emamian

emamian

الجمعة, 07 شباط/فبراير 2025 20:01

لماذا ينبغي أن نقرأ الصحيفة السجادية؟

التعرّف الإجمالي إلى «الصحيفة السجادية»

الصحيفة السجادية هي من الآثار المكتوبة للأئمة (ع) المشهورة بين العلماء والأجلاء باسم «أخت القرآن» و«إنجيل أهل البيت (ع)» و«زبور آل محمد (ص)». يمكن النظر إلى الصحيفة السجادية على أنها أول كتاب من القرنين الأول والثاني الهجري.

 

بلغ مجموع الأدعية في الصحيفة السجادية 75 دعاء وصلنا منها 54. وبالطبع، جمَعَ بعض العلماء والمحققين الأدعية المعتدّ بها الأخرى للإمام السجّاد (ع) على نمط المستدركات. واحدة منها هي الصحيفة السجادية الثانية التي جمعها الشيخ الحر العاملي. بعد الشيخ الحر العاملي، جمع علماء آخرون مثل المرحوم الأفندي والمحدّث النوري ومحسن الأمين... المزيد من أدعية الإمام السجاد (ع) وأطلقوا عليهم اسم الصحيفة الثالثة، الرابعة، الخامسة... ووفق قواعد الفقه الحديثي إن الصحيفة السجادية من أكثر الكتب الشيعية موثوقية. لقد ذكر العلامة محمد تقي المجلسي أكثر من 600 طريق معتبر لنقل الحديث لها. وأقر العلماء الكبار أيضاً بتواتر نصها. كما استفاد الإمام الخامنئي من هذه الصحيفة في بعض خطاباته أيضاً.[1]

 

القدرة على بناء المجتمع الأخلاقيّ والمعنويّ

من أجل الفهم لمكانة الصحيفة السجادية في الحضارة الإسلامية، يجب النظر إلى الجو الفكري والثقافي لعصر الإمام السجاد (ع). تُعدّ مدة الحياة والإمامة للإمام السجّاد (ع) إحدى المراحل الحساسة في تاريخ الإسلام. لقد عانى المجتمع الإسلامي في عهد الإمام الحسين (ع) من الانحطاط الأخلاقي والمعنوي الذي أدى إلى حادثة عاشوراء الفجيعة والمأسويّة واستشهاد الإمام الحسين (ع). ورغم أنه بعد استشهاد الامام الحسين (ع)، اندلعت انتفاضات ضد حكومة الجور، وبالإضافة إلى أن الحكومات كانت قد جعلت الجو مخنوقاً، فإن المجتمع والناس أيضاً كانوا لا يزالون في انحطاط وفساد.

الرواية الشهيرة للإمام الصادق (ع): «ارتدّ الناس بعد الحسين إلّا ثلاثة»[2] تدل على عمق الفاجعة في تلك المرحلة. كما أن الرواية التي تنقل عن الإمام السجّاد (ع): «ما بمكة ولا بالمدينة عشرون رجلاً يُحبّنا»[3] دليل على فساد الناس الفظيع. فالإمام السجّاد (ع) بعد خلقه الحماسة وخطبه النارية خلال الأَسر صار الآن في المدينة المنورة يحلل واقعة كربلاء ويتوصّل إلى هذه النتيجة: «إن قسطاً مهماً من المعضلات الأساسية للعالم الإسلامي، التي أفضت إلى فاجعة كربلاء، كان ناجماً عن الانحطاط والفساد الأخلاقي للناس...

لو أن الناس لم يكونوا قد صاروا أذلاء ولم تكن الرذائل مسيطرة عليهم، ما أمكن للحكومات، حتى إن كانت فاسدة، وحتى إن لم يكن لها دِين، وحتى إن كانت جائرة، أن تفعل مثل هذه الفاجعة العظيمة... حين تنحط أخلاق شعب، يمكن له أن يكون مصدراً للمفاسد كافة، وقد تفرّس الإمام السجاد (ع) هذا الأمر في وجه المجتمع الإسلامي، وعقد العزيمة على تطهير هذا الوجه من هذه القباحة، وتحسين الأخلاق.[4]

لذلك، «كان لا بد لدين الناس من أن يستقيم، ولا بد لأخلاق الناس أن تستقيم، ولا بد للناس أن يخرجوا من مستنقع الفساد هذا، ولا بد من إحياء التوجيه المعنوي في المجتمع، فالتوجه المعنوي هو لبّ لباب الدين والروح الأساسية له... لكن الخنق الذي كان في تلك المرحلة وسوء الوضع لم يسمحا للإمام السجاد (ع) أن يتحدث إلى أولئك الناس بشفافية وصراحة ووضوح. ليس لأن الأجهزة الحاكمة لم تكن تسمح فقط، بل أيضاً الناس كانوا لا يريدون. في الأساس، كان ذلك المجتمع مجتمعاً غير جدير وهالكاً وتالفاً ولا بد من إعادة بنائه».[5] لذلك، بدأ الإمام السجّاد (ع) إصلاح المجتمع، وكانت أفضل وسيلة وأداة يمكن أن يستخدمها لهذا الغرض هي «الدعاء». استخدم الدعاء كأساس لهذا العلاج وتمكّن من خلق جو معنوي في المجتمع الإسلامي.

الصحيفة السجادية هي ثمرة هذا الجهد المهم الذي استطاع به الإمام السجّاد (ع) تحقيق هدفه وتغيير أخلاق المجتمع وإعادة مسار المجتمع إلى الإسلام. لهذا، نقرأ في تكملة تلك الرواية الشهيرة: «ثم إن الناسَ لَحِقوا وكَثُروا»[6]، أي الناس عادوا إلى الإسلام في ما بعد، ونرى آثاره في زمن الإمام الباقر (ع) والإمام الصادق (ع).

يعتقد الإمام الخميني (قده) أن «الإمام زين العابدين (ع) لم يروج للدين أقل من الإمام الصادق (ع)، ومع أن زمن ذلك الإمام (ع) كان إلى حدّ أنه لم يكن ممكناً له أن يدعو أحداً إلى الدين، بل حتى لم يكن هناك مَن يسأل الإمام مسألةً، فإنه وهو جالس في بيته ويناجي الله في منتصف الليالي، حين كانت تصل تلك المناجاة إلى أيدي الناس، كان يُنتَفَع بها».[7]

وقال قائد الثورة الإسلامية في بلاغ الخطوة الثانية للثورة: «في مجتمعنا اليوم، يجب أن يكون أحد الجهود الأساسية تغيير الأخلاق»[8]، و«كثير من مشكلاتنا ناجمة عن الابتعاد عن الفضائل الأخلاقية؛ كلما ابتعدنا عن الفضائل الأخلاقية، تعقدت وزادت عُقد الحياة أكثر فأكثر»[9].

وإذْ نتحدّث اليوم عن أفول الحضارة الغربية، فإن علامته الرئيسية هي أفول في المجتمعات الغربية، لأن الافتقار إلى الأخلاق يقود المجتمعات إلى السقوط. لذلك إن السبب الأول والأهم الذي يدفعنا إلى الاهتمام بـالصحيفة السجادية وقراءتها والتدبّر فيها والترويج لها والسعي لتحقيقها هو أن الصحيفة السجادية هي «بنّاءة للمجتمع» وتعزز أخلاقه ومعنوياته التي هي الركيزة الأساسية للحضارة الإسلامية، كما تمنع الانحراف والانحطاط.

 

الدور المعرفي لـ«الصحيفة السجادية»

الدليل الآخر لأهمية الصحيفة السجادية هو أنها «كتاب إعجازي»[10]. و«الخلاصة والعصارة لتفكّر أهل البيت (ع) مدرجة في هذا الكتاب»[11]. ومع أن هذا الكتاب صيغ في قالب الدعاء لكنه «بحر المعارف الإسلامية الموّاج»[12]. في الواقع إن الصحيفة السجادية تحتوي على عدد كبير من المواضيع ويمكن استخلاص إجابات عن كثير من القضايا في الحياة من هذا الكتاب. «أدعية الصحيفة السجادية...

وهذه الأدعية كلها التي وصلتنا من الأئمة مليئة بالمعارف الإسلامية بشأن التوحيد والنبوة والحقوق ووضع المجتمع والأخلاق والحكومة والقضايا كافة التي يحتاج الإنسان إلى معرفتها بشأن الإسلام»[13]. لذلك «إن أحد مجالات التدبّر هو هذه الأدعية»[14]. «إذا وضع المرء خطبة أمير المؤمنين (ع) في التوحيد أمامه، وهي الخطبة الأولى في نهج البلاغة، أو وضع أمامه الدعاء الأول في الصحيفة السجادية الذي هو بشأن التحميد، أي الحمد الإلهي، يجدهما متشابهين ولا فرق بينهما... هذه الأدعية كلها التي وصلتنا من الأئمة مليئة بالمعارف الإسلامية بشأن التوحيد والنبوة والحقوق ووضع المجتمع والأخلاق والحكومة والقضايا كافة التي يحتاج الإنسان إلى معرفتها بشأن الإسلام»[15].

من ناحية أخرى إن المتساقطات هي إحدى الآفات في أيّ ثورة وتهدد خاصة الشباب المؤمنين والثوريين. السبب الرئيسي لهذه المتساقطات هو قلة عمق المعرفة الإسلامية في قلب الإنسان وعقله. فالأنس بـالصحيفة السجادية والتدبّر فيها أيضاً ضروري جداً من هذا المنظور، لأن «الصحيفة السجادية زاخرة بالمعارف الدينية. بهذا، سوف تقوّون بُنيتكم الدينية والثورية. إذا كانت البنية الدينية لشبابنا متينة، فإن كثيرين ممن يعملون... على حرف الأذهان نحو اتجاهات مختلفة إذا لاحظوا أن شبابنا متينين، فإنهم سوف ينكفئون»[16]. لذلك، قال قائد الثورة الإسلامية مراراً: «أرجو منكم أعزائي وبخاصة الشباب أن تأنسوا بـالصحيفة السجّاديّة، فما في هذا الكتاب هو دعاء في الظاهر. أمّا في الباطن، فهو كلّ شيء»[17]. «هذه ليست أدعية فقط؛ إنها دروس»[18].

 

تجلّي «القرآن» في «الصحيفة السجادية»

من أهم الأسباب التي تجعل الإنسان يحتاج إلى أن يأنس بـالصحيفة السجادية ويتدبّر فيها مثل القرآن ويسعى إلى تحقيقها أن الصحيفة السجادية هي [مضمون] القرآن نفسه.

الصحيفة السجادية هي أخبار القرآن نفسها التي تعلّمنا إياها في قالب جمل وعبارات إنشائية. إذا أنِسَ شخص بـالصحيفة السجادية، فسوف يدرك بوضوح أن كل جملة فيها مستوحاة من القرآن الكريم.

الإمام الخميني يقول: «الصحيفة السجادية الكاملة أنموذج كامل لـالقرآن الصاعد، ومن أعظم المناجاة العرفانية في خلوة الأنس التي تعجز أيدينا عن نيل بركاتها. إنه كتاب إلهي استمد وجوده من معين نور الله، ويعلّم أصحاب الخلوة الإلهية طريقة سلوك الأولياء العظام والأوصياء الكبار. كتاب شريف يوضح أسلوب بيان المعارف الإلهية لأصحاب المعرفة مثل ما هو أسلوب القرآن الكريم بعيداً عن تكلف الألفاظ، وفي قالب الدعاء والمناجاة، للمتعطشين للمعارف الإلهية. إن هذا الكتاب المقدس، مثل القرآن الكريم، مائدة إلهية ينهل منها كل شخص على قدر شهيته المعنوية.

