emamian
الشيخ نعیم قاسم: نتاج لبنان والمنطقة من نبع الولاية وعطاءات السيد الخامنئي
وجّه الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم رسالة شكر إلى إيران وقائدها على دعم المقاومة، مشدداً على أن كل الإنجازات في لبنان والمنطقة هي من عطاءات الإمام الخامنئي، ومؤكداً استمرار المسيرة رغم صعوبة المعارك.
وكالة أنباء الحوزة - وجَّه الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم رسالة إلى الفعاليّة التي أقيمت اليوم بتارِيخ 07/10/2025 تحت عنوان "إيران المتضامنة" في حسينيّة الإمام الخميني (رضوان الله عليه)، حَیَّا فیها جمهوريّة إیران الإسلاميّة والشعب الإیراني البطل على دعمهم المتواصل للمقاومة.
وقال في كلمته: نستذكر السيد نصر الله الذي ملأ الدنيا بإيمانه وولايته وتضحياته.
وأضاف قائلاً: "إن السيد نصر الله هو شهيد فلسطين وشهيد شعلة المقاومة في المنطقة والعالم، ومعه السيد الهاشمي الذي كان مساعدًا عاملاً ومضحيًا، وهو شريك في الإنجازات".
وتطرق الشيخ قاسم إلى مصدر الإنجازات قائلًا: " النتاج الذي رأيناه في لبنان والمنطقة هو من نبع الولاية ومن عطاءات الإمام الخامنئي على نهج الإمام الخميني".
واستطرد مُشيرًا إلى إحدى المعارك: "لقد خضنا معركة أولي البأس، وكانت معركة صعبة ومعقدة جدًا، لكننا خرجنا منها بقوة وعزيمة وثبات، ونحن مستمرون إن شاء الله".
وختم كلمته بالقول: "أبشركم أنّ أبناء السيد نصر الله هم من المجاهدين الأبطال، ولن يمكّنوا 'إسرائيل' من تحقيق أي من أهدافها".
المصدر: العالم
طوفان الأقصى بعد عامين.. والرسائل التي كتبت بالدم
تدخل اليوم معركة طوفان الاقصى عامها الثالث، دون ان يحقق الثنائي الامريكي الاسرائيلي ومن ورائه الغرب باجمعه، الاهداف التي حددها مجرم الحرب بنيامين نتنياهو وداعميه، وفي مقدمتهم بايدن وترامب، ومنها القضاء على حماس و تحرير الاسرى و تهجير اهالي غزة و احتلال القطاع بالكامل، ولكن بعد كل الفظائع التي ارتكبها هذا الثنائي في غزة والتي رجت الضمير الانساني رجا، عاد هذا الثنائي اليوم ليتفاوض مع حماس لاطلاق سراح اسراه!.
لم یخطر ببال ای عسکری امریکی او اسرائيلي، ان يقاوم بضعة الاف من الرجال وفي ارض ضيقة محاصرة علی مدی عقدین کاملین من جميع الجهات، قوات الاحتلال الاسرائيلي التي توصف بانها « جیش لا یقر»، وجيش يعتبر نفسه اقوى جيش في العالم هو الجيش الامريكي الذي انخرط بالمعركة الى جانب جيوش غربية، متسلحين باحدث الاسلحة الفتاكة، لم يحترموا اي خطوط حمراء انسانية، فقتلوا حتى الاطفال الجياع والمرضى، وابادوا اكثر من 90بالمائة من قطاع غزة، على مدى عامين كاملين ، من دون ان يرفع رجال المقاومة ، ولا اطفال ونساء وشيوخ غزة الراية البيضاء، رغم انهم فقدوا 67الف شهيد ونحو 10000 مفقود وعشرات الالاف من الجرحى والمصابين.
الوحشية التي تعامل بها الكيان الاسرائيلي وامريكا والغرب مع غزة واهلها والتي تجاوزت وحشية الكواسر، لم يكن مردها الانتقام من الهزيمة التي مني بها الكيان الاسرائيلي في السابع من اكتوبر عام 2023 بل جاءت كردة فعل على حقيقة ثبتتها المقاومة الاسلامية في غزة، وهي حقيقة ان الكيان الاسرائيلي كيان اوهن من بيت العنكبوت ، يمكن اجتثاثه لو توفرت الارادة لدى شعوب المنطقة، وكذلك توفر الارادة لدى حكوماتها، على قول كلمة لا للامريكي الذي يعتبر الرئة التي يتنفس بها هذا الكيان المزيف، لذلك كان لابد من التمادي بالوحشية الى اقصى حدودها،لاظهار كلفة من يفكر باجتثاث هذه القاعدة العسكرية الغربية المتقدمة في العالم الاسلامي.
يبدو ان ترامب الذي صدق مزاعم نتنياهو بامكانية اخلاء غزة من اهلها واسكان الصهاينة بدلا عنهم هناك، لذلك رايناه كيف كان يكرر مخططه الرامي الى اقامة ريفيرا الشرق الاوسط في غزة بعد احتلالها مرة اخرى، الا انه بعد ان شاهد التمسك الاسطوري لاهالي غزة بارضهم، فتيقن بشكل لا لبس فيه، انه من المستحيل اقتلاع الوجود الفلسطيني من ارض فلسطين، حتى لو تكالبت كل قوى الشر في العالم ضدهم، فما كان منه الا ان انقلب على مواقفه السابقة، عندما اعلن وبشكل صريح، للقناة 12 الإسرائيلية يوم السبت الماضي« ان نتنياهو تجاوز حدود المعقول في غزة وخسرت إسرائيل الكثير من الدعم في العالم. الآن سأعيد كل هذا الدعم». وفي اليوم التالي اي يوم الاحد، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، «إن بلاده لا يمكنها تجاهل تأثير الحرب في غزة على مكانة إسرائيل على الساحة العالمية، في وقت تتزايد فيه العزلة الدبلوماسية لإسرائيل».
