
emamian
إتفاقية الشراكة الشاملة بين إيران وروسيا.. الأسباب والنتائج
اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين إيران وروسيا تُعد، كما يراها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، خطوة نحو عالم أكثر عدلاً وتوازناً. فإيران وروسيا، إدراكًا منهما لمسؤوليتهما التاريخية، تؤسسان لنظام جديد قائم على فكرة التعاون بديلاً عن الهيمنة. في هذا السياق، أكّد نظيره الروسي سيرغي لافروف أن الاتفاق ليس موجّهًا ضد أي طرف. ومع ذلك، لا تستطيع الولايات المتحدة ومن يدور في فلكها تصوّر أن تكون الاتفاقية غير موجهة إلى طرف ثالث، ما يُظهر إسقاطًا واضحًا على الاتفاقيات التي تبرمها واشنطن مع دول أخرى، والتي غالبًا ما تكون اتفاقيات عسكرية بالدرجة الأولى، تتضمن إقامة قواعد عسكرية وبيع أسلحة. ورغم تكلفتها العالية، التي تصل إلى مليارات الدولارات، فإنها تصبّ في مصلحة الكيان الإسرائيلي والمصالح الأمريكية غير المشروعة في المنطقة.
اتفاقية الشراكة بين إيران وروسيا تُعد خطوة استراتيجية وردًا عمليًا على سياسة الحظر الاقتصادي الظالمة التي تمارسها واشنطن ضمن إطار سياساتها ضد الدول الرافضة لهيمنتها. هذه الحقيقة أشار إليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في موسكو، حيث صرّح قائلًا: "نحن نقف ضد أي عقوبات دولية موجهة لإيران وروسيا، وإن طهران وموسكو قادرتان على بناء تعاون واسع النطاق في مجالات مختلفة يمكن أن يُحبط الحظر الأمريكي والغربي."
إيران لم تعد تُعوّل كثيرًا على أوروبا، بعد أن تنصّلت الأخيرة من جميع تعهداتها في الاتفاق النووي، وخضعت للسياسة الأمريكية، وسحبت شركاتها من إيران إرضاءً للولايات المتحدة. لهذا السبب، اتجهت إيران نحو الشرق، حيث وقّعت مع الصين اتفاقية تعاون طويلة الأمد، وأبرمت اتفاقية تعاون اقتصادي مع الاتحاد الأوراسي، كما انضمت إلى عضوية "منظمة شنغهاي للتعاون" و"مجموعة بريكس". وتهدف هذه الاتفاقيات إلى استبدال هيمنة الغرب بتعاون بناء قائم على المصالح المشتركة.
تشمل اتفاقية الشراكة الإيرانية الروسية الاستثمار في حقول الطاقة، بناء مصافي النفط وتطويرها، التعاون المالي والمصرفي، التعاون الترانزيتي ضمن ممرّ الشمال-الجنوب، تنفيذ مشروعات البنية التحتية المشتركة، وتبادل المعلومات والتكنولوجيا في مجال الأمن السيبراني. يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حاليًا خمسة مليارات دولار سنويًا، ما يمثل زيادة بنسبة الضعفين خلال العقد الماضي.
مع توقيع اتفاقية الشراكة، تجاوزت إيران وروسيا العقبات المتعلقة بالمعاملات النقدية والمصرفية. حيث تم تفعيل العملة الرقمية في التجارة بين البلدين، وأصبح من الممكن استلام الروبل من أجهزة الصراف الآلي الروسية باستخدام بطاقات بنك "شتاب". في المرحلة المقبلة، ستعمل البطاقات الروسية في أجهزة الصراف الآلي الإيرانية. وابتداءً من العام الإيراني المقبل (الذي يبدأ في 21 مارس/آذار)، ستُستخدم البطاقات الإيرانية في نقاط البيع الروسية والعكس صحيح، ما يتيح للمستخدمين إجراء المشتريات من المتاجر مباشرة.
اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين إيران وروسيا ستُسهّل تطور العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياسية بين البلدين بشكل أكثر فعالية. وفقًا للفقرة الأولى من المادة 18 في الاتفاقية، يلتزم الطرفان بتطوير التعاون التجاري والصناعي، وتحقيق منافع اقتصادية متبادلة، بما يشمل الاستثمارات المشتركة، البنية الأساسية التمويلية، تسهيل آليات التجارة، تعزيز المسائل المصرفية، وتبادل السلع والخدمات والمعلومات.
رغم أن الاتفاقية تشمل التعاون القضائي، البرلماني، الأمني والدفاعي، إلا أنها ليست معاهدة تحالف عسكري أو موجهة ضد أي طرف. بل تهدف إلى توفير رؤية طويلة الأمد لتطوير العلاقات الثنائية بشكل شامل. كما أن الاتفاقية لا تضع أي قيود على العلاقات بين البلدين وأي دول أخرى.
ختامًا نتائج هذه الاتفاقية الشاملة لن تكون مقتصرة على إيران وروسيا فقط، بل ستُحدث أثرًا إيجابيًا في مصلحة جميع الدول التي ترفض هيمنة الدولار الأمريكي على الاقتصاد العالمي، والذي تحول إلى أداة أمريكية لتجويع وتركيع الشعوب. هذه النتائج ستُثبت لباقي الدول إمكانية التحرر من الهيمنة الأمريكية عبر فك الارتباط بالدولار، وهو ما نجحت إيران وروسيا في تحقيقه.
المقاومة الاسلامية تصدر بيانا بشأن عدم انسحاب قوات الاحتلال الصهيوني من جنوب لبنان
صدر حزب الله "المقاومة الاسلامية اللبنانية" بيانا هاما بشأن عدم انسحاب قوات الاحتلال الصهيوني من مناطق بجنوب لبنان .
جاء في بيان الحزب:
بِسْمِ اللَّـهِ الرحمن الرَّحِيمِ
إن فترة الـ 60 يومًا لانسحاب العدوّ الصهيوني من الأراضي اللبنانية بشكل نهائي شارفت على الانتهاء، وهذا ما يُحتّم عليه تنفيذًا كاملًا وشاملًا وفقًا لما ورد في اتفاق وقف إطلاق النار.