إن هذا الكتاب، مثل القرآن الإلهي، يدلنا بأسلوبه الخاص على أدق المعارف الغيبية التي تحصل من التجليات الإلهية في الملك والملكوت والجبروت واللاهوت وما فوق ذلك مما لا يخطر على ذهني وذهنك وتقصر يد الطلاب عن حقائقه، كقطرات من بحر عرفانه المترامي الأطراف تجعلهم يذوبون ويفنون»[19]. «إنّ القرآن كتاب نازل إذْ نزل من عند الله، وأدعية الأئمة كتاب صاعد. والمقصود بذلك تقريباً أنه القرآن نفسه [لكنه] يصعد»[20]. «هو التحدث مع الله. حيناً أنتم تقرؤون القرآن، فالله هو الذي يكلّمكم، وحيناً أنتم تدعون الله، فأنتم الذين تكلّمونه. ذلك يعني أنكم حين تقرؤون القرآن يكون هو النازل، أي الله يتحدث إليكم ويتكلّم ويبيّن لكم الحقائق... ينزل من الأعلى. وحين تدعون يعني أنكم تتكلمون مع الله، فهو صوتكم الذي يرتقي صعوداً»[21].

من ناحية أخرى، أحيا الإمام السجاد (ع) علاقة المجتمع وأُنسه بـالقرآن عبر الصحيفة السجادية، لأن طبيعة الدعاء على نحو جذاب، وإذا عبّرنا عن معارفها عبر القرآن، ففي الحقيقة إنه يروج لـالقرآن ويؤنس المجتمع به.

«الصحيفة السجادية بتفسيرها القرآن تجعله أقرب إلينا وتجعله متاحاً لنا، وأيضاً هي بالدعاء تجذبنا إلى القرآن حتى نعمل بما يقوله الله. ثمة آيات كثيرة تعبّر عن صفات الله في جمل خبرية، في حين أن الصحيفة تعبّر عنها في جمل إنشائية».[22] الصحيفة السجادية توضح لنا مدى أُنس الإمام السجّاد (ع) بـالقرآن وكيف حوّل عقله وقلبه إلى عقل قرآني إذ لم يصدر عن لسانه سوى القرآن.

مزايا «الصحيفة السجادية» مقارنة بالروايات

الصحيفة السجادية لها عدد من الميزات المهمة التي تميزها عن المصادر الدينية الأخرى. وهنا نشير إلى بعضها:

أ- النّقل الحرفيّ

أهم ميزة لـالصحيفة السجادية أن أدعيتها هي ألفاظ الإمام المعصوم (ع) نفسها. ميزة غير موجودة في كثير من رواياتنا، لأن معظم الروايات التي وصلتنا من الأئمة هي المعنى ومفهوم الكلام للإمام المعصوم (ع) لكن ألفاظها من الراوي، وقد سمح الأئمة (ع) أنفسهم بهذا الأسلوب للنقل لكي تنتشر الروايات. لكن الصحيفة السجادية من إملاء الإمام السجاد (ع) للإمام الباقر (ع) وجناب زيد (رض)، أي كان الإمام (ع) يتلو الدعاء وهؤلاء الأجلاء يكتبون بألفاظ الإمام السجاد (ع) نفسها. الإمام الصادق (ع) كان حاضراً أيضاً في هذا المجلس. ولهذا، تُطلق الصحيفة على ذلك الكتاب الذي يحدد الإمام (ع) بنفسه ترتيبَه وتقديمه وتأخيره، أي جمعه الإمام (ع) نفسه.

ب- أفضل المعارف

«هناك بعض الأشياء في مصادرنا المعرفية لا يمكن للمرء أن يعثر عليها أبداً إلّا في الصحيفة السجادية أو الأدعية المأثورة عن الأئمة (ع). إنّ بعض المفاهيم يتعذّر التعبير عنها إلّا بلغة الدعاء والتضرع والتحدث والنجوى مع الباري. ولهذا، لا نجد مثل هذه المعارف والمفاهيم في الروايات أو حتى في نهج البلاغة إلّا قليلاً. لكن في الصحيفة السجادية وفي "دعاء كميل" وفي "المناجاة الشعبانية" وفي "دعاء عرفة" للإمام الحسين (ع) ودعاء الإمام السجاد (ع) ودعاء "أبو حمزة الثمالي"، نجد كثيراً من هذه المعارف»[23].

«إنّ الحقائق والمعارف التي وصلتنا في الأدعية عن المعصومين (ع) لا يوجد عُشرها في الروايات والخطب كافة التي وصلتنا عن المعصومين (ع) ما خلا تلك الروايات والخطب التوحيدية. فهذه الأدعية تتمتع بأهمية فائقة»[24].

ج- فقدان الدّافع للتّزوير

الدّافع للتزوير في الروايات مرتفع نسبياً، ونصادف هذه الروايات في كتب الروايات لدينا. الإسرائيليات أمثلة على هذا النوع من الروايات. ومع ذلك إن الدافع للتزوير في الأدعية المأثورة والمنسوبة إلى الأئمة (ع) ضعيف جداً، وبعبارة أخرى، يمكن القول إنه لا توجد أدعية مزورة منسوبة إلى الإمام. هذا لا يعني أنه ليس لدينا أدعية مزورة، بل إن زوّر شخص دعاء، فليس لديه دافع لنسبه إلى الإمام المعصوم بل ينسبه إلى نفسه وليس إلى الإمام المعصوم. لذلك إن الأدعية المأثورة، وخاصة الصحيفة السجادية، لها موثوقية عالية ويمكن وضعها بمنزلة المعيار للسلوكات.

د- الطّبيعة المختلفة للمعارف

الميزة الأخرى لـالصحيفة السجادية هي أن معارفها تختلف عن معارف كثير من الروايات، لأن الأدعية تصدر في حالة علاقة الإنسان بالله، وهي أفضل حالة للإنسان، خاصة بلسان الإمام المعصوم وبالألفاظ نفسها التي قالها. لذلك إن المعارف التي عبّر بها الأئمة (ع) أثناء هذه الحالة من الخضوع والخشوع والعلاقة العرفانية مع الله هي بالتأكيد مختلفة تماماً عن المعارف التي عبّروا عنها أثناء حالة علاقتهم مع الناس. وسبب هذا التفاوت هو أنه رغم حضور الأئمة (ع) في حالاتهم كافة عند الله وأنّ حالاتهم كلها إلهية وكلامهم كله نور وفيه معارف راقية، لكن بطبيعة الحال كلماتُهم في قالب الدعاء - إنهم في حالة محادثة مع الله - تختلف كثيراً عن الكلام والمعارف التي لديهم في قالب الرواية ومحادثة مع الناس، لأن الأئمة (ع) عبّروا عن المعارف بقدر فهم الناس وإدراكهم ولم يكونوا ينقلون المعارف الخاصة إلى الأشخاص كلهم، لأن الناس قد لا يفهمون كثيراً من هذا الكلام، وحتى بعض الأصحاب الخواص أيضاً، أو قد لا يمكن التعبير عن كثير من الكلام والمعارف، ولكن يمكن التعبير عنها في الحديث مع الله.

 

[1]- من جملتها كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه علماء الدين في محافظة سمنان، 8/11/2006.

[2]- الشيخ المفيد، الاختصاص، ص. 64.

[3]- ابن هلال الثقفي، الغارات (الطبعة الجديدة)، ص. 573.

[4]- من كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه مختلف فئات الناس، 14/7/1993.

[5]- إنسان بعمر 250 سنة (النسخة الفارسية)، ص. 192.

[6]- الشيخ المفيد، الاختصاص، ص. 64.

[7]- تقريرات فلسفه، ج. 3، ص. 367.

[8]- من بيان الإمام الخامنئي «الخطوة الثانية للثورة الإسلامية»، 11/2/2019.

[9]- من كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه أعضاء المجلس البلدي ورئيس بلدية طهران، 8/12/2003.

[10]- من كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه فئات مختلفة من الناس بمناسبة ولادة الإمام علي (ع)، 16/7/2008.

[11]- من كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه المسلمين المشاركين في المؤتمر الرابع للجمعية العامة للمجمع العالمي لأهل البيت (ع)، 19/8/2007.

[12]- من كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه الشعراء، 5/3/2017.

[13]- من خطبتي الإمام الخامنئي في صلاة الجمعة، 26/2/1993.

[14]- من كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه مسؤولي نظام الجمهورية الإسلامية، 7/8/2011.

[15]- من خطبتي الإمام الخامنئي في صلاة الجمعة، 26/2/1993.

[16]- من كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه أساتذة وطلاب جامعات الأهواز، 3/5/2008.

[17]- من خطبتي الإمام الخامنئي في صلاة الجمعة، 3/2/1995.

[18]- من كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه مختلف فئات الناس بمناسبة ولادة الإمام علي (ع)، 16/7/2008.

[19]- صحيفة النور، ج. 21، ص. 191.

[20]- صحيفة النور، ج. 20، ص. 330.

[21]- من كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه جمعاً من عائلات الشهداء المدافعين عن العتبات المقدسة وعائلات شهداء «7 تير» (28/6/1981)، 25/6/2016.

[22]- آية الله جوادي الآملي، صحيفة كيهان، رقم 20064، بمناسبة استشهاد الإمام السجاد (ع)، شباط/فبراير 2006.

[23]- من كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه أعضاء الحكومة، 9/10/2005.

[24]- من كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه مسؤولي نظام الجمهورية الإسلامية، 7/8/2011.

استقبل قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي خامنئي اليوم الجمعة مجموعة من قادة وكوادر القوات الجوية والدفاع الجوي الإيرانيين. اللقاء يجري حاليا في حسينية الإمام الخميني وسط العاصمة الايرانية طهران.

ویأتي استقبال قائد الثورة الاسلامية لقادة القوة الجوية علی اعتاب ذكرى البيعة التاريخية التي جرت في 8 شباط/ فبراير 1979 من قبل كوادر هذه القوة مع مفجر الثورة الاسلامية الامام الخميني (رض).

الامام الخامنئي: المفاوضات مع اميركا ليست امرا معقولاً

وقال سماحة قائد الثورة الاسلامية خلال كلمة له في هذا اللقاء: "المفاوضات مع أميركا ليست امرا معقولا ولا مشرفا وذكيا وليس لها أي تأثير في حل مشاكل البلاد، والسبب هو ماجربنا في الماضي"، مضيفا: "في السنوات الماضية تفاوضنا مع الولايات المتحدة وعدة دول لمدة عامين تقريباً، والطرف الايراني ابتسم له وصافحه وصادقه وقدّم تنازلات سخية وتم التوصل إلى معاهدة، لكن الأميركيين لم يتصرفوا بموجب المعاهدة، والشخص الذي في السلطة مزقها ولم يلتزم بها".

