول عرقلة المفاوضات من تحت الطاولة لأن وقف إطلاق النار سيعني انتهاءه.

وأوضح سماحته أن أحد أهم شروط حماس بالنيابة عن فصائل المقاومة الفلسطينية وعن محور المقاومة الانسحاب من قطاع غزة وفتح الشمال على الجنوب، لافتًا ان العدو قد يكون رضخ وخرج من غزة قبل أن يصبح المطلب في المفاوضات ملزمًا.

إسقاط المقاومة الإسلامية طائرة هرمز 900

حول إسقاط المقاومة الإسلامية في لبنان طائرة هرمز 900 قال سماحته أسقطنا طائرة هرمز 900 وهي فخر الصناعة "الإسرائيلية" وضُربت قيمتها العسكرية والتجارية ولا نريد إظهار الصاروخ الذي أصابها.
وأضاف أن العدو اعتبر أنَّ اسقاط الطائرة هو تجاوز للخطوط الحمر ونحن نقول له من قال إننا لا نتجاوز الخطوط الحمر؟، مشددًا ان أهمية العملية هو أنَّنا أسقطنا طائرة هرمز في الخطوط الأمامية وهو يقرأ ما للمقاومة من قدرات في الدفاع الجوي.

حادثة إختطاف منسق القوات اللبنانية في جبيل

حول حادثة إختطاف منسق القوات اللبنانية في جبيل، قال سماحته حصل أمر أمس لا يُسكت عليه داخليًا في ذكرى الحرب الأهلية المشؤومة ونقول لمن يلاحقنا بقرار الحرب والسلم "من قام بالحرب حينها؟ هل أخذتم قرارًا من الدولة أو أنتم اتخذتموه؟"
وأضاف: هؤلاء يأتون لمناقشة المقاومة اللبنانية بعد تصديهم لعدو يُجمع اللبنانيون على عداوته.

وتابع سماحته قائلًا: خُطف أمس شخص فخرج حزب القوات والكتائب والتلفزيونات الخبيثة وقرروا أن حزب الله خطفه وسمعنا كلامًا يُذكّر بالحرب الأهلية.

وأردف: خرج مناصروهم إلى الشوارع وسمعنا كلامًا عن إخراج السلاح، على أساس أنهم أحزاب سياسية وديموقراطيون "مهفهفين" بينما تحرّكهم الأحقاد الدفينة و"عمى قلب"، لافتًا الى أنه في العام الماضي بعد خطف الشيخ الرفاعي خرجت شخصيات وأحزاب على رأسها حزب القوات تتهم حزب الله بالخطف والقتل ونحن انتظرنا 4 أيام والأجهزة الأمنية بفضل الله كشفت عن الجريمة التي تعتبر عائلية.

كما، أوضح سماحته أن كشف مصير المخطوف فضيحة حقيقية لحزبي القوات والكتائب تُظهر أنهم ليسوا أهل حق وحقيقة وأنهم أصحاب فتن يبحثون عن الحرب الأهلية

وبين سماحة السيد أن في هذا البلد من يمنع الحرب والفتنة يُتهم وفي أولهم نحن الثنائي لأننا نقتل في الطيونة ونسكت عن حقنا حفاظًا على السلم الأهلي وكالأمس نُتهم ونسكت.

كما شدد على أنهم حاولوا بالأمس ترويع أهالي جبيل كسروان وأرسلوا رسائل تهديد وهذه خطوة خطيرة جدًا جدًا حتى ينقطع النفس وعليهم أن يفهموا خطورتها

وختم سماحته قائلًا: حمى الله لبنان شرّ الحقد والفتن والتآمر.

في اطار اللقاء الرمضاني السنوي استقبل سماحة قائد الثورة الاسلامية عصر اليوم الاحد جمعا من طلبة مختلف الجامعات وممثلي التنظيمات الطلابي في حسينية الامام الخميني( رض ) بالعاصمة طهران. 

وتحدث سماحته في اللقاء حول ضرورة فهم العدالة بشكل صحيح، لافتاً إلى أنّها تعني إلغاء الفجوة الطبقيّة في الاستفادة من الفرص العامّة، ومشدّداً على وجوب أن تكون كل الفرص متاحة للشعب بالتوازي. كما أشار سماحته إلى أن الجامعة في الغرب يشوبها إشكال كبير هو أنّها تجعل من العلم أداة بأيدي القوى الصهيونية.