إن بعض التسريبات التي تتحدّث عن تأجيل العدوّ لانسحابه والبقاء مدة أطول في لبنان، تستدعي من الجميع وعلى رأسهم السلطة السياسية في لبنان بالضغط على الدول الراعية للاتفاق، إلى التحرك بفعالية ومواكبة الأيام الأخيرة للمهلة بما يضمن تنفيذ الانسحاب الكامل وانتشار الجيش اللبناني حتّى آخر شبر من الأراضي اللبنانية وعودة الأهالي إلى قراهم سريعًا، وعدم إفساح المجال أمام أية ذرائع أو حجج لإطالة أمد الاحتلال.
إن أي تجاوز لمهلة الـ 60 يومًا يُعتبر تجاوزًا فاضحًا للاتفاق وإمعانًا في التعدي على السيادة اللبنانية ودخول الاحتلال فصلًا جديدًا يستوجب التعاطي معه من قبل الدولة بكلّ الوسائل والأساليب التي كفلتها المواثيق الدولية بفصولها كافة لاستعادة الأرض وانتزاعها من براثن الاحتلال.
إننا في الوقت الذي سنتابع فيه تطوّرات الوضع الذي من المفترض أن يُتوّج في الأيام القادمة بالانسحاب التام، لن يكون مقبولًا أي إخلال بالاتفاق والتعهدات، وأي محاولة للتفلت منها تحت عناوين واهية، وندعو إلى الالتزام الصارم الذي لا يقبل أية تنازلات.
الخميس 23 - 01 - 2025
22 رجب 1446 هـ
الشرع: لن نسمح لـ"حزب العمال الكردستاني" بتنفيذ هجمات ارهابية ضد تركيا
قال قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع إن القوات الكردية هي الطرف الوحيد الذي لم يلب دعوة الإدارة الجديدة لحصر السلاح بيد السلطة، وأضاف أنه لا يمكن القبول بوجود مجموعات المقاتلين الأجانب في سوريا.
وأوضح الشرع في حديث لقناة "خبر" التركية نقله تلفزيون سوريا أن تنظيمي "حزب العمال الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) لم يقبلا حتى الآن التخلي عن أسلحتهما، رغم دعوتهم للانخراط في قوات وزارة الدفاع السورية الجديدة.
وشدد على أن الإدارة لن تسمح لـ"حزب العمال الكردستاني" بتنفيذ هجمات إرهابية ضد تركيا، وأنها ستبذل قصارى جهدها لضمان أمن الحدود التركية.
وأكد الشرع أن "وحدات حماية الشعب" (المكون الأساسي لـ"قسد")، لم تستجب لدعوات نزع السلاح، كما اتهم حزب العمال الكردستاني بأنه يستغل قضية داعش لتحقيق مكاسب خاصة.
وكان قائد الإدارة السورية الجديدة التقى أواخر الشهر الماضي، وفدا من قوات سوريا الديمقراطية، وفق ما أفاد مسؤول مطلع على الاجتماع، مشيرا إلى أن المحادثات كانت "إيجابية".
يذكر أن وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة قال في تصريحات الأربعاء إن "بناء القوات المسلحة لا يستقيم بعقلية الثورة والفصائل"، وإن الهدف هو "الدفاع عن الوطن وتأمين الحدود".
وأضاف أن الإدارة الجديدة -التي تعهدت بحل الفصائل المسلحة ودمجها في إطار جيش موحد- تفاوض القوات الكردية المسيطرة على مناطق في شمال شرقي البلاد، لكنها مستعدة للجوء إلى "القوة" إذا لزم الأمر.
كما قال إن "ملف سوريا الديمقراطية قيد البحث مع القيادة، وإذا طلبت منا التدخل فنحن جاهزون".
وأشار الوزير إلى أنهم التقوا أكثر من 70 فصيلا من كل مناطق سوريا، مؤكدا أنها جميعا "أبدت استعدادها للانخراط في وزارة الدفاع"، مشددا على أن "الانخراط في وزارة الدفاع لن يكون بشكل فصائل، بل عبر تعيين كل قائد في المكان المناسب".
والأربعاء، أكد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن خلال مؤتمر صحافي في دمشق "الحاجة الى أن نعطي المفاوضات بين السلطات المؤقتة وقوات سوريا الديموقراطية فرصة. من نافل القول أن لتركيا والولايات المتحدة دورا أساسيا تؤديانه في دعم ذلك، ونأمل في أن نمنح الطرفين ما يكفي من الوقت للمضي قدما".
وحذّر من أن "مواجهة عسكرية شاملة سيكون لها تداعيات سلبية على سوريا ويجب تفاديها… لأننا نتطلع إلى بداية جديدة لسوريا، ونأمل أن يشمل ذلك أيضا شمال شرق البلاد بطريقة سلمية من خلال مسار دبلوماسي".
الامام الخامنئي : يجب تبيين خصائص الشهداء بالاعمال الثقافية والفنية
جاء ذلك ضمن تصريحات سماحة قائد الثورة خلال استقباله المعنيين بإقامة المؤتمر الوطني لإحياء ذكرى 1880 شهيداً من اهالي مدينة كاشان (وسط البلاد)، والذي عقد قبل ايام ونشر مساء اليوم الخميس للمشاركين في هذا المؤتمر بمدينة كاشان.
وفي هذا اللقاء وصف الامام الخامنئي، مدينة كاشان بأنها مدينة منجبة للعلماء والفقهاء والمجاهدين والفنانين على مر التاريخ.
كما أشاد سماحته بالشخصيات التي حاربت الاستعمار البريطاني والتي جاءت من هذه المدينة، وخاصة العالم الشجاع المرحوم آية الله كاشاني، وقال : ان كاشان بالإضافة إلى تميزها في العلم والفن وحب أهل البيت (عليهم السلام) فقد تألقت أيضاً في مرحلة الدفاع المقدس (1980-1988) وبعض أحداث الثورة الأخرى، مما يدل على أن تربية الافراد الشجعان والمناضلين واصحاب الشهامة مستمر في هذه المنطقة.
