emamian

emamian

في ليله العاشر من شهر رجب سنة 195 هجرية في بيت من بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، قد ولد مولود مبارك، من أب كريم رحيم وهو الإمام الرضا عليه السلام، ومن أم كريمة شريفة اسمها سبيكة النوبية، وأنها كانت من قوم مارية القبطية زوجة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، اسمه محمد، ولقبه الجواد.
 
وقد نقلت روايات عديدة بشأن ولادة هذا المولود المبارك عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وأهل بيته المعصومين عليهم السلام، تجعل الإنسان يتأملها؛ ليعرف مقام وعظمة هذا المولود المبارك.
منها ما قاله رسول الله صلى الله عيله وآله في حديث اللوح قبل ولادته بأكثر من 180 سنة: «وإنّ الله عزّوجلّ ركّب في صُلبهِ (أي: صلب الإمام الرضا) نطفةً مباركةً طيّبةً زكيّةً رضيّةً مرضيّة، وسمّاها (محمّدَ بن علي)، فهو شفيعُ شيعته، ووارثُ علم جَدّه، له علامةٌ بينّة، وحُجّةٌ ظاهرة، إذا وُلِد يقول: لا إله إلاَّ الله، محمّدٌ رسول الله».(1)
و منها ما قاله الإمام الكاظم عليه السلام بشأن ولده الإمام الرضا عليه السلام وبشارة بولادة ابنه الجواد عليه السلام: «انّه سيُولَد له غلامٌ أمينٌ مبارك».(2)
ومن أعجب ما قيل بشانه هو ما قاله الإمام الرضا عليه السلام في طفولة ابنه الجواد.
عَنْ يَحْيَى الصَّنْعَانِيِّ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام، وهُوَ بِمَكَّةَ، وهُوَ يُقَشِّرُ مَوْزاً، ويُطْعِمُهُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه السلام، فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذَا الْمَوْلُودُ الْمُبَارَكُ؟
قَالَ عليه السلام: «نَعَمْ، يَا يَحْيَى! هَذَا الْمَوْلُودُ الَّذِي لَمْ يُولَدْ فِي الْإِسْلَامِ مِثْلُهُ مَوْلُودٌ أَعْظَمُ بَرَكَةً عَلَى شِيعَتِنَا مِنْهُ».(3)
فبعد ذكر هذه الروايات الصادرة عن المعصومين عليهم السلام، نسلط الضوء عليها لنقف عندها وقفة عميقة حتى يظهر لنا حكمة هذا البيان وحكمة وجود البركة في هذه المولود!
و من تأمل ودقق النظر في هذه الروايات يظهر له نقاط متعددة ومفيدة، نذكر ثلاثة منها:
الأولى:
من بركات هذا المولود المبارك أن المسلمين قد قرؤا القرآن الكريم، وقد عرفوا أن عيسى بن مريم عليه السلام أعلن نبوته وهو في المهد، حيث قال:
﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا﴾.(4)
وكان يحيى عليه السلام نبيا وهو صبي، وذلك كما قال الله تعالى: ﴿يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا﴾.(5)
ولكن الناس لم يروا بأعينهم هذه المعاجز، ولم يشاهدوا كيف يكون الصبي نبيا؟ وأما ببركة ولادة هذا المولود ووصوله للإمامة بعد مضي حدود سبع سنوات من عمره قد أحرزوا أفضل وأوضح دليل لإثبات هذه النقطه الاعتقادية، فأثبت الله تعالى للناس نبوة عيسي ويحيي ببركة ولادة الإمام الجواد عليه السلام.
الثانية:
ان الإمام الجواد عليه السلام أول إمام بدأ إمامته مبكرة في صغر سنه وفي طفولته، ولم يسبق أحد من الأئمه المعصومين عليهم السلام، وبناء عليه، فهذا الإمام الهمام هو الذي تبنى بولادته إمكان تصدي الإمامة في الطفولة، مما يمهد لإمامة الإمام الحجة عليه السلام؛ إذ أن الإمام الحجة عليه السلام تولى لمنصب الإمامة الإلهية لاحقا، وهو صغير السن، لا يتعدى عمره خمس سنوات، وهذا قد يكون سبباً لعدم قبول الناس لإمامته (عجل الله تعالى فرجه)، خصوصاً وأنه سوف يغيب عن الأنظار، ولن يكون هناك مجال للقاء به إلا من خلال السفراء والمكاتبات.
فبعد ذلك يظهر للمتأمل بركة هذا المولود؛ لأنه لولاه ولولا إمامته في صغر سنه لصار قبول أمر الإمامة في الإمام المهدي عليه السلام أمرا صعبا.
الثالثة:
أن يكون هذا النص مشيراً إلى شبهة عقائدية وجدت في عصر الإمام الرضا عليه السلام وقويت، وكانت ولادة الإمام الجواد رداً عليها، وهدماً لأركانها، توضيح ذلك:
من المعلوم أنه بعد شهادة الإمام الكاظم عليه السلام ظهر تيار الوقف، وهم الذين قالوا بأن موسى بن جعفر لم يمت وإنما غاب، وسيعود وهو الإمام المهدي الذي بشرت به الروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام، فلم يتقبلوا إمامة الإمام الرضا عليه السلام، وقد ازداد التشكيك في إمامته، حتى وصل إلى بعض محبيه وشيعته؛ وذلك لما لاحظوا عدم تحقق الإنجاب للإمام حتى مضى من عمره الشريف سبعة وأربعين سنة، فصاروا يشككون في إمامته عليه السلام إذ لو كان إماماً لكان له خلف، ولما لم يثبت الخلف له؛ فهذا يدل على عدم صحة إمامته.
فلما ولد الإمام الجواد عليه السلام زالت هذه الشبهة ببركة قدومه، وزالت فكرة هذا التيار المنحرف، ولم يكن عندنا من بعد الواقفة فرقة في التشيّع فمن يقبل بإمامة الإمام الرضا عليه السلام يقبل بإمامة جميع الأئمة الاثناء عشر عليهم السلام.
 


1ـ عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج 61، ص 1/ ح 29 ـ الباب 6.
2ـ الكافي: ج 1، ص 313؛ إعلام الورى: ج2، ص 50؛ الإمامة والتبصرة:80.
3ـ الكافي:ج 6، ص 361.
4ـ سورة مريم: 30 و31.
5ـ سورة مريم: 11 و 12.

قال أبو جعفر محمد بن على الجواد عليه السلام:« المؤمن يحتاج إلى ثلاث خصال : توفيق من الله ، وواعظ من نفسه ، وقبول ممن ينصحه. » (1).


الأسرة هي الخلية الأساسية في المجتمع، وهي الحاضنة الأولى التي يتلقى فيها الفرد قيمه وأخلاقه ومعارفه. ولذا، فإن تربية الأسرة تعتبر من أهم المسؤوليات الملقاة على عاتق الوالدين. فالأسرة الصالحة هي اللبنة الأساسية لمجتمع قوي ومترابط. وفي خضم هذا الدور الحساس، تبرز أهمية الاستلهام من الرواية المنقولة عن الإمام الجواد عليه السلام: :« المؤمن يحتاج إلى ثلاث خصال : توفيق من الله ، وواعظ من نفسه ، وقبول ممن ينصحه. » (2).


تعتبر الأخلاق والتوجيه الذاتي من الركائز الأساسية في تربية الأسرة، حيث تلعبان دورًا حاسمًا في تشكيل شخصية الأفراد وتوجيه سلوكهم نحو القيم الإيجابية. في عالم سريع التغيرات، حيث تتأثر الأجيال الجديدة بمؤثرات متعددة من وسائل الإعلام والتكنولوجيا، يصبح من الضروري أن نعيد النظر في أساليب التربية التي نعتمدها. إن التحلي بالأخلاق في الأسرة لا يقتصر فقط على تعليم القيم والمبادئ، بل يتعدى ذلك إلى تعزيز القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة وتوجيه النفس نحو الأهداف النبيلة.


تبدأ عملية التربية الأخلاقية من داخل المنزل، حيث يتعلم الأطفال من سلوكيات والديهم وتجاربهم اليومية. فالأسرة هي البيئة الأولى التي يتعرض فيها الفرد لمفاهيم الخير والشر، الحق والباطل، مما يجعل من الضروري أن تكون هذه البيئة مليئة بالقيم الإيجابية والمبادئ السليمة. من خلال تعزيز الأخلاق، يمكن للأسرة أن تساهم في بناء جيل قادر على مواجهة التحديات الاجتماعية والنفسية، متسلحًا بالقدرة على التوجيه الذاتي واتخاذ القرارات الصائبة.


توفيق من الله


إن أول ما يحتاجه المؤمن في مسيرة التربية، هو التوفيق من الله سبحانه وتعالى. فمهما امتلك الوالدان من علم وخبرة، ومهما بذلا من جهد وتضحية، فإنهما لن ينجحا في مهمة التربية إلا بتوفيق الله وعونه. وهذا التوفيق لا يأتي إلا بالدعاء والتضرع إلى الله، وبالإخلاص في النية والعمل، وبالالتزام بتعاليم الدين الحنيف. فالتوفيق من الله هو الأساس الذي تبنى عليه كل الجهود التربوية، وهو الذي يبارك فيها ويجعلها مثمرة. فالتوفیق من الله هي الخصيلة التي أكد عليها القرآن والروايت. حيث ورد حول النبي شعيب:﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ (3).


وفي هذا السياق يقول الإمام الرضا عليه السلام:« سَبعَةُ أشياءَ بِغَيرِ سَبعةِ أشياءَ مِن الاسْتِهْزاءِ : مَنِ اسْتَغْفَرَ بلِسانِهِ و لَم يَنْدَمْ بقَلبِهِ فَقدِ اسْتَهْزأ بنَفْسِهِ، و مَن سَألَ اللّه َ التَّوفيقَ و لَم يَجْتَهِدْ فَقدِ اسْتَهْزأ بنَفْسِهِ... » (4).


فيجب على الوالدين أن يلجآ إلى الله بالدعاء والتضرع، وأن يطلبا منه العون والتوفيق في مهمة التربية. فالدعاء هو سلاح المؤمن، وهو الصلة التي تربط العبد بربه. يجب أن تكون نية الوالدين خالصة لله في تربية أبنائهم، وأن يكون عملهم موافقًا لشرع الله. فالإخلاص هو روح العمل، وهو الذي يجعله مقبولًا عند الله. 


واعظ من نفسه


المسألة الثانية هي أن يكون للشخص، خصوصا الوالدان، ضمير حي، يوقظه عند الزلل ويذكره بالحق. وفي سياق التربية، يجب أن يكون الوالدان قدوة صالحة لأبنائهم، وأن يكونا حريصين على محاسبة أنفسهما قبل محاسبة أبنائهما. فمن لم يكن واعظًا لنفسه، فلن يكون مؤثرًا في تربية غيره.


فقد روي عن أميرالمؤمنين عليه السلام:« ألاَ و إنّهُ مَن لَم يَكُن لَهُ مِن نَفسِهِ واعِظٌ لَم يَكُن لَهُ مِن اللّه ِ حافِظٌ » (5). وأيضا روي عنه عليه السلام:« اِعلَموا أنّهُ مَن لَم يُعَنْ على نَفسِهِ حتّى يَكونَ لَهُ مِنها واعِظٌ و زاجِرٌ ، لَم يَكُن لَهُ مِن غَيرِها لا زاجِرٌ و لا واعِظٌ » (6).


فالنكتة المهمة التي يجب التنبه عليها هي أن المؤمن إن لم يكن له واعظ من نفسه ولم يحاسب نفسه بنفسه، لم يتعض من بقية المؤمنين وسيتغلب عليه أعداؤه. فقد روي عن الإمام الباقر عليه السلام:« مَن لَم يَجعَلِ اللّه ُ لَهُ مِن نفسِهِ واعِظا ، فإنَّ مَواعِظَ النّاسِ لَن تُغنيَ عَنهُ شيئا » (7). وقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام:« مَن لَم يَكُن لَهُ واعِظٌ مِن قَلبِهِ ، و زاجِرٌ مِن نَفسِهِ ، و لَم يَكُن لَهُ قَرينٌ مُرشِدٌ ، استَمكَنَ عَدُوُّهُ مِن عُنُقِهِ » (8).


فلهذا يجب أن يكون الوالدان قدوة حسنة لأبنائهم في أقوالهم وأفعالهم، وأن يتصفا بالأخلاق الحميدة والسلوك القويم. فالأبناء يتأثرون بوالديهم أكثر من أي شخص آخر، وهم يقتدون بهم في كل شيء. وكذلك يجب على الوالدين أن يحاسبا أنفسهما باستمرار، وأن يقوما بتقويم سلوكهما وأخلاقهما. فمحاسبة النفس هي الخطوة الأولى نحو الإصلاح والتغيير. يجب على الوالدين أن لا يترددا في الاعتراف بالخطأ أمام أبنائهما، وأن يعتذرا لهم عند الخطأ. فالاعتراف بالخطأ هو دليل على الشجاعة والصدق، وهو يعلم الأبناء كيف يتعاملون مع أخطائهم.


