
emamian
الإنصاف والعفو في حياتنا الاجتماعية
وأنصف من خاصمك
إنّ الاعتراف بالحقّ وإعلانه أيضاً لا يُنقص من قيمة الإنسان، فكونك تقول ولو في مناظرة، أو محاورة، أو محاضرة: أنا أخطأتُ في كذا، هذا لا يُعيبك، بل بالعكس هذا يرفع منزلتك عند الناس، ويدلّ على شجاعتك وقوّتك، وثقتك بنفسك، والله تعالى يقول: ﴿ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾[1]. فما أروع أن يكون الإنسان منصفًا لخصمه، فإذا وقع هو في خطأ سهل عليه الاعتراف به، وإذا كان دليله ضعيفًا اعترف بذلك، والرجوع إلى الحقّ خير من التمادي في الباطل، والإنصاف أمر عظيم يطلبه الشرع ويحثّ عليه، والإمام الصادق عليه السلام عندما وَجَّهَنا بقوله: "وأنصف من خاصمك" كان يعلم أنّ إنصاف الخصم شيء عزيز بين الناس، فلا يتحلّى به منهم إلا القليل، ولكنّه عليه السلام يريد من كلّ مسلم أن يُجاهد نفسه ليكون المستفيد الأكبر من ذلك، فيستفيد الإنسان المنصف البراءة أمام الله، وكذلك يستفيد من حالة شعوره بأنّه قد أدّى ما عليه، ويستفيد أيضاً فراراً محموداً، وهو الفرار من الظلم والإجحاف بالغير، هذه كلّها مكاسب لا تُقدّر بثمن عند المؤمنين الشرفاء من أبناء الأمة الإسلامية.
ومن الجدير ذكره أنّ للانصاف والايثار دوراً كبيراً في خلق الأجواء الروحية والنفسية لنموّ حركة التربية، حيث يرتبط الناس روحياً وعاطفياً بمن يتّصف بهاتين الصفتين، ويشعرون بأنّ المربّي أو المصلح غاية في الكمال والتسامي، وأنّه عادل في تعامله مع الآخرين وفي تقييمهم، وبهذا الشعور وبهذا الانشداد يجد المربّي لرأيه ولإرشاده قبولاً، وهو مقدّمة أساسية للتربية والإصلاح.
واعف عمّن ظلمك
لا شكّ ولا ريب أنّ من صبر على الأذى وعفى عمّن ظلمه يكون قد فعل أمراً مشكوراً، وفعلاً حميداً، له عليه ثوابٌ جزيل، وثناءٌ جميل، والله تعالى يقول: ﴿وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾[2] أليس لك في هذا عوض؟ فانظر في كتاب الله تعالى وتأمّل الأجر الذي أعدّه الله للمتّقين، فضلاً عن أنّ عفو المظلوم مريحٌ لقلبه في هذه الحياة الدنيا، والله تعالى يقول: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾[3]، وقد عبّر مولانا الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام عن العفو بتعبيرٍ يُبيّن فيه أنّ العفو والصفح له المقام الأسنى بين الفضائل الأخلاقية، فقال عليه السلام: "العفو تاج المكارم"[4]، والتاج كما هو معلوم علامة العظمة والعزّة، وهو زينة الملوك حيث يوضع على أشرف موضع من بدن الإنسان وهو الرأس.
قال الإمام الصادق عليه السلام: "العفو عند القدرة من سنن المرسلين والمتّقين، وتفسير العفو أن لا تلزم صاحبك فيما أجرم ظاهراً، وتنسى من الأصل ما أصبت منه باطناً، وتزيد على الاختيارات إحساناً، ولن يجد إلى ذلك سبيلاً إلاّ من قد عفى الله عنه، وغفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، وزيّنه بكرامته وألبسه من نور بهائه، لأنّ العفو والغفران صفتان من صفات الله عزّ وجلّ أودعهما في أسرار أصفيائه ليتخلقّوا مع الخلق بأخلاق خالقهم وجعلهم كذلك. قال الله عزّ وجلّ: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[5]، ومن لا يعفو عن بشر مثله، كيف يرجو عفو ملك جبّار"[6].
كلّ مؤمن يعلم أنّ الدنيا هيّنة على الله، ومن هوانه عليه جلّ شأنه أنّها لو كانت تساوي عنده جناح بعوضة لما سقى الكافر شربة ماء، ولكن ألا ترى أنّ شمسه أشرقت على الأبرار والفجّار، وأنّ قطره ينزل على الصالحين والخاطئين، فما الفائدة في أن نجعل هذا القلب الصغير يحمل كلّ ألوان البغضاء والعداوات، ونحن نملك أن نملأه بالذكر والمحبّة والوفاء، وسلامة القلب، وطيب الأنفس، فاعفوا أيّه المؤمن واعتبر بعفو الله عنك.
[1] سورة المائدة، الآية 8.
[2] سورة البقرة، الآية 237.
[3] سورة الشورى، الآية 43.
[4] التميمي الآمدي، غرر الحكم ودرر الكلم، ص36، وعلي بن محمد الليثي الواسطي، عيون الحكم والمواعظ، ص19، طبعة:1، دار الحديث، قم.
[5] سورة النور، الآية 22.
[6] مصباح الشريعة، منسوب للإمام الصادق عليه السلام ص158-159، طبعة:1، مؤسسة الأعلمي، بيروت.
هل العلم وسيلة أم غاية؟
إنّ الالتفات إلى نقطة معيّنة تحلّ لنا المسألة بحيث نستطيع أن نُدرك منظور الإسلام، وذلك بمعرفة ما إذا كان الإسلام ينظر إلى العلم كهدف أو كوسيلة.
لا شكّ أنّ بعض العلوم هدف بذاته. كالمعارف الربوبية، ومعرفة الله وما يتعلّق بذلك، كمعرفة النفس والمعاد. فإذا تجاوزنا هذه، تكون العلوم الأُخرى وسائل لا أهدافاً. أي إنّ ضرورة علم ما وفائدته لا تتحدّد بمقدار أهمّيته كوسيلة لتحقيق عمل أو وظيفة، فكلّ العلوم الدينية، باستثناء المعارف الإلهيّة، كعلم الأخلاق، والفقه والحديث، تدخل في ذلك المعنى، أي إنّها كلّها وسائل، وليست أهدافاً، ناهيك عن العلوم الأدبية والمنطق التي تُدرس في المدارس الدينية كمقدّمات.
ولهذا يرى الفقهاء في اصطلاحهم أنّ وجوب العلم وجوب مقدّمي، أي أنّ وجوبه متأت من كونه يُعدّ المرء ويُهيّؤه للقيام بعمل ما متّفق مع منظور الإسلام، حتى إنّ تعلّم المسائل العلمية في الأحكام ومسائل الصلاة والصوم والخمس والزكاة والحج والطهارة، ممّا هو مذكور في الرسائل العملية، ليس إلّا لكي يكون الإنسان متهيّئاً لأداء وظيفة أُخرى أداءً صحيحاً. فالمستطيع الذي ينوي الحج يجب أن يتعلّم ما يتعلّق بأحكامه لكي يكون مستعدّاً لأداء مناسك الحج على وجهها الصحيح.
وبعد أن نُدرك هذا علينا أن نُدرك أمراً آخر، وهو: أيّ دين هو الإسلام؟ ما أهدافه؟ ما المجتمع الذي يُريده؟ ما مدى اتساع المنظورات الإسلامية؟ هل اكتفى الإسلام بهذا العدد من المسائل العبادية والأخلاقية؟ أم إنّ تعاليم هذا الدّين قد اتّسعت لتشمل كلّ شؤون حياة البشر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وإنّ له في ذلك أهدافاً يبغي تحقيقها؟ هل الإسلام يُريد المجتمع مستقلّاً، أم لا يعنيه إنْ كان مستعمَراً محكوماً؟ ما من شكٍّ في أنّ الإسلام يُريد مجتمعاً مستقلّاً، حرّاً، عزيزاً شامخ الرأس، مستغنياً عن الآخرين.