وتابع آية الله الخامنئي: "قبل مجي هو أيضا، لم يلتزموا أولئك الذين تم معهم عقد هذه المعاهدة...كان الهدف من المعاهدة رفع العقوبات الأميركية، لكن العقوبات الأميركية لم تُرفع. وأما بشأن عقوبات الأمم المتحدة أيضا بقي اطارها، وكأنها تهديد دائم يخيم على إيران. كانت هذه المعاهدة نتاجًا لمفاوضات استغرقت عامين - أو أكثر أو أقل"، مبينا: "حسنًا، هذه هي التجربة... دعونا نستخدم هذه التجربة. لقد قدمنا ​​تنازلات، وتفاوضنا، وتوصلنا إلى حلول وسط، ولكننا لم نحقق النتيجة التي كنا نهدف إليها. لقد مزق الاتفاق الطرف الآخر انتهكه مع كل عيوبه".

وأضاف سماحته: "التفاوض مع أمريكا ليس لها أي تأثير في حل مشاكل البلاد. يجب علينا أن نفهم هذا بشكل صحيح؛ يجب ان لانسمح لهم ان يتظاهروا أمامنا بأننا إذا جلسنا على طاولة المفاوضات مع تلك الحكومة فإن هذه المشكلة أو تلك سوف يتم حلها. لا؛ لن يتم حل أي مشكلة بالتفاوض مع أمريكا"، مضيفا: "لذلك يجب ان لايتم التفاوض مع هكذا حكومة، وليس من العقل والفطنة، التفاوض معها".

وقال آية الله الخامنئي: "الأميركيون يجلسون ويعملون على تغيير خريطة العالم على الورق فقط وهذا لا يمت للواقع بصلة. كما أنهم ويتحدثون عنا، ويدلون بالتعليقات، ويهددوننا"، مؤكدا: "إذا هددونا فسنهددهم... إذا نفذوا هذا التهديد فسوف ننفذ التهديد. إذا اعتدوا على أمن أمتنا فسنهاجم أمنهم دون أدنى شك".

 

وأكد قائد الثورة: "أن هذا السلوك هو درس مستفاد من القرآن الكريم وتعاليم الإسلام، وهذا هو واجبنا. ونسأل الله تعالى أن يوفقنا في أداء واجباتنا"، كما صرح سماحته: "بالطبع لدينا مشاكل داخلية؛ لا أحد ينكر وجود المشاكل. من حيث المعيشة، فإن جميع شرائح السكان تقريبًا لديها مشاكل وتحديات، ولكن ما يحل هذه المشاكل هو العوامل الداخلية".

وأضاف سماحته: "العامل الداخلي هو عبارة عن جهود المسؤولين الملتزمين ودعم الشعب. وهذا ما ستشاهدونه في مسيرات ذكرى انتصار الثورة الاسلامية إن شاء الله...هذه المسيرات كل عام تعتبر رمزاً للوحدة الوطنية في بلادنا، فلذلك ان الشعب البصير والمسؤولين الجاهدين هو ما يحل مشاكلنا".

 

وقال قائد الثورة: "إن المسؤولين مشغولون والحمد لله يقومون بأعمالهم، وأنا متفائل جداً بأنهم سيتمكنون من ذلك، هذه الحكومة المحترمة ستتمكن على الأقل من تقليص المشاكل المعيشية للشعب".

وفي قسم آخر من تصريحاته قال قائد الثورة والقائد العام للقوات المسلحة في الاجتماع مع قادة القوات الجوية وقوات الدفاع الجوي: "إن الثورة الاسلامية أعطت للجيش هوية، واليوم يتألق آلاف النجوم الساطعة في تاريخ بلادنا، مثل الشهيد صياد شيرازي والشهيد بابائي والشهيد ستاري في تاريخ".

وأكد آية الله الخامنئي: "اليوم، المهمة الأهم للجيش هي تقوية نفسه. وفي اليوم الذي لا يوجد فيه صراع، فإن المهمة الأهم للمنظمات العسكرية هي تحديد نقاط الضعف والثغرات وتعزيز نفسها".

وتابع سماحته: "يجب أن تستمر حركة الابتكار والتصنيع الإبداعي التي تجري منذ عدة سنوات في وزارة الدفاع والجيش والحرس الثوري، ولحسن الحظ، فقد أثبتت منظماتنا وصناعتنا العسكرية، جدارتها وأظهرت أنها قادرة على القيام بأشياء عظيمة".

وفي إشارة إلى المقالات والنقاشات حول المفاوضات في الصحف والفضاء الإلكتروني، وكلام بعض الأفراد، قال قائد الثورة: "إن محور هذه الأحاديث هو قضية المفاوضات مع أميركا، ويشيرون إلى المفاوضات باعتبارها أمراً جيداً، وكأن هناك من يعارض حسن المفاوضات".

كما أشار إلى انشغال وزارة الخارجية بالتفاوض والسفر وعقد الاتفاقيات مع كافة دول العالم، وأكد: "الاستثناء الوحيد في هذا الصدد هو الولايات المتحدة وطبعا نحن لا نذكر الكيان الصهيوني كاستثناء لأن هذا الكيان ليس دولة بالأساس بل هو عصابة إجرامية ومغتصبة للأراضي".

تُعتبر الأسرة النواة الأساسية للمجتمع، وهي المكان الذي يتعلم فيه الأفراد قيم الحب والاحترام والتعاون. إن إنشاء بيئة مليئة بالمحبة داخل الأسرة ليس مجرد هدف، بل هو ضرورة لضمان نمو صحي وسليم لأفرادها. أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام رمزٌ للعدالة والمحبة في التاريخ الإسلامي. وقد ترك بصمةً واضحةً على المجتمع الإسلامي من خلال تعاليمه وسيرته العطرة. إنّ دوره في إنشاء بيئة مليئة بالمحبة داخل الأسرة يُعدّ من أبرز جوانب شخصيته، حيث أظهر من خلال تصرفاته وأقواله أهمية العلاقات الأسرية المبنية على الحب والاحترام.


تتجلى رؤية أميرالمؤمنين عليه السلام في بناء الأسرة ككيان متماسك وموحد، حيث اعتبر أن المحبة هي الأساس الذي يُبنى عليه كل تفاعل إنساني. فقد كان يولي أهمية كبيرة للعلاقات بين أفراد الأسرة، ويشجع على التواصل الفعّال والتفاهم، مما يُسهم في تعزيز الروابط الأسرية. في هذا السياق، يُمكننا أن نستعرض كيف أن تعاليم أميرالمؤمنين عليه السلام قد ساهمت في تعزيز قيم المحبة والتسامح داخل الأسرة، من خلال تقديم نموذج يُحتذى به في التعامل مع الزوجة والأبناء والأقارب. إنّ دراسة دور أمير المؤمنين عليه السلام في إنشاء بيئة مليئة بالمحبة في الأسرة لا تقتصر على الجانب النظري فحسب، بل تشمل أيضًا تطبيقات عملية من خلال سيرته، مما يجعلها موضوعًا غنيًا بالمعاني والدروس التي لا تزال تُلهم الأجيال حتى اليوم.


المحبة والرحمة في سيرة أميرالمؤمنين عليه السلام


تُعتبر سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام نموذجًا يُحتذى به في المحبة والرحمة، خاصةً في العلاقات الأسرية. فقد كان الإمام علي عليه السلام يُجسد القيم النبيلة في التعامل مع أسرته، مما يُعكس تعاليم الإسلام السامية في بناء علاقات قائمة على الحب والاحترام. كان أميرالمؤمنين عليه السلام يُظهر مودةً كبيرةً تجاه أسرته، حيث كان يُعتبر الأب الحنون والزوج المُحب. فقد كان يُعامل زوجته فاطمة الزهراء عليها السلام بكل احترام وتقدير، ويُظهر لها الحب في كل تصرفاته. فقد روي عن أميرالمؤمنين عليه السلام حول تعامله مع زوجتها فاطمة الزهراء سلام الله عليها:« فوالله ما أغضبتها ، ولا أكرهتها على أمر حتى قبضها الله عزوجل ، ولا أغضبتني ، ولا عصت لي أمرا ، ولقد كنت أنظر إليها فتنكشف عني الهموم والاحزان.» (1). وأيضا حكي عنه عليه السلام أنه كان يُساعد فاطمة الزهراء سلام الله عليها في الأعمال المنزلية ويُشاركها في شؤون الحياة اليومية، مما يُعزز من روح التعاون والمودة بينهما. فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام:« كان أمير المؤمنين عليه السلام يحطب ويستسقي ويكنس ، وكانت فاطمة تطحن وتعجن وتخبز.» (2). وأيضا كان أميرالمؤمنين عليه السلام يخاطب زوجته بكلمات جميلة. فقد روى الإمام الصادق عليه السلام أن أميرالمؤمنين عليه السلام كان يخاطب زوجته ب(سيدتي) حيث قال:« لما حضرت فاطمة الوفاة بكت فقال لها أمير المؤمنين : ياسيدتي مايبكيك؟ قالت : أبكي لما تلقى بعدي فقال لها : لاتبكي فوالله إن ذلك لصغير عندي في ذات الله» (3).


تربية الأبناء بالمحبة والرحمة في سيرة أمير المؤمنين عليه السلام


تربية الأبناء من أهم المسؤوليات التي تقع على عاتق الأهل، حيث تُشكل الأساس الذي يُبنى عليه مستقبلهم. في هذا السياق، تُعد سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام نموذجًا يُحتذى به في تربية الأبناء بالمحبة والرحمة. فقد كان أميرالمؤمنين عليه السلام يُجسد قيم الحب والعطف في تعامله مع أبنائه، مما يُعزز من بناء شخصياتهم بشكل سليم. حيث قال أميرالمؤمنين عليه السلام:« حَقُّ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ أَنْ يُحَسِّنَ اسْمَه ويُحَسِّنَ أَدَبَه ويُعَلِّمَه الْقُرْآنَ. » (4). لم يقتصر دور الإمام علي عليه السلام على الحب فقط، بل كان يُولي أهمية كبيرة للتعليم والتوجيه. كان يُعلم أبنائه القيم والأخلاق الحميدة، ويُشجعهم على التعلم والمعرفة. من خلال توجيهاته، كان يُعزز فيهم روح المسؤولية والاعتماد على النفس. حيث قال أميرالمؤمنين عليه السلام في وصيته إلى ولده الإمام الحسن عليه السلام:« إِنَّمَا قَلْبُ الْحَدَثِ كَالْأَرْضِ الْخَالِيَةِ مَا أُلْقِيَ فِيهَا مِنْ شَيْءٍ قَبِلَتْهُ، فَبَادَرْتُكَ بِالْأَدَبِ قَبْلَ أَنْ يَقْسُوَ قَلْبُكَ وَ يَشْتَغِلَ لُبُّكَ» (5). وكان أميرالمؤمنين عليه السلام لايؤدب الأولاد من صباوتهم حتى يشق عليهم بل كان كما قال عليه السلام:« يُرَبَّى الصَّبِيُ‌ سَبْعاً وَ يُؤَدَّبُ سَبْعاً وَ يُسْتَخْدَمُ سَبْعاً» (6).