قبول ممن ينصحه


المسألة الثالثة هي أن يكون المؤمن متواضعًا، ويتقبل النصح والتوجيه من الآخرين، خاصة ممن هم أصحاب علم وخبرة. وفي مجال التربية، يجب على الوالدين أن يكونا منفتحين على النصيحة والتوجيه من أهل الاختصاص، وأن يتقبلا النقد البناء من الآخرين. فالتواضع هو مفتاح العلم والحكمة. وفي هذا السياث يقول أميرالمؤمنين عليه السلام:« العاقِلُ مَنِ اِتَّعَظَ بِغَيره... اَلمواعِظُ شِفاءٌ لِمَن عَمِلَ بها... بِالمَواعِظِ تَنجلي الغَفلةُ.. » (9).


قبول النصيحة يشجع على فتح قنوات الحوار بين أفراد الأسرة. عندما يشعر الأفراد بأن آراءهم تُؤخذ بعين الاعتبار، فإنهم يكونون أكثر استعدادًا للتعبير عن مشاعرهم واحتياجاتهم. هذا التواصل الفعّال يعزز من الروابط الأسرية ويخلق بيئة داعمة. ففي هذا السياق يقول الإمام الباقر عليه السلام:« خُذوا الكَلِمَةَ الطّيِّبَةَ مِمَّن قالَها و إنْ لَمْ يَعْمَلْ بِها. » (10).


كل فرد في الأسرة يحمل تجارب ومعارف فريدة. من خلال قبول النصيحة، يمكن للأفراد الاستفادة من خبرات بعضهم البعض، مما يسهم في تطوير مهاراتهم وقدراتهم. فالأبناء يمكنهم التعلم من تجارب والديهم، والعكس صحيح. ولهذا يقول أميرالمؤمنين عليه السلام:« إسمعوا النّصيحة ممّن أهداها إليكم و اعقلوها على أنفسكم. » (11). وعنه عليه السلام أيضا:« اِتَّعِظوا مِمَّنْ كان قبلَكُم قَبلَ أَن يَتّعِظَ بِكُم مَن بعدَكُم » (12).


النصيحة التي تُقدم في إطار أخلاقي تساعد في تعزيز القيم مثل الصدق، الاحترام، والتعاون. عندما يتقبل الأفراد النصيحة، فإنهم يتعلمون كيفية التعامل مع الآخرين بطريقة إيجابية، مما يساهم في بناء مجتمع أكثر تماسكًا. والشئ المهم هو أن قبول النصيحة يشجع الأفراد على التفكير النقدي وتطوير مهارات التوجيه الذاتي. عندما يتمكن الأبناء من تقييم النصائح المقدمة لهم، فإنهم يتعلمون كيفية اتخاذ قرارات مدروسة، مما يعزز استقلاليتهم وثقتهم بأنفسهم. ولهذا يقول الإمام الصادق عليه السلام:« عَليكَ بِالنُّصحِ للهِ في خَلقِه فَلَنْ تَلقاهُ بِعَملٍ أَفضلَ مِنه » (13).


هذه كانت جملة من الروايات والنصح في تربية الأولاد في ضمن رواية الإمام الجواد عليه السلام.


1) بحار الأنوار (للعلامة محمد باقر المجلسي) / المجلد: 78 / الصفحة: 358 / الناشر: مؤسسة الوفاء – بيروت / الطبعة: 1.
2) بحار الأنوار (للعلامة محمد باقر المجلسي) / المجلد: 78 / الصفحة: 358 / الناشر: مؤسسة الوفاء – بيروت / الطبعة: 1.
3) سورة هود / الآية: 88.
4) بحار الأنوار (للعلامة محمد باقر المجلسي) / المجلد: 78 / الصفحة: 356 / الناشر: مؤسسة الوفاء – بيروت / الطبعة: 1.
5) بحار الأنوار (للعلامة محمد باقر المجلسي) / المجلد: 41 / الصفحة: 133 / الناشر: مؤسسة الوفاء – بيروت / الطبعة: 1.
6) نهج البلاغة (للسيد الرضي) / المجلد: 1 / الصفحة: 123 / الناشر: دار الكتب اللبناني – بيروت / الطبعة: 1.
7) تحف العقول (لإبن شعبة الحراني) / المجلد: 1 / الصفحة: 294 / الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي – قم / الطبعة: 2.
8) الأمالي (للشيخ الصدوق) / المجلد: 1 / الصفحة: 526 / الناشر: قسم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة – قم / الطبعة: 1.
9) غرر الحكم ودرر الكلم (لعبدالواحد التميمي) / المجلد: 1 / الصفحة: 407 / الناشر: دار الكتاب الإسلامي – قم / الطبعة: 2.
10) تحف العقول (لإبن شعبة الحراني) / المجلد: 1 / الصفحة: 299 / الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي – قم / الطبعة: 2.
11) غرر الحكم ودرر الكلم (لعبدالواحد التميمي) / المجلد: 1 / الصفحة: 151 / الناشر: دار الكتاب الإسلامي – قم / الطبعة: 2.
12) غرر الحكم ودرر الكلم (لعبدالواحد التميمي) / المجلد: 1 / الصفحة: 407 / الناشر: دار الكتاب الإسلامي – قم / الطبعة: 2.
13) سفينة البحار (للشيخ عباس القمي) / المجلد: 8 / الصفحة: 253 / الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر – قم / الطبعة: 2.

قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، استقبل  اليوم الأربعاء، الآلاف من أهالي مدينة قم المقدسة في حسينية الإمام الخميني (رض).

يأتي هذا اللقاء في إطار إحياء الذكرى السنوية لانتفاضة التاسع عشر من دي لعام 1356 (9 يناير 1978).

بعض أهم محاور كلمة قائد الثورة الإسلامية كما يلي:

كانت إيران في فترة الشاه قلعة حصينة للمصالح الأمريكية؛ ومن داخل هذه القلعة انبثقت الثورة وتفجرت. لم يفهم الأمريكيون، خدعوا، وذهلوا، واغتروا؛ هذا هو الخطأ الحسابي لأمريكا.

بعد الثورة، على مدار هذه العقود، أخطأ الأمريكيون في غالب الأحيان في مسائل إيران. هذه الكلمات موجهة بشكل خاص لأولئك الذين يشعرون بالخوف من سياسات أمريكا.

العمل البرمجي هو الكذب، خلق فجوة بين الواقع والأفكار العامة والتصورات؛ أنتم تزدادون قوة، وهو يروج لفكرة أنكم تضعفون. هو نفسه يضعف، ويعلن أنه يقوى. أنتم تصبحون غير قابلين للتهديد، فيقول: "سأدمركم بالتهديد." هذه هي الدعاية. وهناك البعض الذين يتأثرون بذلك.

اليوم، العمل الأساسي والمهم لأجهزتنا الدعائية، لأجهزتنا الثقافية، دعاية وزارتنا، إذاعتنا وتلفزيوننا، نشطائنا في الفضاء الإلكتروني، هو أن يكسروا وهم قوة العدو، ألا يسمحوا للدعاية المعادية بالتأثير على الرأي العام. هذا هو العمل الذي قام به أهل قم في يوم 19 دي 56.

جواب سماحة آية الله خامنئي لأولئك الذين يسألون لماذا تتفاوض إيران مع الأوروبيين ولديها علاقات معهم بينما لا ترغب في التفاوض والتواصل مع أمريكا: "أمريكا كانت قد تملكت هذا المكان لكنها انتزعت منه. لذلك، حقدها تجاه البلاد والثورة هو حقد "الجمل"، ولن تتخلى عنها بسهولة. أمريكا قد فشلت في إيران، وهي تسعى لتعويض هذا الفشل."

على المسؤولين ومتخذي القرارات ألا يأخذوا بعين الاعتبار مطالب ومواقف أمريكا والصهاينة على الإطلاق.

وشكر سماحة آية الله الخامنئي المواقف الواضحة والشجاعة لرئيس الجمهورية بشأن الكيان الصهيوني ودعم الولايات المتحدة لهذا الكيان.

إذا استمع المسؤولون في بلادنا في أي فترة من الفترات إلى التوقعات غير المبررة للأمريكيين، أي أخذ مصلحة أمريكا بعين الاعتبار في اتخاذ القرارات بشأن قضايا مختلفة، فإنهم يهددون الديمقراطية وجمهورية البلاد.

المقاومة حية ويجب أن تبقى حية ويجب أن تصبح أقوى يوماً بعد يوم. ونحن نساند المقاومة، نساند المقاومة في غزة، في الضفة الغربية، في لبنان، في اليمن، ومن أي نقطة تواجه الحركة الخبيثة للكيان الصهيوني وتقاومها، نحن نساندهم.

وفي ما يلي تفاصيل خطاب قائد الثورة الإسلامية:

وصف قائد الثورة الإسلامية، 46 عاما من الحسابات والسياسات الخاطئة من قبل أمريكا تجاه الشعب الإيراني بأنها استمرار للخطأ الحسابي نفسه الذي ارتكبته أمريكا في تحليل انتفاضة 19 دي التاريخية.

وأشار إلى ضرورة التعلم من انتفاضة 19 دي، وأكد على الجهود "المستمرة والواسعة والفعّالة" من قبل وسائل الإعلام والنشطاء في الفضاء الإلكتروني لـ "تمزيق وهم قوة العدو وحماية الأفكار العامة" وتركيز المسؤولين الكامل على مصالح الشعب والبلاد في كل قرار وإجراء اقتصادي وثقافي كاحتياجات حيوية اليوم.

وقال سماحته: يجب على الجميع أن يستمروا في الحركة الوطنية نحو تحقيق الأهداف الاقتصادية وغير الاقتصادية بالأمل والجهود المتزايدة.

واعتبر آية الله الخامنئي انتفاضة 19 دي من قبل الشعب المؤمن والشجاع في قم من قمم تاريخ البلاد، مثلما هو الحال مع جميع أيام الله، تحتوي على دروس وعبر متعددة، وقال: أهم درس من ذلك اليوم هو أنه يظهر ما نوع الإيراني الذي تفضله أمريكا وتتمناه.

وأشار قائد الثورة إلى زيارة الرئيس الأمريكي وقتها، جيمي كارتر، إلى طهران في 31 ديسمبر 1977، ومدحه الكاذب لمحمد رضا شاه ووصفه لإيران تحت حكم الشاه بأنها "جزيرة استقرار.

وأضاف: إيران 1977 التي كان كارتر يعتبرها مثالاً مطلوباً لأمريكا، كانت من الناحية السياسية الخارجية تابعة تماماً للأمريكيين وتؤمن مصالحهم، ومن الناحية الداخلية كانت تشهد قمعاً شديداً لكل الحركات المعارضة وحتى المختلفة عن النظام، ومن الناحية الاقتصادية كانت تتمتع بإيرادات ضخمة من بيع النفط لكن بنظام طبقي متشدد، ومن الناحية العلمية والتكنولوجية كانت متأخرة، ومن الناحية الثقافية كانت بلداً ينتشر فيه فساد وفجور وغربيات فاسدة بشكل يومي.

وتابع: إن انتفاضة 19 دي انتزعت "إيران التي كانت مرغوبة للأمريكيين" من قبضتهم، لكن أمريكا لا تزال تحلم بتلك إيران، والتي بالطبع كما أخذ كارتر هذه الرغبة إلى قبره، فإن باقي الأمريكيين أيضاً سيأخذونها إلى قبورهم.

واعتبر سماحة آية الله الخامنئي الدرس الثاني من انتفاضة 19 دي هو كشف خطأ الحسابات الأمريكية وإثبات عجزهم عن فهم واقع إيران.

وأضاف قائد الثورة: أولئك الذين يربطون آمالهم بمظاهر أمريكا وينسون عظمة الله والشعب الإيراني يجب أن ينتبهوا إلى أنه فقط بعد 9 أيام من مدح كارتر لـ "جزيرة الاستقرار" الأمريكية، أظهرت انتفاضة أهالي قم الرائدة كم أن أمريكا متأخرة وغافلة في فهم قضايا إيران.

وقد شبه سماحته انتصار الثورة الإسلامية من قلب "أهم معقل للاستكبار" بتربية النبي موسى (عليه السلام) في قصر فرعون، وأضاف: الأمريكيون ظلوا نائمين، بينما انفجرت الثورة الإسلامية العظيمة من قلب قلعة مصالحهم القوية؛ تماماً كما كان فرعون غافلاً عن أن موسى كان ينمو ويترعرع في بيته.