لم تتضرر السمعة الكاذبة التي اصطنعها الغرب لاسرائيل دوليا فحسب بل دفع الكيان الاسرائيلي وداعموه نتيجة لحرب الإبادة في غزة ثمنا باهظا على صعيد الشرعية الدولية، وتشكل أحكام المحاكم الدولية تهديدا جديا لدولة الاحتلال وقيادتها بهذا الخصوص، كما تضررت فرص قبول دولة الاحتلال في المنطقة، بل وحتى العالم، الذي شهد تظاهرات ضخمة منددة بالكيان الاسرائيلي ، وهي تظاهرات اسهمت في دفع العديد من الدول الاوروبية والغربية للاعتراف بدولة فلسطين، وقطع العلاقات التجارية مع الكيان، ووقف مبيعات الاسلحة معه، وكان اخر مظاهر الدعم الدولي لغزة، اسطول الصمود الذي فضح الكيان اكثر مما هو مفضوح.
العدوان على غزة اسهم في استنزاف دولة الاحتلال سياسيا واقتصاديا وعسكريا، ووصل الانقسام الاجتماعي داخل الكيان إلى مستويات دفعت رئيس هذا الكيان إلى التحذير من مخاطر الحرب الأهلية. ومازال نسبة كبيرة من مستوطني غلاف غزة يخشون العودة إلى منازلهم. وقدّر بنك إسرائيل الكلفة الإجمالية للعدوان بنحو 330 مليار شيكل (100 مليار دولار)، ما يعني 111 ألف شيكل (33.6 ألف دولار) لكل أسرة إسرائيلية.
صحيفة “هآرتس” العبرية، رسمت صورة حقيقة لما يجرى في الكيان الاسرائيلي في مقال لها اليوم الثلاثاء، عندما كتبت تقول «إن إسرائيل غارقة في العزلة وتحتضر، بعد أن خاضت حربا على قطاع غزة دون أهداف لمدة عامين.. إن الإسرائيليين يخشون السفر إلى الخارج، والبلاد ومؤسساتها ونسيجها الاجتماعي في مراحل متقدمة من التفكك.. أصبحت اسرائيل الآن رهنا لنزوات الرئيس الأمريكي، فإذا أراد إنهاء الحرب، وإعادة الرهائن، وإنقاذ إسرائيل من نفسها، فهذا أفضل بكثير».
اما صحیفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، فذكرت في تقرير لها امس الاثنين « إن إسرائيل باتت أكثر عزلة من أي وقت مضى مع مرور عامين على الحرب في غزة.. أن الحرب على غزة أثارت رأيا عالميا يهدد مستقبل إسرائيل على المدى البعيد.. أن الغضب ضد إسرائيل امتد من العالم الإسلامي إلى أوروبا والولايات المتحدة، وثمة شريحة متزايدة من المجتمع الأمريكي تعارض الآن دعم واشنطن لإسرائيل.. من المتوقع أن يكون دعم الجيل الجديد لغزة، من الجامعات الأمريكية إلى المدارس الثانوية الأوروبية، عاملا حاسما في تشكيل تفكيرهم السياسي المستقبلي».
ان هجوم طوفان الاقصى ارسل برسائل للعالم اجمع، كتبه الشعب الفلسطيني بدمه، ومفادها ان الشعب الفلسطيني لن يتحمل الاحتلال وسيبقی یرفضه تحت كل الظروف وبشتی الوسائل، وان الطوفان، كما اكد القيادي في حركة حماس فوزي برهوم اليوم الثلاثاء، «كان استجابة تاريخية لمؤامرات تصفوية للقضية الفلسطينية ولم يكن مجرد معركة كشفها جيش الاحتلال الموهوم، بل نقطة تحول كبرى بدأت بفضلها عملية فضح وتجريم وعزل الاحتلال الصهيوني».
حاتمي
الخارجية الايرانية تستدعي سفراء الدول الأوروبية
استدعت وزارة الخارجية الإيرانية، سفراء ورؤساء بعثات الاتحاد الأوروبي احتجاجًا على المواقف التدخلية للاتحاد في شؤون منطقة الخليج الفارسي.
وفي أعقاب ما ورد من مزاعم تدخّلية في البيان المشترك لوزراء خارجية مجلس التعاون لدول الخليج الفارسي والاتحاد الأوروبي — بما في ذلك دعم الادعاءات الباطلة بشأن الجزر الإيرانية الثلاث: طنب الكبرى، طنب الصغرى، وأبوموسى، وكذلك التدخل في القضايا الدفاعية الإيرانية وتكرار المزاعم الكاذبة حول البرنامج النووي الإيراني — استدعت وزارة الخارجية الإيرانية، ممثلة بنائب الوزير للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي، سفراء ورؤساء بعثات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى مقر الوزارة، وذلك احتجاجًا على ما ورد في البيان المشترك الصادر عن وزراء خارجية مجلس التعاون لدول الخليج الفارسي والاتحاد الأوروبي من مواقف وصفتها طهران بالتدخلية وغير المقبولة.
وأثار البيان الأخير الصادر عن مجلس التعاون الخليج الفارسي والاتحاد الأوروبي، والذي تضمن ادعاءاتٍ لا أساس لها من الصحة بشأن الجزر الإيرانية الثلاث والملف النووي الإيراني، استياءً واسعا لدى وزارة الخارجية الإيرانية.