وثمّة أمر ثالث لا بدّ من معرفته والاطّلاع عليه، وهو أنّ العالَم اليوم يدور على العلم، وإنّ مفتاح كلّ شيء هو العلم والمعرفة الفنّية، وإنّنا بغير العلم لا نستطيع خلق مجتمع غني، ومستقل، وقوي، وحرّ، وعزيز. وهذا يؤدّي بنا إلى الاستنتاج بأنّ من الواجب والمفروض على المسلمين في كلّ زمان، وعلى الأخصّ في زماننا هذا، أن يتعلّموا ويُتقنوا كلّ علم من العلوم التي تكون وسيلة للوصول إلى الأهداف السامية المذكورة.
وعلى هذا الأساس، نستطيع اعتبار جميع العلوم النافعة علوماً دينية، كما نستطيع أن نعرف أيّ العلوم من الواجبات الكفائية وأيّ العلوم من الواجبات العينيّة، وكذلك نستطيع أن نعرف أنّ علماً من العلوم يُمكن أن يكون في وقت ما من أوجب الواجبات، ولا يكون كذلك في وقت آخر. وهذا بالطبع يتعلّق بميزان ذكاء الأشخاص الذين يكونون من المجتهدين في كلّ زمان ويستنبطون الأحكام لذلك الزمان.
الإبهار الإيراني يقلب معادلات الردع الاستراتيجية
مع الأخذ بالاعتبار أن هناك عقولاً مغلقة أو مسطّحة لا تريد أن ترى في الرد مجرد رد، بل يراه بعضها مسرحية، وبعضها الآخر مجرد حفظ ماء الوجه، وبعض ثالث فشلاً ذريعاً، والحجة إما عدم وقوع خسائر بشريّة أو احتراق منشآت مدنية حيوية ظاهرة، ونجاح التصدي الأمريكي الإسرائيلي للصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية بإسقاط نسبة كبيرة منها.
ولهؤلاء الجواب بسيط، هذه المسرحية والفشل وحفظ ماء الوجه يقول: إن إيران تظهر جاهزيتها لتحمل مخاطر الذهاب إلى حرب تأكيد قدرتها الردعية، فهل يمكن أن نتمنى عليكم إقناع أصدقائكم الأمريكيين، وربما الإسرائيليين، أن يختاروا مسرحية مثلها وفشلاً مثله وحفظ ماء وجه من صنفه لإظهار قدرة ردعهم بتحمل مخاطر الذهاب إلى حرب، بعرض ناري مشابه في الأجواء الإيرانية.
الحل بسيط وإن كانوا قادرين عليه فليفعلوا، وإلا اخرسوا بكل احترام وأدب وتحفظ!
لندخل في الموضوع، فما فعلته إيران هو أنها حركت 331 جسماً طائراً متفجراً في نسق مبرمج ومنظم يغطي جغرافية فلسطين المحتلة من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها، عبر توجيه هذه الأجسام الطائرة المتفجرة نحو أهداف عسكرية لجيش الاحتلال، بعدد الأجسام الطائرة وعلى كل مساحة فلسطين.
واختارت إيران لهذه المهمة أجيالًا هي الأقل تطورا في ترسانتها، سواء لجهة سرعة بلوغ الهدف والقدرة على المناورة والتمويه بوجه الرادارات وشبكات الدفاع الجوي ومحاولات الإسقاط، بحيث كان الوقت الفاصل بين انطلاق الطائرات المسيرة وبلوغها منطقة الهدف ترافقها الصواريخ التي أطلقت على عدة مراحل بما يتناسب مع سرعاتها المختلفة، كافياً كإنذار يهدف إلى إتاحة استنفار الجهات المنخرطة في حلف عسكري لمواجهة الرد، لكن التصدي المقصود ليس إطلاق صواريخ الطائرات الـ أف 35 ومنظومات الدفاع الجوي المختلفة من منظومة ثاد الأمريكية المتطورة إلى المقلاع الإسرائيلي وحيتس والقبة الحديدية، بل ما جاءت تفعله مدمرتان أمريكيتان متخصصتان بالحرب الإلكترونية جرى استقدامهما خصيصاً واحدة إلى البحر المتوسط وواحدة إلى منطقة الأسطول الخامس في البحرين في مياه الخليج الفارسي، بهدف الدخول على شبكة التحكم بإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة لمنع إطلاقها أو حرفها عن مسارها أو السيطرة عليها وإسقاطها سليمة إذا أمكن، كما سبق وفعلت إيران وقوى المقاومة مع طائرات مسيرة أمريكية وإسرائيلية، لكن النتيجة كانت صفراً مكعباً، فمن أصل 331 جسماً طائراً متفجراً لم تنجح منظومة الحرب الإلكترونية الأمريكية لتعطيل أو حرف مسار أو السيطرة على جسم واحد.
بين الروايات الإسرائيلية الرسمية والروايات المنشورة في الإعلام الإسرائيلي، وصل بين 7 و30 صاروخا إيرانيا إلى أهداف في داخل الكيان، ليس بينها هدف مدني واحد أو منشأة مدنية واحدة، وطالما نتحدث عن الصواريخ الواصلة فلا حاجة للقول إن الأمر لا علاقة له بـ الأمريكي والإسرائيلي، بل بقرار إيران وما أرادت إظهاره من تفوق أخلاقي لنمط حرب المقاومة، على نمط حرب أمريكا على العراق وأفغانستان وفي ليبيا واليمن وسورية، ونمط حرب “إسرائيل” بنسختها الحديثة التي ضج بها العالم لما امتلأت به من أنواع جرائم الحرب وصولاً إلى جريمة الإبادة.
والرسالة الإيرانية واضحة، لو شئنا أن نقتل عائلاتكم وندمر مساكنكم وكهرباءكم ومستشفياتكم، كما فعلت حكومتكم بغزة لفعلنا.
ويعرف الخبراء من الإسرائيليين كما قالوا إن استخدام إيران للأجيال الأقل تطورا من طائراتها المسيَرة وصواريخها، يقول أيضاً لو أردنا مفاجأتكم، بصواريخ تصل خلال دقائق تعجزون عن التصدي لها لفعلنا، أو بطائرات مسيرة لا تلاحظها راداراتكم ولا تنجح صواريخكم بالتصدي لها لفعلنا.
وإن كنا لم نفعل، فهذا لا يجب أن يعني أننا في مرة لاحقة لن نفعل، فالأمر وقف على حسن تصرفكم مع حكومتكم لشل يدها عن العبث الأحمق، وحسن تصرفها بتلقي الدرس بعد تصرفها الأخرق.
عملياً ما فعلته إيران هو أنها هزأت بحكومة الاحتلال وخرافة اكتفائها الذاتي عسكرياً، حيث سقطت كل الأسماء اللامعة لمنظوماتها، وظهرت عارية من وسائط التعامل الجدي مع هذا المستوى الابتدائي من الرد الإيراني، الذي كان ممكناً أن يتضمن عشرات أضعاف الكمية المرسلة، لكن من الطائرات المسيرة السريعة والتي تحمل رؤوساً حربية ثقيلة والقادرة على المناورة، والصواريخ الدقيقة والفرط صوتية.
وما دامت منظومات الاحتلال كلها عاجزة عن التعامل مع هذه الوجبة من الرد الإيراني فكيف كانت ستتعامل مع رد مختلف من العيار الثقيل؟ وعملياً ما فعلته إيران أنها جاءت بأمريكا وفرنسا وبريطانيا إلى المنطقة ودفعت دولاً عربية للكشف عن حجم خضوعها للاستخدام الأمريكي لحساب “إسرائيل”، بحيث عرف الإسرائيليون أنهم فقدوا دور القوة.