واعتبر قائد الثورة أنه من الضروري إبراز السمات السلوكية للشهداء في الأعمال الثقافية والفنية؛ مضيفاً : إن السمات والصفات السلوكية المتميزة مثل نكران الذات والتضحية لدى الشهداء، والعبادة الصادقة والدعاء الخالص الى الله من قبل المقاتلين الشباب ، واحترامهم وحميتهم تجاه شعارات الإسلام والثورة، هي حاجة الشعب الدائمة حيث ان نقل هذه الخصائص ممكن فقط من خلال العمل الفني وإنتاج الأعمال الجيدة مثل الأفلام والشعر والرسم.
وكان إظهار صبر وامتنان أمهات الشهداء من النقاط الاخرى التي نوه الامام الحامنئي الى ضرورة تبيينها باستخدام الوسائل الفنية، قائلاً : إن صبر وامتنان الأم التي قدمت ولدها أو أولادها في سبيل الله، امر لا يوصف الا ان إظهار هذه الدروس المذهلة ممكن في اطار أعمال فنية.
إيران وطاجيكستان توقّعان 23 مذكرة تفاهم
الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، بدأ يوم أمس أول زيارة رسمية له إلى طاجيكستان، حيث التقى وأجرى محادثات مع الرئيس الطاجيكي إمام علي رحمان.
وبعد المباحثات بين رئيسي البلدين، تم التوقيع على 23 مذكرة تفاهم في مجالات السياسة، الاقتصاد، الثقافة، المجتمع، التعليم، النقل، الجمارك، التجارة، الطب البيطري، وغيرها، بين مسؤولي إيران وطاجيكستان.
قائد الثورة: الطريق الوحيد لتقدم البلاد هو الاستفادة من قدرات القطاع الخاص
تفقد قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي، صباح اليوم الثلاثاء معرض "رواد التقدم، تظاهرة وطنية لقدرات وإنجازات القطاع الخاص" لمدة ساعتين ونصف.
ويسلط هذا المعرض الضوء على قدرات وإنجازات القطاع الخاص في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومعدات تصنيع الأقمار الصناعية، والذكاء الاصطناعي، ومعدات وأدوات إصلاح الطائرات، والصناعات التعدينية والجيولوجية، وصناعات النفط والغاز والبتروكيماويات، والصلب والألمنيوم.
وتم عرض الصناعات التحويلية والأجهزة المنزلية والصناعات البحرية وصناعة السجاد وصناعة المياه والكهرباء والصناعات النسيجية والمعدات الطبية والمستشفيات وإنتاج الأدوية ومعهد رويان للأبحاث والمنتجات الزراعية وتربية الحيوانات والحرف اليدوية والسياحة.
أقرأ ايضا .. انطلاق فعاليات "رواد التقدم" الوطنية بحضور قائد الثورة الاسلامية
وخلال هذه الزيارة، أبدت شركات القطاع الخاص المختلفة مخاوفها وشكواها بشأن المشاكل والعقبات التي تواجه القطاع الخاص.
من جانبه أكد قائد الثورة الاسلامية للوزراء الحاضرين في المعرض قائلا: يجب على الحكومة والمسؤولين الحكوميين أن يفعلوا شيئا لمعالجة شكاوى القطاع الخاص، يجب حلها لأن تقدم البلاد يعتمد على إعطاء مساحة للقطاع الخاص، والطريق الوحيد لتقدم البلاد هو الاستفادة من قدرات وإمكانات القطاع الخاص.
وقال سماحته أيضا فيما يخص قطاع صناعة الماء والكهرباء، بعد توضيحات وزير الطاقة بشأن إزالة الاختلالات في قطاع الكهرباء: "هذه كلمات جيدة وصحيحة، ولكن يجب وضعها موضع التنفيذ لأن قضية الاختلالات وتداعياتها كانت مطروحة منذ عدة سنوات ولكن لم نصل ال للنقطة المنشودة ولا يزال هناك طريق طويل لنقطعه.
وفيما يخص شكاوى شركات القطاع الخاص بشأن عملية الترخيص الطويلة والمعقدة قال آية الله الخامنئي : إن قضية التراخيص هي قضية مهمة يجب على الحكومة والجهات المسؤولة أن توليها تفكيرا أساسيا من أجل إزالة العقبات أمام الإصدار السريع للتراخيص.
الامام الخامنئي: لولا الاسناد الأمريكي لانهار الكيان الصهيوني في الأسابيع الأولى... انتصار غزه نتيجة المقاومة
الامام الخامنئي قال لدى استقباله اليوم الاربعاء جمعا من المنتجين ونشطاء القطاع الخاص في ايران، ان على الجهاز التنفيذي في البلاد ان يقوم بمساعدة القطاع الخاص وان اهم مساعدة هي ازالة العوائق من امام القطاع الخاص، فهذا يعد واجبا.
وشدد سماحته ان على الاجهزة الحكومية ان تقوم بازالة العوائق من امام عمل القطاع الخاص مثل بعض القوانين الموجودة، وان تسهل عمل واداء القطاع الخاص، لكنني لا أوصي بالتساهل مع أصحاب الأداء السيء، فالبعض يدخل كمستثمر لكنه يقوم بالاستغلال، ففي قضية منح العملات الصعبة بسعر تشجيعي قد بانت هذه القضية، وحدثت العديد من حالات الاستغلال، فيجب تشديد الرقابة لكن يجب ايضا مساعدة القطاع الخاص.
واشار الامام الخامنئي ان من الملاحظ بأن هناك بعض الاجهزة الحكومية او اجهزة الرقابة التي تلعب دور المعرقل للسرعة، فالانسان يشعر بالخجل حينما يرى بان هناك استيراد من الخارج لبضائع تنتجها المعامل الداخلية وبنسبة اكبر تفوق بـ 30 او 40 بالمئة حجم انتاج تلك المعامل، فهذا يعني وجود منافس للعامل الايراني وللمستثمر الايراني.
وان من أهم مصاديق ازالة العوائق ودعم الانتاج هو تنفيذ السياسات المنصوص عليها في البند الـ 44 من الدستور ، فحتى الان لم يتم العمل وفق تلك السياسات بشكل صحيح، وكان هذا سبب تراجع اقتصاد البلاد في العقد الماضي.