وكان مجلس التعاون الخليج الفارسي (السعودية، والإمارات، والبحرين، والكويت، وعُمان، وقطر) والاتحاد الأوروبي قد اصدروا بيانا يوم الاثنين في اجتماعهما المشترك التاسع والعشرين، حيث أكد البيان على ضرورة وقف برنامج إيران الصاروخي والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
* سيادة إيران غير المتنازع عليها والدائمة على الجزر الإيرانية الثلاث
وأكد تخت روانجي على سيادة إيران الثابتة والدائمة على الجزر الإيرانية تنب الكبرى وتنب الصغرى وبو موسى باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الأراضي الخاضعة للسيادة الإيرانية، ووصف دعم الاتحاد الأوروبي للمطالبة الباطلة لدولة عضو في مجلس تعاون الخليج الفارسي بشأن هذه الجزر بأنه انتهاك لمبدأ احترام السيادة الوطنية والسلامة الإقليمية للدول، وأدان بشدة الموقف السياسي والمتحيز للاتحاد الأوروبي.
*القدرات الدفاعية الإيرانية تضمن الاستقرار والأمن الإقليميين
كما اعتبر نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية الادعاءات الواردة في هذا البيان بشأن قضية الصواريخ الإيرانية تدخلا سافراً في الشؤون الإيرانية، رافضاً الروايات الكاذبة والمبالغ فيها حول برنامج الصواريخ الإيراني، مؤكداً: إن القدرات الدفاعية الإيرانية المحلية، بما في ذلك قدراتها الصاروخية، جزء من حق إيران الأصيل في الدفاع عن نفسها وضمان الاستقرار والأمن الإقليميين.
* تحملوا مسؤولية أدائكم المخرب
وانتقد تخت روانجي بشدة نقض الدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا وفرنسا والمانيا) الأعضاء في خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) لالتزاماتها، وسوء نيتها في العمليات الدبلوماسية المتعلقة بالقضية النووية الإيرانية، وقال: إن الاتحاد الأوروبي، بصفته منسق اللجنة المشتركة لخطة العمل الشاملة المشتركة، إلى جانب فرنسا وألمانيا وبريطانيا، بالإضافة إلى فشله في الوفاء بالتزاماته بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة، تسبب في اضطراب وجمود في الدبلوماسية من خلال إساءة استخدام آلية حل النزاعات (سناب باك) في الاتفاق النووي، لذلك، من الأفضل لهم أن يتحملوا مسؤولية أدائهم المخرب بدلا من تكرار الادعاءات النمطية والكاذبة تماما بشأن البرنامج النووي الإيراني.
يذكر في 28 أغسطس/آب، بدأت الدول الأوروبية الثلاث الأعضاء في الاتفاق النووي عملية تفعيل آلية العودة التلقائية لعقوبات مجلس الأمن ضد إيران. وبعد 30 يوما، وعلى الرغم من تقديم روسيا والصين مشروع قرار لتمديد القرار 2231 وفشلهما في التصديق عليه، في صباح يوم الأحد 26 سبتمبر/ ايلول، عادت القرارات 1696 (2006) و1737 (2006) و1747 (2007) و1803 (2008) و1835 (2008) و1929 (2010) أخيرًا. وهي عملية أعلنت إيران أنها غير قانونية وغير شرعية.
كما رفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، أمس الثلاثاء، الادعاءات التدخلية التي لا أساس لها في اجتماع وزراء خارجية دول مجلس تعاون الخليج الفارسي والاتحاد الأوروبي، محذرا من التدخل المدمر في شؤون الخليج الفارسي، ومؤكدا للأوروبيين أنهم لا يملكون صلاحية التعليق على القدرات الدفاعية الإيرانية.
النخالة: شعبنا المقاوم لن يرفع رايات الاستسلام في غزة
أكد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي القائد زياد النخالة اليوم الأربعاء أن المقاومة الفلسطينية، أبدت استعدادها للتفاوض على قاعدة أن هناك بنوداً يمكن التعاطي إيجابياً وأولها بند تبادل الأسرى، ولا يمكن الاستسلام لشروط العدو بعد كل هذه التضحيات التي قدمها شعبنا البطل.
وشدد القائد النخالة في كلمة له عبر قناة الميادين في الذكرى الثانية لطوفان الأقصى، على أن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تحمل في طياتها إعلان الشعب الفلسطيني الاستسلام الكامل للعدو.
وقال القائد النخالة:" بند تبادل الأسرى يمكن إنجازه بالأيام القليلة المقبلة وبذلك نكون سحبنا فتيل التفجير ومبررات العدو بالعدوان"
وأكد على أن المقاومة تخوض معركة تفاوضية شرسة تحت ما يسمى خطة ترامب، وأن شعبنا المقاوم والشجاع لن يرفع رايات الاستسلام في سماء غزة قاهرة الغزاة.
وقال:" نقف اليوم على مفترق طرق كبير وطريق الحق واضحة وعلينا أن نخرج من هذه المعركة ورؤوسنا مرفوعة، ونحن أصحاب حق وعلينا أن نقاتل من أجل استرداد حقوقنا، ونخوض أقسى معركة في تاريخ نضالنا ولن نستسلم".
وتابع: "إذا أصر العدو على أن يحقق بالمفاوضات ما لم يستطع تحقيقه بالحرب فعلينا أن نصمد. العدو وحلفاؤه يهددونا باستمرار القتل والتدمير إذا لم نستسلم... فهل لم يفعلوا ذلك؟ لقد فعلوا ذلك وأكثر".
واستطرد:" عامان مضيا على معركة طوفان الأقصى الخالدة وشعبنا ما زال صامداً ومقاومته ما زالت فاعلة في الميدان، والشعب الفلسطيني ما زال صابراً ومتحدياً ورافضاً للاستسلام، والمقاومة الفلسطينية الباسلة لم تتوقف عن قتال العدو وتوقع به الخسائر في الميدان يوماً بعد يوم".
وأضاف:" عامان والعدو يقتل ويدمر كل شيء وشعبنا لم يستسلم للقتلة والمجرمين الصهاينة، عامان حركا كل من له ضمير إنساني في هذا العالم متضامناً ومؤيداً".