المهيمنة المهابة الجانب، وأنهم باتوا مجرد محمية أمريكية. والأهم أن أمريكا لم تعُد قادرة على التنصل من مسؤوليتها عن جرائم الكيان وجيش الاحتلال، ما دامت هي مَن يمول ومَن يحمي.
ما يعني أنه إذا ردت حكومة بنيامين نتنياهو على الرد فإن إيران تعتبر أن أمريكا هي التي ترد، وسوف يكون العقاب المقبل على القواعد الأمريكية في المنطقة، وان لم ترد حكومة نتنياهو فهذا يعني أن أمريكا تلقت الدرس وفهمت أن عليها أن تقود مسار إنهاء الحرب على غزة بشروط المقاومة، لأنه الطريق الوحيد لاستعادة الاستقرار إلى المنطقة، سواء في تداعيات هذه المواجهة، أو في جبهات العراق ولبنان واليمن.
وصلت الرسائل، وأثبتت إيران أنها استبدلت استراتيجية الذبح بالقطنة باستراتيجية حرب الأكباد، وفق معادلتين، الأولى هي: يملك الردع من يجرؤ على المخاطرة بالذهاب إلى الحرب، فها نحن نفعل لكنكم لا تجرؤون على المثل. والثانية هي: قادرون على الحرب لكننا لا نريدها لكنكم تريدونها وغير قادرين عليها.
إذا كنت تهتم بصحتك اجتنب هذا القاتل الصامت!
وعادة ما تحتوي الأطعمة الفائقة المعالجة على نسبة عالية من السكريات المضافة والدهون غير الصحية والمكونات الاصطناعية. وتخضع هذه الأطعمة لعملية معالجة مكثفة وغالبا ما تحتوي على قيمة غذائية قليلة أو معدومة. وتشمل الأمثلة الشائعة لهذه الأطعمة المشروبات السكرية والوجبات الخفيفة المعبأة والوجبات السريعة.
وهذه الأطعمة ليست خالية من العناصر الغذائية الأساسية فحسب ولكنها مليئة أيضا بالمكونات الضارة المحتملة، حيث أنها محملة بالمواد المضافة مثل الزيت والدهون والسكر والنشا والصوديوم ومستحلبات مختلفة مثل الكاراجينان وليسيثين الصويا، والتي يمكن أن تضر بصحة الإنسان.
وبحث الأطباء في كلية شميدت للطب بجامعة فلوريدا أتلانتيك في هذه المشكلة الصحية، وتؤكد النتائج التي توصلوا إليها اتجاها مثيرا للقلق: أول انخفاض في متوسط العمر المتوقع في الولايات المتحدة منذ قرن من الزمان، وهو ما يرجع جزئيا إلى ارتفاع الأمراض غير المعدية المرتبطة باستهلاك الأطعمة فائقة المعالجة.
وقال الدكتور داون شيرلينغ، أستاذ مشارك في الطب في كلية شميدت للطب بجامعة فلوريدا أتلانتيك: "إن أولئك الذين يمارسون الطب في الولايات المتحدة يجدون أنفسهم اليوم في وضع مخزي وفريد من نوعه - فنحن أول مجموعة من المتخصصين في الرعاية الصحية الذين أشرفوا على انخفاض متوسط العمر المتوقع خلال 100 عام. إن متوسط العمر المتوقع لدينا أقل من البلدان الأخرى المماثلة اقتصاديا. وعندما ننظر إلى المعدلات المتزايدة للأمراض غير المعدية في الدول الأقل نموا، يمكننا أن نرى تأثر الزيادات بارتفاع استهلاك الأطعمة الفائقة المعالجة في وجباتهم الغذائية".
وعلى الرغم من التحذيرات الصادرة عن منظمات مثل الكلية الأمريكية لأمراض القلب باختيار الأطعمة القليلة المعالجة، إلا أن عدم وجود تعريف واضح للأطعمة الفائقة المعالجة يزيد من تعقيد الاختيارات الغذائية.
وأشار شيرلينغ إلى أن بعض الإضافات في الأطعمة الفائقة المعالجة يمكن أن تضر الطبقة المخاطية للأمعاء، ما يجعلها عرضة للأمراض، وربما تساهم في ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان بين البالغين الأصغر سنا.
ويرتبط استهلاك نظام غذائي غني بالأطعمة الفائقة المعالجة بزيادة خطر الإصابة بالسمنة وأمراض القلب والسكري وأنواع معينة من السرطان. ويمكن أن تساهم هذه الأطعمة أيضا في حدوث التهابات في الجسم وتعطيل عمليات التمثيل الغذائي.
ولتقليل تناول الأطعمة الفائقة المعالجة وحماية الصحة، يجب التركيز على استهلاك الأطعمة الكاملة الغير مصنعة مثل الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون.
ويجب الانتباه إلى الملصقات الغذائية لاختيار المنتجات التي لا تحتوي على سكريات مضافة أو إضافات صناعية.
وفي حين أن الأطعمة الفائقة المعالجة قد تكون مريحة ولذيذة، إلا أنها تأتي مع مجموعة من المخاطر الصحية المحتملة. ومن خلال اتخاذ خيارات واعية بشأن الأطعمة التي نستهلكها، يمكننا حماية صحتنا ورفاهيتنا على المدى الطويل.
ويقول الخبراء إنه من خلال تعزيز الوعي والدعوة إلى ممارسات غذائية صحية، فإننا نمتلك القدرة على عكس اتجاه انخفاض متوسط العمر المتوقع والدخول في عصر من تحسين الصحة العامة.
الإفراط بالجلوس خطر يهدد الحياة.. كيف تتجنبه؟!!
وبما أن جسم الإنسان مصمم للحركة، فمن الواضح أن كل هذا الجلوس ضار بالصحة، حيث أكدت دراسة جديدة من جامعة "كاليفورنيا"، هذا الأمر، وأكثر من ذلك.
وطُلب من 5856 مشاركة من الإناث، تتراوح أعمارهن بين 63 و99 عامًا، ارتداء جهاز مراقبة النشاط على الورك لمدة سبعة أيام في بداية الدراسة، ثم تابعهن الباحثون لمدة عقد من الزمن، توفيت خلاله 1733 مشاركة.
واستخدم الباحثون الذكاء الاصطناعي لمعرفة مقدار الوقت الذي قضته المشاركان جالسات من خلال مراقبة النشاط، ثم ربطوا ذلك بخطر الوفاة.
وأظهرت البيانات أن المشاركات اللاتي جلسن أكثر من 11 ساعة يوميا كنّ أكثر عرضة للوفاة بنسبة 57% خلال فترة الدراسة من أولئك اللواتي جلسن أقل من تسع ساعات ونصف يوميا.
وأشار العلماء إلى أن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام ستزيل المخاطر الصحية الناجمة عن الجلوس أكثر من اللازم.
ووجدت دراسة أجريت عام 2019 أيضًا أن ممارسة التمارين الرياضية بكميات أكبر لا تقلل من خطر الإصابة بأمراض مثل مرض السكري من النوع 2 وأمراض القلب والسكتة الدماغية التي تأتي مع الجلوس كثيرًا.
ما مقدار الجلوس الذي يعتبر أكثر من اللازم؟
أفادت دراسة جامعة "كاليفورنيا" بأن مقدار الجلوس الذي يعتبر أكثر من اللازم هو 11 ساعة في اليوم، وتقول أبحاث أخرى إن 7 ساعات فقط كل يوم قد تكون أكثر من اللازم، وهناك الكثير من الأبحاث أيضًا، التي توضح أنه لا يجب عليك الجلوس لمدة تزيد عن 30 دقيقة بشكل متواصل لأن ذلك قد يزيد من مستويات السكر في الدم وضغط الدم، بحسب مجلة "ساينس أليرت" العلمية.
