
emamian
قائد الثورة: اليمنيون قطعوا شرايين الاحتلال الحيوية دون الخوف من تهديدات امريكا
واستقبل قائد الثورة الاسلامية آية الله العظمى السيد علي خامنئي صباح اليوم الثلاثاء ائمة الجمعة في مختلف انحاء البلاد في حسينية الامام الخميني (رض) بطهران.
واكد اية الله خامنئي في هذا اللقاء ان الشعب اليمني وحكومة صنعاء قاموا حقاً بعمل كبير دعماً للشعب الفلسطيني، لافتا الى ان الولايات المتحدة الامريكية هددت اليمنيين لكنهم لم يخافوا وما قاموا به للحق والإنصاف هو معيار للجهاد.
واكد قائد الثورة الاسلامية في هذا اللقاء ان هناك إجماعا واسعا بأن الكيان الصهيوني خسر الحرب في غزة وأصبح مهزوما ومتفككا، معربا عن أمله بأن يستمر هذا الجهاد والمقاومة والتحركات حتى النصر.
وأكد قائد الثورة أننا اليوم نستطيع أن نرى يد الله في قضية غزة الدولية. وقال: إن شعب غزة المظلوم والمقتدر استطاع أن يؤثر على العالم بنضالاته، واليوم ينظر العالم إلى هؤلاء الناس ومقاتليهم وجماعة مقاومتهم كأبطال.
كما اكد سماحته على ان مشاركة الشعب في ادارة الامور يعتبر مبدأ اسلاميا، مشددا على ان المشاركة في الانتخابات ليست مجرد واجب، بل هي حق الشعب.
واعتبر الإمام الخامنئي أنه من الضروري تشجيع الشعب على المشاركة في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية وذلك في خطب صلاة الجمعة. وأضاف: تشجيع الناس على أعمال الخير الاجتماعية مثل المشاركة في بناء المدارس والمستشفيات والمساعدة في إطلاق سراح السجناء المحتاجين أو تشجيعهم على المشاركة في المجال السياسي مثل الانتخابات أمر ضروري.
وتطرق سماحته الى حلول شهر رجب ألاصب، موضحا ان شهر رجب شهر مبارك، رحمة الله في متناول الناس الذين تذكر قلوبهم الرب طوال هذا الشهر.
واكد قائد الثورة ان أفضل عمل يقوم به الإنسان في هذا الشهر هو الاستغفار، وقال: نحن جميعا بحاجة حقا إلى طلب المغفرة، فلنعوذ بالله العظيم .
واضاف: إن استغفار الله هو أعظم نعم الله تعالى على الإنسان في الدنيا والآخرة، حتى الاولياء الإلهيون، وحتى رسول الله (ص)، بحاجة إلى مغفرة الله ، لِیَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبكَ وَمَا تَأَخَّرَ.
واوضح سماحته ترجع هذه المغفرة إلى حقيقة أنه لا يمكن لأحد أن يؤدي حق طاعة الله وعبادته، مؤكدا على انه لا يوجد من يستطيع أن يوفي حق عبادة الله سبحانه وتعالى، كما يستحق، ومهما جاهد فلن يستطيع.
وقال سماحته: نحن بحاجة إلى المغفرة، نحن جميعا بحاجة إلى طلب المغفرة، مضيفا: إن شعبنا شعب طيب ومؤمن، حتى أولئك الذين لا يراعون بعض جوانب الشريعة.
واكد قائد الثورة إن التعاطف مع الناس ومحبتهم من واجبات إمام الجمعة.
مقتل مسؤولين من 'الموساد' و'داعش' بصواريخ حرس الثورة الاسلامية
وأكد حرس الثورة الاسلامية في 3 بيانات لدى اشارته الى هذه العمليات، أن عدة صواريخ باليستية أطلقت على مقار تجمع القادة والعناصر الرئيسية للعمليات الارهابية الأخيرة وخاصة داعش في الأراضي السورية المحتلة ومقر التجسس الصهيوني الموساد في اربيل الذي تم تدميره في هذه العمليات.
وبحسب وكالة انباء "فارس" الايرانية "كان مقر الموساد في اربيل الذي يقع على بعد ۱۵ کیلومترا خارج المدينة وتم بناؤه وكأنه منزل سياحي (فيلا) للتمويه في حين لم يتم بناء منازل قريبة منه، يعتبر ثالث مقر محصن للموساد في المنطقة وهو مبني على شكل طبقتين من الخرسانة ويضم جهاز رادار وأجهزة التنصت".
واضافت الوكالة :"قد هلك في العمليات التي نفذت ضد مقر الموساد 4 من كبار المسؤولين في هذا الجهاز الصهيوني، الذين كانوا تحت السيطرة الاستخبارية الكاملة من قبل الامن الايراني".
واشارت وكالة فارس ان "الهجوم الصاروخي الذي نفذته الجمهورية الاسلامية الايرانية على مواقع الارهابيين في ادلب السورية ادى الى مقتل عدد من كبار قادة عصابة داعش الارهابية.
هذا وأكدت مصادر إعلامية بأن رجل أعمال كردي يدعى "بيشرو دزيي" لقي مصرعه، جراء استهداف حرس الثورة الاسلامية مقرات تجسس للكيان الصهيوني في اربیل، بالصواريخ.
وكشفت بعض المعلومات بأن رئيس شركة فالكون للأمن والحراسة المقتول "بيشرو دزيي" هو كان غطاء للموساد الصهيوني والمسؤول عن حمايتهم في أربيل ومسؤول الدعم اللوجستي لهم.
ماذا قال الإعلام العبري عن عملية قصف حرس الثورة مواقع ارهابيين بسوريا؟
وقالت وسائل إعلام عبرية بأن الصواريخ الباليستية التي أطلقتها إيران أمس نحو شمال غربي سوريا قطعت مسافة 1230 كلم.
وأكد الإعلام العبري أن إيران تطلق للمرة الأولى صاروخاً عملياتياً إلى هذه المسافة.
يأتي ذلك بعدما أعلن حرس الثورة الإسلامية في إيران، فجر الثلاثاء، استهدافه تجمعات لإرهابيين في سوريا مرتبطين بالعمليات الإرهابية التي نُفِذت في إيران مؤخراً، ومقراً للموساد الإسرائيلي في إقليم كردستان رداً على اغتيال قادة حرس الثورة ومحور المقاومة.
تجدر الإشارة إلى أن تفجيرين إرهابيين وقعا في محافظة كرمان الإيرانية جنوبي شرقي البلاد على الطريق المؤدية إلى مرقد الشهيد القائد قاسم سليماني في الثالث من كانون ثاني/يناير. وأدى التفجيران إلى ارتقاء 84 شهيداً وإصابة اكثر من 200 شخص.
واعتقلت قوات الأمن الإيرانية 9 عناصر من المشاركين في التخطيط للعملية الإرهابية وتنفيذها.
وقبل الاعتداءين الإرهابيين في إيران، وتحديداً في 25 كانون الأول/ديسمبر الماضي، استُشهد القائد البارز في حرس الثورة، رضي موسوي، من جراء عدوان إسرائيلي استهدف محيط منطقة السيدة زينب في ريف العاصمة السورية دمشق.
وبعيد عملية الاغتيال، توعدت طهران الاحتلال الإسرائيلي بأن عملية الاغتيال لن تبقى من دون رد.
حرس الثورة الاسلامية یقصف مقرات تجسسية تابعة للموساد والارهابيين بالمنطقة
وأعلن حرس الثورة الاسلامية في بيانه الاول عن تدمير مقرات تجسس وتجمع الجماعات الإرهابية المناهضة لإيران في أجزاء من المنطقة بالصواريخ الباليستية.
وجاء في البيان الصادر: نعلن للشعب الايراني الابي والبطل انه بالتوكل على الله عز وجل وبركات ولي العصر (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، ردا على الجرائم الإرهابية الأخيرة التي ارتكبها أعداء إيران الإسلامية، فقد تم استهداف وتدمير مقرات التجسس والتجمع للمجموعات الإرهابية المناهضة لإيران في أجزاء من المنطقة منتصف الليلة بالصواريخ الباليستية لحرس الثورة الاسلامية.