سعة الصدر في وصايا أمير المؤمنين (عليه السلام)
سعة الصدر من أهمّ الآليات الإدارية والقيادية. عن أمير المؤمنين عليه السلام، قال: "آلة الرئاسة سعة الصدر"[1].
وسعة الصدر تعني الصبر تجاه المشاكل والتحدّيات، والسيطرة على النفس في حالات الانفعال والغضب، وفي حالات الفرح والتوفيق، والحلم، وهي حالة استيعاب للمشاكل والمتاعب والتحديات التي تواجه العاملين من ناحية الآخرين.
ومثل النفوس مثل الأواني الكبيرة التي لا تفيض ولا تضيق ولا تتلوث بما فيها، بعكس الأواني الضيّقة، فإنّها تفيض وتضيق وتنفعل بما فيها، فإذا أُلقي فيها ماء آسن، وقذر ظهر عليها... ويلقى نفس القذر، والماء الآسن في البحر والنهر، لا يبقى منه أثر بعد لحظات، ويستهلكه ماء البحر... وكذلك شأن الصدور الواسعة تستهلك حالات الغضب والانتقام والانفعال، رغم وجود الإثارة القوية والشديدة.
وكما تقاوم الصدور الواسعة عوامل الغضب والانتقام والانفعال، وتواجهها بالصبر والحلم، والتعقُّل، فلا يطفح عليها، ولا تتأثّر بها، كذلك تقاوم عوامل الانفعال من النوع الآخر، وهي الانفعال تجاه التوفيق والنجاح والفوز، فلا يغلبهم الفرح والحبور، وما يجر إليه من البطر والرئاء عادة، فإنّ وعاء النفوس والصدور إذا اتسعت لا تضيق بهذا ولا ذاك، وتستوفي كلّاً منهما، وهاتان الخصلتان وجهان لحالة واحدة، وهي حالة شرح الصدر.
يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "لا تكن عند النعماء بطراً، ولا عند البأساء فشلاً"[2].
قد دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكة فاتحاً، ويكاد رأسه يمس قربوس فرسه، تواضعاً لله سبحانه وتعالى، لم ينفعل، ولم ينتقم، ولم يظهر عليه من أمارات الفتح العظيمة، غير الشكر لله، والتواضع لله، والاعتراف لله تعالى بالجميل فيما أعطاه.
وهذه الخصلة في نفوس المؤمنين هي التي يسميها القرآن بـ (شرح الصدر).
ويَمُنّ الله تعالى به على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في المراحل الأولى من الأمر بتبليغ الرسالة، فيقول تعالى: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ[3]﴾، والوزر: ثقل المسؤولية الذي ينقض ظهور المسؤولين...
ويَمُنّ الله تعالى على عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الآيات بأمرين: شرح الصدر، وتخفيف ثقل العادة والعذاب والمسؤولية عنه، وهو ما تعبّر عنه الآية الكريمة بـ ﴿وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ﴾، وبينهما فرق.
وشرح الصدر هو أن يوسع الله تعالى وعاء صدور عباده لتستوعب المشاكل والتحديات بالصبر والحلم. والأمر الآخر تيسير الأمر، ﴿وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾[4]: هو تخفيف ثقل العمل على المؤمنين العاملين.
وفي مقابل (سعة الصدر): ضيق الصدر، وهي حالة من الضيق، وعدم الاستيعاب تنتاب الإنسان في السراء والضراء معاً، تجعله عرضة للانفعالات المختلفة كالبطر والرئاء، والتعجُّل، والانتقام، والتعب، واليأس، وضيق النفس والغضب... وهذه الحالات تسلب المسؤولين القدرة على إدارة الموقف، وهي حالة ضارّة في إدارة الأعمال الكبيرة منها والصغيرة، حتى داخل العوائل، وفي الأسواق، وفي العلاقات الاجتماعية المحدودة. وقد روي في هذا المعنى عن أمير المؤمنين عليه السلام: "إنّما الحليم من إذا أُوذي صبر، وإذا ظُلِم غفر"[5].
وأبلغ ما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام في هذا المعنى هو ما أشرنا إليه سابقاً: "ولا تكن عند النعماء بطراً، ولا عند البأساء فشلاً"[6].
وهذه الكلمة تُحدّد حالة سعة الصدر، والقدرة على الاحتواء والاستيعاب من بعدين: في البأساء والضراء، فلا يسرع إليه الفشل والعي والعجز والضعف في البأساء، ولا يسرع إليه البطر والسرور والحبور في النعماء.
[1] السيّد الرضي، نهج البلاغة، كلمات الإمام علي عليه السلام، حكمة 176.
[2] السيّد الرضي، نهج البلاغة، كلمات الإمام علي عليه السلام، الكتاب 33.
[3] سورة الشرح، الآيات 1 – 3.
[4] سورة طه، الآية 26.
[5] الآمدي، غرر الحكم، ج 1، ص 268.
[6] السيّد الرضي، نهج البلاغة، كلمات الإمام علي عليه السلام، كتاب 33.
ما هي أسرار وبركات أداء النوافل اليومية؟
للنوافل بركات عديدة تنعكس على مؤديها، خصوصاً إذا كان من المواظبين عليها، ومن أبرز هذه البركات:
1- النوافل سياج الفرائض: عن الفضيل: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾[1]، قال (عليه السلام): "هي الفريضة، قلت": ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾[2] قال: "هي النافلة"([3]).
وفي التفسير إشارة لطيفة وهي أنّ الاستمرار والدوام على النافلة من شأنه أن يجعل الإنسان يحافظ على الفريضة، وأنّ التفريط بالنافلة لا يمكّن الإنسان من المحافظة على الفريضة، وبالتالي فمن حافظ على النوافل كان على الفرائض أكثر محافظة، ومن تهاون بها كانت الخطوة التالية إذا تمكّن الكسل من المرء أن يفرّط بالفرائض، والعياذ بالله.