ما الذي يمكنك فعله لتجنب الجلوس لفترات طويلة؟
يمكنك النهوض والتنقل بين المهام الوظيفية أو أثناء إجراء مكالمة إذا كنت عاملاً في المكتب، وفي المنزل يمكنك الوقوف أثناء فترات الإعلانات التليفزيونية أو أثناء تسخين الماء في الغلاية.
الكاكاو وفوائده المذهلة للقلب والدماغ
تمتع مسحوق الكاكاو بفوائد عديدة للقلب والدماغ، كما أنه أحد أكثر النباتات الغنية بمضادات الأكسدة ومركبات البوليفينول، التي تقلل من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والخرف.
وقالت دراسة نشرها موقع ميديكفوريوم، إن “مسحوق الكاكاو يحتوي على مركبات بوليفينول والتي لها دور مهم في تحسين مستويات أكسيد النيتريك في الدم، مما يريح الأوعية الدموية والشرايين ويوسعها ويحسن من تدفق الدم من خلالها، ويزيد من دفاع الجسم ضد أمراض القلب والدماغ”.
وأيضا هو يخفض من مستوى الكوليسترول الضار في الدم من خلال منع تأكسد الكوليسترول، ويحسن من وظائف المخ لأن مركباته البوليفينولية تقلل من خطر الإصابة بأمراض التنكس العصبي، وهذه المواد قادرة على عبور الحاجز الدموي الدماغي والمشاركة في المسارات البيوكيميائية التي تنتج الخلايا العصبية والجزيئات المهمة لوظيفة الدماغ الصحية.
وأكد العلماء، أن “الاستهلاك اليومي لفلافانول الكاكاو يمكن أن يحسن الأداء العقلي لدى الأشخاص الذين يعانون من إعاقات عقلية والذين لا يعانون منها حيث يريح أكسيد النيتريك عضلات الأوعية الدموية، ويحسن من تدفق الدم إلى الدماغ”.
ويعمل مركب الفلافونيد في الكاوكاو، على تقليل خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة مثل السكتات الدماغية، وأمراض القلب التاجية، والسرطان، كما يعمل كمضاد للالتهابات، وداعم لجهاز المناعة عن طريق عمله كمضاد أكسدة لتحييد الجذور الحرة التي قد تسبب التلف للخلايا ومكوناتها.
وتشير الدراسات إلى دور الكاكاو في علاج الحمى والوهن والتعب وضيق التنفس، فقر الدم ومشاكل الأمعاء والكلى، كما يؤكد الخبراء دور الكاكاو المهم في تحسين المزاج والتخلص من الاكتئاب والحزن والقلق.
إعلام إسرائيلي: قلق أميركي من نتنياهو.. بايدن طلب منه عدم الرد على الهجوم الإيراني
أكد مسؤولون أميركيون لشبكة "إن بي سي" أنهم يخشون أن تردّ "إسرائيل" على إيران "بتهور وبسرعة ودون التفكير في العواقب"، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.
ومن بين أمور أخرى، ذكرت شبكة "إن بي سي"، أن هذه المخاوف "تنبع من وجهة نظر الإدارة الأميركية حول نهج إسرائيل في حربها ضد حماس، فضلاً عن قرارها باغتيال المسؤول الكبير في قوة القدس حسن مهدوي في دمشق".
بالإضافة إلى ذلك، قالت ثلاثة مصادر مطلعة على التفاصيل لشبكة "إن بي سي "، إنّ الرئيس الأميركي جو بايدن "أعرب عن قلقه من أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يحاول جرّ الولايات المتحدة إلى داخل صراع أوسع".
وبموازاة ذلك، أشار موقع أكسيوس الأميركي عن مسؤولين، إلى أنّ بايدن "أبلغ نتنياهو أن الولايات المتحدة ستعارض أي هجوم مضاد إسرائيلي ضد إيران"، معبرين عن "قلقهم البالغ" من أنّ الردّ الإسرائيلي على الهجوم الإيراني على "إسرائيل" سيؤدي إلى حرب إقليمية ذات "عواقب كارثية".
وقال المسؤول إنه "عندما أخبر بايدن نتنياهو بأن الولايات المتحدة لن تشارك في أيّ عمليات هجومية ضد إيران ولن تدعم مثل هذه العمليات، قال نتنياهو إنه يتفهم ذلك".
بايدن: لتنسيق ردّ دبلوماسي موحد مع مجموعة الـ7
وذكر الرئيس بايدن في بيان، في وقت سابق من اليوم، أنّ إيران وحلفائها "الذين يعملون انطلاقاً من اليمن وسوريا والعراق، شنّوا هجوماً جوياً غير مسبوق ضد المنشآت العسكرية في إسرائيل"، معبراً عن "إدانته هذه الهجمات بأشد العبارات الممكنة".
وكشف أنه "بناءً على توجيهاته، ومن أجل دعم الدفاع عن إسرائيل، قام الجيش الأميركي بنقل طائرات ومدمرات للدفاع الصاروخي الباليستي إلى المنطقة على مدار الأسبوع الماضي"، للمساعدة في إسقاط الصواريخ والمسيرات الإيرانية.
وأضاف: "غداً، سأجتمع مع زملائي من زعماء مجموعة السبع لتنسيق ردّ دبلوماسي موحّد على الهجوم الإيراني الجريء، وسوف ينخرط فريقي مع نظرائهم في جميع أنحاء المنطقة، وسنبقى على اتصال وثيق مع القادة في إسرائيل".
وتابع لافتاً إلى أنه "على الرغم من أننا لم نشهد هجمات على قواتنا أو منشآتنا اليوم، إلا أننا سنظل يقظين لجميع التهديدات ولن نتردد في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية شعبنا".
وفي وقت سابق الليلة، أعلنت القوة الجوفضائية، التابعة لحرس الثورة في إيران، استهداف الأراضي الفلسطينية المحتلة بعشرات الصواريخ والمسيّرات، رداً على عدوان الكيان الصهيوني ضد القنصلية الإيرانية في دمشق.
وأكد البيان الصادر عن قيادة حرس الثورة أنّ العملية التي تحمل اسم "وعده صادق" تأتي "في إطار معاقبة النظام الصهيوني على جرائمه"، بما في ذلك الهجوم على القسم القنصلي لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دمشق واستشهاد القادة العسكريين والمستشارين الإيرانيين.
وأوضح البيان أنّ العملية تمت بموافقة المجلس الأعلى للأمن القومي وتحت إشراف الأركان العامة للقوات المسلحة وبإسناد رجال الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومساندة وزارة الدفاع وإسناد القوات المسلحة.
عملية "وعده صادق".. حرس الثورة الإيراني يعلن شنّ هجوم على "إسرائيل" بالمسيرات والصواريخ
أعلنت القوة الجوفضائية، التابعة لحرس الثورة في إيران، السبت، استهداف الأراضي الفلسطينية المحتلة بعشرات الصواريخ والمسيّرات، رداً على عدوان الكيان الصهيوني ضد القنصلية الإيرانية في دمشق.
وأكد البيان الصادر عن قيادة حرس الثورة أنّ العملية التي تحمل اسم "وعده صادق" تأتي "في إطار معاقبة النظام الصهيوني على جرائمه"، بما في ذلك الهجوم على القسم القنصلي لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دمشق واستشهاد القادة العسكريين والمستشارين الإيرانيين.
وأوضح البيان أنّ العملية تمت بموافقة المجلس الأعلى للأمن القومي وتحت إشراف الأركان العامة للقوات المسلحة وبإسناد رجال الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومساندة وزارة الدفاع وإسناد القوات المسلحة.
وتابع البيان أنّ أبطال حرس الثورة ردوا على جرائم الاحتلال وهاجموا الأهداف العسكرية المهمة لـ"جيشه" في الأراضي المحتلة ودمروها بنجاح.
وطمأن البيان الشعب الإيراني بأن حرس الثورة وبقية القوات المسلحة الإيرانية ستدافع حتى الرمق الاخير عن المصالح القومية وستحبط محاولات الأعداء لزعزعة أمن واستقرار البلاد.