كما اكد الامام الخامنئي ان هناك قصور اعلامي في اظهار التقدم الحاصل في البلاد وما تحقق من الاماني وهناك عمل اعلامي يجب القيام به.
وتساءل الامام الخامنئي "هل ان هذا التقدم الذي اشار اليه رواد العمل في هذه الجلسة، يعلم به شبابنا وطلاب جامعاتنا ؟ ان الذين يرغبون في القيام بنشاط اقتصادي في البلاد هل يعلمون بأنه من الممكن مثلا انشاء وحدة انتاجية صغيرة في مدينة صغيرة ومن ثم وبعد فترة من الزمن يمكن مضاعفة ذلك النشاط بعشرات الاضعاف ؟ كما رأينا في معرض القطاع الخاص الذي زرناه يوم امس ؟ فهل يعلم هؤلاء بهذا التقدم؟
واردف سماحته: نحن قليلو العمل في اظهار التقدم الحاصل وتحقيق الاماني ، ومن الواجب القيام بعمل اعلامي لاظهار ذلك ، وهذا يتطلب عملا منفصلا ينبغي التباحث حوله والتفكير بشأنه.
واشار سماحته الى زيارته لمعرض انجازات القطاع الخاص يوم امس الثلاثاء قائلا انه ورغم ان تقدم القطاع الخاص هو من مصاديق تقدم البلاد لكن التقدم الحاصل في قطاع العلم والابحاث وباقي القطاعات هو ايضا من مؤشرات التقدم الواضحة رغم وجود المشاكل والعوائق التي يجب ان يحلها المسؤولون.
واعتبر الامام الخامنئي الاهتمام بالقدرات والامكانيات الداخلية امرا ضروريا بالكامل خاصة مع وجود الحظر والضغوط قائلا انه ينبغي الاستفادة الكاملة من هذه الامكانيات.
كما اعرب سماحته عن ترحيبه بانشاء فرق عمل تخصصية تابعة للقطاع الخاص للتوصل الى تحقيق النمو الاقتصادي بنسبة 8 بالمئة وقال ان هؤلاء الخبراء قد درسوا الطاقات وقدموا مشاريع للاستثمار وحددوا الحلول وعلى المسؤولين الحكوميين ان يتابعوا نتائج عمل فرق العمل هذه بشكل جاد ويطبقونها.
وانتقد سماحته من لا يعتقدون بامكانية تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 8 بالمئة في البلاد ويربطونه بالاستثمارات الاجنبية الكبيرة وغير الممكنة وقال " ان الخبراء في هذه الفرق العمل لم يربطوا تحقيق النمو بنسبة 8 بالمئة بالاستثمارات الاجنبية بل انهم ركزوا على القدرات الداخلية لتحقيق ذلك وعلى الحكومة ان تولي اهتماما بذلك وتساعد على تحقيقه حتما.
وشدد الامام الخامنئي ان استمرار النمو الاقتصادي بنسبة 8 بالمئة لا يصنع المعجزات لكنه اذا استمر فان عوائده وفوائده ستقسم بصورة عادلة وان اوضاع البلاد ستشهد تغييرا ملموسا.
واعتبر قائد الثورة الاسلامية التواجد في منظمات مثل مجموعة بريكس امرا هاما ايضا واشار الى ضرورة قيام المسؤولين الدبلوماسيين الايرانيين بالاستفادة القصوى من هذه الفرصة الكبيرة قائلا "ان النظام المالي لمجموعة بريكس، والذي يوفر امكانية التبادل المالي بالعملات المحلية للدول الاعضاء هو ايضا من الامكانيات المتاحة الهامة".
ونوه سماحته بان حذف الدولار من العلاقات التجارية يعتبر امرا ضروريا واضاف "ان هذا العمل الذي يتابعه رئيس الجمهورية ايضا هو عمل عظيم وهام في المواجهة الاقتصادية وهي خطوة حاسمة ومصيرية جدا وعلى البنك المركزي ان يفسح المجال امام العملات الاخرى ، ورغم ان ذلك سيتسبب بردات فعل لكنه سيقوي البلاد.
وقف اطلاق النار في غزة
وفي جانب آخر من كلمته اعتبر قائد الثورة الاسلامية وقف اطلاق النار والانتصار الذي حققته غزة مؤشرا واضحا على تحقيق التنبؤ ببقاء المقاومة حية وقال: ما يحدث امام اعين العالم يشبه الاساطير ، فماكينة حربية هائلة مثل اميركا تضرب المفاهيم الانسانية بعرض الحائط وتقدم القنابل الخارقة للتحصينات للكيان الصهيوني الجائر والمتعطش للدماء ويقوم هذا الكيان السفاك بقصف 15 الف طفل بها في المنازل والمستشفيات لكنهم يعجزون عن تحقيق اهدافهم.
وشدد سماحته انه لولا الاسناد الاميركي لانهار الكيان الصهيوني في الاسابيع الاولى ، واضاف " لقد قصف الصهاينة طوال عام وبضعة شهور كل ما استطاعوا من المنازل والمستشفيات والمساجد والكنائس في بقعة صغيرة مثل غزة وفي النهاية لم يعجز هذا اليان فقط عن تحقيق الهدف الذي رسمه رئيس وزرائه البائس أي تدمير حماس والسيطرة على غزة من دون وجود المقاومة بل انه اصبح مجبرا على الجلوس مع حماس على طاولة المفاوضات والقبول بشروطها لوقف اطلاق النار.
واعتبر الامام الخامنئي شموخ وانتصار المقاومة في معركة غزة من مصاديق تحقق السنن الالهية والانتصار نتيجة المقاومة، مشددا "اينما صمد وثبت الصلحاء فان النصر حتمي".
كما اشار سماحته الى الاقاويل النابعة من الوهم القائل بان ايران قد ضعفت وقال " ان المستقبل سيثبت من الذي ضعفت قدراته، كما توهم صدام بضعف ايران وشن عدوانه على ايران وحظي بدعم هائل من ادارة ريغان ايضا لكن في النهايةفانهما والعديد من المتوهمين الآخرين باتوا في الدرك الاسفل وبقيت الجمهورية الاسلامية تنمو يوما بعد يوم وان هذه التجربة يمكن تكرارها بعون الله تعالى".