فالنوافل سياج يحمي الفرائض من تسلّل الشيطان، فلو حاول الشيطان اقتحام فرائض المرء علق في سياج النوافل، ولذلك يعمد دائماً إلى إبعاد المرء عن نوافله لتصبح واجباته في متناول إملاءاته ومرمى وسوساته. وهنا إشارة مهمّة وهي أنّ حرص المرء على نوافله كاشف عن شدّة حرصه على فرائضه، وأنّ استهتاره بنوافله دليل عدم حرصه على أداء الفرائض.
2- النوافل جوابر الفرائض: عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): "إنّ أوّل ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته"[4]، فيقول الله عزَّ وجلَّ لملائكته: "انظروا إلى صلاة عبدي أتمّها أم نقصها"؟ فإن أتمّها كتبت له تامّة، وإن كان قد انتقصها قيل: "انظروا هل لعبدي من تطوّع فتكمل صلاته من تطوّعه"؟ "ثمّ تؤخذ الأعمال بعد ذلك"([5]). فما أحوج المرء إلى هذه النوافل كي يجبر بها يوم القيامة ما يتمّ فريضته، فهي باب رحمة ولطف من الله تعالى على الإنسان، وأيّ إنسان منّا لا يخلو من نقصٍ؟ وأيّ منّا لم يطل التقصير بعض فرائضه ما قد يكون في الفرائض؟ وفي قوله "وتُؤخذ أعماله بعدها" يوجب على الإنسان أن يأخذ حذره من التغافل عن النوافل التي ما لم يتمّ فريضته بها فإنّ العبور على بقية الفرائض بعد الصلاة لن يكون ممكناً.
3- باب للأجر والثواب: فالنوافل باب واسع وعريض لكسب الأجر والثواب، وهذه المستحبّات تدخل في كافّة أبواب الفقه والأخلاق والشريعة، فهي لا تعدّ ولا تحصى، فلو أراد المرء أن يعمل بالنوافل التي تضمّنتها كتب الأعمال والأدعية كمفاتيح الجنان ومصباح الكفعميّ ومفتاح الجنّات والصحيفة السجاديّة وغيرها لاحتاج إلى أزيد من عمره، إلّا أنّ الغريب أنّك ترى بعض الناس يعملون ليل نهار لربح الدنيا، وقلّما يلتفتون لربح الآخرة.
4- المحبّة والتسديد من الله: قال تعالى: ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾([6])، وفي الحديث عن رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم: "ما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها"([7]). فالنافلة وسيلة اتصال دائم بالله تعالى يعيش معها العبد المؤمن أجمل لحظات القرب من الله فيفيض عليه تعالى من فضله وكرمه ما يعجز المرء عن وصفه حين يصبح كما - عبّر الحديث - مرآةً تنعكس عليها أفعال الله تعالى، وكأنّ النوافل وحدها سرّ مقامات الأنبياء والأولياء والصالحين.
5- محو السيئات: قال تعالى: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾([8]).
فالحسنات يذهبنَ السيّئات بصريح القرآن، وعلى المرء أن يذكر ذلك دائماً، فهذه المعادلة كما يُعبّر الله ذكرى للذاكرين، ولعلّ في قوله تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ﴾([9]) إشارة لطيفة تُستفاد من كلمة "لك" وهي أنّ النوافل زيادةٌ في مقام رسول الله ورفعةٌ في مقامه كما أشارت الآية إلى المقام المحمود والذي فُسّر بمقام الشفاعة، وهذا خاصٌّ بالأنبياء والأولياء، وأمّا بالنسبة إلى باقي الناس فهي مكفّرات للذنوب.
فالزيادات على الفرائض لا تعدّ في حقيقتها نوافل إلّا في حقّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لأنّ سلوكه وعباداته وأخلاقه قد بلغت الكمال البشريّ الذي يعصمه من الوقوع في المعاصي.
[1] سورة المعارج، الآية: 34.
[2] سورة المعارج، الآية: 23.
[3] ميزان الحكمة، ج2، ص 1643.
[4] جامع أحاديث الشيعة-ج4.
([5]) كنز العمال، ج 7، ص 278.
([6]) سورة المائدة: الآية 54.
([7]) كنز العمال، ج 7، ص 770.
([8]) سورة هود، الآية: 117.
([9]) سورة الإسراء، الآية: 82.
أثر الفهم الكامل للتوحيد
أثر الفهم الكامل للتوحيد
قبل أن ندخل في بيان الذكر في الركوع والسجود، نوضح الجمل التي يردّدها المصلّي في الركعتين الثالثة والرابعة قائماً، هذه الجمل هي أربعة أذكار تنطق بأربع حقائق عن الله تعالى: "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر".
إنّ معرفة هذه الخصوصيّات الأربع لها تأثير عميق في تكوين فهم صحيح وكامل عن التوحيد، إذ إنّ كلّ واحد من هذه الأذكار يبيّن صورةً ومتناً لعقيدة التوحيد.
وإنّ تكرار هذه الجمل ليس من أجل زيادة الاطلاع والمعرفة الذهنيّة لدى الإنسان وحسب، بل ينبغي أن تكون أعظم فوائد معرفة صفات الله وخصوصياته والمداومة على ذكر الله، هو أن تُوجد في الإنسان الحركة والمسؤوليّة، وأن يتحمّل المسؤوليّة المتناسبة مع تلك الحقيقة التي أدركها.