بدورها، أكدت الخارجية الإيرانية أنّ القوات المسلحة الايرانية قامت بهجمات عسكرية على قواعد عسكرية تابعة للاحتلال الإسرائيلي انطلاقاً من حقها المشروع في الدفاع عن نفسها وفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
وقالت إنّ الهجوم جاء رداً على الاعتداءات المتكررة للكيان الصهيوني واستهداف المستشارين العسكريين الإيرانيين المدعويين من قبل الحكومة السورية، ولا سيما الهجوم الاخير على الأماكن الدبلوماسية الإيرانية في دمشق.
واستطردت بأنّ اعتماد إيران على الإجراءات الدفاعية لأعمال حقها في الدفاع المشروع يعكس نهجها المسؤول تجاه حفظ السلام والأمن الإقليمي والدولي، في حين يواصل الكيان الصهيوني جرائم الابادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني إضافة الى مواصلته اعتداءاته العسكرية المتكررة على دول الجوار واشعال المنطقة أكثر.
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن 3 موجات من الطائرات المسيّرة انطلقت من إيران نحو "إسرائيل"، وقال الناطق باسم "الجيش" الاحتلال الإسرائيلي إنّ إيران أطلقت عشرات الطائرات المسيّرة، مساء السبت.
وذكرت مصادر إسرائيلية لإذاعة "جيش" الاحتلال أنّ الهجوم الإيراني على "إسرائيل" سيتضمن صواريخ "كروز" أيضاً، وليس طائرات مسيرّة فقط، وهو ما أكده حرس الثورة في إيران، عبر قوله إن "الرد يشمل عشرات المسيرات والصواريخ".
وأكد المحلل السياسي في موقع "والّاه" الإسرائيلي، باراك رافيد، نقلاً عن مسؤول أمني وصفه بـ "الكبير" في كيان الاحتلال، أنّ الهجوم الإيراني يتضمن مئات من الطائرات الهجومية من دون طيار.
ولفتت وسائل إعلام إسرائيلية إلى مسيّرات انطلقت من اليمن، وأعلنت بلدية "حيفا" المحتلة حالة الطوارئ في ظل هذه الأحداث.
وقدّرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، أن تحاول إيران مزامنة هجوم الطائرات من دون طيار مع صواريخ أسرع، والتي سيتم إطلاقها لاحقاً، موضحةً أنّ الطائرات المسيّرة البطيئة يمكن استخدامها لتشتيت انتباه الدفاعات الإسرائيلية.
ووفقاً لمصدر أمني، أصدرت حكومة الاحتلال تعليمات تضمنت الدخول لملاجئ أكثر حماية من الصواريخ الدقيقة.
وتفاعلت حالة هلع وقلق في الجبهة الداخلية، التي أُصدرت فيها إجراءات مشددة وفقاً لتقديرات أمنية، إذ كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ كلّ السياسيين الإسرائيليين تلقوا أوامر بالبقاء في "إسرائيل" وإلغاء سفرهم إلى الخارج.
من جهته، أعلن المتحدث باسم "الجيش" الإسرائيلي، دانييل هغاري، تغييرات في سياسة الجبهة الداخلية يسري مفعولها ابتداءً من الساعة الـ11:00 من مساء اليوم السبت، وتستمر لغاية الساعة نفسها من يوم الاثنين المقبل.
وفي تفاصيل الإجراءات، "يُسمح في غلاف غزّة بالتجمع في المناطق المفتوحة حتى 100 شخص، وفي المناطق المبنية حتى 300 شخص، وتغلق الشواطئ"، بينما لم يُسمح في مستوطنات أخرى إلا بتجمّع 30 إسرائيلياً في المناطق المفتوحة، و300 في المبنية.
كمال الأخلاق (القناعة - الزهد- الإيثار)
روي عن الإمام الصادق عليه السلام، أَنّه قال لرجل يعظه: "اقنع بما قسم الله لك، ولا تنظر إلى ما عند غيرك، ولا تتمنَّ ما لست نائله، فإنّه من قنع شبع، ومن لم يقنع لم يشبع، وخذ حظّك من آخرتك".
مدخل
هي الاكتفاء من المال والمأكل والملبس بقدر الحاجة والكفاف، وعدم الاهتمام فيما زاد عن ذلك. وهي صفة كريمة تعرب عن عزّة النفس وشرف الوجدان وكرم الأخلاق. فالقانع هو الذي لا يطمع في الناس، ولا يلتفت إلى ما في أيديهم، ولا يتعدّى أمله يومه أو شهره، فلا يشغل قلبه بأزيد من ذلك، لأنّ الشوق لتحصيل المزيد وطول الأمل يحرم الإنسان من نعمة الراحة وسكون القلب، ويشغل قلبه عن ذكر الله تعالى.
فضيلة القناعة
أ- في القرآن:
قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ﴾1.
وقال عزّ وجلّ أيضاً: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾2.
ب- في الروايات:
عن أمير المؤمنين علي عليه السلام، قال: "القانع غنيّ، وإن جاع وعري"3.
وعن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "من قنع بما رزقه الله فهو من أغنى الناس"4.
وعن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "حُرم الحريص خصلتان ولزمته خصلتان، حُرم القناعة فافتقد الراحة، وحُرم الرضا فافتقد اليقين"5.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام، قال: "المستريح من الناس القانع"6، وقال عليه السلام: "القانع ناجٍ من آفات المطامع"7.
أهمّيّة القناعة ودورها في تربية النفس
للقناعة أهميةٌ كبرى وأثر بالغ في حياة الإنسان، فهي تحقّق الرخاء النفسي والراحة الجسدية، وتحرّر الإنسان من عبودية المادة واسترقاق الحرص والطمع وعنائهما المرهق وهوانهما المذلّ، وتفتح باب العزّة والكرامة والإباء والعفّة والترفّع عن صغائر الأمور. والقانع بالكفاف أسعد حياةً وأرخى بالاً وأكثر دعةً واستقراراً من الحريص المتفاني في سبيل أطماعه والذي لا ينفكّ عن القلق والمتاعب والهموم. والقناعة تمدّ صاحبها بصفاء ويقظة روحية، وبصيرة نافذة، وتحفّزه على التأهب للآخرة، والقيام بالأعمال الصالحة. لذا، صار القانع أغنى الناس، لأنّ حقيقة الغنى هي غنى النفس، والقانع راضٍ ومكتفٍ بما رزقه الله تعالى، وهو لا يحتاج أحداً ولا يسأل سوى الله تعالى. وأهمّيّة القناعة تظهر بشكل جليّ عندما يتحرّر الإنسان من قيود المادّة، لأنّ التمسّك بالمادّة ذلٌّ على عكس القناعة التي تورث الإنسان العزّة والكرامة. أمّا الثروة والمال فلا تعطي صاحبها الأفضلية على الآخرين سوى بالمال وليس بالمحاسن والفضائل المعنوية، لأنّ المال قابلٌ للزيادة والنقيصة، بل والزوال أيضاً، بعكس القناعة التي هي كنزٌ كما قال الإمام علي عليه السلام: "لا كنز أغنى من القناعة"8، بل وهي كنزٌ لا يفنى كما في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حيث قال: "القناعة كنز لا يفنى"9، لأنّها كنز معنويّ، نتيجته تحصيل المقامات المعنوية الرفيعة، كيف لا؟! وهي من أهمّ الأمور التي تُعين الإنسان على صلاح نفسه كما في الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام: "أعوَن شيء على صلاح النفس القناعة"10.