سوريا، ما قبل السقوط وما بعده
ربما لم يكن سقوط حزب البعث في سوريا مفاجئاً للكثير من المتابعين سواء في حجم النقمة الشعبية ضدّه أو في توقيته، لكن من الضروري الاعتراف أنّ سرعة وبساطة هذا السقوط هو المفاجئ بالفعل، وهو ما يحتاج إلى دراسة، وبالرغم من أنّ المواقف العربية للقيادة السورية كانت محترمة بالفعل ورفضت الانسياق لكلّ دعوات التطبيع مع الكيان الصهيوني أو التخلّي عن موقفها المقاوم، إلّا أنّ أداءها في الشأن الداخلي السوري كان يحتاج إلى قدر أكبر من الثبات والقوة في مواجهة التغوّل الكومبرادوري داخل كلّ من الحزب والمجتمع السوري والذي ساهم إلى حدّ كبير في إسقاط النظام.
لقد كانت بداية الخلل المباشر الذي أصاب النظام في سوريا خلال العشرية الأولى من هذا القرن والذي شهد محاولة بعض النخب السياسية السورية الدفع باتجاه تبنّي سياسات السوق والاقتراض من المؤسسات الدولية، والسماح بتدفّق البضائع والاستثمارات التركية، وفي عام 2000 بلغت الصادرات التركية لسوريا 1,84 مليار دولار بينما بلغت الصادرات السورية لتركيا 629 مليون دولار وكان من المستهدف أن يصل حجم التبادل التجاري إلى 5 مليارات دولار.
مثّلت اتفاقية التجارة الحرّة بين البلدين التي تمّ تفعيلها في العام 2007، تتويجاً لحجم الاختراق التركي لسوريا، حيث رأى العديد من السوريين أنها مجحفة بحقهم، فقد كانت البضائع السورية تتحمّل رسوماً جمركية تبلغ 28% عند دخولها إلى تركيا تحت بند دعم الأسر الفقيرة، بينما كانت البضائع التركية تمرّ إلى سوريا من دون رسوم جمركية، ورغم إجحافها فقد دعمتها الكومبرادورية السورية.
لكن في المقابل أدّت هذه السياسات الجديدة إلى العديد من المشكلات الاقتصادية داخل المجتمع السوري كان لها تأثيرها، خاصة أنها ساهمت في تفخيخ الداخل السوري وتفجير العديد من الخلافات حتى في أوساط النخبة السياسية الحزبية التي شهدت عدداً من الانشقاقات كانشقاق عبد الحليم خدّام النائب الأول للرئيس الراحل حافظ الأسد، والعميد مناف مصطفى طلاس الذي سعى لدعم طبقة التجار السنية مستغلاً علاقته ببشار الأسد قبل أن يعلن انشقاقه عن حزب البعث في تموز/يوليو 2012 برفقة 23 ضابطاً سورياً وفرارهم إلى تركيا، حيث تضطرب بعض المرويّات حول علاقته بالاحتجاجات الأولى في عام 2011.
في كلّ الأحوال فقد تمكّن الغرب من اختراق سوريا وحتى العناصر القيادية في الجيش السوري بواسطة الأتراك، وهو ما سمح باشتعال الأزمة السورية في 2011، وهنا قد يبرز تساؤل: ما هي مصلحة تركيا في إشعال الأوضاع بسوريا رغم الفائدة الاقتصادية التي كانت تعود عليها من نظام حزب البعث؟
الواقع أنّ الأمر مرتبط بالصراع بين مشروعي خطي الغاز الطبيعي اللذين يمرّان عبر سوريا لإيصال الغاز إلى أوروبا، الخط الأول الذي يمرّ من إيران عبر العراق إلى سوريا ثم أوروبا ومن الواضح أنّ هذا المشروع كان بموافقة الروس، وبناءً عليه ستحصل سوريا على احتياجاتها من الغاز كما ستتحوّل إلى مركز لتصدير الغاز الإيراني بدلاً من تركيا، وقد تمّ توقيع مذكّرة تفاهم بين الدول الثلاث في 2011، وكان من المتوقّع أن يكون الخط جاهزاً للعمل في 2016. في المقابل اقترحت قطر مدّ خط غاز من أراضيها إلى سوريا عبر السعودية والأردن لينتهي في تركيا ومنها إلى أوروبا.
كان من شأن المشروع القطري – التركي أن يقلّل إلى حد كبير الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي، كما ستتحوّل تركيا إلى مركز توزيع للغاز الطبيعي إلى أوروبا، حيث ستلتقي عندها خطوط الغاز المقبلة من إيران (خط أنابيب تبريز – أنقرة) وأذربيجان (ممرّ الغاز الجنوبي) وأخيراً الخط القطري؛ وثمّة فائدة للكيان الصهيوني من هذا الخط، حيث كان سيتمكّن عبره من تصدير الغاز إلى أوروبا بعد أن تحوّل إلى كيان مصدّر للغاز.
إلا أنّ الحكومة السورية رفضت القبول بمشروع خط الغاز القطري – التركي، ووافقت على مشروع الخط الإيراني – السوري، والذي من شأنه تقوية وضع كلّ من إيران والعراق وسوريا مقابل إضعاف موقف تركيا في الشرق، ويبدو أنّ الحكومة السورية وضعت كذلك في اعتبارها، بالإضافة إلى مصالحها، مصالح حليفها الروسي ودور الكيان الصهيوني في الخط القطري – التركي.
يمكننا إذاً أن نفهم الأسباب التي أدّت إلى مشاركة الدول المعنية بخط الغاز القطري – التركي في الحرب التي تمّ إشعالها ضدّ سوريا بهدف إزاحة الرئيس بشار الأسد من السلطة، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية، وبالرغم من نجاح الأسد في الصمود وإعادة السيطرة على معظم المناطق السورية بدعم من روسيا وإيران وحزب الله، إلا أنّ الأوضاع التالية أظهرت خللاً أكبر داخل الواقع السوري بشكل عامّ.