بشكل عامّ، ينبغي أن تكون العقائد الإسلاميّة (خارج الذهن) وفي ساحة الحياة منشأً للعمل والحركة، فهذه العقائد لا تستمدّ أهميتها واعتبارها من جهتها الذهنية والتجريديّة صرفاً، بل هي أكثر اعتباراً في الإسلام، كونها ناظرة إلى حياة الإنسان وسلوك الفرد والمجتمع. صحيح أنّ كلّ عقيدة إسلاميّة هي في المعنى والاعتقاد بوجود الله هو من هذا القبيل. فالاعتقاد بوجود الله أو الاعتقاد بعدم وجوده، كلّ منهما، يُوجِد في الحياة والعمل نمطاً وشكلاً خاصّاً. فالفرد والمجتمع الذي يعتقد حقّاً بوجود الله يعيش في الحياة بنمطٍ ونحوٍ خاصَّين، والفرد والمجتمع المنكر لهذه الحقيقة يعيش بنحوٍ آخر. فإذا اعتقد الإنسان أنّه، هو والعالمُ، قد أُوجِدا من جانب قدرة مريدة وعن حكمة وشعور، فسيدفعه هذا الاعتقاد إلى اعتقاد آخر وهو أنّ هذا الخلق كان لـ "هدف وغاية"، ويذعن بأنّ عليه أن يؤدّي دوراً ويتحمّل مسؤوليّة لبلوغ هذه الغاية. وهذا الشعور بالمسؤوليّة والالتزام هو الذي يدعوه إلى العمل والجدّ وتحمّل مسؤوليّات ثقيلة، ويشعر تجاه ذلك كلّه بالرضا ويتقبّله عن طيب نفس.
وهكذا أيضاً، الاعتقاد بالمعاد والنبوّة والإمامة و... فكلّ واحدة تلقي مسؤولياتٍ وتكاليفَ على عاتق المعتقد، وتشخِّص له بمجموعها طريقه وبرنامجه ومنهج حياته العامّ.
وإن ظهر في الواقع الخارجيّ، أنّ بعضَ من يعتبرون أنفسهم معتقدين بهذه الأصول الفكريّة، يرون أنفسهم متساوين مع أولئك الذين ليس لديهم إطّلاع عليها ولا يعتقدون بها، وحياتهم هي كحياة أولئك، فليس هذا (التصوّر) إلاّ بسبب عدم الاطّلاع الصحيح أو لعدم تجذّر إيمانهم وتسليمهم. وفي المواقع والظروف الحساسة وفي منعطفات الحياة، يمتازُ صفُّ المعتقدين الواقعيّين عن المقلّدين الجاهلين والمنتهزين للفرص. وبهذه الرؤية، نعرّج على مفاد الأذكار الأربعة ومحتواها.
السيدة فاطمة المعصومة (عليه السلام): نسبها، ولادتها ووفاتها
هي السيّدة الجليلة فاطمة بنت موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام) بنت وليّ الله وأخت وليّ الله وعمّة وليّ الله - كما جاء في زيارتها -.
والدتها:
السيدة فاطمة (عليها السلام) هي الأخت الشقيقة للإمام علي الرضا (عليه السلام) تشترك معه في أمّ واحدة[1] فأمّها أمّ ولد تكنّى بأمّ البنين وقد ذكر لها العديد من الأسماء كنجمة وأروى وسكن وسمان وتكتم وعليه استقرّ اسمها حين ملكها أبو الحسن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) وإليها يشير الشاعر بقوله:
أَلَا إنَّ خَيْرَ النَّاسِ نَفْساً وَوَالِداً وَرَهْطاً وَأَجْدَاداً عَليُّ المُعَظَّمُ
أَتَتْنــا بِـهِ لِلْعِلْمِ والحِلْمِ ثَامِنــاً إِماماً يُؤَدِّي حُجَّةَ اللهِ تَكْتُمُ
وكانت من أفضل النساء في عقلها ودينها. تقول السيّدة حميدة المصفّاة لولدها الإمام الكاظم (عليه السلام): "يا بنيّ إنّ تكتم جارية ما رأيت جارية قطّ أفضل منها ولست أشكّ أنّ الله تعالى سيطهّر نسلها إن كان لها نسل وقد وهبتها لك فاستوصِ بها خيراً".
ولمّا ولدت الإمام الرضا (عليه السلام) سمّاها الإمام الكاظم (عليه السلام) بالطاهرة وقد كانت من العابدات القانتات لربّها[2].
ولادتها ووفاتها:
ولدت في المدينة المنوّرة في غرّة شهر ذي القعدة الحرام سنة 371 للهجرة وقال بعضهم: إنّها سنة 381 للهجرة[3] وفي بعض المؤلّفات أنّ الظاهر عدم دقّة هذا الأخير، حيث إنّ سنة 381 هي سنة شهادة الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)، وقد كان فيها رهين سجون الظالمين[4].
وكانت وفاتها في قمّ سنة 102 للهجرة[5] وذلك في العاشر من ربيع الثاني[6] وقيل: في الثاني عشر منه[7] وفيها دفنت فوفاتها قبل أخيها الإمام الرضا (عليه السلام) ويأتي في أخبار زيارتها (عليها السلام) الواردة عن الرضا (عليه السلام) ما يظهر منه ذلك[8].
قال المحدّث القمّي (أعلى الله مقامه): ومزارها في قمّ المقدّسة ذو قبّة عالية وضريح وصحون متعدّدة وخدم وموقوفات كثيرة وهي قرّة عين قمّ وملاذ الناس ومعاذهم بحيث تشدّ إليها الرحال كلّ سنة من الأماكن البعيدة لاقتباس الفيض واكتساب الأجر من زيارتها (عليها السلام)[9].
التسمية بفاطمة:
اهتمّ الأئمّة (عليهم السلام) باسم فاطمة لأنّه اسم جدّتهم الصدّيقة الكبرى سيّدة نساء العالمين صلوات الله عليها ولذا نراهم سمّوا بناتهم بهذا الاسم وأوصوا بالتسمية به:
فعن سليمان الجعفريّ: قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: "لا يدخل الفقر بيتاً فيه اسم محمّد أو أحمد أو عليّ أو الحسن أو الحسين أو جعفر أو طالب أو عبدالله أو فاطمة من النساء"[10].