وأشار آية الله الخامنئي إلى استمرار أخطاء الحسابات الأمريكية تجاه إيران على مدار 46 سنة مضت، وأضاف: أولئك الذين يخافون من سياسات أمريكا، لا ينبغي أن يخافوا ويجب أن يولوا اهتماماً كافياً إلى هذه النقطة الضعف الأساسية والمستمرة في نظام الولايات المتحدة.

وشرح قائد الثورة الإسلامية بعض السياسات الخاطئة وغير المثمرة لأمريكا تجاه الشعب الإيراني وأشار إلى موضوع العقوبات، وقال: لقد استهدفت العقوبات إضعاف الاقتصاد الإيراني وتركيعه، لكن الشعب الإيراني حقق خلال فترة العقوبات أكبر تقدم في مجالي العلم والتكنولوجيا، وبرز شبابه المستعد للعمل في مختلف الميادين.

وأضاف سماحته: بالطبع، العقوبات ألحقت أضراراً بالبلاد، لكنها لم تتمكن من تحقيق أهدافهم، وإن شاء الله سيأتي يوم يحاسب فيه الشعب الإيراني على هذه الأضرار أيضاً.

ووصف سماحة آية الله الخامنئي انتصار الثورة بإحداث تصدعات في جدار الاستكبار الخرساني وزعزعة حصون الغرب، وأضاف: درس آخر من انتفاضة 19 دي هو أننا يجب أن نحصن الرأي العام لشعبنا ضد دعاية العدو.

واعتبر سماحته أن الهدف من نشر مقال مسيء ضد الإمام الخميني في إحدى الصحف في 1977 كان نتيجة استغلال الولايات المتحدة ونظام الشاه لأدوات البرمجيات الإعلامية، وقال: كانوا يريدون إسكات "ذو الفقار اللسان" للإمام الخميني، الذي كان من جوار مرقد أمير المؤمنين (عليه السلام) يبعث الأمل والدفء في قلوب الناس، لكن أهالي قم بوعيهم وعدم ثقتهم في دعايات أمريكا ونظام الشاه أفشلوا تلك المؤامرة.

وأشار قائد الثورة إلى الزيادة الهائلة في استخدام الأمريكيين للبرمجيات الإعلامية لتعزيز نتائج استخدام الأدوات الصلبة، وقال: في غزة، قتلوا عشرات الآلاف من البشر، لكنهم لم يستطيعوا القضاء على المقاومة بالأدوات الصلبة. وفي لبنان أيضاً، استشهد شخصيات مثل السيد حسن نصر الله وغيره من القادة، لكن حزب الله لم ينهزم ولن يُهزم.

ووصف سماحته العمل التوضيحي والإعلامي بأنه مؤشر بالغ الأهمية، وقال: العدو من خلال اختلاق الأكاذيب، وخلق فجوة بين الواقع وأفكار الناس وتصوّراتهم، وأساليب أخرى، يحاول التأثير على الرأي العام. واليوم، يجب على هيئة الإذاعة والتلفزيون، ووزارة الإرشاد، وجميع المؤسسات الإعلامية والثقافية، والنشطاء في الفضاء الإلكتروني، أن يمزقوا وهم قوة العدو ويوفروا الحماية للرأي العام ضد الأكاذيب، والتهديدات، والتحريفات التي يقوم بها.

وأشار قائد الثورة إلى أن طبيعة الاستكبار لم تتغير عن الماضي، وقال: لا يظن أحد أن أمريكا والكيان الصهيوني اليوم يختلفان عن الماضي، لكن أساليبهما وأدواتهما أصبحت أكثر تنوعاً وانتشاراً بمقدار ألف مرة، ولذلك علينا أيضاً أن نكون أكثر يقظة ودقة بمقدار ألف مرة.

واعتبر سماحته أن تحصين الرأي العام ضرورة أساسية، وأضاف: المفتاح هو ألا نصدق كلام العدو، وندرك أن ما يطرحه العدو في دعاياته للتأثير على الرأي العام هو خادع وكاذب، وعلينا أن نرفضه على الفور.

وفي جزء آخر من حديثه، وصف سماحة آية الله الخامنئي إيران بأنها قمة استراتيجية في العالم، لما تتمتع به من نِعَم قيمة مثل الموارد الطبيعية والقوة البشرية المتقدمة فوق المتوسط العالمي، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي الممتاز وجغرافيتها السياسية الحساسة.

وأضاف: كانت إيران، منذ حوالي 80 عاماً، ولمدة عدة عقود، تحت سيطرة أمريكا، ولكن الثورة الإسلامية حررت البلاد من قبضة أمريكا، ولهذا السبب لا يستطيعون نسيان مرارة الثورة.

وأشار سماحة آية الله الخامنئي إلى تصريحات بعض الأشخاص الذين يتساءلون عن سبب رفض الجمهورية الإسلامية التفاوض والتواصل مع أمريكا رغم وجود علاقات مع الدول الأوروبية وسفاراتها في إيران، وقال: إن إيران قبل الثورة كانت تحت هيمنة أمريكا، ولكن الثورة الإسلامية أخرجت هذه الثروة السياسية والاقتصادية الهائلة من قبضتهم، ولهذا فإن حقدهم للثورة دفين وأعمق بكثير مقارنة بالدول الأوروبية.

واعتبر قائد الثورة أن فشل أمريكا في استعادة إيران، رغم التكاليف الباهظة التي تحملتها خلال الـ 46 عاماً الماضية، هو سبب آخر لحقدها على الشعب الإيراني والجمهورية الإسلامية، وأضاف: لقد مُنيت أمريكا بالهزيمة في هذا البلد، وهي تحاول تعويض هذه الهزيمة، ولذلك تعادي الشعب الإيراني بكل ما تستطيع.

وأوضح سماحته أن أحد مطالب الاستكبار، وعلى رأسه الحكومة الأمريكية، من جميع الدول بما فيها مسؤولو الجمهورية الإسلامية، هو مراعاة مصالحهم واعتباراتهم عند صياغة القضايا المختلفة. وشدد على أن الرضوخ لهذا المطلب غير المشروع يشكل تهديداً للديمقراطية والجمهورية في البلاد، وقال: لقد صوّت الشعب للمسؤولين لتحقيق مصالحهم، وليس لتحقيق مصالح أمريكا. لذلك، يجب أن يركز صانعو القرار في القضايا الاقتصادية مثل التضخم والإنتاج والعملات، وكذلك في القضايا الثقافية كالحجاب، على مصالح الشعب الإيراني والجمهورية الإسلامية فقط، وألا يراعوا أبداً مصالح أمريكا والصهاينة، لأنهم أعداء للشعب الإيراني والجمهورية الإسلامية، وغايتهم تدمير إيران.

وأعرب قائد الثورة عن سعادته بالمواقف الصريحة والحازمة والشجاعة التي اتخذها رئيس الجمهورية ضد الكيان الصهيوني ودعم أمريكا لجرائم الصهاينة، قائلاً: هذه المواقف أسعدت قلوب الشعب.

وأكد سماحته أهمية الحفاظ على الأمل في مواجهة جهود العدو لتثبيط عزيمة الشباب، وقال: يجب أن نعتمد على الهداية والعون الإلهي، وعلى القوة الإلهية التي تكمن في الشعوب، ويجب أن يكون الهدف الأساسي لجميع العاملين في المجال الإعلامي وكل من يمتلك منبراً هو تعزيز الأمل في القلوب وتجنب بث أي كلمات محبطة.

ووصف قائد الثورة آفاق الاقتصاد الإيراني بأنها واعدة من وجهة نظر الخبراء والمطلعين على الواقع، وأضاف: هناك من يرى أن تحقيق سياسات مثل النمو الاقتصادي بنسبة 8% أمر غير ممكن، ولكن في معرض نشطاء الاقتصاد الذي زاره الرئيس مؤخراً، تم التأكيد وإثبات أن تحقيق هذا النمو ممكن دون الاعتماد على الخارج، وهو ما ردده الرئيس أيضاً بناءً على تصريحات الخبراء والنشطاء.

وأشار سماحته إلى أن الأمل يتطلب العمل الجاد والمثابرة، وأضاف: يجب أن نسعى، بالأمل والعمل، لتوفير متطلبات تقدم البلاد.

واختتم سماحة آية الله الخامنئي خطابه بالتأكيد على أن أحداث المنطقة، بما في ذلك سوريا، يجب ألا تؤدي إلى تهميش قضية فلسطين، وقال: "الركيزة الأساسية للمقاومة هي الصمود في وجه التحركات الخبيثة للكيان الصهيوني."

وشدد سماحته على أهمية "بقاء المقاومة وتعزيز قوتها يوماً بعد يوم"، وأضاف: "نحن ندعم المقاومة في غزة، والضفة الغربية، ولبنان، واليمن، وفي أي مكان تقف فيه المقاومة ضد الكيان الصهيوني.

واستقبل قائد الثورة الإسلامية الايرانية سماحة آية الله السيد علي الخامنئي، رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، عصر اليوم الأربعاء 8 يناير 2024 م، مؤكداً على أهمية العلاقات مع العراق وتعزيز الأمن وعناصر قوته.
 
وقال قائد الثورة الاسلامية الايرانية خلال اللقاء إن الأدلة تشير إلى أن الأميركيين يسعون إلى تعزيز وتوسيع وجودهم في العراق ويجب الوقوف بحزم في وجه هذا الاحتلال، مؤكداً أن قوات الحشد الشعبي تشكل عنصراً مهماً من عناصر القوة في العراق، ويجب إيلاء المزيد من الاهتمام للحفاظ عليها وتعزيزها.وأعرب آية الله علي الخامنئي عن تقديره لجهود السيد السوداني الطيبة في سبيل تحقيق الرخاء والأمن، وقال: كلما كان العراق أكثر ازدهاراً وأمناً كان ذلك أفضل للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
 
وفي إشارة إلى العلاقة الطيبة بين الحكومة والشعب العراقي، اعتبر أن الوحدة والتماسك بين مختلف الأديان والقوميات في العراق أمر ضروري ومهم للغاية.
 
ووصف قائد الثورة الإسلامية الايرانية تواجد القوات الأميركية المحتلة في العراق بأنه غير قانوني ويتعارض مع مصالح الشعب والحكومة العراقية، قائلاً "إن الشواهد تشير إلى أن الأميركيين يحاولون تعزيز وتوسيع تواجدهم في العراق، "ما يتطلب الوقوف بحزم في وجه الاحتلال".
 
وأشار قائد الثورة الإسلامية إلى تطورات المنطقة وخاصة الوضع في سوريا، مؤكداً أن دور الحكومات الأجنبية في هذه القضايا واضح تماماً.
 
وفي هذا اللقاء الذي حضره أيضا الرئيس الايراني الدكتور مسعود بزشكيان، أعرب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عن ارتياحه لمحادثاته في طهران، معرباً عن أمله في أن تؤدي هذه المحادثات والاتفاقيات التي تم التوصل إليها في طهران إلى توسيع وتعميق العلاقات بين البلدين.
 
واعتبر رئيس الوزراء العراقي "الشعب" و"قوات الحشد الشعبي" و"الوحدة والتماسك الوطني" و"المرجعية" مكونات القوة في العراق، وفي إشارة إلى عدوان النظام الصهيوني في غزة ولبنان، مؤكداً أن موقف بلاده المبدئي هو دعم الشعب في غزة ولبنان والمقاومة في المنطقة.
 
كما أشار السوداني إلى التطورات في سوريا ودور الأجانب في هذه التطورات، مشيراً إلى أن "موقف العراق كان دائماً هو دعم إرادة الشعب السوري والحفاظ على استقلال هذا البلد ووحدة أراضيه وتشكيل حكومة وحدة وطنية".
 
ووصل رئيس الوزراء العراقي الى العاصمة الايرانية طهران في زيارة رسمية، صباح اليوم الأربعاء، حيث استقبله الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.
 
وعقد الرئيس بزشكيان ورئيس الوزراء العراقي السوداني، في ختام اجتماعهما، مؤتمراً صحفياً مشتركاً، حيث تطرقا الى تعزيز العلاقات الثنائية والاقتصادية للبلدين، والتطورات الإقليمية والسورية.

 
المصدر: العالم
الجمعة, 03 كانون2/يناير 2025 10:54

أعمال شهر رجب المرجب

رَجَب أو رَجَب المُرَجَّب، هو الشهر السابع من شهور السنة وفق التقويم الهجري، وهو من الأشهر الحرم إلى جانب ذي القعدة، وذي الحجّة ومحرّم، وقد أكّدت الروايات على حجّ العمرة والصيام والعبادة فيه.
وقد ورد عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله): "رجب شهر الله وشعبان شهري وشهر رمضان شهر أمّتي، فمن صام يوم منه استوجب رضوان الله الأكبر" . وتسمّى ليلة الجمعة الأولى من هذا الشهر بليلة الرغائب، ولها أعمال خاصّة وردت في الروايات.
 