الزهد مفتاح حبّ الله والناس
1- حقيقة الزهد:
الزهد في الدنيا مقامٌ شريف جداً، ومن أعلى مقامات السالكين إلى الله تعالى، وهو أن لا يرغب الإنسان في الدنيا ولا يميل إليها بقلبه، ويتركها بجوارحه إلا بقدر الضرورة، بهدف العدول إلى ما هو خير منها وأشرف وأبقى، إلى الله تعالى والحياة الآخرة. فجميع الدعوات الإلهية والشرائع الربانية الحقّة هدفها الأساسي ربط الإنسان بالله عزّ وجلّ، وهو ما لا يمكن أن يتحقّق إلا بالإعراض عن غير الحقّ وكلّ ما سواه، مقدّمة للوصول إلى جماله المطلق، كما قال إمامنا الصادق عليه السلام: "وإنّما أَرادوا الزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة"11.
فالرغبة في الدنيا موجبة للاحتجاب عن الحقّ تعالى. والمقصود من الدنيا كلّ ما يشغل الإنسان عن الحقّ عزّ وجلّ. وإلى هذه الحقيقة أشار الإمام الصادق عليه السلام حين عرّف الزهد بأنّه: "تركك كلّ شيء يشغلك عن الله"12، لأنّه من المستحيل العروج إلى الكمالات الروحية والوصول إلى لقاء الحقّ مع التعلّق بغيره تعالى، والتبعية للشهوات والملذّات الفانية.
2- فضيلة الزهد في الكتاب والسنة:
قال تعالى في كتابه العزيز: ﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾13, حيث قال الإمام زين العابدين عليه السلام لرجلٍ سأله عن الزهد، فأجابه أنّ الزهد في هذه الآية14. وقوله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلً﴾15، حيث فُسّر أحسن العمل في التفاسير بأنّه الزهد.
وعن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "حرام على قلوبكم أَن تعرف حلاوة الإيمان حتى تزهد في الدنيا"16.
وعن أَمير المؤمنين علي عليه السلام، قال: "إنّ من أَعون الأخلاقِ على الدين الزهد في الدنيا"17.
وجاء أَعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا محمد، أَخبرني بعمل يحبني الله عليه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "يا أَعرابي، ازهد في الدنيا يحبّك الله، وازهد فيما في أَيدي الناس يحبّك الناس"18.
وعن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "من زهد في الدنيا أَثبت الله الحكمة في قلبه وأَنطق بها لسانه، وبصّره عيوب الدنيا، داءها ودواءها، وأَخرجه منها سالماً إلى دار السلام"19.
وعن أَمير المؤمنين عليه السلام، قال: "إنّ علامة الراغب في ثواب الآخرة زهد في عاجل زهرة الدنيا"20.
3- علامات الزهد:
للزهد ثلاث علامات أساسية، كما أخبر الله تعالى في سورة الحديد المتقدّمة، الآية 23، وهي:
- أن لا يفرح بموجود.
- أن لا يحزن على مفقود.
- أن يستوي عنده من يذمّه ومن يمدحه.
4- شروط تحقّق الزهد:
يشترط في الزهد ثلاثة أمور:
أ- أن يترك الإنسان ما تحبّه النفس وترغب فيه وتطلبه، لأنّ من ترك ما ليس مطلوباً، كتارك التراب والحشرات مثلاً، لا يُسمّى زاهداً، بل من رغب عن الدراهم والذهب يُسمّى زاهداً.
ب- أن يكون زهده في أمرٍ بمقدوره نيله والوصول إليه، إلا أنّه آثر تركه بملء إرادته واختياره، لأنّ ترك ما لا يقدر عليه الإنسان ولا يستطيع الوصول إليه لا يُسمّى زهداً.
ج- أن يكون الهدف من الزهد هو الله والدار الآخرة، أمّا لو كان لغرضٍ غير الله تعالى، كاستمالة القلوب أو الاشتهار وأمثال ذلك، لم يكن من الزهد أصلاً.
الإيثار سجيّة الأبرار
الإيثار هو من أرفع درجات الجود والكرم. ولا يتحلّى بهذه الصفة إلا الذين بلغوا قمّة السخاء، فجادوا بالعطاء، وهم بأمسّ الحاجة إليه، وآثروا بالنوال، وهم في ضنك العيش، لذا عدّت من أهمّ صفات الأبرار وشيم الأخيار، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: "الإيثار سجيّة الأبرار وشيمة الأخيار"21. والإيثار هو أن يجود الإنسان بالمال أو النفس أو الراحة أو ما إلى ذلك من النّعم مع الحاجة إليها، وتفضيل الإنسان الآخرين على نفسه، وتقديم حاجتهم على حاجته. بخلاف السخاء الذي هو عبارة عن بذل الإنسان وجوده بما لا يحتاج إليه، لذا كان الإيثار من أرفع درجات السخاء، كما قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: "الإيثار أعلى مراتب الكرم، وأفضل الشيم"22.
1- فضيلة الإيثار في الكتاب والسنة:
أثنى الله تعالى كثيراً في كتابه الكريم على الذين يؤثرون على أنفسهم، فقال: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾23.
وعن الإمام الباقر عليه السلام، قال: "إن لله عزّ وجلّ جنّة لا يدخلها إلا ثلاثة: رجل حكم على نفسه بالحقّ، ورجل زار أَخاه المؤمن في الله، ورجل آثر أَخاه المؤمن في الله"24.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنّه قال: "من آثر على نفسه آثره يوم القيامة بالجنّة"25، وعن الإمام الصادقِ عليه السلام أَنّه سُئِل: ما أَدنى حقّ المؤمن على أَخيه؟ فقال: "أَن لا يستأثر عليه بما هو أَحوج إليه منه"26.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام، قال: "الإيثار أفضل عبادة وأجلّ سيادة"27، وقال عليه السلام أيضاً: "الإيثار أحسن الإحسان وأعلى مراتب الإيمان"28.
2- الإيثار وتربية النفس:
عن أمير المؤمنين عليه السلام، قال: "عند الإيثار على النفس تتبيّن جواهر الكرماء"29.
فالإيثار يكشف باطن الإنسان ويعرّفه حقيقة نفسه، لأنّه ليس من السهل أن يقدّم الإنسان حاجة أخيه على نفسه، إلا إذا تجاوز عقبة حبّ الذات والدنيا، وآثر عليهما الله والدار الآخرة. فالإيثار من أهمّ العوامل التي تساعد على ارتقاء النفس وصفائها وبلوغها الدرجات العليا، لأنّها تجرّد النفس من التعلّقات الدنيوية والرغبات والأهواء النفسية التي لا تزيد الإنسان عن الله سبحانه وتعالى إلا بعداً واحتجاباً. فالمطلوب من الإنسان في سيره إلى الله أن يتخفّف من أوزان وأثقال هذه الدنيا الفانية ليلحق بالصالحين الأبرار، كما قال مولى الموحّدين علي عليه السلام: "تخفّفوا تلحقوا"30. والتحلّي بصفة الإيثار يحتاج في البداية إلى ترويض ٍومجاهدة حتى تصبح هذه الصفة ملكةً راسخة في النفس، لذا في البداية يتكلّف الإنسان الإيثار ويجبر نفسه عليه، لأنّ حبّ النفس ومصالحها ما زالت موجودة. من هنا، يعتبر الإيثار من أنواع جهاد النفس أيضاً وثوابه عظيمٌ عند الله تعالى، إلى أن تطوّع النفس بشكل كامل بفعل المداومة على أعمال البرّ والإحسان فيصبح الإيثار عن طوعٍ ورضا ورغبة نفسية بعد أن كان عن كرهٍ وانزعاج.
1- سورة التوبة، الآية 85.
2- سورة طه، الآية 131.
3- الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج15، ص 228.
4- الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص139.
5- وسائل الشيعة، ج16، ص 20.
6- الآمدي، غرر الحكم، ص 393.
7- م. ن.
8- العلّامة المجلسي، بحار الانوار، ج66، ص 411.
9- الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج 15، ص 226.
10- الآمدي، غرر الحكم، ص 391.
11- الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص 16.
12- الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج12، ص45.
13- سورة الحديد، الآية 23.
14- الحرّ العاملي، وسائل الشيعة، ج16، ص 12.
15- سورة الكهف، الآية 7.
16- الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص 128.
17- م. ن، ص 128.
18- الحرّ العاملي، وسائل الشيعة، ج9، ص 450.
19- م. ن، ج 16، ص 10.
20- م.ن، ج 16، ص 11.
21- الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج16، ص396.
22- الآمدي، غرر الحكم، ص 395.
23- سورة الحشر، الآية 9.
24- الشيخ الكليني، الكافي، ج 2، ص 178.
25- الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج7، ص 249.
26- م. ن، ص 212.
27- الآمدي، غرر الحكم، ص 395.
28- م. ن، ص 396.
29- م.ن، ص 396.
30- العلّامة المجلسي، بحار الانوار، ج6، ص135.
رأس الإيمان وقوامه (الصدق - العدل)
جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله، ما عمل أَهل الجنّة؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: "الصِّدق. إذا صدق العبد برَّ، وإذا برَّ آمن، وإذا آمن دخل الجنّة".
مدخل
لا بدّ لكلّ إنسانٍ تائقٍ إلى الكمال والسعادة الحقيقية أن يبحث عنهما أولاً في نفسه، فإذا وجدهما ارتاحت نفسه واطمأنت وعاشت السلام الذي تنشده وتبحث عنه على الدوام. وكمال كلّ نفس وقيمتها ما تختزنه من الفضائل الأخلاقية والصفات الحميدة. فكلّما تخلّقت هذه النفس بالصفات الحميدة والأخلاق الإلهية، كلّما صفت وطهرت وتنوّرت، وبالتالي ارتقت في مراتب الكمال الإنساني وتدرّجت في المقامات المعنوية الرفيعة. فصفات النفس هي التي تحدّد جوهر ومعدن هذه النفس، وترسم للإنسان صورة مصيره بعد أن يغادر هذا العالم وليس في جعبته سوى صورته الخلقية وما عمله من أعمالٍ في هذه الدنيا. لذا، ومن منطلق الأهمّيّة التي تشكّلها هذه الصفات والأخلاق، لا بدّ للإنسان التائق إلى لقاء ربّه من أن يجهد نفسه في التعرّف إلى هذه الفضائل ويسعى للتخلّق بها. وسنحاول في هذه الفصول أن نسلّط الضوء على بعض هذه الشمائل، ونكمل ما سبق وبدأنا به عندما تحدّثنا عن صفات وخصال المجاهدين الأساسية، ونذكر منها:
حقيقة الصدق
الصدق هو مطابقة القول للواقع، وهو من أشرف الفضائل النفسية والمزايا الخلقية، لخصائصه الجليلة، وآثاره الهامّة في حياة الفرد والمجتمع. فهو أساس الإيمان، ورمز استقامة المجتمع وصلاحه، وسبب كلّ نجاح ونجاة، لذلك مجّدته الشريعة الإسلامية وحرّضت عليه، قرآناً وسنة.
فضيلة الصدق
أ- في القرآن:
قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ﴾1.
وقال عزّ اسمه: ﴿قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾2.
وقال عزّ وجلّ في آية أخرى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ﴾3.
ب- في الروايات:
عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "أَربعٌ من كنَّ فيه كمل إيمانه، وإن كان من قرنه إلى قدمه ذنوباً لم ينقصه ذلك"، قال: "وهو الصدق وأَداء الأمانة والحياء وحسن الخُلقِ"4.
وعن عمرو بن أَبي المقدام، قال: قال لي الإمام الباقر عليه السلام في أَوَّل دخْلَةٍ دخلت عليه: "تعلَّموا الصدق قبل الحديث"5.
وعن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أوصيك يا عليّ في نفسك بخصال ـ اللَّهم أَعنه ـ الأولى الصِّدق، ولا يخرج من فيك كذبة أَبداً"6.
وعن أَبي جعفر ابن محمّد عليه السلام، قال: "أَحسن من الصدقِ قائله، وخيرٌ من الخير فاعله"7.
وعن أمير المؤمنين علي عليه السلام، قال: "الصدق يهدي إلى البرّ، والبرّ يدعو إلى الجنّة، وما يزال أَحدكم يصدق حتى لا يبقى في قلبه موضع إبرة من كذب حتى يكون عند الله صادقاً"8.
وعن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "قال تحرَّوا الصدق، فإن رأَيتم فيه الهلكة فإنّ فيه النجاة"9.
وقيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أَيّ الأخلاقِ أَفضل؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: "الجود والصدق"10.
وعن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "من صدق لسانه زكى عمله"11.
أهمّيّة الصدق وقيمته
إنّ من ضرورات الحياة الاجتماعية ومقوّماتها الأصلية شيوع التفاهم والتآزر بين أفراد المجتمع الواحد، ليتمكّنوا من النهوض بأعباء الحياة، وتحقيق غاياتها وأهدافها، لينعموا بحياةٍ هانئة وكريمة، ملؤها المودّة والسلام. وهذا لا يتحقّق إلا بالتفاهم والتعاون الوثيق وتبادل الثقة والائتمان بين الأفراد. ومن البديهي أنّ اللسان هو أحد أهمّ أدوات التفاهم والتواصل بين البشر، والترجمان العملي لأفكارهم وما يدور في خلدهم، فهو يلعب دوراً خطيراً في حياة المجتمع والأفراد. وعلى صدق اللسان وكذبه تبنى سعادة المجتمع وشقاؤه، فإن كان اللسان صادق القول، وأميناً في الشهادة والنقل، كان عاملاً مهمّاً في إرساء السلام في المجتمع، وزيادة أواصر التفاهم والتعاضد بين أفراده، وكان رائد خيرٍ ورسول محبّة بين البشر، وأمّا إن كان متّصفاً بالخداع والتزوير، والخيانة والكذب، غدا رائد شرّ، ومدعاةً للتباغض بين أفراد المجتمع، وسبباً لخرابه وفساده. لذا، كان الصدق من ضرورات الحياة الاجتماعية والفردية، لما له من انعكاساتٍ مباشرة على كلّ منها، فهو نظام عقد المجتمع السعيد والمسالم، ودليل استقامة أفراده والمؤكّد على صحّة وقوّة إيمانهم. لذا، كان التأكيد والحثّ الشديد في الآيات والروايات عليه، لأنّه، باختصار، هو العمود الفقري لمجتمعٍ معافى وسليم من الأحقاد والتنازع، وإيمان خالص وصادق بالله.
أقسام الصدق
للصدق صورٌ وأقسامٌ، أبرزها:
الصدق في الأقوال: وهو الإخبار عن الشيء على حقيقته من غير تحريفٍ أو تزوير.
الصدق في الأفعال: وهو مطابقة القول الفعل، كالبرّ بالقسم والوفاء بالعهد.
الصدق في العزم: وهو التصميم على أفعال الخير، فإن قام بإنجازها كان صادق العزم.
الصدق في النيّة: وهو تطهير النيّة من شوائب الرياء وغيرها من الآفات، والإخلاص لله تعالى في القصد، بحيث لا يكون الدافع ولا القصد سوى رضا الله والتقرّب إليه.
الكذب مفتاح الشرّ
الكذب صفة تجعل صاحبها ذليلاً وتذهب بماء وجهه واعتباره، وهي أصل الانفعال والخجل واسوداد الوجه في الدنيا والآخرة. والآيات والروايات الدالّة على خبث هذه الصفة كثيرة، منها:
رُوي عن الصادق الأمين صلى الله عليه وآله وسلم قوله: "المؤمن إذا كذب بغير عُذر لعنه سبعون ألف ملك، وخرج من قلبه نتنٌ حتّى يبلغ العرش فيلعنه حملة العرش، وكتب الله عليه بتلك الكذبة سبعين زنيةً، أهونها كمن يزني مع أمه"12.