وفي البيان الثاني الصادر عن حرس الثورة الاسلامية جاء أنه ردا على جريمتي كرمان وراسك اللتين استهدفتا الشعب الايراني قام حرس الثورة الاسلامية بتحديد اماكن تجمع القادة والعناصر الرئيسية للارهابيين الضالعين في العمليتين الارهابيتين الاخيرتين، وخاصة تنظيم داعش، في الاراضي المحتلة في سوريا ومن ثم تم تدميرها باطلاق عدة صواريخ باليستية.
واضاف: ان حرس الثورة الاسلامية يطمئن الشعب الايراني العظيم أنه سيجد الجماعات الإرهابية المناوئة للشعب الايراني أينما كانت وسوف يعاقبها على أفعالها المشينة.
اما البيان الثالث الذي اصدره حرس الثورة الاسلامية لاحقا فقد اوضح بأن مقرا لجهاز الموساد الصهيوني تم تدميره بالصواريخ الباليستية في اقليم كردستان العراق.
وجاء في البيان: ردا على الاعمال الشريرة الاخيرة للكيان الصهيوني والتي ادت الى استشهاد قادة من حرس الثورة الاسلامية ومحور المقاومة، فقد تم استهداف وتدمير احد المقرات الرئيسية للموساد الصهيوني في اقليم كردستان العراق وذلك بعد اشراف وسيطرة استخبارية دقيقة على مقرات وتحركات الكيان الصهيوني بالمنطقة.
واوضح البيان بان هذا المقر كان مركزا لتوسيع العمليات التجسسية والتخطيط للعمليات الارهابية بالمنطقة وداخل ايران على وجه الخصوص.
واضاف: اننا نطمئن شعبنا العزيز بأن عمليات حرس الثورة الاسلامية ستتواصل حتى الثأر لآخر قطرة من دماء الشهداء.
مآلات "سوء التقدير" والعدوان الأميركي-البريطاني على اليمن
ليل الثاني عشر من كانون الثاني/يناير، وفي التوقيت ذاته الذي بدأ فيه العدوان الأميركي - السعودي على اليمن عام 2015، شنّت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا عدواناً غير مبرر وغير مشروع على العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات الحُدَيْدة وتعز وحجة وصعدة وذمار، فاتحتين مرحلة جديدة وخطيرة من التصعيد تهدد السلم والأمن الإقليميين، والملاحة البحرية، بل وتهدد الأمن والسلم الدوليين باعتبار حساسية البحر الأحمر وباب المندب في ما يتعلق بالتجارة العالمية وإمدادات الطاقة، ما يؤكد حقيقة أن واشنطن ولندن و "تل أبيب" هي المهدد الأساسي لأمن الملاحة البحرية وسلامتها، والجهة التي تدفع المنطقة إلى فوهة بركان قد ينفجر في أي لحظة.
لم يكن العدوان الأميركي -البريطاني على اليمن، أمراً مفاجئاً بالنسبة إلى كثير من المراقبين اليمنيين ونحن من بينهم، إذ سبق العدوان موجة من التسريبات والتصريحات والتسويق له كجزء من إدارة المعركة على مستوى الحرب النفسية، وكجزء من دفاعهما المشترك عن كيان العدو الإسرائيلي وتوفيرهما المظلة العسكرية لضمان استمرارية العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في غزة والضفة، وللشهر الرابع على التوالي.
لماذا اليمن، وفي هذا التوقيت؟
أما لماذا اليمن وفي هذا التوقيت؟ فهناك اعتبارات كثيرة قد تشكل تفسيراً لهذه الحماقة الاستراتيجية والهستيريا الأميركية-البريطانية تحديداً، أولها أن هاتين الدولتين (أميركا وبريطانيا) هما الراعيتان الأساسيتان تاريخياً لكيان العدو الإسرائيلي منذ زرعه في فلسطين المحتلة، بمعنى أن هناك دوراً عضوياً بين أميركا وبريطانيا من جهة وكيان العدو من جهة أخرى.
الأمر الآخر أن هناك علاقة وظيفية لكيان العدو منذ خمسة وسبعين عاماً خلت بهاتين الدولتين الاستعماريتين، إذ ترى واشنطن ولندن أن هذا الكيان المؤقت قلعة وجبهة عسكرية أمنية متقدمة في منطقتنا، ويعزز ذلك ما أعلنه الصهيوني بايدن، من أنه " لو لم تكن إسرائيل موجودة لأوجدناها".
والأهم من ذلك، فاعلية الموقف اليمني الذي وظّف موقعه الجيوستراتيجي على باب المندب وثلاث واجهات بحرية لمناصرة فلسطين، والضغط لإنهاء العدوان والحصار المفروضين على غزة منذ قرابة أربعة أشهر، من خلال منع مرور السفن التجارية الإسرائيلية وتلك المتجهة إلى "إسرائيل"، وفرض حظر بحري على الكيان في البحر الأحمر وخليج عدن، والبحر العربي.
يجب أن نميّز بين الميداني والسياسي، فأميركا ومعها الذيل البريطاني تدّعيان ميدانياً أنهما نفّذتا "ضربة قاسية" للبنية التحتية الصناعية للصواريخ والمسيّرات، واستهدفتا المنشآت التي تصنع الطائرات والمسيّرات، وبالتالي ادعاء أنهما نجحتا في نسج صورة انتصار " لإنهاء التهديد" من وجهة نظرهما، لكن هذا الادعاء وهذا الزيف سينكشفان سريعاً مع بداية الرد اليمني المزلزل على هذا العدوان وهذه الحماقة، سواء من خلال استهداف القطع العسكرية الأميركية والبريطانية المهددة لأمن المنطقة واستقرارها، وأمن الملاحة وأمن اليمن، أو من خلال استمرار معادلة الحظر البحري على "إسرائيل" في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي.
وبالطبع، سيتضح حينها "سوء التقدير" لدى الدولتين الاستعماريتين اللتين لم تتعظا من عدوان أدارتاه على اليمن على مدى تسع سنوات ولا تزالان، إذ كيف يمكن أن تردع اليمن شعبياً وعسكرياً بـ "عملية خاطفة" وبـ 73 ضربة جوية وبحرية، وهي التي خرجت للتو كقوة إقليمية بعد قصفها بأكثر من ربع مليون غارة، بمعنى أن اليمن الذي لم يرتدع ولم يخضع خلال عدوان التسعة أعوام، لن يردعه عدوان سويعات في آخر ليلة الثاني عشر من كانون الثاني/يناير، وكيف ستردع بلداً تمرس على مدى تسع سنوات على امتصاص الصدمات وتحويل التهديدات إلى فرص.
يدرك الأميركي والبريطاني، هذه الحقيقة، وارتداداتها على المستوى السياسي لبايدن وسوناك في الداخل الأميركي والبريطاني، لأنهما خالفا قوانين بلديهما وتجاوزا المؤسسات التشريعية فيهما، كما تجاوزا الشرعية الدولية ومواثيق الأمم المتحدة بالعدوان على بلد ذي سيادة.
هذه الحقيقة انعكست في البيانات المرتبكة وغير المقنعة لبايدن وسوناك عقب العدوان، ومن خلال الانقسام الحاصل في الكونغرس الأميركي ومجلس العموم البريطاني من ناحية، والانتقادات الدولية والإقليمية من ناحية أخرى، وعلى رأس المنتقدين الدوليين روسيا والصين، وفي المنطقة دول وازنة أيضاً وفي مقدمتها إيران وتركيا ومصر والعراق و الجزائر وسلطنة عمان وكثير من الدول، فيما ظهرت السعودية والإمارات كمن يريد أن يقول لليمن بأن لا علاقة لنا بالعدوان الأخير على اليمن، ببساطة لأنهما قد جربتا تبعات التوريط الأميركي في العدوان على اليمن، ولا تزالان تشعران بمرارة الخذلان الأميركي إلى اليوم، مقارنة بـ "إسرائيل" التي تقاتل أميركا وبريطانيا بالنيابة عنها، وتوفران لها الغطاء السياسي والمالي والعسكري، فيما تعرضت السفن السعودية والإماراتية خلال عدوان السنوات التسع للاستهداف في البحر الأحمر، وتلقت منابع الطاقة والعمق الاستراتيجي فيهما الضربات اليمنية الدفاعية من دون أدنى حماية أميركية - بريطانية بخلاف "إسرائيل".