وعن السكونيّ قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وأنا مغموم مكروب، فقال لي: "يا سكونيّ ممّ غمّك؟" قلت: ولدت لي ابنة فقال: "يا سكونيّ على الأرض ثقلها وعلى الله رزقها، تعيش في غير أجلك وتأكل من غير رزقك". فسرى والله عنّي فقال لي: "ما سمّيتها؟" قلت: فاطمة، قال:"آه آه" ثمّ وضع يده على جبهته..(إلى أن قال:) "أمّا إذا سمّيتها فاطمة فلا تسبّها ولا تلعنها ولا تضربها"[11].
ومن هنا كان للإمام الكاظم (عليه السلام) أربع بنات سمّاهنّ بفاطمة[12].
[1] الطبريّ الإماميّ ابن رستم: دلائل الإمامة ص 309.
[2] أنظر: سلسلة مجالس العترة غريب خراسان ص 22- 24.
[3] - الحسّون ومشكور: أعلام النساء المؤمنات ص 576 الشاكريّ الحاج حسين: موسوعة المصطفى والعترة ج 11 ص 28.
[4] - الشاكريّ الحاج حسين: موسوعة المصطفى والعترة ج 11 ص 28.
[5] - النمازيّ الشيخ عليّ: مستدرك سفينة البحار ج 8 ص 261.
[6] - أنظر: مهديّ بور عليّ أكبر: كريمة أهل بيت عليهم السلام ص 99 والشاكريّ الحاج حسين: موسوعة المصطفى والعترة ج 11 ص 28.
[7] - أنظر: مهديّ بور عليّ أكبر: كريمة أهل بيت عليهم السلام ص 99 وذكر قولاً آخر أيضاً عن بعضهم أنّ وفاتها في الثامن من شعبان ثمّ ذكر ما يرجح القول الأوّل. فلاحظ.
[8] - التستريّ الشيخ محمّد تقيّ: رسالة في تواريخ النبيّ والآل صلوات الله عليهم الملحقة بقاموس الرجال ج 12 ص 103.
[9] - القمّي الشيخ عبّاس: منتهى الآمال ج 2 ص 378.
[10] - الكلينيّ: الكافي ج 6 ص 19.
[11] - المصدر السابق ص 48.
[12] - سبط ابن الجوزيّ: تذكرة الخواص ص 351.
السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام): المجاهدة والمضحّية والصابرة
اتّسمت حياة السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) منذ نعومة أظفارها بالجهاد والدفاع عن الإسلام، فهي التي كانت إلى جنب أبيها منذ صغرها تمدّه بالعون وتقوّيه وترفده بالحبّ والحنان وتتحمّل في سبيل إعلاء كلمة الإسلام الجوع وهم في شعب أبي طالب، وتتحمّل تبعات الدعوة بكلّ روح مسؤولة دونما تأفّف واعتراض، حتّى استشهدت في مقتبل عمرها الشريف في سبيل الدفاع عن الإسلام.
وكانت منذ صغرها تقدّم التضحيات المطلوبة، ولم تتوقّف في أحلك المراحل وأصعبها، لهذا تجدها عليها السلام إلى جانب رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في بعض المعارك التي خاضها (صلى الله عليه وآله وسلم) ضد المشركين كمعركة أحد، من خلال تضميد جراحات أبيها حيث تقول الرواية: "... إنها لمّا كُسرت رباعيته (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم أحد وهشّمت البيضة على رأسه، وكانت فاطمة (عليها السلام) تغسل عنه الدم وعليّ بن أبي طالب (عليه السلام) يسكب عليها بالمِجنّ، فلما رأت فاطمة (عليها السلام). أنّ الماء لا يزيد الدم إلّا كثرة أخذت قطعة حصير فأحرقته حتّى إذا صار رماداً ألزمته الجرح فاستمسك الدم"[1]، فكانت بمثابة الممرِّضة له عليهم السلام أجمعين.
ويبيّن الإمام السيد علي الخامنئيّ (دام ظله) هذه المسألة فيقول: "تُعتبر شخصيّة الزّهراء (عليها السلام) المطهّرة في الأبعاد السّياسيّة والاجتماعيّة والجهاديّة شخصيّة مميّزة بحيث إنّ جميع النّساء المجاهدات والثوريّات والمميّزات والسياسيّات في العالم يُمكنهنّ أن يأخذن الدروس والعبر من حياتها القصيرة ولكن المليئة بالمحتوى والمضمون. امرأةٌ وُلدت في بيت الثورة، وأمضت كلّ طفولتها في حضن أبٍ كان في حالة مستمرّة من الجهاد العالميّ العظيم الّذي لا يُنسى، تلك السيّدة الّتي كانت في مرحلة طفولتها تتجرّع مرّارات الجهاد في مكّة، وعندما حوصرت في شعب أبي طالب، لمست الجوع والصعاب والرّعب وكلّ أنواع وأصناف الشّدائد في مكّة، وبعد أن هاجرت إلى المدينة أضحت زوجة رجلٍ كانت كلُّ حياته جهادًا في سبيل الله...