واعتبر الإمام الخامنئي أن الغد الأفضل من اليوم هو الهدف الرئيس للبلاد والنظام الإسلامي، داعياً الطلاب والمنتديات الطلابية إلى تقديم حلول متجددة من أجل تحقيق هذا الهدف، وكذلك من أجل التقدم المادي والمعنوي في البلاد من دون العودة إلى الخلف، وأضاف: إن تربية العالم وإنتاج العلم وتوجيه هذين المكوّنين هي المهام الرئيسية الثلاث للجامعة.

وعدّ سماحته طبيعة البيئة الطلابية مبهجةً وحيّةً وزاخرة بالمشاعر ومُطالِبة وباعثة على الحماسة. وبالإشارة إلى ضرورة متابعة القضايا التي طرحها ممثلو المنتديات في هذا اللقاء، قال قائد الثورة الإسلامية: كل مقترح يجب أن يكون ذا عمق تحليلي وفكري مع كونه واقعياً وناضجاً ويساعد على حل المشكلات.

وفي معرض رده على كلام أحد ممثلي المنتديات بخصوص تغيّر نظرة سماحته تجاه مقولة العدالة مقارنة بالسنوات السابقة، قال الإمام الخامنئي: الفرق هو أن إصراري على العدالة قد زاد.

وعدّ سماحته شهر رمضان هذا العام  شهراً جيداً من حيث بروز الجوانب الروحية في المجتمع، بما في ذلك رواج جلسات التلاوة، موصياَ الطلاب بالمحافظة على النورانية والنقاء الذي تحقق في هذا الشهر، وتابع: الطريق الرئيس لتحقيق هذا الهدف هو اجتناب المعاصي.

وفي جزء آخر من كلمته، عدّ الإمام الخامنئي العلم بأنه الركن الأساس للجامعة مشدداً على المهام الثلاث الرئيسة للجامعة، أي «تربية العالم» و«إنتاج العلم» و«توجيه تربية العالم وإنتاج العلم»، وتابع قائلاً: تواجه الجامعات في العالم مشكلات في المَهمة الثالثة، أي توجيه تربية العالم وإنتاج العلم، وبسبب ذلك تصبح منتجاتها أدوات في أيدي القوى الاستكبارية والصهيونية.

وأكد سماحته ضرورة الاهتمام بهذه المهام الثلاث المُهمة من قبل جميع أركان الجامعة، بما في ذلك المديرين والأساتذة والطلاب والمناهج الدراسية، مشيراً إلى أن جزءاً أساسيّاً من مكانة إيران العالمية مرهون بأنواع التقدم العلمي والتكنولوجي الذي حققته البلاد، وأضاف: عبر الحفاظ على هذه المكانة، يجب أن نُثري البلاد من الناحية العلمية، وبالطبع فإن القوى الاستكبارية لا ترغب لإيران هذه القوة والمكانة.

كما عدّ الإمام الخامنئي «غداً أفضل من اليوم» بأنه الهدف الكبير والرئيس للبلاد والنظام، مؤكّداً: يجب علينا تعريف غايات محددة لتحقيق هذا الهدف الرئيس.

كذلك اعتبر قائد الثورة الإسلامية معرفة المكانة الحالية للبلاد والنظام الخطوة الأولى للمضي نحو المُثل العليا وتحقيق غد أفضل، وقال: إن بعض الأشخاص غافلون عن هذه الحقيقة المصيرية والأساسية المتمثلة في كون النظام الثوري الحالي نتيجة لسلسلة من النضالات الصعبة والمعقدة ضد فترة الطاغوت السوداء.

وفي شرحه لوقائع النظام البهلوي قال قائد الثورة الإسلامية: كانت على رأس إيران في تلك الفترة عائلة مصابة بجميع أنواع الفساد تحكم الناس، كان هناك استبداد مطلق في إدارة المجتمع، وعلى عكس اليوم، لم يكن للناس حضور وتدخّل في شؤون البلاد.

وفي ما يتعلق بالهوية الجماعية، قال الإمام الخامنئي إن إيران في عهد بهلوي كانت من الدول الضعيفة التابعة للقوى العالمية سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً، ووصف سماحته هذا الوضع بالمخزي، وأضاف: بدأ النضال ضد ذاك الواقع المرير للغاية في بداية القرن الماضي بحضور مختلف المفكّرين، وكانت ذروته في نهضة تأميم النفط التي هُزمت بالانقلاب الأمريكي-البريطاني في "28 مرداد" (19/8/1953) والذي نفّذ عبر الأراذل والأوباش.