ومن منطلق التجربة، تدرك أميركا وبريطانيا جيداً أن اليمن ليس ممن يحتفظ بحق الرد، وأن الرد اليمني قادم ومحتوم ومحسوم، ومع ذلك تعرضان مصالحهما للخطر دفاعاً عن الكيان الصهيوني، وتخشيان في الوقت ذاته تبعات الرد، وهذا ما يفسر التهديدات الأميركية - البريطانية يمنة ويسرة بتكرار حماقتهما على اليمن، على أن تكرار هذه الحماقات الاستراتيجية قد يوسع ويؤجج رقعة الصراع في منطقة غرب آسيا برمتها، وهذا لا يخدم أولوياتهما في أوكرانيا وبحر الصين، كما لا يخدم الاستحقاقات السياسية التي هم مقبلون عليها ومن بينها الانتخابات الأميركية الوشيكة، إذ إن الناخب الأميركي قد يجد نفسه أمام محطات فارغة من دون وقود أو بأسعار خيالية لا تخدم بايدن في معركته الانتخابية، وقد بدأت المؤشرات بارتفاع النفط عالمياً بنسبة 2% بعد وقت قصير من العدوان الأميركي - البريطاني على اليمن.
التبعات السياسية والعسكرية للعدوان المشترك
من شأن العدوان الأميركي - البريطاني أن يوسع دائرة السخط الشعبي والسياسي على البلدين المعتديين على مستوى اليمن والإقليم، وقد بدا ذلك ملموساً من خلال البيانات الصادرة عن عدد من دول الإقليم بينها تركيا وعمان والجزائر والعراق وإيران...الخ، وعلى المستوى الداخلي، ظهرت مواقف من المحسوبين على الأطراف المناوئة لأنصار الله مندّدة بهذا العدوان، وهذا من شأنه أن يخلق اصطفافاً وطنياً وبما لا تشتهيه سفن واشنطن ولندن، كما أن مسيرات التحدي المليونية في صنعاء والمحافظات تظهر الإجماع الوطني الداعم لخيارات صنعاء العسكرية ضد هذا العدوان ولمساندة غزة.
أما التبعات العسكرية، فستكون وخيمة جداً على أميركا وبريطانيا، وهذا ما أوحت به التصريحات الحاسمة من مختلف المستويات السياسية والعسكرية في صنعاء، إذ سبق أن أكد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي أن "أي عدوان أميركي لن يمر من دون رد"، وأن "الرد على أي عدوان جديد سيكون أكبر من الرد السابق على جريمة استهداف منتسبي البحرية"، ما يعني أننا أمام استحقاق عسكري قادم لا محالة.
وبعد ساعات من العدوان الأميركي -البريطاني على اليمن، أكد القائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية الرئيس المشير مهدي المشاط أن "الدم اليمني غال وثأرنا لا يبات"، في إشارة إلى سرعة الرد، إلى جانب "استمرار منع السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى فلسطين المحتلة " لإثبات أن اليمن ليس مردوعاً ولن يرتدع بالعدوان الأخير.
وفي ترجمة لهذا التهديد، أكد وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال اللواء الركن محمد ناصر العاطفي ومن الحديدة المشاطئة للبحر الأحمر: " جهوزية القوات المسلحة للردع والرد، وأن اليد الطولى في البحرين الأحمر والعربي هي لليمن... وأنه كلما طال العدوان على أهلنا في غزة كان لدينا الكثير والكثير من المفاجآت، وستظهر في الوقت المناسب"، المفاجآت التي توعدت بها الدفاع، تعني أن بريطانيا وأميركا "ستدفعان الثمن باهظاً" وفقاً لنائب وزير الخارجية حسين العزي، وبالتالي فإنهما وفقاً لرئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبد السلام "مخطئتان إن فكرتا أنهما ستردعان اليمن عن مساندة فلسطين وغزة".
لسنا بحاجة إلى خلاصة، فقد تكفل بها عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي (الذي أشيع خبر استشهاده خلال العدوان الأميركي -البريطاني)، أن اليمن هو من يحمي الملاحة البحرية، وأن التحالف الأميركي هو من يشعل البحر الأحمر ويعسكره ويهدده، ويعمل جاهداً لرفع أسعار التأمين البحري، وينتهك الدستور الأميركي والقانون الدولي معاً.
ما يمكن حسمه والرهان عليه أننا دخلنا مرحلة جديدة بالانتقال من مواجهة "قرن الشيطان" إلى مواجهة "الشيطان الأكبر" مباشرة، وأن المرحلة القريبة المقبلة حبلى بمفاجآت لا يحتملها الأميركي والبريطاني، ولن ينجيهما من جحيم اليمن ومعهما الإسرائيلي سوى وقف إطلاق النار والعدوان ومجازر الإبادة في غزة، وإدخال ما تحتاجه إنسانياً من وقود وغذاء ودواء، وإلا فإن المرحلة المقبلة أمام سيناريوهات انفجار كبير في المنطقة، إن استمر التصعيد الأميركي -البريطاني -الإسرائيلي، والأيام بيننا.
أسباب نقص الحديد في الجسم
يؤثّر نقص الحديد في حالة الشعر والأظافر وتصبح هشة، ويمكن أن تظهر الشقوق في زوايا الفم وتظهر تقرحات مؤلمة على اللسان.
وتقول الدكتورة يكاتيرينا كاشوخ في حديث لصحيفة "إزفيستيا" : "إن أحد الأعراض الأكثر وضوحاً لنقص الحديد في الجسم هو التعب السريع، حيث قد يشعر الشخص بالتعب فور استيقاظه، وعند حمل ثقل بسيط لا يتطلّب منه جهداً كبيراً. وعند نقص الحديد، يصبح الجلد شاحباً لأن الدم لا يستطيع حمل الأوكسجين بشكل فعّال. ويتسارع النبض، ويشعر الشخص بالدوار والصداع".
وإضافة إلى ذلك وفقاً لها، يؤثّر نقص الحديد في حالة الشعر والأظافر وتصبح هشة، ويمكن أن تظهر الشقوق في زوايا الفم وتظهر تقرّحات مؤلمة على اللسان.
ويمكن أن يؤدي نقص الحديد فترة طويلة إلى تطوّر عدد من الأمراض المزمنة، بينها ضيق التنفّس وأمراض القلب والأوعية الدموية وضعف منظومة المناعة.
وتقول: "إضافة إلى ذلك يؤثّر نقص الحديد سلباً في الحالة النفسية، ويمكن أن يسبّب الاضطراب والاكتئاب وضعف الذاكرة وعدم القدرة على التركيز. وخلال فترة الحمل، يمكن أن يزيد نقص الحديد من خطر الولادة المبكرة ويسبّب انخفاض الوزن عند الولادة".
ويحصل الجسم على الحديد من الأطعمة. وهذا العنصر يوجد بكميات كبيرة في اللحوم الحمراء والأسماك والبقوليات وبعض الخضار الخضراء (مثل السبانخ). ويمتص الجسم بصورة أفضل حديد الهيم الموجود في المنتجات الحيوانية. كما أن الحديد غير الهيم، الموجود في الأطعمة النباتية، مفيد أيضاً، ولكن الجسم يمتصه بمستوى أقل.
وتقول: "من أجل امتصاص الحديد بصورة جيدة، من الأفضل تناول الأطعمة الغنية بالعناصر الدقيقة مع فيتامين C - موجود بكميات كبيرة في الحمضيات. وعلى العكس من ذلك، هناك مواد تعيق امتصاص الجسم للحديد مثل الكالسيوم والعفص (الموجود في الشاي والقهوة)، والأوكسالات (الموجودة في الشوكولاتة والبقدونس والفاصوليا)، والبوليفينول (في النبيذ)، وبروتين الصويا وبعض الأدوية، مثل أدوية حرقة المعدة.
ووفقاً لها، يمكن أن يتطوّر نقص الحديد لعدة أسباب - منها عدم تناول أطعمة غنية بهذا العنصر وانتهاء بالحالات المرضية التي تعيق امتصاص الحديد مثل التهابات الأمعاء والأورام الحميدة.
وتقول: "ويمكن أن يتطوّر نقص الحديد على خلفية الحاجة المتزايدة إليه: يحدث هذا غالباً أثناء الحمل والرضاعة وفي مرحلة المراهقة.