الاعمال العامّة التي تؤدّى في جميع الشّهر ولا تخصّ أيّاماً معيّنة منه وهي أمور
الاوّل :
أن يدعو في كلّ يوم من رجب بهذا الدّعاء الذي روى انّ الامام زين العابدين صلوات الله وسلامه عليه دعا به في الحجر في غرّة رجب :
يا مَنْ يَمْلِكُ حَوائِجَ السّائِلينَ، ويَعْلَمُ ضَميرَ الصّامِتينَ، لِكُلِّ مَسْأَلَة مِنْكَ سَمْعٌ حاضِرٌ وَجَوابٌ عَتيدٌ، اَللّـهُمَّ وَ مَوعيدُكَ، الصّادِقَةُ، واَيديكَ الفاضِلَةُ، ورَحْمَتُكَ الواسِعَةُ، فأسْألُكَ اَنْ تٌصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد واَنْ تَقْضِيَ حَوائِجي لِلدُّنْيا وَالاَْخِرَةِ، اِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْيء  قَديرٌ .
الثّاني :
أن يدعو بهذا الدّعاء الّذي كان يدعو به الصّادق (عليه السلام) في كلّ يوم من رجَبَ :
خابَ الوافِدُونَ عَلى غَيْرِكَ، وَخَسِرَ المُتَعَرِّضُونَ إِلاّ لَكَ، وَضاعَ المُلِّمُونَ إِلاّ بِكَ، وَاَجْدَبَ الْمُنْتَجِعُونَ إِلاّ مَنِ انْتَجَعَ فَضْلَكَ، بابُكَ مَفْتُوحٌ لِلرّاغِبينَ، وَخَيْرُكَ مَبْذُولٌ لِلطّالِبينَ وَفَضْلُكَ مُباحٌ لِلسّائِلينَ، وَنَيْلُكَ مُتاحٌ لِلامِلينَ، وَرِزْقُكَ مَبْسُوطٌ لِمَنْ عَصاكَ، وَحِلْمُكَ مُعْتَرِضٌ لِمَنْ ناواكَ، عادَتُكَ الاِْحْسانُ اِلَى الْمُسيئينَ ، وَسَبيلُكَ الاِبْقاءُ عَلَى الْمُعْتَدينَ، ُاَللّـهُمَّ فَاهْدِني هُدَى الْمُهْتَدينَ، وَارْزُقْني اجْتِهادَ الُْمجْتَهِدينَ، وَلا تَجْعَلْني مِنَ الْغافِلينَ الْمُبْعَدينَ، واغْفِرْ لي يَوْمَ الدّينِ .
الثالث :
قال الشّيخ في المصباح : روى المُعلّى بن خنيس عن الصادق (عليه السلام) انّه قال : قُل في رجب :
اَللّـهُمَّ اِنّي اَساَلُكَ صَبْرَ الشّاكِرينَ لَكَ، وَعَمَلَ الْخائِفينَ مِنْك، وَيَقينَ الْعابِدينَ لَكَ، اَللّـهُمَّ اَنْتَ الْعَلِيُّ الْعَظيمُ ، وَاَنَا عَبْدُكَ الْبائِسُ الْفَقيرُ، اَنْتَ الْغَنِيُّ الْحَميدُ، وَاَنَا الْعَبْدُ الذَّليل، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ وَاْمْنُنْ بِغِناكَ عَلى فَقْري، وَبِحِلْمِكَ عَلى جَهْلي، وَبِقُوَّتِكَ عَلى ضَعْفي، يا قَوِيُّ يا عَزيزُ، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ الاْوصياءِ الْمَرْضِيِّينَ، وَاكْفِني ما اَهَمَّني مِنْ اَمْرِ الدُّنْيا وَالاخِرَةِ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ .
أقول : هذا دُعاء رواه السّيّد أيضاً في الاقبال، ويظهر من تِلك الرّواية انّ هذا الدعاء هو أجمع الدَّعوات ويصلح لان يدعى به في كل الاوقات .
الرابع :
قالَ الشيخ أيضاً: يستحبّ اَنْ يدعو بهذا الّدعاء في كلّ يَوْم :
اَللّـهُمَّ يا ذَا الْمِنَنِ السّابِغَةِ، وَالاْلاءِ الْوازِعَةِ، والرَّحْمَةِ الْواسِعَةِ، وَالْقُدْرَةِ الْجامِعَةِ، وَالنِّعَمِ الْجَسْيمَةِ، وَالْمَواهِبِ الْعَظيمَةِ، وَالاَْيادِي الْجَميلَةِ، والْعَطايَا الْجَزيلَةِ، يا مَنْ لا يُنْعَتُ بِتَمْثيل، وَلا يُمَثَّلُ بِنَظير، وَلا يُغْلَبُ بِظَهير، يا مَنْ خَلَقَ فَرَزَقَ وَأَلْهَمَ فَاَنْطَقَ، وَابْتَدَعَ فَشَرَعَ، وَعَلا فَارْتَفَعَ، وَقَدَّرَ فَاَحْسَنَ، وَصَوَّرَ فَاَتْقَنَ، وَاحْتَجَّ فَاَبْلَغَ، وَاَنْعَمَ فَاَسْبَغَ، وَاَعْطى فَاَجْزَلَ، وَمَنَحَ فَاَفْضَلَ، يا مَنْ سَما فِي الْعِزِّ فَفاتَ نَواظِرَ الاْبْصارِ، وَدَنا فِي الُّلطْفِ فَجازَ هَواجِسَ الاَْفْكارِ، يا مَنْ تَوَحَّدَ باِلْمُلكِ فَلا نِدَّ لَهُ في مَلَكُوتِ سُلْطانِهِ ، وَتفَرَّدَ بِالاْلاء وَالْكِبرِياءِ فَلا ضِدَّ لَهُ في جَبَرُوتِ شَانِهِ، يا مَنْ حارَتْ في كِبْرِياءِ هَيْبَتِهِ دَقائِقُ لَطائِفِ الاَْوْهامِ، وَانْحَسَرَتْ دُونَ اِدْراكِ عَظَمَتِهِ خَطائِفُ اَبْصارِ الاَْنامِ، يا مَنْ عَنَتِ الْوُجُوهُ لِهَيْبَتِهِ، وَخَضَعَتِ الرِّقابُ لِعَظَمَتِهِ، وَوجِلَتِ الْقُلُوبُ مِنْ خيفَتِهِ، اَساَلُكَ بِهذِهِ الْمِدْحَةِ الَّتي لا تَنْبَغي إِلاّ لَكَ، وَبِما وَأَيْتَ بِهِ عَلى نَفْسِكَ لِداعيكَ مِنَ الْمُؤْمِنينَ، وَبِما ضَمِنْتَ الاِجابَةَ فيهِ عَلى نَفْسِكَ لِلدّاعينَ، يا اَسْمَعَ السّامِعينَ، وَابْصَرَ النّاظِرينَ، وَاَسْرَعَ الْحاسِبينَ، يا ذَا الْقُوَّةِ الْمتينُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد خاتَمِ النَّبِيّينَ، وَعَلى اَهْلِ بَيْتِهِ، وَاقْسِمْ لي في شَهْرِنا هذا خَيْرَ ما قَسَمْتَ، وَاحْتِمْ لي في قَضائِكَ خَيْرَ ما حَتَمْتَ، وَاخْتِمْ لي بِالسَّعادَةِ فيمَنْ خَتَمْتَ ، وَاحْيِني ما اَحْيَيْتَني مَوْفُوراً، وَاَمِتْني مَسْرُوراً وَمَغْفُوراً، وَتوَلَّ اَنْتَ نَجاتي مِنْ مُساءَلَةِ الْبَرْزَخِ، وَادْرَأْ عَنّي مُنْكَراً وَنَكيراً، وَاَرِ عَيْني مُبَشِّراً وَبَشيراً، وَاجْعَلْ لي اِلى رِضْوانِكَ وَجِنانِكَ مَصيراً، وَعَيْشاً قَريراً، وَمُلْكاً كَبيْراً، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ كَثيراً .
أقول : هذا دعاء يدعى به في مسجد صعصعة أيضاً .
الخامس :
روى الشّيخ انّه خرج هذا التّوقيع الشّريف من النّاحية المقدّسة على يد الشّيخ الكبير أبي جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد (رضي الله عنه) : اُدع في كلّ يوم من أيّام رجب :
اَللّـهُمَّ اِنّي اَساَلُكَ بِمَعاني جَميعِ ما يَدْعُوكَ بِهِ وُلاةُ اَمْرِكَ، الْمَاْمُونُونَ عَلى سِرِّكَ، الْمُسْتَبْشِرُونَ بِاَمْرِكَ ، الْواصِفُونَ لِقُدْرَتِكَ الْمُعلِنُونَ لِعَظَمَتِكَ، اَساَلُكَ بِما نَطَقَ فيهِمْ مِنْ مَشِيَّتِكَ، فَجَعَلْتَهُمْ مَعادِنَ لِكَلِماتِكَ، وَاَرْكاناً لِتَوْحيدِكَ، وَآياتِكَ وَمَقاماتِكَ الَّتي لا تَعْطيلَ لَها في كُلِّ مَكان، يَعْرِفُكَ بِها مَنْ عَرَفَكَ، لا فَرْقَ بَيْنَكَ وَبَيْنَها إِلاّ اَنَّهُمْ عِبادُكَ وَخَلْقُكَ، فَتْقُها وَرَتْقُها بِيَدِكَ، بَدْؤُها مِنْكَ وَعَوْدُها اِلَيكَ اَعْضادٌ واَشْهادٌ ومُناةٌ واَذْوادٌ وَحَفَظَةٌ وَرُوّادٌ، فَبِهمْ مَلاْتَ سَمائكَ وَاَرْضَكَ حَتّى ظَهَرَ اَنْ لا اِلـهَ إلاّ اَنْتَ، فَبِذلِكَ اَساَلُكَ، وَبِمَواقِعِ الْعِزِّ مِنْ رَحْمَتِكَ، وَبِمَقاماتِكَ وَعَلاماتِكَ اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، واَنْ تَزيدَني إيماناً وَتَثْبيتاً، يا باطِناً في ظُهُورِهِ وَظاهراً في بُطُونِهِ وَمَكْنُونِهِ، يا مُفَرِّقاً بَيْنَ النُّورِ وَالدَّيْجُورِ، يا مَوْصُوفاً بِغَيْرِ كُنْه، وَمَعْرُوفاً بِغَيْرِ شِبْه ، حادَّ، كُلِّ مَحْدُود، وَشاهِدَ كُلِّ مَشْهُود، وَمُوجِدَ كُلِّ مَوْجُود، وَمُحْصِيَ كُلِّ مَعْدُود، وَفاقِدَ كُلِّ مَفْقُود ، لَيْسَ دُونَكَ مِنْ مَعْبُود، اَهْلَ الْكِبْرِياءِ وَالْجُودِ، يا مَنْ لا يُكَيَّفُ بِكَيْف، وَلا يُؤَيَّنُ بِاَيْن، يا مُحْتَجِباً عَنْ كُلِّ عَيْن، يا دَيْمُومُ يا قَيُّومُ وَعالِمَ كُلِّ مَعْلُوم، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَعَلى عِبادِكَ الْمُنْتَجَبينَ، وَبَشَرِكَ الُْمحْتَجِبينَ ، وَمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ، وَالْبُهْمِ الصّافّينَ الْحافّينَ، وَبارِكَ لَنا في شَهْرِنا هذَا الْمُرَجَّبِ الْمُكَرَّم وَما بَعْدَهُ مِنَ الاَْشْهُرِ الْحُرُمِ، وَاَسْبِغْ عَلَيْنا فيهِ النِّعَمَ، وَاَجْزِلْ لَنا فيهِ الْقِسَمَ، وَاَبْرِزْ لَنا فيهِ الْقَسَمَ بِاسْمِكَ الاَْعْظَمِ الاَْجَلِّ الاَْكْرَمِ الَّذي وَضَعْتَهُ عَليَ النَّهارِ فَاَضاءَ، وَعَلى اللَّيْلِ فَاَظْلَمَ، وَاْغفِرْ لَنا ما تَعْلَمُ مِنّا وَما لا نَعْلَمُ ، وَاعْصِمْنا مِنَ الذُّنُوبِ خَيْرَ الْعِصَمِ، وَاكْفِنا كَوافِيَ قَدَرِكَ، واْمنُنْ عَلْيْنا بِحُسْنِ نَظَرِكَ، وَلا تَكِلْنا اِلى غَيْرِكَ ، وَلا تَمْنَعْنا مِنْ خَيْركَ وَبارِكَ لَنا فيما كَتَبْتَهُ لَنا مِنْ اَعْمارِنا، واَصْلحْ لنا خَبيئَةَ اَسْررِنا، واَعْطِنا مِنْكَ الاَْمانَ ، وَاْستَعْمِلْنا بِحُسْنِ الاِْيْمانِ وَبَلِّغْنا شَهْرَ الصِّيامِ وَما بَعْدَهُ مِنَ الاَْيّامِ وَالاَْعْوامِ يا ذَا الْجَلالِ والاِكْرامِ .
السّادس :
وروى الشّيخ انّه خرج من النّاحية المقدّسة على يد الشّيخ أبي القاسم (رضي الله عنه) هذا الدّعاء في أيّام رجب :
اَللّـهُمَّ اِنّي اَساَلُكَ بِالْمَوْلُودَيْنِ في رَجَب مُحَمَّد بْنِ عَليٍّ الثاني وَابْنِهِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّد الْمُنْتَجَبِ، وَاَتَقَرَّبُ بِهِما اِلَيْكَ خَيْرَ الْقُرْبِ، يا مَنْ اِلَيْهِ الْمَعْرُوفُ طُلِبَ، وَفيـما لَدَيْهِ رُغِبَ، اَساَلُكَ سُؤالَ مُقْتَرِف مُذْنِب قَدْ اَوْبَقَتْهُ ذُنُوبُهُ، وَاَوْثَقَتْهُ عُيُوبُهُ، فَطالَ عَلَى الْخَطايا دُؤُوبُهُ، وَمِنَ الرَّزايا خُطُوبُهُ، يَسْأَلُكَ التَّوْبَةَ وَحُسْنَ الاَْوْبَةِ والنُّزْوعَ عَنِ الْحَوْبَةِ، وَمِنَ النّارِ فَكاكَ رَقَبَتِهِ، وَالْعَفْوَ عَمّا في رِبْقَتِهِ، فَاَنْتَ مَوْلايَ اَعْظَمُ اَمَلِهِ وَثِقَتِهِ، اَللّـهُمَّ واَساَلُكَ بِمَسائِلِكَ الشَّريفَةِ، وَوَسائِلَك الْمُنيفَةِ اَنْ تَتَغَمَّدَني في هذَا الشَّهْرِ بِرَحْمَة مِنْكَ واسِعَة، وَنِعْمَة وازِعَة ، وَنَفْس بِما رَزَقْتَها قانِعَة، اِلى نُزُولِ الحافِرَةِ وَمَحلِّ الاْخِرَةِ وَما هِيَ اِلَيْهِ صائِرَةٌ .
السّابع :
وروى الشّيخ أيضاً عن أبي القاسم حسين بن روح (رضي الله عنه) النّائب الخاصّ للحجّة (عليه السلام) انّه قال زر أيّ المشاهد كنت بحضرتها في رجب تقول :