إنشاء بيئة هادئة ودافئة في الأسرة في سيرة أميرالمؤمنين


إن إنشاء بيئة هادئة ودافئة داخل الأسرة يُعد أمرًا بالغ الأهمية، إذ يؤثر بشكل مباشر على الصحة النفسية لأفراد الأسرة. البيئة الهادئة تُساعد في تقليل مستويات القلق والتوتر، مما يُساهم في تحسين الحالة النفسية العامة. عندما يشعر الأفراد بالحب والدعم، فإن ذلك يُعزز من ثقتهم بأنفسهم ويُساعدهم على مواجهة التحديات. البيئة الدافئة تُعزز من الروابط الأسرية وتُسهم في بناء علاقات صحية ومستدامة والأجواء الإيجابية تُساهم في زيادة مستويات السعادة والرضا بين أفراد الأسرة. خلق أميرالمؤمنين عليه السلام بيئة هادئة ودافئة ومليئة المحبة والمودة من أول يوم زواجه مع فاطمة الزهراء سلام الله عليها. حتى روي أن فاطمة الزهراء سلام الله عليها أنشدت شعرا في حق أميرالمؤمنين عليه السلام في تلك الأيام الأول من حياتهما:

« أضحي الفخار لنا و عزّ شامخ‌
و لقد سمونا في بني عدنان‌
نلت العلا و علوت في كل الورى‌
و تقاصرت عن مجدك الثقلان‌
أعني عليا خير من وطأ الثرى‌
ذا المجد و الإفضال و الإحسان‌
فله المكارم و المعالي و الحباء
ما ناحت الأطيار في الأغصان‌» (7).


إحترام الزوجة وحقوقها


كان الإمام علي عليه السلام يُعبر عن احترامه الكبير لزوجته فاطمة الزهراء عليها السلام في كل جوانب حياتهم المشتركة. كان يُظهر لها التقدير والاحترام. فقد روي عن أميرالمؤمنين عليه السلام في وصيته إلى الإمام المجتبى عليه السلام:« وإِيَّاكَ والتَّغَايُرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ غَيْرَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يَدْعُو الصَّحِيحَةَ إِلَى السَّقَمِ والْبَرِيئَةَ إِلَى الرِّيَبِ» (8). وقال أميرالمؤمنين عليه السلام في وصيته إلى إبنه محمد بن الحنفية:« يا بني ... إِنِ اِسْتَطَعْتَ أَنْ لاَ تُمَلِّكَ اَلْمَرْأَةَ مِنْ أَمْرِهَا مَا جَاوَزَ نَفْسَهَا فَافْعَلْ فَإِنَّهُ أَدْوَمُ لِجَمَالِهَا وَ أَرْخَى لِبَالِهَا وَ أَحْسَنُ لِحَالِهَا فَإِنَّ اَلْمَرْأَةَ رَيْحَانَةٌ وَ لَيْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ فَدَارِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَ أَحْسِنِ اَلصُّحْبَةَ لَهَا لِيَصْفُوَ عَيْشُكَ» (9). وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أميرالمؤمنين عليه السلام رواية جميلة حول مساعدة الأهل والعيال:« عن علي عليه‌السلام قال: دخل علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وفاطمة جالسة عند القِدر وأنا أُنقي العدس. قال:يا أبا الحسن. قلت: لبيك يا رسول الله. قال: إسمع مني ـ وما أقول إِلاّ من أمر ربي ـ ما من رجل يعين امرأته في بيتها إِلاّ كان له بكل شعرة على بدنه عبادة سنة ، صيام نهارها وقيام ليلها... يا علي، من كان في خدمة العيال في البيت ولم يأنف كتب الله تعالى اسمه في ديوان الشهداء ، وكتب الله له بكل يوم وليلة ثواب أَلف شهيد... يا علي ، ساعة في خدمة العيال خير من عبادة أَلف سنة وأَلف حجة وأَلف عمرة ، وخير من عتق أَلف رقبة وأَلف غزوة... يا علي، من لم يأنف من خدمة العيال دخل الجنة بغير حساب. يا علي، خدمة العيال كفارة للكبائر، وتطفىء غضب الرب ومهور الحور العين وتزيد في الحسنات والدرجات .يا علي، لا يخدم العيال إلا صدِّيق أو شهيد، أورجل يريد الله به خير الدنيا والأخرة.» (10).


هذه كانت جملة من أقوال وأفعال أميرالمؤمنين عليه السلام في إنشاء بيئة مليئة بالمحبة في الأسرة. أرجوا أنكم استفدتم منها.

 


1) بحار الأنوار (للعلامة محمد باقر المجلسي) / المجلد: 43 / الصفحة: 134 / الناشر: مؤسسة الوفاء – بيروت / الطبعة: 2.
2) بحار الأنوار (للعلامة محمد باقر المجلسي) / المجلد: 41 / الصفحة: 54 / الناشر: مؤسسة الوفاء – بيروت / الطبعة: 2.
3) بحار الأنوار (للعلامة محمد باقر المجلسي) / المجلد: 43 / الصفحة: 218 / الناشر: مؤسسة الوفاء – بيروت / الطبعة: 2.
4) نهج البلاغة (للسيد الرضي) / المجلد: 1 / الصفحة: 546 / الناشر: دار الكتب اللبناني – بيروت / الطبعة: 1.
5) نهج البلاغة (للسيد الرضي) / المجلد: 1 / الصفحة: 393 / الناشر: دار الكتب اللبناني – بيروت / الطبعة: 1.
6) من لا يحضره الفقيه (للشيخ الصدوق) / المجلد: 3 / الصفحة: 493 / الناشر: جامعة المدرسين في الحوزة – قم / الطبعة: 2.
7) الموسوعة الكبرى عن فاطمة الزهراء (لاسماعيل الأنصاري الزنجاني) / المجلد: 21 / الصفحة: 544 / الناشر: نشر دليلنا – قم / الطبعة: 1.
8) نهج البلاغة (للسيد الرضي) / المجلد: 1 / الصفحة: 405 / الناشر: دار الكتب اللبناني – بيروت / الطبعة: 1.
9) من لا يحضره الفقيه (للشيخ الصدوق) / المجلد: 3 / الصفحة: 556 / الناشر: جامعة المدرسين في الحوزة – قم / الطبعة: 2.
10) جامع الأخبار ( للشيخ محمد السبزواري) / المجلد: 1 / الصفحة: 276 / الناشر: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث – قم / الطبعة: 1.

تربية الأطفال من أهم المهام التي تقع على عاتق الأهل والمربين، فهي ليست مجرد عملية نقل المعرفة أو القيم، بل هي فن يتطلب فهمًا عميقًا لاحتياجات الأطفال النفسية والعاطفية والاجتماعية. تشكل مرحلة الطفولة الأساس الذي يُبنى عليه مستقبل الفرد، حيث تتشكل فيها شخصيته، وتُغرس فيها القيم والمبادئ التي سترافقه طوال حياته. تُساعد التربية الجيدة في تشكيل هوية الطفل، حيث يتعلم من خلال التفاعل مع أسرته ومحيطه الاجتماعي كيف يرى نفسه والعالم من حوله. الهوية القوية تُعزز من ثقة الطفل بنفسه وقدرته على مواجهة التحديات. وكذلك من خلال التربية السليمة، يتعلم الأطفال كيفية التفاعل مع الآخرين، مما يُساعدهم على تطوير مهارات التواصل وبناء العلاقات الاجتماعية. هذه المهارات تُعتبر ضرورية في حياتهم الشخصية والمهنية.
لهذا تعتبر سيرة الإمام الحسين بن علي عليه السلام من أبرز النماذج التي تجسد القيم الإنسانية والأخلاقية العالية، حيث يُعد الإمام الحسين رمزًا للشجاعة والتضحية والعدالة. إن أسلوب حياته وتربيته لأبنائه، وكذلك تأثيره على المجتمع، يقدم لنا دروسًا قيمة في كيفية تربية الأطفال وتوجيههم نحو القيم النبيلة.كان الإمام الحسين نموذجًا يحتذى به في الأخلاق والسلوك. فقد كان يتعامل مع الآخرين بلطف واحترام، مما جعل أبنائه يتعلمون منه أهمية القيم الإنسانية في التعامل مع الناس.
لأجل هذا قررنا أن نكتب لكم حول أسلوب الحياة وتربية الأطفال من سيرة الإمام الحسين عليه السلام.

إظهار المحبة للأطفال

المحبة هي من أهم العناصر الأساسية في تربية الأطفال، حيث تلعب دورًا محوريًا في تشكيل شخصياتهم وتطوير قدراتهم النفسية والاجتماعية. إن إظهار المحبة للأطفال لا يقتصر فقط على المشاعر، بل يتعدى ذلك ليشمل الأفعال والسلوكيات التي تعزز من شعورهم بالأمان والثقة. عندما يشعر الطفل بالمحبة والدعم من والديه أو من المحيطين به، فإنه يكتسب ثقة أكبر بنفسه. المحبة تُساعد الأطفال على إدراك قيمتهم الذاتية، مما يُعزز من قدرتهم على مواجهة التحديات والصعوبات. الأطفال الذين يتلقون الحب والدعم يكونون أكثر استعدادًا لتجربة أشياء جديدة، والتعبير عن آرائهم، والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية. المحبة تُساعد الأطفال على تطوير ذكائهم العاطفي، وهو القدرة على فهم وإدارة مشاعرهم ومشاعر الآخرين. الأطفال الذين يتلقون الحب والدعم يتعلمون كيفية التعرف على مشاعرهم والتعبير عنها بشكل صحيح، مما يُساعدهم في بناء علاقات صحية في المستقبل. إظهار المحبة يُساهم في خلق بيئة آمنة للأطفال، حيث يشعرون بأنهم مقبولون ومحبوبون دون شروط. هذه البيئة تُساعدهم على الاستكشاف والتعلم دون خوف من الفشل أو الرفض. عندما يشعر الأطفال بالأمان، فإنهم يكونون أكثر استعدادًا لتجربة أشياء جديدة وتطوير مهاراتهم. وكذلك المحبة تُعتبر وسيلة فعالة لغرس القيم والأخلاق في نفوس الأطفال. عندما يُظهر الأهل المحبة، فإنهم يُعززون قيم مثل الاحترام، التسامح، والتعاون. الأطفال الذين ينشأون في بيئة مليئة بالمحبة يتعلمون أهمية هذه القيم ويعملون على تطبيقها في حياتهم اليومية. لهذا نرى أن الإمام الحسين عليه السلام كان يتعامل مع أطفاله بمحبة وحنان. فقد روى عبدالله بن عتبة : « كنت عند الحسين بن علي عليه السلام إذ دخل علي بن الحسين الاصغر ، فدعاه الحسين عليه السلام وضمه إليه ضما ، وقبل ما بين عينيه ثم قال : بأبي أنت ما أطيب ريحك وأحسن خلقك؟ فتداخلني من ذلك فقلت : بأبي أنت وامي يا ابن رسول الله إن كان ما نعوذ بالله أن نراه فيك فإلى من؟ قال : علي ابني هذا هو الإمام أبوالائمة. قلت : يا مولاي هو صغير السن؟ قال : نعم ، إن ابنه محمد يؤتم به وهو ابن تسع سنين ثم يطرق قال : ثم يبقر العلم بقرا. » (1).