وأضاف قائد الثورة الإسلامية: من الناحية العلمية؛ ورغم وجود أساتذة جيدين وذوي كفاءة في الجامعات في عهد بهلوي، إلّا أنه لم تُنجز آنذاك منتجات علمية وصناعية وتكنولوجية مهمة في الجامعات.

وعدّ سماحته جوهر الثورة هما الجمهورية والإسلامية وقال: تتلخص أهداف الجمهورية الإسلامية تحت عنوانَين عامين: "إدارة البلاد بطريقة إسلامية" و"تقديم أنموذج إلى شعوب العالم في الإدارة الجيدة لأيّ بلد".

وأوضح سماحته في شرحه إدارة البلاد بطريقة إسلامية: إن إدارة البلاد بطريقة إسلامية تعني المُضيّ قُدماً في طريق التقدم المادي والمعنوي دون رجوع إلى الخلف.

وعدّ الإمام الخامنئي الهدف الثاني للجمهورية الإسلامية؛ أي تقديم أنموذج إدارة الدولة إلى العالم، بأنه في الحقيقة  من منطلق الحرص على شعوب العالم وطلب الخير لهم، وقال: لقد تحقق هذا الهدف إلى حدّ ما في بعض الأبعاد، وإنّ كثيراً من الأحداث التي تثير اهتمامكم أيها الشباب وتفخرون بها على مستوى المنطقة والعالم، مرتبطة ببلدكم ومجتمعكم وثورتكم.

وفي الجزء الأخير من كلمته رأى قائد الثورة الإسلامية أن توقعات المنتديات الطلابية كثيرة جداً، مقدّماً التوصيات إلى هذه المنتديات. وأشار سماحته إلى وجود محاولات في الجامعات لكي يعدّ الطالب الإيراني نفسه تابعاً للغرب، وقال: ينبغي للمنتديات الطلابية الوقوف ضد هذه المحاولات بنحو فعّال.

المصدر: موقع سماحة قائد الثورة الاسلامية

فضل صلاة الليل بحسب آيات القرآن الكريم:
أ- صلاة الليل المقام المحمود: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودً﴾[1]، وهذا المقام غير معلوم لعظمته وأهمّيّته، قال تعالى: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[2].
 
ب- صلاة الليل صفة العلماء: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾[3]، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام، قال: قلت: آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربّه: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ قال: "يعنى - صلاة الليل"[4].
 
ج- صلاة الليل تذهب السيّئات: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾[5]، روي عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾، قال: "صَلَاةُ الْمُؤْمِنِ بِاللَّيْلِ تَذْهَبُ بِمَا عَمِلَ مِنْ ذَنْبٍ بِالنَّهَارِ"[6].
 
فضل صلاة الليل في السنّة الشريفة
أوّلاً: الأهمّيّة الدنيويّة:
أ- مصدر الرزق: عن الحسين بن الحسن الكنديّ عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "إنّ الرجل ليكذب الكذبة فيحرم بها رزقه، قلت: وكيف يحرم رزقه؟ فقال: يحرم بها صلاة الليل، فإذا حرم صلاة الليل حرم الرزق"[7].
 
ب- فضائل متعدّدة: وقال أبو عبد الله عليه السلام: "صلاة الليل تحسّن الوجه، وتحسّن الخلق، وتطيّب الريح وتدرّ الرزق وتقضي الدين، وتذهب بالهمّ، وتجلو البصر، عليكم بصلاة الليل فإنّها سنّة نبيّكم، ومطردة الداء عن أجسادكم"[8].
 
ج- عنوان الولاية لأهل البيت عليهم السلام: قال الإمام الصادق عليه السلام: "ليس من شيعتنا من لم يصلِّ صلاة الليل"[9].
 
ثانياً: الأهمّيّة الأخرويّة:
أ. تكفير السيّئات: روي عن إبراهيم بن عمر عمّن حدّثه عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزّ وجلّ ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾[10]، قال: "صَلَاةُ الْمُؤْمِنِ بِاللَّيْلِ تَذْهَبُ بِمَا عَمِلَ مِنْ ذَنْبٍ بِالنَّهَارِ"[11].
 