الْحَمْدُ للهِ الَّذي اَشْهَدَنا مَشْهَدَ اَوْلِيائِهِ في رَجَب، وَاَوْجَبَ عَلَيْنا مِنْ حَقِّهِمْ ما قَدْ وَجَبَ، وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّد الْمُنْتَجَبِ، وَعَلى اَوْصِيائِهِ الْحُجُبِ، اَللّـهُمَّ فَكَما اَشْهَدْتَنا مَشْهَدَهُمْ فَاَنْجِزْ لَنا مَوْعِدَهُمْ، وَاَوْرِدْنا مَوْرِدَهُمْ، غَيْرَ مُحَلَّئينَ عَنْ وِرْد في دارِ الْمُقامَةِ والْخُلْدِ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ اِنّي قَصَدْتُكُمْ وَاعْتَمَدْتُكُمْ بِمَسْأَلَتي وَحاجَتي وَهِيَ فَكاكُ رَقَبَتي مِنَ النّارِ، وَالْمَقَرُّ مَعَكُمْ في دارِ الْقَرارِ مَعَ شيعَتِكُمُ الاَْبْرارِ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدّارِ، اَنَا سائِلُكُمْ وَآمِلُكُمْ فيـما اِلَيْكُمُ التَّفْويضُ، وَعَلَيْكُمْ التَّعْويضُ فَبِكُمْ يُجْبَرُ الْمَهيضُ وَيُشْفَى الْمَريضُ، وَما تَزْدادُ الاَْرْحامُ وَما تَغيضُ، اِنّي بِسِرِّكُمْ مُؤْمِنٌ، وَلِقَوْلِكُمْ مُسَلِّمٌ، وَعَلَى اللهِ بِكُمْ مُقْسِمٌ في رَجْعي بِحَوائِجي وَقَضائِها وَاِمْضائِها وَاِنْجاحِها وَاِبْراحِها، وَبِشُؤوني لَدَيْكُمْ وَصَلاحِها ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ سَلامَ مُوَدِّع، وَلَكُمْ حَوائِجَهُ مُودِعٌ يَسْأَلُ اللهَ اِلَيْكُمْ الْمَرْجِعَ وَسَعْيُهُ اِلَيْكُمْ غَيْرُ مُنْقَطِع، وَاَنْ يَرْجِعَني مِنْ حَضْرَتِكُمْ خَيْرَ مَرْجِع اِلى جَناب مُمْرِع، وَخَفْضِ مُوَسَّع، وَدَعَة وَمَهَل اِلى حينِ الاَْجَلِ، وَخَيْرِ مَصير وَمَحلٍّ، في النَّعيمِ الاَْزَلِ، وَالْعَيْشِ الْمُقْتَبَلِ وَدَوامِ الاُْكُلِ، وَشُرْبِ الرَّحيقِ وَالسَّلْسَلِ، وَعَلٍّ وَنَهَل، لا سَأمَ مِنْهُ وَلا مَلَلَ، وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ وَتَحِيّاتُهُ عَلَيْكُمْ حَتّيَ الْعَوْدِ اِلى حَضْرَتِكُمْ، والْفَوزِ في كَرَّتِكُمْ ، وَالْحَشْرِ في زُمْرَتِكُمْ، وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ وَصَلَواتُهُ وَتَحِيّاتُهُ، وَهُوَ حَسْبُنا وَنِعْمَ الْوَكيلُ .
الثّامن :
روى السيّد ابن طاووس عن محمّد بن ذكوان المعروف بالسّجاد لانّه كان يكثر من السّجود والبكاء فيه حتّى ذهب بصره قال : قلت للصّادق (عليه السلام) : جعلت فداك هذا رجب علّمني فيه دعاءاً ينفعني الله به، قال (عليه السلام) : اكتب
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
قل في كلّ يوم من رجب صباحاً ومساءاً وفي أعقاب صلواتك في يومك وليلتك :
يا مَنْ اَرْجُوهُ لِكُلِّ خَيْر، وَآمَنَ سَخَطَهُ عِنْدَ كُلِّ شَرٍّ، يا مَنْ يُعْطِي الْكَثيرَ بِالْقَليلِ، يا مَنْ يُعْطي مَنْ سَأَلَهُ يا مَنْ يُعْطي مَنْ لَمْ يَسْأَلْهُ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ تَحَنُّناً مِنْهُ وَرَحْمَةً، اَعْطِني بِمَسْأَلَتي اِيّاكَ جَميعَ خَيْرِ الدُّنْيا وَجَميعَ خَيْرِ الاْخِرَةِ ، وَاصْرِفْ عَنّي بِمَسْأَلَتي اِيّاكَ جَميعَ شَرِّ الدُّنْيا وَشَرِّ الاْخِرَةِ، فَاِنَّهُ غَيْرُ مَنْقُوص ما اَعْطَيْتَ، وَزِدْني مِنْ فَضْلِكَ يا كَريمُ .
قال الراوي : ثمّ مدّ (عليه السلام) يده اليسرى فقبض على لحيته ودعا بهذا الدّعاء وهو يلوذ بسبّابته اليمنى، ثمّ قال بعد ذلك : يا ذَا الْجَلالِ وَالاِْكْرامِ، يا ذَا النَّعْماءِ وَالْجُودِ، يا ذَا الْمَنِّ وَالطَّوْلِ، حَرِّمْ شَيْبَتي عَلَى النّارِ .
التّاسِع :  
عن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انّه قال من قال: في رجب: اَسْتَغْفِرُ اللهَ لا اِلـهَ إِلاّ هُوَ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ وَاَتُوبُ اِلَيْهِ مئة مرّة وختمها بالصّدقة ختم الله له بالرّحمة والمغفرة، ومن قالها أربعمائة مرّة كتب الله له أجر مائة شهيد .
العاشر :
وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : من قال في رجب: (لا اِلـهَ إلاَّ اللهُ) ألف مرّة، كتب الله له مائة ألف حسنة وبنى الله له مائة مدينة في الجنّة .
الحادي عشر :
في الحديث : من استغفر الله في رجب سبعين مرّة بالغداة وسبعين مرّة بالعشيّ يقول: اَسْتَغْفِرُ اللهَ وَاَتُوبُ اِلَيْهِ، فاذا بلغ تمام سبعين مرّة رفع يديه وقال: اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لي وَتُبْ عَلَيَّ، فان مات في رجب مات مرضيّاً عنه ولا تمسّه النّار ببركة رجب .
الثّاني عشر :
أن يستغفر في هذا الشهر ألف مرّة قائلاً: اَسْتَغْفِرُ اللهَ ذَا الْجَلالِ وَالاِْكْرامِ مِنْ جَميعِ الذُّنُوبِ وَالاثامِ، ليغفر له الله الرّحيم .
الثّالث عشر :
روى السّيد في الاقبال فضلاً كثيراً لقراءة قل هو الله احد عشرة آلاف مرّة أو ألف مرّة أو مائة مرّة في شهر رجب، وروى ايضاً انّ من قرأ قُل هو الله أحدٌ مائة مرّة في يوم الجمعة من شهر رجب كان له يوم القيامة نور يجذبه الى الجنّة .
الرّابع عشر :
روى السيّد انّ من صام يوماً من رجب وصلّى أربع ركعات يقرأ في الاُولى آية الكرسي مائة مرّة، وفي الثّانية قل هو الله أحد مائتين مرّة، لم يمت الّا وقد شاهد مكانه في الجنّة أو شوهد له .
الخامس عشر:
روى السيّد ايضاً عن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انّ من صلّى يوم الجمعة من رجب أربع ركعات ما بين صلاة الظّهر وصلاة العصر يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة وآية الكرسي سبع مرّات وقُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ خمس مرّات، ثمّ يقول عشراً اَسْتَغْفِرُ اللهَ الَّذي لا اِلـهَ إِلاّ هُوَ وَاَسْأَلُهُ التَّوْبَةَ، كتب الله له من اليوم الذي صلّى فيه هذه الصّلاة الى اليوم الذي يموت فيه بكلّ يوم ألف حسنة، وأعطاه بكلّ آية تلاها مدينة في الجنّة من الياقوت الاحمر، وبكلّ حرف قصراً في الجنّة من الدّرّ الابيض، وزوّجه حور العين ورضي عنه بغير سخط، وكتب من العابدين، وختم له بالسّعادة والمغفرة الخبر.
السّادس عشر :
أن يصوم ثلاثة أيّام من هذا الشّهر هي أيّام الخميس والجمعة والسّبت، فقد روى انّ من صامها في شهر من الاشهر الحرم كتب الله له عبادة تسعمائة عام .
السّابع عشر :
يصلّى في هذا الشهر ستّين ركعة، يُصلّى منها في كلّ ليلة ركعتين يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة و (قُل يا أيّها الكافِرُونَ) ثلاث مرّات و (قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ) مرّة واحدة، فاذا سلم رفع يديه الى السّماء وقال : لا اِلـهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيي وَيُميتُ، وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْيء قَديرٌ، وَاِلَيْهِ الْمَصيرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظيمِ، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد النَّبِيِّ الاُْمِّيِّ وَآلِهِ، ويمرر يده على وجهه، وعن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انّ من فعل ذلك استجاب الله دعاءه واعطاه أجر ستّين حجّة وعُمرة .
الثّامن عشر :
روى عن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انّ من قرأ في ليلة من ليالي رجب مائة مرّة قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ في ركعتين فكأنّما قد صام مائة سنة في سبيل الله ورزقه الله في الجنّة مائة قصر كلّ قصر في جوار نبيّ من الانبياء (عليهم السلام) .
التّاسع عشر :
وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) ايضاً انّ من صلّى في ليلة من ليالي رجب عشر ركعات يقرأ في كلّ ركعة الحَمْد وقُل يا أيّها الكافِرُونَ مرّة، والتّوحيد ثلاث مرّات غفر الله له ما اقترفه من الامم الخبر.
العشرون :
قال العلاّمة المجلسي في زاد المعاد: روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) انّه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)من قرأ في كلّ يوم من أيّام رجب وشعبان ورمضان وفي كلّ ليلة منها كلّاً من الحمد وآية الكرسي و(قُل يا أيّها الكافِرُونَ) و (قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ) و (قُلْ اَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَق) و (قُلْ اَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ) ثلاث مرّات، وقال: سُبْحانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ وَلا اِلـهَ إلاَّ اللهُ وَاللهُ اَكْبَرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظيمِ ، وثلاثاً اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وثلاثاً اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤمِنينَ وَالْمُؤمِناتِ، وأربعمائة مرّة اَسْتَغْفِرُ اللهَ وَاَتُوبُ اِلَيْهِ ، غفر الله له ذنوبه وإن كانت عدد قطر الامطار وَورق الاشجار وزبد البحارالخبر.
الحادي والعشرون :
وقال العلامة المجلسي (رحمه الله) ايضاً من المأثور قول لا اِلـهَ إلاَّ اللهُ في كلّ ليلة من هذا الشّهر ألف مرّة.
واعلم انّ أوّل ليلة من ليالي الجمعة من رجب تسمّى ليلة الرّغائب وفيها عمل مأثور عن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)ذو فضل كثير ورواه السّيد في الاقبال والعلامة المجلسي رحمه الله في اجازة بني زهرة، ومن فضله أن يغفر لمن صلّاها ذنوب كثيرة، وانّه اذا كان أوّل ليلة نزوله الى قبره بعَث الله اليه ثواب هذه الصّلاة في أحسن صورة بوجه طلق ولسان ذلق، فيقول: يا حبيبي أبشر فقد نجوت مِن كلّ شدّة، فيقول : مَنْ أنت فما رأيت أحسن وجهاً منك، ولا سمعت كلاماً أحلى من كلامك، ولا شمت رائحة أطيب من رائحتك؟ فيقول : يا حبيبي أنا ثواب تلك الصّلاة التي صلّيتها ليلة كذا في بلدة كذا في شهر كذا في سنة كذا، جئت اللّيلة لاقضي حقّك، وأنس وحدتك، وارفع عنك وحشتك، فاذا نفخ في الصّور ظلّلت في عرصة القيامة على رأسِك، فافرح فانّك لن تعدم الخير أبداً .
أن يصوم أوّل خميس من رجب ثمّ يصلّي بين صلاتي المغرب والعشاء اثنتي عشرة ركعة يفصل بين كلّ ركعتين بتسليمة يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة وَ (انّا أَنْزَلْناهُ) ثلاث مرّات و (قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ) اثنتي عشرة مرّة، فاذا فرغ من صَلاته قال سبعين مرّة: اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد النَّبِيِّ الاُْمِّيِّ وَعَلى آلِهِ، ثمّ يسجد ويقول في سجوده سبعين مرّة: سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ ثمّ يسأل حاجته فانّها تقضى ان شاء الله، واعلم ايضاً انّ من المندوب في شهر رجب زيارة الامام الرّضا (عليه السلام) ولها في هذا الشّهر مزيّة كما انّ للعمرة ايضاً في هذا الشّهر فضل وروي انّها تالية الحجّ في الثّواب وروى انّ عليّ بن الحسين (عليه السلام) كان قد اعتمر في رجب فكان يُصلّي عند الكعبة ويسجد ليله ونهاره وكان يسمع منه وهُو في السّجود : عَظُمَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ فَلْيَحْسُنِ الْعَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ .
الجمعة, 03 كانون2/يناير 2025 10:49