ورُوي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً قوله: "الكذب مجانب الإيمان، ولا رأي لكذوب"13.
ورُوي عن أمير المؤمنين عليه السلام، فيما أوصاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يا علي، إيّاك والكذب! فانّ الكذب يسوّد الوجه، ثمّ يُكتب عند الله كذابا، وإنّ الصدق يبيّض الوجه، ويُكتب عند الله صادقا، واعلم أنّ الصدق مبارك والكذب مشؤوم"14.
ورُوي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قوله: "إنّ الله عزّ وجلّ جعل للشرِّ أقفالاً، وجعل مفاتيح تلك الأقفال الشّراب، والكذب شرٌّ من الشراب"15.
العدل سيّد الفضائل
العدل ضدّ الظلم، وهو مناعةٌ تردع صاحبها عن الظلم وتحفّزه على أداء الحقوق والواجبات. وهو سيّد الفضائل وقوام المجتمع المتحضّر، والارتباط العميق والصحيح بالحقّ تعالى، وسبيل السعادة والسلام. وقد اهتمّ الإسلام اهتماماً شديداً بهذه الفضيلة وأمر بها في القرآن والسنّة:
1- فضيلة العدل:
أ- في القرآن:
قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾16.
وقال عزّ اسمه: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ﴾17.
وقال عزّ وجلّ أيضاً: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾18.
وقال عزّ وجلّ أيضاً: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾19.
ب- في الروايات:
عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "قال أَمير المؤمنين عليه السلام: اعرفوا الله بالله والرسول بالرسالة وأولي الأمر بالأمر بالمعروف والعدل والإحسان"20.
وعنه عليه السلام أيضاً أنّه قال: "إنّ الناس يستغنون إذا عدل بينهم، وتنزل السماء رزقها، وتخرج الأرض بركتها بإذن الله تعالى"21.
رُوي أنّ أبا عبد الله عليه السلام رأَى زاملة قد مالت، فقال: "يا غلام، اعدل على هذا الحمل، فإنّ الله تعالى يحبّ العدل"22.
عن الإمام الرضا عليه السلام، قال: "استعمال العدل والإحسان مُؤذِن بدوام النعمة"23.
وعن الإمام الصادقِ عليه السلام أَنّه سُئِل عن صفة العدل من الرجل، فقال: "إذا غضّ طرفه عن المحارم، ولسانه عن المآثم، وكفّه عن المظالم"24.
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنّه قال: "عَدْلُ ساعةٍ خيرٌ من عبادة سبعين سنةً، قِيامٍ ليلها وَصِيامٍ نهارها"25.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً: "العدل ميزان الله في الأَرض، فمن أَخذه قاده إلى الجنّة، ومن تركه ساقه إلى النار"26.
وعن أمير المؤمنين علي عليه السلام، قال: "العدل رأس الإيمان وجماع الإحسان"27، وعنه عليه السلام أيضاً، قال: "شيئان لا يوزن ثوابهما، العفو والعدل"28.
2- أهمّيّة العدل:
النفوس السليمة فُطرت على حبّ العدل وبغض الظلم. وقد أجمع البشر على مرّ التاريخ، ورغم اختلاف الشرائع والمبادئ، على تمجيد العدل وتقديسه والتغنّي بفضائله ومآثره والتفاني في سبيله. وكيف لا؟! وهو رأس الإيمان، ومن صفات أولي الأمر، وباب البركات ودوام النّعم، وميزان الله في أرضه، الذي من تمسّك به قاده إلى جنّة الرضوان والنعيم، وهو سرّ حياة المجتمعات، ورمز فضائلها، وقوام مجدها، وضمان أمنها ورقيّها ورخائها. وما دالت الدول الكبرى وتلاشت الحضارات العظمى إلا بضياع العدل والاستهانة بمبدئه الأصيل ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾29. وقد كان أهل البيت عليهم السلام المثل الأعلى للعدل، وكانت أقوالهم وأفعالهم دروساً خالدة تنير للإنسانية مناهج العدل والحقّ والرشاد. وها هو سيّدهم أمير المؤمنين ومولى الموحّدين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: "والله، لئن أبيت على حَسَكِ السَّعْدان30 مُسَهَّداً31، أو أُجَرَّ في الأغلال مُصَفَّداً، أحبّ إليّ من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد، وغاصباً لشيءٍ من الحطام، وكيف أظلم أحداً لنفسٍ يُسرِعُ إلى البِلَى قُفولُها، ويطول في الثرى حُلولُها؟!"32.
3- أنواع العدل:
للعدل أشكالٌ وصورٌ متعدّدة، منها ما هو مرتبطٌ بالله عزّ وجلّ، ومنها ما هو مرتبطٌ بالمجتمع، ومنها ما هو مرتبطٌ بالولاية والحكم.
أ- عدل الإنسان مع الله عزّ وجلّ: الذي خلق الإنسان وسوّاه وأفاض عليه من أنواع النعم والكرامات ما يعجز اللسان عن إحصائه ﴿وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾33. ومقتضى العدل والإنصاف أن يؤدّي الإنسان ما عليه من واجبات وحقوق تجاه الإله المنعم، والتي تتلخّص بالإيمان به، وتوحيده، والإخلاص له، والتصديق برسله وحججه على خلقه، وعبادته، وطاعته، وترك معصيته.
ب- عدل الإنسان مع المجتمع: من خلال رعاية حقوق أفراده وكفّ الأذى عنهم والإساءة إليهم، والتعاطي معهم بكرم الأخلاق، وحسن مداراتهم وحبّ الخير لهم، والعطف على بؤسائهم ومعوزيهم ونحو ذلك من محقّقات العدل الاجتماعي. وقد لخّص الله تعالى هذا النوع من العدل بقوله: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾34.
ج- عدل الحكّام: بما أنّ الحكام هم ساسة الرعية وولاة أمر الأمّة، فهم أجدر الناس بالعدل، وأولاهم بالتحلّي به، فبعدلهم يستتبّ الأمن، وتشيع المساواة، ويسود الرخاء والسلام، وبجورهم تنتكس كلّ الفضائل، وتغدو الأمّة في قلق وحيرة وضنك وشقاء: ﴿فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ﴾35.
1- سورة الزمر، الآيتان 33 – 34.
2- سورة المائدة، الآية 119.
3- سورة التوبة، الآية 119.
4- الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص 99.
5- الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج12، ص 163.
6- م. ن.
7- م. ن، ج16، ص 292.
8- م.ن، ج8، ص 455.
9- الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج8، ص 455.
10- م. ن، ص 458.
11- الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص 104.
12- الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج9، ص86.
13- م.ن، ج9،ص88.
14- العلّامة المجلسي، بحار الانوار،ج74،ص67.
15- الشيخ الكليني، الكافي: ج2، ص338.
16- سورة المائدة، الآية 8.
17- سورة النساء، الآية 58.
18- سورة النحل، الآية 90.
19- سورة الأنعام، الآية 152.
20- الشيخ الكليني، الكافي، ج1، ص 85.
21- م.ن، ج3، ص 568.
22- الصدوق، محمد بن علي بن بابويه، من لا يحضره الفقيه، تحقيق وتصحيح علي أكبر غفاري، قم، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم، 1413 ه، ط 2،ج2، ص 292.
23- الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج11، ص 317.
24- م.ن، ج11، ص 317.
25- م. ن.
26- م. ن.
27- م. ن، ص 319.
28- م. ن، ص 320.
29- سورة النمل، الآية 52.
30- السعدان، نبات له حسك، أي له شوك حادّ وقاس.
31- المسهّد، الممنوع من النوم.
32- نهج البلاغة، خطبة 224.
33- سورة إبراهيم، الآية 34.
34- سورة النحل، الآية 90.
35- سورة الزخرف، الآية 65.