تشجيع الأطفال على أعمالهم الجيدة

التربية عملية معقدة تتطلب من الأهل والمربين فهمًا عميقًا لاحتياجات الأطفال وتوجهاتهم. من بين الأساليب الفعالة التي تُسهم في تشكيل شخصية الطفل وتعزيز سلوكياته الإيجابية هو تشجيعهم على أعمالهم الجيدة. إن هذا التشجيع ليس مجرد كلمات لطيفة، بل هو أداة قوية تُساعد في بناء الثقة بالنفس وتعزيز القيم الأخلاقية. إن تشجيع الأطفال على الأعمال الجيدة يُحفزهم على تكرار هذه السلوكيات. عندما يرون أن جهودهم تُقابل بالتقدير، فإنهم يميلون إلى الاستمرار في القيام بأعمال إيجابية. هذا يُساعد في تشكيل سلوكياتهم بمرور الوقت، مما يُعزز من تطوير شخصياتهم بشكل إيجابي. وأيضا تشجيع الأطفال يُساهم في تعزيز الدافعية الداخلية لديهم. عندما يتلقى الأطفال الدعم والتشجيع، فإنهم يتعلمون أن الجهد والنجاح يأتيان من الداخل. هذا يُساعدهم على تطوير رغبة حقيقية في التعلم والنجاح، بدلاً من الاعتماد فقط على المكافآت الخارجية. لهذا الأطفال الذين يتلقون تشجيعًا على أعمالهم الجيدة يميلون إلى تحقيق أداء أكاديمي أفضل. عندما يشعر الأطفال بأنهم مُقدَّرون، فإنهم يكونون أكثر استعدادًا للعمل بجد والاجتهاد في دراستهم. هذا يُعزز من نتائجهم الأكاديمية ويُساعدهم على تحقيق أهدافهم التعليمية. وهذا من أهم الأمور التي كان الإمام الحسين عليه السلام يحافظ عليها في تربية الأطفال. فقد روى الإمام الباقر عليه السلام:« قال علي بن الحسين عليه السلام مرضت مرضا شديدا فقال لي أبي عليه السلام : ما تشتهي؟ فقلت : أشتهي أن أكون ممن لا أفترح على الله ربي ما يدبره لي ، فقال لي : أحسنت ضاهيت إبراهيم الخليل صلوات الله عليه حيث قال جبرئيل عليه السلام : هل من حاجة؟ فقال : لا أقترح على ربي ، بل حسبي الله ونعم الوكيل. » (2).

أهمية التعاليم الدينية للأطفال

تُساعد التعاليم الدينية الأطفال على تشكيل هويتهم الروحية. من خلال التعرف على المبادئ والقيم الدينية، يتعلم الأطفال من هم وما هي مكانتهم في العالم. الهوية الدينية تُعطي الأطفال شعورًا بالانتماء وتُعزز من ارتباطهم بمجتمعهم الديني. تُساعد التعاليم الدينية الأطفال على مواجهة التحديات والصعوبات في الحياة. من خلال فهمهم للمبادئ الدينية، يتعلم الأطفال كيفية التعامل مع المشاعر السلبية، مثل الخوف والقلق، ويكتسبون أدوات للتكيف مع ضغوط الحياة. الإرشاد الروحي يُساعد الأطفال على تطوير مرونة نفسية قوية. وأيضا تُعتبر التعاليم الدينية وسيلة فعالة لتعليم الأطفال المسؤولية. من خلال فهمهم لأهمية الالتزام بالقيم الدينية، يتعلم الأطفال كيفية تحمل المسؤولية عن أفعالهم. هذا يُعزز من قدرتهم على اتخاذ القرارات الصحيحة في مختلف جوانب حياتهم. ولأجل هذا قام الإمام الحسين عليه السلام بتقدير معلم أطفاله. حيث روي:« أنّ رجلا يسمّى عبد الرحمن‌ كان معلّما للأولاد في المدينة، فعلّم ولدا للحسين عليه السلام يقال له: جعفر، فعلّمه‌ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‌ فلمّا قرأ على أبيه الحسين عليه السلام استدعى المعلّم و أعطاه ألف دينار، و ألف حلّة وحشى فاه درّا فقيل له في ذلك؟ فقال عليه السلام و أنّى تساوي عطيّتي هذا بتعليمه ولدي‌ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‌ » (3).

احترام اختيار الشباب في مسألة الزواج

احترام اختيار الشباب في الزواج يُعتبر أمرًا أساسيًا لعدة أسباب. منها يُساعد احترام الاختيار في تعزيز شعور الشباب بالاستقلالية والقدرة على اتخاذ القرارات. الزواج هو شراكة تتطلب التفاهم والاحترام المتبادل. عندما يُحترم اختيار الشريك، يُعزز ذلك من بناء علاقة قائمة على الثقة والتفاهم، مما يُساهم في نجاح الزواج. لكن يجب أن يكون الأهل مشاركين في هذا الأمر. لأجل هذا يجب أن يكون هناك حوار مفتوح بين الأهل والأبناء حول موضوع الزواج. من المهم أن يُعزز المجتمع قيم الاحترام والتفاهم، مما يُساعد في تقليل الضغوط الاجتماعية التي قد يواجهها الشباب في اختياراتهم.
ولأجل هذه الأمور روي:« أنّ الحسنَ بنَ الحسنِ خطبَ إلى عمِّه الحسينِ عليه السلام إحدى ابنتيه ، فقالَ له الحسينُ : اختَرْ يا بُنيَّ أحبَّهُما إِليكَ. فاستحيا الحسنُ ولم يُحرْ جواباً ، فقالَ الحسينُ عليه السلام :فإِنِّي قدِ اخترتُ لكَ ابنتي فاطَمةَ ، وهي أكثرُهما شبهاً بأُمِّي فاطمةَ بنتِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِما » (4).
هذه كانت جملة من الأمور التي توضح لنا أسلوب الحياة وتربية الأطفال من سيرة الإمام الحسين عليه السلام. أرجوا أنكم استفدتم منها.

 

1) بحار الأنوار (للعلامة محمد باقر المجلسي) / المجلد: 46 / الصفحة: 19 / الناشر: مؤسسة الوفاء – بيروت / الطبعة: 2.
2) بحار الأنوار (للعلامة محمد باقر المجلسي) / المجلد: 46 / الصفحة: 67 / الناشر: مؤسسة الوفاء – بيروت / الطبعة: 2.
3) حلية الأبرار (للسيد هاشم البحراني) / المجلد: 3 / الصفحة: 183 / الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية – قم / الطبعة: 1.
4) الإرشاد (للشيخ المفيد) / المجلد: 2 / الصفحة: 25 / الناشر: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث – قم / الطبعة: 1.

يقول تعالى: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾1.
 
عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): "إنَّ لربِّكم في أيّام دهركم نفحات، ألا فتعرضوا لها"2.

من نفحات الله تعالى أنّه فتحَ أبواب رحمته في أزمنة خاصة منها شهر شعبان الذي ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّ علّة تسميته شعبان هي تشعّب الخيرات فيه، وأنَّ الله تعالى "قد فتح فيه أبواب جنانه، وعرض عليكم قصورها وخيراتها بأرخص الأثمان وأسهل الأمور فاشتروها"3.

وقد نسب رسول الله (صلى الله عليه وآله) شهر شعبان إليه وأبدى اهتمامه الشديد به، فقد كان النبيّ صلى الله عليه وآله إذا رأى هلال شعبان أمر منادياً في المدينة: "يا أهل يثرب، إني رسول الله إليكم ، ألا إنّ شعبان شهري فرحم الله من أعانني على شهري"4.

إنّ كلمة أعانني لافتة، فماذا تعني معونة النبي (صلى الله عليه وآله)؟

ويزداد السؤال أهمية حينما نلتفت إلى أن من يعين النبيّ (صلى الله عليه وآله) يقع في دائرة الرحمة الإلهية الحتميَّة؛ لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مستجاب الدعاء حتماً وهو (صلى الله عليه وآله) يترحّم على من أعانه.

إن لغة أعانني هي لغة عاطفية، فمن الواضح أن الأمر لا يرتبط بحاجة النبي (صلى الله عليه وآله)، بل ينطلق من الحرص النبويّ على مستقبل المؤمنين ونجاح مسيرتهم الإيمانية، والذي انعكس في شعور رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالهمّ، بل انعكس ذلك في مظهره حتى قال له بعض أصحابه: "أسرع فيك الشيب، فأجاب (صلى الله عليه وآله): شيبتني سورة هود"5.

والسبب في ذلك هو آية وردت في هذه السورة، وهي قوله عزّ وجلّ: "فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ"6.
 
والذي شيّب رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما ورد في تفسير ذلك ليس أمر الله تعالى له (صلى الله عليه وآله) "فَاسْتَقِمْ" وهو المستقيم قبل نبوّته، بل لتعقيب الله تعالى ذلك بقوله: "وَمَن تَابَ مَعَكَ".

وقد ورد عن ابن عباس: "ما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله في جميع القرآن آية كانت أشدّ، ولا أشقّ عليه من هذه الآية"7.
 
إذاً إنّ إعانة النبيّ (صلى الله عليه وآله) تتحقق من خلال الاستقامة وعدم الطغيان والخروج عن الجادة، وهذا ما يمكن لنا أن نتلمّس خلفيّته وعناوينه الأساسية من كلمة لأمير المؤمنين (عليه السلام) "ألا وإن لكلّ مأموم إماماً يقتدى به، ويستضيء بنور علمه، ألا وإنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه. ألا وإنّكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهاد، وعفَّه وسداد"8.
 
يُفهم من هذا الحديث أمران:
الأول: إن الإعانة الواردة ترتبط بعلاقة المأموم بالإمام، وبعبارة أخرى أنّها تتعلّق بالهوية والانتساب إلى الإمام، وبالتالي فإنّ الاستقامة تتعدّى مفعولها الخاص في الفرد إلى مفعول آخر يتعلّق بالهويّة والجاذبية الإيجابية أو السلبية إليها.
 
الثاني: إن الإعانة تتحقّق من خلال عناوين أربعة هي:

1- الورع الذي له مراتب أدناها الكفّ عمّا حرّم الله تعالى.
ولعلّ أمير المؤمنين (عليه السلام) ابتدأ بذكر الورع، لأنّه الركيزة الأولى والسبب الأهم في كمال الإنسان، بل هو أفضل الأعمال التي سأل عنها أمير المؤمنين (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بعد أن تحدّث رسول الله صلوات الله عليه وآله عن الثواب الجزيل لأعمال شهر رمضان، إذ بادر أمير المؤمنين (عليه السلام) ليسأل النبيّ (صلى الله عليه وآله) على قاعدة البحث عن الأولى: "ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فأجاب (صلى الله عليه وآله):" الورع عن محارم الله"9
 
2- الاجتهاد، وهو بذل الجهد في مرضاة الله تعالى، فالورع هو كفّ عن المحارم وإعراض عنها، بينما الاجتهاد هو خطوة أمامية فيها جهد لأجل نيل الكرامات الإلهية كالجهد الذي يُبذل في الصلوات، والصيام، والذهاب إلى المسجد، وخدمة الناس، والجهاد في سبيل الله وهكذا.

وفي إطار الحديث عن هذا الاجتهاد بيّن النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليه السلام) بعضاً من هذا الاجتهاد المطلوب في شهر رمضان والذي به تتحقّق إعانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) والذي منه:
 
أ- الصوم
فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "ما فاتني صوم شعبان منذ سمعت منادي رسول الله ينادي في شعبان"10.
وعن صادق أهل البيت (عليه السلام): "صيام شعبان ذخر للعبد يوم القيمة. وما من عبد يكثر الصيام في شعبان إلّا أَصلح الله له أمر معيشته، وكفاه شر عدّوه، وإنّ أدنى ما يكون لمن يصوم يوماً من شعبان أنْ تجب له الجنة"11.
 
ب-الصلوات المستحبة الواردة في هذا الشهر المبارك12.
 