ب. دخول الجنّة: وقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عند موته لأبي ذرّ رحمة الله عليه: "يا أبا ذرّ، احفظ وصيّة نبيّك تنفعك: من ختم له بقيام الليل ثمّ مات فله الجنّة"[12].
 


[1] سورة الإسراء، الآية 79.
[2] سورة السجدة، الآية 17.
[3] سورة الزمر، الآية 9.
[4] الصدوق، الشيخ محمّد بن عليّ بن بابويه، علل الشرائع، تقديم السيد محمد صادق بحر العلوم، المكتبة الحيدريّة، العراق - النجف الأشرف، 1385ه - 1966م، لا.ط، ج2، ص364، ح8.
[5] سورة هود، الآية 114.
[6] المصدر نفسه، ج2، ص363، ح7.
[7] الصدوق، الشيخ محمد بن علي بن بابويه، ثواب الأعمال، تقديم السيد محمد مهدي السيد حسن الخرسان، منشورات الشريف الرضي، إيران - قم، 1368ش، ط2، ص42.
[8] قطب الدين الراوندي، أبو الحسين سعيد بن هبة الله، الدعوات (سلوة الحزين)، مدرسة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف ، إيران - قمّ، 1407ه، ط1، ص76.
[9] الحرّ العامليّ، وسائل الشيعة، مصدر سابق، ج8، ص 162.
[10] سورة هود، الآية 114.
[11] الشيخ الصدوق، علل الشرائع، مصدر سابق، ج2، ص363، ح7.
[12] الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، مصدر سابق، ج1، ص475، ح1373.

الإثنين, 08 نيسان/أبريل 2024 19:49

كيف نستعيد القدس وفلسطين؟

بعد تشخيص المشكلة وأسبابها وعللها المتراكمة على مدى عقود من الزمن، عمل الإمام الخميني قدس سره وعلى مدى سنين من عمره الشريف على معالجة هذه الأسباب ورفعها، وكان يوجّه المسلمين إلى الحقائق التي تساعد في حال الاعتماد عليها أو الاستفادة منها في استعادة القدس وفلسطين، ومن هذه الحقائق والمقولات والثوابت:

أولاً:
العودة إلى الإسلام المحمدي الأصيل ومنابعه والالتزام بأحكامه، يقول الإمام الخميني قدس سره: "ما لم نعد إلى الإسلام، إسلام رسول الله، فسوف تبقى مشاكلنا على حالها ولن نستطيع حل قضية فلسطين".

ثانياً:
رفض المعاهدات واتفاقات الصلح أو المساومات والتنازلات مع هذا الكيان اللقيط، لأنَّ في ذلك إعطاء الشرعية لوجود هذا الكيان الغاصب (إسرائيل) واعتداءاته، بينما المطلوب اعتباره كياناً غاصباً محتلاً إرهابياً متسلطاً وغير شرعي. يقول الإمام الخميني قدس سره: "إن معاهدة كامب ديفيد وأمثالها تهدف إلى منح الشرعية لاعتداءات (إسرائيل) وقد غيرت الظروف لصالح (إسرائيل)".

كما يقول قدس سره: "إنني اعتبر مشروع الاعتراف بـ"إسرائيل"بمثابة الكارثة بالنسبة للمسلمين وبمثابة الانفجار بالنسبة للحكومات، وإنني اعتبر الإعلان عن معارضة ذلك فريضة إسلامية كبيرة".

ثالثاً:
المبادرة لاقتلاع مادة الفساد التي يمثلها وجود الكيان الإسرائيلي وليس الوقوف فقط في وجه اعتداءاته وممارساته. يقول الإمام الخميني قدس سره: "إن (إسرائيل) غاصبة، ويجب أن تغادر بأسرع وقت، وطريق الحل الوحيد هو أن يقوم الأخوة الفلسطينيون بالقضاء على مادة الفساد هذه بأسرع وقت".

رابعاً:
الاستفادة من الإمكانات والوسائل العسكرية المستندة إلى الإيمان، يقول الإمام الخميني قدس سره: "يجب ومن أجل تحرير القدس، الاستفادة من المدافع الرشاشة المتكلة على الإيمان وقدرة الإسلام، وترك اللعب بالسياسة التي يُشم منها رائحة الاستسلام، والتخلي عن فكرة إرضاء القوى الكبرى".