خيرُ الدنيا والآخرةِ

عَنِ اَلنَّبِيِّ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اَللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى نَصَبَ فِي اَلسَّمَاءِ اَلسَّابِعَةِ مَلَكاً، يُقَالُ لَهُ: اَلدَّاعِي، فَإِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَجَبٍ، يُنَادِي ذَلِكَ اَلْمَلَكُ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْهُ إِلَى اَلصَّبَاحِ: طُوبَى لِلذَّاكِرِينَ، طُوبَى لِلطَّائِعِينَ، وَيَقُولُ اَللَّهُ تَعَالَى: أَنَا جَلِيسُ مَنْ جَالَسَنِي، وَمُطِيعُ مَنْ أَطَاعَنِي، وَغَافِرُ مَنِ اِسْتَغْفَرَنِي، اَلشَّهْرُ شَهْرِي، وَاَلْعَبْدُ عَبْدِي، وَاَلرَّحْمَةُ رَحْمَتِي، فَمَنْ دَعَانِي فِي هَذَا اَلشَّهْرِ أَجَبْتُهُ، وَمَنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ، وَمَنِ اِسْتَهْدَانِي هَدَيْتُهُ، وَجَعَلْتُ هَذَا اَلشَّهْرَ حَبْلاً بَيْنِي وَبَيْنَ عِبَادِي فَمَنِ اِعْتَصَمَ بِهِ وَصَلَ إِلَيَّ»[1].

إنَّ فريضةَ شهرِ رجبٍ هوَ الدعاءُ؛ لكونِهِ شهرَ اللهِ، فهوَ شهرُ ذكرِ اللهِ ودعائِهِ، وشهرُ قراءةِ الزياراتِ، كما أنَّ فيهِ أعمالاً كثيرةً، فدعاءُ «يا مَنْ أَرْجُوهُ لِكُلِّ خَيْرٍ»[2] منَ الأدعيةِ التي تُستحَبُّ قراءتُها بعدَ كلِّ صلاةٍ واجبةٍ في هذا الشهرِ، وقراءتُهُ لا بدَّ من أن تكونَ معَ التوجُّهِ للمفاهيمِ العظيمةِ المهمّةِ التي يحتويها، وفي كلِّ مرّةٍ يقرؤهُ الإنسانُ بهذهِ الطريقةِ يزدادُ قرباً منَ اللهِ تعالى.

«يا مَنْ أَرْجُوهُ لِكُلِّ خَيْرٍ، وَآمَنُ‏ سَخَطَهُ‏ عِنْدَ كُلِ‏ شَرٍّ، يا مَنْ يُعْطِي الْكَثِيرَ بِالْقَلِيلِ، يا مَنْ يُعْطِي مَنْ سَأَلَهُ، يا مَنْ يُعْطِي مَنْ لَمْ يَسْأَلْهُ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ تَحَنُّناً مِنْهُ وَرَحْمَةً، أَعْطِنِي بِمَسْأَلَتِي إِيَّاكَ جَمِيعَ‏ خَيْرِ الدُّنْيا وَجَمِيعَ خَيْرِ الاخِرَةِ، وَاصْرِفْ عَنِّي بِمَسْأَلَتِي إِيَّاكَ جَمِيعَ شَرِّ الدُّنْيا وَشَرِّ الاخِرَةِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَنْقُوصٍ ما أَعْطَيْتَ، وَزِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ يا كَرِيمُ».

يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظلّه)، شارحاً فقراتِ هذا الدعاءِ:

«يا مَنْ أَرْجُوهُ لِكُلِّ خَيْرٍ»؛ أي إنَّنا نأملُ الثوابَ من كلِّ خيرٍ عمِلناهُ، فالحراسةُ في سبيلِ اللهِ، والصلاةُ، وقولُ الصدقِ، وكلُّ عملٍ إلهيٍّ، فإنَّنا نرجو الثوابَ منَ اللهِ على عملِهِ.

«وَآمَنُ‏ سَخَطَهُ‏ عِنْدَ كُلِ‏ شَرٍّ»؛ أي إنَّنا نلجأُ إلى اللهِ مِن سخطِهِ عندما نقومُ بعملٍ سيِّئ… حقّاً إنَّ هاتينِ الكلمتَينِ مناجاةٌ كاملةٌ، إنَّكَ حليمٌ، إنَّكَ صبورٌ علينا، لا تَعْجَلُ بعذابِكِ، إنَّها تُبيِّنُ العظمةَ الإلهيّةَ وخصائصَ العبدِ.

«يا مَنْ يُعْطِي الْكَثِيرَ بِالْقَلِيلِ»؛ أي إنَّ جهادَ هذا الشعبِ، ومظلوميّةَ الإمامِ (قُدِّس سرُّه)، ودماءَ الشهداءِ، وإيثارَ المجاهدينَ، والصبرَ والاستقامةَ في مقابلِ الشدائدِ، كلُّ ذلكَ يُعَدُّ قليلاً إذا ما قيسَ بثوابِ اللهِ تعالى وأجرِهِ.

«يا مَنْ يُعْطِي مَنْ سَأَلَهُ»؛ أي إنَّ اللهَ تعالى يُعطي العبدَ ما سألَهُ إنْ كانَ صالحاً، فسُنّةُ عالمِ الخلقِ قائمةٌ على ذلكَ، حتّى لو لم يتذكّرْهُ العبدُ، ومنَ الممكنِ أن تتأخّرَ الإجابةُ، إلّا أنّها تحدثُ. لقد كانَ بعضُهُم يقولُ: لقدْ أكثرْنا منَ الدعاءِ من أجلِ سقوطِ النظامِ البهلويِّ، إلّا أنَّهُ لم يسقطْ! فكنتُ أجيبُهُم بأنَّ الإجابةَ لها وقتٌ خاصٌّ، فعليكُم بالصبرِ حتّى ترَونَ ذلكَ في وقتِهِ، وفعلاً شاهدتُمُ الإجابةَ.

«يا مَنْ يُعْطِي مَنْ لَمْ يَسْأَلْهُ»، عندما أتيْنا إلى هذهِ الدنيا، هل طلبْنا منَ اللهِ أن يُعطيَنا حليباً؟! إلّا أنَّ اللهَ تعالى أعطانا إيّاهُ. نعم، إنَّهُ يُنعِمُ على مَن لم يسألْ، ومَن لم يطلبْ، «وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ»، كالكفّارِ والملحدينَ، «تَحَنُّناً مِنْهُ وَرَحْمَةً»؛ أي إنَّكَ تُعطي برحمتِكَ ومحبّتِكَ.

«أَعْطِنِي بِمَسْأَلَتِي إِيَّاكَ جَمِيعَ‏ خَيْرِ الدُّنْيا وَجَمِيعَ خَيْرِ الآخِرَةِ»؛ إنَّكُم تتصوّرونَ الخيرَ في الكثيرِ منَ الأمورِ، إلّا أنَّ اللهَ يمنعُها عنكُم، إنَّ بعضَ النعَمِ والثروةِ والمالِ والمنصبِ مضرٌّ بالشخصِ، والباري هوَ الذي يعلمُ ما يفيدُكُم، فاسألوا اللهَ تعالى أن يعطيَكُم الخيرَ الذي يعلمُهُ هوَ.

«وَاصْرِفْ عَنِّي بِمَسْأَلَتِي إِيَّاكَ جَمِيعَ شَرِّ الدُّنْيا وَشَرِّ الآخِرَةِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَنْقُوصٍ ما أَعْطَيْتَ، وَزِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ يا كَرِيمُ»، هنا يأخذُ (سلامُ اللهِ عليه) بلحيتِهِ، والدموعُ تجري من عينَيهِ، فيقولُ: «يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ، يا ذَا النَّعْماءِ وَالْجُودِ، يا ذَا الْمَنِّ وَالطَّوْلِ، حَرِّمْ شَيْبَتِي عَلَى النّارِ». لو أعطانا اللهُ جميعَ النعَمِ، فلا فائدةَ منها ما لم يُحرِّم أجسادَنا على النارِ.

إذا قرأتُم هذا الدعاءَ خمسَ مرّاتٍ يوميّاً، فستكونونَ أكثرَ قرباً منَ اللهِ تعالى.

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين

[1] السيّد ابن طاووس، الإقبال بالأعمال الحسنة، ج‏3، ص174.
[2] المصدر نفسه، ج3، ص211. وراجع: الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج‏2، ص584 – 585.

في النصف من ذي الحجة سنة 213 للهجرة النبوية ، ولد الامام علي بن محمد الهادي المعروف بالامام الهادي عليه السلام فهو سليل امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام .

نشأ وترعرع في ظل ابيه وتحت رعايته الکريمة ، فابوه الامام محمد الجواد عليه السلام وارث علوم اهل البيت حامل معارف الرسالة وصد نص الامام الجواد (ع) وشخَص شخصية الامام من بعده في موارد کثيرة يؤکد  فيها ان ( الامر من بعدي لولدي علي ) .

ان الامام الهادي عليه السلام احد ائمة اهل البيت عليهم السلام الذين ورثوا أبا عن جد عن رسول الله صلي الله عليه وآله الايمان والعلم والخلق والتقوي لذا ترك رسول الله (ص) فيهم وصيته الخالدة : ( إني تارك فيکم الثقلين کتاب الله وعترتي اهل بيتي ما إن تمسکتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا و انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض).

وقال صلى الله عليه وآله: ( نحن اهل بيت لايقاس بنا احد ) .