ج-الاستغفار
عن الإمام الرضا (عليه السلام): "من استغفر الله تبارك وتعالى في شعبان سبعين مرة غفر الله ذنوبه ولو كانت مثل عدد النجوم"13.
 
د-الدعاء
ولعلّ أفضله المناجاة الشعبانية، تلك النعمة العظيمة من بركات آل محمد (صلى الله عليه وآله) والتي كان الإمام الخميني (قده) يؤكّد على تكرارها لما فيها من معانٍ جليلة وكرامات عظيمة. ومن الدعاء المستحب في شهر شعبان الدعاء الوارد عن الإمام علي بن الحسين عليهما السلام عند زوال كلّ يوم: "أللهم صلّ على محمد وآل محمد شجرة النبوة..."14.
 
هـ-الصدقة
عن النبي (صلى الله عليه وآله): "من تصدق بصدقة في شعبان رباها الله تعالى كما يربى أحدكم فصيله حتى يوافى يوم القيمة وقد صارت مثل أحد"15.
إلى غير ذلك من الأعمال الجليلة.
 
3- العّفة
إنّ العفّة هي حالة نفسية تمتنع بسببها النفس عن غلبة الشهوة16، كأن تعفّ البطن والفم عن الأكل والشرب من الحرام وعن الغيبة والنميمة والكذب وشهادة الزور والبهتان وغير ذلك من معاصي اللسان، وكأن يعفّ الفرج عن الزنا ونحوه وهكذا.
ومن الواضح أن من يعيش العفّة في حياته يكون قد أمسك بزمام نفسه، وتحكّم بقيادتها، وكذلك يكون خير داعٍ إلى الهويّة التي يحملها، وإلى الإمام الذي يقتدي به، من هنا ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام): "ما عُبِدَ الله بشيء أفضل من عفة بطن وفرج"17.
 
4- السّداد
قد يكون الإنسان ورعاً قد كفّ نفسه عن محارم الله، مجتهداً في عبادة الله، عفيفاً قد أمسك بلجام نفسه من الانزلاق في الشهوات، ولكن قد يكون مع هذه الصفات الحميدة لا يمتلك الوعي والحكمة في مسيرته، وهذا قد يدخله في سُبل الأخطاء، ولا يجعله نموذجاً للاقتداء، من هنا أكّد أمير المؤمنين (عليه السلام) على إعانته بالسّداد الذي هو الصواب في العمل بأن يسعى المؤمن الذي عُرف في الحديث بأنه "كيّسٌ فطن"18 أن لا يسلك طريق الخطأ عن طريق الوعي الذي يصف به الحكمة والحكمة التي يتحلّى بها، فيكون خير داع إلى الهويّة التي يلتزمها، والإمام الذي يقتدي به.
 
إنّها أركان أربعة بها نعين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) ونكون خير منتسبين لهما.
 
سماحة الشيخ د. أكرم بركات


1- هود 112.
2- المجلسي، بحار الأنوار، ج68، ص 221.
3- البروجردي، جامع أحاديث الشيعة، ج9، ص 470.
4- الطوسي، مصباح المجتهد، ص 825.
5- الأردبيلي، زبدة البيان، ص 167.
6- هود 112.
7- الأردبيلي، زبدة البيان، ص 167.
8- نهج البلاغة، ج3، ص 70.
9- البروجردي، جامع أحاديث الشيعة، ج9، ص 21.
10- المصدر السابق، ج9، ص 458.
11- المصدر السابق، ص 457.
12- راجع مفاتيح الجنان.
13- البروجردي، جامع أحاديث الشيعة،ج15، ص 498.
14- الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج7، ص 365.
15- المصدر السابق نفسه.
16- المازندراني، مولى محمد صالح، شرح أصول الكافي، ج8، ص 251.
17- البروجردي، جامع أحاديث الشيعة، ج14، ص 276.
18- المجلسي، بحار الأنوار، ج64، ص 307.

الجمعة, 07 شباط/فبراير 2025 19:49

من آثار شُكر المنعِم

هناك العديد من الآثار الحسنة الّتي تنعكس خيراً على الإنسان جرّاء أدائه واجب شُكر المنعِم والمفضِل عليه وهو الله عزّ وجلّ، وهذه الآثار الحسنة لا تقتصر على الدنيا فقط، بل تشمل حتّى الأخرى. ومن تلك الآثار الحسنة ما يلي:
 
1- الزيادة في النعمة والسعة في الرزق، قال تعالى: ﴿.. لئِن شكرْتُمْ لأزِيدنّكُمْ ولئِن كفرْتُمْ إِنّ عذابِي لشدِيدٌ﴾([1]). وورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "ما أنعم الله على عبد من نعمة فعرفها بقلبه، وحمد الله ظاهراً بلسانه فتمّ كلامه، حتّى يؤمر له بالمزيد"([2]).
 
وعن الإمام عليّ عليه السلام: "من أُعطي الشكر لم يُحرم الزيادة"([3]).
 
ولذا فإنّ المزيد من عطاء الله وجوده وكرمه على الإنسان لا ينقطع، إلا إذا انقطع الشكر، كما يقول الإمام الباقر عليه السلام: "لا ينقطع المزيد من الله حتّى ينقطع الشكر على العباد"([4])، ولهذا يجب أن لا نعيش حالة العجز والإهمال في شكر الله تعالى، ثمّ نبتغي الزيادة في النعم والخير من الله، وهذا ما أشار له الإمام عليّ عليه السلام حينما يقول: "لا تكن ممّن يعجز عن شكر ما أُوتي، ويبتغي الزيادة فيما بقي"([5]).
 
2- القطع بأنّ كلّ النعم والخير النازل علينا هي من الله وحده، يوجب الرحمة والمغفرة الإلهية على الإنسان قبل أن نبادر بالشكر والحمد والثناء عليه تبارك وتعالى، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "ما من عبد أنعم الله عليه نعمة فعرف أنّها من عند الله، إلّا غفر الله له قبل أن يحمده"([6]).
 
3- نفي العذاب الإلهيّ عن الشاكر لله على نعمه والمؤمن بفضله وكرمه، إذ ورد في الآية الكريمة: ﴿مّا يفْعلُ اللهُ بِعذابِكُمْ إِن شكرْتُمْ وآمنتُمْ وكان اللهُ شاكِرًا علِيمًا﴾([7])، بل الشاكر مأمون من غضب الله وحلول النقم، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "شُكر النعمة أمان من حلول النقمة"([8]).

4- إنّ الله غنيّ كلّ الغنى عن شكرنا وحمدنا وثنائنا له، بالتالي حتّى هذا الأمر أراده لنا عزّ وجلّ نعمة علينا، فالشاكر يشكر لنفسه واقعاً، كما جاء في الآية الكريمة: ﴿ومن شكر فإِنّما يشْكُرُ لِنفْسِهِ ومن كفر فإِنّ ربِّي غنِيٌّ كرِيمٌ﴾([9])، وفي الآية: ﴿ولقدْ آتيْنا لُقْمان الْحِكْمة أنِ اشْكُرْ لِلّهِ ومن يشْكُرْ فإِنّما يشْكُرُ لِنفْسِهِ ومن كفر فإِنّ الله غنِيٌّ حمِيدٌ﴾([10]).
 
وعن الإمام الصادق عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الطاعم الشاكر له من الأجر كأجر الصائم المحتسِب، والمعافى الشاكر له من الأجر كأجر المبتلى الصابر، والمعطي الشاكر له من الأجر كأجر المحروم القانع"([11]).
 
5- يتّصف الإنسان الشاكر لله بالقناعة والإيمان بالعدل الإلهيّ في توزيع النعم طبقاً لما تقتضيه المصلحة الإلهية، قال الإمام عليّ عليه السلام: "أشكر الناس أقنعهم، وأكفرهم للنعم أجشعهم"([12])، بل ينال الشاكر لله درجة أكرم الناس، فعن الإمام الصادق عليه السلام - لمّا سئل عن أكرم الخلق على الله - قال: "من إذا أُعطي شكر، وإذا ابتُلي صبر"([13]).
 
أما في المقابل فإنّ عدم الشكر يجعل الإنسان متّصفاً بالجشع واللؤم وعدم القناعة بما يُنعم به الله عليه، فعن الإمام الحسن عليه السلام: "اللؤم أن لا تشكر النعمة"([14]).
 
6- إنّ الشاكر لله تعالى يفوز بنعمة ذكر الله له، وما أعظمها من نعمة، وهنيئاً لمن يفوز بهذه النعمة الموعودة في قوله تعالى: ﴿فاذْكُرُونِي أذْكُرْكُمْ واشْكُرُواْ لِي ولا تكْفُرُونِ﴾([15]).
 
فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "فإنّه تعالى أخبر عن نفسه فقال: أنا جليس من ذكرني"([16])، وعن الإمام الصادق عليه السلام: قال الله تعالى: "ابن آدم اذكرني في نفسك أذكرك في نفسي، ابن آدم اذكرني في خلاء أذكرك في خلاء، أذكرني في ملأ أذكرك في ملأ خير من ملائك"([17]).
 
وعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال الله سبحانه: "إذا علِمتُ أنّ الغالب على عبدي الاشتغال بي نقلت شهوته في مسالّتي ومناجاتي، فإن كان عبدي كذلك وأراد أن يسهو حُلْت بينه وبين أن يسهو"([18]).
 
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم قال تعالى: "فاذكروني أذكركم بنعمتي، اذكروني بالطاعة أذكركم بالنعم والإحسان والراحة والرضوان"([19]).
 
ولهذا لا بُدّ للمؤمن أن يكون شاكراً وذاكراً لله تعالى في كلّ الأحوال والظروف الحسنة منها أو السيّئة، لأنّ لطف الله غير بعيد في كلّ هذا، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كان يقول إذا ورد عليه أمر يسرّه: "الحمد لله على هذه النعمة. وإذا ورد عليه أمر يغتمّ به قال: الحمد لله على كلّ حال"([20]).
 
ومن هذا المبدأ فإنّه لا بدّ أن يكون شعار المؤمن الشكر دائماً وأبداً، وهذا ما يؤيّده قوله تعالى: ﴿بلِ الله فاعْبُدْ وكُن مِّنْ الشّاكِرِين﴾([21]).
  


([1]) إبراهيم: 7.
([2]) الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 95، ح 9.
([3]) نهج البلاغة، الحكمة 135.
([4]) ميزان الحكمة، الريشهري، ج 2، ص 1487.
([5]) نهج البلاغة، حكمة، 15.
([6]) الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 427، ح 8.
([7]) النساء: 147.
([8]) ميزان الحكمة، الريشهري، ج2، ص 1484.
([9]) النمل: 40.
([10]) لقمان: 12.
([11]) الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 94، ح 1.
([12]) الإرشاد، ج 1، ص 304.
([13]) التمحيص، الإسكافي، ص 68، ح 163.
([14]) تحف العقول، الحراني، ص 233.
([15]) البقرة: 152.
([16]) بحار الأنوار، العلّامة المجلسيّ، ج 90، ص 163.
([17]) المحاسن، البرقي، ج 1، ص 39، ح 44.
([18]) بحار الأنوار، العلّامة المجلسيّ، ج 90، ص 162.
([19]) م. ن، ص 163.
([20]) الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 97، ح 19.
([21]) الزمر: 66.