خامساً:
الدعوة إلى الوحدة بين المسلمين من اجل مواجهة التحديات وعلى رأسها مواجهة "إسرائيل"والقضاء على بذرة الفساد التي تمثلها. يقول الإمام الخميني قدس سره: "لقد أكدت دائماً على وحدة المسلمين في العالم لمواجهة الأعداء بما فيهم (إسرائيل)".

ويقول قدس سره: "إنني أتمنى أن يتخلصوا من الاختلافات، وأن تتوجه الحكومات نحو القضايا الإسلامية وأن يقطعوا بمشيئة الله هذه الغدة السرطانية من أراضيهم".

سادساً:
الدفاع عن الأهداف الفلسطينية الشريفة والمحقّة، وحماية المجاهدين ودعم انتفاضتهم، ففي ذلك السبيل إلى تحرير فلسطين. يقول الإمام الخميني قدس سره: "على البلدان الإسلامية أن تدافع بكل قواها عن الأهداف الفلسطينية، وأن تدافع عن الحركات التحررية في العالم"ويقول قدس سره: "ينبغي أن نقدم الدعم لتظاهرات وانتفاضة الشعب الفلسطيني مقابل ظلم "إسرائيل" ليتغلب على هذا الغول الغاصب والمفترس"، كما يقول قدس سره: "إنهم مجازون في الصرف إلى حد الثلث من سهم الإمام عجل الله فرجه الشريف على اللاجئين والمشردين والمناضلين".

سابعاً:
ضغط الشعوب المسلمة على الحكّام لإحراجهم ودفعهم نحو المواجهة مع "إسرائيل"، وباتجاه استخدام القوة العسكرية في مقابلها وسلاح النفط. يقول الإمام الخميني قدس سره: "إذا أردتم أن تنقذوا فلسطين فعلى الشعوب أن تثور بنفسها وتدفع حكوماتها لمواجهة (إسرائيل)"، ويقول قدس سره: "يجب على الشعوب دفع حكوماتهم للنهوض بجدية لمواجهة أمريكا و"إسرائيل" وذلك باستخدام القوة العسكرية وسلاح النفط".


دروس من خط الإمام الخميني قدس سره، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

الإثنين, 08 نيسان/أبريل 2024 19:36

ما هي حقيقة التبرّي؟

قال تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ...﴾[1]، فالتبري في جوهره ينافي أدنى درجات التودّد لأعداء أهل بيت العصمة عليهم السلام عن ابن فضّال قال سمعت الرضا عليه السلام يقول: "من واصل لنا قاطعًا، أو قطع لنا واصلاً، أو مدح لنا عائباً، أو أكرم لنا مخالفاً فليس منّا ولسنا منه"[2].
 
قال الصادق عليه السلام: "كذب من زعم أنّه من شيعتنا وهو متمسّك بعروة غيرنا"[3].
 
فأهل البيت عليهم السلام وأعداؤهم على طرفي نقيض فالإقتراب من أحدهما ابتعاد عن الآخر وبالعكس، عن ابن فضّال عن الرضا عليه السلام أنّه قال: "من والى أعداء الله فقد عادى أولياء الله، ومن عادى أولياء الله فقد عادى الله تبارك وتعالى، وحقٌ على الله عزّ وجلّ أن يدخله في نار جهنّم"[4].
 
وعن أبي عبد الله عليه السلام: "من أشبع عدوّاً لنا فقد قتل وليّاً لنا"[5].
 
عن العلاء بن الفضيل عن الصادق عليه السلام قال: "مَن أحبَّ كافراً فقد أبغض الله، ومَن أبغض كافراً فقد أحبّ الله، ثم قال عليه السلام: صديق عدوّ الله عدوّ الله"[6].
 
عن جعفر بن محمّد عليه السلام قال: "من جالس أهل الرّيب فهو مريب"[7].
 
معاداة الشيعة معاداة لأهل البيت عليهم السلام
من السياسات التي يتبعها أعداء الإسلام اليوم التمييز بين أهل البيت عليهم السلام وأتباعهم، ويبثون ما يوحي بأنّ شيعة أهل البيت عليهم السلام هم أعداؤهم الحقيقيون وأنّ علاقتهم بأهل البيت عليهم السلام علاقة محبة وولاء وطاعة، وذلك لعدم إمكانية التبرؤ منهم كون النصوص المأثورة عن الرسول الأكرم والتي لا تُعدّ ولا تُحصى رفعت مكانتهم وأعلت شأنهم وأوجبت طاعتهم وفضّلتهم على كلّ من سواهم، فعن ابن أبي نجران، قال سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: "من عادى شيعتنا فقد عادانا، ومن والاهم فقد والانا، لأنّهممنّا، خُلقوا من طينتنا، من أحبّهم فهو منّا، ومن أبغضهم فليس منّا"[8].
 