وقد تعاني النساء في سن الإنجاب من نقص الحديد بسبب فقدان الدم أثناء الحيض. أي أن كل هذه الفئات معرّضة لخطر الإصابة بفقر الدم الناجم عن نقص الحديد، ما يعني أنه يجب عليهم الاهتمام بحالتهم الصحية وإجراء فحوصات منتظمة".
ما سبب ظهور "الذباب" أمام العينين؟
ماذا نعرف عن "الذباب" الذي يظهر أمام العينين عادة عند تغيير وضعية الجسم بصورة فجائية؟
يرى المصاب مجموعة من البقع أو النقاط أو الخيوط المتحرّكة (أحياناً على شكل شبكة العنكبوت) تطفو في حقل الرؤية لديه. من خصائصها المميّزة أنها تتحرّك مع حركة العينين وتبدو وكأنها تهرب عندما نحاول النظر إليها مباشرة. عادةً لا تتحرّك بدقّة مع حركة العينين، وعندما نثبّت النظر نراها تتحرّك ببطء من دون اتباع مسار محدّد.
حالة عوائم العين شائعة، وإن معظم الناس يألفونها ويتجاهلون بذلك ظهورها. وعادة يتمّ إدراكها بتركيز أكبر عندما نثبّت النظر على سطح مضاءٍ بتجانسٍ، وذي إنارة مركّزة في الخلفية (كما الحال عند النظر إلى شاشة الكمبيوتر، أو القراءة في كتاب، أو حتى عند النظر إلى السماء في يومٍ صحوٍ).
وتشير الدكتورة أولغا كالميكوفا أخصائية طب الأعصاب إلى أن هذا "الذباب" يظهر أمام العينين عادة عند تغيير وضعية الجسم بصورة فجائية أو عندما يحمل الشخص ثقلاً معيّناً. وعموماً في معظم الحالات ظهور هذه البقع الداكنة يشير إلى ارتفاع مستوى ضغط الدم، ولكن هناك أسباب أخرى لظهورها.
وتقول: "غالباً ما تظهر هذه البقع على خلفية ارتفاع مستوى ضغط الدم، عندما تتعرّض أوعية الدماغ للتشنّج أو فرط التوتر. إضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون سببها انخفاض مستوى ضغط الدم، أو انخفاض ضغط الدم الشرياني، وأمراض العيون، وفقر الدم. ويمكن أن تكون مظهراً من مظاهر الصداع النصفي أو مرض السكري".
ووفقاً لها يجب مراجعة الطبيب في حالة تكرّر ظهور هذه البقع أمام العينين أكثر من 3 - 4 مرات في الشهر.
وتقول في حديث لراديو "سبوتنيك": "إذا تكرّر ظهور هذه البقع أكثر من 3 - 4 مرات في الشهر، فيجب استشارة الطبيب المعالج، وإجراء اختبارات الدم السريرية والكيميائية الحيوية، وفحص مستوى السكر في الدم، وإجراء اختبار الهيموغلوبين السكري، إضافة إلى فحص الأوعية الدموية العضدية الرأسية بالموجات فوق الصوتية. ومن الأفضل أيضاً إجراء تخطيط للقلب".
ووفقاً لها، على ضوء نتائج هذه الاختبارات قد يتطلّب الأمر مراجعة طبيب القلب أو طبيب العيون وحتى طبيب الأعصاب.
كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء جمعٍ من مدّاحي أهل البيت (عليهم السلام)
بسم الله الرّحمن الرّحيم
والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا، أبي القاسم المصطفى محمّد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، [ولا] سيّما بقيّة الله في الأرضين[1].
يبدو لي أنّ الجلسة كافيةٌ إلى هنا[2]. لقد استفدنا فعلاً إلى أقصى حد من الشعر والمعاني والمدح واللحن وكل شيء. أولاً أبارك بالعيد السعيد لولادة الصدّيقة الطاهرة (سلام الله عليها) وأقسم على الله بحرمة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) أن يزيدنا معرفةً بهذه السيدة الجليلة يوماً بعد يوم. وأبارك أيضاً بولادة ابنها الإمام الخميني (قده) الذي خاض طريق الجهاد الفاطمي بصورة جيدة ومضى فيه. اليوم أيضاً هو ذكرى استشهاد حبيبنا الحاج قاسم سليماني. نسأل الله المتعالي أن ينزل التفضّلات التي أنعم بها على أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) على روح هذا العزيز المقتدي الحقيقي بأهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله)، وأن يلحقنا به وأن يشملنا بشفاعته.
أعددت موضوعاً عن قضية «جهاد التبيين». لماذا؟ لأنّ هذه الجلسة مؤلّفة من أشخاص في وسعهم أن يكونوا روّاد «جهاد التبيين». إنّ جلسة مدّاحي أهل البيت ومعظمّي مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) لهي جلسة كلام التبيين الجهادي. هذا هو موضوعي اليوم، وذلك بقدر ما استطعنا وسنح الوقت.
من بين السمات المميزة والبارزة لفاطمة الزهراء (سلام الله عليها) يبدو «جهاد التبيين» من هذه السمات المميزة جداً لفاطمة الزهراء. لقد أوردت خطبتين مميزتين ومعروفتين إحداهما خطبتها المعروفة: «الحَمدُ لِلَّهِ عَلىٰ ما أَنْعَمَ، وَلَهُ الشُّكرُ عَلىٰ ما أَلْهَم»[3] في جمع الصحابة، وقد قيل عن هذه الخطبة إنّها في مستوى أفضل الخطب لنهج البلاغة. هكذا قال من هم أهل البلاغة والفهم؛ إنّها زاخرة بالمعارف والحقائق. الأخرى أيضاً خطبتها تلك في نساء المهاجرين والأنصار: «أَصبَحتُ وَاللَهِ عائِفَةً لِدُنیاكُم قالِیَةً لِرِجالِكُم»[4] أو «عائِفَةً لِدُنیاكُنَّ قَالِیَةً لِرِجالِكُنَّ»[5]. هاتان الخطبتان هما «جهاد تبيين» فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) في المدّة القصيرة بعد ارتحال الرسول (صلى الله عليه وآله).
ذكر المرحوم المجلسي (رضوان الله عليه) لتلك الخطبة التي أورَدَتْها في جمع الصحابة طرقاً متعدّدة وأسانيد مختلفة، وذكر آخرون غيره أيضاً أسانيد معتدّاً بها ومهمّة. ينقل ابن أبي الحديد هذه الخطبة ويقول: لا أنقل هذه من كتب الشيعة وعلمائهم إنّما أهل السنّة[6]. ويذكر عمّن ينقل هذه الخطبة أنّه ثقة ويبيّن فضائله. أولئك الذين تُنقل عنهم رواية هذه الخطبة هم أفراد عدة بينهم السيدة عائشة. عائشة إحدى ناقلي الخطبة الفدكيّة للسيدة الزهراء (سلام الله عليها). وقد نُقل عن جناب زيد بن علي (سلام الله عليه وعلى أبيه): رأيت أنّ مشايخ آل أبي طالب كانوا ينقلون هذه الخطبة عن آبائهم ويعلمونها أبناءهم، وذلك لتبقى هذه الخطبة في التاريخ. هذه عبارته: «رَأیتُ مَشایِخَ آلِ أبي طالِبٍ یَروونَهُ عَن آبائِهِم وَیُعَلِّمونَهُ أبناءَهُم»[7]، أي إنّ مكانة هذه الخطبة [مهمّة] إلى هذه الدرجة. لقد ترافَق الانتظام الفكري والمنطق القوي في هذه الخطبة، من حيث المضمون، مع المتانة اللفظية واللغة الفخمة والجماليات الأدبية. تصوّروا أنّ فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، السيدة ذات الأعوام الثمانية عشر أو العشرين، وكأقصى حد خمسة وعشرين، ورغم تلك المصائب، تُلقي خطبة يتلقّاها مشايخ أهل البلاغة بالحيرة على هذا النحو وينظرون إليها [بدهشة].