كانت مشكلة النظام السوري الأولى هي العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليه، ومن أهمها قانون قيصر سيّئ الذكر الذي استهدف الأفراد والشركات التي تقدّم التمويل أو المساعدة للنظام السوري، كما استهدف عدداً من الصناعات السورية، وكان السبب في تعطيل مشروع خط الغاز العربي والذي كان سينقل الغاز المصري إلى الأردن وسوريا ثم لبنان. لقد صدر هذا القانون بدعوى حماية المدنيين السوريين، لكن من الواضح أنّ الغرض الحقيقي لإصداره هو إسقاط النظام السوري في قبضة الدول الخليجية التي سعت للإطاحة به.
وكانت هذه هي المشكلة الثانية حيث وافق النظام على عودة التواصل مع الأطراف المسؤولة عن الخراب والدمار الذي شهدته سوريا في محاولتهم إسقاط حكمه، وتحت ضغط العقوبات وبعض أجنحة النظام ذاته، تمّ تبنّي سياسات صندوق النقد الدولي عبر تقليص الدور الاجتماعي للدولة فتمّت عمليات دمج وتصفية لعدد من شركات القطاع العامّ، كما تراجع الدعم الحكومي عبر استخدام عناوين سيئة السمعة مثل عقلنة الدعم وتوجيهه إلى مستحقّيه.
كانت النتيجة المباشرة لهذه الممارسات هي اتساع حجم الناقمين على النظام بين الجماهير السورية، بما يعني تهيئة الأوضاع الداخلية لإسقاطه، وبالرغم من استجابة النظام السوري للضغوط الخارجية وخاصة الخليجية لتقليص علاقته مع إيران وعدم مشاركته في طوفان الأقصى، فمن الواضح أنّ تطوّرات الحرب أجبرت كلاً من الأميركيّين والكيان الصهيوني على منح الضوء الأخضر للأتراك كي يقوموا بهذا التحرّك الأخير والذي أسقط نظاماً عريقاً في سوريا من دون أدنى مقاومة من الجيش السوري.
تبقى الآن ضرورة الإجابة عن السؤال الأكثر أهمية: ماذا بعد سقوط البعث في سوريا؟
بغض النظر عن الطريقة السهلة التي سقط بها النظام، وخلفيّاتها والتي من الصعب التأكّد منها حالياً، فمن الواضح أن سوريا ستشهد صراعاً ضخماً بين المشروعات المختلفة في الفترة المقبلة، ومع أنّ معظم هذه المشروعات تنطلق وتصبّ في مصلحة المشروعات الأميركية بالمنطقة العربية، إلا أنّ هناك تفاصيل تخصّ كلّ مشروع على حدة من الممكن أن تؤدّي إلى تغليب الصراع بين اللاعبين الساعين لاستغلال الوضع السوري لمصلحتهم، ومثل هذا الصراع ربما تكون نتيجته الأسوأ هي تقسيم سوريا بالفعل إلى دويلات طائفية وربما عرقيّة كذلك.
هناك المشروع التركي التقليدي والذي يسعى بكلّ السبل للسيطرة على المنطقة حلب – الموصل، وهو ما لا يخفيه الأتراك أصلاً، وفي العام 2016 طالب الرئيس التركي إردوغان بضرورة تعديل اتفاقية لوزان الموقّعة سنة 1923 وتنازل بموجبها مصطفى كمال أتاتورك مجبراً عن حلب والموصل، واصفاً هذا التنازل بكونه خيانة للشعب التركي، بعدها نشرت إحدى الصحف المقرّبة من حزبه خريطة لتركيا تضمّ كلّاً من الموصل وحلب وكركوك، في إشارة واضحة إلى الأطماع التركية بخصوص هذه المناطق.
يمكننا هنا أن نعدّد حجم المزايا التي ستعود على الأتراك من تحقيق هذا المشروع سواء بضمّ هذه الأراضي العربية إلى دولتهم أو في حال تمّ تحويلها إلى دويلات تابعة لهم، لعلّ أهمها الاستفادة من حقول النفط في الموصل وكركوك، والقضاء على أيّ فكرة لإقامة دويلة كردية في سوريا، ناهيك عن محاصرة الحكم الذاتي الكردي في العراق.
إن الخطوات العملية لتنفيذ هذا المشروع التركي، بدأت منذ محاولات الأتراك الغزو الاقتصادي لسوريا خلال العشرية الأولى لهذا القرن، ثم الحرب المدمّرة لإسقاط النظام السوري، مروراً بالانتصار الآذري على أرمينيا، والذي حوّل إردوغان إلى زعيم للأمّة التركية، وما امتلكه من أوراق ضغط عبر استخدام الأقلية التركمانية في سوريا والذين كانوا في طلائع المعادين لنظام البعث والمتحمّسين لإسقاطه.
ولا يبدو واضحاً ما إذا كانت القيادات الروسية وحتى الصينية تدرك خطورة هذا التطوّر على الداخل في روسيا والصين معاً، حيث يضمّ الاتحاد الروسي أقلّيات تتحدّث بالتركية كشعوب التتر والباشكورد والياكوت والتوفالار. بالإضافة إلى تأثيره المتصاعد في وسط آسيا الممتد حتى إقليم سنكيانج غرب الصين، مستخدماً الصفتين التركية والدينية السنية.
بالرغم من أنّ المشروع التركي يأتي في إطار المشروعات الأميركية عموماً لتفتيت الوحدات السياسية في الشرق العربي، إلا أنه قد يكون متعارضاً في بعض تفاصيله مع تصوّرات الأميركيّين والكيان الصهيوني وحتى أوروبا الغربية بخصوص الكرد سواء في سوريا أو حتى العراق، حيث تسعى الأطراف الغربية لتثبيت وضع دويلة كردية ذاتية الحكم في سوريا.
هناك كذلك مشروع سعودي يسعى لقيادة الأكثرية السنية في سوريا وامتداداتها في لبنان لمواجهة المقاومة التي يقودها حزب الله وإعادة السيطرة على الواقع اللبناني، وسيعمل على أن يكون النظام الحاكم في دمشق موالياً له، ومثل هذا المشروع قد يصطدم بكلّ تأكيد مع الطموحات التركية في حلب والموصل.