إن هؤلاء المحبين إنما سرى حب الله في عروقهم لأنهم لا يرون محبوبا مستحقا للحب سواه ولا محبوب في الحقيقة غيره وذلك لأسباب ثلاثة:

السبب الأول: حب الذات:
 وهو أمر فطري فلا نجد إنسانا إلا محبا لذاته وهو بالتالي محب لمن أوجد هذه الذات وهو الله جل شأنه فهو موجدها من العدم إلى الوجود ومن الظلمة إلى النور وهو قوام كل ذات موجودة والمنعم عليها بسائر النعم، وفي الحديث عن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم): "أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه"([1]).
 
السبب الثاني: حب الكمال والجمال:
 وهذا أمر فطري فالإنسان بفطرته يميل نحوالكمال والجمال ولا يوجد جمال خالص وكمال مطلق إلا لله عز اسمه فهما منحصران فيه، وكل كامل سواه فكماله فرع لكماله، وكل جميل مقتبس جماله منه تعالى، وما دام الله هو الكمال المحض والجمال الخالص فهو أحق أن يكون محبوبا وحري بأن يكون معشوقا.
 
السبب الثالث: طلب العزة والقوة:
 إن كل فعل يراد به غير الله سبحانه وتعالى فالغاية المطلوبة منه إما عزة في المطلوب يطمع فيها أوقوة يخاف منها، والعارفون بالله المحبون له لديهم يقين بأن ذلك كله بيد الله تعالى لا بيد غيره إذ يقول تعالى ﴿...فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً﴾ ([2])، ويقول سبحانه: ﴿..أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً..﴾ ([3]).

فمن خلال هذه الأسباب وأمثالها انغرست أشجار محبة الله في أفئدتهم وسرت في عروقهم فانقطعوا عن كل شيء سوى الله، وانطبع هذا العلم والإدراك على أفعالهم وتصرفاتهم فكلها إلهية ملكوتية فلا يخطون خطوة إلا للتقرب إلى الله تعالى ولا يرجون ولا يخافون إلا الله ولا يرضون ولا يغضبون إلا لله وفي الله، وبذلك تستقيم أخلاقهم بصورة طبيعية.

وكما في خطبة المتقين: "عظُم الْخالِقُ فِي أنْفُسِهِمْ فصغُر ما دُونهُ فِي أعْيُنِهِمْ".
 
الشوق إلى الجنة والإشفاق من النار
 "لوْلا الأجل الّذِي كتب اللهُ عليْهِمُ لمْ تسْتقِرّ أرْواحُهُمْ فِي أجْسادِهِمْ طرْفة عيْن، شوْقا إِلى الثّوابِ، وخوْفا مِن الْعِقابِ".
 
فالمتقون شأنهم شأن سيدهم أمير المؤمنين وسيد المتقين الذي قال: "والله لَوْ كُشِفَ لِيَ اَلْغِطَاءُ مَا اِزْدَدْتُ يَقِيناً "[4].

هذا اليقين باليوم الآخر وثوابه وعقابه لا بد أن يكون له أثره في السلوك والعمل لذا يقول الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام):"لا تجعلوا علمكم جهلا، ويقينكم شكا، إذا علمتم فاعملوا، وإذا تيقنتم فأقدموا"([5]).

لذا، فإن من اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار اجتنب المحرمات، ومن زهد في الدنيا استهان بالمصيبات، ومن‏ارتقب الموت سارع إلى الخيرات.

 


([1]) المجلسي- محمد باقر- بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء، الطبعة الثانية المصححة- ج17 ص14.
([2]) القرآن الكريم، سورة النساء: 129.
([3]) القرآن الكريم، سورة البقرة: 165.
[4] موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الكتاب والسنة والتاريخ
([5]) نهج البلاغة، قصار الحكم، 247.

إنّ بيان مميزات الإسلام من الناحية الفكرية صعب جداً بالنظر إلى اتساع شعاع فكرة الإسلام سواء من ناحية المميزات العامة أو من ناحية مميزات فرع خاص من فروع هذه الفكرة. وإنّنا نفهرس ما يتيسر لنا الآن في هذه الفرصة لأنّ "ما لا يدرك كله لا يترك جلُّه".
 
الشمول: هو من مميزات الإسلام بالقياس إلى الأديان الأُخرى، وبتعبير أصح إنّ من جملة مميزات الصورة الكاملة الجامعة لدين الله بالنسبة إلى الصور الابتدائية هي جامعيته وشموله. والمصادر الرباعية الإسلامية تكفي ليكشف علماء الأمة وجهة نظر الإسلام حول كل موضوع.
 
قبول الاجتهاد:
فالكليات الإسلامية قد نظمت بشكل يقبل الاجتهاد، والاجتهاد يعني كشف الأُصول العامة الثابتة وتطبيقها على الموارد الجزئية المتغيرة.


السماحة والسهولة: فالإسلام - بتعبير الرسول الكريم "شريعة سمحة سهلة"([1]) فلم توضع في هذه الشريعة - باعتبارها سهلة –تكاليف محرجة شاقة: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾([2])، وهي تسامح باعتبارها سمحة، وكلّما صار التكليف حرجاً وعسيراً يلغى.
 
التمسك بالحياة: إنّ الإسلام دين متمسك بالحياة لا يتهرب من الحياة، فلذا يكافح "الرهبانية" بشدّة، "لا رهبانية في الإسلام"([3]). وإنّ (مدنية الإسلام وشموله) جعل التمسك بالآخرة ضمن التمسك بالحياة، فمن وجهة نظر الإسلام يُجتاز طريق الآخرة في وسط الحياة ومسؤولياتها الدنيوية.
 
اجتماعيته: إنّ للأحكام الإسلامية ماهية اجتماعية، حتى في أخص الفرديات كالصلاة والصوم فقد دخل فيها تطعيم اجتماعي، وإنّ أحكام الإسلام الكثيرة الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والحقوقية والجزائية صادرة عن هذه الخصلة. كما أنّ أحكاماً من قبيل الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صادرة عن المسؤولية الاجتماعية الإسلامية.
 
حقوق الفرد وحريته: إنّ الإسلام بنفس الوقت الذي هو دين اجتماعي ويفكر بالمجتمع ويعتبر الفرد مسؤولاً عن المجتمع، لا يغض النظر عن حقوق الفرد وحريته، ولا يعتبره غير أصيل. فللفرد -من وجهة نظر الإسلام- حقوقه سواء من الناحية السياسية، أم الاقتصادية، أم القضائية، أم الاجتماعية.
 
تقديم حق المجتمع على حق الفرد: يتقدم حق المجتمع على حق الفرد، والحق العام على الحق الخاص فيما يحصل التعارض فيه بين حق المجتمع وحق الفرد، والحاكم الشرعي هو الذي يقرر في هذه الموارد.
 
أصل الشورى: إنّ أصل الشورى في القضايا الاجتماعية أصل معتبر من وجهة النظر الإسلامي. يجب على المسلمين أن يتخذوا نهجاً عملياً بالتشاور والتفكير الجماعي في الموارد التي لم يرد فيها نص عن الإسلام.
 
انتفاء الضرر: إنّ الأحكام الإسلامية المطلقة العامة واجبة التنفيذ ما دامت لا تستلزم الإضرار، وقاعدة الضرر قاعدة كلية في الإسلام، وفيها حق النقض "الفيتو" في كل مورد قانوني ينتهي بالضرر.
 
أصالة الفائدة: فمن وجهة نظر الإسلام يجب النظر بالدرجة الأولى في الفائدة والنتيجة المفيدة في كل عمل فردياً كان أم اجتماعياً، فكل عمل لا يسفر عن فائدة يعتبر "لغواً" بنظر الإسلام ويكون ممنوعا" ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾([4]).
 
أصالة الخير في التبادل: يجب أن ينزه تداور المال والثروة في النقل والانتقال من كل أنواع العبث، ويجب أن يحص خير مادي أو معنوي لقاء كل نقل أو انتقال وإلا فمداورة المال باطلة وممنوعة:
 
﴿لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾([5]). فانتقال الأموال عن طريق القمار مصداق لأكل المال بالباطل وهو حرام.
 
مضادة ضد العقل: يحترم الإسلام العقل ويعتبره النبي الباطني، وأنّ أصول الدين لا تقبل إلّا بالتحقيق العقلي، وفي فروع الدّين يكون العقل أحد مصادر الاجتهاد. ويعتبر الإسلام العقل نوعاً من الطهارة وزواله نوعاً من "الحدث"، لذا فإنّ عروض الجنون أو السكر يعتبر ناقضاً للوضوء كالنوم أو البول. وإنّ مكافحة الدين لكل نوع من أنواع السكر وتحريم المواد المسكرة هو بسبب مضادة ضد العقل الذي هو جزء من الدّين.
 
مضادة ضد الإرادة: كما أنّ العقل محترم وجاءت بعض الأحكام الإسلامية للمحافظة على العقل فإنّ الإرادة التي هي القوّة التنفيذية للعقل محترمة أيضاً، لذا فإنّ المانع الذي يسمى بلغة الإسلام بـ "اللهو" حرام وممنوع.
 
العمل: إنّ الإسلام عدو البطالة، فالإنسان يجب عليه - بحكم استفادته من المجتمع، وبحكم أنّ العمل أفضل عوامل بناء الفرد والمجتمع، وأنّ البطالة أكبر عوامل الفساد - أن ينجز عملاً مفيداً. وقد جعل كون الفرد كلاً وطفيلياً على المجتمع بكل أشكاله موضع اللعن: "ملعون من ألقى كله على الناس"([6]).
 
قدسية الحرفة والمهنة: إنّ الحرفة والمهنة - بالإضافة إلى أنّها تكليف - أمر مقدس ومحبوب عند الله، ويشبه الجهاد "إنّ الله يحب المؤمن المحترف"، "الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله"([7]).
 


([1]) بعثت على الشريعة السمحة" إنّ هذا الحديث مشهور بهذا اللفظ، ولكنّني لم أذكر أنّي رأيته بهذا اللفظ في مكان. وقد جاء في الكافي، ج5، ص494: "لم يرسلني الله بالرهبانية ولكن بعثني بالحنيفية السهلة السمحة". وفي كتاب الجامع الصغير (من كتب أهل السنة) نقله عن تاريخ الخطيب، وفي كنوز الحقائق (من كتب أهل السّنة) نقله عن الترمذي: "بعثت على الحنيفية السمحة".
([2]) سورة الحج، الآية 78.
([3]) دعائم الإسلام، ج 2، ص193.
([4]) سورة المؤمنون، الآية 3.
([5]) سورة البقرة، الآية 188.
([6]) إنّ ما جاء في النص النبوي "البيع الغرر" ولكن الموازين الاجتهادية تتحكم بإلغاء الخصوصية وتعتبر مطلق الغرر ممنوعاً.
([7]) المقنع، الشيخ الصدوق، ص361.