إنها تُبيّن وتوضّح في مثل هذه الخطبة وبهذه الألفاظ والمعاني الحقائق التي لم تكن في الأذهان، أو إذا كانت موجودة، فهي مغفَلَة. هنالك معارف جمّة في هذه الخطبة، فهنالك التوحيد والنبوّة، وهنالك قضية الإمامة والولاية، وقضية العدالة. أرست فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) هذه السُنّة بعد النبي (صلى الله عليه وآله)، وتبعها أيضاً أبناؤها وآل النبي (صلى الله عليه وآله): خُطب أمير المؤمنين وخطبة الإمام الحسين (عليهما السلام) إلى العلماء، وهي خطبة قاصمة على نحو فائق - «أنتم أيَّتها العصابةُ عصابةٌ بالعلم مشهورة»[8] - وخطبة السيدة زينب (سلام الله عليها) في الكوفة، وخطبة الإمام السجّاد (عليه السلام) في الشام، وخطبة الإمام الصادق (عليه السلام) في عرفات، التي يبيّن [فيها] معنى «الإمامة» - «أيُّها النَّاس، إنَّ رسولَ اللهِ كانَ هو الإمام»[9] - فهذه كلها متابعة لسنّة أرستها الزهراء الطاهرة (سلام الله عليها). إنّ هذه السنّة التي تتمثّل في إلقاء الخطبة، وتبيين الحقائق، بدأت من ههنا، واستمرت، إلى حيث كان ممكناً؛ إذ لم يكن [ذلك] ممكناً أيضاً في مواضع.
ثمّ اقتداءً بأهل البيت (عليهم السلام)، تابع الفصيحون المميزون والبارزون من أتباع أهل البيت (عليهم السلام) هذا المسار أيضاً، وبيّنوا الحقائق بلغة الشعر، لا الشعراء من الدرجة الثانية والمتوسطة، بل شعراء من الطراز الأول. هؤلاء الشعراء المعروفون الذين تسمعون أنّهم مدحوا أهل البيت (عليهم السلام) هم شعراء العرب من الطراز الأول في عصرهم: الفرزدق شاعر من الطراز الأول في عصره، والكُميت الأسدي شاعر من الطراز الأول، ودعبل الخزاعي أيضاً شاعر من الطراز الأول، وكذلك السيّد الحميَري شاعر بارز من الطرز الأول. عندما يذكر أبو الفرج الأصفهاني سيرة هؤلاء الشعراء - في كتاب الأغاني المؤلف من نيّف وعشرين جزءاً - وحينما يصل إلى السيّد الحميري، ولأنّ الأخير هجا بوضوح وصراحة بالغة مخالفي أهل البيت (عليهم السلام)، يقول: أود الحديث عن هذا الشاعر الكبير - ذلك أنّه كان [بالفعل] كبيراً للغاية - لكن لأنه ذكر كلاماً عن بعض الصحابة سأراعي ولن أتحدث، وسأكتفي باليسير؛ وذلك «اليسير» كان خمسين صفحة! أكثر من الشعراء كلهم الذين ذكرهم هناك! أي إنّ عظمة هذا الشاعر إلى هذه الدرجة. هؤلاء هم من بيّنوا معارف أهل البيت (عليهم السلام) ولم يكن [عملهم] إنشاد الشعر فحسب [إنّما] تبيين معارف أهل البيت (عليهم السلام). كل هؤلاء الذين ذكرتُ أسماءهم وغيرهم - ثمة أيضاً شعراء كبار آخرون، فهؤلاء هم البارزون - تابعوا هذا [المسار]. يعود هذا إلى تاريخ زمن الأئمة - عليهم السلام - وقليلاً بعدهم.
كان الإمام [الخميني] الراحل أعظم من أدى في عصرنا «جهاد التبيين»، بل إنّ أعظم عمل أُنجز بـ«جهاد التبيين» هو الذي فَعله إمامنا العظيم. فعل الإمام الراحل عبر «جهاد التبيين» ما لم يكن في إمكان الآخرين فعله بأي وسيلة مادية ولا فكرية أخرى، وحتى لم يكن يحدوهم الأمل إلى فعله. [أداه] الإمام باللغة والمنطق، وهذا هو «جهاد التبيين». بدأ [الإمام] الكلام من اليوم الأول للنهضة إلى اليوم الذي جاء فيه إلى هنا في [مقبرة] جنة الزهراء. قال: أنا أوجّه صفعة إلى هذه الحكومة في فمها وأعيّن حكومة[10]. هذا كله كان عبر «جهاد التبيين». ما العمل الذي أنجزه بـ«جهاد التبيين»؟ أزال به الحكومة البالية الفاسدة المُخزية الديكتاتورية المستبدة الملكية الوراثية، وأتى بحكومة سيادة الشعب الإسلامية والدينية. هذه هي قضية «جهاد التبيين»، وهذه أهميّتها. إذاً، هذا هو درس فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) الذي استمر على مر الزمان ووصل إلى الإمام العظيم.
في حقبة نضال علماء الدين ونهضتهم، كان هناك تيارات أخرى تسعى وتعمل وتركض وحتى تنزل إلى الميدان بالسلاح [لكن] لم يتسنَ لها إنجاز أي عمل، فإمّا قُمعت، وإما انحرفت. كان التبيين مؤشر الجهاد والنهضة الإسلامية. كنّا قد جلسنا في طهران في جمعٍ من الأصدقاء، وكان هناك شاب من أهل مشهد - كنت أعرفه - على صلة بهذه الجماعات الماركسية المسلحة، فدخل فجأة إلى الجلسة لأمرٍ ما، وبدأ الكلام بيننا وبينه، وتحدثنا قليلاً. كان هؤلاء معروفين آنذاك بـ«جماعة الغابة»، وما أتحدث عنه يعود إلى عامي 1347 أو 1348 (1968 أو 1969م). قلت: حسناً، أنتم الذين تعملون هذه الأعمال، تحدثوا إلى الناس، فالناس لا يعلمون من وما أنتم. قال: يا سيد، هذا الكلام خاص بالإسلام وبالمسلمين! لم يكونوا يعتقدون بـ«جهاد التبيين»، وكانوا يرونه خاصاً بالإسلام. كان يقول الحقيقة أيضاً، فقد كان الأمر خاصاً بنا وبالإسلام. لم يكن لدى هؤلاء كلام حقيقي ليقنعوا به قلوب الناس، فعجزوا وغُلبوا وقُمعوا، وانحرف أيضاً كثيرون منهم. غير أنّ الإمام سلك طريق التبيين وأوصله إلى هنا. إنّ هذا الطريق مستمر اليوم أيضاً.
ما الذي أريد قوله؟ ما أريد قوله: يقع حِملُ جهاد التبيين اليوم على عاتقكم، أنتم المدّاحين. أنتم اليوم مَن تواصلون هذه السلسلة التي أطلقتها الزّهراء الطاهرة (سلام الله عليها). التفتوا إلى ما يعنيه المديح. إنه يعني مواصلة عمل أولئك الأشخاص على مرّ التاريخ، سواء مَن استطاعوا الحفاظ على المذهب في زمن أهل البيت (عليهم السلام) وتمكّنوا من الحفاظ على التشيّع وتيّار الشيعة، أو مَن استطاعوا في زماننا تغيير العالم وتحويل نظام البلاد من «طاغوتي» إلى «إسلامي». هذه السلسلة هي تتابعٌ لتلك السلسلة المنورة نفسها التي بدؤوها. فلتنظروا إلى المديح بهذه النظرة.