لقد کان الامام علي الهادي (عليه السلام) قدوة في الاخلاق والزهد والعبادة ، ومواجهة الظلم ورفض الظالمين ، ومنارا للعلم والالتزام ، لذا فقد وصفه العلماء ورجال السياسة واصحاب السير بما يستحق من صفات العلم والفضل والادب وقد قال ابو عبد الله الجنيد : ( والله لهو خير اهل الارض وافضل من برأة الله تعالي - في عصره - ). مآثر الکبراء / ج3.

ولوضوح شخصية الامام الهادي عليه السلام وجلاء عظمتها ، فان ذلك لم يستطع اخفاءه حتى اعداء الامام من اعوان السلطان ، فقد هجموا على الامام ليلا ، کما يحدثنا عن ذلك کتب التاريخ : ( فهاجموا داره فلم يجدوا فيه شيئا في بيت مغلق عليه وعليه مدرعة من صوف وهو جالس على الرمل والحصي وهو متوجه الى الله تعالي يتلو آيات من القران الكريم ) سبط ابن الجوزي - تذکرة الخواص .

وعلى هذا الحال حمل الى المتوکل العباسي وأدخل عليه وکان المتوکل في مجلس شراب ، وبيده کاس من الخمر فناول الامام الهادي عليه السلام فردَ الامام : ( والله ماخامر لحمي ولادمي قط ، فاعفني ) فأعفاه ، فقال له : انشدني شعرا فقال الامام علي (ع) ( انا قليل الرواية للشعر ) فقال : لابد ، فانشده :
 
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم                    غلب الرجال فلم تنفعهم القلل
واستنزلوا بعد عز من معاقلهم                     وأسكنوا حفرا يا بئس ما نزلوا
ناداهم صارخ من بعد دفنهم                        أين الأساور والتيجان والحلل
أين الوجوه التي كانت منعمة                       من دونها تضرب الأستار والكلل
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم                   تلك الوجوه عليها الدود تقتتل
قد طال ما أكلوا دهرا وقد شربوا                   وأصبحوا اليوم بعد الأكل قد أكلوا

فبکى المتوکل حتى بلَت لحيته دموعه وبکى الحاضرون ) . سبط ابن الجوزي / تذکرة الخواص  وکتاب الائمة الاثنا عشر لابن طزولون .

إن الناظر المتأمل في هذه الوثائق التاريخية يستطيع ان يعرف مقام الامام الهادي عليه السلام وعبادته وورعه وتعلق الناس به واحترام الجميع له ، فهو على کل حال ملازم للعبادة ، حليف للقرآن معرض عن الدنيا يعرف ذلك منه خاصة الناس وعامتهم ويشهد به احباؤه وخصومه .  

اما عن الاوضاع السياسة في زمانه ، فقد حفلت حياة الامام الهادي (عليه السلام) بالمعاناة السياسية  إذ أنه عايش الحکام العباسيين وقاسى منهم العنت والمضايقات والضغوط وراى محنة العلويين ومآسي ابناء فاطمة الزهراء عليها السلام على يدهم .

عايش الامام الهادي (عليه السلام) في عصر إمامته بقية حکم المعتصم العباسي ، کما عايش من بعده الواثق خمس سنين وسبعة اشهر ، ومالك المتوکل اربع عشرة سنة وملك ابنه المنتصر ستة اشهر وملك المستعين سنتين وتسعة اشهر وملك المعتز ثماني سنين وسته اشهر وفي آخر ملکه استشهد الامام الهادي عليه السلام .

وقد حفلت هذه الفترة بالحوادث والصراع السياسي المرير بين العلويين والحکام العباسيين فاصاب الامام منها الاذى والاضطهاد .

و كان الحکام العباسيون يخافونه لانه کان سيَد اهل البيت وامام الامة وصاحب الکلمة النافذة .

فقد کان لائمة اهل البيت عليهم السلام موقع خاص في النفوس ولهم علاقة متميزة بابناء الامة ترجح على علاقة الامة بحکام بني العباس الذين اشاعوا الرعب والارهاب وسفکوا الدماء وتسببوا في  الفساد وبالغوا في اللهو والبذخ الى جانب الفقر والجوع والاضطهاد للمحرومين .

وکان الامام عليه السلام ينمي حرکة الوعي السياسي والايماني ويستقطب الجماهير من حوله ويمارس دور التربية والتوجيه عن طريق نشر الوعي الاسلامي السليم والمعرفة الدينية الصحيحة والتعرف بمباديء الاسلام في الحکم والسياسة وسيرة الحاکم العادل واخلاقة .

لقد کان حکام بني العباس يخافون دور الامام الهادي عليه السلام موقعه وتاثيره لذا کانوا يحوطونه بالرقابة وعناصر التجسس وجمع المعلومات والحيلولة بينه وبين جماهير الامة وعلمائها ، ليتمکنوا من عزله وابعاده عن مجال التاثير الفکري السياسي .

ومن يدرس حياة الامام علي الهادي (ع) منذ استشهاد ابيه وتحمَله مهام الامامة، حتى استشهاده يجدها حياة مليئة بالتحديات والصبر والثبات العقائدي والسياسي فقد ابتلى بحکام حاقدين على آل أبي طالب وخصوصا ذرية علي وفاطمة ويسعون لاستئصال هذه الشجرة المبارکة .

ابتدأ الامام الهادي عليه السلام حياته السياسية أواخر عهد المعتصم العباسي الذي کان يعامل العلويين وکل من يعارض سياسته الظالمة بتعسف وقسوة .

وکان الفساد قد سيطر على البلاد وتسلط الغلمان الحواشي على الامور وکان المعتصم کأسلافه من بني العباس في تعامله وسلوکه وايغاله في اللهو واللعب والاستهانة بالنفوس والدماء ، حتى وصف المؤرخون المعتصم ( انه إذا غضب لايبالي من قتل ولامافعل ). الطبري/ تاريخ الرسل والملوك ج7.

ثم بنى المعتصم مدينة سامراء وجعلها عاصمة لخلافته ومقرا لجنده لذا سميت بالعسکر وسمي الامام الحسن العسکري عليه السلام  بذلك لسنه بها فيما بعد .

وبعد موت المعتصم خلفه ولده الواثق سنة ( 227للهجرة ) ولم يکن الواثق في سياسته ورعايته بافضل من ابيه الا ان المؤرخين ذکروا ان الواثق کان اخف وطأة على آل ابي طالب فلم يحصل في عهده ان قتل احدا منهم وتنفس في عهده العلويون الصعداء إذ کان الواثق مشغولا باللهو الفساد .

خلال هذه الفترة کان الامام الهادي عليه السلام يقيم في المدينة مشغولا بالعلم والعبادة وهداية الناس وارشادهم وهو في سن الشباب فکان نجمه يعلو وشخصيته تترکز وقلوب الناس تهوي اليه .

ثم تولى المتوکل جعفر بن المعتصم الخلافة بعد موت الواثق سنة ( 232) وقد لقى على يدي المتوکل الطالبيون الاذى والاضطهاد ومن  ابرز مظاهر العداء والصراع بين المتوکل واهل البيت عليهم السلام :
 
1- کراهيته للامام علي بن ابي طالب عليه السلام ومحاولة الحط من سمعته والاستهانة به .
2- هدمه لقبر سيد الشهداء الامام الحسين عليه السلام وتنکيله بزوار القبر الشريف .
3- فرض الحصار الاقتصادي على العلويين وقطع ارزاقهم ومنع الناس من مساعدتهم ليموتوا جوعا .
4- التضييق على الامام علي الهادي عليه السلام وجلبه من المدينة المنورة ووضعه تحت الرقابة وفرض الحصار السياسي عليه .
5- محاولة ايجاد بديل هزيل لزعامة اهل البيت عليهم السلام وترشيح موسي اخ الامام الهادي (عليه السلام) لهذه المهمة وفشل هذه المحاولة .
6- قتل الثوار العلويين والتنکيل بهم بعد ان ضج العلويون من ظلمه وسياسته فلجأوا الى الجهاد .

ولم يکن الامام الهادي عليه السلام ليغفل عن هذه المحن وذلك الظلم العسف الذي مارسه المتوکل العباسي لذا کان يقوي علاقته بابناء الامة وينشر مباديء الاسلام ويربي جيلا من العلماء والرواة على اسس متينة من العلم والتقوى والثبات على الحق ومقاومة الظالمين .  

حين اصبح موقع الامام الهادي عليه السلام في المدينة المنورة خطرا يهدد کيان المتوکل وقوة ترهبه وترهب العناصر المسيطرة على الدولة والمال والسلطة کثرت التقارير والوشايات ومحاولات الايقاع بالامام .

وحاول خصوم الامام ان يقنعوا المتوکل بان الامام الهادي عليه السلام يعد ويهيء للثورة وهو يجمع المال والسلاح والانصار ، لذا عمد المتوکل الى استدعاء الامام وجلبه من المدينة المنورة الى مدينة العسکر (سامراء ) ليکون تحت الرقابة والمتابعة اليومية وذلك سنة ( 243) .  

وفي سامراء بدات اعمال الضغوط السياسية والرقابة المشددة من قبل المتوکل العباسي وارکان سلطته ضد الامام الهادي (عليه السلام) واتباعه فمرة يحاولون النيل من شخصيته واخرى سجنه واغتياله وثالثة بتفتيش بيته ويجلب ليلا الى المتوکل بتهمة الاعداد للثورة والمواجهة واخرى يسعون لايجاد زعيم بديل عنه ، وکل تلك المحاولات باءت بالفشل الذريع إذ کانت عنايه الله تعالى ترعى الامام وتدفع عنه وکانت شخصيته تعلو ومقامه يفرض على المتوکل رغم صلفه وکراهيته لآل علي بن أبي طالب عليه السلام کما کان الامام يفرض وجوده على القصر وحواشيه .

واستمرت محنة الامام الهادي عليه السلام مع المتوکل العباسي وصراعه المرير معه حتى مات المتوکل مقتولا فقد لقى مصرعه وهو سکران ثمل في قصر خلافته ، اشترك ابنه المنتصر في القضاء عليه ، ثم تمت البيعة للمتنصر وبموت المتوکل شعر العلويون بتخفيف وطأة الارهاب والمطارة لهم إذ ان المنتصر کان لينا معهم واعاد لهم بعض حقوقهم المسلوبة .  

ثم مات المنتصر سنة (248)  وجاء بعده المتسعين وفي زمنه اشتدت الفتن وتعاظم تذمر الناس فهجموا على سجون بغداد وسامراء واخرجوا السجناء منها .  

انتهى المستعين مقتولا کالمتوکل وحمل راسه الى المعتز ( الخليفة من بعده ) الذي کان يلعب الشطرنج فقال : ضعوه حتى افرغ من الدست ، فلما فرغ نظر اليه وأمر بدفنه . ولم يکن المعتز بافضل من اسلافه کما ان الاوضاع کانت اسوأ من السابق .

اما الحديث عن الثورات العلوية نستطيع ان نقول ،إن جملة الظروف والاوضاع السياسية وسلوك السلطة الحاکمة کانت تساعد على قيام حرکات المعارضة وتدعو الى المواجهة المسلحة وقد قاد العلويون عدة انتفاضات وثورات في عهد الامام علي الهادي عليه السلام ايام المتوکل العباسي .

وکانت معظم هذه الثورات تدعو الى الرضى من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم وکان المعني بهذا الشعار هم ائمة اهل البيت عليهم السلام وامامهم في تلك الفترة علي الهادي عليه السلام .

وکانت هذه الحوادث  کلها ايام المستعين حتى قتل المستعين فتولى الخلافة المعتز .

في خلافة المعتز لم تکن الاوضاع السياسية والامنية في سامراء وبغداد وبقية اقطار الخلافة فيها ، الا أسوأ من الاوضاع التي سبقتها .

خلال هذه الفترات کان الامام علي الهادي عليه السلام يرقب الحوادث ، ويسعى لکف العدوان العباسي ويبذل جهده في مجال العلم والمعرفة والدفاع عن مباديء الشريعة وقيمها وتربية الامة على اساسها وتوعية الناس على مفاهم الدين الصحيحة لاالصورة المشوهة التي کان يعرضها الخلفاء العباسيون ويتصرفون بالدين وفقا لاهوائهم وشهواتهم ونزعاتهم الشريرة في الحکم .

واصل الامام الهادي عليه السلام تيار اهل البيت عليهم السلام العلمي في کل مجال وعلم من علوم الشريعة ومعارفها امتدادا لجهود الائمة من قبله في احياء معالم الدين وتنزيهها من التحريف والتزيف الذي الحقه بها الحکام الظالمون والعلماء المنحرفون واصحاب البدع والافکار الضالة .

کانت جهود اهل البيت عليهم السلام تترکز لحفظ الشريعة نقية خالصة کما جاء بها سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم ولذا اتجهت الکثير من احاديثهم  وما کتبه تلامدتهم في بيان عقيدة التوحيد ونفي التجسيم والتشبيه وغيرها من الظنون والاوهام عنها ، وفي بيان آيات القرآن الکريم وتوضيح شؤون الاحکام الاسلامية في مختلف شؤون الحياة .