المشروع الصهيوني كذلك بدأ تنفيذه بالفعل عبر محاولة دعم الدروز، كما تشير الإعلاميات الصهيونية، والسعي إلى تأسيس كيان درزي في السويداء، سيكون له أثره السلبي في لبنان، ما يعني أنه يرغب في توسيع أراضيه عبر إنشاء كيان تابع يضمّ أقليّة طائفية تشعر بالتهميش في الوسط الإسلامي.
أما المشروع الروسي والذي يعتبر خاسراً حتى الآن، ولا أحد يمكنه أن يتنبّأ بالطريقة التي سيتعامل بها مع الأوضاع السورية الجديدة، لكن المنقذ الوحيد للروس هو تأسيس كيان علوي بأيّ صيغة (الاستقلال أو الحكم الذاتي) في الساحل السوري بمحافظتي اللاذقية وطرطوس، واللتين تضمّان القواعد العسكرية الروسية، وبالتالي يمكن للروس عبر رعاية هذه الدويلة الإشراف على آبار الغاز في البحر المتوسط، وهو ما سيواجه بمعارضة شرسة من المشروعات السابقة بكلّ تأكيد، لأنه سيمثّل تهديداً لتركيا التي يوجد فيها 20 مليون علويّ، كما سيعني أن الضربة الأميركية للروس في شرق المتوسط والتي تهدف لحرمانهم من السيطرة على الغاز صارت بلا معنى تقريباً، وربما تمثّل تهديداً للوجود الأميركي، التركي والسعودي في سوريا ولبنان.
إنّ فكرة تقسيم سوريا وبلدان عربية أخرى ليست مجرّد توقّعات أو رؤى تشاؤمية، وإنما هي مشروعات معلنة منذ ثمانينيات القرن الماضي، فسبق أن أشار إليها ضابط المخابرات الصهيوني السابق أودد ينون سنة 1982 في مقال بمجلة كفونيم بعنوان "استراتيجية لإسرائيل في الثمانينيات"، وقد أعقبها ظهور مشروع المستشرق برنارد لويس عام 1992 والذي تشابه مع رؤية ينون مع بعض التعديلات.
لكنّ مشروع التقسيم برز بوضوح في عام 2006 بعدما استخدمت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس تعبير الشرق الأوسط الجديد أثناء زيارتها لـ "تل أبيب"، وفي توقيت متقارب كتب الخبير العسكري الأميركي رالف بيترس مقالاً بعنوان "الحدود الدموية... كيف يمكن رؤية الشرق الأوسط بشكل أفضل" بالمجلة العسكرية الأميركية، وتضمّن المقال رؤيته لتقسيم المنطقة على أساس عرقي وطائفي.
وفي عام 2013 طرحت الصحافية روبن رايت في مقال لها بصحيفة نيويورك تايمز مقترحها لتقسيم خمس دول عربية هي العراق، سوريا، اليمن، السعودية وليبيا إلى 14 دولة. ومن الملفت أنّ هذه المشروعات لم تستبعد السعودية من مشروعات التقسيم.
لكن ماذا عن الموقف الإيراني؟ لقد قامت العلاقات الأساسية بين إيران وسوريا في أحد أهم جوانبها بناء على عداء كلا النظامين للكيان الصهيوني، وبالتالي يعتبر كلّ من ساسة الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وحتى أوروبا أن إيران تعدّ الخاسر الأكبر في سقوط نظام البعث السوري.
لكن في المقابل يبدي الساسة الإيرانيون هدوءً ملفتاً وثقة في أنّ تطوّرات الأحداث في سوريا ستصبّ بمصلحة المقاومة للكيان الصهيوني والوجود الأميركي في سوريا بالنهاية، وربما كان لتجربتهم في أفغانستان صدى في هذا الشأن، حيث تمكّنوا من ترويض حركة طالبان وتحويلها، وهي المعادية الأيديولوجية للشيعة عموماً، إلى حليف تمكّن من طرد الأميركيين بشكل كامل وبناء علاقات قوية مع كلّ من الصين وروسيا بالإضافة طبعاً إلى إيران.
في كلّ الأحوال تثبت التجارب التاريخية أنّ لجوء الأميركيين والصهاينة لبعثرة الأوراق في أيّ كيان سياسي، لا يؤدي دائماً إلى النتائج التي يتوقّعها الأميركيون، فالحرب الأهلية في لبنان لم تؤدِ أبداً إلى القضاء على القضية الفلسطينية كما أرادتها أميركا والكيان الصهيوني، وإنما انتهت لتأسيس مقاومة كبرى كحزب الله في الجنوب اللبناني تمكّنت من دحر الكيان الصهيوني وجيش لحد العميل في عام 2000، وتكرّر الأمر في العام 2006 وفي الحرب الأخيرة حيث فشل الكيان الصهيوني بالبقاء كيلو متر واحد داخل لبنان.
سوريا، ما قبل السقوط وما بعده
كانت مشكلة النظام السوري الأولى هي العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليه، ومن أهمها قانون قيصر سيّئ الذكر الذي استهدف الأفراد والشركات التي تقدّم التمويل أو المساعدة للنظام السوري.
أحمد صبري السيد علي
خليل الحية: "طوفان الأقصى" كانت منعطفا مهما في تاريخنا والمقاومة لن تتوقف بعدها
قال خليل الحية نائب رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن معركة طوفان الأقصى تمثل منعطفا مهما في تاريخ الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن المقاومة لن تتوقف بعد هذه المعركة.
وأضاف الحية -في كلمة متلفزة بعد إعلان اتفاق وقف إطلاق النار رسميا- إن ما قامت به نخبة القسام في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 من إعجاز وإنجاز عسكري وأمني "سيبقى مفخرة لشعبنا ومقاومتنا تتناقله الأجيال جيلا بعد جيل، وقد أصابت كيان العدو في مقتل".
وأكد أن الاحتلال حاول منذ بدء الحرب القضاء على المقاومة وتدمير قطاع غزة وتهجير أهله وتغيير شكل المنطقة وتصفية قضية فلسطين، مضيفا "الاحتلال المجرم اصطدم بصلابة شعبنا وتمسكه بأرضه فلم يحقق أيا من أهدافه".