إن فن المديح وكياناً باسم الهيئة - إذْ إنّ المدّاح والواعظ هما محور الهيئة، أي الواعظ إلى جانب المدّاح - من أهم جوانب القوة الناعمة للمجتمع الإسلامي. القوة الناعمة أكثر نفوذاً وتأثيراً من الصلبة. ما السبب في أنّ القوى العالمية مثل أمريكا تمتلك قنابل ذرية وأنواع الأسلحة المتطورة، لكنها في الوقت نفسه تعمل في أهم الاستثمارات كالفن والسينما وهوليوود والدعاية، وأمثال ذلك؟ لماذا؟ لأنّ السينما قوةٌ ناعمة، وكتابة قصص الأفلام قوةٌ ناعمة. هذا ما يترك أثراً. القوة الصلبة لها تأثير آني، إذْ إنها تزول لاحقاً. القوة الصلبة تعني أن أمريكا تأتي وتبقى في أفغانستان عشرين عاماً وتنفق المليارات، وفي النهاية، تضطر إلى الفرار من أفغانستان بسبب كره الناس لها. هذه هي القوة الصلبة. القوة الصلبة تعني أن تأتي أمريكا بكامل عتادها وتستولي على العراق بأسره، وتطيح بالحكومة العراقية، وتحلّ مكانها. وبعد نحو 20 عاماً، نجد أن الحكومة الأكثر كرهاً في العراق هي الأمريكية. هذه هي القوة الصلبة. وأما القوة الناعمة، فتعني أن مجموعة تبدو قليلة عددياً لكنها ذات تأثير معنوي ويمكنها أن تلفت أنظار العالم إليها. انظروا اليوم [كيف] استطاع الفلسطينيون المظلومون، الذين لا يملكون سلاحاً للدفاع عن أنفسهم، أن يجذبوا أنظار العالم إليهم بمظلوميتهم وبصبرهم وبصمودهم، أي إنّ الفجوة بين القوة الصلبة والناعمة كبيرة إلى هذا الحد، وتأثيرها مختلف إلى هذه الدرجة.
حسناً، ما أود قوله أنه يجب على المجموعة المعنيّة مباشرة بالمديح والرثاء والمتصدّية له، أي مجتمع المداحين نفسه، الذي هو جزء من القوّة الناعمة في المجتمع الإسلامي، أن يعلم ما هي مهمّته وما ينبغي أن يفعله وما هي مسؤوليّته. تندرج المعارف الإسلاميّة ومنطق القرآن ومعارف أهل البيت وتاريخهم ومصائبهم ضمن محتوى عملكم، وعلى هذه المجموعة أن تعرض [هذا المحتوى] اليوم بأبلغ لسان وأفضل أسلوب مع الاستعانة بالخصائص عينها التي تلاحظونها في تاريخ جهاد التبيين وتاريخ الشيعة. هذا المتوقّع [منكم]. فإذا كان هناك تلاوة جميلة للقرآن، وتُنشَد قصيدة جميلة بصوت حسن ولحن عذب، ويُذاع المحتوى الصحيح والراقي عبر هذا الصوت الحسن واللحن العذب، فإن ذلك يكون أكثر تأثيراً ونفوذاً من كثير من القوى الصلبة في العالم. لقد تحركت الجمهورية الإسلامية على هذا النحو خلال هذه السنوات الأربعين ونيّف، إذْ كان اعتمادها على القوة الناعمة أكبر منه على الصلبة. طبعاً، أنتم تعلمون أنني أؤمن بضرورة امتلاك أسلحة متطورة تتناسب مع احتياجات البلاد وكذلك قدرات الأعداء، لكن اعتقادي أنه إلى جانب تلك القوة الصلبة والأسلحة يجب أن تتعزز لدينا أسلحة الفكر والبيان والمنطق القوي؛ هذا توقّعنا. لدينا توقّع من الشعراء والمدّاحين، ومن صاحب الصوت الحسن والمنشد لدينا.
ثمة معياران مهمان في هذه القوة الناعمة ينبغي أخذهما بالحسبان، أي قيّموا عملكم بهذين المعيارَين: أحدهما القدرة على إثارة الدوافع والحثّ على التحرّك، والآخر هو الاتجاه الصحيح والدقة، [أيْ] يجب أن يكون توجيهه دقيقاً. التفتوا! إنّ من الأمور التي أوليناها أهمية في صواريخنا ونجحنا فيها وحققناها هي الدقة في الاستهداف، أي تستهدف نقطة على مسافة 2000 كيلومتر وتسقط فيها، وليس في عشرة أمتار مثلاً من هذا الطرف أو ذاك. ينبغي أن توجّهوا على هذا النحو في العمل الذي تريدون فعله. ضعوا هذين المعيارين في الاعتبار: أولاً أن تعرفوا مدى القدرة على إثارة الدوافع في العمل الذي تقدّمونه، ومدى قدرته على هزّ القلب وإحداث تحرّك، وثانياً مدى دقته، فالدقة في الحركة مهمة للغاية. أحياناً نريد أن نؤدي عملاً جيداً أو نقول كلاماً، لكننا لا ندقق في ثنايا هذا الكلام، فعندما يكون العالم الإسلامي بحاجة إلى الوحدة نُحدث فُرقةً وفجوة. هذا معنى غياب الدقة. إنني أصرّ على ضرورة توخي الدقة في فهم المعارف الدينية وبيانها. لحسن الحظ، كثيرون من مدّاحينا الأعزاء هم اليوم من الفئة التي تعلّمت ودرست وقطعت أشواطاً علمية، وهم ملمّون باللغة العربية ويفهمونها، وكثيرون منهم يأنسون بالقرآن والأحاديث. إذاً، هكذا الحال اليوم: مجتمع المداحّين لدينا ليس كما مرحلة شبابنا [سابقاً]. إن مجتمع المداحين مجتمع راقٍ ورفيع المستوى، وما نتوقّعه منه أنْ ينقل المعارف إلى الطرف المقابل بدقة وصحة وبتلك الأداة المميزة جداً للمديح والرثاء نفسها. هذا توقّعنا.
تعرّفوا إلى كتب الحديث ولتأْنسوا بها. تعرّفوا إلى نهج البلاغة ولتأنسوا به. نهج البلاغة بحرٌ من المعارف. عندما تنظرون إلى خطبه، وبخاصة بعض الخطب، فإنها مفعمة بالمعارف التي يمكن لكلمة واحدة منها أن تنمّي الإنسان، ويمكن أن تدفع شعباً على التحرّك. ائنسوا بالصحيفة السجادية. إنّ قالب الصحيفة السجادية قالب دعاء، وهي في المحتوى أيضاً تضرّع ودعاء، لكنها إلى جانب ذلك مفعمة بالمعارف الدينية. الصحيفة السجادية ظاهرة مذهلة في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام). لاحظوا! إنّ الإمام السجاد (سلام الله عليه) يدعو لأهل الثغور في الصحيفة السجادية. لديه دعاء مخصوص لأهل الثغور، فمن كان أهل الثغور في ذلك الحين؟ طبعاً كانوا جنود بني أمية! كان يدعو من أجلهم. حارسُ الثغور حارسٌ؛ إنه يحفظ حدود الدولة الإسلامية كائناً من كان. ادعوا لحارس الثغور. هذه دروس لنا.
تقع حدود العالم الإسلامي اليوم في غزّة. قلب العالم الإسلامي ينبض اليوم في غزّة. هؤلاء يقفون في وجه عالم الكفر والطاغوت والاستكبار، وفي وجه أمريكا. ليس الطرف المواجه لهم الكيان الصّهيوني فقط، إنما يقول الرئيس الأمريكي[11] بصراحة: أنا صهيوني[12]! إنه صادقٌ في قوله، فذلك الخبث نفسه لدى الصهاينة موجودٌ لديه أيضاً. وإنّ الأهداف القذرة عينها لديهم حاضرة لديه أيضاً. لقد وقفوا في وجه هؤلاء. ويجب أن نعلم ما علينا فعله. إحدى الخصائص لمجاهد التبيين أن يعرف ما عليه تبيينه اليوم، وماهية قضيته المعاصرة، ويدرك ما ينبغي له تبيينه. عليكم أن تبيّنوا غزّة اليوم. إنهم يمارسون وينفذون أنواع العداء كافة للنظام الإسلامي. طبعاً الآن لا يرون مصلحة لهم في الأعمال العسكرية والتسليحية وما إلى ذلك، ولكن في القوة الناعمة - طبعاً ليس أمريكا فقط إنما أتباع أمريكا ومعارضو الإسلام - يصنعون الأفلام وينشرون دعايات كاذبة ضد الإسلام والنظام الإسلامي، لذا ينبغي التصدّي.