وقد کان الامام الهادي عليه السلام مرجع اهل العلم والفقه والشريعة في عصره فقد ذکر الشيخ الطوسي في کتابه الرجالي ، مائه وخمسة وثمانين تلميذا وراويا اخذوا و رووا عن الامام الهادي عليه السلام .

کانت حياة الامام علي الهادي عليه السلام حياة علم وعمل ودعوة الى کتاب الله وسنَة رسوله صلى الله عليه واله وسلم الى جانب کونها حياة کفاح وصراع سياسي من اجل الحق والعدل ونصرة المظلوم .

لقد لاقى من حکام عصره الملاحقة والارهاب والتضييق واخرج من مدينة جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واجبر على الاقامة في سامراء ليکون تحت الرقابة المباشرة وليعزل عن قيادة تحرك الامة المتجهة نحو اهل البيت عليهم السلام وهناك في سامراء قضى شطرا کبيرا من حياته حتى استشهد فيها في رجب سنة ( 254 للهجرة)  في ظروف غامضة وکان عمره الشريف يوم استشهاده احدى واربعين سنة .

وقال ابن شهر آشوب : ( وفي آخر ملك المعتمد استشهد مسموما وقال ابن بابويه : وسمه المعتمد ) کتاب مناقب آل ابي طالب /ج4 ابن آشوب .

سلام الله عليك أيها الامام المظلوم يا ابن رسول الله يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا، ورزقنا الله توفيق السير على نهجك في الدنيا وشفاعتك في الآخرة... اللهم آمين.

الجمعة, 03 كانون2/يناير 2025 08:50

حقوق الإنسان في القرآن الكريم

وقد جاء القرآن الكريم ليضع أسساً محكمةً لهذه الحقوق، مع التأكيد على أنها هبة من الله سبحانه وتعالى، يتمتع بها الإنسان دون تمييز أو تفاضل إلا بالتقوى والعمل الصالح. فلسفة حقوق الإنسان في القرآن تنبع من فهم شامل للإنسان ووجوده، وتؤكد على العيش بسلام في مجتمع يحترم الكرامة ويضمن العدالة.
 
1. الإنسان كائن كريم:
 
في البداية، يحدد القرآن الكريم مكانة الإنسان باعتباره كائنًا كريمًا منح الله له الحياة والقدرة على الاختيار. يقول الله تعالى: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ" (الإسراء: 70)، وهي دعوة إلى تأكيد كرامة الإنسان من خلال احترام حقوقه الأساسية، حيث يشير هذا إلى أن الإنسان يجب أن يعيش في بيئة تحفظ كرامته، وتمنحه حقه في العيش بسلام.
 
2. الحرية الشخصية:
 
من أبرز مبادئ حقوق الإنسان في القرآن هو حق الإنسان في الحرية الشخصية، سواء في اعتقاده أو في اختياراته الحياتية. قال تعالى: "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ" (البقرة: 256)، مشيراً إلى أن الإنسان لا ينبغي أن يُجبر على تغيير دينه أو معتقداته. هذا المبدأ يعكس احترام حق الإنسان في اختيار ما يؤمن به دون قسر أو ضغوط، وهو مبدأ يتجاوز حدود الحرية الدينية ليشمل كافة جوانب الحرية الشخصية.
 
3. المساواة بين البشر:
 
فلسفة المساواة هي إحدى المبادئ الجوهرية التي يعززها القرآن الكريم. يقول تعالى: "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ" (الحجرات: 13)، ويشمل هذا المبدأ الجميع دون تفرقة بين الرجال والنساء، أو بين الأغنياء والفقراء، أو بين الأفراد من مختلف الأعراق والألوان. يؤكد القرآن أن التفاضل بين البشر ليس وفقاً لمكانتهم الاجتماعية أو الدينية، بل بالتقوى والعمل الصالح.
 
4. العدالة الاجتماعية:
 
العدالة من القيم التي يحرص القرآن الكريم على تأكيدها، حيث يدعو إلى إحقاق الحق وتطبيقه دون محاباة أو تمييز. قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ" (النساء: 135)، وهذه دعوة للمؤمنين بأن يكونوا أداة للعدالة في الأرض، في جميع تعاملاتهم. العدالة تتجلى أيضًا في تطبيق القوانين بشكل عادل، وفي ضمان حقوق الضعفاء والمساكين.
 
5. حماية الحياة والحقوق الأساسية:
 
ويشدد القرآن الكريم على حق الإنسان في الحياة، ويعتبرها حقًا مقدسًا لا يجوز التعدي عليه. قال تعالى: "وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ" (الإسراء: 33)، حيث يُحظر القتل بغير حق، وتعتبر الحياة البشرية من أقدس الحقوق التي يجب الحفاظ عليها. ويشمل ذلك أيضًا حماية حقوق الفرد من أي نوع من الانتهاكات.
 
6. حق المرأة في المساواة والعدالة:
 
القرآن الكريم قدم حقوقًا للمرأة لم تكن معترفًا بها في الكثير من المجتمعات قبل الإسلام. فقد منحها حقوقًا في الميراث، والتعليم، والعمل، والملكية. قال تعالى: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ" (البقرة: 228)، وهذا يضمن للمرأة حقوقاً متساويةً مع الرجل في شتى المجالات، مع مراعاة الفروق الطبيعية بينهما.
 
7. حق الأطفال وحمايتهم:
 
في القرآن الكريم، هناك تأكيد على أهمية حماية حقوق الأطفال، سواء كانوا أيتامًا أو أطفالًا حديثي الولادة. قال تعالى: "وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاَقٍ" (الإسراء: 31)، وهو تحذير شديد من إلحاق الأذى بالأطفال تحت أي ذريعة كانت. كما يشمل ذلك حقهم في الرعاية والنفقة والتعليم.
 
8. العدالة الاقتصادية والحق في الملكية:
 
يُنظر إلى المال والملكية في القرآن على أنها أمانة، ويجب على الإنسان أن يحافظ عليها وأن يتعامل مع الآخرين بصدق ونزاهة. قال تعالى: "وَلَا تَقْتُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ" (البقرة: 188)، ويشمل ذلك ضمان حقوق الإنسان في ممتلكاته، مع تحريم السرقة والاحتكار والظلم الاقتصادي.
 
9. التعاون والإحسان:
 
يحرص القرآن على تعزيز قيم التعاون والإحسان بين البشر، ويحثّ على مساعدة المحتاجين والفقراء. قال تعالى: "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ" (التوبة: 60)، مع التأكيد على أن تعاون المجتمع في تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية يعزّز من حقوق الإنسان ويحقق له حياة كريمة.
 
خلاصة: حقوق الإنسان في القرآن الكريم تتسم بالشموليّة والتوازن، حيث تهدف إلى تحقيق حياة كريمة للإنسان في جميع جوانب حياته. تتراوح هذه الحقوق من الحفاظ على حياته وكرامته، مرورًا بالمساواة والحرية، وصولًا إلى العدالة الاجتماعية والاقتصادية. القرآن الكريم لا يرى الإنسان في بعده الفردي فقط، بل يراه جزءًا من مجتمع يجب أن يتعاون في تحقيق رفاهيته وحمايته من الظلم.

ومن نفائس ما تركه الأئمة (عليهم السلام) للمسلمين هو وصاياهم الكثيرة، الحافلة بالتوجيه والأخلاق والحكم والمعارف والآداب، فلم يعرف التاريخ الإسلامي مثل هذه الوصايا لمن سبقهم أو تأخر عنهم من العلماء والحكماء، وما ذلك إلّا لحرصهم على توجيه المجتمع، وإصلاح الأمة، وبث الأخلاق بين الناس؛ ولمناسبة ذكرى ولادة الإمام الباقر (عليه السلام) نورِدُ بعض وصاياه (ع):

وصيته لجابر بن يزيد الجعفي:

* يا جابر: أنزل نفسك من الدنيا كمثل منزل نزلته ساعة ثمّ ارتحلتَ عنه، أو كمثل مال استفدته في منامك ففرحت به وسررت ثمّ انتبهت من رقدتك وليس في يدك شي‏ء، وإنّي إنّما ضربتُ لك مثلاً لتعقل وتعمل به إن وفّقك الله له، فاحفظ يا جابر ما أستودعُك‏ من دين الله وحكمته.

*عن جابر، قال: دخلنا على أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام (في مكة) ونحن جماعة بعدما قضينا نسكنا، فودّعناه وقلنا له: أوصنا يا ابن‏ رسول‏ الله‏ (ص)، فقال: ( ليُعن قويُّكم ضعيفَكم، وليعطف غنيّكم على فقيركم، ولينصح الرجل أخاه كنصيحته لنفسه، واكتموا أسرارنا ولا تحملوا الناس على أعناقنا (.

* يا جابر: الدنيا عند ذوي الألباب كفي‏ء الظلال).

وصيته لحمران بن أعين:

* عن حمران بن أعين قال: دخلتُ على أبي جعفر عليه السلام فقلت له: أوصني، فقال: (أوصيك بتقوى الله، وإيّاك والمزاح فإنّه يذهب هيبة الرجل وماء وجهه، وعليك بالدعاء لإخوانك بظهر الغيب فإنّه يُهيل الرزق). يقولها ثلاثاً.

وصيته لخيثمة:

* عن خيثمة قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام أودّعه فقال: ( يا خيثمة أبلغ من ترى من موالينا السلام، وأوصهم أن يشهد حيُّهم جنازة ميّتهم وأن يتلاقَوا في بيوتهم، فإنّ لُقيا بعضهم بعضاً حياة لأمرنا، رحم الله عبداً أحيا أمرنا).

وصيته لأبي الجارود

* عن أبي الجارود، قال: قلت له عليه السلام: أوصني، فقال: ( أوصيك بتقوى الله، وأن تلزم بيتك، وتقعد في دهماء هؤلاء الناس).

وصيته لأبي النعمان العجلي:

* عن أبي النعمان العجلي قال: قال أبو جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام: (يا أبا النعمان، لا تكذب علينا كذبة فتُسلب الحنيفية. يا أبا النعمان، لا تستأكل بنا الناس فلا يزيدك الله بذلك‏ إلّا فقراً. يا أبا النعمان، لا ترأس فتكون ذنباً. يا أبا النعمان، إنّك موقوف ومسؤول لا محالة، فإن صدقت صدقناك وإن كذبت كذبناك. يا أبا النعمان، لا يغرّك الناس عن نفسك فإنّ الأمر يصل إليك دونهم، ولا تقطعن نهارك بكذا وكذا، فإنّ معك من يحفظ عليك، وأحسن، فلم أرَ شيئاً أسرع دركاً ولا أشدّ طلباً من حسنة لذنب قديم.(

)* وإنّ أحسن الناس فعلاً من فارق أهل الدنيا من والد وولد، ووالى ووازر وناصح وكافأ إخوانه في الله وإن كان حبشياً أو زنجياً.(

وصيته لعمرو بن خالد

ومن أبلغ ما وصى به الامام محمد الباقر (عليه السلام) ما نقله (عمرو بن خالد)، عن أبي جعفر (ع) انه قال: (يا معشر الشيعة، شيعة آل محمد، كونوا النُّمْرَقة الوسطى يرجع إليكم الغالي ويلحق بكم التالي. فقال له رجل من الأنصار يقال له سعد: جُعلت فداك ما الغالي؟ قال: قوم يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا، فليس أولئك منّا ولسنا منهم، قال: فما التالي؟ قال: المرتاد، يريد الخير، يبلّغه الخير يؤجر عليه، ثمّ أقبل علينا فقال: والله ما معنا من الله براءة، ولا بيننا وبين الله قرابة، ولا لنا على الله حجّة، ولا نتقرّب إلى الله إلّا بالطاعة، فمن كان منكم مطيعاً لله تنفعه‏ ولايتنا، ومن كان منكم عاصياً لله لم تنفعه ولايتنا، ويحكم لا تغترّوا، ويحكم لا تغترّوا

استقبل قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي الخامنئي، يوم الأحد الماضي عائلة الشهيد أبي مهدي المهندس، بمناسبة الذكرى الخامسة لاستشهاد الشهيدين قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس اللذين ارتقيا شهيدين على يد أميركا في مطار بغداد الدولي في الثالث من كانون الثاني عام 2020.

وفي اللقاء وجهت أبنة الشهيد أبي مهدي المهندس، سؤالا لقائد الثورة حول دور الشباب اليوم في ظل ما يجري في المنطقة والظروف التي تمر بها.

يذكر أن الاجابة على السؤال سيتم نشرها لاحقا مع تصريحات قائد الثورة خلال هذه اللقاء.

المصدر: العالم