حاربنا ببسالة ووصلنا لاتفاق مشرّف
وأوضح الحية أن المقاومين من كتائب القسام الجناج العسكري لحركة حماس ومقاتلي الفصائل الأخرى -وعلى رأسها سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي– قاتلوا بشرف وبطولة وحوّلوا آليات الاحتلال إلى توابيت متفحمة.
وشدد على أن الاحتلال لم يتمكن من استعادة أسراه إلا بصفقة مع المقاومة تتضمن وقفا للحرب والعدوان وتبادلا مشرفا للأسرى، مضيفا أن "صمود شعبنا أجهض أهداف العدوان المعلنة وغير المعلنة".
إعلان
وقال الحية إن الفلسطينيين ظلوا شامخين ثابتين في أرضهم حتى آخر لحظة، معربا عن الشكر "لكل من وقف مع شعبنا ومقاومتنا، خصوصا جبهات الإسناد المتمثلة في حزب الله والجماعة الإسلامية في لبنان".
وأكد أن هذه الجبهات "أبلت بلاء حسنا وحولت حياة الاحتلال إلى جحيم وتشريد وقدّمت تضحيات كبيرة تجسد أخوة الإسلام والعروبة".
كما شكر الحية أنصار الله (الحوثيون) الذين قال "إنهم تجاوزوا الحدود وغيروا قواعد الحرب والمنطقة وأطلقوا الصواريخ والمسيّرات على قلب الكيان وحاصروه في البحر الأحمر".
وتابع "كما نستذكر الإخوة في إيران التي دعمت مقاومتنا وشعبنا وانخرطت في المعركة ودكت قلب الكيان في عمليات الوعد الصادق، وكذلك المقاومة في العراق التي اخترقت كل العوائق لإسناد فلسطين ومقاومتها ووصلت صواريخها إلى الأرض المحتلة".
وقدّم الحية الشكر للمقاومة في الضفة الغربية، خصوصا في مخيم جنين والقدس المحتلة والداخل المحتل، وأعرب عن الشكر للوسطاء في قطر ومصر على ما بذلوه من جهود منذ اللحظة الأولى وحتى لحظة التوصل إلى الاتفاق.
كما أعرب عن الشكر لكل الدول التي دعمت الفلسطينيين، وذكر كلا من جنوب أفريقيا وتركيا وماليزيا وإندونيسيا والجزائر والصين، وكل من حاول الدفاع عن فلسطين بالقول والفعل والمقاطعة.
سنحاسب الاحتلال وداعميه
وتابع الحية "سيستعيد شعبنا كامل حقوقه، وسيندحر هذا الاحتلال عن أرضنا ومقدساتنا قريبا"، مؤكدا أن "ما قام به العدو وداعموه من إبادة جماعية وجرائم نازية ومعاداة للإنسانية على مدار 467 يوما سيبقى محفورا في ذاكرة شعبنا والعالم إلى الأبد كأبشع إبادة جماعية في العصر الحديث ستبقى وصمة عار على جبين الإنسانية والعالم الصامت المتخاذل".
وأكد أن الشعب الفلسطيني لن ينسى من قدّم الدعم للعدو من خلال توفير أطنان القنابل التي ألقيت على رؤوس أهل غزة.
وقال "إن كل هؤلاء المجرمين سيلقون جزاء ما قدموا وما فعلوا ولو بعد حين"، مضيفا "إننا نرفع رؤوسنا بمقاومتنا ونفخر بأبطالنا وبشعبنا الصابر، ولن يرى عدونا منا لحظة انكسار".
وتابع "لن ننسى ولن نغفر، وليس منا ولا فينا من يمكنه التضحية بكل هذه الآلام"، مؤكدا أن "العدو حاول تحقيق الأهداف التي أعلن بعضها ولم يعلن عن بعضها الآخر".
ومضى يقول "نقف وقفة إجلال أمام كل الذين ارتقوا في معركة طوفان الأقصى من رجال ونساء وأطفال وشيوخ وأطباء وإعلاميين ورجال دفاع مدني، وغيرهم ممن قضوا في معركة الدفاع عن القدس والأقصى".
وأضاف "نستذكر اليوم الشهداء من القادة إسماعيل هنية ويحيى السنوار وصالح العاروري وكل من قدّموا أرواحهم خلال هذه المعركة".
وأكد الحية أن القطاع أمام مرحلة جديدة تتمثل في إزالة آثار العدوان وإعادة الإعمار، والتي قال إنها "مرحلة تضامن وتعاطف يجب أن نثبت خلالها للعالم أننا شعب حر، وكما كنا متكاتفين خلال الحرب فلنكن كذلك بعدها".
وختم بالقول إن "أسرانا الأبطال على موعد مع فجر الحرية، وإننا سنواصل الاتصال مع بقية الفصائل الفلسطينية لبناء وحدتنا الوطنية وتحقيق دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس".
المصدر:الجزيرة
حرس الثورة: اتفاق وقف النار في غزة هزيمة متعددة الجوانب للاحتلال ونحذره من خرقه
بعد إعلان الاتفاق عن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، أكد حرس الثورة في إيران أن "هذا الانتصار الكبير الحق هو هزيمة متعددة الجوانب للكيان الصهيوني لا يمكن تعويضها"، محذراً من قيام الكيان الصهيوني بانتهاك الاتفاق.
وأشار حرس الثورة، في بيان، إلى أن "التاريخ سجل حقيقة واضحة هي أن جرائم الكيان لم تحقق له أي إنجاز، فيما بقيت المقاومة حية وقوية وماضية نحو تحرير القدس".
ورأى أن "الكيان الصهيوني المدعوم من الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين والإقليميين استسلموا أمام صبر غزة ومقاومتها وإراداتها الاستثنائية".
وقال: "في هذه الملحمة التاريخية، نستذكر الشهداء إسماعيل هنية والسيد حسن نصر الله ويحيى السنوار وصالح العاروري، ونهنئ الشعب الفلسطيني بهذا النصر"، مضيفاً أن إيران تثني على جبهات المقاومة في غزة ولبنان واليمن والعراق.
يذكر أن تنفيذ الاتفاق سيبدأ يوم الأحد المقبل، في الـ19 من الشهر الحالي، وسط ترحيب عربي ودولي بالخطوة ودعوات لدعم إعادة الإعمار وإيصال المساعدات إلى قطاع غزة.