نحن على أعتاب الانتخابات[13]. ثمة مجموعة لا يريدون أن تجري هذه الانتخابات على النحو الذي يستحقه هذا الشعب، إذْ يحاولون أن يثبّطوا الناس ويجعلوهم غير واثقين ويوحوا أنّ الانتخابات غير مجدية أو مؤثرة. يجب أن يتصدّى «جهاد التبيين» لهؤلاء، وأن يبيّن الحقيقة في مواجهتهم. هناك مَن [يريدون] أن يَضعفَ حضور الناس في إدارة البلاد - أي ما يثبت تحقيق السيادة الشعبية الدينية في البلاد - ليصيرَ كلام الإمام الجليل كذباً! هدفهم أن يُظهروا الوعد الإلهي مخالفاً للواقع. هذه الحركة معادية وينبغي بذل الجهود لمواجهتها. إنّ كلّ مَن يعارض الانتخابات يكون قد عارض الجمهوريّة الإسلاميّة والإسلام؛ الانتخابات واجبٌ. هذه إحدى المهمات. إن الشعور بالواجب اليوم تجاه الانتخابات من المهمات المباشرة للمجتمع المجاهد في «جهاد التبيين».
ثمة مَن يجعلون النّاس يسيئون الظنّ بالنظام ويُشعرونهم باليأس حيال المستقبل، [ولذلك] تكون هناك أحياناً نقطة قوّة في النظام فيحوّلونها إلى ضعف. مكافحة الفساد من نقاط القوّة في النظام. ما إن يبرز فسادٌ في مكان ما وتتحرّك الحكومة والمسؤولون القضائيّون والآخرون - بالطبع هذه نقطة قوّة وهي مكافحة للفساد - يأتي أشخاص في المقابل ويقولون: «انظروا، يوجد فساد!». نعم، هناك فساد، ونقطة الضعف هي التغاضي عنه ودعمه. إذا ما كوفح الفساد، فهذه نقطة قوّة. إنّهم يحاولون تحويل نقطة القوّة هذه إلى ضعف. ينبغي التصدّي لهؤلاء. لم يكن الإمام [الخميني] الجليل يتساهل أبداً. نحن كنّا نراعي في بعض المواضع لكنّ الإمام لم يكن كذلك، بل يؤدّي حقّ القضية بأسلوب صريح وواضح، ويقول ما ينبغي قوله. كان يذكر أسماء الأفراد والتيارات والجماعات لكي يتعرّف النّاس إليهم، وهكذا استطاع جعل أسس النظام متينة، فارتقى - بحمد الله - هذا البناء بعد أربعين سنة ونيّف إلى اليوم. وسوف يواصل ارتقاءه أيضاً.
الشعب الإيراني مُحبٌّ للإسلام. الشعب الإيراني يحب الاستقلال، ويحب العزة الوطنية. الشعب الإيراني يكره الانسياق وراء القوى [المستكبرة] واتّباعها؛ يرون عاراً عليهم أنْ يتعالى الأمريكيّون وغيرهم من القوى على هذا الشعب ويتحكّموا فيه كما حدث في عهد الطاغوت. الشعب الإيراني لا يطيق هذه الأمور، ولذلك يتمسّك بالجمهورية الإسلامية، إذْ إن شعارها هو العزة والاستقلال والتقدم الوطني. هذه هي شعارات الجمهورية الإسلامية. الشعب متعلق بهذه الأمور، وهذا الطريق طريق الله. إنّ ما يكون طريقاً إلى الله، وعباده يسيرون فيه، لا يمكن لأي قوة أن تعيده إلى الخلف.
واصلوا «جهاد التبيين» القيّم بكل قوة وطاقة - إن شاء الله - وانقلوا هذه المواريث الثمينة إلى الأجيال اللاحقة بكم. [إذا] شعر الشباب أن مسؤوليتهم مضاعفةٌ مقارنةً بأسلافهم، فسنرى مزيداً من التقدم يوماً بعد يوم، إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[1] في بداية هذا اللقاء، أخذ لفيف من المدّاحين والشعراء يلقون الشعر والأناشيد في مدح أهل البيت (عليهم السلام).
[2] ضحك الحضور.
[3] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار الجامعة، ج29، ص220.
[4] الشيخ الصدوق، معاني الأخبار، ص354.
[5] الشيخ الطوسيّ، الأمالي، ص374، المجلس 13.
[6] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج16، ص210.
[7] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج16، ص252. العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج29، ص235.
[8] ابن شعبة الحرّاني، تحف العقول، ص237.
[9] راجع: الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج4، ص466.
[10] صحيفة الإمام (النسخة الفارسيّة)، ج6، ص16؛ كلمة في جنّة الزهراء، بتاريخ 03/03/1979م.
[11] جو بايدن.
[12] بما في ذلك خطاب جو بايدن في عيد «الحانوكا» اليهودي، بتاريخ 12/2023م.
[13] تُجرى انتخابات الدورة الثانية عشرة لـ«مجلس الشورى الإسلاميّ»، والدورة السادسة لـ«مجلس خبراء القيادة» في الحادي عشر من اسفند 1402 (01/03/2024م).
كيف يتحقق المدد الإلهي؟
الإمدادات الغيبية والتسديدات الإلهية للمجاهدين أثناء جهادهم ضدّ الأعداء مشروطة بشرطين كليين:
أوّلاً: العمل على الاستفادة من كل قدراتهم المتاحة بين أيديهم في ساحة العمل.
ثانياً: انتظار المدد الغيبيّ الإلهيّ والمساعدة الربّانية، في حال لم تفِ تلك القدرات والطاقات الظاهرية في رفع حاجة المسلمين ومشكلتهم، لأنه في تلك الحالة سوف يضع الله تعالى تلك الطرق والأساليب الغيبية في خدمة المجاهدين, وذلك حسب ما تقتضيه الحكمة الإلهية والحاجة الفعلية.
وهذه النتيجة قد أيّدها القرآن الكريم حيث تحدّث بعض الآيات الشريفة، عن أنّ الإمدادات الغيبية الإلهية ليست مطلقةً بل لها شروطُها وظروفها، ويمكن أن نصنّف المدد الإلهيّ إلى نوعين, معنويّ وماديّ. وفي هذا المقام يُطرح سؤال عن ماهية هذه الإمدادات والتسديدات الإلهية، وطرق تحققها. وللإجابة عن هذا السؤال, سنقوم بالتحقيق في الآيات الواردة في القرآن الكريم حول هذا الموضوع. يمكننا تقسيم الإمدادات الغيبية والتسديدات الإلهية إلى عدّة أنواع:
السكينة
السكينة من صفات النفس الإنسانيّة التي وردت الإشارة إليها مرّاتٍ عدّة في القرآن الكريم، في بعض الأحيان بطريقةٍ مباشرة، وفي بعض الأحيان من خلال الإشارة إلى النعاس الذي يصيب المؤمنين في ساحة الحرب ويجعلهم كأنّهم في فراشهم وتحت سقوف بيوتهم. وتكتمل الصورة عندما تقترن السكينة في قلوب المؤمنين بالخوف الذي يقذفه الله في قلوب جنود العدوّ.
- قال الله تعالى: ﴿وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا * هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ﴾[1]. تحدّثنا هاتان الآيتان عن النصر الذي منّ الله به على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ثمّ تذكر أمرًا يظهر أنّه بمثابة السبب الذي يؤدّي إلى مضاعفة الإيمان وزيادته وهو السكينة التي نزلت على قلوب المؤمنين فزادت إيمانهم، وسمحت لهم ولقائدهم بالنصر وليس أي نصر بل ذلك النصر الذي يصفه الله بأنّه عزيز، أبهر الأعداء وجعلهم ييأسون من التفكير في طلب ثاراتهم القديمة التي هي الذنوب التي تقدّمت وتأخّرت كما يرى عددٌ من المفسّرين.
قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾[2]. محور هذه الآية الحديث عن المسلمين الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديبية قبل فتح مكّة بقليل من الزمان، ودلالة الآية واضحة على أنّ هذه السكينة التي غمرت قلوب المسلمين المبايعين هي التي ولّدت النصر وجعلته ثوابًا قريبًا لأهل السكينة والاطمئنان إلى خيارات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قذف الرعب في قلوب الكفّار والأعداء
واحدة من طرق الإمداد الباطنيّ والروحيّ التي ينصر الله تعالى بها أهل الحقّ ويهزم بها أهل الباطل هي: إلقاء الرعب وإيجاد الخوف في قلوب الكفّار والمشركين، بمعنى أن يُسيطر الرعب والخوف على نفوس الكفّار في ميدان المعركة، ما يصيبهم بالاضطراب والقلق بحيث يفقدون القدرة على البقاء في الميدان. وهذا الانهزام النفسيّ يؤدّي إلى عدم الثبات في مواجهة المسلمين, فيُفضّلون الفرار والانهزام على الالتحام مع أهل الحقّ.