عن المعلّى بن خنيس، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: "ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت، لأنّك لا تجد أحداً يقول أنا أبغض محمّداً وآل محمّد، ولكنّ الناصب من نصب لكم، وهو يعلم أنّكم تتولَّوننا وتتبرؤون من أعدائنا"[9].
 
التولّي دون التبرّي
ولا تستقيم علاقة الولاء بدون التبري من أعدائهم، بل تشير بعض الروايات إلى أنّ من يوالي أهل البيت ويتودّد لأعدائهم أشدُّ لعنة وسوءاً عليهم، وذلك لأنه يُسهم في تعمية قلوب الناس عن العلاقة الحقيقية بأهل بيت العصمة عليهم السلام، ففي الرواية حدّثنا محمّدبن موسى المتوكّل، عن الحسن بن علي الخزّاز، قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: "إنّ ممن يتّخذ مودّتنا أهل البيت لمَن هو أشدّ لعنة على شيعتنا من الدّجّال، فقلت له: يا بن رسول الله بماذا؟ قال: بموالاة أعدائنا ومعاداة أوليائنا، إنّه إذا كان كذلك اختلط الحقّ بالباطل، واشتبه الأمر فلم يعرف مؤمن من منافق"[10].
 
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "اعلموا أنّ الله تبارك وتعالى يبغض من عباده المتلوّن، فلا تزولوا عن الحقّ، وولاية أهل الحقّ، فإنّ من استبدل بنا هلك، وفاتته الدنيا وخرج منها"[11].
 
عن أبي عبد الله عليه السلام: "إنّ الله تبارك وتعالى خلق المؤمنين من أصل واحد لا يدخل فيهم داخل ولا يخرج منهم خارج، مثلهم والله مثل الرأس في الجسد ومثل الأصابع في الكفّ، فمن رأيتم يخالف ذلك فاشهدوا عليه بتاتاً إنّه منافق"[12].
 
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لبعض أصحابه ذات يوم: "يا عبد الله أحببْ في الله، وأبغض في الله، ووالِ في الله وعاد في الله، فإنك لا تنال ولايته الا بذلك، ولا يجد رجل طعم الايمان وإن كثرت صلاته وصيامه ـ حتى يكون كذلك وقد صارت مؤاخاة الناس في يومكم هذا أكثرها في الدنيا، عليها يتوادّون وعليها يتباغضون، وذلك لا يغنى عنهم من الله شيئًا، فقال له عليه السلام: كيف لي أن أعلم أنّي قد واليت وعاديت في الله عزّ وجلّ، ومَنْ وليُّ الله عزّ وجلّ حتى أواليه، ومن عدوُّه حتى أعاديه؟ فأشار له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى عليّ عليه السلام فقال: أترى هذا؟ فقال: بلى، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: وليّ هذا وليّ الله، فواله، وعدوّ هذا عدوّ الله، فعاده، ووالِ وليّ هذا ولو أنه قاتل أبيك وولدك، وعاد عدوّ هذا ولو أنّه أبوك وولدك"[13].
 
قال أبو عبد الله عليه السلام: "إنّ المؤمن أشدّ من زبر الحديد، إنّ الحديد إذا أُدخل النار تغيّر وإنّ المؤمن لو قتل ثمّ نشر ثمّ قتل لم يتغيّر قلبه"[14].
 


[1] سورة المجادلة، الآية 22.
[2] صفات الشيعة، ص 7.
[3] المصدر السابق، ص 3.
[4] المصدر السابق، ص 7.
[5] صفات الشيعة، ص 9.
[6] الأمالي، ص 702.
[7] صفات الشيعة، ص 9.
[8] المصدر السابق، ص 4.
[9] المصدر السابق، ص 9.
[10] صفات الشيعة، ص 9.
[11] الخصال، الشيخ الصدوق، ص626.
[12] صفات الشيعة، ص 33.
[13] الأمالي، ص 61.
[14] صفات الشيعة، ص 32.