الانحطاط الفكريّ والعقائديّ:
انتشر الانحطاط الفكريّ في أغلب أطراف العالم الإسلاميّ وأكنافه، نتيجة عدم الاهتمام بتعاليم الدّين في مرحلة العشرين سنة الماضية. وفيما بعدُ، هُجر التّعليم الدينيّ، وتعليم الإيمان، وتفسير الآيات، وبيان الحقائق منذ زمن النبيّ - في مرحلة العشرين سنة بعد عام 40 للهجرة، وإلى ذاك الوقت - فابتُلي النّاس، بلحاظ الاعتقاد والأصول الإيمانيّة، بالخواء والفراغ. عندما يضع المرء حياة النّاس في ذلك العهد تحت المجهر، يتّضح هذا الأمر من خلال التّواريخ والرّوايات المختلفة الموجودة. بالطّبع، كان هناك علماء وقرّاء ومحدّثون، سيأتي التعرّض لهم، لكنّ عامّة النّاس ابتُلوا بعدم الإيمان، وضعف الاعتقاد ضعفًا كبيرًا. وقد وصل الأمر إلى حيث إنّ بعض أيادي جهاز الخلافة يُشكّكون في النبوّة! ذُكر في الكتب أنّ خالد بن عبد الله القسريّ - ويُعدّ من عمّال بني أميّة المنحطّين جدًّا، والسيّئين - كان يُفضّل الخلافة على النبوّة، ويقول: "إنّ الخلافة أفضل من النبوّة"، ثمّ يستدل قائلًا: "أخليفتك في أهلك أحب إليك وآثر عندك، أم رسولك"([1])، أي لو أنّك تركت في أهلك شخصًا يخلفك في غيبتك، فهل هو أفضل وأقرب إليك، أم ذاك الّذي يأتيك برسالةٍ ما من مكانٍ معيّن؟ فمن الواضح أنّ ذاك الّذي جعلته في بيتك خليفةً لك سيكون أقرب إليك. فخليفة الله - وهنا لا يقول خليفة رسول الله - هو أفضل من رسول الله!

إنّ ما كان يقوله خالد بن عبد الله القسريّ كان يجري على لسان الآخرين. وعندما ننظر في أشعار شعراء العصر الأمويّ، نجد أنّه منذ زمان عبد الملك قد تكرّر تعبير "خليفة الله" في الأشعار، إلى درجة أنّه ينسى المرء أنّ الخليفة هو خليفة النبيّ! فقد استمرّ هذا الأمر إلى زمن بني العبّاس.
بني أميّة هِبّوا طال نومُكمُ            إنّ الخليفة يعقوب بن داوودِ
ضاعت خلافتكم يا قوم فالتمِسوا     خليفة الله بين الزقّ والعودِ(
[2])
 
حتّى عندما كانوا يريدون هجاء الخليفة، كانوا يقولون خليفة الله! وأينما كان الشّعراء المعروفون في ذلك الزمان، كجرير والفرزدق وكُثير وغيرهم، ومئات الشّعراء المعروفين والكبار، عندما يريدون مدح الخليفة، كانوا يُطلقون عليه لقب خليفة الله، لا خليفة رسول الله. وهذا نموذجٌ واحد. لقد ضعُفت عقائد النّاس بهذا الشكل، حتّى فيما يتعلّق بأصول الدين.
 
الانحطاط الأخلاقيّ:
في عهد الإمام السجّاد عليه السلام، انحطّت الأخلاق بدرجة شديدة. وبالرجوع إلى كتاب الأغاني لأبي الفرج، وهو أنّه في سنوات الـ 70 والـ 80 والـ 90 والمئة، إلى 150 - 160 تقريبًا، فإنّ أشهَر المغنّين والمطربين واللاعبين والعابثين في العالم الإسلاميّ كانوا في المدينة أو في مكّة، وكلّما كان يضيق صدر الخليفة في الشام شوقًا للغناء، ويُطالب بمغنٍّ أو مطرب، كانوا يرسلون له من المدينة أو مكّة أحد المطربين المعروفين، أو المغنّين. فأسوأ الشعراء والماجنين كانوا في مكّة والمدينة. فمهبط وحي النبيّ، ومنشأ الإسلام، أضحى مركزًا للفحشاء والفساد. ومن الجيّد أن نعرف هذه الأمور بشأن تاريخ المدينة ومكّة.
 
وسنتعرض لنموذجٍ من رواج الفساد والفحشاء:
كان في مكّة شاعرٌ يُدعى عمر بن أبي ربيعة، وهو من شعراء التعرّي والمجون، وقد مات في أوج قدرته وفنّه الشعريّ. ولو أردنا ذكر قصص هذا الشّاعر، وماذا كان يفعل في مكّة، لاحتاج الأمر إلى فصلٍ مشبّعٍ بالتّاريخ المؤسف لذلك العصر، في مكّة والطواف ورمي الجمرات. وهذا البيت مذكور في كتاب المغني:
بدا لي منها معصمٌ حينما جَمَّرت    وكفٌّ خضيبٌ زُيّنت ببنان([3])
فوالله ما أدري وإن كنت داريًا       بسبعٍ رميتُ الجمر أم بثمانيِ([4])
 

وعندما مات عمر بن أبي ربيعة، ينقل الراوي أنّه أقيم في المدينة عزاءٌ عامّ، وكان النّاس يبكون في أزقّة المدينة. ويقول إنّني أينما ذهبت كنت أجد مجموعة من الشباب، نساءً ورجالًا، واقفين ويبكون عمر بن أبي ربيعة في مكّة، فشاهدت جارية تسعى في عملها، وتحمل دلواً لتُحضر الماء، وكانت دموعها تنهمر على خدّيها بكاءً على عمر بن أبي ربيعة غمًّا وأسفًا، وعندما وصلت إلى مجموعة من الشّباب، سألوها لماذا تبكين لهذا الحدّ؟ فقالت لأنّ هذا الرّجل قد مات وخسرنا، فقال لها أحدهم، لا تحزني هناك شاعرٌ آخر في المدينة هو خالد المخزوميّ، والّذي كان لمدّةٍ حاكمًا على مكّة من طرف علماء الشّام، وقد كان من شعراء التعرّي والمجون، كعمر بن أبي ربيعة، فذكروا لها ذاك البيت، وأرادوا أن يذكروا لها بعض الأبيات الشعريّة لهذا الشّاعر، فاستمعت هذه الجارية قليلًا - وقد ذُكر في "الأغاني" هذا الشّعر وخصائصه - فمسحت دموعها وقالت: "الحمد الله الّذي لم يُخلِ حرمه"، فإذا فُقد شاعرٌ جاء آخر. هذا نموذج من الوضع الأخلاقيّ لأهل المدينة.

والقصص كثيرة عن سهرات مكّة والمدينة. ولم تكن المسألة منحصرة بالأفراد المنحطّين، بل شملت الجميع في المدينة، بدءًا من ذاك المتسوّل المسكين، كأشعب الطمّاع المعروف الّذي كان شاعرًا ومهرّجًا، ومرورًا بالأفراد العاديّين وأبناء السّوق، وأمثال هذه الجارية، إلى أبناء المعروفين من قريش، وحتّى بني هاشم، كانوا من هؤلاء الّذين غرقوا في هذه الفحشاء.

وفي زمن أمارة هذا الشّخص المخزوميّ، جاءت عائشة بنت طلحة، وكانت تطوف، وكان يُحبّها، وعندما حان وقت الأذان، أرسلت هذه المرأة رسالةً أن لا تؤذّنوا حتّى أُنهي طوافي، فأُمر بعدم رفع أذان العصر! فقيل له أنت تؤخّر الأذان من أجل شخصٍ واحدٍ وامرأة تطوف: أوَتؤخّر صلاة النّاس؟! فقال: واللهِ لو أنّ طوافها بقي إلى الصبح لقلت لهم أن يؤخّروا الأذان إلى الصبح! هذا كان حال ذلك الزمن.
 


([1]) ابن قتيبة الدينوريّ، الأخبار الطوال، تحقيق عبد المنعم عامر، نشر دار إحياء الكتاب العربيّ، الطبعة الأولى، 1960م، القاهرة، ص 346.
([2]) السيد المرتضى علم الهدى، علي بن الحسين، أمالي المرتضى غرر الفوائد ودرر القلائد- ، تحقيق وتصحيح محمد أبو الفضل إبراهيم، نشر دار الفكر العربيّ، الطبعة الأولى، 1998م، القاهرة، ج1، ص141.
([3]) ابن هشام الأنصاري، مغني اللبيب، تحقيق وفعل وضبط محمد محي الدين عبد الحميد، نشر مكتبة الشيخ آية الله المرعشي ـ قم، 1404هـ، ج1، ص 14.
([4]) ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن الشافعيّ، تاريخ مدينة دمشق، تحقيق علي شيري، طبع ونشر دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1998م، ج69، ص260.

من الجيد أن نلفت النظر إلى شخصية الإمام الحسين (عليه السلام) وصفاته التي ينبغي تحققها في كل قائد ونأخذ على سبيل المثال بعض الملامح العامة لهذه الشخصية.
 
1- قوة الإرادة:
 ويكفي أن نرى قوة الإرادة عنده من إصراره على إنهاء المسيرة حتى النهاية مع عائلته وأولاده رغم سماعه نبأ استشهاد مسلم بن عقيل (رضوان الله عليه)، في جو لا يطمئن بأي حسم عسكري لصالحه بل في ظروف يعلم أنه ملاقٍ فيها الشهادة وهو القائل:
 
"لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما"([1]).
 
2 - الإباء عن الضيم:
 وهذا اللقب من أهم ألقابه المباركة، وقد قال عنه ابن أبي الحديد المعتزلي: "سيّد أهل الإباء الذي علم الناس الحمية والموت تحت ظلال السيوف اختياراً على الدّنية أبو عبد اللَّه الحسين بن علي بن أبي طالب عُرض عليه الأمان هو وأصحابه فأنف من الذل، وخاف ابن زياد أن يناله بنوع من الهوان مع أنه أبى الموت على ذلك"([2]).
 
وهو الذي خلد لنا التاريخ كلمته المشهورة التي تنبض بالعزة والكرامة:
 
"ألا إن الدعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة، يأبى اللَّه ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت، وأنوف حمية، ونفوس أبية، من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام"([3]).
 
3 - الشجاعة:
ومواقف عاشوراء كلها دليل على هذه الشجاعة الملفتة للإمام (عليه السلام) وهو الذي قال لأصحابه حينما أمطرتهم سهام الأعداء.
 
"قوموا رحمكم اللَّه إلى الموت الذي لا بد منه، فإن هذه السهام رسل القوم إليكم"([4]).
 
4- الصراحة والوضوح:
توجت كل هذه الصفات بصفة مهمة جداً وهي الوضوح والصراحة وهو القائل:
 
"يا أمير إنا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، بنا فتح اللَّه وبنا يختم ويزيد فاسق، شارب الخمر، قاتل النفس المحترمة، معلن بالفسق والفجور، ومثلي لا يبايع مثله"([5])
 
5 - الصلابة في الحق:
"ألا ترون إلى الحق لا يعمل به، وإلى الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء اللَّه"([6]).
 
6 - الصبر:
قال الأربلي: "شجاعة الحسين (عليه السلام) يضرب بها المثل، وصبره في الحرب أعجز الأوائل والأواخر"([7]).
 
إلى غيرها من الصفات التي اجتمعت في الإمام الحسين (عليه السلام).
 
([1]) الذهبي، سيرة أعلام النبلاء، ج3، ص310، والحديث في كتاب الطبري، والطبراني «إلا برما».
([2]) المعتزلي، ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج1، ص302.
([3]) المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج45، ص8.
([4]) ابن طاووس، اللهوف على قتلى الطفوف، ص65.
([5]) أنساب الأشراف، ج1، ص1.
([6]) بحار الأنوار، ج44، ص381.
([7]) الأربلي، كشف الغمة، ج2، ص20.