لقد ذُكر هذا العامل المهمّ والمدد الروحيّ في أربعة موارد من القرآن الكريم بشكلٍ مؤكّدٍ وقاطع.
ففي موردين يَعِد الله المسلمين بأنّه سوف يُرعِب قلوب أعدائهم أثناء المعركة لسلب الشجاعة والجرأة منهم على قتال وحرب المسلمين.
وفي موردين آخرين تتحدَّث الآيات الشّريفة عن إرعاب وتخويفٍ مُسبَق للأعداء ليكون ذلك عاملاً مساعداً لغلبة المسلمين. ونكتفي هنا بالمرور على الآيات القرآنية مروراً سريعاً:
يقول الله تعالى ﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ﴾[3].
وفي آية أخرى يُبيّن الله تعالى عامل انتصار المسلمين بهذه الصورة، حيث يقول تعالى: ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾[4].
التصرّف بالنفوس
هناك طريقٌ آخر من طرق الإمداد الغيبيّ الباطنيّ, وهو عبارة عن التصرّف الإلهيّ في نفوس المؤمنين, فيجعل أعداد الكفار في نظرهم قلّة، وقدراتهم ضعيفة حتّى لا يخاف المؤمنون من مظاهر القوّة والقدرة عند العدوّ فيهابوا ويتراجعوا.
ومن جهة أخرى، يتصرف الله في نفوس الكافرين فيجعلهم ينظرون باستخفاف إلى معسكر المسلمين ويعدّون جيش الإسلام قلّة وضعفاء، وهذا الاستخفاف يؤثّر في خطط الأعداء الحربية، من عدم نقل السلاح والتجهيزات الكاملة إلى ساحة المعركة وعدم إحضار كلّ الجيش إلى ميدان الحرب، وهذا ما يُوقعهم في سوء تقديرٍ لعدد الجيش الإسلامي وقدراته الحقيقية ممّا يجرُّهم في النهاية إلى الخسارة والهزيمة.
وحول هذا الموضوع يقول الله تعالى: ﴿إِذْ يُرِيكَهُمُ اللّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَكِنَّ اللّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الاُمُورُ﴾[5].
تثبيت الأقدام
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾[6].
هذه الآية الكريمة تحثّ المؤمنين على جهاد أعداء الحقّ، وترغّبهم في ذلك. وليس التأكيد على مسألة "الإيمان" في الآية إلّا إشارة إلى أنّ إحدى علامات الإيمان الحقيقيّ هي جهاد أعداء الحقّ والدين. فعلى المؤمنين أن ينصروا دين الله، وهذا تكليف وواجب ملقى على أعتاقهم. ومع أنّ قدرة اللّه سبحانه غير محدودة، ولا قيمة لقدرة المخلوقات حيال قدرته، غير أنّه يعبّر بنصرة اللّه ليوضح أهميّة الجهاد والدفاع عن دين اللّه. وهو تعالى يعدهم في حال أدّوا تكليفهم فإنه سيكون معهم يؤيّدهم ويسدّدهم وينصرهم، بأن يلقي في قلوبهم نور الإيمان، وفي أرواحهم التقوى، وفي إرادتهم القوّة والتصميم أكثر، وفي أفكارهم الهدوء والاطمئنان. ويرسل الملائكة لمدّهم ونصرتهم، ويغيّر مسار الحوادث لصالحهم، ويجعل أفئدة الناس تهوي إليهم، ويجعل كلماتهم نافذة في القلوب، ويصيّر نشاطاتهم وجهودهم مثمرة وذات فائدة الخ. ولكن من بين كلّ أشكال النصرة يؤكّد تعالى على مسألة تثبيت الأقدام، وذلك لأنّ الثبات أمام العدو يعتبر أهمّ رمز للانتصار، وإنّما يكسب الحرب الذين يصمدون ويستقيمون أكثر. لذا كان دعاء طالوت ومن بقي معه من المؤمنين على قلّتهم عند ملاقاتهم لجيش جالوت القويّ والكبير: ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾[7]. فأيّدهم الله بالنصر المؤزّر على العدوّ لثبات أقدامهم عند المواجهة.
[1] سورة الفتح، الآيتان 3 و 4.
[2] سورة الفتح، الآية 18.
[3] سورة آل عمران، الآية 151.
[4] سورة الأنفال، الآية 12.
[5] سورة الأنفال، الآيتان 43 و 44.
[6] سورة محمد، الآية 7.
[7] سورة البقرة، الآية 250.
ما هي معاني الهجرة في سبيل الله؟
من كان يريد الله تعالى فعليه أن يهاجر إليه. والهجرة إلى الله هي التعبير العمليّ عن الإيمان به، لذا قال تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ﴾[1]. فالخطوة الثانية بعد الإيمان بالله والاعتقاد العقلي والقلبي به هي الهجرة في سبيله، والإنسان ما دام حيّاً فهو مكلّف بهذه الهجرة، وهي على أنواع ومراتب:
منها: أن يهاجر الإنسان من بلاد الكفر والمشركين إلى ديار الإسلام، التي يستطيع أن يؤدّي فيها تكليفه، ويأمن فيها على دينه، ﴿وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾[2].
منها: أن يترك الدّناءة، ويهجر الخبائث، ويتجنّب المعاصي التي تحول بينه وبين لقاء ربه والظّفر بجنّته، وهي قوله تعالى في كتابه العزيز، ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾[3].
منها: الهجرة بالبدن عن مخالطة أهل العصيان والفسوق، ومجالسة أهل البغي والطغيان، وأبناء الدنيا الذين يعيقونه عن التوجّه للآخرة. والهجرة بالقلب عن المودّة لهم والميل إليهم، وترك العادات والتقاليد المخالفة للشرع، والاعتبارات الوهميّة التي تمنع الإنسان من سلوك طريق الآخرة، وتكون عائقاً من السّفر إلى الله. ففي المجتمع المادّي يتقيّد الإنسان بعادات وهميّة اعتاد عليها أهل الدنيا حتى أصبح قياس النّفع وميزان الخسارة مبيناً عليها. كما جرت العادة أن ينسب الجهل إلى كلّ من يلتزم الصّمت في المجالس العلميّة أو غير العلميّة، أو أن يعتبر التّهافت إلى الجلوس في صدر المجلس دليلاً على الرّفعة والمنزلة العالية، أو أن يعتبر أن التصّنع في الكلام والتشدّق به دليلٌ على سعة الاطّلاع والفهم، وخلافه دليل على الحقارة والضّعة وضعف الموقف والشخصيّة. بل على الإنسان المؤمن حقاً أن يغضّ النظر عن كل هذه الأمور وأن يهجرها دون أيّ خوف أو وجل، وهي قوله تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾[4].
منها: أن يهجر الإنسان أنانيّته، ويخرج من بيت نفسه المظلم، وحبّه لذاته، بهدف القضاء على أهواء النّفس حتى يقدر أن يضع قدمه على بساط التّوحيد، ويدخل عندها في مضمار ﴿إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ﴾[5]. وهذه هي الهجرة الحقيقيّة إلى الله حيث يدوس الإنسان على أهوائه وأنانيّته وييمّم وجهه شطر الإله والمعبود الأوحد، وهي الهجرة التي قال الله تعالى فيها: ﴿فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[6]. وجاء في بعض التفاسير في تفسير قوله تعالى ﴿وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ﴾[7]، أنّ البيت في الآية يُحمل على معنيين، على البيت الظاهري وهو المنزل، وعلى البيت الباطني وهو بيت النفس. فكلّ من يهاجر من بيت النفس الأمّارة بالسوء بهدف التوجّه إلى الله قاصداً لقاءه، فإنّ أجره وثوابه على الله، وهو سوف يوفّيه إيّاه حتماً حتى ولو أدركه الموت في الأثناء.
[1] سورة الأنفال، الآية: 72.
[2] سورة النساء، الآية: 100.
[3] سورة المدّثر، الآية: 5.
[4] سورة المزمل، الآية: 10.
[5] سورة البقرة، الآية: 156.
[6] سورة النساء، الآية: 100.
[7] سورة الصافات، الآية: 99.