فحياة السيدة فاطمة الزّهراء (عليها السلام)، وإن كانت قصيرة ولم تبلغ أكثر من عشرين سنة، لكنّها من جهة الجهاد والنّضال والسّعي والصّبر والثورة والدّرس والتّعليم والتعلّم والخطابة والدّفاع عن النبوّة والإمامة والنّظام الإسلاميّ كانت بحرًا مُترامياً من السّعي والجهاد والعمل وفي النّهاية الشهادة. هذه هي الحياة الجهاديّة لفاطمة الزّهراء (عليها السلام) الّتي هي عظيمة جدّاً واستثنائيّة وفي الحقيقة لا نظير لها، ويقيناً ستبقى في أذهان البشر - سواء اليوم أم في المستقبل - نقطةً ساطعةً واستثنائية"[2]. ففي كلّ مرحلة من مراحل الدعوة وفي كلّ محطّة من محطّات حياة الزهراء (عليها السلام) كان هناك جهاد معيّن ملقىً على عاتق السيدة فاطمة (عليها السلام)، حسب السمات الخاصّة بكلّ مرحلة.
[1] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج20، ص 31.
[2] الإمام الخامنئيّ (دام ظله)، كتاب إنسان بعمر 250 سنة، دار المعارف الإسلامية، ص 149.
قبسات من السيرة المشرقة للإمام الحسن العسكري (عليه السلام)
ولد الإمام الحسن بن عليّ العسكريّ (عليه السلام) في المدينة في الثامن من ربيع الآخر سنة 232. أبوه الإمام علي الهادي (عليه السلام)، ويقال له ولأبيه وجدّه (عليه السلام) ابن الرضا، ووالدته اسمها حُديث أو سليل، وكانت في غاية الصلاح والتقى، وكانت في بلدها في مصافّ الملوك. ويكفي في فضلها، أنّها كانت مفزعاً وملجأً للشيعة بعدة شهادة الإمام العسكريّ[1].
وكان من ألقابه: التقيّ، المرضيّ، النقيّ، الرفيق، الزكيّ، الصامت، الهادي، السراج، العسكريّ[2]، الخالص، وأما كنيته: فأبو محمّد.
وكان للإمام الحسن العسكري (عليه السلام) ولد واحد فقط هو الإمام محمد المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف[3].
وقد تسلّم الإمامة بعد شهادة أبيه الإمام الهادي (عليه السلام) في سنة 254هـ، إلى سنة 260هـ، فاستمرّت إمامته ست سنوات، وكان (عليه السلام) قبل شهادته قد أوصى إلى ابنه الإمام المهديّ (عجل الله تعالى فرجه الشريف) بالإمامة من بعده[4].
وكانت شهادته يوم الجمعة الثامن من ربيع الأوّل سنة 260 وعمره 28 عاماً، ودفن مع أبيه الهادي عليه السلام في سامرّاء[5].
مكارم أخلاقه وعبادته
لقد برز في حياة الإمام العسكريّ (عليه السلام) رغم المراقبة الشديدة والقاسية من قبل حكّام عصره خدمته للناس، واهتمامه بهم، فقد روى محمّد بن القاسم أبو العيناء الهاشميّ مولى عبد الصمد ابن عليّ عتاقة قال: كنت أدخل على أبي محمد (عليه السلام( فأعطش وأنا عنده فأجلّه أن أدعو بالماء فيقول: "يا غلام اسقه"، وربّما حدّثت نفسي بالنهوض فأفكر في ذلك فيقول: "يا غلام دابته"[6].
وكان الإمام (عليه السلام) كثير العبادة لله سبحانه وتعالى، يقوم الليل ويصوم النهار، وقد كان الإمام موضوعاً تحت المراقبة الشديدة، وقد تأثّر به الكثير من الناس. يروى أنّه دخل العبّاسيون على صالح بن وصيف عندما حبس أبا محمد (عليه السلام)، فقالوا له: ضيّق عليه ولا توسّع، فقال لهم صالح: ما أصنع به وقد وكّلت به رجلين شرّ من قدرت عليه، فقد صارا من العبادة والصلاة والصيام إلى أمر عظيم.
ثمّ أمر بإحضار الموكّلين، فقال لهما: ويحكما ما شأنكما في أمر هذا الرجل؟ فقالا: ما نقول في رجل يصوم النهار، ويقوم الليل كلّه لا يتكلّم ولا يتشاغل بغير العبادة، فإذا نظر إلينا ارتعدت فرائصنا وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا؟ فلمّا سمع ذلك العبّاسيّون انصرفوا خائبين[7].
وكان المعتمد يسأل عليّ بين جرين عن الإمام (عليه السلام) بشكل دائم، ويتقصّى أخباره، فكان يأتيه الجواب: "إنّه يصوم النهار، ويصلّي الليل"[8].
وكان كثير الوعظ والتذكير بالله سبحانه وتعالى، ومن مواعظه قوله: "أورع الناس من وقف عند الشبهة، أعبد الناس من أقام على الفرائض، أزهد الناس من ترك الحرام، أشدّ الناس اجتهاداً من ترك الذنوب"[9].
[1] الشيخ عباس القمي، منتهى الأمال، ج2، ص649.
[2] قال الشيخ الصدوق رضوان الله عليه: سمعت مشايخنا رضي الله عنهم يقولون: إنّ المحلة التي يسكنها الإمامان عليّ بن محمّد والحسن بن عليّ عليهما السلام بسر من رأى كانت تسمّى العسكر، فلذلك قيل لكلّ واحد منهما العسكري، راجع: علل الشرائع، ج1، ص230.
[3] الشيخ المفيد، محمد بن النعمان، الإرشاد، ج2، ص336، الشيخ الطبرسي، الفضل بن الحسن، تاج المواليد، ص59.
[4] الشيخ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج1، ص328، باب الإشارة والنص على صاحب الدار عليه السلام.
[5] الشيخ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج1، ص503، باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام.
[6] م.ن، ص512.
[7] م.ن.
[8] السيد ابن طاووس، علي بن موسى، مهج الدعوات، لا.ت، الناشر: كابغانه سنائي، لا.ط، ص275.
[9] ابن شعبة الحراني، الحسن بن علي، تحف العقول، ص489.




























